إتحاف أهل العصر في ذكر قادة مصر
بسم الله الرحمن الرحيم الحَمد لله الذي مَنَّ علينا بالإسلام، وهَدَانا بالإيمان الجَارِي على أَحسَن نِظام، وأَنعَمَ علينا بِشَفاعة نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ عليه أفضل الصلاة والسلام، وجعل سِيَر الأَوّلين عِبرة لِأُولِي الأَفهَام، وتَقلّبات الأَحوال قَاضِية على كل أمر حَادث بالإِنصَرام، كَيلا يَغترّ ذُو جَمَال حَسن ولا يَيْأس مَن لَعبت بِأحوَاله أَكُفّ السِّقَام؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شَريك له، شهادة تشفي القلوب مِن لَظى الأُوَامِ؛ وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله، الذي فَتح لِلهِداية أبواباً يَلِج المُستفتحون لها بمفاتيح الاِنقِياد والاِستِسلام، صَلَّى اللهُ عليه وعلى آله وصَحبِه صلاةً دائمةً ببقاء الأيّام، وسَلِّم تسليماً كثيراً بعدد جميع الأَنَام. وبـــعــــــــد،،، فعلى الصفحات التالية ... سنتناول تاريخ مصر وحضارتها من خلال أشهر ملوكها وأمرائها ورؤسائها ... بدءاً من العصر القديم حتى وقتنا الحاضر ... إن شاء الله تعالى. وسَـمّـيـتُ هذا الموضوع بـــــــــــــــ ((إِتـــحَـــــافُ أَهْـــلِ الــعَـــصْــــرِ فِـــي ذِكْـــرِ قَـــادَةِ مِـــصْـــــــر)) فَاللهَ أَسألُ أن يُوفقني لإتمام هذا العمل، وأن ينفعني به وإياكم. ********* /// حـــاتـــــم أحـــمـــــد مــحـــمـــــد /// |
// تـــمـــــهـــــــيـــــــــــد // الــمـــوقـــــع والــمـــنـــــاخ تحتل مصر الركن الشمالي الشرقي لقارة أفريقيا وتشغل الحوض الأدنى لنهر النيل، وهي عمومًا عبارة عن وادٍ منبسط تحف به الصحارى من الجانبين: الشرقي والغربي, ولولا وجود النهر لأصبحت هي الأخرى جزءًا من الصحارى المحيطة بها؛ ولذا وصفها هيرودوت بعبارته الشهيرة: "مصر هبة النيل". وفي الشمال يوجد البحر المتوسط، وفي الشرق والغرب صحاري واسعة يصعب اجتيازها، وفي الجنوب توجد منطقة صحراوية صخرية تعد من أجدب بقاع العالم، وتعترض النهر فيها جنادل وصخور تجعل الملاحة فيه متعذرة غير يسيرة، وهكذا كفلت البيئة المصرية الأمن والهدوء لأهلها. ومن جهة أخرى تتمتع البيئة المصرية بمناخ معتدل وسماء صحو دائماً؛ ونادرًا ما تتعرض للأعاصير وتسودها الرياح الشمالية التجارية. |
مـصـــر قـبــل الـتــاريـــخ تنقسم عُهود ما قبل التاريخ في مصر إلى ثلاثة عصور رئيسية: 1. العصر الحجرى القديم. 2. العصر الحجري المتوسط. 3. العصر الحجرى الحديث. ففي هذه العصور الثلاثة لم يكن هناك ثمة حضارة بالمعنى المعروف، وإنما كانت الحضارة الموجودة وقتذاك تتمثل فـــي: - معرفة المصري القديم الزراعة. - استئناس الحيوان، واصطياده والتغذي عليه؛ وهذا فضلًا عن صيد البحر. - وبعض الصناعات الخفيفة والتي يستخدمها في المعيشة والدفاع عن النفس، فبعض هذه الصناعات كان مصنوعاً من الحجارة، كالفئوس الحجرية، والبعض الآخر كان مصنوعاً من الصوان أو الصلصال أو العاج كالأواني والمغارف الفخارية والأمشاط الطويلة الأسنان. - صناعة الحُلي: وقد قاموا بصناعتها من بعض الأحجار المختلفة ومن الأصداف والنحاس، كان أهمها الخرز والأساور والأحزمة. - صناعة السِّلال والحُصر ونَسيج الكِتّان؛ حيث عُثر على أجزاء منها في مقابرهم. هذا... ولم يُعثَر على بقايا يُستدل منها على صِفة الإنسان الذي عاش في مصر خلال هذه الفترة، ولا مَن حَكم مصر آنذاك. ********* |
(1) نـار-مــــر وهو المعروف بــ (مينا)، هو مؤسس الأسرة الأولى الفرعونية، وموحد القطرين. زوجـتــه: الأميرة (نيت-حتب)؛ وكانت من الوجه البحري. ألـقـــابـــــه: - مَلِك الأرضَيْن - صَاحب التّاجين - نَسر الجَنوب - ثُعبان الشّمال أهم ما قام به من أعمال: اختلف المؤرخون كثيراً حول شخصية هذا المَلك، ومهما كان أمر هذا الاختلاف فإن غالبية الباحثين تنسب إليـه: - توحيد مصر (المملكتين الشمال والجنوب)، وكان ذلك في عام 3200 ق.م تقريباً. - تحويل مجرى النيل، وأنشأ في المكان المتخلف عن مجراه الأصلي عاصمة جديدة عرفت باسم (منف)، ومعناها: الحائط الأبيض؛ والذي مازال جزء منه متبقيًا إلى الآن؛ ومدينة منف هي الآن منطقة ميت رهينة التابعة لمركز ومدينة البدرشين بمحافظة الجيزة. - القيام بحروب ضد الليبيين والنوبيين. - تشييد بعض المعابد. |
(2) حـــور-عـحـــا هـو: ثاني ملوك الأسرة الأولى في مصر القديمة، ومعنى (حور-عحا): "حور الذي يحارب"؛ وقد عاش في القرن الحادي والثلاثين قبل الميلاد؛ واستمرت مدة حكمه لمصر 57 سنة. أهم ما تميز به عهد (عحا): ازدهار الصناعة والحِرَف؛ فقد عُثر على رؤس فؤوس نحاسية مصنوعة بدقة، وبقايا أوعية خزفيه، وصندوق عاجي ورخام أبيض منقوش. |
(3) خــنـــت-دجـــــر هـو: ثالث ملوك الأسرة الأولى في مصر القديمة، وهو ابن (حور عحا) السابق الذكر. حكم (خنت-دجر) في حوالي سنة 3050 ق.م، واستمرت مدة حكمه لمصر 57 سنة؛ وقد عُثر على اسمه منقوشًا على صخور جبل الشيخ سليمان، بالقرب من وادي حلفا. أهـم أعـمـالـــه: - انتصاره على بلاد النوبة في حَربه معها، والتي كان سببها: تأمين حدودهم الجنوبية، والاستيلاء على بعض حاصلات الجنوب. |
(4) جـيـت معنى اسمه: أفعى حورس؛ هو ابن (خنت-دجر)، ورابع ملوك الأسرة الأولى. - عثر على اسمه منقوشًا على صخرة في أحد الدروب التى كانت تصل ما بين إدفو والبحر الأحمر. - وعُثِر له أيضاً على اللوحة الشهيرة التى تحمل اسمه، والمحفوظة حاليًا في متحف اللوفر في باريس. - بدأت فترة حكمه سنة 2980 ق.م ظناً/ واستمرت لمدة 10 سنوات. أهم ما تميز به من أعمال: - وصلت مصر في عهد هذا الملك إلى درجة لا بأس بها من الرُّقي؛ فقد عُثِر على آثار من عهده يتجلى فيها الإتقان والروح الفنية العالية, كما وُجِد اسمه مكتوبًا على صخور أحد الوديان التي تربط بين إدفو وساحل البحر الأحمر. - إرسال البعثات التجارية. - إرسال بعثات استغلال المحاجر والمناجم بحثًا عن المعادن في منطقة الصحراء الشرقية. |
(5) دن هو ابن (جيت). - هو أول من استخدم لقب ملك مصر السفلى ومصر العليا. - وهو أول من احتفل بعيد جلوسه على العرش. - بدأت فترة حكمه سنة 2790 ق.م ظناً/ واستمرت لمدة 42 سنة. له العديد من الإنجازات، من أهمها: - استطاع أن يقضي على الاضطرابات التي هدفت إلى انفصال المملكتين. - أعاق قطاع الطرق الذين كانوا يغيرون على سكان الدلتا الغربية. - تنظيم مياه النيل وفيضانه في منطقة الفيوم. - حَبس الأوقاف على المعابد. |
(6) عدج-إيب بدأت فترة حكمه سنة 2930 ق.م تقريباً، واستمرت لمدة 10 سنوات. له العديد من الإنجازات، من أهمها: - حارب البدو. - قام برحلة إلى مكان لم يتمكن المؤرخون من تحديده بعد، وانتصر على سكان هذا المكان. - عمل أول إحصاء معروف في التاريخ. - قام ببعض الاحتفالات الدينية. - تأسيس بعض المدن. |
متميز كالعادة استاذنا الفاضل تسجيل متابعة لهذا الموضوع الرائع تابع استاذنا الفاضل فهذا الموضوع سيكون موسوعة لحكام وقادة هذا البلد العظيم جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم |
اقتباس:
دائماً ما يشرفني تواجد حضرتك أستاذي الفاضل فشكراً جزيلاً لمرور حضرتك العطر |
(7) نـثـر-خـت المعروف بــ (زوسر)؛ هو الفرعون الثاني لمصر في الأسرة الثالثة في بداية الدولة القديمة. وُلِد في سنة 2686 ق.م؛ ومات في سنة 2600 ق.م ظناً. وكان ذو همة ونشاط؛ فعصره يعد بداية تطور حضاري ضخم وخاصة في فن المعمار، والذي تمثل في بناء أول هرم مدرج في التاريخ؛ وقد حكم مصر لمدة 29 سنة. أهم ما قام به من أعمال: - بناء الهرم المدرج: والذي أشرف على بنائه المهندس إمحوتب؛ فهذا الهرم هو أول بناء حجري ضخم عرفه التاريخ. وهو عبارة عن ست مصاطب بعضها فوق بعض، وارتفاعه 60 متراً تقريباً، والسور المحيط به وبالمباني الملحقة به يبلغ طوله 544 مترًا، وعرضه 270 مترًا، وقد عثر في دهاليزه على أوانٍ من الأحجار مختلفة، معظمها مهشم عن قصد وقد قدر عددها بنحو 30.000 آنية. - كما عمل على تأمين البلاد من غارات البدو. - وأرسل حملة لتأديب بدو سيناء. |
مشكوووووووووووووووووور
|
اقتباس:
شكراً جزيلاً لمرورك الجميل |
(8) سـخـم-خـت لَـقَـبـه: (زوسر الثاني) لا يُعرف لهذا الفرعون كثير عمل، غير قيامه ببناء هَرماً مُدرجاً كَسَالفه. وقد عُثر على أوان فخارية منقوشة عليها اسمه داخل هرمه هذا. كما وُجدت له ثلاثة نقوش في وادي مغارة بسيناء. وقد حكم مصر لمدة 7 سنوات. ومات في سنة 2650 ق.م تقريباً. |
(9)بـتـاح-سـنـفـروي المعروف بـــ (سنفرو). هو مؤسس الأسرة الرابعة خلال عصر الدولة القديمة. وزوجته هي (حتب-حرس). وهو أول مَن استحدث وظيفة وزير؛ والتي ظهرت لأول مرة في عهده. وعلى الجانب الشخصي فقد كان يجمع (سنفرو) بين القوة والرحمة، فحكم وقاد بلاده وشعبه إلى حياة أفضل يظللها الأمن والسلام. فَمِن ثَمَّ تَميزت فترة حكمهبالاستقرار والعدالة؛ سادت فيها البلاد مظاهر الغنى والرفاهية, وأصبحت مملكة وطيدة الأركان يديرها موظفون مدربون. كما أنتعش في عهده الاقتصاد بسبب تشجيعه لإقامة علاقات تجارية مع فينيقيا؛ وأحسن في استخدام موارد بلاده. وقد حكم مصر أربعة وعشرين عاماً. أهـم أعـمـالـــه: - بناء الهرم المنحني. - بناء الهرم الأحمر. - بناء الهرم الناقص. - قام بحملة إلى النوبة وأخرى إلى ليبيا جلب منهما عددًا كبيرًا من الأسرى والماشية. - قام ببضع حملات على سيناء، كان الغرض منها استغلال مناجم النحاس فيها. - أرسل أربعين سفينة لإحضار خشب الأرز من لبنان؛ حيث عُثر على كثير من تلك الأخشاب في هرمه القبلي في دهشور. |
(10) خـنـوم المعروف بــ (خو-فو). هو ثاني ملوك الأسرة الرابعة؛ وابن (سنفرو)؛ السابق الذكر. وصاحب الهرم الأكبربالجيزة؛ أضخم بناء حجري عرفه التاريخ؛ أُطلِق عليه اسم (أخت-خو-فو) بمعنى: أفق خوفو... وقد شُيِّد سنة 2650 ق.م، وأَشرف على بنائه وزيره ومساعده الأول (هامون). تلا (خو-فو) والده (سنفرو) على العرش؛ وأستفاد من الاستقرار والنظام اللذين وضع أسسهما والده؛ فنعم بحكم وطيد، هيأ له الفرصة للقيام بأعمال ضخمة؛ حيث عثر على اسمه في كثير من الجهات بسيناء. وحكم مصر ثلاثة وعشرين سنة. وقد اذدهرت التجارة في عصره، بين مصر وفينيقيا. كما أرسل البعثات إلى وادي المغارة لِإحضار الفيروز. وقد اشتهر خوفو ببناء هرم الجيزة الأكبر؛ إحدى عجائب الدنيا، وقد فاق هذه العجائب جميعاً في أنه الوحيد الذي ظل قائمًا حتى الآن، ومن ضخامة هذا الهرم يتضح لنا أن تشييده تطلب عددًا هائلًا من العمال والمهندسين، وأنه استغرق عدة سنوات، ويذكر هيرودوت أنه سمع من الكهنة أن العمال الذين استخدموا في البناء كانوا مائة ألف عامل يعملون ثلاثة أشهر في العام, وأن عملية البناء استغرقت نحو ثلاثين عامًا، وهو يصف خوفو بالقسوة ونسب إليه أنه سخَّر شعبه في بناء مقبرته. والهرم الأكبر وقت بنائه كان يرتفع 146 متراً، ولكن جزءاً منه تهدم فأصبح ارتفاعه الآن حوالي 137متراً؛ وهو يشغل مساحة قدرها 12 فداناً تقريباً، واستُعملت في بنائه نحو 2.300.000 كتلة من الحجر متفاوتة الوزن. ولقد قَدّر بعض الرياضيين أن هذه الأحجار لو قُطعت إلى قِطع صغيرة، حجم كل منها قدم مكعب ووُضِعت متلاصقة... لأمكن أن تغطي خطًّا يبلغ طوله نحو ثلثي محيط الكرة الأرضية عند خط الاستواء!!! ولم يتم بناء الهرم على أساس تصميم واحد؛ بل غُير التصميم الأصلي أثناء العمل. ولا شك أن خوفو قد وفق إلى أبعد حد في المحافظة على هيبة الملكية ومراعاة النظام؛ إذ لم يعثر من عهده على تماثيل للأفراد؛ بل ولم يعثر له هو شخصيًّا إلا على تمثال صغير لا يتجاوز ارتفاعه عشرة سنتيمترات تقريباً، نُقِش اسمه على كرسي العرش؛ وهو الآن بالمتحف المصري. هذا... ولم يتم توثيق جوانب أخرى كثيرة من حُكمه. ويرى بعض المسلمين أن (خو-فو) هذا... هو فرعون النبي الكليم (موسى) عليه الصلاة والسلام، المذكور في مواضع شتى في القرآن الكريم؛ والله أعلم. مات (خو-فو) في سنة 2558 ق.م تقريباً. |
(11) دجيدف-رع هو ثالث ملوك الأسرة الرابعة؛ وابن (خو-فو) السالف الذكر. وحكم مصر لمدة 8 أعوام. في حقيقة الأمر لم يكن (دجيدف-رع) هو المرشح الأول لتولي حكم مصر بعد (خو-فو), لكنه كان أخوه غير الشقيق (كا-وعب)؛ الذي قُتِل في ظروف غامضة في حياة أبيه (خو-فو), حيث يرى البعض أنه أُغتيل في مؤامرة مدبرة, كان أحد أطرافها هو (دجيدف-رع) هذا...؛ حتى إن كان لم يكن له دور فيها، فبلا شك أنه كان المنتفع الأول من هذه المؤامرة. وبمجرد أن أمن دجيدف رع موقعه؛ على الفور أسرع بالزواج من أرملة أخيه المُغتال (كا-وعب) لمزيد من تأمين عرشه, التي كانت تُدعى (حتب-حرس الثانية), وأنجب منها بنت وهي (نفر-حوتب-إس)، أغلب الظن أنها كانت والدة الفرعون (أوسر-كاف)؛ أول فراعنة الأسرة الخامسة. ثم تزوج (دجيدف رع) مرة أخرى من (خنتت-إن-كاو)، فأنجبت له ثلاثة ذكور: (ست-كا) و (هر-نت) و (با-كا). وقد اتّسمت فترة حكمه بشدة الخلافات والصراعات بينه وبين أخوته الغير أشقاء, على رأسهم أخيه الغير شقيق (جدف-حور) مات هو الآخر في عهد أخيه (دجيدف-رع), ووُجدت مقبرته بجانب أخيه (كا-وعب) ناقصة، وقد نال منها الأنتقام. وفي خلال فترة حكمه بدأ (دجيدف-رع) في بناء هرمه في منطقة أبو رواش؛ حيث كان المخطط لهذا الهرم أن يكون بنفس تصميم هرم (منقرع) الذي بُنِي لاحقاً, لكن لم يكتمل بنائه, حيث أن (دجيدف-رع) تعرّض لمؤامرة من المؤامرات انتهت بم***ه، وذلك في سنة 2566 ق.م تقريباً. وبعد م*** (دجيدف-رع)، بدأت الصراعات الداخلية بين الشقيقين (خفرع) و (با-أف-رع) على العرش، والتي استمرت لفترة تأرجح فيها العرش بينهما، حتى دانت أخيراً لــ(خفرع). |
(12) خفران هو المعروف بــ (خفرع). ورابع ملوك الأسرة الرابعة؛ وابن (خو-فو) الفرعون الشهير. وصاحب ثاني أكبر هرم في الجيزة؛ حيث بلغ ارتفاعه 143 متراً، والآن 136 متراً... وشُيِّد فوق مساحة تُقَدّر بـــ 215 متراً مربعاً. وصاحب تمثال (أبو-الهول)... الذي يبلغ طوله 57 متراً، وارتفاعه 20 متراً. تولى العرش بعد أخيه (دجيدف-رع)... وبنى هرمه خلف هرم أبيه في الجيزة, وهو يبدو أعلى من الهرم الأكبر؛ ولكنه في الواقع مشيد على ربوة أكثر ارتفاعًا من تلك التي بني عليها هرم خوفو، ويعد هذا الهرم ومجموعة المباني الجنزية المحيطة به أكمل ما عثر عليه من مجموعات جنزية, كما أن التماثيل التي عثر عليها وخاصة تمثاله المصنوع من حجر الديوريت تعد علامة من علامات الفن المصري التي وصل فيها فن النحت إلى القمة. وبنى تمثال (أبو-الهول)... الذي يتمثل في صورة أسد يدل على القوة, برأس إنسان يدل على الحكمة... فهذا التمثال كان عبارة عن صخرة كبيرة كانت تعترض الطريق الموصل بين المعبد الجنزي القائم في شرق الهرم وبين معبد الوادي المقام على حافة الهضبة؛ فاستغلت هذه الصخرة في تجميل المنطقة ونحتت في شكل تمثال هائل على هيئة أسد رابض رأسه في صورة رأس (خفرع). كما عُثر لــ (خفرع) على تمثال جالس له، موجود بالمتحف المصري. حكم (خفرع) مصر 24 سنة؛ ومات في سنة 2535 ق.م ظناً. |
(13) منكاو-رع المعروف بــ (منقرع). هو خامس ملوك الأسرة الرابعة؛ وابن(خفرع) السابق الذكر. وصاحب الهرم الثالث من أهرامات الجيزة؛ حيث بناه بجوار هرمي جده (خو-فو) وأبيه (خفرع)، ويبلغ ارتفاعه 66 متراً تقريباً، ويبلغ ضلعي قاعدته 102,2 متراً في 104,6 متراً؛ فهو أصغر كثيراً عن هرمي جده وأبيه. والمادة الأساسية التي استُخدِمت في بنائه كانت من الحجر الجيري التي استُخرِجت من محاجر بالقرب من مكان البناء، ولكن طلب (منقرع) من مهندسيه أن يبنوا الجزء السفلي الخارجي من حجر الجرانيت الوردي. وعمل المهندسون على احضار أحجار الجرانيت الرملي من أسوان، وتم نقلها على النيل حتى الجيزة. وتم تغطية الهرم بأحجار الجرانيت الوردي إلى ارتفاع 15 متراً، وما فوقها فكان من الحجر الجيري الأبيض الذي أتوا به من طرة، على الضفة الشرقية من النيل. ولم يتمكن (منقرع) من إتمام هرمه الصغير ومجموعته الجنزية, فأتمها ابنه (شبس-كاف) من بعده. وحينما فُتِح هذا الهرم سنة 1839 ميلادية، عُثِر فيه على تابوت لــ(منقرع)، ومنه نُقِل إلى سفينة تُسمى أوريجون لتحمله إلى إنجلترا، ولكن هذه السفينة غرقت بما فيها أمام شواطئ إسبانيا. زوجته الأولى: الأميرة (خامر-عر-نبتي) الثانية. زوجته الثانية: الملكة (ريخيت-رع). أولاده: 1. (خو-إنرع) وهو الابن الأكبر لـــه، وقد مات قبل والده، ولذلك لم يصعد إلى العرش. 2. (شبس-كاف) وهو الابن الأصغر لـــه، وقد تلى والده على العرش. 3. (سخم-رع)، وقد عُثِر له على تمثال. 4. (خنت-كاوس): ابنة. لم يخلف (منقرع) والده (خفرع) في اعتلاء العرش مباشرة؛ وإنما سبقته مدة لم يستقر فيها الحكم، تمكن فيها واحد أو اثنان من إخوة خفرع من تولي العرش فيها، ثم وَلِي هو بعد. ويبدو أن مباني أسلافه كانت عبئًا كبيرًا على خزانة الدولة، وكذلك كانت المنازعات الداخلية؛ ولذا تأثرت حالة البلاد الإقتصادية في عهده. ورغم ذلك فقد كان عهده أكثر حرية من أبيه وجده. حكم (منقرع) مصر لمدة 18 عاماً، ومات في سنة 2504 قبل الميلاد. |
(14) شبس-كاف هو سادس ملوك الأسرة الرابعة؛ وابن (منقرع). لا يعرف عن هذا الفرعون الكثير، فهو من أكثر ملوك مصر غموضاً، لذلك تضاربت أقوال المؤرخين حول فترة حكمه، فمنهم مَن قال بأنه حكم لمدة 25 سنة، ومنهم مَن قال 4 سنوات؛ ويوجد له تمثالين في متحف اللوفر. تولى الحكم بعد والده (منكاو-رع)؛ ويظهر أنه واجه خلال حكمه نفوذ كهنة رع الذي أخذ يشتد منذ عهد (خو-فو)، وربما أراد (شبس-كاف) أن يتخلص من نفوذ هؤلاء الكهنة بدليل عدم تشييده لمقبرته، التي بناها في سقارة على هيئة هرم؛ بل جعل مقبرته في هيئة تابوت كبير، وهي تعرف حالياً باسم مصطبة فرعون، وهي بعمق 52 متراً تؤدى إلى ممرين: أحدهما كاذب لتضليل اللصوص؛ والأخر بعمق 278 متراً ويؤدى هذا الممر إلى غرفة الدفن الحقيقية. ومن المرجح أن محاولته هذه لم يكن لها نتيجة سوى التعجيل بنهايته ونهاية الأسرة الرابعة. حكم (شبس-كاف) مصر 25 سنة؛ ومات في سنة 2496 ق.م. تقريباً. |
(15) خنت-كا-وس هي آخر ملوك الأسرة الرابعة في مصر القديمة. وابنة (منقرع) ووارثة عرشه. وشيّدت مقبرتها فى منطقة أهرامات الجيزة، على شكل تابوت ضخم. يحتمل أنها كانت زوجة (شبس-كاف) وشهدت محاولته في الحد من نفوذ الكهنة؛ ولكن من المرجح أنها كانت ذات أثر كبير في نهاية حكم الأسرة الرابعة؛ لأنها بعد وفاة شبسكاف لم تستطع القبض على زمام الأمور؛ حيث يبدو أن نزاعًا حدث حول العرش، وتمكن أحد أفراد الأسرة المالكة ويدعى (بتاح-ددف) من الاستيلاء على الحكم؛ ولكنه لم يستمر سوى عامين تمكّن بعدها (أوسر-كاف) من اعتلاء العرش، ومؤسسًا الأسرة الخامسة. |
(16) أوسر-كاف هو مؤسس الأسرة الخامسة الفرعونية. بالرغم من أنه لم يكن من البيت المالك، وإنما وصل للعرش عن طريق زواجه من الأميرة (خنت-كاوس). وقد تميز هذا الملك بنشاطه الديني؛ فقد قام بتشييد المعابد في مختلف أنحاء مصر. وقد بنى هرماً في سقارة معروفاً بــِـ"هرم أوسر-كاف"، كما عُثِر له في معبده على تمثال ضخم من الجرانيت. حكم مصر نحو سبعة أعوام. ومات في سنة 2487 ق.م ظناً. |
(17) ساحو-رع هو ابن (أوسر-كاف) السالف الذكر، وأول ملوك الأسرة الخامسة الذين بنوا أهرامهم في أبي صير، وكان هرمه صغير الحجم غير متقن البناء نسبياً؛ بينما كان معبده فخماً زينّه بأعمدة من الجرانيت, تاج كل منها يمثل حزمة من سعف النخيل، وقد صور على جدرانه لوحات بها مناظر تمثل انتصاره على الليبيين وعلى الآسيويين، ومن بينها ما يشير إلى رحلة بحرية إلى فينيقيا، ومناظر سفر الأسطول وعودته لا تدل على أن هذه الرحلة كانت حملة حربية؛ ولذا لا نستطيع أن نتبين الغرض الذي من أجله أرسل الأسطول في هذه المهمة. ويشير حجر بارمو إلى أن هذا الملك أرسل حملة إلى بونت, وأن هذه الحملة عادت ومعها مقادير كبيرة من البخور والذهب وأعواد الخشب التي ربما كانت عبارة عن قطع من الأبنوس، ومن نقش صخري قرب بلدة توماس ببلاد النوبة يمكن أن نستنتج أنه أرسل كذلك حملة إلى الجنوب. وهكذا نجد أن عهده امتاز بنشاط خارجي عظيم خرجت فيه مصر عن عزلتها واحتكت بجيرانها، ومن الأدلة على ذلك ما نشاهده في مقبرة أحد أشراف عهده في دشاشة من مناظر حربية منها ما يمثل كيفية استيلاء المصريين على أحد الحصون في آسيا. حكم (ساحو-رع) مصر لمدة 12 عام؛ ومات في سنة 2475 ق.م تقريباً. |
(18) نفر-إير-كارع بدأ هذا الملك بتشييد هرم له أكبر من هرم أخيه؛ ولكنه مات قبل أن يتم جميع أجزاء المجموعة الجنزية المحيطة به، ويعرف عن هذا الملك أنه كان متديناً طيب القلب؛ فقد أصدر مرسوماً يحمي حقوق المعابد ويرعى مصالح رجال الدين؛ مما يوحي بأن سلطان الكهنة أخذ في الازدياد، وربما كان هؤلاء قد استغلوا طيبته وتدينه؛ فعملوا على زيادة نفوذهم وسلطانهم. ومما يدل على شدة عطفه على موظفيه ورجال حاشيته أن وزيره (واش-بتاح) كان يشرف على بناء إحدى المنشآت الملكية وسقط مغشيًّا عليه أثناء زيارة الملك للمكان؛ فأمر بنقله حالًا إلى القصر وحاول أن يجد له علاجًا؛ ولكنه مات؛ فأمر بأن يصنع له تابوت من خشب الأبنوس المطعم، كما أمر بأن يحنط أمامه، ولم يقتصر على ذلك بل عين ولده الأكبر في بعض الوظائف الكبرى. كذلك يتبين دَماثة خُلُق هذا الملك وشدة عطفه؛ مما أظهره نحو أحد رجال حاشيته ويُدعى (رع-ور)؛ ففي أحد الاحتفالات كان (رع-ور) هذا يقف إلى جوار الفرعون، وحدث أن لطمت عصا الفرعون ساق (رع-ور) عن غير قصد... فذعر الملك لذلك، واعتذر عما بَدَر منه، وأَمَر بتدوين الحادث ليكون ذلك شهيدًا على مكانة هذا الشريف عنده!! وقد تولى بعد هذا الملك ملكان لم يتركا آثارًا مهمة، ومن بعدهما تولى الملك التالي.... |
اين الباقى افادك الله
|
اقتباس:
واحدة واحدة عليّ يا عم زيكو... أنا بكتب في 9 مواضيع في المنتدى |
(19) ني-أوسر-رع حكم هذا الملك أكثر من ثلاثين عاماً، وبنى هرماً ومَعبداً في أبي صير، تدل نقوشه على أنه قام بحروب في سورية وضد الليبيين، وإن كان بعض الأثريين يميل إلى أن هذه المناظر مستوحاة من مناظر معبد (ساحو-رع) سالف الذكر. وقد عُثِر في سقارة على مقابر مهمة كثيرة من عهد هذا الملك، تعطي نقوشها فكرة واضحة عن الحياة الاجتماعية في ذلك العهد. |
(20) منكاو-حور اعتلى العرش بعد (ني-أوسر-رع) وقد حكم نحو ثمانية أعوام. وتشير بعض النقوش في وادي مغارة إلى أنه أرسل حملة إلى سيناء. وقد شيّد هرماً لنفسه ولكن لم يُعثر عليه حتى الآن. |
(21) جد-كارع لا يقل حكم هذا الملك عن ثمانية وعشرين عاماً، ويبدو أنه كان نشطاً قويًّا... فقد أَمَّن حدود بلاده بصورة جيدة؛ إذ إن نقوشاً تحمل اسمه وجدت في توماس بالنوبة وفي وادي مغارة بسيناء وفي وادي الحمامات. وتدل نصوص الرحالة (حر-خوف) على أن أحد رجال هذا الملك ويدعى (با-أوردد) استطاع أن يجلب له قزماً من بلاد بونت فكافأه من أجل إحضاره، وهذا مما يؤيد وجود نشاط مصري تجاري على الأقل مع الأقطار الجنوبية. وقد كشف عن هرم هذا الملك ومعبده وأهرام بعض أفراد أسرته، ومما عُثر عليه في هذا المعبد تماثيل لبعض الحيوانات ولبعض الأسرى الأجانب، ويبدو أن الدولة في عهده حفلت بالكثيرين من مشاهير الرجال ومن بين هؤلاء (بتاح-حتب) الذي أشرف على تربية هذا الملك، وكان من بين كبار الموظفين في عهده، وحين تقدمت به السن استأذن الملك في اعتزال الخدمة؛ فلما أُجيب إلى طلبه كتب تعاليمه لولده الذي خلفه في وظيفته، وقد أصبحت هذه التعاليم فيما بعد ثروة أدبية عظيمة القيمة، وخاصة لما تحويه من مُثُل أَخلاقية عُليا. حكم مصر 28 سنة؛ ومات سنة 2375 ق.م ظناً. |
جزيل الشكر والتقدير لحضرتك على هذه المعلومات الفيمة جزاك الله خيرا وبارك الله فيك |
اقتباس:
شكراً جزيلاً لمرور حضرتك العطر والذي شرفني وأسعدني جداً |
معلومااااااات رااائعه
بارك الله فيكم استاذى |
اقتباس:
نوّرتي وشرّفتي الموضوع يا آية شكراً جزيلاً لمرورك الجميل |
(22) أوناس آخر ملوك الأسرة الخامسة وإن كان بعض المؤرخين يرى اعتباره أول ملوك الأسرة السادسة؛ لأن بعض التغيرات الجوهرية قد حدثت في عهده, وكان "تيتي" الذي خلفه على العرش وفيًّا له فأتم ما لم يستطع إتمامه من مبانيه, مما يوحي بوجود صلة قوية بينهما. ومن أهم ما حدث في عهد أوناس ذلك التجديد الذي حدث في نقوش الأهرامات؛ فبعد أن كانت النصوص الدينية لا تكتب على جدران الحجرات الداخلية بدأت هذه النصوص منذ عهد أوناس تكتب على جدران الحجرات الداخلية وحجرة الدفن, وأصبحت هذه النصوص تعرف لدى الأثريين باسم نصوص الأهرام. وقد كشف عن جزء كبير من الطريق الذي كان يصل بين المعبد الجنزي ومعبد الوادي لهرم أوناس, ومنه أمكن أن نستنتج أن هذا الطريق كان مسقوفًا بالأحجار وينفذ إليه الضوء خلال كوات بالسقف الذي زُيِّن؛ بحيث كان يبدو في هيئة السماء المرصعة بالنجوم، أي: إنه طلي بلون أزرق ومثلت فيه أشكال النجوم بلون أبيض، أما الجدران فقد نقشت بمناظر دينية ومدنية مختلفة، فمن النقوش الدينية مناظر تمثل الملك وهو يؤدي بعض الطقوس, وبعض المناظر الأخرى التي تمثل الزراعة والحصاد والصيد في البر وفي الماء، والبعض يبين بعض خطوات العمل في بناء المعبد ونقل الجرانيت إليه في سفن تسير في النيل، كذلك نجد بعض المناظر التي تشير إلى حدوث مجاعة وإلى وفود بعض الأجانب إلى مصر. وقد حكم أوناس ما يقرب من ثلاثين عامًا؛ مما يوحى باستقرار الأمور؛ ولكن يبدو أن نفوذ ملوك الأسرة الخامسة كان قد أخذ في الاضمحلال، وأدى ذلك إلى انتقال الحكم إلى أسرة جديدة؛ فمن المعروف أن الأسرة الخامسة جاءت من نسل كهنة هليوبوليس أو بإيحائهم؛ ولذا كان من الطبيعي أن يغدقوا الهبات وأن يكثروا من الأوقاف على المعابد، وازداد ثراء الكهنة وسلطانهم؛ وبالتالي أخذت سلطة الملوك المطلقة تقل وبدأت قبضتهم تتراخى عن الشئون الإدارية وخاصة في الأقاليم؛ حيث تمكن أمراؤها من الحصول على كثير من الامتيازات وتطورت أفكار الشعب عامة؛ مما كان له أكبر الأثر في عصر الأسرة السادسة التي لا ندري كيف انتقل المُلك إليها, ولا الأسباب التي أدت إلى ذلك. مات سنة 2345 ق.م ظناً. |
(23) تـيـتـي هو أول فراعنة الأسرة السادسة، أصله من منف؛ وقد تعرّض في نهاية حياته لمؤامرة انتهت بموته، إذ ***ه حراسه بعد حُكْم دام نحو ستة أعوام على الأرجح, وقد دُفِن في هرمه الذي شيّده في سقارة. ولم يخلّف وراءه آثاراً تدلنا على شخصيته، أو الكثير من حياته. مات سنة 2333 ق.م؛ تقريباً. |
(24) وسر-كارع تولى الحكم بعد (تيتي)؛ ولكنه لم يستمر فيه إلا مدة قليلة، ويبدو أنه كان مغتصبًا للعرش كذلك؛ لأنه لم يُذكَر في قائمة سقارة؛ وقد قام ببناء هرماً لنفسه في منف. |
(25) بيبي الأول يبدو أن المتاعب التي تعرض لها البيت المالك منذ نهاية عهد الأسرة الخامسة ظلت مستمرة في عهد هذا الملك أيضًا؛ فمع أنه حكم نحو خمسة وعشرين عامًا نعمت فيها مصر بشيء من الرخاء والازدهار؛ فإن حياته العائلية تعرّضت لبعض المؤامرات؛ حيث يشير "أوني" الذي كان من أكبر موظفي الدولة في عهد الأسرة السادسة إلى أن الملك عيّنه بين المحققين الذين أسند إليهم التحقيق مع زوجة الملك فيما نُسِب إليها من اتهامات. وفي عهده زاد نفوذ أمراء الأقاليم وحكام المقاطعات؛ فشعر بذلك بيبي الأول، بأن هذا الأمر قد يسبب خطراً على سلطانه، فصاهر إحدى عائلات الصعيد القوية كي يعمل على توطيد مركزه؛ حيث تزوج من ابنة أمير منطقة أبيدوس التي أنجب منها ولده وخليفته على العرش (مري-إن-رع) ومن المحتمل أن والدة هذا الأمير ماتت وهو صغير، فتزوج والده من شقيقتها, وهذه أنجبت ولدًا آخر تولى العرش بعد أخيه. ويبدو أن عهد (بيبي الأول) شهد نشاطًا من بعض العناصر المجاورة لمصر وخاصة في الشمال, وربما كانت هذه العناصر من بدو سيناء، فقد استطاعت أن تهدد الحدود المصرية، واستطاع (بيبي الأول) أن يتخلص من تهديد هذه العناصر حيث تمكن قائده "أوني" من جمع جيش كبير من الوجه القبلي ومن النوبة، قضى به على المتاعب التي تهدد مصر في الشمال. ولا بد أنه أكثر من تشييد العمائر ونشط في إرسال البعثات لاستغلال المحاجر والمناجم؛ حيث عُثِر على كثير من نقوشها في مختلف الجهات، ولما مات (بيبي الأول) في سنة 2283 ق.م؛ تقريباً؛ كان ولده (مري-إن-رع) في السابعة من عمره تقريبًا، وولده الآخر (بيبي الثاني) في الثانية من عمره تقريبًا. |
(26) مري-إن-رع اعتلى العرش وهو صغير؛ إذْ كان في نحو الثامنة عند وفاة والده، ومات بعد أن حكم فترة وجيزة تكاد لا تزيد على أربع سنوات، وأهم ما نعلمه من عهده جاءنا عن طريق نصوص الوزير أوني، ومنها نتبين أن هذا الملِك أمره بحفر خمس قنوات في منطقة الشلال الأول لتسهيل مرور السُّفن، كذلك يشير أوني إلى أنه استغل أخشاب الأشجار في النوبة لعمل سفن كبيرة استغلهافي شحن أحجار الجرانيت اللازمة لبناء هرم الملِك، وإلى أنه أحضر تابوت الملك غطاءه من محاجر حاتنوب، وتوحي هذه النصوص بأن الملِك أو بالأحرى ديوانه شعر بخطر حكّام الأقاليم؛ فعيّن هذا الموظف النشيط حاكمًا عامًّا على الوجه القبلي، ولم يكن لهذه الوظيفة مثل هذا الدور العملي في مراقبة حكَام الأقاليم إلا في عهد هذا الملِك؛ لأن لقب حاكم الجنوب أصبح بعد ذلك لقبًا شرفيًّا ولم تكن له قيمة عملية. ويدل نصّان في منطقة الشلال الأولى على أن الملِك ذهب إلى هناك بنفسه؛ حيث تقبل خضوع زعماء بعض القبائل النوبية. ولا بد أن الاهتمام بالاتجار مع النوبة قد ازداد في عهد الأسرة السادسة؛ إذ لا شك في أن مصر كانت تحصل على منتجات النوبة في أول الأمر عن طريق الرّحالة والمغامرين، ثم بدأت هذه التجارة تنتظم وأخذ ملوك الأسرة السادسة يعهدون بها إلى بعثات تجارية يرأسها أحد كبار الموظفين أو يكلف بها أمير الإقليم الجنوبي من مصر، وهؤلاء كان الواحد منهم يلّقب عادة بلقب يدل على رئاسة فرق من المرتزقة؛ حيث يبدو أن عددًا من هؤلاء، ومن الجنود النظاميين كانوا يرافقون تلك البعثات لحمايتها. ومن أشهر رؤساء البعثات في ذلك العهد حرخوف الذي يُعدّ أعظم رحّالة الدولة القديمة؛ حيث وصل في أسفاره إلى منطقة بعيدة تدعى يام3، وقد بدأ أولى رحلاته في عهد هذا الملِك، وكان فيها يصاحب والده إري. |
(27) بيبي الثاني تولّى العرش وهو في السادسة من عمره! وكانت والدته أشبه بوصية على العرش في أثناء السنوات الأولى من حكمه، ومن المرجح أن قوة الأمير جعو "خال الملك" وعِظَم مركزه هما السبب في رعاية مصالحه كملك طفل ومصالح أمه الملكة الوالدة، وقد عاش هذا (بيبي الثاني) إلى أن بلغ من العمر أرذله، فيكاد يجمع المؤرخون على أنه ظل يحكم نحو أربعة وتسعين عامًا! وأهم ما حدث في عهده: توالي الرحلات التي كان يقوم بها أُمراء الإقليم الجنوبي إلى النوبة ووصلوا فيها إلى مناطق لم يسبق للمصريين أن وصلوها من قبل، ورغم النجاح الباهر الذي صادفوه في أول الأمر؛ فإن بعض الرّحالة قد لقوا حتفهم في تلك البلاد فيما بعد؛ مما يدل على أن هيبة مصر في أواخر عهد هذا الملك تعرّضت إلى الاستهانة بها؛ لأن ما أصاب البلاد من ضعف كان النوبيون يشعرون به دون شكّ؛ فبعض النصوص المتأخرة من عهده تشير إلى ذلك؛ إذْ يُفهم منها أن النوبيين بدئوا يظهرون روح العداء نحو مصر، ولذا أخذ قواد القوافل يستميلونهم بالهدايا. وربما كان وصول (بيبي الثاني) إلى سن الشيخوخة واستمراره مدة طويلة كحاكم ضعيف واهن؛ مما أدى إلى ضعف سلطان الملك وانهيار الإدارة المركزية، ولم يقدر لمصر أن يجلس على عرشها ملك قوي إلا بعد نحو مائتي عام حينما تأسست الدولة الوسطى؛ إذْ لم يتبع هذا الملك في الحكم من ملوك الأسرة السادسة إلا (مري-إن-رعالثاني) الذي لم يحكم إلا سنة واحدة ثم تبعته على العرش (نيت-إقرت) التي ذكرها مانيثون باسم "نيتوكريس" ولم تبقَ هي الأخرى إلا نحو عامين ثم اندلعت نيران الثورة في البلاد، وانتهت بذلك الدولة القديمة. ولم يكن النوبيون وحدهم هم الذين يشعرون بما ينتاب مصر من ضعف؛ بل إن بعض العناصر الآسيوية المجاورة كانت هي الأخرى تشعر بالحالة الداخلية في مصر، ومن المرجّح أنها كانت ترقبها دائمًا وتتحين الفرص للإغارة على الدلتا أو على الأقل تحاول الهبوط إلى أراضي الوادي الغنية للاستقرار فيها. |
(28) أنتف الأول هو مؤسس الأسرة الحادية عشرة. لا يُعرف الكثير عن هذا الملِك قبل أن يعلن نفسه مَلِكًا ويتّخذ الألقاب الملكية؛ ولكن من المرجّح أنه حينما كان مجرد حاكمًا لإقليم طِيبة على صِلات طيّبة مع ملوك الشمال، وكان إلى جانب إمارته للإقليم كبيرًا للكهنة كما كان مسئولًا عن حماية الحدود الجنوبية لمصر؛ لأنه كان يُلقّب بِـــ "حارس الحدود الجنوبية"؛ حيث يبدو أن الأقاليم الجنوبية من مصر كانت تكوِّن اتحادًا فيما بينها بزعامة طِيبة، وربما كان هذا هو السبب الذي من أجله مُنح هذا اللقب. ولا شك في أن انتقال الملك من الأسرة التاسعة إلى الأسرة العاشرة وضعف هذه الأخيرة جعلا أنتف يرى أنه لا يقل قوة وأحقية في الملك عن ملوك الشمال؛ فادعى الملك ووضع اسمه في خانة ملكية وأحاط نفسه بحاشية ملكية. مات أنتف الأول سنة 2118 ق.م، تقريبًا، ودُفن في مقبرة كبيرة نُحتت في الصخر بجهة الطارف في البر الغربي للأقصر، ولا بد أنه حظي بمكانة عظيمة بين معاصريه؛ مما كان له أثر كبير في تبجيله فيما بعد؛ حتى إن سنو-سرت الأول أقام تمثالًا له في الكرنك. |
(29) أنتف الثاني تولّى الحكم بعد والده، وكانت الأقاليم الخمسة الجنوبية من مصر خاضعة لسلطانه، وظل في الحكم نحو خمسين عامًا حاول خلالها أن يتوسع شمالًا؛ ولكن بيت إهناسيا استطاع أن يحدَّ من جهوده وخاصة لأن أُمراء أسيوط كانوا حلفاء لهذا البيت، ولا شك أنهم اشتركوا فيما نشب من حروب بين الفريقين كما نستدل على ذلك من نقوش أمير أسيوط "خيتي" الذي افتخر في مقبرته بأنه جمع الجنود وأعد فرق الرماة وأشاد بالأسطول، ومع هذا لا نجد في العبارات المنقوشة بالمقبرة؛ ما يدل على حرب صريحة أو وقائع معينة بين صاحبها "خيتي" والطِيبيين. ويمكن تلخيص الحالة في مصر في تلك الأثناء بأن السيادة فيها كانت تتنازعها مملكتان: - شمالية يحكمها بيت إهناسيا. - وجنوبية يحكمها بيت طِيبة. بينما كان بعض الأمراء الذين يحكمون أقاليم داخل نطاق المملكة "وقد أحسوا بضعف ملوك إهناسيا" يؤرّخون الحوادث بتاريخ حكمهم لأقاليمهم أي: أنهم كانوا يعتبرون أنفسهم مستقلين في أقاليمهم، ومن هؤلاء أمراء البرشة. ويبدو أن أطماع بيت طيبة في التوسع شمالًا ظلت قائمة وتوالت محاولاتها في هذا السبيل؛ حيث نجد أن "تف إيب" الذي أعقب والده "خيتي" في إمارة أسيوط قد نقش في مقبرته؛ ما يدل على حروبه مع الطِّيبيين أعداء الملك بالقرب من أبيدوس، وادّعى بأن زعيم الطِّيبيين وقع في الماء وتفرّقت سُفنه؛ إلا أن معلوماتنا من مصادر أخرى كثيرة تدل على أن طِيبة قد انتصرت في هذه الحرب واستولت على الإقليم السادس؛ وبذلك وسّعت رقعتها شمالًا. ومن المُرجّح أن أنتف الثاني كان من الحكّام الذين امتازوا بالدراية وحُسن الإدارة، نشيطًا؛ إذْ أقام بعض المباني ورمّم بعض الهياكل المتداعية وبنى لنفسه قبرًا كان يعلوه هرم من الطوب وأقام أمامه لوحة نقش عليها منظر يمثله وأمامه خمسة من كلابه، وهي الآن بالمتحف المصري. مات أنتف الثاني سنة 2069 ق.م، تقريبًا. |
موضوع غاية فى التشويق والمتابعه فعلاً
|
اقتباس:
شكرًا جزيلاً لمرورك الجميل والذي أسعدني وشرّفني جزاك الله خيرًا |
(30) أنتف الثالث طال حُكم "أنتف الثاني" إلى خمسين عامًا كما ذكرنا فيما سبق؛ فلمّا تبعه ابنه "أنتف الثالث" كان هذا قد تقدّم في السِّن فلم يبقَ إلاّ زمنًا قصيرًا، ولا نعلم عن عهده شيئًا يُذكر، وربما كان تقدّمه في السِّن سببًا في عَدم إقباله على الكِفاح؛ فلم تتجدد المناوشات بين بَيْتي إهناسيا وطِيبة في عهده. مات أنتف الثالث سنة 2061 ق.م، تقريبًا. |
جزاكم الله خيرا
|
اقتباس:
بارك الله فيكم |
(31) منتو-حتب الأول اختلف المؤرخون كثيرًا في شأن هذا الملِك؛ ولكن لا شكّ في أنه كان صاحب النصر النهائي على بيت إهناسيا وتوحيد البلاد وبدء عهد الدولة الوسطى. فمِن المرجّح أن بيت إهناسيا أراد الاستيلاء على إقليم أبيدوس وإعادة تبعيته لمملكتهم، وكان ذلك في عهد مليكهم "خيتي الرابع"؛ ولكن الموقعة التي نشبت بين هذا الأخير وبين "منتو-حتب الأول" بالقرب من أبيدوس لم تكن في صالح إهناسيا؛ إذ قتـل "هرو-نفر" أحد أبناء "خيتي الرابع" وانتصر "منتو-حتب". وربما كان في انتصاره هذا إغراء كافٍ للتقدّم شمالًا ومواصلة الكِفاح حتى تمكّن في النهاية من القضاء على بيت إهناسيا وتوحيد البلاد تحت سلطانه، ولا بد أنه قد بذل مجهودًا ضخمًا لإخضاع سائر أنحاء مصر، كما يُرجّح أنه حارب في الدلتا وفي الصحارى المتاخمة لمصر شرقًا وغربًا ضد البدو المقيمين فيها، وأرسل بعض البعثات أو الحملات إلى النوبة وبعثات أخرى إلى وادي حمامات لاستغلال المحاجر أو للقيام منه إلى بونت. وبعد أن استقرّت الأمور واستتبّ الأمن في البلاد تفرغ "منتو-حتب الأول" للأعمال العمرانية؛ فبنى معبده الجنزي ومقبرته التي نحتها من تحته في الصخر بمنطقة الدير البحري في البر الغربي للأقصر، وهذه المجموعة الجنزية تُعدّ فريدة في تصميمها، وقد اقتبست عنها "حتشبسوت" في الأسرة الثامنة عشرة فيما بعد. ويُستدلّ من الآثار التي اكتشفت من هذا العصر وخاصة مقابر الأشراف وكبار الموظفين وزوجات الملك ومحظياته أن مصر قد تمتعت في عهده بالأمن والرّخاء والرّفاهية، وارتقت فيها الفنون والآداب. ومن أهم ما اكتشف من هذا العهد رسائل كان قد كتبها أحد الأفراد ويُدعى "حقا-نخت" لولده الأكبر واسمه "مر-سو" يُفهم منها أن الأب كان كاهنًا لمقبرة الوزير "إيبي" وكان من طبيعة عمله أن يُدير الأوقاف التي أوقفها الوزير للإنفاق على مقبرته، ومن بينها ضيعتان بالقرب من منف؛ ولذا كان يضطر للسفر إلى هاتين الضيعتين تاركاً لولده مهمة الإشراف على بيته وأملاكه، وكان يُرسل إليه تعليماته عن كل ما يتعلق بهذه الشئون، وقد ألقت رسائله هذه كثيرًا من الضوء على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في هذا العهد. |
(32) منتو-حتب الثاني اتّبع سياسة والده في التّعمير؛ فنشطت حركة البناء في الدّلتا والصّعيد وتقدمت الفنون في عهده، وقد أرسل بعثة إلى وادي حمامات برئاسة مدير البيت الملكي "رئيس الديوان" وكان تعدادها ثلاثة آلاف شخص؛ فلما وصلوا إلى شاطئ البحر الأحمر صنعوا سُفنًا ذهبوا بها إلى بونت، وعند عودتهم أحضروا معهم بعض الأحجار الممتازة في صناعة التماثيل. ويبدو أنه لم يُعمّر طويلًا؛ إذْ إنه حينما أراد أن يبني مقبرته على غرار ما شيّده سلفه لنفسه لم يتمكن إلاّ من إعداد الأرض للبناء وتمهيد الطريق إليها، والظّاهر أن المنيّة وافته حينما بدأ حفر القبر وبعد أن وضعت بعض الودائع في الأساس، وعلى ذلك دُفن في مَقبرة بسيطة أُعدّت على عَجَل. وقد مات سنة 1995 ق.م تقريبًا. |
شكرااا على الموضوع
|
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:00 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.