الفصل الأول: تعذيب السياسيين في مصر
وسوف اقسم الكلام فيه إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول: مدخل عام إلى تعذيب الخصوم السياسيين في مصر
القسم الثاني: التعذيب ضد المعتقلين من التيارات الإسلامية .
القسم الثالث : التعذيب ضد السياسيين من غير التيارات الإسلامية .
القسم الأول: مدخل عام إلى تعذيب الخصوم السياسيين في مصر
دأبت الحكومة المصرية بلا هوادة على تعذيب خصومها السياسيين واشتد هذا التعذيب بعد مقتل أنور السادات وصار ظاهرة واضحة وسمة أساسية للحكم في مصر وأسلوباً رئيسياً لإدارة شئون البلاد .
ولما زاد الأمر أحست به كل الهيئات المعنية بمتابعة التعذيب حتى أن لجنة الشريعة الإسلامية بنقابة المحامين أكدت في يناير 1991م إنها رصدت 250 ألف قرار اعتقال خلال العشر سنوات الأخيرة من حكم الرئيس مبارك وإن حوالي 300 معتقل مازالوا قيد الاعتقال منذ 3 سنوات ويتجدد اعتقالهم تلقائيا وأشارت اللجنة في ورقة أعدتها للتوزيع على المحامين إلى صدور 250 قرار اعتقال لمعارضي مؤتمر السلام واحتجاز أكثر من 300 فلسطيني باعتقالات مفتوحة غير محددة المدة بسجن أبي زعبل مع طرد العديد منهم خارج البلاد، كما أشارت اللجنة إلى صدور ما يزيد على 7 آلاف تقرير طبي تؤكد وقوع التعذيب على المعتقلين حيث تم استخدام الصعق بالكهرباء والجلد بالكرباج وانتهاك الآدمية.
وحددت لجنة الشريعة الإسلامية بنقابة المحامين في ورقتها أسماء الضباط الذين يرتكبون جرائم التعذيب وكذلك رؤساء الجماعات وعمداء الكليات الذين يصدرون قرارات بفصل الطلاب ( [1]).
فإذا كان هذا العدد الذي أمكنهم أن يحصوه فكم عدد القرارات التي لم تحصى؟، بل كم عدد الاعتقالات بدون قرارات أصلاً؟!، كما أكدت منظمة العفو الدولية في أحد تقاريرها على أملها في أن تدرس الحكومة المصرية جديا مسألة تطبيق ضمانات معينة اقترحتها المنظمة ضد استخدام أساليب التعذيب والمعاملة السيئة( [2]).
كما أعربت عن قلقها حول التقارير التي كانت تتلقاها منذ أواخر عام 1981 والتي تفيد بأن المعتقلين السياسيين كانوا قد تعرضوا لمختلف أنواع التعذيب( [3]).
كما ذكرت منظمة العفو في أحد تقاريرها في عام 1989: "لقد استخدمت قوانين الطوارئ المطبقة حالياً في مصر على نطاق واسع في السنوات الأخيرة لإلقاء القبض على الأشخاص المشتبه في انتقادهم أو معارضتهم للحكومة واعتقالهم دون تقديمهم للمحاكمة"( [4]).
وأضافت أيضا: "وقد ذكرت التقارير أن تعذيب المعتقلين السياسيين غير المحاكمين وإساءة معاملتهم يمارسان على نطاق واسع"( [5]).
كما أوردت صحيفة الاتحاد الخبر التالي :
من المعتقلين وضحايا التعذيب (20) بلاغاً للنائب العام المصري ضد وزير الداخلية السابق
القاهرة ـ الاتحاد : "تلقى المكتب الفني للنائب العام المصري المستشار جمال شومان أمس 20 بلاغا من المواطنين تناشد منع زكي بدر ( وزير الداخلية المصري السابق ) من السفر للخارج وتقديمه للمحاكمة ... ومن بينها بلاغات قدمها أسر بعض ضحايا التعذيب وبعض المعتقلين، من ناحية أخرى تنظر محكمة جنوب القاهرة بجلستها اليوم (الخميس) الدعوى القضائية التي أقامها مرتضي منصور (المحامي) لاستصدار حكم عاجل لمنع زكي بدر من السفر للخارج والتحفظ على أمواله وممتلكاته وأفراد أسرته"( [6]).
كما أوردت صحيفة الوفد الخبر التالي: "كشف التقرير السنوي الذي تقدمه الحكومة الأمريكية للكونجرس عن فرض قيود شديدة في مصر على ممارسات حقوق الإنسان الأساسية، أكد التقرير تعرض المعتقلين السياسيين للتعذيب، كما أدى استمرار فرض قانون الطوارئ إلى تحجيم الأنشطة السياسية في مصر واعتقال المشتبه فيهم لفترات طويلة دون محاكمة، وأكد التقرير تقييد حقوق الإنسان بتوسع طوال العام الماضي"( [7]).
كما أوردت أيضا الخبر التالي :
استدعاء مدير منطقة سجون طرة وضابط إلى النيابة للتحقيق
في بلاغات المنظمة العالمية لحقوق الإنسان بتعذيب المعتقلين
كتبت ـ نجوى عبد العزيز : قرر أمس عبد الظاهر الجرف رئيس نيابة الخانكة استدعاء مدير منطقة سجون طرة وضابط بالسجن لسؤالهما حول بلاغات تعذيب المعتقلين السياسيين التي تقدمت بها المنظمة العالمية لحقوق الإنسان، كما تقدمت النيابة ببلاغ إلى المستشار جمال شومان النائب العام لضم ملف القضية رقم 481 لسنة 1989 من نيابة أمن الدولة العليا والتي تضم واقعة تعذيب صحفيين وشهادة نقيب الصحفيين، وكان 6 محامين من أعضاء مجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان قد تقدموا بتقارير طبية للنيابة العامة في الشهر الماضي تثبت تعذيب المعتقلين، كما تلقت النيابة بلاغاً بشأن التعذيب الذي وقع على صحفيين وبلاغا آخر بتعذيب أمين شرطة كساب محمد عباس و38 من زملائه بتهمة محاولة قلب نظام الحكم، وقرر أمين الشرطة وزملاؤه في التحقيقات التي أشرف عليها عبد الظاهر الجرف رئيس النيابة أنهم تعرضوا للتعذيب الوحشي بناء على أوامر من اللواء فاروق الشافعي الذي شغل منصب مدير سجون أبو زعبل والرائد محمد عبد السلام"( [8]).
وفي مايو 1990 زار وفد منظمة العفو الدولية مصر وطالب ممثلي الحكومة بوقف التعذيب والاعتقال التعسفي( [9]).
وفي أغسطس 1991 أوردت الوفد الخبر التالي:
منظمتان دوليتان تطلبان زيارة السجون المصرية
زيادة حالات التعذيب بصورة مروعة
كتب ـ مجدي حلمي : طلبت منظمتا الصليب الأحمر الدولي ومراقبة حقوق الإنسان من الحكومة المصرية استقبال وفد من المنظمتين لتقصي حالة السجون في مصر وتحقيق الشكاوى التي تلقتها المنظمتان حول انتهاكات حقوق الإنسان داخل السجون المصرية، أكدت تقارير المنظمتين زيادة التعذيب داخل السجون المصرية خلال العامين الماضيين بصورة مروعة ضد المسجونين السياسيين والمعتقلين في قضايا الرأي، وصفت المنظمتان السجون المصرية بأنها نموذج رديء ومكثف لأسوأ انتهاكات حقوق الإنسان كما أكدتا تنفيذ عقوبات الجلد والحبس الانفرادي ومنع الزيارات بدون ضوابط محددة، وأشارت التقارير إلى سيطرة رجال الأمن على السجون وتحويلها إلى أماكن غير أمينة على حياة المسجونين( [10]).
وفي أكتوبر 1991 أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرها الشهير: "مصر عشر سنوات من التعذيب"، قالت فيه : "مازال تعذيب المعتقلين السياسيين مستمراً في مصر بعد 10 سنوات من فرض حالة الطوارئ في أكتوبر 1981".
وقالت أيضا: "ومازال المعتقلون السياسيون المحتجزون بموجب قانون الطوارئ يتعرضون للتعذيب في مراكز مباحث أمن الدولة في القاهرة وغيرها من مدن مصر ، وورد أن أكثر وسائل التعذيب البدني شيوعاً الضرب والتعليق في أوضاع ملتوية، وتوجيه الصدمات الكهربائية لمناطق حساسة في الجسم وعادة ما يكون الضحايا معصوبي العينين ومن ثم يعجزون عن تحديد هوية من يقومون بتعذيبهم ، أما ما تقضي به اتفاقية مناهضة التعذيب من إجراء التحقيقات في ادعاءات التعذيب بسرعة وبدقة فلم ينفذ على الوجه الصحيح ولم يتعرض المسئولون عن التعذيب للمساءلة عن أفعالهم، وتعرض الوثيقة المرفقة الأدلة على وقوع نمط معين من التعذيب والتي جمعتها منظمة العفو الدولية على مدى السنوات العشر الماضية( [11]).
وقالت أيضا : "سمحت الحكومة المصرية باستمرار بتعذيب المعتقلين السياسيين على أيدي مباحث أمن الدولة منذ فرض حالة الطوارئ في أعقاب اغتيال الرئيس أنور السادات، وبينما شهدت السبعينات أيضا وقوع اعتقالات واسعة النطاق بموجب أحكام حالة الطوارئ فإن أنباء التعذيب أو سوء المعاملة التي كانت تقع بصورة روتينية في الستينات نادرا ما تلقتها منظمة العفو الدولية، ولكن تعذيب المعتقلين السياسيين قد استمر منذ تشرين الأول "أكتوبر" 1981 دون هوادة تقريبا( [12]).
أساليب التعذيب
أكثر وسائل التعذيب السياسيين شيوعاً هي :
- التعليق من المعصمين الموثقين أو المقيدين بسلاسل خلف الظهر من الكاحلين أو الركبتين أو على شكل مجثم الببغاء ( التعليق من قضيب خلف الركبتين مع ربط الكاحلين والمعصمين معا ) أو من أعلى الباب أو قضبان النوافذ، وأحيانا تكون القيود من النوع الذي يزداد إحكاما عند الحركة مما يؤدي إلى الإصابات العصبية .
- الضرب: ضربات عشوائية أو موجهة إلى أجزاء معينة من الجسم مثل باطن القدمين أو قمة الرأس، وأدوات الضرب المستخدمة تشمل الأسلاك والسياط والعصي الغليظة .
- إطفاء السجائر في جسد الضحية .
- صب الماء البارد على الضحية .
- الصدمات الكهربائية بعد أن يجبر الضحية على الرقاد على ظهره وقد ربطت يداه وقدماه معا ويوضع كرسي قسرا تحت الإبط ويوضع كرسي آخر بحيث يبقى على انفراج الركبتين , مما يحد من تشنجات الجسد اللاإرادية التي تحدث عند توجيه الصدمات الكهربائية بصورة متكررة إلى حلمتي الثدي والأعضاء التناسلية .ودى باه انا شوفتها بعينى وكام واحد حكالى عنها
- فيما بين جلسات التعذيب كان الضحايا يجبرون على الوقوف في أوضاع شاذة لساعات طويلة متصلة مع مد الذراعين والرجلين في أحيان كثيرة وكانوا يضربون إذا تحركوا حكاية يضربون حين يتحركو دى باه اتعملت فيه ودى اسمها يقدرنى
- الاعتداء ال***ي . انا اسف انى كتبتها بس دى الحقيقه
- التعذيب العقلي والنفسي مثل :
- التهديد ب****** المعتقل أو أقاربه أو الاعتداء عليه أو عليهم ***يا بما في ذلك التهديد ب****** زوجة المعتقل أمامه .
- الإرغام على سماع صراخ وعويل الآخرين أثناء تعذيبهم .
- التهديد بقتل المعتقل أو سجنه لأمد غير محدود .
- إخبار المعتقلين بأنهم سوف يصابون بالجنون أو العجز ال***ي من آثار التعذيب .
- تغمية العيون بصفة مستمرة .ودى طبعا كان شئ اساسى فيهم
- المنع من الذهاب لدورات المياه .
- الحبس الانفرادي لمدة طويلة( [13]).
ضحايا التعذيب :
ذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير لها سنة 1991: "معظم المعتقلين السياسيين الذين تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة هم من الأعضاء أو المتعاطفين المزعومين مع الجماعات الإسلامية أو من أقربائهم وهم محتجزون بموجب قانون الطوارئ، وربما ظلوا محتجزين لمدة أسابيع أو حتى شهور عديدة دون تهمة أو محاكمة قيد الاعتقال الإداري، وقد تكرر اعتقال الكثيرين بهذه الطريقة، ووصل مجموع المدد التي قضوها في السجن إلى سنوات دون أن تتم إدانتهم بأي تهمة يعاقب عليها القانون، ومن بينهم أشخاص احتجزوا لا لشيء سوى تعبيرهم السلمي عن معتقدات راسخة في ضمائرهم .
وتقع بصورة دورية حملات القبض على الأشخاص لأسباب سياسية وكثيراً ما تتضمن القبض التعسفي على أشخاص ليست لهم انتماءات سياسية ولا أي ارتباط بأنشطة المعارضة واعتقالهم وتعذيبهم، وكثيراً ما كان يقبض على الطلبة ويحتجزون مراراً قيد الاعتقال الإداري خصوصا قبل الامتحانات المهمة وأثناءها، كما تعرض الكثيرون منهم للتعذيب بغية تخويفهم وحملهم على الإدلاء بمعلومات عن العناصر النشيطة في المعارضة بين الطلبة أو المحاضرين والأساتذة الذين يعتقد أنهم متعاطفون مع الجماعات الإسلامية، ومن بين الآخرين الذين تعرضوا للتعذيب العمال اليدويون والأطباء والمدرسون والمحامون والصحفيون والموظفون.
وقد عـُذب البعض لحمله على الاعتراف بالقيام بأعمال محددة، بينما طلب من كثير آخرين الإدلاء بمعلومات عن أصدقائهم أو زملائهم أو عذبوا لحملهم على الموافقة على تقديم مثل هذه التقارير في المستقبل .
كما كان من بين الضحايا الذين عذبوا في الآونة الأخيرة أطفال في الخامسة عشرة وزوجات وقريبات للمشتبه فيهم من ذوي النشاط السياسي الذين لم يعثر عليهم( [14]).
كما ذكرت في تقرير آخر: "كما تلقت المنظمة تقارير عن تعرض أحداث لأساليب المعاملة السيئة بعد اعتقالهم لارتباطهم بمنظمة الجهاد الإسلامية المحظور نشاطها في البلاد( [15]).
فضيحة وزير الداخلية الكذّاب :
في مارس 1992 أصدرت منظمة أمريكية تدعي "مراقبة الشرق الأوسط" وهى لجنة من منظمة أوسع تدعى "مراقبة حقوق الإنسان".
|