بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آاله وصحبه وسلم.
أما بعد:
أذكر وقبل كل شىء أنني ماأريد جدالات فى مواضيعي لأنني لست من أهل الجدال ولا حتى من محبيه ولن أكون إن شاء الله وهذا للتذكير فقط.
وجزى الله الأستاذ خالد خيراً على رده وشكر الله له فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
ورغم أنني أتكلم عن الأناشيد الا ان الأستاذ أحمد جاء يتكلم عن الغناء ولا أعرف مالذي ربط هذا بذاك هاهنا.
ومسألة الغناء هذه قد قتلت بحثاُ ولا شك عندنا فى حرمانيتها ولله الحمد لكن لا ضير من أن نرد إن شاء الله.
وكنت أتمنى كما قال الأستاذ خالد لو كان هذا فى موضوع آخر مستقل.
أعلم أخانا أحمد انني سأرد فى الموضوع على فترات متقطعه على حسب ماييسر الله لي وسأقسمه الى جزئيات فى الرد إن شاء الله.
وأقول مستعيناً بالله:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المجاهد فى سبيل الله
ايه رائيك يا شيخ محمد فى اولا
من ابطل كل ادلة التحريم من حيث الصحه و الضعف ؟
ثانيا ما رائيك فيما بلى
حكم الغناء علي أصل الإباحة بلا شك، ولو لم يكن معنا نص أو دليل واحد علي ذلك غير سقوط أدلة التحريم. فكيف ومعنا نصوص الإسلام الصحيحة الصريحة، وروحه السمحة، وقواعده العامة، ومبادئه الكلية ؟
موضوع أن الغناء فى أصله حلال ومباح كلام لا دليل عليه ولا برهان يسنده فلا داعي للرد عليه وقد تكلم فيه الأستاذ خالد فى مشاركة له جزاه الله خيراً.
وهاك بيانها:
أولا: من حيث النصوص:
استدلوا بعدد من الأحاديث الصحيحة، منها: حديث غناء الجاريتين في بيت النبي -صلي الله عليه وسلم- عند عائشة، وانتهار أبي بكر لهما، وقوله: مزمور الشيطان في بيت النبي -صلي الله عليه وسلم-، وهذا يدل علي أنهما لم تكونا صغيرتين كما زعم بعضهم، فلو صح ذلك لم تستحقا غضب أبي بكر إلي هذا الحد.
قد ورد هذا الحديث بعدة صيغ منها:
عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ قالت دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث ـ قالت وليستا بمغنيتين ـ فقال أبو بكر أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في يوم عيد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا صحيح بخاري كتاب العيدين باب سنة العيدين لأهل الإسلام .
ومنها:
عن عائشة، أنأبا بكر ـ رضى الله عنه ـ دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدففان وتضربان،والنبي صلى الله عليه وسلم متغش بثوبه، فانتهرهما أبو بكر فكشف النبي صلى الله عليهوسلم عن وجهه فقال " دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد ". وتلك الأيام أياممنى صحيح بخاري كتاب العيدين باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين.
وقد أورده أيضا مسلم فى صحيحه فى كتاب صلاة العيدين باب الرخصة فى اللعب الذي لا معصية فيه أيام العيد.
وأيضا أورده الترمذي فى سننه بسند صحيح.
لكن أخي أحمد حديث غناء الجاريتين لا دلالة فيه أيضا على إباحة الغناء لأنه:
يدل على وقوع إنشاد شيء من الشعر العربي في وصف الحرب من جاريتين صغيرتين في يوم عيد - قال العلامة ابن القيم في مدارج السالكين (1-493): وأعجب من هذا استدلالكم على إباحة السماع المركب مما ذكرنا من الهيئة الاجتماعية بغناء بنتين صغيرتين دون البلوغ عند امرأة صبية في يوم عيد وفرح بأبيات من أبيات العرب في وصف الشجاعة والحروب ومكارم الأخلاق والشيم فأين هذا من هذا ؟ والعجب أن هذا الحديث من أكبر الحجج عليهم فإن الصديق الأكبر رضي الله عنه سمى ذلك مزمورا من مزامير الشيطان وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه التسمية ورخص فيه لجويريتين غير مكلفتين ولا مفسدة في إنشادهما ولا استماعهما أفيدل هذا على إباحة ما تعملونه وتعلمونه من السماع المشتمل على ما لا يخفى فسبحان الله كيف ضلت العقول والأفهام.
وقال ابن الجوزي في كتاب تلبيس إبليس صفحة (217): والظاهر من هاتين الجاريتين صغر السن لأن عائشة كانت صغيرة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرب إليها الجواري فيلعبن معها - ثم ذكر بسنده عن أحمد بن حنبل أنه سئل أي شيء هذا الغناء قال غناء الركب: أتيناكم أتيناكم ثم قال ابن الجوزي في صفحة (229) من الكتاب المذكور: أما حديث عائشة رضي الله عنها فقد سبق الكلام عليهما وبينا أنهم كانوا ينشدون الشعر وسمي بذلك غناء لنوع يثبت في الإنشاد وترجيع ومثل ذلك لا يخرج الطباع عن الاعتدال وكيف يحتج بذلك في الزمان السليم عند قلوب صافية على هذه الأصوات المطربة الواقعة في زمان كدر عند نفوس قد تملكها الهوى ما هذا إلا مغالطة للفهم أوليس قد صح في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد. وإنما ينبغي للمفتي أن يزن الأحوال كما ينبغي للطبيب أن يزن الزمان والسن والبلد ثم يصف على مقدار ذلك وأين الغناء بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث من غناء أمرد مستحسن بآلات مستطابة وصناعة تجذب إليها النفس وغزليات يذكر فيها الغزال والغزالة والخال. والخد والقد والاعتدال. فهل يثبت هناك طبع هيهات بل ينزعج شوقا إلى المستلذ ولا يدعي أنه لا يجد ذلك إلا كاذب أو خارج عن حد الآدمية - إلى أن قال: وقد أجاب أبو الطيب الطبري عن هذا الحديث بجواب آخر - فأخبرنا أبو القاسم الجريري عنه أنه قال: هذا الحديث حجتنا لأن أبا بكر سمى ذلك مزمور الشيطان ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على أبي بكر قوله إنما منعه من التغليظ في الإنكار لحسن رفعته لا سيما في يوم العيد وقد كانت عائشة رضي الله عنها صغيرة في ذلك الوقت ولم ينقل عنها بعد بلوغها وتحصيلها إلا ذم الغناء وقد كان ابن أخيها القاسم بن محمد يذم الغناء ويمنع من سماعه وقد أخذ العلم عنها.
وقال النووي في شرحه على صحيح مسلم (6-182) قال القاضي: إنما كان غناؤهما بما هو من أشعار الحرب والمفاخرة بالشجاعة والظهور والغلبة وهذا لا يهيج الجواري على شر ولا إنشادهما لذلك من الغناء المختلف فيه إنما هو رفع الصوت بالإنشاد ولهذا قالت وليستا بمغنيتين أي ليستا ممن يتغنى بعادة المغنيات من التشويق والهوى والتعريض بالفواحش والتشبيب بأهل الجمال وما يحرك النفوس ويبعث الهوى والغزل كما قيل الغناء فيه الزنا وليستا أيضا ممن اشتهر وعرف بإحسان الغناء الذي فيه تمطيط وتكسير وعمل يحرك الساكن ويبعث الكامن ولا ممن اتخذ ذلك صنعة وكسبا والعرب تسمي الإنشاد غناء. ا هـ.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2-442-443): واستدل جماعة من الصوفية بحديث الباب (يعني حديث غناء الجاريتين) على إباحة الغناء وسماعه بآلة وبغير آلة ويكفي في رد ذلك تصريح عائشة في الحديث الذي في الباب بعده بقولها: (وليستا بمغنيتين) فنفت عنهما بطريق المعنى ما أثبته لهما اللفظ لأن الغناء يطلق على رفع الصوت وعلى الترنم الذي تسميه الأعراب النَّصْب بفتح النون وسكون المهملة وعلى الحداء ولا يسمى فاعله مغنيا. وإنما يسمى بذلك من ينشد بتمطيط وتكسير وتهييج وتشويق بما فيه تعريض بالفواحش أو تصريح ، قال القرطبي: قولها (ليستا بمغنيتين) أي ليستا ممن يعرف بالغناء كما يعرفه المغنيات المعروفات بذلك وهذا منها تحرز من الغناء المعتاد عند المشتهرين به وهو الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن - إلى أن قال: وأما التفافه صلى الله عليه وسلم بثوبه ففيه إعراض عن ذلك لكون مقامه يقتضي أن يرتفع عن الإصغاء إلى ذلك لكن عدم إنكاره دال على تسويغ مثل ذلك على الوجه الذي أقره إذ لا يقر على باطل والأصل التنزه عن اللعب واللهو فيقتصر على ما ورد فيه النص وقتا وكيفية تقليلا لمخالفة الأصل - والله أعلم.
فاتضح من هذه النقول عن هؤلاء الأئمة في معنى هذا الحديث أنه لا يدل بوجه من الوجوه على ما إباحة الغناء مطلقا والله أعلم.
|
ومماسبق نستنتج عدة أمور ياأخي منها:
_أن الجاريتان ليستا مغنيتان وليس الغناء ديدنهم.
_أنهما صغيرتان دون البلوغ وهذا هو الثبات بعكس ماأدعيت أنت.
_إنكار أبو بكر عليهما وعدم إنكار النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو على سبيل الإستثناء ولذلك قال الشيخ الألباني رحمه الله فى كتابه تحريم آلات الطرب:
جاء من تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم وأحاديثه كثيرة في تحريم الغناء وآلات الطرب ثم ذكرت بعض مصادرها المتقدمة ثم قلت: لو لا علم أبي بكر بذلك وكونه على بينة من الأمر ما كان له أن يتقدم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وفي بيته بمثل هذا الإنكار الشديد غير أنه كان خافيا عليه أن هذا الذي أنكره يجوز في يوم عيد فبينه له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا"، فبقي إنكار أبي بكر العام مسلما به لإقراره صلى الله عليه وسلم إياه ولكنه استثنى منه الغناء في العيد فهو مباح بالمواصفات الواردة في هذا الحديث.
ولي عودة إن شاء الله لتفنيد باقي هذه الشبه بإذن الله.
والله الموفق