الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأحسن الله إليك
لم تَدَع لقائل مَقالاً !
الأمر – حفظك الله – كما ذكرت
لا يَجوز التصويت على قضايا الحلال والحرام ، والأمور التشريعية ، لأنها فُرِغ منها وقُضي فيها بِحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
إلا أن القضايا القابلة للنقاش ، والتي يَحكم فيها العلماء بآرائهم الاجتهادية ، أو يُفتُون فيها بمقتضى المصلحة ، تَقبل المناقشة والسؤال لبيان وجه الصواب ، وليس التصويت لإقرار حُكم في الناس بمقتضى التصويت ، فإن هذا من مُحدَثات العصر !
بمعنى يجوز أن أُناقش عالما في فتواه في مسألة من المسائل الاجتهادية ، ويكون في المسألة أخذ ورَدّ
ولا يَجوز أن يُناقش تحريم أمْرٍ حرّمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فلا يَجوز مناقشة تحريم الخمر أو الربا ، لأن هذه من المسائل التي يعتبرها العلماء من المعلوم من الدِّين بالضرورة .
وخذ على سبيل المثال مسألة يَكثر النقاش والكلام فيها في المنتديات والمجالس والصُّحُف :
مسألة تعدد الزوجات .
هذه مسألة حَكم فيها رب العزّة وحَكم فيها رسوله صلى الله عليه وسلم ، فلا يَجوز بعد ذلك التصويت أو إبداء الرأي : هل يَصلح التعدد أو يَجوز ؟
وإنما يُناقَش : هل يَصلح التعدد لِفلان من الناس أو لا ؟
لأنه لا يُناسب كلّ أحد ، وليس مُباحاً على إطلاقه ، وإنما هو مشروط بالاستطاعة والعَدل بِقَدْر الاستطاعة .
ومن هنا :
فإن العلماء قديما وحديثا يقولون في الأمر المُحرّم الذي ثبت تحريمه في الكتاب والسنة أو في أحدهما : حرام
ويَكرهون أن يُقال ذلك في المسائل الاجتهادية ، وكثيرا ما كان الإمام أحمد يقول : أكره كذا ، لا يُعجبني ، ونحو هذه العبارات في المسائل الاجتهادية .
وإن كانت الكراهة في عُرف المتقدّمين تُطلَق على التحريم .
ثم إن إصدار الأحكام الشرعية لا يَكون بناء على تصويت عامة الناس ، فهذا تشريع ( الديموقراطية ) زعموا !
وليس هو سبيل أهل الإسلام والإيمان .
وقد أمر الله أهل الإيمان بالرّد إليه وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقال جلّ جلاله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)
وأولو الأمر هنا هم العلماء .
وأمر بسؤال أهل العِلم ، فقال : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
ولذا فإن مسائل العلم ليست كلأ مُباحاً لكل أحد .
ولا يَجوز طرح قضايا الأمة بهذه الصورة ، ولا يجوز أن يتكلّم فيها كل أحد .
قال الإمام الشاطبي :
" فإن القرآن والسنة لما كان عربيين لم يكن لينظر فيهما إلا عربي ، كما أن من لم يعرف مقاصدهما لم يَحِلّ له أن يتكلم فيهما ، إذ لا يصح له نظر حتى يكون عالما بهما ، فإنه إذا كان كذلك لم يختلف عليه شيء من الشريعة " .
والله أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم