الحرية والعبودية
إذا سالت أي إنسان قائلا : أيهما تحب ..... الحرية أم العبودية ؟ سيقول لك فورا أحب الحرية واكره العبودية ولكن الكثيرين قد لا يعرفون المعني الحقيقي للحرية والعبودية حيث يقع الواحد منهم أسيرا لعادة أو لأمر من الأمور فتصبح قيدا عليه وتؤثر في سلوكه بل وحركاته وسكناته فيصبح عبدا لها .
هناك أمثلة كثيرة لإيضاح هذا المعني ولكننا سنختار ابسط الأمور وأهونها قياسا إلي غيرها لعلها تساعد في بيان المعني .
فإذا كان هناك إنسان مثلا يحب أكل الشوكولاته فيأكلها باعتدال من غير إسراف وذلك اجتنابا لكثير من الأضرار مثل الحرص على صحة الفم والأسنان والاعتدال في تناول السكريات والبعد عما فيها من مواد منبهة وأيضا كي لا تؤثر على تناول الوجبات بكمياتها ونوعياتها المناسبة وفي مواعيدها المناسبة وغير ذلك .
أما إذا ترك العنان لنفسه وكان ذلك في استطاعته وأَكَلَ الشوكولاته كما اشتهاها فان الكميات التي يتناولها سوف تزداد بالتدريج لان قدرته على ضبط النفس سوف تقل شيئا فشيئا وكذلك بحكم اعتياده عليها وأيضا يسبب المادة المنبهة التي تحتويها مثلها في ذلك مثل القهوة والشيء والكاكاو وكذلك المشروبات التي تحتوي على مادة "الكولا" فبعد أن كان يستمتع إذا أكل قطعة شوكولاته كل يوم أو يومين ا حتى بضعة أيام فانه بعد الإسراف في تناولها يصبح أكلها هو الشيء الطبيعي الذي اعتاده وليس فيه المتعة السابقة أما التوقف عن أكلها فهو المرهق بالنسبة له وبذلك يصبح عبدا لهذه العادة تتحكم حتى في سلوكه .
فإذا اضطر للتوقف عنها أو الإقلال منها بسبب المرض أو لعدم القدرة على توفير ثمنها أو لأي سبب آخر فانه يشعر بالضيق وان شيئا مهما ينقصه وقد يسعي للحصول عليها بأي وسيلة......... إذن فإنها تتحكم في سلوكه !!!
لذا فان ضبط النفس ليس قيدا بل انه منتهي الحرية حيث يشعر الإنسان دائما انه ليس عبدا لعادة تتحكم فيه أو يشعر بالضيق والضجر إذا تعرض للحرمان منها .... ليس معني ذلك أن نحرم أنفسنا من الطيبات ولكن نتناولها باعتدال ولا نسمح لأنفسنا بان يكون الواحد منا عبدا لعادة أو لسلوك أو لطعام بل يدرب نفسه دائما على مقاومة رغباته الجامحة ومغالبة هواه فان ذلك أيضا يحميه من الوقوع في الخطأ أو فعل الحرام فيشعر دائما بالراحة والطمأنينة .
وتدريب النفس على مخالفة الهوى يعين الإنسان على طاعة الله ويعينه على التدرج في الطاعات لذا فقد قال تعالي في سورة النازعات "وأمًا من خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوي" .
فالذي يخاف الوقوف أمام ربه يوم القيامة للحساب فلم يقدم على معصية ونهي نفسه عن هواها وردها إلي طاعة الله ضبط نفسه وصبر على ذلك فان مصيره الجنة في الآخرة ويكون في الدنيا مطمئن النفس .
وأخيرا دعاء :
عن ميمونة رضي الله عنها قالت : ما خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم من بيته قط إلا رفع طرفه إلي السماء "اللهم إني أعوذ بك أن أضِلَ أو أُضَل أو َأزِل أو أُزل أو أجهل أو يُجهل عليً أو أَظلِم أو أُظَلم ".