الموضوع: تحليلات سياسية
عرض مشاركة واحدة
  #60  
قديم 03-09-2012, 03:05 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي الأسباب الخمسة وراء بقاء نظام الأسد

مقوّمات الصمود
الأسباب الخمسة وراء بقاء نظام الأسد


توني كارون
عرض شيماء ميدان
مترجمة متخصصة في الشئون السياسية والاقتصادية
تتجرع سوريا منذ أن عصف بها الربيع العربي مرارات القهر وال***، وتشهد ربوعها مجازر تقشعر لها الأبدان؛ كل ذلك لمجرد أن عبّر الشعب السوري عن رغبته في حياة كريمة ينعم في كنفها بالديمقراطية والرخاء والاستقرار. ومع دويّ أصداء المعارضة المناهضة للنظام السلطوي في الربوع السورية وتصاعُد تهديدها بإسقاط الرئيس بشار الأسد؛

لجأ النظام إلى الترهيب والبطش وممارسة أعمال ال*** ضد المدنيين السوريين، مما أسفر عن م*** أعداد هائلة من الأبرياء. غير أن المعارضة لم تخنع وتضعف رغم الجراح التي ألمّت بها على أيدي عصابات الإجرام الأسدية، بل زادها ذلك تماسكًا وقوة.

وفي خضم تفاقم المأساة الإنسانية السورية؛ نددت بعض القوى الغربية والعربية بالانتهاكات البشعة التي تُمارس ضد المدنيين السوريين، مطالبة الأسد بالتنحي حقنا للدماء. ولعل من أبرز ما قام به كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة -على وجه الأخص- هو تضييق الخناق على النظام السوري من خلال فرض عقوبات صارمة عليه، وعزله عن المجتمع الدولي تمامًا. ومن ثم باتت الأنظار موجهة إزاء النظام الطاغوتي الأسدي مترقبة تصدّعه وسقوطه في أي لحظة.

ومن هذا المنطلق؛ تنبع أهمية المقال الذي كتبه الكاتب الصحفي الأمريكي توني كارون والذي نشرته مجلة "تايم" تحت عنوان: "الأسباب الخمسة الكامنة وراء صمود الأسد" في عددها الصادر يوم 30 أغسطس 2012. وتطرّق الكاتب في مقاله إلى الحديث عن مدى صمود النظام في مواجهة أمواج المعارضة العاتية والعوامل التي قد تساهم في تماسك الكيان الأسدي.

صعوبةُ الإطاحة بالنظام

واستهل الكاتب سطوره بالقول إن الرئيس بشار الأسد توعّد يوم الأربعاء الموافق 29 أغسطس 2012 بتطهير سوريا من المتمردين المناهضين لحكمه، مستبعدًا أن يحقق الأسد هذا الهدف. وفي مقابلة نادرة مع التليفزيون السوري، أقر الأسد بأن فوزه الموعود لن يتحقق قريباً، مشيرًا بأسلوب استفزازي إلى أن الوضع الراهن في سوريا بات -من وجهة نظر نظامه- أفضل كثيرا.

وثمة دلائل في الوقت الراهن، على حد قول كارون، على أن المتمردين السوريين ومؤيديهم الإقليميين والدوليين لن يتمكنوا من الإطاحة بالنظام الأسدي بكل سهولة؛ لا سيما في ظل تمتّع النظام بالقوة التي تمكنه من قمع المعارضة، وفي ظل انقسام المجتمع الدولي بشأن سوريا، وعدم استقراره على إستراتيجية مشتركة لإسقاط النظام الطاغوتي، وفي وجود حالة من الفوضى بين صفوف المعارضة تستدعي مزيدا من التدخل الأجنبي. ومن ثمّ يبدو أن الأوضاع مهيّأة تماما ليستمر الأسد في الحكم لبعض الوقت. وفوق ذلك، تُنذر الأوضاع في لبنان المجاور بإمكانية استمرار الحروب الأهلية لسنوات.

أسباب خمسة

وفنّد كارون خمسة أسباب كامنة وراء بقاء النظام الأسدي على قيد الحياة؛ وهي كما يلي:

السبب الأول: كِبَر حجم القوات الأسدية في خضم الصراع الطائفي

ففي حين احتدام الصراع السوري؛ لا تزال قوات الأمن الأساسية التي يعتمد عليها الأسد صامدة وفعّالة بوحشية، بل ولا تزال أكثر إصرارا على دحض المعارضة. وقد لاحظت مجموعةُ الأزمات الدولية (وهي منظمة دولية غير حكومية تتمثل مهمتها في تسوية النزاعات الدموية حول العالم) مؤخرًا أن قبضة النظام باتت أكثر إحكاما وصلابة، وأن الطابع الطائفي للحرب الأهلية بات يغذي إرادتها وعزيمتها؛ لا سيما وأن القوات المتمردة السورية تضم غالبية العرب السنة، في حين تضم القوات الموالية للأسد العلويين، وتعتمد على دعم الأقليات الأخرى مثل المسيحيين والأكراد والدروز.

هذا ويلفت الكاتب إلى أن مجتمع العلويين الذي يكنّ الولاء للأسد، يربط مصيره بمصير النظام؛ فهو يدرك تماما أنه سيواجه قصاصا في حال انتصر المتمردون السنة. وأشار كارون إلى أنه كلما تصاعدت قوة التمرد الذي يقوده السنة ارتفع مستوى شراسة القوات الموالية للأسد، وزاد إصرارهم على قطع دابر المتمردين، بل وازداد دعم العلويين والمسيحيين والأكراد والدروز أيضا لتلك القوات الأسدية.

السبب الثاني: مصادرة النظام للأزمة السورية

يساور القوى الغربية قلق من أن تتعدى الحرب الأهلية الحدود السورية بما سيؤثر سلبًا على المنطقة ككل. ويبدو أن هذا ما يفعله النظام السوري والمتمردون في الوقت الراهن؛ فالمتمردون السنة الذين يقاتلون القوات الموالية للأسد في جنوب شرق سوريا مدّوا جسور التواصل مع العشائر السنية في غرب العراق الذين طالما ناهضوا الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد. هذا ويتواصل المتمردون مباشرة مع السنة في لبنان، الذي شهد م*** 17 شخصا وإصابة أكثر من 120 شخصا في اشتباكات عنيفة بين السنة من أنصار المتمردين السوريين وأنصار الأسد العلويين. ومن ثم تتصاعد حدة المخاوف من أن يشعل الصراع في سوريا فتيل الحرب الأهلية اللبنانية التي انتهت في عام 1992.

ومن ناحية أخرى؛ أوقع الأسد تركيا التي تجاهد لمكافحة التمرد الكردي في مشكلة؛ حيث إن اللاجئين السوريين باتوا يتدفقون إليها من كل فجّ، وبلغ معدل اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى حدودها في الأسبوع الماضي 5 آلاف لاجئٍ في اليوم الواحد.

ويُذكر أنه فرّ أكثر من 200 ألف سوري من أرضهم منذ اندلاع التمرد هناك، وتوجّه نصفهم تقريبا إلى تركيا، في حين توجه معظم الباقين إلى الأردن ولبنان والعراق. وحذرت كل من تركيا والأردن من أن قدرتهما على استيعاب تدفقات اللاجئين محدودة للغاية، داعيتين القوى الغربية إلى تكثيف دعمها الإنساني.

واستنادًا إلى ما ذُكر؛ يبدو أن نظام الأسد يصعّد الضغط على جيرانه والقوى الأجنبية لإيجاد وسيلة لإنهاء الصراع السوري، مع العمل في الوقت عينه على تخويفهم من فكرة التدخل العسكري المباشر، وفقا لما يراه كاتب المقال.

السبب الثالث: انقسام المعارضة وافتقارها إلى إستراتيجية واضحة

فعلى حد قول كارون، تفتقر المعارضة إلى قيادة سياسية تستظل بظلها، ويبدو أيضا أن هناك تماسكا عسكريًّا محدودا بين المتمردين. وقد تجلّت خطورة ذلك في المعركة الأخيرة التي شهدتها حلب؛ حيث اعترف المتمردون بفشلهم في ضم غالبية سكان المدينة إلى صفوفهم. ويرى الكاتب أن طريقة عسكرة التمرد نفسها تهدد بتنفير معارضي الأسد من الانضمام إلى صفوف قوات التمرد.

السبب الرابع: تعزيز المنافسات الإقليمية والدولية الإستراتيجية حالة الجمود

فالمجتمع الدولي لا يتحدث بصوت واحد عن سوريا؛ فثمة انقسام فيما بين الصين وروسيا والقوى الغربية بشأن القضية السورية، ما ألقى مسئولية حل الأزمة على عاتق مجلس الأمن، ودفع كوفي عنان، مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لسوريا الذي حذّر من أن الخلاف الدولي حول مستقبل سوريا يثبّط جهوده الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي للصراع، في نهاية المطاف إلى الاستقالة من منصبه.

وثبُت أن الجهود التي تبذلها إدارة أوباما لإقناع الروس والصينيين بتغيير مواقفهم باءت بالفشل، لا سيما مع إصرار بكين وموسكو على ردع القوى الغربية عن إسقاط أنظمة حكم في الشرق الأوسط تقع خارج مدارها الإستراتيجي. ولم تتحول سوريا إلى ساحة معركة للسياسات الدولية الجديدة فحسب؛ بل باتت أيضا ساحة معركة إقليمية، لا سيما مع تعارض موقف المملكة العربية السعودية مع ذلك الخاص بإيران. فالمملكة العربية السعودية تقدّم الدعم للمتمردين السوريين، في حين ترسل إيران عسكريين إلى سوريا لمساعدة الأسد في خوض الحرب.

وما يزيد الطين بلة هو أن روسيا والصين تصران على أهمية إشراك إيران في المناقشات الدائرة حول تسوية النزاع السوري، في حين تعارض واشنطن بشدة لعب طهران أي دور في حل الأزمة.

السبب الخامس: تشابك خيوط نهاية الصراع

ففي فترة ما بعد الأسد، سيكون ثمة حاجة إلى توعية المجتمعات التي دعمت الأسد، وسيستدعي الأمر تحقيق نوع من المصالحة بين مؤيدي ومعارضي الأسد حتى لا يفكر الطرفان في الانتقام من بعضهما مثلما يتوقع الكثيرون. ويرى الكاتب أن تلك المهمة ليست هيّنة على الإطلاق، وستتطلب جهودًا مضنيةً لإنجازها.

وفي النهاية، يأمل الكاتب أن يتعاون الجيش الوطني والشرطة معا من أجل إرساء الاستقرار والأمن في سوريا ما بعد الأسد.
رد مع اقتباس