عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 24-12-2017, 11:32 AM
الصورة الرمزية محمد محمود بدر
محمد محمود بدر محمد محمود بدر غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 23,386
معدل تقييم المستوى: 39
محمد محمود بدر is just really nice
افتراضي



في عام 1914 و مع بدء إندلاع الحرب العالمية الأولي أظهر الخديوي عباس حلمي الثاني - حاكم مصر آنذاك - الولاء للدولة العثمانية و عارض أطماع قوات الاحتلال الانجليزي في بلاده و سافر الخديوي الي اسطنبول للتنسيق مع الدولة العثمانية , لكنه فؤجي أثناء سفره يوم 19 ديسمبر 1914 بعزله عن عرش مصر و اعلان مصر محمية بريطانية و فرض الاحكام العرفية في البلاد استعداد لقمع أي ثورة مصرية محتملة .

وقع اختيار لندن على الامير حسين كامل لتعيينه على عرش مصر بعد عزل الخديوي عباس فقد كان حسين معروفا لدى المصريين باعتباره مزارعها الاول فكان المصريون يلقبونه ب "أبو الفلاح" ، ومعروفا ايضا لدى الاجانب و السلك الدبلوماسي باعتباره سيدا تربى في بلاط التوليري العظيم ، و باعتباره ايضا شقيق توفيق و ابن اسماعيل ..

بدأت الاتصالات بين الانجليز و الامير حسين كامل و فاتحوه في قبول منصب خديوية مصر لكنه تردد في البداية خشية من ثورة المصريين ضده و قال :
"لا أستطيع ان أقبل منصب الخديوية الان , حتما سيثور المصريين ضدي و لن يسمحوا بدخولي في حرب ضد الخليفة بدون منح مصر اي وعد بحقها في الاستقلال الذاتي و أنا تحت السيادة البريطانية"

اذن فالامير لم يرفض العرش من حيث المبدا ولكنه كان يخاف من النتيجة اذا لم تنتصر انجلترا في الحرب ، ومن صدى هذا التعيين في العالم الاسلامي ، ماذا سيقولون عندما تعين دولة مسيحية حاكما لمصر خلفا للخديوي الذي خلعته لانضمامه الي صف خليفة المسلمين ؟!

و أعيد جس نبض الامير مرة أخري لكنه كان خائفا فقد كان أمراء اسرة محمد علي يؤكدون له ان تركيا ستكسب الحرب و انها ستقبض عليه و تضع رقبته تحت المقصله ثمنا لخيانته , هذا بالاضافة الي أن ابنه الوحيد الامير كمال الدين كان متزوجا من ابنه الخديوي عباس و كانت زوجته تهدده بالطلاق اذا قبل ابوه الجلوس على العرش مكان ابيها ...

لكن رغم ذلك فقد كانت نفس حسين تدفعه الى ان يكون حاكما لمصر مكان عباس ابن اخيه الذي كان يسميه "الشاب المعتوه" ويعتبر نفسه احق بالعرش منه , ولكنه ظل يماطل على امل الحصول على امتيازات شخصية أفضل !!

أخيرا قبل الامير حسين كامل عرش مصر مع لقب السلطان حيث أن لقب الخديوي يعني التبعية للخلافة العثمانية و رفع الانجليز راتبه الي مئة و خمسون ألف جنيها .
و عقب تعيينه بدأت الصحافة تمارس دورها في تغييب الوعي و تضليل الراي العام و نشر ما يهيئ الاذهان للتغير السياسي الذي كانت تنتويه انجلترا , فعلي سبيل المثال وصفت صحيفة الاهرام المصرية خبر عزل الخديوي عباس ب " التغيير العظيم في القطر المصري" بل ان بعض الصحف فتحت الابواب للترحيب بالحماية البريطانية و المطالبة بسرعة تنفيذها و بقاء الانجليز في مصر الي الابد .

لاقى تعيين الإنجليز للسلطان حسين كامل رفضاً شعبياً قاطعا قضي على شعبيته ، و لقد حفلت سنوات حكمه بعدم الاستقرار ، الذي أسفر عن رفض الشعب المصري لأسلوب ولايته ، على حساب الخديوي المعزول ، و لم تهدأ المظاهرات ابدا و كان المصريون دائمي الهتاف في كل مظاهراتهم " الله حيٌ عباس جيٌ "
و لقد عمدت الحركة الوطنية في مصر خلال حكم السلطان حسين كامل إلى العمل السري خاصة بعد تعرضها للقمع ، فاعتمدت العنف ، و تعددت محاولات اغتيال الوزراء والمسؤولين ، بل و تعرض السلطان نفسه لمحاولتي اغتيال احداهما باطلاق الرصاص و الاخري باستهداف موكبه بقنبله .

انهزم جنود الدولة العثمانية علي حدود قناة السويس بعد أن إجتازوا سيناء مما شجع الجنرال الانجليزي أدموند اللينبي علي قيادة تجريدة مصرية مؤلفة من عشرات الالاف من المجندين اجباريا و خاض حربا شرسة لانتزاع فلسطين من الدولة العثمانية تنفيذا لوعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطي , و في عام 1917 نجح في دخول القدس بعد أن أستسلمت حاميتها العثمانية و قال جملته الشهيرة " ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين ! " و اعتبر هذا اليوم بمثابة نهاية للحروب الصليبية ..

و بعد أقل من سنتين و تسعة اشهر توفي السلطان حسين كامل و شيعت جنازته في حراسة العسكر الانجليز الي مثواه الاخير بمسجد الرفاعي بالقاهرة في التاسع من اكتوبر سنة 1917 بعد أن إختتم حياته بمولاه الانجليز مقابل كرسي زائل ...

الصورة التقطت من شارع رمسيس في القاهرة سنة 1915 لجنود عثمانين وقعوا في الأسر اثناء المعارك في سيناء دفاعا عن حدود فلسطين , يتم إقتيادهم الي معسكرات الإعتقال في القاهرة بصفتهم أعداء و مجرمين و ذلك علي مرأي و مسمع من الشعب الذي يبدو علي دوام قليل الحيلة !!



الصور المرفقة
 
رد مع اقتباس