عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 05-06-2012, 12:06 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
abomokhtar is just really nice
New ماذا يريد القاضى أن يقول لنا

إذا تجاوزنا وقع الحكم القضائى الذى كان شديد السلبية على نفوسنا جميعًا، واستعدنا كلمات حضرة القاضى – رغم الإلقاء الضعيف جدًا لُغويًا والأخطاء التى لا حصر لها حتى فى التعبيرات القرآنية- لوجدنا أن القاضى يرسل رسالة واضحة إلى شعب مصر.
فالقاضى أعلن صراحة أنه كان عهدًا أسود شديد السواد، هذا ما وقر فى قلبه كقاضٍ أعطى عهدًا ألا يحكم إلا بالحق، وأرفق هذه الشهادة فى مقدمة الحكم الذى أصدره، فهو إذًا حكم على العهد السابق من القاضى الذى عاصر هذا العهد بأكمله، وقال فى كلمته التى سبقت النطق بالأحكام "تنفس الشعب الذكى الصعداء بعد طول ليل كابوس مظلم"، ووصف فترة حكم مبارك بأنها "30 عامًا من ظلام حالك أسود أسود أسود"، وقال إن أولى الأمر خلال ذلك العهد "تربعوا على عرش النعم والثراء والسلطة"، وأضاف "أن الفقراء افترشوا الأرض وتلحفوا السماء وشربوا من مياه المستنقعات".
وتحدث القاضى عن مطالب الشعب الصرى القليلة التى ضن عليه الحكم السابق بها، وهى "لقمة العيش، يطعمهم من جوع ويسد رمقهم، ويطفئ ظمأهم بشربه ماء نقية، ويسكنهم بمسكن يلملم أسرهم وأبناء وطنهم من عفن العشوائيات، وفرصة عمل يدر عليهم رزقًا حلالاً يكفى بالكاد لسد حاجاتهم، وانتشالهم من هوة الفقر السحيق إلى الحد اللائق بإنسانيتهم، خرجوا سالمين منادين سلمية سلمية ملء أفواههم".
ووصف القاضى حال مصر وما وصلت إليه فى العهد السابق فقال: "وقد كواهم تردى حال بلدهم اجتماعيًا وثقافيًا واقتصاديًا وأمنيًا، وانحدر بهم الحال لأدنى الدرجات بين الأمم، وهى التى كانت شامخة عالية يشار إليها بالبنان، مطمع الغزاة والمستعمرين لموقعها وخيراتها وأصبحت تتوارى خلف دول العالم الثالث".
وعلى هذا فعندما يحكم القاضى فى النهاية ببراءة بعض المتهمين، لأن رجالات العهد الأسود كما وصفه القاضى قد دمروا الوثائق وحجبوا الأدلة وشوهوا الحقائق، فكأن حضرة القاضى – بالجمع بين المقدمة التى ساقها، والحكم الذى انتهى إليه – يطلب من كل مصرى أن يحمل معوله مرة أخرى؛ ليكمل تحطيم النظام القديم وإزالة أطلاله التى ما زال يكمن فيها الظالمون المتربصون للثورة المصرية.
القاضى قال لنا "فى صباح يوم الثلاثاء 25 يناير عام 2011 أطل على مصر فجر جديد لم تره من قبل، أشعته بيضاء حسناء وضَّاءة، تلوح لشعب مصر العظيم بأمل طال انتظاره"، لكن يده مغلولة عن الأدلة والبراهين التى أخفاها ودمرها فلول النظام السابق، الذى يسعى بعضهم للوصول للحكم اليوم!!، فكأنه يعتذر منا عما فعلته الأيادى القذرة بالقضية، وكأنه يطلب منا أن نكمل المسيرة، وأن نكمل ثورتنا.
إن الذين يدعون أن هذا الغضب منافٍ لسيادة القانون لا يعلمون أن العدل هو أساس الملك، وليس فقط وجود القانون، وأن نصوص القانون تظل كلمات ميتة إلا أن يحييها الحكم بالعدل، وأن أحكام البراءة دون تقديم متهم للعدالة هو إضاعة للدماء، وتدمير لأسس المجتمع، وأوْلى بالذين يدعون الخوف على العدالة وسيادة القانون أن تقشعر أبدانهم من حقيقة أن المئات قتلوا والسلطة لم تقدم أحدًا للعدالة!!.
وليست هذه هى المرة الأولى التى يهب فيها الشعب اعتراضًا على الأحكام القاصرة، لقد هب الشعب عام 1968 ضد ما عرف بأحكام الطيران، وكانت الهبة الوحيدة للشعب المصرى فى العهد الناصرى، وأجبرت عبد الناصر على إجراء إصلاحات فى نظامه.
إن الذين يستنكرون غضبة الشعب المصرى بعد الحكم - القاصر الحاسر بشهادة قاضيه – هؤلاء لم يسمعوا مقدمة القاضى، ولو سمعوها فهم لم يفهموها، ولم تمر على قلوبهم، وكما يقول شوقى (لقد أنلتك أذنًا غير واعية.....ورب مستمع والقلب فى صمم).
م. يحيى حسن عمر
__________________