خامسا : التيار المصرى
و هذا التيار هو التيار الذى ينتمى اليه غالبية المصريين ، رغم عدم ظهوره بقوة حتى الآن ، ربما بدأ هذا التيار بقوة منذ الامام محمد عبده والذى استمر وضم معظم المثقفين المصريين على رأسهم طه حسين والعقاد واحمد أمين وتوفيق الحكيم ، وجمال حمدان ، وربما كان آخرهم الدكتور زكى نجيب محمود ، و للأسف بوفاة الدكتور زكى نجيب محمود توقف هذا التيار عن الظهور كفكر وثقافة ، وقد يكون ذلك بسبب النظام السياسى الذى كمم الأفواه ، أو بسبب الظروف الاقتصادية التى جعلت الناس تحجم عن القراءة أو ظهور التيارات الاسلامية الوهابية والتى ترفض كل ابداع ، فآثر هؤلاء المثقفون الانحسار داخل جامعاتهم ومحاضراتهم دون الكتابة فى الصحف العامة ، باستثناء الدكتور يوسف زيدان الذى حاول الخروج من هذا الحصار ونشر روايته عزازيل فلاقى مالاقى من هجوم .
انا أعتقد أن هذا التيار ورغم عدم ظهوره بقوة فى الاعلام الا أنه هو الذى سيحسم التنافر أو التلاقى بين التيارات السالفة الذكر .
من مميزات هذا التيار :
1 ) أنه نتاج حضارة سبعة آلاف سنة موجودة و مترسبة فى وجدان كل مصرى ، الذى عاصر حضارات وأديان متعددة ، و رغم ذلك لم تتغير هويته حتى وهو تحت الاستعمار ، لم يتمكن المحتل من تغيير الهوية المصرية .
2 ) هذا التيار هو الذى ينظر الى المسلم والمسيحى المصرى على أنهما قطبا الأمة المصرية ، فلايستطيع مسيحى مصر أن يعيشوا بدون مسلميها ولايستطيع مسلمو مصر أن يعيشوا بدون مسيحييها .
3 ) بوادر الفتنة الطائفية بين قطبى الأمة لم تظهر الا بظهور التيارات الاسلامية المستوردة ( الفكر الوهابى ) والتى لاتنتمى الى ثقافتنا ، و ظهور التيارات المسيحية المستوردة ( أقباط المهجر ) والتى لا تنتمى الى ثقافتنا .
4 ) يتميز هذا التيار بأنه تيار وسطى يميل بطبيعته الى الاعتدال ويرفض الغلو والتطرف فى الفكر .
5 ) هذا التيار يدرك دائما أن الأديان وجدت لسعادة البشرية و لتحقيق التطور والرخاء ، وهذا لا يتعارض مطلقا مع عبادتنا لله وباننا خلقنا لنعبد الله ، فالدين هو كلمة الله للانسان لتحقيق سعادته فى الدنيا والآخرة .
6 ) يتميز هذا التيار بايمانه بالعلم ، و بأن للعلم مناهجه الخاصة به ، كما أنه يؤمن بأن مصر قادرة منذ القدم على استيعاب أى حضارة و هضمها واخراجها فى صورة مصرية خاصة ، وهذا ماحدث فى الفلسفة والدين .
7 ) رغم أن الاسلام واحد ، الا أن لكل مجتمع طابعه الخاص وهذا ماجعل الامام الشافعى على سبيل المثال يغير فتاواه حين انتقل الى مصر ، فالاسلام فى مصر له طابع خاص يختلف اختلافا كبيرا عن المجتمعات الأخرى ، كذلك المسيحية فى مصر لها طابع يميزها عن المسيحية فى البلدان الأخرى .
من عيوب هذا التيار :
1 ) أنه لايمكن ظهوره اعلاميا الا بتوفر مناخ من الحرية يسمح للمثقفين بأن يحللوا ويناقشوا كل التيارات الموجودة ، فهو دائما يكون لاحقا وليس سابقا على التيارات الأخرى .
2 ) هو راسخ فى الثقافة المصرية و فى الانسان المصرى البسيط ، ولكنه بحاجة الى من يبرزه ويوضحه ، فنتمنى أن يظهر أنصار هذا التيار سريعا حتى تعود مصر كما كانت دائما ، و يتوقف هذا الشد والجذب بين التيارات الأخرى