إلى تلك الأيام إذ كنت أناهز العشرين ، أعشق قصص الزهاد و النساك ، أولئك الذين خطر ببالهم طهارة الروح ، لكنهم عوضاً عن البحث عنها في اللهو البرىء بين الصحاب في منتدى على النت ذهبوا يبحثون عنها في شظف العيش ، و شظف العيش يعني خشن الثياب و قليل المأكل و المشرب و التخلص من الإحتياجات المادية .تكتمل تلك الطهارة بالتفكر طويلاً في الحياة و الروح و معنى التطهر الروحي!
و قد وضعني شظف العيش هذا على حافة إنهيار عصبي و تركني هناك ، أوشك أن أتردى فيه، حينها لم يخبرني أحد أن اللحم به فيتامين ب 12 الذي لا يوجد في غيره و الذي يلزم لسلامة الأعصاب و حسن آدائها و بالتالي إدراك أي شيء على نحو سليم. و لأن البشر انشغلوا عني وقتها، لحسن حظي و سوئه فإنني مضيت أطهر روحي تلك التي لا أعرفها و لن أعرفها حتى تفارق الجسد و حينها لن يلزمني تطهيرها أكثر من ذلك ، المهم أن نفسي حينها برزت بوضوح شديد لتخبرني أنني لو جرأت على الإساءة لجسدي على أي نحو فإن انتقام الروح مني سيكون جباراً ستجلدني بسياط ألم لا يحتمل و عندها ستتوه مني الصلاة و حين فعلتُ و ضاعت الصلاة بين جنبات الضعف و التوهان مضيتُ في غيي لأبعد ... و حين أدركتُ الصلاة ، أدركتني الحياة ، تدب في النفس فيدب فيها الإعتدال .
أما التطهير النفسي بمعنى أن لا أسييء للبشر فلا أحد كان أكثر إيثاراً مني للآخرين ، كل ما معي ، أعطيته لمن هو أقوى و أكثر مني ، لم أرني أستحق شيئاً ، لم أحتفظ بشيء ، ثم إنني بقيت ذلك الكائن الذي لا تكتمل طهارته بغير ماء الوضوء المادي و صلاة الجسم الفاني و خشوع النفس لله العلي العظيم.
*********************
|