عرض مشاركة واحدة
  #131  
قديم 10-06-2010, 09:47 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي


الشرح:


قول الطّّحاويّ رَحِمَهُ اللهُ: [ولا يكون إلا ما يريد] هذا رد عَلَى القدرية والمعتزلة ؛ فإنهم زعموا أن الله أراد الإيمان من النَّاس كلهم، والكافر أراد الكفر.


فغلبت إرادة الكافر إرادة الله -والعياذ بالله- عَلَى مقتضى كلامهم؛ ولهذا يقولون: إن الكافر يخلق فعل نفسه، وأما الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فلا يخلق فعل الكافر ولا معصية العاصي، ويقولون: ننزه الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ونجله عن ذلك.


وهذا مردود بالكتاب والسنة -كما بينا - وأما أهل السنة فيقولون: إن الله وإن كَانَ يريد المعاصي قدراً، فهو لا يحبها ولا يرضاها؛ لأن الإرادة الكونية أمر مقضي مكتوب قبل أن تخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وأما الإرادة الشرعية فإنها تأتي بعد ذلك في حق الإِنسَان، فمثلاً: لما بعث الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الأَنْبِيَاء أتى كل نبي يأمر قومه بما يريده الله شرعاً وأمراً من الإيمان به وتوحيده -جل شأنه- أو الكفر بالطاغوت والانتهاء عن المعاصي، فكل من يبلغه كلام الله يقتضي منه ذلك، وهو فعل مأمور أو ترك محظور، فإن هذه هي إرادة الله الشرعية، يريد منه شرعاً أن يصلي، ويريد منه شرعاً أن ينتهي عن الزنا أو الربا أو الخمر أو غير ذلك، أما الإرادة الكونية فأمرٌ قد أمضاه الله عَزَّ وَجَلَّ، وجفت به الأقلام، وجرت به المقادير، كما جَاءَ في الحديث.


وأما احتجاج الْمُشْرِكِينَ بقدر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فيقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في سورة الأنعام: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ * قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [الأنعام:148-149] وقال الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- في سورة النحل: وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [النحل:35] وقال في سورة الزخرف: وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَسَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ * قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [الأنعام:148-149] وقال الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- في سورة النحل: وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [النحل:35] وقال في سورة الزخرف: وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [الزخرف:20] وفي سورة يس: [يس:47].


فالمهم هي هذه المواضع الثلاثة الأولى التي احتج بها المُشْرِكُونَ عَلَى شركهم بالقدر.


فكان الرد عليهم من القُرْآن الذي فيه البيان الشافي والجواب الكافي لكل شبهة إِلَى أن تقوم الساعة، كما قال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: " ما من شبهة إِلَى أن تقوم الساعة إلا وجوابها في القرآن" .


فأجاب الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَلَى الذين يحتجون بالقدر من الْمُشْرِكِينَ، أو من عصاة هذه الأمة، ويقولون: إن الله قد قدر علينا المعاصي!!

__________________
رد مع اقتباس