عرض مشاركة واحدة
  #132  
قديم 10-06-2010, 09:50 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي


فهذا الكلام قد قاله أمم من قبلهم -وهو الاحتجاج بالقدر- فكفار قريش قالوا: نَحْنُ نحتج عَلَى مُحَمَّد بأنه لو كَانَ الله لا يرضى أن نعبد هذه الأصنام فكيف شاء ذلك؟ فلو شاء الله ما أشركنا؛ لكن نَحْنُ نعبدها لأنه شاء ذلك، فَقَالَ الله -عَزَّ وَجَلَّ-: [الأنعام:148] ثُمَّ طالبهم الله -عَزَّ وَجَلَّ- بالحجة، وذكر أنه قد بين جل شأنه الحجة، وأن حجته الأمرية الشرعية لا يمكن أن تتفق مع كونه رضي بذلك الشيء وأقره.


فقَالَ: قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا [الأنعام:148]، وقال جل شأنه: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَقُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا [الأنعام:148]، وقال جل شأنه: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [الأنعام:149]، وقال جل شأنه: [الزمر:7] فلو أن المشيئة هي الرضا لهداكم أجمعين، فلو شاء لهداكم أجمعين، وخلقكم أمة واحدة مؤمنة، لكن من حكمة الله أن خلقكم فمنكم كافر، ومنكم مؤمن، وهذا فيه حكم عظيمة جداً منها: بعث الرسل، واصطفاء عباد الله المؤمنين، وإذلال الكافرين، وليكون الإِنسَان الذي كرمه الله تَعَالَى عَلَى جميع المخلوقات حر الإرادة، يختار هذا الطريق أو ضده، ومنها: أن يكون للجنة أهل، وللنار أهل.


فالاحتجاج بالمشيئة والإرادة قد أجاب الله عنه في سورة النحل، فَقَالَ جل شأنه: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36] فجعل الإِنسَان مختاراً وأقام الحجة عليه، فيا سُبْحانَ اللَّه! كيف تقولون: إن الله تَعَالَى راض عن شركنا، وأنه يريد لنا الشرك، وهو يقول: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَوَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36] فجعل الإِنسَان مختاراً وأقام الحجة عليه، فيا سُبْحانَ اللَّه! كيف تقولون: إن الله تَعَالَى راض عن شركنا، وأنه يريد لنا الشرك، وهو يقول: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36] ولو قيل كيف يهدي أناساً ويضل آخرين، قال الله: [النحل:36].


ثُمَّ قال بعد ذلك [النحل:37].


فالله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يوفق للهداية من شاء تفضلاً بعد أن تقوم الحجة، ويحجب هذه الهداية عمن شاء بعد أن تقوم عليه الحجة، فما كفر كافر إلا باختيار منه بعد قيام الحجة عليه من الأنبياء، وهو يتحمل عاقبة وجزاء هذا الاختيار، وما آمن مؤمن إلا بفضل من الله عَزَّ وَجَلَّ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِوَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ [يونس:100] فهذا فضل وتكرم من الله -عَزَّ وَجَلَّ- ومن كمال عدله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنه أوجب عَلَى نفسه أن لا يعذبهم حتى يبعث فيهم رسولاً: [النساء:165]

__________________
رد مع اقتباس