عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 01-08-2012, 03:01 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

ثانياً: الأهداف التربوية في فكر الإمام البخاري
رسم الإمام البخاري أهدافه التربوية من منطلق توحيد الله تعالى، فبوّب (الباب العاشر) تحت عنوان: "العلم قبل القول والعمل، لقوله تعالى: ": فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ "(محمد: 19)" ويمضي في تفصيل الأهداف بقوله: "ومن سلك طريقاً يطلب به علماً سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة." ومن أهدافه العليا ما جاء في قوله تعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ" (فاطر: 28)، بل العلم من أسباب النجاة من النار، فيقول الله تعالى: وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (الملك: 10) فالغاية النهائية للتربية الإسلامية هي تحقيق العبودية لله في حياة الإنسان الفردية والجماعية، وهذا ما أوضحه الإمام البخاري ضمن رؤيته التربوية. ويدخل في ذلك عدد من الأهداف من أهمها:
1. العلم أساس في صحة القول والعمل: جعل البخاري (الباب العاشر) بعنوان: "العلم قبل القول أو العمل". وأراد به أن العلم شرط في صحة القول والعمل، فلا يعتبران إلا به. لقوله تعالى": فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (محمد: 19)، فكلمة التوحيد لا تُقبل بغير العلم.
2. بين العلم والهداية، لأنَّ الهدى هو الدلالة الموصلة للمقصد، والعلم عين المدلول..العلم سبب للوصول إلى الهداية: أورد البخاري في (الباب العشرين) فضل من علِم وعلَّم؛ إذ جاء بحديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير. أصاب أرضاً فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأً، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلِمَ وعلَّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به." فجمع رسول الله

3. إنقاذ الناس من الضلالة: جاء (الباب الرابع والثلاثين) بعنوان: "كيف يُقبض العلم"، وفيه حديثُ عبد الله بن عمرو بن العاص: "إنَّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالماً، اتخذ الناس رؤساء جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا". فانتشار العلم وبقاء العلماء يمنع من الوصول إلى هذه النتيجة: "فضلّوا وأضلّوا".
4. تحقيق الخيرية والسمو والرفعة للإنسان: جعل البخاري (الباب الثالث عشر) من كتابه بعنوان: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" وأورد حديث معاوية رضي الله عنه "من يُرد الله خيراً يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله." وتأمل في تنكير كلمة "خيراً" لتشمل الخير كله في الدين والدنيا.
5. تحقيق التقدير الذاتي للإنسان: جاء (الباب الحادي والعشرين) بعنوان: "باب رفع العلم وظهور الجهل"، ثم نقل عن ربيعة الرأي قوله: "لا ينبغي لأحد عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه." فلا ينبغي للعالم أن يأتي بعلمه أهل الدنيا ولا يتواضع لهم إجلالاً للعلم، ومما يؤدي إليه من قلة الاشتغال بالعلم والاهتمام به لما يرى من ابتذال أهله وقلة الاحترام لهم، احتراماً للعلم الذي يحمله. ومن كان فيه فهم وقابلية للعلم لا ينبغي له أن يهمل نفسه، فيترك الاشتغال بالعلم، لئلا يؤدي ذلك إلى رفعه.
6. : "هي النخلة." لقد فهم ابن عمر أن المسؤول عنه النخلة، فالفهم فطنة يفهم بها صاحبها من الكلام ما يقترن به من قول أو فعل. وبذلك فالتربية الإسلامية تربي الفرد تربية عقلية سليمة..، فأتى بجُمّار –أي ما يكون في لب النخلة- فقال: "إن من الشجرة شجرة مَثَلُها كمَثَل المسلم. فأردت أن أقول هي النخلة، فإذا أنا أصغر القوم فسكتُّ. فقال النبي .التربية العقلية: كما اهتم الإمام البخاري بالبعد الديني للتربية، اعتنى بالبعد العقلي، فهو يجعل (الباب الرابع عشر) بعنوان: "باب الفهم في العلم"، وأورد فيه حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- "كنا عند النبي
7. تحقيق السيادة والريادة الفردية والجماعية: جعل البخاري (الباب الخامس عشر) بعنوان: "الاغتباط في العلم والحكمة"، وأورد فيه قول عمر رضي الله عنه: (تفقهوا قبل أن تسودوا) قال البخاري: (وبعد أن تسودوا)، قال ابن المنيّر: "مطابقة قول عمر للترجمة أنه جعل السيادة من ثمرات العلم، وأوصى الطالب باغتنام الزيادة قبل بلوغ درجة السيادة، وذلك يحقق استحقاق العلم بأن يغبط صاحبه، فإنه سبب لسيادته." وقد أدرك عمر بدقيق فقهه دور العلم في الشهود الحضاري وأثره في سيادة الأفراد والأمم وتقدمهم على الآخرين، وهذا هو سر تقدم الغرب في شتى الميادين، فما سادوا الأمم إلا بالعلم.
ملامح الفكر التربوي عند الإمام البخاري: قراءة تحليلية لكتاب "العلم" من "الجامع الصحيح"المصدر: مجلة إسلامية المعرفة "المعهد العالمي للفكر الإسلامي"
__________________