الموضوع
:
الفتـــــــــــــــوى والإفتـــــــــــــــاء
عرض مشاركة واحدة
#
45
16-12-2009, 08:02 PM
محمد رافع 52
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى:
37
الأذان والإقامة
سئل عن الأذان هل هو فرض أم سنة
وسئل عن الأذان. هل هو فرض أم سنة؟ وهل يستحب الترجيع أم لا؟ وهل التكبير أربع أو اثنتان كمالك؟ وهل الإقامة شفع أو فرد؟ وهل يقول قد قامت الصلاة مرة أو مرتين؟
فأجاب:
الصحيح أن الأذان فرض على الكفاية، فليس لأهل مدينة ولا قرية أن يدعوا الأذان والإقامة، وهذا هو المشهور من مذهب
أحمد
وغيره.
وقد أطلق طوائف من العلماء أنه سنة. ثم من هؤلاء من يقول: إنه إذا اتفق أهل بلد على تركه قوتلوا، والنزاع مع هؤلاء قريب من النزاع اللفظي. فإن كثيرًا من العلماء يطلق القول بالسنة على ما يذم تاركه شرعًا، ويعاقب تاركه شرعًا، فالنزاع بين هذا وبين من يقول: إنه واجب، نزاع لفظي، ولهذا نظائر متعددة.
وأما من زعم أنه سنة لا إثم على تاركيه ولا عقوبة، فهذا القول خطأ. فإن الأذان هو شعار دار الإسلام، الذي ثبت في الصحيح أن النبي
كان يعلق استحلال أهل الدار بتركه، فكان يصلى الصبح، ثم ينظر فإن سمع مؤذنًا لم يغر، وإلا أغار. وفى السنن لأبي داود والنسائي عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله
يقول:
ما من ثلاثة في قرية لا يؤذن، ولا تقام فيهم الصلاة، إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإن الذئب يأكل الشاة القاصية
. وقد قال تعالى: {
اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ
}
[37]
.
وأما الترجيع وتركه، وتثنية التكبير وتربيعه، وتثنية الإقامة وإفرادها، فقد ثبت في صحيح مسلم والسنن حديث أبي مَحْذُورة الذي علمه النبي
الأذان عام فتح مكة، وكان الأذان فيه وفى ولده بمكة، ثبت أنه علَّمَه الأذان والإقامة، وفيه الترجيع. وروى في حديثه التكبير مرتين كما في صحيح مسلم. وروي أربعًا كما في سنن أبي داود وغيره. وفى حديثه أنه علمه الإقامة شفعًا. وثبت في الصحيح عن أنس بن مالك قال: لما كثر الناس، قال:
تذاكروا إن يعلموا وقت الصلاة بشىء يعرفونه فذكروا أن يوروا نارًا، أو يضربوا ناقوسًا، فأمر بلالا أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة
. وفى رواية للبخاري: إلا الإقامة. وفى سنن أبي داود وغيره، أن عبد الله بن زيد لما أري الأذان، وأمره النبي
أن يلقيه على بلال، فألقاه عليه، وفيه التكبير أربعًا، بلا ترجيع.
وإذا كان كذلك، فالصواب مذهب أهل الحديث، ومن وافقهم، وهو تسويغ كل ما ثبت في ذلك عن النبي
، لا يكرهون شيئًا من ذلك؛ إذ تنوع صفة الأذان والإقامة، كتنوع صفة القراءات والتشهدات، ونحو ذلك. وليس لأحد أن يكره ما سنه رسول الله
لأمته.
وأما من بلغ به الحال إلى الاختلاف والتفرق حتى يوالي ويعادي ويقاتل على مثل هذا ونحوه مما سوغه الله تعالى، كما يفعله بعض أهل المشرق، فهؤلاء من الذين فرقوا دينهم، وكانوا شيعًا. وكذلك ما يقوله بعض الأئمة ولا أحب تسميته من كراهة بعضهم للترجيع، وظنهم أن أبا مَحْذُورة غلط في نقله، وأنه كرره ليحفظه، ومن كراهة من خالفهم لشفع الإقامة، مع أنهم يختارون أذان أبي محذورة. هؤلاء يختارون إقامته، ويكرهون أذانه، وهؤلاء يختارون أذانه، ويكرهون إقامته. فكلاهما قولان متقابلان. والوسط أنه لا يكره لا هذا ولا هذا.
وإن كان
أحمد
وغيره من أئمة الحديث يختارون أذان بلال وإقامته؛ لمداومته على ذلك بحضرته، فهذا كما يختار بعض القراءات والتشهدات ونحو ذلك. ومن تمام السنة في مثل هذا: أن يفعل هذا تارة، وهذا تارة، وهذا في مكان، وهذا في مكان؛ لأن هجر ما وردت به السنة، وملازمة غيره، قد يفضى إلى أن يجعل السنة بدعة، والمستحب واجبًا ويفضي ذلك إلى التفرق والاختلاف، إذا فعل آخرون الوجه الآخر.
فيجب على المسلم أن يراعي القواعد الكلية، التي فيها الاعتصام بالسنة والجماعة، لاسيما في مثل صلاة الجماعة. وأصح الناس طريقة في ذلك هم علماء الحديث، الذين عرفوا السنة واتبعوها؛ إذ من أئمة الفقه من اعتمد في ذلك على أحاديث ضعيفة، ومنهم من كان عمدته العمل الذي وجده ببلده، وجعل ذلك السنة دون ما خالفه، مع العلم بأن النبي
وربما جعل بعضهم أذان بلال وإقامته ما وجده في بلده: إما بالكوفة، وإما بالشام، وإما بالمدينة. وبلال لم يؤذن بعد النبي
إلا قليلا، وإنما أذن بالمدينة سعد القُرَظِى مؤذن أهل قباء.
والترجيع في الأذان اختيار
مالك والشافعي
؛ لكن
مالك
يرى التكبير مرتين، و
الشافعي
يراه أربعا، وتركه اختيار
أبي حنيفة
. وأما
أحمد
، فعنده كلاهما سنة وتركه أحب إليه؛ لأنه أذان بلال.
والإقامة يختار إفرادها
مالك والشافعي وأحمد
، وهو مع ذلك يقول: إن تثنيتها سنة، والثلاثة أ
بو حنيفة والشافعي وأحمد
يختارون تكرير لفظ الإقامة، دون
مالك
، والله أعلم.
__________________
محمد رافع 52
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها محمد رافع 52