مفهوم التهيئة
يقصد بالتهيئة للدرس مجموعة الأداءات التي يقوم بها المعلم (ما يقوله أو يفعله) بقصد إعداد الطالب للدرس الجديد، بحيث يكونوا في حالة ذهنية و انفعالية و جسمية قوامها التلقي والقبول
ويجب عدم الخلط بين مفهوم التمهيد للدرس والتهيئة، حيث بعض المعلمين يقصر التهيئة على التمهيد للدرس، حيث ينحصر في التمهيد المنطقي للمادة العلمية الجديدة، أي أن الاهتمام الأول للمعلم ينصب على محتوى الدرس فقط، وعلى الرغم من أهمية ذلك إلا أنهم يغفلون الناحية الانفعالية لدى طلابهم، وهم بذلك يغفلون جانبا هاما وهو مشاعر واهتمامات الطلاب التي ينبغي فهمها والتجاوب معها، والمعلم الجيد هو الذي يستثير دافعية طلابه بتهيئتهم لبدء دورة جديدة من النشاط التعليمي بعد أن وصل بهم معلم الحصة السابقة إلى نقطة الغلق والإشباع
أهمية مهارة التهيئة
يحتاج تنفيذ الدرس الذي حددت له أهداف نوعية إلى توافر قدر كبير من الاهتمام والواقعية لدى الطلاب، وقد يكون ذلك من خلال سؤال توجهه إلى طلابك أو من خلال خبر تقرؤه لهم، أو عرض عملي تقوم به، أو من خلال عرض مجموعة من الشرائح الشفافة، واستخدام المعلم لهذا المدخل يمكن أن يثير اهتمام الطلاب وحبهم للاستطلاع، وتعهدهم للدرس الجديد ويربط بين ما تم دراسته وما سوف يدرس ويكونون عندئذ
أ - أكثر قدرة على توجيه تساؤلات كثيرة عن موضوع الدراسة
ب - أكثر استعدادا للتركيز والاهتمام بالموضوع مجال الدراسة
ج - أكثر قابلية للمشاركة في الموقف وجعله أكثر حيوية وثراء
أهداف التهيئة
أ - خلق إطار مرجعي لتنظيم الأفكار والمعلومات التي سوف يتضمنها الدرس ويتحقق ذلك عن طريق
أن يقرر المعلم نقطة البداية في الدرس، ويبدأ مع الطلاب من حيث هم، ثم يتقدم بهم إلى الأمام في ضوء احتياجاتهم وقدراتهم
توفير التسلسل الصحيح والمتدرج والسليم لنقاط الدرس، والأنشطة المختلفة
توجيه الطلاب لتحقيق ما هو متوقع منهم مثل كيفية مواجهتهم المواقف الجديدة التي تقابلهم في الدرس، ومتابعتهم للنشاط في التحصيل واستكماله بأنفسهم
ب - زيادة دافعية الطالب لتركيز انتباهه على المادة التعليمية الجديدة وذلك من خلال زيادة مستوى الاهتمام على أدائه. وحفز الطالب على التعلم حيث يؤكد خبراء المجال على أهمية قياس نجاح المعلم باستثارة دافعية طلابه للتعلم وذلك بتهيئتهم لبدء دورة جديدة من النشاط التعليمي
ج - توفير الاستمرارية في العملية التعليمية عن طريق ربط موضوع الدرس بما سبق أن تعلمه الطلاب وبخبراتهم السابقة، فالتعليم يصبح ذا معنى بالنسبة للطالب إذا تم ربط المعلومات الجديدة بما سبق أن تعلمه الطالب عن طريق إدخالها في الخريطة المعرفية عنده بما يكون صورة منسقة عن العالم المحيط به
أنواع التهيئة
يعتقد كثير من المعلمين أن التهيئة تقتصر على بداية الدرس، وهذا تصور غير صحيح، فالدرس يحتوي على عدة أنشطة ولكل مها تهيئته الخاصة والمناسبة، وعموما يمكن التمييز بين أنواع ثلاثة من التهيئة هي: التوجيهية، الانتقالية، التقويمية. وسوف نناقش كل منها فيما يلي
أولا ـ التهيئة التوجيهية : تستخدم أساسا لتوجيه انتباه طلابك نحو الموضوع الذي تعتزم تدريسه وإثارة اهتماماتهم، وفيما يلي سوف نعرض مجموعة من مداخل تهيئة الطلاب، وعليك أن تختار منها ما يناسب درسك وأهدافك التعليمية واهتمامات طلابك وخبراتهم السابقة لتنطلق بهم نحو الدرس الجديد بعد أن تكون بالفعل جذبت انتباههم وأثرت اهتماماتهم
أ - مدخل القصص: يمكن استخدام هذا المدخل لإثارة دوافع طلابك نحو موضوع معين كما في المثال التالي
مثال : يفرض أنك بصدد درس (الوراثة) وجه نظر طلابك إلى قصة مندل
ب - استخدام المدخل التاريخي بشكل مناسب: يمكنك استخدام القصص التاريخية لعلماء و المشاهير
ج - مدخل الإشارة إلى أهمية الموضوع و تطبيقاته في الحياة: يفرض أنك بصدد درس الوراثة، يمكنك الإشارة إلى بيان أهميتها في كيف نرث صفاتنا المختلفة، ودوره في مجال الطب والزراعة. ففي مجال الطب يمدنا عن طبيعة الأمراض الوراثية التي تصيب الإنسان، ويبين لنا كيفية الوقاية منها، وطرق معالجتها، أما في مجال الزراعة، فالأبحاث جارية لانتخاب سلالات جيدة من النبات والحيوانات، تقاوم الأمراض وتنتج محصولا وفيرا
د - مدخل استكمال المعلومات: حيث يتم استغلال رغبة الطلاب الطبيعية في استكمال المعلومات في موضوع معين، والمعلم الجيد هو الذي يجعل طلابه يشعرون بهذا النقص ويدفعهم لزيادة التعلم، مع مراعاة أن يكون الانطلاق من معلومات معروفة لدى الطلاب
هـ - مدخل التتابع المنطقي: يعتمد على التسلسل المنطقي للمفاهيم التي تسعى لتدريسها حيث عليك هنا أن تزيد من دافعية الطلاب لزيادة المعلومات وليس استكمالها كما سبق
و- مدخل تحدي عقول الطلاب. كلما أمكن تحدي عقول الطلاب كلما أظهروا إيجابية وحماس للتعلم ـ على أن يكون التحدي قصيرا يتناسب مع قدرات الطلاب ويؤدي إلى الدرس نفسه ويثير دوافعهم
ز - مدخل استعراض الواجب المنزلي : يهدف إلى الربط بين ما يعرفه الطلاب وما سوف يدرسونه من خلال حوار الطلاب ومناقشتهم في حلول الواجب المنزلي وتصحيح الأخطاء، واستغلال معلوماتهم للدخول بهم في الدرس الجديد
ح - مدخل إشراك الطلاب في تحقيق أهداف الدرس: إن وضوح الهدف وبيان سبب دراسة الموضوع يزيد الدافع عادة عند الطلاب، وتزداد فعالية هذا المدخل حينما يكون الدرس ليس جديدا تماما بل مكمل لدرس أو دروس أخرى سابقة، فيمكن للمعلم أن يناقش طلابه فيما سبق ثم ينطلق ـ استكمالا لما سبق. سوف ندرس اليوم كذا وكذا ..... وأنه مع نهاية الحصة لا بد أن نحقق معا الأهداف كذا وكذا .... ومع استمرار المعلم في الحصة كلما تحقق هدف من الأهداف ينوه عنه لطلابه حتى يحافظ على جذب انتباههم ومشاركتهم
ثانيا : التهيئة الانتقالية : تستخدم لتسهيل الانتقال التدريجي من جزء إلى جزء أو من نشاط تعليمي إلى آخر ويعتمد المعلم فيها على الأمثلة والأسئلة والأنشطة التي يعرف أن طلابه مولعون بها وتتصل بخبراتهم
ثالثا : التهيئة التقويمية : تستخدم أساسا لتقويم ما تم تعلمه قبل الانتقال إلى أنشطة وخبرات جديدة وتتمركز حول الطالب من خلال إجابته ونشاطاته التي تظهر مدى تمكنه من المادة التعليمية وقد تكون في نهاية جزء من الدرس أو في نهاية الدرس أو قبل بداية درس جديد. وبالرغم من أن مهارة التهيئة تعتبر من المهارات الفرعية المتضمنة في مهارات تنفيذ الدرس إلا أنها تتضمن العديد من المكونات أو المهارات الفرعية، وفيما يلي عرض لهذه المكونات
أ - بالنسبة لاختيار الأسلوب المناسب للتهيئة: كما سبق الإشارة، بأنه توجد أساليب عديدة لتهيئة الطلاب للدرس، وذلك مثل : توضيح الهدف من الدرس، إثارة تساؤلات حول موضوع الدرس، وبالرغم من تنوع تلك الأساليب إلا أن هناك أسسا يقوم المعلم على ضوئها باختيار الأسلوب المناسب للتهيئة وفيما يلي أهم الأسس التي يتم الاختيار في ضوءها
حسب المرحلة التعليمية: أسلوب التهيئة يختلف من مرحلة تعليمية إلى أخرى، ويختلف باختلاف نوعية المستقبلين، فعلى سبيل المثال في التعليم الابتدائي من الممكن أن يكون أسلوب سرد القصص هو المناسب، بينما في مرحلة التعليم المتوسط أو الثانوي قد يكون هذا الأسلوب غير مناسب، ويستخدم بدلا منه أسلوب المناقشة أو الأحداث الجارية
طبيعة المجال المعرفي : ويعني ذلك أن طبيعة المجال الدراسي الذي يخطط الموقف التدريسي له تؤثر على اختيار أسلوب تهيئة معينة دون غيرها، فقد يطلب المعلم من الطلاب جمع بيانات معينة أو إجراء ملاحظات خاصة أو تلخيص مقالات، بحيث يمكن استخدامها مدخلا للتهيئة، كما قد تتضمن التهيئة أمثلة ومناقشات حول تطبيقات المادة المتعلمة في مجالات المعرفة الأخرى وفي الحياة العملية، وهكذا يختلف من مجال معرفي إلى مجال آخر
جوانب التعليم المتضمنة: قد يكون الموضوع الأساسي متعلقا بالمجال المعرفي أو المهاري أو الوجداني، وقد يكون مقتصرا على تعليم أحد أو بعض الجوانب المعرفية(حقائق، مفاهيم، علاقات، تطبيقات) ولعله من السهل أن تتبين العلاقة بين جوانب التعلم التي يركز عليها الدرس وخاصة التي تتعلق ببداية الدرس، وبين اختبار الأسلوب المناسب لتهيئة الطلاب
موضوع الدرس من الوحدة التعليمية: تختلف الدروس في موقعها من الوحدة التعليمية، فقد تكون في بداية الوحدة وبالتالي لا تقتصر التهيئة على هذا الدرس ولكنها تمتد إلى الوحدة بأكملها وتوضيح موقع تلك الوحدة من المقرر بأكمله، وأهمية دراسة هذه الوحدة وأهدافها والموضوعات المتضمنة فيها، ثم التهيئة للدرس الأول من دروس تلك الوحدة. أما إذا كان الدرس أثناء دراسة الوحدة، فيركز المعلم في التهيئة على متابعة التكليفات السابقة، وتصحيح الأخطاء المرتبطة بذلك مع توضيح الهدف من الحصة وأخيرا إذا كان الدرس مخصصا للمراجعة فيتناول المعلم في التهيئة أهداف الدرس والأسلوب الذي يتبع في المراجعة سواء كان تقسيم الفصل إلى مجموعات صغيرة، أو من خلال تكليفات فردية أو جماعية ... الخ، ومن الممكن استخدام أكثر من أسلوب في التهيئة وذلك وفقا لمقتضيات الموقف التعليمي
موقع الحصة من اليوم الدراسي: يعتبر هذا المعيار مهما جدا في اختيار الأسلوب المناسب للتهيئة، لأنه قد تكون الحصة في بداية اليوم الدراسي ويكون الطلاب أكثر نشاطا وحيوية في الصباح أو في الحصص الأولى وبالتالي فإن أسلوب التهيئة من الممكن أن يكون أحداثا جارية، أو استرجاعا المعلومات السابقة، أما إذا كانت الحصة في نهاية اليوم الدراسي فإن الطلاب يكونون في حالة تعب وإجهاد وبالتالي سوف يختلف أسلوب التهيئة، حيث يتطلب أن يكون المعلم أكثر حيوية في إثارة الطلاب من خلال فزورة أو سرد قصة أو عرض فيلم عليهم ويحاول أن يشرك أكبر عدد من الطلاب، وعادة تستغرق التهيئة في الحصص الأخيرة زمنا أكبر مما تستغرقه في الحصص الأولى
ب - التنفيذ الأمثل للأسلوب المختار: لا يعتبر اختيار المعلم للأسلوب المناسب للتهيئة نجاحا في تهيئة الطلاب، ولكن يتوقف ذلك على كيفية تنفيذه لهذا الأسلوب الذي تم اختياره بطريقة سليمة ومشوقة للطلاب. فعلى سبيل المثال إذا تم اختياره لأسلوب إثارة تساؤلات معينة حول موضوع الدرس فيجب أن يخطط المعلم لطرح هذه التساؤلات، ويكون بها المرونة أي تتغير حسب استجابة الطلاب لتلك التساؤلات، كذلك يجب أن تقوده هذه التساؤلات إلى نقطة تتعلق مباشرة بالدرس وتصلح كمدخل له. وهكذا بالنسبة للأساليب الأخرى، فيجب أن يحسن المعلم كيفية تنفيذ الأسلوب المختار لها ومنها
مراجعة بعض المعلومات السابقة
متابعة بعض الواجبات المنزلية أو التكليفات السابقة
تكليف الطلاب بالقيام بأنشطة معينة
استخدام الألغاز أو الفوازير
الأحداث الجارية
ج - اختيار التوقيت المناسب لعرض أهداف الدرس: يعد عرض الأهداف المرجوة من الدرس من المكونات الأساسية لتهيئة الطلاب ولكن يختلف توقيت عرضها من درس لآخر
فقد تكون في بداية التهيئة، وقد تعرض أثناء التهيئة، أو في نهايتها، فلا توجد قواعد محددة لتوقيت عرض تلك الأهداف ولكن توجد مرونة في اختيار المعلم لهذا التوقيت مع ضرورة أن تكون الأهداف في أبسط صورة
د - مراعاة الزمن المناسب للتهيئة: لا يوجد زمن محدد على وجه الدقة للتهيئة ولكن يفترض أن تستغرق حوالي خمس دقائق أو وقتا يتراوح بين ثلاث أو سبع دقائق، بمعنى ألا تكون التهيئة قصيرة جدا أو طويلة جدا بحيث لا تؤدي الغرض منها
هـ - متابعة ردود فعل الطلاب: وهي من سمات المعلم الجيد حيث أنه يتابع ردود فعل الطلاب من حيث حماسهم واستجاباتهم لما يقوم به، وإذا كانوا مستمتعين بذلك أم لا، لإمكانية التعديل في أسلوبه الذي يتبعه في التهيئة والتدريس معا
و - الانتقال الطبيعي إلى الدرس، ويتحقق ذلك عن طريق
أن تكون التهيئة وثيقة الصلة بالدرس
أن يتوافر لدى المعلم تصور واضح عن موضوع التهيئة في خطة الدرس
أن تتضمن هذه الخطة أسلوب الانتقال من التهيئة إلى موضوع الدرس
أن يجيد المعلم الانتقال من التهيئة إلى الدرس بحيث يبدو أمر طبيعيا وليس فيه تكلف