- يتدبرون(10) : وقد وردت فى القرآن الكريم مرتان فقط ، ومن المعروف عند العلماء أن التدبر هو أعلى القدرات العقلية في علوم النشاطات العقلية ،وقد حصرت الآيتين التدبر ،فى تدبر أيآت القرآن الكريم .
5-أولى الألباب(11) (أصحاب العقول): تعرض القرآن الكريم لصفات أصحاب العقول حتى نقف على معنى العقل (أولى الألباب) فى 16 أية ، وقد وصفتهم الأيآت بالأتى :
- يتذكرون ، وقد حائت (8)مرات
- يتقون الله ، وقد جاءت (3) مرات.
- ينظرون في الكون، وقد جائت مرتان
- يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وقد جائت مرة واحدة
- يعتبرون من القصص، وقد جائت مرة واحدة.
- يأخذون بالقصاص وقد وردت أيضاً مرة واحدة.
وبذلك فأصحاب العقول هم الذين يحرصون على تذكير أنفسهم فقد جائت أعلى نسبة للتذكر ، ويتقون الله ، وينظرون في ملكوته وكونه، ويتبعون أحسن القول، ويعتبرون بالقصص ، ويحيون بالقصاص .
ب-قسم آخر من العمليات العقلية لم يذكره القرآن صراحة: وإنما نستدل عليه من الآيات ويشتمل هذا القسم على عمليات عقلية غاية قى التعقد ومنها الإستنتاج ، والإستنباط ، وإدراك العلاقات ، وحل المشكلات . وقد فصل القرآن الكريم هذه العمليات العقلية بطريقة غاية فى الإبداع فى مواضع كثيرة منه، فعلى سبيل المثال قصة سيدنا إبراهيم فى أهتدائه إلى الله ، فقد أستخدم القرآن فيها كل العمليات العقليا بما فيها العمليات المعقدة حتى وصل إلى أعلاها وهو حل المشكلة بالتعرف على الله سبحانه وتعالى ، وكذلك قصة سيدنا يوسف فى حل مشكلة الجفاف التى تعرضت لها مصر ، وغيرها من القصص التى تحتاج إلى بحث منفرد يمكن أن يرتقى لأعلى الدرجات العلمية .
ثانياً :الغاية الرئيسية لوجود العقل الغاية الرئيسية من وجود العقل يمكن أستنتاجها من السطور السابقة على أنها النظر والتفكر والتدبر فى ملكوت الله تعالى ، ثم عرضه على الغريزة الموجودة فى القلب لتعقلها كما رأينا فى (التعقل ) والإهتداء بكل ذلك إلى طريق الهداية والرشد ، والنجاة من النار ( وقالو لوكنا نسمع أو نعقل ما كنا من أصحاب السعير )سورة الملك أية 10.
ثالثا: كيفية الاستفادة من العقل:
لكي يتم الاستفادة من هذا الجهاز المعجز الذي أهداه لنا الله تعالى يجب أن نقف أولاً على حدوده.
فكونه مخلوق من عند الله إذاً فإن قدراته محدودة ولا سبيل لوصفه بالقدرة المطلقة كما يذهب بعض العلماء لأن القدرة المطلة صفة لله تعالى وحده.
وبعد ما قرأت واستمعت إلى محاضرة للأستاذ الدكتور المحاضر وبعد ما أضفت إليها الجزء الذي درسته وبحثت فيه ، يمكن أن نقسم حدود قدرات العقل إلى نوعين من العتبات:
*عتبات يجب الوقوف عندها ( الغيبيات)(12) والتي لايمكن للعقل أن يصل إليها في الدنيا أبداً ، لأنها من علم الله سبحانه وتعالى وقد أستأثر بها في علم الغيب عنده ، ورفع عنا العناء وضياع الوقت في البحث فيها ، بأن حددها لنا في القرآن صراحة وليس ضمناً ، ومنها الروح } وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّيوَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً { سورة الإسراء آية 85 فلماذا البحث فى الروح وضياع الوقت }وَلاَتَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ{ سورة الإٍسراء آية 36. وكذلك علم الساعة ، والموت وغيره مما حددته الآية التالية صراحة (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما بالأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غداً وما تدرى بأى أرض تموت إن الله عليم خبير )سورة لقمان آية 34 .
*عتبات لا حدود لها(13) : وأقصد بها هنا العقل بما أعطاه الله له من قدرات ، ولا أقصد الحواس التى لها عتبات حددها العلماء ، لأن العقل له قدرات تفوق كل الحواس . فمن الممكن أن يأخذك العقل إلى مكان وزمان غير الموجود فيهم الشخص فى عالم المحسوسات ، وسيستطيع عقلك أن يريك أشياء بخيالك تتعدى بكثير كل المحسوسات، فأهم الاختراعات التي نستخدمها الآن من طائرات ، وصواريخ ، وألاسلكيات بأنواعها التى يمكن أن تعبر القارات ، ما هي في البداية إلا خيالات تعدت المحسوسات ، فأخذت أصحابها إلى مناطق بعيدة استطاعوا أن ينقلوا العالم كله إليها. وهنا لا يوجد عتبات على العقل الذي ميزه الله تعالى عن سائر المخلوقات بشئ هام جداً وهو الخيال ، الذى يمكن به الإنسان أن ينفذ إلى أقطار السماء ، وينزل في أعماق الأرض بقدرة الله التي يعطيها لمن أراد أن يستخد هذا العقل . }يَا مَعْشَرَ الجِنِّوَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ فَانفُذُوا لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ{سورة الرحمن آية 33.
رابعاً : الأشياء التى تضر بالعقل : لكى نحمى عقولنا لابد لنا من البعد عن مايضرها ، وقد حدد لنا الله تعالى بعض ما يمكن أن يضرالعقل ، ونهانا عنه لكى يحفظ لنا هذا العقل. ويمكن إيجاز هذه الأشياء فى : البعد عن التفكير فى الغيبيات ، البعد عن المسكرات ، البعد عن الميسر ، البعد عن لبس التمائم ، البعد عن التشائم .....إلخ(14). والذى ينظر بتعمق لهذه الأشياء التى نهانا عنها الله تعالى، نجد تأثيرها على العقل تأثير مباشر سواء بالضرر الصحى ، أو بعدم إعمال العقل ، والإتكال على الحظ والظروف ، وتعليق الفشل على أشباء وهمية .
الخلاصة : يمكن أن نستخلص من الصفحات السابقة أن "العقل هو الغريزة التي وضعها الله تعالى في قلوب الممتحن من عباده، وبه يهتدى الإنسان إلى الله تعالى . ويصلح هذا العقل إذا إستقبل الإنسان المعلومات التى حوله بحواسه التى أنعم الله بها عليه إستخدام صحيح ، وعالج هذه المعلومات بالطريقة التى وضحها لنا القرآن الكريم ، فالعقل هو النتيجة الحتمية عندما يرى الفرد ويسمع ، ثم يتفكر ويتذكر ويتدبر ويستنتج ويستنبط ويدرك العلاقات ، حتى يصل إلى التعقل الذي هو الغريزة الموجودة في هذا القلب . وقد ذكر القرآن الكريم وظائف العقل إما صراحةً ، أو ضمناً كما أوضح البحث فى صفحاته السابقة ، أما فيما يتعلق بضرورة أعمال العقل فقد ذكر أكثر من ألف مرة فى أيآت القرأن الكريم (15).
|