عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 18-04-2011, 09:11 AM
الصورة الرمزية essamabukabar
essamabukabar essamabukabar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 1,001
معدل تقييم المستوى: 16
essamabukabar is on a distinguished road
New

باب الإعراب
  • مسألة: علة الإعراب
الإعراب دخل الكلام ليفرق بين المعاني من الفاعلية والمفعولية والإضافة ونحو ذلك، وقال قطرب واسمه محمد بن المستنير: لم يدخل لعلة وإنما دخل تخفيفاً على اللسان؛ وحجة الأولين أن الكلام لو لم يعرب لالتبست المعاني ألا ترى أنك إذا قلت: ضرب زيد عمرو، وكلم أبوك أخوك، لم يعلم الفاعل من المفعول وكذلك قولهم : ما أحسن زيد، ولو أهملته عن حركة مخصوصة لم يعلم معناه لأن الصيغة تحتمل التعجب والاستفهام والنفي،والفارق بينها هو الحركات فان قيل الفرق يحصل بلزوم الرتبة وهو تقدم الفاعل على المفعول، ثم هو باطل فان كثيرا من المواضع لا يلتبس ومع هذا لزم الإعراب كقولك قام زيد، ولم يقم عمرو، وركب زيد الحمار؛ فان مثل هذا لا يلتبس وكذلك كسر موسى العصا والجواب: أما لزوم الرتبة فلا يصح لثلاثة أوجه:
أحدها: أن في ذلك تضييقا على المتكلم وإخلالا بمقصود النظم والسجع مع َمسِيسِ الحاجة إليه، والإعراب لا يلزم فيه ذلك، فان أمر الحركة لا يختلف بالتقديم والتأخير.
والثاني: أن التقديم والتأخير قد لا يصح في كثير من المواضع ألا ترى أنك لا تقول ضرب غلامه زيدا إذ يلزم الإضمار قبل الذكر لفظا وتقديرا فتدعو الحاجة إلى تقديم، وكذلك قولك: ما أحسن زيدا ف" ما" في الأصل فاعل، ولا يصح تقديم الفعل عليه.
فأما ما لا يلتبس فانه بالنسبة إلى ما يلتبس قليل جدا فحمل على الأصل المعلل ليطرد الباب، كما طردوا الباب في أعد ونعد وتعد حملا على يعد وله نظائر كثيرة، ولأن الذي لا يلتبس في موضع قد يلتبس بعينه في موضع آخر فإذا جعلت الحركة فارقة، اطردت في الملتبس وغيره، وهذا لا يمنع أن يحصل الفرق بالإعراب، وتعين الظرف لا سبيل إليه بل إذا وجد عن العرب طريق معلل، وجب إثباته، وإن صح أن يحصل المعنى بغيره، ومثل ذلك قد وقع في الأسماء المختلفة الألفاظ والمعاني، وان كل واحد منها وضع على معنى يخصه ليفهم المعنى على التعيين.
ولا يقال: هلا وضعوا اسماً واحداً على معان متعددة ويقف الفرق على قرينة أخرى، كما وقع في الأسماء المشتركة بل قيل: إن الاشتراك على خلاف الأصل،
ومثل ذلك قد وقع في الشريعة، وأن الأخ من الأبوين يسقط الأخ من الأب، وهذا أحد المعاني التي يحملها هذا الفصل، وذلك أن القياس لا يمنع أن يشترك الجميع في الميراث من غير تخصيص لاشتراكهما في الانتساب إلى الأب والانتساب إلى الأم في هذا المعنى ساقط ويجوز أن يكون للأخ من الأبوين الثلثان وللأخ من الأب الثلث، عملا بالقرابتين إسقاط الأخ من الأب بالأخ من الأبوين لرجحان النسب إلى الأب والأم، وهذا الذي تقرر في الشرع، وهو عمل بأحد المعنيين كذلك ها هنا.
واحتج الآخرون من وجهين:
أحدهما:أن الفعل المضارع معرب لا يحصل بإعرابه فرق فكذلك الأسماء والثاني: أن الفاعلية والمفعولية تدرك بالمعنى ألا ترى أن الأسماء المقصورة لا يظهر فيها إعراب، ومعانيها مدركة، وإنما أعربت العرب الكلام لما يلزم المتكلم من ثقل السكون، لأن الحرف يقطع عن حركاته فيشق على اللسان، قالوا: ويدل على صحة ما ذكرناه أن حركات الإعراب
تتفق مع اختلاف المعنى، وتختلف مع اتفاق المعنى، ألا ترى أن قولك: هل زيد نائم، مثل قولك: زيد نائم، في اللفظ مع اختلاف المعنى وقولك: زيد قائم مثل قولك: إن زيدا قائم في المعنى إذ كلاهما إثبات والإعراب مختلف.
والجواب: أما إعراب الفعل المضارع ففيه جوابان:
أحدهما: أن إعرابه يفرق بين المعاني، أيضا كما ذكرنا في المسألة قبلها.
والثاني: أن إعراب الفعل استحسان لشبهه بالأسماء،على ما ذكرناه هنالك وأما اختلاف الإعراب واتفاق المعنى، وعكس ذلك فلا يلزم لان هذه الأشياء فروع عارضة حملت على الأصول المعللة لضرب من الشبه، وذلك لا يمنع من ثبوت الإعراب لمعنى؛ قولهم: إنهم أعربوا لما يلزم من ثقل السكون،لا يصح لوجهين:
أحدهما: أن السكون أخف من الحركة هذا مما لا ريب فيه ولذلك كان المبني والمجزوم ساكنين.
والوجه الثاني: لو كان ذلك من أجل الثقل لفوض زمام الخيرة إلى المتكلم، وكان يسكن إذا شاء، ويحرك إذا شاء فلما اتفقوا على أن تسكين، المتحرك وتحريك الساكن بأي حركة شاء المتكلم لحن دل على فساد ما ذهبوا إليه. والله أعلم