- الصفة الثانية - صفة القِدم :
معنى أن الله قديم = أي أزلي لا بداية له فلم يسبق وجوده عدم ولا يمكن أن نتصور أن الله في فترة من الفترات لم يكن موجودا ثم صار موجودا، هذا الإحتمال والقصور باطل وكفر ، أما نحن فيمكن أن نتصور قبل وجودنا أنه كان فلان موجود وقبل فلان كان فلان موجود لأننا نحن وجدنا بعد عدم ، أما الله فهوقديم أي أزلي لا بداية لوجوده ، وكما أن الله قديم فكذلك صفاته قديمة أي أزلية لأن قدم الذات يستلزم قِدم الصفات .
تفسير معنى القديم = كلمة قديم في اللغة العربية لها معنيان ، ولكن في هذا العرض فهي بمعنى واحد وهي الأزلي .مثلا : نقول أن هذه الشجرة قديمة يعني أنه تطاول عليها العمر وهذا البيت قديم أي تطاول عليه العمر يعني صار له زمان ومضى على وجوده وقت طويل ، أما لما نقول أن الله قديم فمعنى ذلك ليس له بداية ، أما لما قال الله تبارك وتعالى في القرآن القديم عن القمر :
حتى عاد كالعرجون القديم
أي كعود النخل المقوس الذي عندما يمضي عليه وقت طويل يتقوس ، فالقمر في أوائل وأواخر الشهر يكون رفيعا مقوسا فشبهه الله تعالى ب
العرجون القديم
أي عود النخل لما ييبس ويتقوس ، أما لما يقال الله قديم فلا يمكن أن تفسر إلا بمعنى أنه أزلي أي لا بداية لوجوده فكما أن الله قديم فكذلك صفاته قديمة لأن القاعدة الشرعية العقلية تقول : قدم الذات يستلزم قدم الصفات . فطالما أن الله قديم فيجب عقلا أن تكون صفاته قديمة . ونحن لما نقول ذاتنا أي جسمنا ، وأما لما نقول ذات الله ليس بمعنى جسم الله ، لأن الجسم مركب ، ولوكان الله مركبا من أشياء لكان محتاجا إلى عناصره المركبة على بعضها . ومعنى ذات الله الذات الواجبة الوجود التي ليست جسما مركبا . أما لما نقول ذاتنا بمعنى جسم والجسم مركب من جوهر يعني المادة ومن عَرَض يعني الصفات كالطول واللون مثلا : هذه الورقة لها جوهر وعَرَض ، جوهرها من ورق ، وعَرَضها يعني صفاتها : مستطيلة بيضاء اللون وعليها كذا وكذا من الحروف ، ولما نقول ذات الله ليس بمعنى الجسم الذي له طول وعرض وشكل أبدا فالذات لها معنيان :
معنى الجسم ولا تستعمل إلا للمخلوقات وأما لما تستعمل في حق الله
بمعنى الذات الواجب الوجود الذي ليس له شبيه ولا نظير .
فلما نقول الله قديم فيلزم لذلك أن تكون صفاته قديمة لأنه لا يجوز عقلا أن تكون صفات الله مخلوقة وهوأزلي ، كذلك لا يجوز أن تكون صفاته أزلية وذاته مخلوقة ، لا يجوز أن نقول أنا مخلوق وصفاتي أزلية ليس لها بداية فطالما أنا مخلوق كذلك صفاتي مخلوقة ، وطالما أن الله أزلي ليس له بداية كذلك صفاته أزلية ليس لها بداية ، فالصفة الثانية بعد الوجود هي القدم ، القدم بمعنى الأزلي أي الذي لا بداية لوجوده ، والقديم في غير هذا المعنى لا يجوز إستعماله في حق الله تعالى وإنما يستعمل في حق المخلوقات والذي بمعنى الأزلية هومعنى خاص با لله تبارك وتعالى .