تعالوا ننظر إلى حدثين مهمين فى التاريخ البكر للأمة المؤمنة ، و ذلك بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة ، و استقرار الأوضاع فيها على النحو الذى نعرف ، سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا ، فيما يمكن أن نسميه الفترة الانتقالية التى استمرت قرابة العام و نصف العام .الحدثان هما غزوة بدر فى السنة الثانية من الهجرة ، و غزوة أحد فى السنة التالية مباشرة .
فى غزوة بدر ، و مع الأخذ بكل الأسباب المتاحة من إعداد عدة و عتاد و رجال و تجهيز بدنى و نفسى ، و أخذ بالمشورة و تقليب الأمر على كافة الأوجه المتوقعة ، و مع الدخول المباشر للسماء فى المعركة توجيها و مددا ، و جماعة مؤمنة ناشئة تقاتل فى سبيل الله بقيادة رسول الله ... مع هذا كله ، لم ينس رسول الله صلى الله عليه و سلم اللجوء و الدعاء و التذلل بين يدى ربه عز و جل :" اللهم أنجز لى ما وعدتنى، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تٌعبد فى الأرض .." فمازال يدعو و يستغيث حتى سقط رداؤه صلى الله عليه و سلم، فأخذه أبوبكر و رده على منكبيه يقول : كفاك يا رسول الله مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك ، فأنزل الله عز وجل : " إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم .. " الأنفال 9 . و كان النصر المبين للفئة المؤمنة قلبلة العدد و العدة و مع تباين الفارق الشاسع بين عدة و عتاد كل من الفريقين و الذى كان بطبيعة الحال فى صالح الفئة المشركة من أهل مكة .
و أما فى غزوة أحد ، فكان التجهز و الإعداد و الحشد و الخروج و التخطيط مستكملا كل الأسباب المادية المتاحة و رغم الفارق أيضا فى القوة المادية لصالح الفئة غير المسلمة ، إلا أن بوادر نصر لاحت فى الأفق للمسلمين .. ثم كانت المخالفة القاصمة !!.. مخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم ...نتابع .