
05-09-2009, 02:51 PM
|
 |
عضو فعال
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2009
العمر: 31
المشاركات: 357
معدل تقييم المستوى: 16
|
|
بغداد.. "المسحراتي"
رغم حالة التدهور الأمني الشديد الذي يعاني منه العراق منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع صدام حسين، يجوب "المسحراتي" شوارع العاصمة بغداد ليلا متحملا المخاطر في سبيل إيقاظ الصائمين لتناول السحور خلال شهر رمضان الكريم.
فقد أقفرت شوارع بغداد التي كانت تعج بالحركة في الأيام الخوالي، وأغلقت المقاهي أبوابها، وبقي الناس في بيوتهم بعدما تحولت العاصمة إلى مرتع للمجرمين رغم انتشار عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين إلى جانب عناصر الشرطة العراقية.
ووسط ذلك المشهد المعتم يظهر خيال في عتمة الليل، ليس لأحد إلا لشيخ يصر -رغم ذلك- على الحفاظ على تقليد "المسحراتي".

المسحراتي مزاحم المشهداني في أحد مقاهي بغداد قبل أن يبدأ في ممارسة عمله
ويجوب الشيخ "مزاحم المشهداني" منذ 32 سنة شوارع حي "الرحمانية" ببغداد لإيقاظ الصائمين ليتناولوا طعام السحور قبل بدء يوم صيام جديد.
ويقول الشيخ مزاحم -55 عاما- لوكالة الأنباء الفرنسية: "ما إن أعلن عن رفع حظر التجول ليلا حتى قمت بإعداد طبلتي التي تساعدني في هذا الغرض".
وأضاف: "استغرب الناس لرؤيتي، لكني لا أخشى إلا الله"، وأضاف: "في السابق كنا نعيش في أمان، وكانت المقاهي والمطاعم تظل مفتوحة حتى الفجر.. أما الآن فأخرج من البيت وأنا أدعو الله أن يحميني".
واسترجع ذاكرته قائلا: "حين كنت شابا كانت أمي تعترض على تجولي ليلا في شوارع بغداد غير أني لم أنصت إليها.. ولن يجعلني هذا (الاحتلال وانعدام الأمن) أغير رأيي الآن".
وفي طريقه الذي اعتاد السير فيه منذ 32 عاما بين المنازل القديمة يمر الشيخ مزاحم بموقع للجنود الأمريكيين، ويقول الرجل الذي لا تفارق البسمة وجه: "حين رأوني أضرب على طبلتي لأول مرة ظنوا أن هناك هجوما.. إلا أن عناصر الشرطة العراقية الذين يعرفونني منذ أمد بعيد فسروا لهم الأمر.. ومنذ ذلك الحين يتركونني وشأني".
"اصح يا صايم"
يقول الشيخ مزاحم إنه يبدأ جولته اليومية طوال شهر رمضان عند الساعة الثالثة فجرا (بالتوقيت المحلي العراقي)، ويبدأ بدق طبلته ثلاث مرات قبل أن ينادي بأعلى صوته: "اصح يا صايم وحد الدايم"، و"أهلا يا رمضان يا شهر الغفران".
وأشار إلى أنه كان في الماضي يمنح المرطبات والشاي والطعام من كل بيت.. غير أن البغداديين الذين يعانون أوضاعا صعبة أصبحوا أقل كرما هذه الأيام مع "المسحراتي" الذي أصبح يجوب الشوارع لا يرافقه سوى الكلاب الضالة. ويضيف بلهجة حزينة: "رمضان الخير ولى".
رغم ذلك يقول الشيخ مزاحم: "تحت المطر وفي الظلمة وحين ينقطع نور الكهرباء أخرج لأن الناس تحتاجني".
ويضيف "أنهم معتادون على سماع صوتي الذي لا يعوضه التلفزيون ولا المنبه.. لن أعلّم هذه المهنة أحدا غيري فلا أحد يملك صوتا كصوتي".
ويعود الشيخ مزاحم مع غروب الشمس إلى مهنته الأصلية كعامل في مقهى يقوم بتوزيع فناجين القهوة والنرجيلة.
وهناك آخرون غير الشيخ مزاحم يحافظون على هذه العادة الرمضانية، فعلى الجانب الآخر من نهر دجلة يتحدى "مسحراتي" آخر هو الشيخ "فالح الجبيري" الخوف الذي ينتشر بين العراقيين مع حلول الليل.
ويقول الجبيري: "في السابق كان لدي ترخيص من الشرطة.. أما اليوم فنعيش حالة من الفوضى"، وأكد أنه "يخشى العراقيين الذين ينهبون ويطلقون النار بشكل عشوائي أكثر من خشيته الجنود الأمريكيين".
وأضاف الجبيري: "في أسرتي تورث المهنة من الأب للابن.. لذلك فإن علي تدريب ابني البكر".
|