فوائد الاعتذار
الحياة التي نعيشها ... تشرق عليها السعادة غالبا .. وتتخللها بعض الأحيان ضبابة حزن أو ضيق .. تتلون معها مشاعرنا.. وهذا ما يسمى الاتصال الداخلي , أي أن الإنسان يتصل بنفسه حتى يصحح مسارها وينظر إلى أفعالها , حتى لا نتجاهل مشاعر الآخرين . ومن خلال الاختلاط مع الناس والمساهمة في الحياة اليومية , كثرا ما نخطي في التصرف , أو زلة لسان , تجرح شعور الآخرين وأحيانا نتعدى علي حقوقهم وكراماتهم , ولكن الاعتذار بالكلمة الطيبة هو الدواء العاجل والترياق السحري الذي يصلح ما أفسده الخطأ أو الزلل في القول .
ولكن للأسف هناك نوع من الناس يعاني من الجهل بأساليب الاعتذار ويجد لنفسه الأعذار التي أجبرته علي هذا التصرف ويجعل نفسه في مركز أعلى من الآخرين وعليهم أن يتحملوا ما يصدر منه , لأنه يرى أن الاعتذار هزيمة أو ضعف ينقص من شخصيته , وهو ينظر إلى نفسه أنه الإنسان الكامل الذي لا يخطئ , وكأن هذا العالم خلق له وحده , وهذه هي آفة التكبر والتعالي عن الآخرين , وهؤلاء هم أبرع من يجيد الأعذار وليس الاعتذار والفرق شاسع بين هذا وذاك .
لماذا ؟ لأنه من الصعب علينا الاعتراف بالمسئولية تجاه تصرفاتنا ... ولأن الغير هو من يخطي وليس نحن ... وقد نرمي باللوم علي الظروف , أو علي شماعة شريطة ألا تكون شماعتنا , بالرغم من أن الاعتذار كلمة بسيطة ننطقها بصدق معترفا بالأذى الذي وقع علي الآخرين , تكون بذلك قد داويت القلب وأصلحت الكرامة وأقمت العلاقات الاجتماعية المتصدعة.
فمن يريد أن يعيش وحيدا في موقع له وحده لا يراه سواه فليتكبر ويتجبر علي الناس , ومن يريد العيش من الناس فعليه أن يرتقي بهم لا عليهم ويتعلم فن الاعتذار , فهو كلمة أسف أو طلب السماح لأنه لا يقصد الإساءة وإن ما بدر منه عن غير قصد يطيب بذلك القلوب ويقوي الألفة ويوطد عرى المحبة وهو ما يمكنك من العيش السعيد رغم كل الظروف
الإعتذار هو فعل نبيل وكريم يعطي الأمل بتجديد العلاقة وتعزيزها وهو التزام لأنه يحثنا على العمل على تحسين العلاقة وعلى تطوير ذاتنا ،
ان الاعتذار قوة وليس ضعف ؟؟
قد نخطئ ولكن دائما لدينا الأسباب التي تدفعنا إلى ذلك فتجدنا أبرع من ان نقدم الأعذار لا الإعتذار
لكن هل هذا يعطينا العذر أن نتجاهل مشاعر الغير وأن نجرح مشاعرهم ونتعدى على حقوقهم أو أن ندوس على كرامتهم ؟
للأسف هذا ما يقوم به الكثير منا , معتقدين بأننا مركز الحياة وعلى الآخرين أن يتحملوا ما يصدر عنا
نحن لا نعاني فقط من الجهل بأساليب الاعتذار , ولكننا نكابر ونتعالى ونعتبر الاعتذار هزيمة أو ضعف , إنقاص للشخصية والمقام وكأننا نعيش في حرب دائمة مع الغير
فتجد أن :
الأم تنصح ابنتها بعدم الاعتذار لزوجها كي لا ( يكبر رأسه )
والأب ينصح الابن بعدم الاعتذار , لأن رجل البيت لا يعتذر
والمدير لا يعتذر للموظف لان مركزه لا يسمح له بذلك
والمعلمة لا تعتذر للطالبة لأن ذلك سوف ينقص من احترام الطالبات لها
سيدة المنزل لا تعتذر للخادمة
وقس على ذلك الكثير والكثير
مما تقدم ارى من وجهة نظري إن الاعتذار مهارة من مهارات الاتصال الاجتماعي , مكون من ثلاث نقاط أساسية :
أولاً : أن نشعر بالندم عما يصدر منا
ثانياً : أن نتحمل المسؤولية
ثالثاً : أن تكون لدينا الرغبة في إصلاح الوضع
وهذا يؤدي بدوره الى ان يكون اعتذارنا صادقا ً وليس اعتذارا ً مزيفا ً والإعتذار الصادق يستوجب اعتمادا ً على النقاط اعلاه ان :
أولا ً : القوة للاعتراف بالخطأ
ثانيا ً : الشعور بالندم على تسبب الأذى للآخر
ثالثا ً : أستعدادنا لتحمل مسؤولية أفعالنا من دون خلق أعذار أو لوم الآخرين
رابعا ً : يجب أن تكون لدينا الرغبة في تصحيح الوضع من خلال تقديم التعويض المناسب و التعاطف مع الشخص الاخر