عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 21-08-2010, 10:38 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

رمضان ودقة الاستجابة


دعا الله عباده المؤمنين إلى الطاعة الدائمة والاستجابة الفورية فقال جل وعلا : { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم } والمطلوب من المسلم المبادرة إلى الخيرات والمسارعة لأداء الواجبات تحققاً بقوله تعالى : { فاستبقوا الخيرات } ، كما أنه مطالب بالبعد عن المحرمات ومجانبة المنكرات ولابد أن يتطابق سلوكه العملي في الحياة اليومية مع القرآن الكريم كما وصفت عائشةرضي الله عنها خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه " كان خلقه القرآن " .

وهكذا ينبغي أن يكون المسلم وقافاً عند حدود الله مستجيباً لأمر الله {وما آتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا } ، ولكن في هذا العصر أصيب كثير من المسلمين بضعف الاستجابة وعدم المبادرة للطاعة .

ويأتي رمضان فتهب نفحات الطاعة وترفع أعلام الاستجابة ؛ لأن لرمضان مزية واختصاصاً ويتجسد ذلك في :

1- ترك المباح

الصائم يترك الطعام والشراب والمعاشرة الزوجية وهذه تربية في ترك المباح وينتج عنها المزيد من الطاعة والاستجابة في ترك المحرم والمكروه .



2- الحرص على صحة الصوم

فأكثر الناس نجد عنده حرصاً شديداً ، ومراعاة دقيقاً لأوقات الإمساك والإفطار كل ذلك يأتي بالأمر على وجهه ، ويؤدي العبادة بكمالها ، ومن ثم يكتسب الدقة في الاستجابة ، والحساسية المرهفة فيما يتعلق بأوامر الله ، فلا تساهل ولا ترخص ولا غفلة ولا تفريط .



3- الحذر من المخالفة

تشاهد كثرة أسئلة الصائمين عن أمور يخشون أن تكون مما يجرح الصيام ، هذه الأسئلة إن دل على شيء فإنما يدل على الشفافية المرهفة " على أن هذه العبادات أوامر ونواه أمر بها الإله الذي له أن يأمر بما شاء وينهى عما شاء ، ولا يسأل عما يفعل " .

ونحن ندرك أن المخالفة في الأمر اليسير لا تختلف عن المخالفة في الأمر الكبير من حيث حصول التجاوز لأمر الله ، وعدم الاستجابة لما أمر به أو نهى عنه .

4- ضعف نوازع الشر

" الإنسان إذا جاع بطنه اندفع جوع كثير من حواسه فإذا شبع جاع عينه ولسانه ويده وفرجه فكان تشبيع النفس تجويعاً لهذه المذكورات ، وفي تجويع النفس تشبيعها فكان هذا التجويع أولى " .

تسكن النفس ويصفو القلب وتتحقق أهلية الاستجابة ، وكما أن الصيام " يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم فتسكن بالصيام وساوس الشيطان وتنكسر سورة الشهوة والغضب ".

" وتحبس قوى الأعضاء عن استرسالها لحكم الطبيعة فيما يضرها في معاشها ومعادها ، ويسكن كل عضو منها ، وكل قوة عن جماحه ، وتلجم بلجامه فهو لجام المتقين، وجنة المتحاربين ، ورياضة الأبرار المقربين " .

ومن خصائص رمضان " تصفيد الشياطين " ومعناه " أن الشياطين لا يخلصون من افتنان المسلمين مثل ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام الذي قمع الشهوات " .

وبالتالي يقل إغوائهم فيصيرون كالمصفدين ".

وأهم من ذلك " صوم القلوب ، وتطهيرها عن كل مالا يناسب الإيمان ، ويلائم الإخلاص " ، فهذه العوامل كلها تجعل صوم رمضان دورة تدريبية على امتثال الأوامر واجتناب النواهي وشدة الحرص على القيام بالواجبات والاستكثار من الطاعات وشدة الحذر من الوقوع في المنكرات والاقتراب من المحرمات .

د. علي بن عمر بادحدح
رد مع اقتباس