وهكذا زال الاعتقاد القديم الذييقول بأن الكربون يوجد في الطبيعة في صورتي الجرافيت والماس فقط .
العناقيدوالكُراتأخيراً ، وفي عام 1985 أقنع كروتو زميله الأمريكي ريك سمولي ، بأنيشترك معه في مشروع لانشاء نموذج لمحاكاة الظروف الموجودة في مثل تلك النجومالمسماة بالعمالقة الحمراء في المعمل.
وفي الآلة التي استخدمها سمولي يقومجهاز ليزر قوي بتبخير قطعة صغيرة من الجرافيت لتتحول إلى سحابة ساخنة من الجسيماتالتي يتم تبريدها باستخدام تيار من غاز الهيليوم ، مما يسمح للذرات بالتكثف على شكلعناقيد . وتم تحليل الخليط باستخدام جهاز حساس جداً يسمى مقياس طيف الكتلة ، وقدأوضح هذا الجهاز وجود عدد كبير من الجزيئات كتلتها 720 وكانت العناصر الوحيدةالموجودة هي الهليوم والكربون . وحيث أن الهليوم هو عنصر خامل تماماً ، فقد كانالاستنتاج أن تلك الجزيئات الكبيرة يجب أن تكون مصنوعة من 60 ذرة على الرسم الناتجمن مقياس طيف الكتلة قوية جداً، وأكبر من القمم الأخرى المجاورة ، مما يعني أن جزئ C60 يمكن أن يتكوَّن وأن يظل باقيا في ذلك الوسط ذي الطاقة العالية لمقياس طيفالكتلة ، حيث تتكسر العديد من الجزيئات الأخرى (تنشظي) بطرق مميزة لكل منها ، ممايسمح بالتعرف عليها . وتعني تلك السحابة شيئا واحداً فقط ، وهو أن تجمُّع 60 ذرةكربون كان تجمُّعاً ثابتاً بدرجة غير عادية .
الباحثين واجهواموقفا محيراً : فقد أعطت قياسات طيف الكتلة دليلا واضحاً على وجود C60 ، ولكنالكميات المكتشفة كانت قليلة إلى درجة لا تسمح بإجراء تحليل لاكتشاف البنيةالتركيبية . وبعد عدة أيام من المناقشات المشتركة والتفكير العميق تم التوصل إلىفرضية جميلة ولكنها محفوفة بالمخاطر : إن ذرات الكربون في الجزيء C60 ترتب نفسهالكي تشبه كرة القدم ونظراً لتماثلها التركيبي ، الذي يظهر دائما في الأشكال الفنيةلـ بكمنستر فولر ، قام العلماء بتسمية الجزيء باسمه ، والاسم الكيميائي المضبوطلهذا الجزيء صعب جداً* ! وعادة ما يتم اختصار بكمنستر فوليرين إلى الفوليرين أوالبكي بول . وقام الفريق بنشر اكتشافه في الجريدة العلمية ذائعة الصيت "Nature" . وكانت البنية المتماثلة للجزيء هي مجرد فرضية وكان من المهم الوصول إلى إثبات مباشرللتوزيع الهندسي للجزيء لإثبات أن هذا الأمر ليس محل شك .
وفي العقودالتالية ، قام بعض العلماء بتصنيع أقفاص كيميائية شديدة التماثل (تنتهي بذراتهيدروجين) ، وكان أكبرها هو الدوديكاهيدران H20 C20 ، وكان هناك العديد من خطواتالتفاعل التي يتم عبرها تحضير تلك الجزيئات (كل منها يؤدي إلى إنقاص الكمية التييتم الحصول عليها في النهاية) بحيث لم يحاول أحد تحضير جزيئات أكبر . وكان مجردتصور إمكانية التحضير الذاتي لجزيء أكبر من الدوديكا هيدران بثلاثة مرات بتسخينالجرافيت هو ضرب من الخيال ، إلا أنهكان سهلاً للغاية !
ولكنه كان حقيقيافي الواقع ، وكانت هناك كميات كبيرة من C60 على وشك أن يتم تصنيعها !
يقول علماء كيمياء في ايلينوي (الولايات المتحدة) ان أنزيما يعمل على تكسير الكحولفي الكبد يمكن استعماله لتدوير الكربون بدلا من ضخه في الجو. وقد ابتكر هؤلاءالعلماء طريقة فعالة لتحويل ثاني أكسيد الكربون وهو اعظم غازات ظاهرة الانحباسالحراري الى ميثانول باستعمال هذا الأنزيم.
هذه الطريقة التي ابتكرها باكولديف وروبين اوبرت في جامعة جنوب ايلينوي في كاربونديل تعمل على عكس اتجاه كيمياءالاحتراق. وهي تنطوي على وعد بان تكون طريقة عالية الفعالية في انتاج الميثانول وهووقود نظيف يمكن استعماله لتشغيل السيارات. وفوق ذلك، إذا كانت الطاقة المطلوبةلتشغيل هذه العملية آتية من مصادر لا تولد ثاني أكسيد الكربون، فهذا الوقود يمكنإنتاجه واستعماله من دون إضافة المزيد الى غازات الانحباس الحراري.
لانتاجالميثانول يوضع الأنزيم الكبدي وانزيمان بكتيريان آخران في مادة أشبه بالإسفنجيةتوضع بدورها في الماء. وعندما يمر ثاني أكسيد الكربون بالماء يحوله أحد الانزيمينالبكتيريين وهو Formate dehydrogenase على تحويل حامض النورميك الى فورمالدهايد. وفي النهاية يستكمل ديهايدروجيناز الكحول الذي يساعد الكبد في نزع سموم الكحول هذاالتفاعل بتحويل الفورمالدهايد الى ميثانول.
ولما كانت كل من هذه التفاعلاتقابلة للانقلاب سعى فريق ايلينوي من اجل توجيهها في الاتجاه الصحيح الى إضافة عنصررابع يطلق الكترونات تدعى النيكوتيناميد أدينين دينيوكليوتايد.
وكانتالمادة الاسفنجية الزجاجية هي مفتاح نجاح هذه العملية. فهي تحتوي ملايين المسامالمجهرية التي تعمل بصفتها مفاعلات دقيقة. وبخلط الانزيمات بالسائل الهلامي استطاعديف واوبرت بنجاح ان يحتبساها في هذه البنية.
وقال ديف: «عندما تتصلب تنحبسالانزيمات فلا تعود تستطيع الدخول أو الخروج لكن المواد المفاعلة الصغيرة تستطيع. وهكذا يمكن ان يدخل ثاني اكسيد الكربون والنيكوتيناميد وان يخرج الميثانول.
وحتى تكون العملية ممكنة عمليا، ينبغي تدوير النيكوتيناميد حتى يستعيدالالكترونات التي يضخها في الانزيمات. وقال ديف واوبرت ان هذا الامر ممكن اذا كانتالمادة الهلامية موصلة للكهرباء. ويقول اول كيرك من شركة «نوفر نورديسك» الدانماركية تصنع الانزيمات ان ذلك معقول. فالنيكوتيناميد باهظ الثمن، لكن تدويرهيتغلب على مشكلة الكلفة.
واذا استطاع ديف واوبريت حل جميع مشكلات هذاالاختراع يمكن عندئذ تدوير ثاني اكسيد الكربون الصادر عن محطات الطاقة. لكن ذلكيبقى بلا فائدة اذا كان ثاني اكسيد الكربون الناتج عن الطاقة المولدة لتدويرالنيكوتيناميد عاليا.
|