( 5 )
جبريل عليه السلام
كان جبريل يتابع الحوار بين الله تعالى وإبليس ودهشته تزداد إتساعاً
قال جبريل في نفسه :
كان الله سبحانه قادراً أن يأمرني بضرب إبليس ضربة تمحق كيانه وتقضي عليه وتعيده إلى العدم
وكان الله قادراً على أن يسوي إبليس بتراب الأرض
ولكنه استمع إلى أسبابه وكان حلمه عليه عظيماً
لم يكن جبريل - بوصفه من الملائكة - قادراً على فهم نوازع الشر وكيف تتراكم داخل النفس ثم تنفجر تمرداً وسوء أدب مع الله
أيضاً لم يكن جبريل يدرك كيف تجرأ إبليس على عصيان الله مرتين مرة حين لم يسجد ومرة حين برر عدم سجوده بأنه خير من آدم !
كيف عرف إبليس أنه خير من آدم ؟؟
من أين جاءه العلم بأن النار خير من الطين ؟؟
إن الله تبارك وتعالى هو خالق كل شئ وهو الأعلم بفضل بعض العناصر على بعض
كيف جرؤ إبليس على هذا الشطط كله ؟؟؟
كتم جبريل حيرته كما كتم الملائكة حيرتهم مما جرى أمامهم ومما سمعوه من حوار
وهدى الله جبريل والملائكة الكرام في حيرتهم وأطلعهم حكمة تكريمه لآدم وحكمة صبره على إبليس
قال الله تعالى ( وعلم آدم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني باسماء هؤلاء إن كنتم صادقين )
يقصد صدقهم في استشراف الخلافة في الأرض وتمني إبليس لها
قال جبريل وقالت الملائكة
( سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم )
قال الله تعالى
( يا آدم أنبئهم باسمائهم )
أدرك جبريل وأدرك الملائكة سر تشريف آدم
إنه هو المخلوق الذي يعلم
هو القادر على المعرفة
والرمز للأشياء باسماء
هذا العلم البشري
الذي شرف الله تعالى به آدم وعلمه له
هو علم لا يلزم للملائكة
لإنهم لا يعيشون في الأرض
وهذا علم يتصل بالأرض وما حولها
أما إبليس فقد انكشف إيمانه وظهر زيفه
واستقر في وضعه الجديد
الذي اختاره صلفه وهو أن يصير قوة مناوئة لآدم وذريته .
الكاتب
أحمد بهجت
- يتبع -