عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 29-08-2009, 11:57 PM
المفكرة المفكرة غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,413
معدل تقييم المستوى: 18
المفكرة is on a distinguished road
افتراضي صباح العمل .. صباح الجمال و الأناقة

صباح العمل .. صباح الجمال و الأناقة
أعمل بمدرسة يمتلكها رجل دؤوب ، سواه الدأب صاحب مدرسة و أخرى . ينمو ماله و عمله و رعيته فيربو موظفوه على الألف .
و الآن يزيد الإتساع سعة فنضيف طاقماً جديداً للتدريس . يتعين علي أن اختار مدرسة جديدة تعمل في قسمي . تتقدم للوظيفة المتاحة شابة في أواخر العشرينات بلا خبرة في التدريس لكن شهادتها العلمية تؤهلها للوظيفة .
تثبت جدارة على من تقدمن فتستحق الوظيفة .
تلفت انتباهي بأناقتها ، بدلة سوداء تبرز جمال قوامها و طرحة جميلة تخفي شعرها.
الفت انتباهها على أننا لا نرتدي بنطلونا في العمل فتأتيني تالياً بجيبة متسعة و بلوزة.
كان ذاك قبل بداية يوليو أي نهاية العام الماضي .
********************
يمنحنا أغسطس بداية عام جديد فأجدها معنا .
تأتيني مرتبكة ، تحكي لي عن مشكلة ، تقول برجاء لا يضايقك كلامي .
تخبرني أنها علمت بوجوب ارتداء ثوب في العمل مع طرحة غير مزخرفة. أمر لا يقبله والدها الذي قبل الطرحة بصعوبة . تحكي عنه أنه رجل مسن في الثمانين و أنها لا تحب أن تغضبه لأنه مريض .
أترفق بها فانصت و افكر باحثة عن حل ، مؤكد أفهم ما تمر به فقد أحضر الحجاب زوبعة خلاف مع والدي . خلاف طال بيننا زمناً خلته الأبد حتى رحمني الله من ذلك كله .
فأبناء زمن زعموا له الجمال جملوا حياتنا بمبادىء لا تعرف للحرية هامشاً ، قلق يجر خلاف ، يحضر معه القذى فيملأ العيون عمى و يثقل الأنفس حزناً .
جذر شيطاني ، أحسبني خلعته فأجده يتجدد حتى تجتثه يد المولى فنرتاح جميعاً .

افكر في حل عملي حتى لا يعصرنا عناد الرجال : أب كبير لا يعجبه الحجاب و صاحب عمل لا يعجبه ارتداء البنطلون و الجيبة في العمل .
أقول ما عليك لو وضعت ثوبك في حقيبة و ارتديته في المدرسة ، ثم خلعته بعد يوم العمل حتى يأذن الله بتغيير ذلك كله .
تقول لي إنها ستفكر في الأمر و ستخاطب والدها بشأنه.
يربك هذا الأمر كلتانا .
تتردد في الإستمرار في عملها حتى تأخذ رأي أبيها .

أقول سأصلي و اسأل ربنا كيف نتصرف فالأمر حقاً عصيب بالنسبة لكلتانا .
لعل الطرف ناحيتي أيسر حالاً . اعلم أن أمامي خيارات أخرى غيرها إن هي قررت عدم الحضور غداً . عليها أن تحسم موقفها حتى اتصرف في ضوئه.

*************************
أصلي بعد العشاء فأطيل . استخير مولى بنا رؤوف رحيم . دينه اليسر ، لكن أخلاق عباده العسر . و إذ اسأله و أكل الأمر إليه وحده ، يفك كربنا .
يخطر ببالي أنني سأدبر أموري بغيرها .
بل أريدها معي طبعاً . مهنتي يرتبط فيها العمل بالشخصي رباطاً وثيقاً . ثم لماذا يحرموني من كل ما أحب؟ من حقي التشبث بما أريدهــ(ا) .
أحب لها ما تحبه لنفسها أن يكون لها شيء من اختيار بشأن وظيفتها .

أثناء الصلاة ، يلحقني ألم شديد لا أعرف مصدره.كأنما قيد يطوق رقبتي يكاد يسحقها ، انزعج منه فألجأ لربي لفكه عني .
تنتهي الصلاة فأتحسس رقبتي بيدي . لا ألم مطلقاً . ما هذا الذي أحسسته ؟
تنتهي الصلاة و أنا أدرك شيئاً ما .
*************************
أدخل فصل القرآن في اليوم التالي فابحث عنها .. لا أجدها . ينتابني القلق .
ينتهي الدرس فاتصل بها على عجل ، اطمأن عليها .
_ تعتذر أنها لم تخبرني أنها ذهبت تجهز الأوراق المطلوبة للتعيين.
_ لا عليك ، أقلقني غيابك . لذلك أطمأن عليك .
_ متفائلة خيراً بشأن موافقة أبي على ارتدائي ثوباً .
***********************
يحضرها اليوم الثالث بثوب أزرق ذو نقوش و حافة مزخرفة أنيقة يزينها فيزيدها بهاء .
تبهر الجميع بأناقتها و ذوقها اللطيف فيقبلن عليها مهنآت .
لكل من يحبون النهايات السعيدة : تالياً ، تتبوأ مكانها في العمل تكلؤها عين الرضا .
***********************

آخر تعديل بواسطة المفكرة ، 30-08-2009 الساعة 05:11 AM سبب آخر: لا أكثر من تصويب خطأ