حديث الرئيس محمد أنور السادات
لمجلة اكتوبر
فى١٨ فبراير ١٩٧٨
سؤال : لقد حدث شئ من الانزعاج في الشرق الاوسط بسبب ما أعلنتهامريكا عن تسليحها لمصر مع أن نوعية السلاح الذي وعدت به امريكا لا يرقي الي مستويما تعطيه لاسرائيل بغير حساب مع أن السلاح السوفيتي يتدفق علي المنطقة كلها فما هوتفسيرك لهذا الانزعاج من جانب اسرائيل أو من جانب بعض الدول العربية ؟ وهل عدمتسليح مصر وتعميم الحظر عليها هو الشئ الذي يبعث علي الطمأنينة عند الأعداء وبعضالاشقاء الذين لم يصبحوا أصدقاء ... ألا تري سيادتكم أن هذا شئ غريب حقا؟
الرئيس : إن الامر يبدو غريبا فعلا .. ولكنه يبدو فقط . ولكن هذا الذي نراهاليوم له أساس من التاريخ البعيد والقريب وأنا أجد لإسرائيل العذر في أن تنزعج . فهي تريد ان تكون الدولة الأقوي في المنطقة وأن تظل بهذه القوة مصدرا للخوف فيالمنطقة وخوفها وعدم شعورها بالأمان الطويل هو الذي يحملها أن تتسلح من أصابع القدمالي آخر شعرة في الرأس ، هذا مفهوم واعرفه جيدا ، ومفهوم أيضا أنها بسبب هذا الخوفالذي دفعها الي التسلح فإنها تكون مصدرا للتخويف أيضا فإذا أخافت جيرانها ظلت فيموقعها الذي تزايدت مساحته حربا بعد حرب
ولكني أريد أن اعود الي الأسباب العميقة القديمة .. أريد أن أقومبتأصيل هذا الذي نراه اليوم ومهما سردت من أحداث ووقائع مأخوذة كلها مما يقولهاليهود الذين جاءوا الي فلسطين أو الذين قامت بهم وعلي اسلحتهم دولة اسرائيل فإننياستمد هذا كله من كتبهم ومن خططهم وهذا معروف للعالم كله ولكني سوف اربط ذلك ربطامنطقيا وهو ما لا يبدو واضحا عند العرب أو عند الامريكان انفسهم ويحاولالاسرائيليون أن يقوموا بتعمية عامة لجذور هذه الحقائق . أو الخطة المحبوكة التيوضعوها في أواخر القرن التاسع عشر ويطبقونها حرفيا حتي اليوم
سؤال : استأذن قبل أن تعرض لهذه الخطة المحبوكة التي وضعها اليهودفأقول .. إن اليهود يغضبون اذا قيل إن لهم خطة وأنهم طبقوها حرفيا ، والذي يغضبهمهو نفس الشئ الذي يرضي غرورهم ، وهو أن لهم هذه القدرة الهائلة علي تطبيق خططهم فيكل الظروف ومهما كانت الظروف ، وكان العالم من أوله لآخره لا يقاومهم ولا يمارئهم .. وهم يغضبون من ذلك لا تواضعا .. فهم بتكوينهم في غاية الغرور والغطرسة وانمايغضبهم أن يظهروا للعالم علي أنهم اقوياء وهذا يبطل حجتهم الآخري من أنهم مساكينوأنهم أقلية مضطهدة وأنهم يستحقون الشفقة وأن العالم كله يجب أن يعطف عليهم بالمالوالعتاد . لأن العرب أخيرا يريدون أن يبتلعوهم ، وأنهم فقط يريدون أن يدافعوا عنانفسهم وعن حقهم في الحياة ، ككل مخلوقات الله .. الي آخر ما يزعمون ؟
الرئيس : إنهم أذكياء ويعرفون جيدا أن تماسكهم وتفاهمهم التام ووضوح الهدف عندهم يجعلهمأقوياء ثم أن اصرارهم علي أهدافهم وتفرغهم لدراسة خصومهم ومعرفتهم لاتجاه الريحشرقا وغربا ودرايتهم بنقط الضعف ومصادر القوة قد جعلت إدراكهم لظروف المنطقة واضحاوقويا
وشئ آخر لا يقل عن هذا اهمية وهو إدراكهم لطبيعة العرب أو الصفات العربية، أو المزاج العربي أو الخلق العربي فهم يعرفون أن العرب بتكوينهم لا يتفقون كثيراواذا اتفقوا اليوم فلكي يختلفوا غدا ولذلك فقد ادركوا أنه لا بد أن يدخل في حسابهمدائما أن العرب مختلفون أو من الضروري أن يظلوا كذلك ، ففي اختلاف العرب إضعاف لهموفي تضامن اليهود قوة لهم ، لذلك كان اليهود حريصيين في كل العصور علي أن يطبقوامبدأ انجليزيا قديما هو تفريق الناس لكي يتسلطوا عليهم ، وقد نجحوا في ذلك.. وأسوأمن ذلك قد عرفه اليهود اللذين عاشوا في فلسطين، فقد عرفوا أنه لا أحد من العرب لايمكن شراؤه كل واحد له ثمن ، ومبدأ آخر اكتشفوه أيضا أنه لا يوجد عربي لا يمكنشراؤه هو والارض التي يقف عليها ولذلك فقد باعت عائلات عربية كثيرة ارضها ليهودفلسطين وتسلل اليهود الي فلسطين عن طريق شراء الأرض وبناء المستعمرات اليهودية التيكانت زراعية أول الامر ثم صناعية ثم عسكرية وكل هذا معروف في التاريخ
أما الخطةالمحبوكة عند اليهود فهي التي تحولت الي نظرية بعد ذلك عند "بن جوريون " هي نظريةالأمن الاسرائيلي أي أن اسرائيل تستطيع أن تحقق لنفسها الأمن بأن تكون دولة وانتكون دولة معترفا بها ، وأن تكون محاطه بعرب ضعاف ، وأن تكون هي قوية .. أما كيفتكون قوية .. فلا بد إذن أن أعود الي بدايات الخطوط التاريخية التي تحولت فيما بعدإلي نسيج او مصيدة سياسية اقتصادية دينية عالمية في المؤتمر الصهيوني الأول الذيانعقد في" بان " بسويسرا في أغسطس سنة ١٨٩٧ وكان من المفروض أن يعقد في ميونيخبألمانيا . في هذا المؤتمر أعلن الصحفي النمساوي "تيودور هرتزل " عبارته المشهورةإن الدولة اليهودية قد قامت وأنه لن تمضي سوي خمس سنوات أو خمسين عاما لتصبح هذهحقيقة ، وكانت نبوءة أو كان تصميما وصل الي درجة النبوءة ، فقامت اسرائيل في الموعدالذي خططوا له ومن أهم مقررات هذا المؤتمر أن اليهود أو أن الصهيونية العالمية اوالدولة اليهودية يجب أن تكون في حماية دولة عظمي ، أي أن تكون في حماية أعظم دولةفي أي وقت
أو بعبارة اخري .. لكي تكون اسرائيل الصغري دولة كبيرة يجب أن تستندالي ساعدي وكتفي دولة عظمي في ذلك الوقت كانت الدولة العظمي هي ألمانيا وعلي رأسهاالقيصر " فيلهلم الثاني " "غليوم الثاني " في ذلك الوقت كانت المانيا قد اتخذت لهاشعاراً توسعيا هو الزحف نحو الشرق ، وهنا تقدم اليهود ليؤكدوا للقيصر أن هذا ممكنعن طريق التجارة والمعاملات وفتح الأسواق والتسلل الي كل دول المنطقة ، من تركياحتي الهند مارين ببغداد أو دمشق أو القدس حتي الخليج الفارسي . ولم تكن للخليج هذهالأهمية الخطيرة .. فالبترول لم يكن قد اكتشفه احد بعد والتاريخ يعيد نفسه ، فقدطبق هتلر فيما بعد خطة وأحلام الامبراطور فيلهلم الثاني ، عندما زحف شرقا الي روسياوشمال افريقيا حتي مصر ولكن الامبراطور فيلهلهم الثاني رفض ما تقدم به اليهود فلميكن يثق بهم ، ولذلك اتجهوا بسرعة الي السلطان عبد الحميد الثاني يعرضون عليهخدماتهم واستعدادهم لإعطائه المال وتسديد ديونه . فقد كانت تركيا هي الدولة التيتحتل الدول العربية واحتلالها قد استمر اربعة قرون حتي قضت علي كل خيرات الدولالعربية ، فلم تعرف أسوأ من الاستعمار العثماني في كل العصور
وكان واضحا أناليهود قد طلبوا مقابلا لهذه المساعدات بأن يعطيهم السلطان عبد الحميد الثانيفلسطين وطنا قوميا ، واختلف اليهود فيما بينهم حول الوطن القومي ، هل هو فلسطينبالذات او اي مكان علي سطح الارض ؟ ولكن بن جوريون قد أكمل بتخطيط وإصرار ما كانيحلم به اليهود الذين اجتمعوا في بال بسويسرا ، واتجه اليهود بعد الحرب العالميةالأولي الي بريطانيا العظمي وهي الدولة التي تألقت بعد الحرب ، وطلب اليهود ثمنالاختراع المواد الكيماوية المهلكة التي قدمها حاييم فايتسمان للجيش البريطاني ومنبين هذه الاختراعات الغازات السامة
وطلب اليهود أن يكون الثمن وعدا بوطن قوميوهذا الوعد هو الذي دخل التاريخ تحت اسم وعد بلفور في سنة ١٩١٧ وقبل صدور هذا الوعدكان اليهود قد استعدوا جيدا لساعة قيام الدولة فاستعدوا لها بالارض التي اشتروهاوبالمهاجرين الذين تسللوا الي فلسطين سرا وعلنا ، واستعدوا لذلك بالسلاح والعتاد ،واستعدوا لذلك كله بغزو العقول العربية ، وتفريق القيادات العربية ، وفي نفس الوقتبالتأثير علي بريطانيا العظمي
وقامت الدولة واعترفت بها امريكا وأعلن الرئيس ترومان في مذكراتهبمنتهي الصراحة والوضوح أن في امريكا اصواتا لليهود في الانتخابات فهل للعرب اصوات؟ والجواب طبعا لا .. ليست للعرب اصوات ، إذن لابد أن يشتري اصوات اليهود باعترافهبقيام دولتهم في اسرائيل واتجهت اسرائيل الي الارتباط بالدولة التي تألقت بعد الحربالعالمية الثانية وهي الولايات المتحدة الامريكية . أما المعني الذي أريد أن اصلإليه الآن فهو أن خطة اسرائيل هي أن ترتبط دائما بالدولة العظمي وبذلك تضمن حياتهاوتضمن أمنها ايضا .. أو ما دامت قد ضمنت أمنها فقد ضمنت حياتها كذلك
وهذا هوجوهر نظرية الأمن الاسرائيلية التي وصفها بن جوريون ولا تزال اسرائيل تطبق هذاالمخطط بمنتهي الدقة ولا يختلف بن جوريون عن مناحم بيجين رغم ما أصبح بينهما منخلافات حادة بعد ذلك إن اسرائيل لا تريد ان تكون لمصر أو أية دولة اخري أية صلةقوية بالولايات المتحدة وإنما يجب ان تحتكر اسرائيل هذه الصلة وحدها ولكن قد اشرتكثيرا الي أن هذه الصلة الخاصة جدا بين امريكا وبين اسرائيل ، لا اعتراض لي عليهافأنا اعرفها وأقدرها ولكني في نفس الوقت ادعو للسلام .. وهذا واضح وضوحا عالميا . عاطفيا وعملياً ايضا فكيف تساند امريكا اسرائيل وتغدق عليها السلاح بهذه الكثرةوالوفرة ثم تساند دعوتي للسلام ، إن السلاح الكثير لدي اسرائيل هو الذي يغريهاويدفعها الي اللعب بالسلام والحرب ويستدرجها وهي معذورة الي التهديد والتخويفبالثأر
واذا كنت اعترف بهذه العلاقة الخاصة بين امريكا واسرائيل فإنني أيضاصديق لامريكا، فاذا لم تكن امريكا قادرة علي العدل بين الأصدقاء ، فلا أقل من أنتوازن بين الطرفين ، وألا تقوم بتصفية الموقف وفي نفس الوقت فليس معقولا ولا مقبولاان تنضم امريكا الي روسيا تفرض هي الآخري حظراً علي تسليح مصر
ثم ان هذه الطائرات " ف ٥ " التي سوف تتسلح بها مصر لا تقارن بمالدي إسرائيل او بما سوف تعطيه أمريكا لإسرائيل ، لأن هذه الطائرات من الدرجةالعاشرة ، ولكن الذي أزعج اسرائيل هو أن يكون هناك اتصال بين مصر وامريكا وأن يصلهذا الاتصال الي حد تسليح مصر ولو عدنا الي قيام ثورة يوليو ، لوجدنا أن اسرائيل قدأزعجها اتصالنا بالسفارة الامريكية منذ اليوم الاول . فقد اتصلنا بالملحق العسكريالامريكي لنؤكد للولايات المتحدة أن ثورتنا داخلية . وفي الوقت الذي كان السفيرالامريكي يدعونا فيه الي السهر كل ليلة كانت السفارة البريطانية تحاول أن تتصل بنالعلها تعرف من الذين قاموا بالثورة ، ولم تفلح في ذلك الوقت ولما لاحظ بن جوريون أنهناك نوعا من الغزل بين مصر وامريكا ضايقه ذلك لنفس السبب الذي ذكرته، وخطط بنجوريون لافساد هذه العلاقة المبكرة بين مصر وأمريكا والتي أكمل إفسادها تماما وزيرخارجية أمريكا فوستر دالاس وكذلك جونسون
ودبر بن جوريون الحادثة الشهيرة باسم " فضيحة لافون " وكان " بنحاس لافون " هذا وزيرا للدفاع الاسرائيلي فأرسل بن جوريوناثنين من العملاء اليهود لنسف المؤسسات الامريكية في مصر واعترف " لافون " بأنه لايعلم عن هذا الحادث أي شئ واعُتقل العميلان وانتحرا في السجن واضطر لافون أن يستقيلمن جميع مناصبه الحكومية و الحزبية
سؤال : بمناسبة الحديث عن المخطط الواحد والمحبوك للصهيونيةالعالمية وأنهم جميعا لا يختلفون علي المبادئ إنما فقط علي التطبيق ، فان هناك حرصاعند الكتاب الاسرائيليين المعاصرين يؤكدون فيه أن هناك أوجه كثيرة للخلاف بينهمجميعا ، كأنهم يؤكدون ان هناك نوعا من المرونة أو تمشيا مع المتغيرات الإقليميةوالدولية فقد صدر في اسرائيل كتاب بعنوان " اسرائيليون وفلسطينيون .. تعايش سلميوإلا " وهو أول كتاب صدر بعد مبادرتك للسلام ، في هذا الكتاب نقرأ عن أحد اليهودالمتطرفين ولكنه في نفس الوقت يدعو للسلام والتعايش مع الفلسطينيين منذ خمسين عاما، هذا الرجل يقول إن بن جريون هو صاحب العبارة المشهورة " لو خيروني بين السلاموالأرض لاخترت السلام " وينقل ايضا عبارة اخري " لموشي ديان " يقول فيها " لوخيروني بين أرض بغير سلام وسلام بغير أرض لا خترت الأرض بغير سلام " وفي نفس الوقتفإن "بيجين " يطلب السلام والأرض معا اي انه يطلب المستحيل ثم إن " ابا ابيان " فيكتابه الاخير الذي أسماه " قصة حياتي " في الفصل الذي كتبه عن حرب اكتوبر يراجع كلالقادة والساسة في اسرائيل وكأنه لا يوافق علي تشدد موشي ديان الذي أعلن قبل حرباكتوبر أنه لا شئ اسمه فلسطين تماما كما قالت " جولدا مائير " ثم الفلسطينيين اذاارادوا أن يكون لهم وطن فليذهبوا الي العراق او الاردن ... ألا تري سيادة الرئيس انالقيادة الاسرائيلية حريصة علي أن تبدو متضاربة متناقضة محيرة للعرب ؟
الرئيس : إن هذا يعود بنا الي صميم المخطط الذي وضعه بن جوريون لنظرية ألا تكون اسرائيلمحدودة الحدود أي أن اسرائيل يجب أن تكون فضفاضة لا حدود ولا خريطة وانما عليها أنتترك أرضها بلا حدود قابلة للزيادة وليست قابلة للنقصان
أما وجهة نظر بن جوريونفهي أنه اذا جعل الارض محددة فقد حصر نفسه وشعبه في أرض ضيقة واصبح في وسع أي أحدمن جيرانه أن ينازعه علي الحدود او يطالبه بوضع تحديد للحدود ، ولكن ما دامتاسرائيل بلا خريطة فلا احد يعرف إن كانت اسرائيل تقف عند هذا الحد أو انها سوف تضيفاليه . وما دامت الدول العربية مختلفة وممزقة فلن تتفق علي مناقشة هذا الواقعالغامض وانما ستعرض اسرائيل علي العرب ، أملا كاذبا " هذا الأمل الكاذب هو أن تعرضاسرائيل خريطتها لكي يعرف العرب ما لها وما عليها . او أين تقف منهم . او علي ايأرض تقف قواتها ومستعمراتها ولذلك تضاربت عن عمد آراء الساسة الاسرائيليين في كلالعصور تماما كما تعرض إسرائيل الف خريطة وتوزع هذه الخريطة في كل عواصم اسرائيلمشروعات متعددة للحل أو التسوية ، او كما عرضت اسرائيل وجهات نظر متضاربة لإقامة اولإزالة او استبقاء المستعمرات علي الأرض العربية المحتلة . وبن جوريون هو الذي قالأيضا أن كل أرض يقف عليها أي جندي اسرائيلي هي حدود لاسرائيل وهو نفس الشعار الذياعلنته اوروبا كلها بعد اكتشاف كولمبس لأمريكا، فكل أرض يوضع عليها العلم فهي ملكللدولة صاحبة العلم
ومعني ذلك أن اسرائيل تحرص ألا تكون جافة فتكسر أو " لينه " فتعصر كما تقول الحكمة القديمة وإنما تعطي لنفسها لون الزئبق وخصائصه وانتشارهوصعوبة أن تمسك به ، والحكمة من ذلك ألا يقيد أحد حركتها علي أرض الغير
سؤال : لو كان بن جوريون حيا فهل كان في استطاعتك التوصل معه الي شئأفضل ؟
الرئيس : كان من الممكن التوصل الي شئ أفضل مما يمكن الوصول اليه في أيةمفاوضات مع بيجين وحكومته
سؤال : في حديث لتليفزيون أمريكي - لم يذع بعد - سمعتك تقول إنه كانمن الممكن الوصول الي شئ أفضل مع جولد مائير لو كانت لا تزال علي رأس الحكومة فماتفسيرك لذلك ؟
الرئيس : سئلت أكثر من مرة عن رأيي في السيدة جولدا مائير وقدكانت لي معها تجارب عند فك الاشتباك بعد حرب اكتوبر ، ولاحظت أنها سيدة قويةالشخصية وأنها قادرة علي أن تتخذ القرار وأن تواجه الشعب وقد قابلتها في القدسوتحدثت اليها في الكنيست وتأكد لي من ذلك أنها كانت تستطيع أن تذهب الي أبعد وأفضلمما ذهب اليه مناحم بيجين
سؤال : ان ليبيا ايضا قد انزعجت من تسليح أمريكا لمصر مع أن ليبيالديها هي الاخري اكثر مما تستطيع أن تستوعب من السلاح السوفيتي المتطور جدا ، كماأن ليبيا ليست في حاجة الي شئ من ذلك كله فما الذي أغضب ليبيا أو ازعجها؟
الرئيس : أن بينها وبين الاتحاد السوفيتي علاقة خاصة ايضا قد أدهشني أن يبعثالقذافي الي مندوبه في الامم المتحدة ليحتج علي تسليح أمريكا لمصر كأن سلاحنا سيوجهضد ليبيا او كأن مصر يجب أن تظل عارية من السلاح حتي يتفضل القذافي فيعطينا بعضمالديه ، أو كأن مصر يجب أن تكون عاجزة عن الدفاع عن نفسها حتي يتفضل السوفيتفيعرضون علينا أسلحتهم المتخلفة بغير غيار، ولا أعرف بعد ذلك ما الذي يمكن أن نفعلهبهذه الاسلحة المتواضعة التي سوف يتفضلون بها علينا - هذا ان فعلوا - ولا أضيفجديدا اذا عدت فذكرت أن رئيس وزراء روسيا كوسيجين عندما ذهب الي ليبيا فإنه قد اتخدصورة الجدة الغنية مع ابن البنت المدلل فكان يقول للقذافي انت تطلب دبابات ٦٢ لاسأعطيك دبابات ٧٢ ، انت تطلب طائرات كالتي في مصر سوف أعطيك طائرات أكثر تطوراً لمأعطيها لأحد بعيدة المدي لإخافة كل الدول الافريقية أطلب تجد كأننا أمام مشاهد منقصص ألف ليله وليله
اما سبب ذلك فهو بسيط جدا الحقد علي مصر لا شئ آخر غير ذلك، وهي حكاية طويلة عريضة نحن جميعا نعرف التفاصيل الكثيرة عنها وهذا يؤكد ما قلتهمن أن القذافي مجنون وقد ثبت أخيرا طبيا وبصورة قاطعة أن الرجل مجنون ، بل أنه قدذهب في جنونه أن أعلن مقاطعة ناقلات البترول التي تستخدم خط أنابيب شركة " سوميد" المصرية بين السويس والاسكندرية أي أن هذه الناقلات لن تزود بشئ مما تحتاج اليه منموانئ ليبيا ، إنه يريد - بسذاجته - أن يفرض حظرا علي مصر ولكن الذي قرره وتصوره لنيؤثر فينا ولن يهز لنا شعره
فبعد محاولاته اليائسة في مصر وحولها من الداخلوالخارج وبعد أن انفق مئات الملايين من الدولارات وبعد أن أرسل العبوات الناسفةوالعملاء ، لم يهز مصر كما تمني ولا زعزع بنيانها كما قالوا له ، ولا يزال يعيش هووالذين وراءه علي هذا الأمل المجنون. ولكن لن يتحقق له أو السوفيت شئ من ذلك بفضلالله وقوة شعبنا وعدالة قضيتنا وأمل مئات الملايين في العالم بأن يتحقق السلام فيالشرق الاوسط بمبادرة مصر التاريخية
والسوفيت يرددون في كل مناسبة أن لدي مصر ٣٥٠طائرة وأن هذه الطائرات نائمة علي الأرض وأنها لن تطير كأنها طيور قصت أجنحتهافتحولت من نسور الي دواجن. ولكن الذين شاهدوا العرض العسكري في أكتوبر الماضييعرفون أن كل هذه الطائرات ارتفعت في الجو ولو كنت قد اعتمدت علي السوفيت كما خططوالذلك لظلت طائراتنا علي الأرض ، وتحت الأرض ، وانما اتجهت إلي الاصدقاء في الصينالشعبية وفي العراق وفي امريكا وفي بريطانيا ، فقامت امريكا وبريطانيا بإجراءالعمرة للطائرات اما الصين فقدمت لنا موتورات الميج ١٧ والعراق قدم لنا قطع الغيارفشكراً للسوفيت أن كشفوا لنا عن غير قصد عن أصدقاء جدد في الشرق والغرب