عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18-04-2011, 09:12 AM
الصورة الرمزية essamabukabar
essamabukabar essamabukabar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 1,001
معدل تقييم المستوى: 16
essamabukabar is on a distinguished road
Icon113

  • مسألة: الاختلاف في حقيقة الصرف
الصرف هو التنوين وحده، وقال آخرون: هو التنوين والجر، حجة الأولين من ثلاثة أوجه :
أحدها: أنه معنى ينبئ عنه الاشتقاق فلم يدخل فيه ما لا يدل عليه الاشتقاق كسائر أمثاله؛ وبيانه أن الصرف في اللغة هو الصوت الضعيف كقولهم صرف ناب البعير، وصرفت البكرة، ومنه صريف القلم، والنون الساكنة في آخر الكلمة صوت ضعيف فيه غنة كغنة الأشياء التي ذكرنا، وأما الجر فليس صوته مشبها لما ذكرنا لأنه حركة، فلم يكون صرفا كسائر الحركات ألا ترى أن الضمة والفتحة في آخر الكلمة حركة ولا تسمى صرفا.
والوجه الثاني: وهو أن الشاعر إذا اضطر إلى صرف ما لا ينصرف جر في موضع الجر، ولو كان الجر من الصرف لما أتي به من غير ضرورة إليه، وذلك أن التنوين دعت الضرورة إليه لإقامة الوزن، والوزن يقوم به سواء كسر ما قبله أو فتح فلما كسر حين نون علم أنه ليس من الصرف، لأن المانع من الصرف قائم ، وموضع المخالفة لهذا المانع الحاجة إلى إقامة الوزن فيجب أن يختص به.
الوجه الثالث: أن ما فيه الألف واللام لو أضيف لكسر في موضع الجر مع وجود المانع من الصرف، وذلك يدل على أن الجر سقط تبعا لسقوط التنوين بسبب مشابهة الاسم الفعل، والتنوين سقط لعلة أخرى فينبغي أن يظهر الكسر الذي هو تبع لزوال ما كان سقوطه تابعا له، واحتج الآخرون من وجهين:
أحدهما: أن الصرف من التصرف وهو التقلب في الجهات وبالجر يزداد تقلب الاسم في الإعراب فكان من الصرف.
والثاني: انه اشتهر في عرف النحويين ان غير المنصرف ما لا يدخله الجر مع التنوين، وهذا حد فيجب أن يكون الحد داخلا في المحدود.
والجواب: عن الأول من وجهين:
أحدهما: أن اشتقاق الصرف مما ذكرناه لا مما ذكروا وهو أقرب إلى الاشتقاق.
والثاني: أن تقلب الكلمة في الإعراب لو كان من الصرف لوجب أن يكون الرفع والنصب صرفاً، وكذلك تقلب الفعل بالاشتقاق لا يسمى صرفاً، وإنما يسمى تصرفاً وتصريفاً. وأما ما اشتهر في عرف النحويين فليس بتحديد للصرف، بل هو حكم ما لا ينصرف فأما ما هو حقيقة الصرف فغير ذلك، ثم هو باطل بالمضاف وما فيه الألف واللام فان تقلبه أكثر ولا يسمى منصرفا. والله أعلم
  • مسألة: الاختلاف في حقيقة الإعراب
ذهب أكثر النحويين إلى أن الإعراب معنى يدل اللفظ عليه، وقال آخرون: هو لفظ دال على الفاعل والمفعول مثلا، وهذا هو المختار عندي. احتج الأولون من أوجه:
أحدها: أن الإعراب اختلاف آخر الكلمة لاختلاف العامل فيها، والاختلاف معنى لا لفظ كمخالفة الأحمر الأبيض.
والثاني: أن الإعراب يدل عليه مرة الحركة، وتارة الحرف كحروف المد في الأسماء الستة، والتثنية، والجمع، وما هذه سبيله لا يكون معنى واحدا بل هو دليل على المعنى، والدليل قد يتعدد والمدلول عليه واحد.
والثالث: أن الحركات تضاف إلى الإعراب، فيقال حركات الإعراب وهي ضمة إعراب، وإضافة الشيء إلى نفسه ممتنعة وكذلك الحركات توجد في المثنى وليست إعراباً؛ واحتج الآخرون بأن الأصل في الإعراب الحركة، وأنها ناشئة عن العامل، كقولك : قام زيد، فالضمة حادثة عن الفعل، والفعل عامل والعمل نتيجة العامل، والعمل هو الحركة. فأما كون الاسم فاعلا أو مفعولا فهو معنى مجرد عن علامة لفظية، يجوز أن تدرك بغير لفظ كما يدرك الفرق بين المبنيات بالمعنى مع الحكم بالبناء، كقولك: ضرب هذا هذا، وكذلك في المعرب نحو كلم موسى عيسى، فعلم أن الإعراب هو الحركة المخصوصة هذا هو حجة هؤلاء، والذي أحرره هنا أن أقول: إن الإعراب فارق بين المعاني العارضة كالفاعلية والمفعولية، والتعجب، والنفي، والاستفهام نحو: ما أحسنَ زيداَ!، وما أحسنَ زيدُ وما أحسن زيد؟، نفس الحركات هنا هو الفارق بين المعاني ، وإذا ثبت أن الإعراب فارق بين المعاني، فالفرق الحاصل عن الفارق يعرف تارة بالعقل كمعرفة أن الاثنين أكثر من الواحد، وأقل من الثلاثة، هذا معلوم بالعقل من غير لفظ يدل عليه، وتارةً يعرف بالحس من السمع والبصر واللمس والذوق والشم، فأنت تفرق بين زيد وعمرو في التسمية، بما تسمعه من اللفظين وتفرق بين الأحمر والأبيض بحاسة البصر، وبين الحار والبارد، والناعم والخشن باللمس وبين الحلو والمر بالذوق، وبين الريح الطيبة والخبيثة بالشم، والإعراب من قبيل ما يعرف بحاسة السمع، ألا ترى أنك إذا قلت لإنسان: افرق بين الفاعل والمفعول والمضاف إليه، في نحو قولك: ضرب زيد غلام عمرو، فانه إذا ضم أولا وفتح ثانياً، وكسر ثالثا حصل لك الفرق بألفاظه لا من طريق المعنى فأنك أنت قد تدرك هذا المعنى بغير لفظ فدل أن الإعراب هو لفظ الحركة.
وأما ما أعرب بالحرف فهو حاصل من اللفظ أيضا، لأن الحرف لفظ كما أن الحركة لفظ ، وأما كون الحركة بناء في المبني فلا يمنع أن تكون إعرابا في المعرب، ويكون الفرق بينهما أن حركة الإعراب ناشئة عن عامل فهي حركة مخصوصة وحركة المبني ليست مخصوصة بعامل.وأما إضافة الحركة إلى الإعراب فلا تدل على أنهما غيران، بل هو من قبيل إضافة النوع إلى الجنس وهذا كما تقول: رفع الإعراب ونصبه وجره فتضيف الرفع إلى الإعراب وهو نوع منه، يدل على ذلك أن الرفع إعراب بلا خلاف وكذلك النصب والجر، ومعلوم أن حقيقة الرفع هو الضمة الناشئة عن العامل فيلزم أن يكون الإعراب لفظا. والله أعلم.