ولا يسرقن قالت هند: يا رسول الله، إن أبي سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني، ويكفي بنيَّ، فهلَّ عليَّ من حرج إذا أخذت من ماله بغير علمه؟ فقال لها صلى الله عليه وسلم: خذي من ماله ما يكفيك وبنيك بالمعروف، ولما قال: ولا يزنين قالت هند: وهل تزني الحرّة؟ ولمّا عرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: وإنك لهند بنت عتبة؟ قالت: نعم، فاعف عمّا سلف عفا الله عنك، فعفا عنها صلى الله عليه وسلم.
عن عبد الله بن الزبير إنه لما بايعت هند قالت : يا رسول الله، الحمد لله الذي أظهر الدين الذي اختاره لنفسه، لتنفعني رحمك يا محمد، إنني إمرأة مؤمنة بالله، مصدقة برسوله، ثم كشفت عن نقابها وقالت: أنا هند بنت عتبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مرحباً بك، فقالت: والله ما كان على الأرض أهل خباء أحب إلي أن يذلوا من أهل خبائك ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض من أهل خباءٍ أحب إليَّ أن يعزوا من أهل خِبائك، قال: وأيضاً والذي نفسي بيده. قالت: يا رسول الله، إنَّ أبا سفيان رجل ممسك، فهل عليَّ حرج أن أُطعم من الذي له عِيالنا قال: لا أراه إلا بالمعروف[1].
ولما أسلمت عادت إلى بيتها فجعلت تكسر صنماً كان عندها، وهي تقول: كنت منك في غرور، ولما رأت المسلمين ببيت الله الحرام قالت: والله ما رأيت الله عُبد حق عبادته في هذا المسجد قبل الليلة، والله إن باتوا إلا مصلين قياماً وركوعاً وسجوداً[2].
وكان لهند في جاهليتها موقف مع زينب بنت المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد كانت بمكة مع زوجها أبي العاص بن الربيع وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم من يأتيه بها إلى المدينة، وكان ذلك بعد بدر ولم تجف دماء قريش بعد، وكانت هند قد أصيبت بأبيها وأخيها وعمها، وكانت تطوف على مجالس قريش وأنديتها تُذكي نار الثأر، وتؤجج أوار الحرب، وفي الطريق لقيت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد تسرَّب خبر استعدادها للخروج لأبيها فقالت هند : أي بنت محمد: بلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك .. أي إبنة عمي، إن كانت لك حاجة بمتاع مما يعينك في سفرك، أو بمال تبلغين به إلي أبيك، فعندي حاجتك فلا تستحي مني، فإنه لا يدخل بين النساء ما يكون بين الرجال، تروي زينب رضي الله عنها ذلك، وتقول: ووالله ما أراها قالت إلا لتفعل. ويوم خروج زينب تعرض لها رجال من قريش، يريدون إرجاعها، فتسقط من على ناقتها وكانت حاملاً، فتنزف، وتسمع هند، فتخرج مسرعة
الطبقات الكبرى (8/172) ، البخاري رقم 3825 .[1]