عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26-12-2009, 12:24 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

ومن حديث أبي هريرة أن النبيَّ صلي الله عليه وسلم كان يوماً يُحدثُ وعندَه رجلٌ من أهل الباديةِ أنَّ رجلاً من أهل الجنة استأذَنَ ربَّهُ في الزَّرع فقال : أو لستَ فيما شئت ؟ قال : بلي ولكني أحبُّ أن أزرعَ ، فأسرعَ وبذر فتبادَرَ الطَّرْفَ نباته واستواؤه واستحصاؤه وتكويرهُ أمثال الجبال فيقول اللّهُ تعالى : دونَك يا ابن آدم فإِنه لا يُشبعُك شيءٌ ، فقال الأعرابيُّ يا رسول الله لا تَجِد هذا إِلاَّ قُرشياً أو أنصارِيّاً فإِنَّهم أصحابُ زَرْعٍ فأمَّا نحن فَلسنا بأصحابِ زَرْعٍ ، فضحِك رسولُ الله ِ ) .
فالأدلة تواترت على أنه سبحانه يتكلم إذا شاء بما شاء وكيف شاء ، وأن كلامه يسمع وأن القرآن الكريم الذي هو سور وآيات وحروف وكلمات هو عين كلامه حقا ، لا هو من تأليف ملك ، ولا هو من تأليف ملك بشر ، فلما أصر أهل الاعتزال على نفي صفة الكلام عن الله تبادر إلي الذهن سؤال هام وهو : إذا كان الله لا يتكلم فهذا القرآن كلام من ؟ ومن الذي تكلم به ؟ فقالوا تكلم به محمد ، ومحمد مخلوق إذا كلامه مخلوق ، فهذا القرآن مخلوق خلقه الله كما خلق سائر الأشياء ، أما هو سبحانه وتعالي ، فلا يتكلم عندهم ولا يكلم أحدا من خلقه ، فمرة ينسبوه إلي جبريل ! ومرة ينسبوه إلي محمد صلي الله عليه وسلم ! ومرة يزعمون أن الله كان ولم يكن عرب ولا كلام عربي ، فالله خلق القرآن كما خلق العرب ! وغير ذلك من ألوان التخبط في الأدلة والتضارب في القول ، وقد عبر ابن القيم عن ذلك في نونيته ، فقال عن تضاربهم وتهافت قولهم مستهزءا بعقيدتهم :
إن الذي جاء الرسول به لمخلوق ولم يسمع من الديان - والخلف بينهم فقيل محمد أنشاه تعبيرا عن القرآن
والآخرون أبوا وقالوا إنما جبريل أنشاه عن المنان - وتكايست أخرى وقالت إنه نقل من اللوح الرفيع الشان
فاللوح مبدؤه ورب اللوح قد أنشاه خلقا فيه ذا حدثان - هذي مقالات لهم فانظر تري في كتبهم يا من له عينان

لكن أهل الحق قالوا إنما جبريل بلغة عن الرحمن - ألقاه مسموعا له من ربه للصادق المصدوق بالبرهان .