الصفة الرابعة -البقاء :
وهي صفة يتصف بها الله وهي صفة البقاء الذاتي ، فبما أن الله لا بداية له كذلك لا نهاية له ، لأن من ليس له أول ، ليس له آخر ، ولأن من لا بداية لوجوده لا نهاية لوجوده ، الله باق بمعنى أنه حي لا يطرأ على وجوده فناء ، لا يطرأ على وجوده موت .
فإذا قلنا أو احد قال : الله باق والجنة والنار باقيتان فما الفرق بين الإ ثنين ؟ الفرق هوأن بقاء الله تعالى بقاء ذاتي أي ليس بواسطة غيره وبقاء الجنة والنار بإبقاء الله لهما ، أي انهما باقيتان بقدرة الله تعالى ، فصفة البقاء لا يتصف بها إلا الله تعالى وقد قال الله تعالى :
كل شيء هالك إلا وجهه
يعني ذاته ، يعني الله لا يجوز عليه العدم والموت وكل شيء غير الله يجوز عليه العدم .
فإذا قال أحدهم كيف نوفق بين بقاء الجنة والنار وقوله في الآية التي مرت معنا نقول ، كل شيء يجوز عليه الفناء عقلا إلا ذات الله ، فالجنة والنار يجوز عليهما عقلا الفناء لأنهما مادة ومخلوقة ، ولكن الله أراد لهما البقاء ، وبما أن الله أخبر ببقا ئهما فلا يجوز أن نقول أنه ربما يفنيهما لأنه من يقول يمكن الله يفني الجنة والنار وأهل الجنة المؤمنين وأهل النار الكفار ولا يعود هناك جنة ولا نار فيكون مكذبا للقرآن
خالدين فيها أبدا
وأنه يجوز عقلا فناءهما ، فهذه الآية تفيد أن الله أخبرنا بخلود أهل الجنة فيها وخلود أهل النار فيها فلا بد أن نقول أنهما باقيتان بإبقاء الله لهما .