عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-02-2012, 10:23 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

3- الاستغفار خصيصة للمؤمنين
حين كان إبراهيم _عليه السلام_ يحاج أباه ويدعوه إلى التوحيد، كان والده يقابله بأسوأ المقابلة، تأمل هذه المقولة منه: "لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً" (مريم: من الآية46)، ولاحظ أن هذه المقولة جاءت بعد مجموعة من العبارات المتلطفة من قِبَل إبراهيم _عليه السلام_.
وكان إبراهيم _عليه السلام_ حين واجهه أبوه بهذه المقولة "لَأَرْجُمَنَّكَ" لم يقابله بالإساءة أو نحوها، بل أول ما خطر في ذهنه أن يستغفر له "قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً" (مريم:47) (راجع الآيات في سورة مريم من الآية 41-47).
إذن فالاستغفار هو أول شيء فكر به إبراهيم _عليه السلام_، وكان هذا الاستغفار طمعاً في هدايته، ولذلك قال _تعالى_: "وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ" (التوبة: من الآية114).
ومحصل ذلك عدم الاستغفار للمشركين، ويؤكد ذلك قوله _تعالى_: "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ" (التوبة:113).
فعن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "استأذنت ربي أن أستغفر لأمي، فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزورها فأذن لي" (صحيح مسلم ، كتاب الجنائز باب استئذان النبي _صلى الله عليه وسلم_ برقم 1621).
وفي البخاري عن سعيد بن المسيب عن أبيه أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي _صلى الله عليه وسلم_ وعنده أبو جهل، فقال: "أي عم قل: لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب ترغب عن ملة عبد المطلب، فلم يزالا يكلمانه حتى كان آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب، فقال النبي _صلى الله عليه وسلم_: "لأستغفرن لك ما لم أنْهَ عنه" فنزلت "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ" (التوبة:113)، ونزلت "إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ" (القصص: من الآية56) (صحيح البخاري – كتاب المناقب باب قصة أبي طالب رقم 3595).
وعند الحديث عن المنافقين، نقرأ هذه الآية "اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ" (التوبة: من الآية80)، ونقرأ عندها أيضاً حديث ابن عمر _رضي الله عنهما_ في البخاري حيث يقول: إن عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي _صلى الله عليه وسلم_، فقال: يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه، وصل عليه واستغفر له، فأعطاه النبي _صلى الله عليه وسلم_ قميصه، فقال: آذني أصلي عليه، فآذنه، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر _رضي الله عنه_ فقال: أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين، فقال: أنا بين خيرتين. قال: "اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُم" (التوبة: من الآية80) فصلى عليه، فنزلت "وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ" (التوبة: من الآية84). (البخاري – كتاب الجنائز، باب الكفن في القميص، رقم 190).
وتأسيساً على ذلك يقال: إن الاستغفار ميزة جعلها الله للمؤمنين رخصهم بها دون غيرهم من الناس، واختارهم لها، واختارها لهم، وإذا كان الأمر كذلك، أفلا يجدر بنا أن نحافظ على هذه النعمة، وأن نستثمرها فيما يفيد ديننا ودنيانا.
وفي مقابل ذلك كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ يستغفر لإخوانه المؤمنين، فعن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال: نعى لنا رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ النجاشي صاحب الحبشة يوم الذي مات فيه، فقال: "استغفروا لأخيكم" (البخاري – كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد، رقم 412).
واستغفر للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة، والنصوص في ذلك كثيرة.
حتى الصغار!! نعم الصغار كان يستغفر لهم رسول الله _صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم_، ففي حديث أبي إياس في المسند، قال: "جاء أبي إلى النبي _صلى الله عليه وسلم_ وهو غلام صغير، فمسح رأسه واستغفر له". (سنن الإمام أحمد، رقم 15661).
__________________