الفصل العاشر
جلست طوال الوقت على السرير افكر بكل ما يحصل معي وأعيد حساباتي في كل الأمور منذ أن جئت فرنسا الى هذه اللحظة..وجدتي نفسي رغم كل ما حصل لي... لست مخطأة وهذا ليس تكابراً مني ولكن هذه هي الحقيقة انا عندما قررت الأبتعاد عن سليم كان هذا بناءً على إرادتي ...لماذا أنا حزينة الأن على شيىء كان دافعاً مني شخصياً...ربما لأنني شعرت أنه في يوم من الأيام ممكن أن يكون بيننا شيىء جدي لكن الأن ضاع أملي...ولكن لماذا أحزن من الممكن أن لا يكون من نصيبي؟؟؟؟؟؟؟...ومن الممكن ان لا أكون من نصيبه...من الممكن أن يكون قد أحب ندى وهي أحبته....إنها فتاة جيدة وفيها الكثير من أخلاقي.....من المستحيل أن اقول لندى أنني اعرفه من قبل...سأترك الأمور تجري لوحدها....وبالله المستعان...
عادت ندى ودخلت غرفتي وهي في غاية السعادة ووجدتني جالسة على السرير وأثار الدموع في عيني.....
- قالت بتأثر: ورد مالك.؟؟؟
- لق بس مام وحشتني...
- معلش يا ورد هما 4 شهور وتنزلي مصر...
- ايوه صح اربع شهور....
- بس دلوقت لازم اقلك خبر حلو..
- قلت بإبتسامة مصطنعة: قولي يا ندى....
- قالت والفرح يملأ عينيها: النهاردة انطلبت للجواز يا ورد(وضمتني بشدة وكأنها لا تصدق) لو تعرفي قد ايه هو كويس واخلاقو تجنن وبعد سنة حيبقى دكتور...
- قلت لها من دون ان اشعر: ايوة اعرفو..
- قالت بأستغراب: ازاي تعرفيه؟؟؟
- قلت بإرتبك: اقصد اني اعرف بنت خالي واختياراتها,,,
- اه يا ورد يجنن يا ورد النهاردة قلي اقول لبابا عشان يجي يتكلم معاه...
- قلت بفرح مصطنع: مبروك يا ندى انتي تستاهلي كل خير....
- اسمو سليم بتعرفي بيشتغل في كافيه الى كنتي من زمان تحبي تقعدي فيها الميزون دو كافيه اكيد لو شفتيه حتعرفيه...
- ممكن..الف مبروك
- قالت وهي متجهة نحو الباب: ورد ...عقبالك يا ورد....
أقفلت الباب وذهبت...وذهبت معها كل أحلامي وأمالي ...هذا نصيبي يجب أن أتقبله مهما كان....هذه هي الحياة...ندى تستحق إنسان مثل سليم..يبدو أنني خرجت من ذهن سليم ومن قلبه نهائياً....وحلت مكاني ندى...سأعتبر من الأن وصاعداً أنني لم ألتقي في حياتي كلها بأنسان بأسم سليم...وعسى الله أن يوفقه مع ندى ...
في اليوم التالي توجهت الى منزل السيدة جوزيفين..وجدت هالة فقط....وبدأنا نتحدث في امور عديدة..
-هالة: بتعرفي يا ورد بعد ما رحتي صار امور كتير بالبيت...
- امور ايه؟
- رهف اتصلو فيها اهلها بمصر وخبروها انتو بنتها بمصر مريضة كتير...تركت كل شي وسافرت من يومين ما قدرت تضل رغم انو عندها امتحانات....يا رب تقدر تشوفها وتطمن عليها....
- جد...والله زعلتيني....ربنا يشفيلها بنتها....
- وماري من يومين ما حدا عارف عنها شي؟
- ازي يعني ..؟؟؟..
- ايه..من اكتر من يومين طلعت طبيعي بس لهلق ما رجعت علبيت وما اخدي شي من غراضها..بلغنا الشرطة بس ما حدا عارف عنها شي...
- يا ساتر يا رب....طب ممكن تكون فين؟
- ما حدا بيعرف...
- معقولة اغيب عنكم شوية ارجع الاقي كل ده حصل,,,
- ايه والله متل ما عم قلك يا ورد...بس قدام كل هالاخبار البشعة في خبر حلو...
- فرحيني يلا.....
- انا انخطبت...
- فرحت وقلت: الف الف مبروك..مين قوليلي....
- مدير شؤون الموظفين الي شفتيه بالمجلة....
- صدمت وقلت: بس ده كبير يا هالة...
- ايه كبير اكبر مني ب 30 سنة..بس غني ومنفتح ومثقف وووو
- اكتتها قائلة: استني يا هالة انتي عارفة عواقب الجوازة دي؟؟؟
- ايه يا ورد ايه....قلتلك انا صعب روح سوريا واتزوج رجال شرقي..هيدا على القليلة منفتح ورح يعيشني عيشة مرتبة
- صمتت قليلاً ولم أعلق على الموضوع وقلت: دي حياتك يا هالة ربنا يوقفك..امتى الفرح....
- بعد شهر عم نحضر هلق البيت الي بدي اسكن فيه
- وقلتي اهلك؟
- ايه قلت لماما اعطيتها علم مش اكتر...
- قلت بيأس: انا متمناش ليكي غير كل سعادة بس حطي في بالك مهما لفيتي صدقين يمش حتلاقي زي الراجل الشرقي..
غادرت الى مقهى قريب فكان لدي موعد مع نجلاء الفتاة التونسية المرحة...وجدتها تنتظرني وأنصدمت فالحقيقة أعطتني صورة مختلفة لهذه الفتاة كلها ألم... وكان بيننا الحديث التالي....
- قد ايه بقالي اعرفك يا نجلاء عمري ما شفتك باللطبية دي...
- ايه اعرف الكل بيفكرني كده بس بضحك وبايعة الدني..ما بيعرفو قداش في بقلبي جروح...
- احيكيلي يا نجلاء عن لجروح...
- اش اقلك يا ورد...خبرك اني جيت من تونس عفرنسا هربانة من مرت اب ظالمة....كانت تتفنن بتعذيبي ...لدرجة اني ما اعرف طعم النوم من وجع جسمي...انا يا وردكل عمري بضحك بس انا عم اعمل متل المثل لي بيقول(الطير يرقض مذبوحاً من الألم)
- ووالدك فين؟؟
- ابي كان كل النهار بالشغل وبليل مرت ابي تستفرد فيني ما تخليني اشوفو كتير ولماا قلو ما كان يصدقني ....
- قلت بحزن: معندكيش اخوات؟
- لق كنت وحيدة بس مرت ابي جابت اخوة...
- طب بعد كل ده رايحة فين؟؟؟عاوزة ترجعي تونس؟؟؟
- ابداً ابداً انا جيت على اساس راجعة بس من اول ما حطيت اجري بفرنسا قررت انو ما ارجع ابداً...
- طب بتشتغلي ايه في فرنسا يا نجلاء؟؟
- انا جارسونة بمطعم...(قالتها بأسى)
- قلت لأخفف عنها(فيها ايه الشغل مش عيب)
- ايه مش عيب بس مش مطعم مية بالمية...فهمتي عليي؟
- قلت وهززت برأسي: فهمت عليكي..ودراستك بالطب؟
- الصراحة انا ما عم ادرس طب...بس بقول هيك للكل لا ما حدا يطمع فيني...
- قلت بأستغراب: ليه؟
- لانو هني البنت اذا ما عم تعمل شي بيفكروها صايعة وبيصرو بيفكروها بتنت رخيصة ولازم يكون في سبب لوجودها بفرنسا....
- ليه الشغل مش سبب؟
- صح بس اذا عرفو اهلي اني هون بس لأشتغل الشغل الي عم اشتغلو...ممكن يدبحوني..
- تخافي من اهلك..؟؟؟؟؟؟
- قالت بغضب: ما بخاف من اهلي...مش اكتر اني ما بحب المشاكل اصلاً ما فيهم يطالوني في فرنسا...انا وضعي بقة قانوني هني...
- بتراسليهم بتعرفي اخبارهم:؟
- - مش كتير من وقت جيت عفرنسا حكيتهم 4 مرات يعني بالسنة مرة..وببعتلهم فلوس ليسكتو هني كل همهم ابعتلهم مصاري اصلاً ما بيسألوني شو عم اعمل.....(قالتها بأسى)
- تابعت الحوار بهدوء: ازاي قادرة تحافظي على نفسك في بلد حرية فيه تامة؟؟
- قالت بحرقة: البلد هنا العيشة فيها صعبة صعبة كتير يا ورد..بس بيقول المتل شو الي ججبرك علمر قلو الأمر...مش رح اقلك اكتر من هيك..
ورأيت دمعة في عينيها.....
- عاوزة ترجعي عتونس يا نجلاء.؟؟
- لق...ما بحب تونس...ولا بحب اتذكرها...مبسوطة هني....
- علفين الحياة مودياكي يا نجلاء؟
- : ما فارقة معاي عم عيش يوم بيوم...بس بحلم باليوم الي يكون معي فيه مصاري كتير وما عوز حدا....ابداً وانا الي اتحكم بالناس متل ما هلق بيتحكمو فيني...
جلست معها قليلاً بعد ذلك اواسيها....وغادرت وصورتها لا تغيب عن بالي وقررت أن أكتب تقريراً بحالتها...
ومرت الأيام وانا أمضي حياتي بطريقة عادية في الجامعة وفي محل العم كريم الذي لم أفتح معه أبداً موضوع سليم.....
في الجامعة كنت فتاة يحترمها الجميع...رغم أنني كنت لا أكلم أحداً ورفيقاتي قلائل جداً بالكاد واحدة او اثنتين لم يتم بيننا أي حديث خارج عن نطاق الدرس...والدكاترة كانت تتعامل معي بشكل طبيعي جداً مثلي مثل الجميع مع أنني ألاحظ بعض الأحيان تفرقة نوعاً ما في العلامات ربما لأنني عربية وهم اروربيون...ولكن لم أعطي أي أهمية لهذا الموضوع طالما أخذ حقي ...سنة وتمر ولا أريد فيها أي مشاكل...كنت اتابع المحاضرات واعود ..أي لا أمضي أكثر من الوقت المطلوب في الجامعة للتعرف على الرفاق والرفيقات...
عدت مرة الى البيت ووجدت عائلة خالي جميعها في إنتظاري...رحب بي خالي كثيراً وقال....
- عاوزة اقلك يا ورد خبر حلو...
- فرحت وقلت: خير يارب..
- قال وعلى شفتاه إبتسامة عريضة: ندى اتخطبت....
- نظرت الى ندى وقلت: الف مبروك يا ندى....
- قالت ندى وهي تحضنني: عقبالك يا حبيتي......
- اصطنعت الضحكة وقلت: مبروك مبروك..يعني حنفرح ان شاءالله..
- قالت زوجة خالي: لقة بس كده حفلة على الضيق..احنا وهو وشخصين مقربين ليه ومجرد تلبيس دبل مش اكتر...عشان الخطوبة حتقعد سنة واكتر علبال ما هو يخلص طب...
- قلت بغصة: ربنا يفرح قلبك يا مرات خالي...
- خالي: مش حتتعشي..
- لق اكلت...عن اذنكم....
...................................
في محل العم كريم وجدته يجلس وهو في غاية الحزن...اقتربت منه قائلة..
- عم كريم مالو؟؟؟
- قال بحزن: ما فيش بس هكدا تعبان...
- مش انا ورد الي زي بنتك..احكيلي...
- قال بإرتباك: ما بعرف ايش بدي قلك يا بنتي....بس انا مضايق جداً...
- قلت بهدوء: مضايق عشان سليم حيخطب بكرة؟؟؟
- نظر إلي بإستغراب وقال: مين قلك؟
- العروسة بنت خالي الي ساكنة معاهم في البيت..
- صدم وقال: ايه الي عم تقوليه؟؟سليم كان عارف؟؟؟
- لا لا يا عم كريم سليم مش قاصد ما يعرفش ان هي قربتي...
- صمت قليلاً وقال: يعني انتي بكرة ححتكوني بالخطبة..
- والله يا عم كريم لسه مش عارفة.....ممكن..بس المهم انت ما تزعلش..نصيب يا عم كريم نصيب..
- قال بتلعثم: بس يا ورد....
- عم كريم خلاص ما تقولش.....صدقنني انا مش زعلانة ..الله يهنيه..ندى بنت كويسة وما يتزعلش انو خطبها...
- قال بغضب: اه بس سليم بيحب ورد ما بيحب ندى..
- قلت بإستهزاء: عشان كده ارتبط بواحدة غيري فوراً...ده حب عظيم..
- يعني كنتي مفكرة انو ممكن يرجعلك بعد الي عملتي فيه..؟!!!!!!!
- صمتت قليلاً وقلت: بلاش الكلام في الموضوع ده يا عم كريم خلاص نصيب...
- قال بهدوء مقنع: بس في مجال يا ورد فيكي تقوليليو الي بقلبك و...(قاطعته قبل ان يكمل كلامه قائلة)
- ازاي بتقول كده يا عم كريم؟؟ هي كرامتي فين...كده بسهولة....لق مستحيل لو كان اخر راجل على الارض ورد كرامتها قبل اي شيىء...
- اومأ برأسه قائلاً: صح...
- مش عاوزة اشوفك غير بتضحك..يلا ورين يالضحكة..
-
وابتسم لي....وضحكنا سويةً...شعرت بحرقة لكن تجاهلتها وبقيت مبتسمة...
جاء يوم الخطبة ودخلت عليي ندى وانا في غرفتي اجلس في سريري لم أقرر بعد إذا كنت انزل أم لا... وهي تلبس فستان أزرق جميل جدا قائلة: - -
- ايه رأيك بالفستان يا ورد؟
- نظرت اليها وإبتسمت لها قائلة: جميل اوي اوي..مبروك...
- اصل ده سليم نقهولي..زوقو حلو....
- - اه حلو.....
- نظرت الي وقالت: ايه ده انتي لسه ما لبستيش يلا اصل شوية وسليم جي.....
- اه اه..اوك..
- يلا بسرعة احنا في الصالة..
خرجت واقفلت الباب نظرت الى نفسي في المرأة وتنهدت لا أعرف لماذا إجتاحتني رغبة ما في الإنتقام وفي أن أشعره أنه لا يعنيني أبداً وأنني في غاية الفرح...جهزت نفسي ولبست اجمل فستان لدي ووضعت حجابي بطريقة جديدة ووضعت قليلاً من المكياج لأول مرة اضعه..ربما أردت في قرارة نفسي أن أبدو أجمل من ندى..لا أعلم لماذا!!!!!!!...
مضى وقت وسمعت زغاريد دليل ان الخطبة تمت...
فتحت الباب وفي داخلي إرادة قوية بأن أكون طبيعية وأن لا يعنيني ما يحصل كأنني أرى سليم لأول مرة..ونزلت الى الصالة.......
يتبع.....