
10-11-2011, 11:42 PM
|
 |
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
|
|
مع لجان منى!:
أهمية بث روح المؤسـسـيـة: بعد ذلك تبدأ أيام منى أو أيام التشريق. وأعمالها تتلخص في رمي الجمرات الثلاث، والـمـبـيت بمنى، وهي أيام قال عنها المعلم العظيم صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله"(14).
وحول أيام منى والأعمال الخاصة بها نقتطف بعض الملامح التربوية؛ وذلك من باب هذه الدراسة وقيمتها وما ترمز إليه:
أ - حول لزوم المبيت للحاج بمنى، وأن يبقى أكـثــر الليل في أوله أو آخره. وكأن من فقه المتابعة أن يشارك الحاج في حضور اجتماعات منى المصغرة والتي هي أشبه بفرق العمل أو اللجان المنبثقة عن مؤتمر عرفات السنوي الكبير، وذلك لمدارسة التوصيات.
وهذا يبين لنا أهمية المتابعة لكل أمر.
ب - ومن أعمال منى رمي الجمرات الثلاث، كل واحـــــدة بسبع من الحصيات، ووقت الرمي مسألة خلافية، ولكن المختار أن يبتدئ من الزوال إلى الغروب.
والبعد التربوي للرمي هو أنه يبدو كأنه تأكيد على أن المجـتـمـعـيـن عليهم ألا يغفلوا عن العدو المتربص بهم، ومحاربته وصد ما يلقيه من شبهات وشهوات سواء للنفس أو الزوج أو الولد، وألا يغفلوا أيضاً عن العدو الخارجي.
ورمي كل جمرة بسبع من الحصيات هو أيضاً من باب التصميم والجدية في المعركة.
وفي اختلاف وقت الرمي؛ حيث يبدو الحجيج بين ذاكر لله ورام ودارس وطــائــف وآكل وشارب، وفي الوقت نفسه يبدو حالهم كأنه من باب تكامل الجهود وتنوع الأعمال وتوافق الوظائف، وكأنهم في حركة جماعية مؤسسية تقوم على لجان متوافقة متناسقة ومـتـكاملـة ومـتـعاضدة. وهو من باب أهمية المؤسسية في الحركة الجماعية الهادفة إلى تحقيق المشاريع الحضارية. وهو أيضاً من باب الاعتراف والتقرير بل والتقدير لكل عمل سواء قل أو عظم، ما دام يتوافق مع الحركة المؤسسية.
ج - كــان الـقـائـد صـلـى الله عـليه وسلم في هذه الحركة الجماعية أيام منى مثالاً للقيادة الواعية؛ فعن ابن عـبـاس ـ رضــي الله عـنـهـما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير، فقال: "لا حرج"(15).
وأهم سمة قيادية في مثل هذه المواقف ينبغي أن تتمثل في المرونة واليسر.
وهاتان السمتان ـ سواء المرونة القيادية، أو التخلق بخلق التيسير ـ إنما تنبثقان وتنبعان من القاعدة الربانية الكبرى للمنهج الإســــلامـي: ((يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ)) [البقرة: 185].
وهذه السمة القيادية تبدو بارزة عند القادة الربانيين في كل المواقف.
ولـعـلـنـا نـذكـــر ذلك القائد الرباني طالوت الذي كان يتمتع بهذه المرونة القيادية، فكان رحيماً في تجربـتـه الجهاديةالتغييرية؛ عندما قال لأتباعه: ((إلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ)) [البقرة: 249].
والموفق من يكون متوازناً بين الحزم والمرونة، وبين الشدة والتيسير بشرط أن لا يخل ذلك بروح الانضباط؛ فيحافظ على شعرة معاوية.
د - ومن الـسـنـة الـصــلاة فـي مـسجد الخيف أيام التشريق؛ حيث ورد أنه صلى في هذا المسجد سبعون نبياً. وهو من باب استشعار عمق جذور الحركة الدعوية، وأصالتها في عمق التاريخ؛ فالمشروع الحضاري لــيــس بـدعـاً؛ بل هو بعث لروح الأمة وتجديد لدينها، أو بالمعنى الأبسط: هو مجرد إزالة للركام المركــب الـذي طـمس معالم المنهج سواء من جانب ضياع المفاهيم، أو من جانب سوء طريقة عرضه ومعاصرة طرحه.
أو بمعنى آخر: هو جولة حضارية تغييرية جديدة تـقــوم عـلـى مـرتـكـز عظيم وهو رصيد التجربة.
هـ - ورد عن الحبيب صلى الله عليه وسلم أن أيام منى أكل وشرب وذكر لله.
وهـذا يـشـعـرنـــا بأهـمـية تنمية الجانب الروحي، ومتابعة ذلك عند السائرين على درب المشروع الحضاري، حتى في سويعات الراحة المباحة من الأكل والشرب.
|