دور الأدب في حياة الأمم ؟؟
... وللأدب تأثير كبير في حياة الأمم ، خذ أُمة ضعيفة فبثّ فيها أدباً قوياً فإنك لا تلبث أن تراها وقد تجدّد شبابها وكبرت نفوسها واتسعت آمالها واقبلت على الحياة كأنك طعّمتها بدم جديد . والأمة القوية المملوءَة حياة إذا أهملت أدبها القوي فإنها لا تلبث أن تصير إلى الانحلال فالفناء .
إذا كان في أدبنا ما يخدّر النفوس ، وليس شيء أضرّ بالأمّة العربية من هذا النوع من الأدب ، فإن في أدبنا ما لا يقل عن الأدب الغربي قوة وحياة إذا لم يزد عليه ، وإذا أردت نموذجاً لأدبنا هذا فانظر :
أي المطامع أوسع من مطامع من يقول :
إذا غامرتَ في شرفٍ مرومِ فلا تقنعْ بما دونَ النجومِ
فمالي وللدنيا ؟ طِلابي نجومُها ومَسعايَ منها في شدوقِ الأراقمِ
دعيني أنَلْ ما لا يُنالُ من العلى فصعبُ العلى في الصعب والسهل في السهل
وفي الناس من يرضى بميسور عيشهِ ومركوبُهُ رِجلاهُ والثوبُ جِلْدُهُ
ولكنَّ قلباً بين جنبيَّ مالَهُ مدىً ينتهي بي في مرادٍ أحُدُّهُ
ليس التعلُّلُ بالآمالِ من أربي ولا القناعةُ بالإقلالِ من شِيَمي
بل من أبعد همةً وأصعب مراماً ممن يقول وهو محموم :
قليلٌ عائدي ، سَقِمٌ فؤادي ، كثيرٌ حاسدي ، " صَعْبٌ مرامي"
فإنِ أمرضْ فما مرِضَ اصطباري وإن أُحْمَمْ فما حُمّ اعتزامي
وإن أَسلَمْ فما أبقى ، ولكن سلِمتُ من الحِمامِ إلى الحِمامِ
ومن يقول مادحاً :
التاركين من الأشياء أهَونَها والراكبين من الأشياء ما صَعُبا
ومن أَشدُّ شكيمةً ممن يقول :
من أَطاق التماس شيءٍ غِلابا و******اً لم يلتمسْهُ سُؤالا
ومن يقول :
من الحلمِ أن تستعملَ الجهلَ دونَهُ إذا اتسعت في الحِلْمِ طُرقُ المظالمِ
وأن تردَ الماء الذي شَطْرُهُ دمٌ فتُسقى ، إذا لم يُسْقَ من لم يزاحمِ
ومن أطول شباباً ممن يقول :
وفي الجسم نفسٌ لا تشيبُ بشيبِهِ ولو أنّ ما في الوجهِ منه حِرابُ
لها ظُفُرٌ إن كلَّ ظُفْرٌ أَعِدُّهُ ونابٌ إذا لم يبقَ في الفمِ نابُ
يغيّرُ مني الدهرُ ما شاءَ غيرَها وأَبلُغ أقْصى العمرِ وهي كَعابُ
ومن أَعّز وأكبر نفساً ممن يقول :
تغرَّبَ لا مُستعظماً غيرَ نَفسِهِ ولا قابِلاً إلاّ لخالقِه حُكما
فلا عَبَرتْ بي ساعةٌ لا تُعزُّني ولا صَحِبَتني مهجةٌ تقبلُ الظُّلما
يقول نيتشه " عِش في خطر "
ويقول المتنبي :
عش عزيزاً أو مت وأنت كريمٌ بين طعن القنا وخفق البنودِ
واطلُبِ العزَّ في لَظى ، ودعِ الذُّلَّ ولو كان في جِنان الخلودِ
يقول نيتشه : نحتاج إلى الكبرياء لا إلى التواضع
ويقول المتنبي :
إن أكُن مُعجَباً فعُجب عجيبٍ لم يجد فوق نفسهِ من مزيدِ
إذا أردنا أن ننهض فعلينا أن نحسن اختيار الأدب الذيي نلقِّنه للناشئة ، وإلاّ كنا كمن يتجرع السم بيده .