عرض مشاركة واحدة
  #98  
قديم 17-08-2010, 12:08 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 22
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

أيها المربون: لكل مقام مقال


أيهاالمربون: لكل مقام مقال لقدكان صلى الله عليه و سلم رحيما رفيقاً، يحدثناعن رأفته ورحمته أحد الشباب من أصحابه؛ فعن مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- قال: أتينا إلى النبي صلى الله عليه و سلم ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين يوماً وليلة،وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم رحيماًرفيقاً، فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قداشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا، فأخبرناه قال:"ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم،وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها، وصلوا كما رأيتموني أصلي، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكمأحدكم وليؤمكم أكبركم" ( [1] ) . لكن حين يتطلب الأمر الحزم فقد كان صلى الله عليه و سلم كذلك، ففي موقف آخر يأتيه شاب من أصحابه شاكياً له ما أصابه من المشركين، وقد بلغ به الأذى والشدة كل مبلغ وهو خباب بن الأرت -رضي الله عنه- فهاهو يروي الموقف فيقول -رضي الله عنه- : أتيت النبي صلى الله عليه و سلم وهو متوسد بردة له في ظلال الكعبة - وقد لقينا من المشركين شدة - فقلت :ألا تدعو الله؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال:"لقدكان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد مادون عظامه من لحم أوعصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسيرالراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله" ( [2] ) . وهاهو في موقف آخر أيضاً مع أحد الشباب فعن أسامة بن زيد بن حارثة -رضي الله عنهما- قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الحرقة من جهينة، قال: فصبحنا القوم فهزمناهم، قال:ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم قال فلما غشيناه قال لا إله إلا الله قال فكف عنها الأنصاري، فطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلماقدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم قال:فقال لي: " يا أسامة، أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ " قال: قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوذاً، قال: " أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ " قال: فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ( [3] ) . لقدكان صلى الله عليه و سلم يضع لكل موقف مايناسبه؛ ففي الموقف الأول شاب يأتي إليه من أصحابه، وهو في آخر أيامه صلى الله عليه و سلم فإن غادره لن يلقاه أخرى حتى يموت، وهي فرصة للتعلم والاستزادة لن تتكرر في حياته، لكن هل رحمته ورفقه صلى الله عليه و سلم لم يؤكدعليه البقاء والاحتساب لطلب العلم بل لصحبته ومجالسته صلى الله عليه و سلم. بلإن الأمر يتجاوز ذلك كله ليبادر هو، ويدرك مافي نفوسهم دون أن يطلبوا هم منه ذلك؛فيبادرهم آمراً إياهم بأن ينصرفوا إلى أهلهم. وفي الموقف الثاني يأتيه شاب غض الشباب يشتكي إليه شدة الأهوال التي لقيها من المشركين،فيحمر وجهه ويغير جلسته. ولربما يتصور بعض الناس أنه كان من الأولى في الموقف الأول الحزم، وتعويد الشاب على الجدية في طلب العلم، وتحمل الغربة وشدتها، والتعاطف فيالموقف الثاني مع هذا الذي تعرض للأذى وجاء يسأل النبي صلى الله عليه و سلم الدعاء. لكنه الحكيم صلى الله عليه و سلم والمربي، وهو الذي يضع لكل مقام ما يناسبه، فما أجدر من يقتدي بهمن المربين أن يضع الحزم في موضعه، وأن يضع التعاطف والرفق في موضعه. ( [1] ) رواه البخاري (631) ( [2] ) رواه البخاري (3852) ( [3] ) رواه البخاري (6872) ومسلم (96)
رد مع اقتباس