ق
{36} وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ
"وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلهمْ مِنْ قَرْن" أَيْ أَهْلَكْنَا قَبْل كُفَّار قُرَيْش قُرُونًا كَثِيرَة مِنْ الْكُفَّار "هُمْ أَشَدّ بَطْشًا" قُوَّة "فَنَقَّبُوا" فَتَّشُوا "فِي الْبِلَاد هَلْ مِنْ مَحِيص" لَهُمْ أَوْ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْمَوْت فَلَمْ يَجِدُوا
{37} إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ
"إنَّ فِي ذَلِكَ" الْمَذْكُور "لَذِكْرَى" لَعِظَة "لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب" عَقْل "أَوْ أَلْقَى السَّمْع" اسْتَمَعَ الْوَعْظ "وَهُوَ شَهِيد" حَاضِر بِالْقَلْبِ
{38} وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ
"وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا فِي سِتَّة أَيَّام" أَوَّلهَا الْأَحَد وَآخِرهَا الْجُمُعَة "وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب" تَعَب نَزَلَ رَدًّا عَلَى الْيَهُود فِي قَوْلهمْ : إنَّ اللَّه اسْتَرَاحَ يَوْم السَّبْت وَانْتِفَاء التَّعَب عَنْهُ لِتَنَزُّهِهِ تَعَالَى عَنْ صِفَات الْمَخْلُوقِينَ وَلِعَدَمِ الْمُمَاسَّة بَيْنه وَبَيْن غَيْره "إنَّمَا أَمْره إذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون"
{39} فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ
"فَاصْبِرْ" خِطَاب لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "عَلَى مَا يَقُولُونَ" أَيْ الْيَهُود وَغَيْرهمْ مِنْ التَّشْبِيه وَالتَّكْذِيب "وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك" صَلِّ حَامِدًا "قَبْل طُلُوع الشَّمْس" أَيْ صَلَاة الصُّبْح "وَقَبْل الْغُرُوب" أَيْ صَلَاة الظُّهْر وَالْعَصْر
{40} وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ
"وَمِنَ اللَّيْل فَسَبِّحْهُ" أَيْ صَلِّ الْعِشَاءَيْنِ "وَأَدْبَار السُّجُود" بِفَتْحِ الْهَمْزَة جَمْع دَبْر وَكَسْرهَا مَصْدَر أَدْبَرَ أَيْ صَلِّ النَّوَافِل الْمَسْنُونَة عَقِب الْفَرَائِض وَقِيلَ الْمُرَاد حَقِيقَة التَّسْبِيح فِي هَذِهِ الْأَوْقَات مُلَابِسًا لِلْحَمْدِ
{41} وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ
"وَاسْتَمِعْ" يَا مُخَاطَب مَقُولِي "يَوْم يُنَادِ الْمُنَادِ" هُوَ إسْرَافِيل "مِنْ مَكَان قَرِيب" مِنْ السَّمَاء وَهُوَ صَخْرَة بَيْت الْمَقْدِس أَقْرَب مَوْضِع مِنْ الْأَرْض إلَى السَّمَاء يَقُول : أَيَّتهَا الْعِظَام الْبَالِيَة وَالْأَوْصَال الْمُتَقَطِّعَة وَاللُّحُوم الْمُتَمَزِّقَة وَالشُّعُور الْمُتَفَرِّقَة إنَّ اللَّه يَأْمُركُنَّ أَنْ تَجْتَمِعْنَ لِفَصْلِ الْقَضَاء
{42} يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ
"يَوْم" بَدَل مِنْ يَوْم قَبْله "يَسْمَعُونَ" أَيْ الْخَلْق كُلّهمْ "الصَّيْحَة بِالْحَقِّ" بِالْبَعْثِ وَهِيَ النَّفْخَة الثَّانِيَة مِنْ إسْرَافِيل وَيُحْتَمَل أَنْ تَكُون قَبْل نِدَائِهِ وَبَعْده "ذَلِكَ" أَيْ يَوْم النِّدَاء وَالسَّمَاع "يَوْم الْخُرُوج" مِنْ الْقُبُور وَنَاصِب يَوْم يُنَادِي مُقَدَّرًا أَيْ يَعْلَمُونَ عَاقِبَة تَكْذِيبهمْ
{44} يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ
"يَوْم" بَدَل مِنْ يَوْم قَبْله وَمَا بَيْنهمَا اعْتِرَاض "تَشَقَّقَ" بِتَخْفِيفِ الشِّين وَتَشْدِيدهَا بِإِدْغَامِ التَّاء الثَّانِيَة فِي الْأَصْل فِيهَا "الْأَرْض عَنْهُمْ سِرَاعًا" جَمْع سَرِيع حَال مِنْ مُقَدَّر أَيْ فَيَخْرُجُونَ مُسْرِعِينَ "ذَلِكَ حَشْر عَلَيْنَا يَسِير" فِيهِ فَصْل بَيْن الْمَوْصُوف وَالصِّفَة بِمُتَعَلِّقِهَا لِلِاخْتِصَاصِ وَهُوَ لَا يَضُرّ وَذَلِكَ إشَارَة إلَى مَعْنَى الْحَشْر الْمُخْبَر بِهِ عَنْهُ وَهُوَ الْإِحْيَاء بَعْد الْفَنَاء وَالْجَمْع لِلْعَرْضِ وَالْحِسَاب
{45} نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ
"نَحْنُ أَعْلَم بِمَا يَقُولُونَ" أَيْ كُفَّار قُرَيْش "وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ" تُجْبِرهُمْ عَلَى الْإِيمَان وَهَذَا قَبْل الْأَمْر بِالْجِهَادِ "فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَاف وَعِيد" وَهُمْ الْمُؤْمِنُونَ