عرض مشاركة واحدة
  #785  
قديم 21-07-2011, 07:42 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

آثار الذنوب والمعاصي على القلوب


للمعاصي والذنوب آثار قبيحة ومضار جسيمة على القلوب والأبدان، عددها العلماء منهم ابن قيم الجوزية وغيره ويجب على المسلم أن يعيها تماما حتى يتجنبها، من أهمها ما يلي:

1- كلما زادت الذنوب كلما استفحلت أمراض القلوب وشربت من سموم المعاصي وتصاب بالإعياء والوهن ... ويستسلم العبد لهذا المرض ... إن لم ينقذ بتوبة نصوحة واستغفار صادق، وعمل صالح، وفي وصف المنافقين يقول الله تبارك وتعالى: " فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ" (البقرة:10) ، وقوله جل شأنه: " فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ" (المائدة:52).

ويجب على الأخ المسلم إذا أصيب بإرهاصات المرض في قلبه أن يسرع إلى العلاج قبل أن يدخل في الحالات الحرجة التي لا يرجى الشفاء منها.

2- تحول الذنوب بين العبد وربه، وتدنس النفوس في وحل الخيبة، والوهن، وكراهية لقاء الله، أي يصبح بين قلب العبد وربه غشاوة فلا يرى نور الله عز وجل، وفي هذا المقام يقول الله عز وجل: " فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" (الحج:46)، وقوله سبحانه وتعالى: " خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" (البقرة:7)، وعندما يعمى القلب يكون صاحبه بعيدا عن الله عز وجل يصيب الإنسان الوهن وخشية الناس، وهذا ما حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: لا إنكم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة منكم من قلوب عدوكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن قالوا وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت" (رواه أحمد).

3- تراكم الذنوب يقود في النهاية إلى موت القلب، ويدعو صاحبه فلا يستجاب له، لأن الله لا يقبل دعاء قلب غافل لاهٍ عن ذكر الله، قيل لإبراهيم بن أدهم: ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا، وقد قال الله تبارك وتعالى " ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" (غافر:60)، قال ابن أدهم: لأن قلوبكم ميتة، قيل: وما الذي أماتها؟ قال ثمان خصال:

- عرفتم حق الله ولم تقوموا بحقه.
- وقرأتم القرآن ولم تعملوا بحدوده.
- وقلتم نحن نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تعملوا بسنته.

- وقلتم نخشى الموت ولم تستعدوا له.
- وقال الله: إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا، فواطأتموه على المعاصي.
- وقلتم نخاف النار، وأرهقتم أبدانكم فيها.
- وقلتم نحب الجنة ولم تعملوا لها.
- وإذا قمتم من فراشكم رميتم عيوبكم وراء ظهوركم، وافترشتم عيوب الناس أمامكم فأسخطتم ربكم.
فكيف يستجيب لكم؟

4- من آثار الذنوب الحرمان من قيام الليل، فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والمعصية، فإن العبد ليذنب الذنب الواحد فينسى به الباب من العلم، وإن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل، وإن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقا كان هيىء له، ثم تلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ) (القلم:19)، قد حرموا خير جنتهم بذنبهم" (أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه) .

وقال رجل للحسن البصري: يا أبا الحسن: إني أبيت معافى، وأحب قيام الليل، وأعد طهوري، فما بالي لا أقوم؟ فقال الحسن: ذنوبك قيدتك.
وقال الإمام الثوري رضي الله عنه، :حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته قيل: وما ذاك الذنب؟ قال: رأيت رجلا يبكي، فقلت في نفسي هذا مراءٍ".



5-الذنوب تورث قساوة القلب، ولقد ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك في صفات اليهود مع سيدنا موسى، فقال تعالى: " ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" (البقرة:74).

كما أشار الله إلى الذين لا تتأثر قلوبهم لذكر الله، فقال: " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ" (الحديد:16).

ويقول الإمام أبو حامد الغزالي: الذنوب تورث قساوة القلب، وتمنع قيام الليل وكما أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فكذلك الفحشاء تنهى عن الصلاة وسائر الخيرات" .
6- الذنوب تورث الظلمة والخشونة والوحشة في القلوب فتغلف بغبلف أسود، فلا تفقه ولا تخشع ولا تلين، ويتجبر ويطغى صاحبها، وأصل ذلك قول الله تبارك وتعالى: " كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ"(الروم:59) وقوله عز وجل " الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ" (غافر:35). وقوله سبحانه وتعالى " أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ" (الأعراف:100) قال ابن عباس رضي الله عنهما: " إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورا في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سوادا في الوجه، وظلمة في القلوب، ووهنا في البدن، ونقصا في الرزق، وبغضا في قلوب الخلق".
__________________
رد مع اقتباس