النحل
{88} الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ
"الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا" النَّاس "عَنْ سَبِيل اللَّه" دِينه "زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْق الْعَذَاب" الَّذِي اسْتَحَقُّوهُ بِكُفْرِهِمْ قَالَ ابْن مَسْعُود : عَقَارِب أَنْيَابهَا كَالنَّخْلِ الطِّوَال "بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ" بِصَدِّهِمْ النَّاس عَنْ الْإِيمَان
{89} وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ
"وَ" اذْكُر "يَوْم نَبْعَث فِي كُلّ أُمَّة شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسهمْ" وَهُوَ نَبِيّهمْ "وَجِئْنَا بِك" يَا مُحَمَّد "شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ" أَيْ قَوْمك "وَنَزَّلْنَا عَلَيْك الْكِتَاب" الْقُرْآن "تِبْيَانًا" بَيَانًا "لِكُلِّ شَيْء" يَحْتَاج إلَيْهِ النَّاس مِنْ أَمْر الشَّرِيعَة "وَهُدًى" مِنْ الضَّلَالَة "وَرَحْمَة وَبُشْرَى" بِالْجَنَّةِ "لِلْمُسْلِمِينَ" الْمُوَحِّدِينَ
{90} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
"إنَّ اللَّه يَأْمُر بِالْعَدْلِ" التَّوْحِيد أَوْ الْإِنْصَاف "وَالْإِحْسَان" أَدَاء الْفَرَائِض أَوْ أَنْ تَعْبُد اللَّه كَأَنَّك تَرَاهُ كَمَا فِي الْحَدِيث "وَإِيتَاء" إعْطَاء "ذِي الْقُرْبَى" الْقَرَابَة خَصَّهُ بِالذِّكْرِ اهْتِمَامًا بِهِ "وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاء" الزِّنَا "وَالْمُنْكَر" شَرْعًا مِنْ الْكُفْر وَالْمَعَاصِي "وَالْبَغْي" الظُّلْم لِلنَّاسِ خَصَّهُ بِالذِّكْرِ اهْتِمَامًا كَمَا بَدَأَ بِالْفَحْشَاءِ كَذَلِكَ "يَعِظكُمْ" بِالْأَمْرِ وَالنَّهْي "لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" تَتَّعِظُونَ وَفِيهِ إدْغَام التَّاء فِي الْأَصْل فِي الذَّال وَفِي الْمُسْتَدْرَك عَنْ ابْن مَسْعُود وَهَذِهِ أَجْمَع آيَة فِي الْقُرْآن لِلْخَيْرِ وَالشَّرّ
{91} وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ
"وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّه" مِنْ الْبِيَع وَالْأَيْمَان وَغَيْرهَا "إذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَان بَعْد تَوْكِيدهَا" تَوْثِيقهَا "وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّه عَلَيْكُمْ كَفِيلًا" بِالْوَفَاءِ حَيْثُ حَلَفْتُمْ بِهِ وَالْجُمْلَة حَال "إنَّ اللَّه يَعْلَم مَا تَفْعَلُونَ" تَهْدِيد لَهُمْ
{92} وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
"وَلَا تَكُونُوا كَاَلَّتِي نَقَضَتْ" أَفْسَدَتْ "غَزْلهَا" مَا غَزَلَتْهُ "مِنْ بَعْد قُوَّة" إحْكَام لَهُ وَبَرْم "أَنْكَاثًا" حَال جَمْع نَكْث وَهُوَ مَا يُنْكَث أَيْ يُحَلّ إحْكَامه وَهِيَ امْرَأَة حَمْقَاء مِنْ مَكَّة كَانَتْ تَغْزِل طُول يَوْمهَا ثُمَّ تَنْقُضهُ "تَتَّخِذُونَ" حَال مِنْ ضَمِير تَكُونُوا : أَيْ لَا تَكُونُوا مِثْلهَا فِي اتِّخَاذكُمْ "أَيْمَانكُمْ دَخَلًا" هُوَ مَا يَدْخُل فِي الشَّيْء وَلَيْسَ مِنْهُ أَيْ فَسَادًا أَوْ خَدِيعَة "بَيْنكُمْ" بِأَنْ تَنْقُضُوهَا "أَنْ" أَيْ لِأَنْ "تَكُون أُمَّة" جَمَاعَة "هِيَ أَرْبَى" أَكْثَر "مِنْ أُمَّة" وَكَانُوا يُحَالِفُونَ الْحُلَفَاء فَإِذَا وُجِدَ أَكْثَر مِنْهُمْ وَأَعَزّ نَقَضُوا حِلْف أُولَئِكَ وَحَالَفُوهُمْ "إنَّمَا يَبْلُوكُمْ" يَخْتَبِركُمْ "اللَّه بِهِ" أَيْ بِمَا أَمَرَ بِهِ مِنْ الْوَفَاء بِالْعَهْدِ لِيَنْظُر الْمُطِيع مِنْكُمْ وَالْعَاصِيَ أَوْ يَكُون أُمَّة أَرْبَى لِيَنْظُر أَتَفُونَ أَمْ لَا "وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْم الْقِيَامَة مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ" فِي الدُّنْيَا مِنْ أَمْر الْعَهْد وَغَيْره بِأَنْ يُعَذِّب النَّاكِث وَيُثِيب الْوَافِيَ
{93} وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
"وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَجَعَلَكُمْ أُمَّة وَاحِدَة" أَهْل دِين وَاحِد "وَلَكِنْ يُضِلّ مَنْ يَشَاء وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء وَلَتُسْأَلُنَّ" يَوْم الْقِيَامَة سُؤَال تَبْكِيت "عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" لِتُجَازَوْا عَلَيْهِ