عن أي شيء يسبح الله سبحانه وتعالى وينزه:
والله تبارك وتعالى يسبح وينزه عن كل ما لا يليق به إذ هو الرب الإله، الذي لا إله إلا هو، الحي القيوم، بديع السموات والأرض، الذي أحسن كل شيء خلقه، الرحمن الرحيم، الملك العلام القهار الذي قهر كل شيء وذل له كل شيء، الحي الذي لا يموت، والذي لا تأخذه سنة ولا نوم، ولا يعتريه ما يعتري المخلوق من نقص وآفة، الذي لا يبلغ العباد ضره فيضروه، ولا يبلغون نفعه فينفعوه، والغني عن كل ما سـواه، وما سواه مفتقر إليه وهو لا يفتقر إلى شيء من مخلوقاته، والذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى، والمثل الأعلى، والذي لا يحيط أحد من خلقه علماً به، وهو يحيط علماً بكل مخلوقاته الذي لا ند له ولا شبيه له، ولا نظير له، ولا كفء له... هو سبحانه وتعالى المنزه عن أضداد هذه الصفات، ومتصف بكل صفات الكمال والجلال والعظمة والكبرياء.
التسبيح والحمد طرفان لشيء واحد:
والتسبيح والحمد طرفان لأمر واحد، فالحمد إثبات صفات الكمال، والتسبيح نفي صفات النقص، ولا يكون الإيمان إلا باجتماع الأمرين فمن أثبت لله صفات الكمال ولم ينف عنه صفات النقص فما آمن بالله ولا عرفه ولا وحده.
ومن نفي عن الله صفات النقص، ولم يثبت له صفات الكمال، فما عرف الله ولا آمن به حقاً، ولا وحده... لذلك أمرنا أن نسبح الله حال كوننا حامدين له. قال تعالى: {فسبح بحمد ربك} والمعنى نزه الله تبارك وتعالى حال كونك حامداً له. وقال تعالى: {يسبحون بحمد ربهم}
أول ما يجب تنزيه الله عنه هو الشبيه والنظير والمثال والكفء:
وأول ما يجب على العباد أن ينزهوا ربهم سبحانه وتعالى عنه هو الشبيه والنظير، والمثال والكفء والند، فالله سبحانه وتعالى لا مثيل له، ولا كفء له، ولا ند له، ولا نظير له. قال تعالى: {قل هو الله أحد* الله الصمد* لم يلد ولم يولد* ولم يكن له كفواً أحد}
وهذه السورة يعدل ثواب قراءتها ثواب قراءة ثلث القرآن لأنها اشتملت على صفة الرب وفيها تنزيه الله عن أن يكون له كفء أو مثال أو شبيه، والشهادة بذلك أعظم أبواب الإيمان. فالله سبحانه وتعالى أحـد، واحد في ذاته لم يتولد من شيء، ولا يولد منه شيء، فلو كان له ولد تعالى الله سبحانه - لكان من جنس أبيه، رباً إلهاً خالقاً قادراً متصرفاً... وليس لله كفء يضاهيه في صفة من صفاته أو فعل من أفعاله التي اختص بها نفسه.