بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   أرشيف المنتدي (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=513)
-   -   موسوعة الأخلاق الإسلامية (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=511314)

محمد رافع 52 18-04-2013 05:14 PM

الوسائل المعينة على اكتساب صفة التَّأنِّي
1- الدُّعاء:
كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو الله بأن يهديه إلى أحسن الأخلاق، فكان مِن دعائه: ((واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلَّا أنت، واصرف عنِّي سيئها لا يصرف عنِّي سيئها إلَّا أنت)) .
2- النَّظر في عواقب الاستعجال:
قال أبو إسحاق القيرواني: (قال بعض الحكماء: إيَّاك والعَجَلَة؛ فإنَّ العرب كانت تكنِّيها أمَّ الندامة؛ لأنَّ صاحبها يقول قبل أن يعلم، ويجيب قبل أن يفهم، ويعزم قبل أن يفكِّر، ويقطع قبل أن يقدِّر، ويحمد قبل أن يجرِّب، ويذمُّ قبل أن يخبر، ولن يصحب هذه الصِّفة أحدٌ إلَّا صحب النَّدامة، واعتزل السَّلامة) .
3- معرفة معاني أسماء الله وصفاته:
فمِن أسمائه سبحانه: الحليم والرَّفيق، ومِن معانيهما: التَّأنِّي في الأمور، والتَّدرج فيها، ومن ذلك إمهال الكافرين والظَّالمين، إقامة للحجَّة وقطعًا للمحجة؛ ليهلك مَن هلك عن بينة، ويحيى مَن حيَّ عن بينة .
قال تعالى: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [يونس: 11].
4- قراءة سيرة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:
فنستفيد مِن سنَّته صلى الله عليه وسلم التَّأنِّي والصَّبر على الإيذاء، قال خباب بن الأرت رضي الله عنه: ((شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسِّد بردة له في ظلِّ الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ قال: كان الرَّجل فيمن قبلكم يُحْفر له في الأرض، فيُجْعَل فيه، فيُجَاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيُشَقُّ باثنتين، وما يصدُّه ذلك عن دينه، ويُمَشَّط بأمشاط الحديد ما دون لحمه مِن عظم أو عصب، وما يصدُّه ذلك عن دينه، والله ليتمَّنَّ هذا الأمر، حتى يسير الرَّاكب مِن صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلَّا الله، أو الذِّئب على غنمه، ولكنَّكم تستعجلون)) .
5- قراءة سيرة السَّلف الصَّالح:
ففي سيرة سلفنا الصَّالح نماذج كثيرة تدلُّ على تحلِّيهم بخلق التَّأنِّي، والتَّريُّث في أمورهم، فقراءة سِيَرهم تعين على الاقتداء بهم، وانتهاج طريقهم.
6- استشارة أهل الصَّلاح والخبرة:
إذا أقدم الشَّخص على أمرٍ يجهله فعليه أن يستشير أهل الصَّلاح والخبرة ولا يتعجَّل في أمره، قال تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران: 159].
قال الماورديُّ: (الحزم لكلِّ ذي لبٍّ أن لا يبرم أمرًا ولا يمضي عزمًا إلَّا بمشورة ذي الرَّأي النَّاصح، ومطالعة ذي العقل الرَّاجح. فإنَّ الله تعالى أمر بالمشورة نبيَّه صلى الله عليه وسلم مع ما تكفَّل به مِن إرشاده، ووعد به مِن تأييده، فقال تعالى: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ.. وقال الحسن البصري -رحمه الله تعالى-: أمره بمشاورتهم ليستنَّ به المسلمون ويتَّبعه فيها المؤمنون، وإن كان عن مشورتهم غنيًّا) .

محمد رافع 52 18-04-2013 05:17 PM

نماذج مِن تأنِّي الأنبياء والمرسلين عليهم السَّلام

نبيُّ الله يوسف عليه السَّلام:
تأنَّى نبيُّ الله يوسف -عليه الصَّلاة والسَّلام- مِن الخروج مِن السِّجن حتى يتحقَّق الملك ورعيَّته براءة ساحته، ونزاهة عرضه، وامتنع عن المبادرة إلى الخروج ولم يستعجل في ذلك.
قال تعالى: وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ [يوسف: 50].
قال ابن عطيَّة: (هذا الفعل مِن يوسف -عليه السَّلام- أناةً وصبرًا وطلبًا لبراءة السَّاحة) .

محمد رافع 52 18-04-2013 05:19 PM

نماذج للتَّأني مِن سير الصَّحابة رضي الله عنهم
تأنِّي أبي ذر الغفاري في قصَّة إسلامه:
قال ابن عبَّاس: ((لـمَّا بلغ أبا ذر مبعث النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بمكَّة قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرَّجل الذي يزعم أنَّه يأتيه الخبر مِن السَّماء، فاسمع مِن قوله ثمَّ ائتني، فانطلق الآخر حتى قدم مكَّة، وسمع مِن قوله، ثمَّ رجع إلى أبي ذر فقال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق، وكلامًا ما هو بالشِّعر. فقال: ما شفيتني فيما أردت فتزوَّد وحمل شنَّة له، فيها ماء حتى قدم مكَّة، فأتى المسجد فالتمس النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ولا يعرفه، وكره أن يسأل عنه، حتى أدركه -يعني اللَّيل- فاضطجع، فرآه عليٌّ فعرف أنَّه غريب، فلمَّا رآه تبعه، فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح، ثمَّ احتمل قربته وزاده إلى المسجد، فظلَّ ذلك اليوم، ولا يرى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، حتى أمسى، فعاد إلى مضجعه، فمرَّ به عليٌّ، فقال: ما آن للرَّجل أن يعلم منزله؟ فأقامه، فذهب به معه، ولا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء، حتى إذا كان يوم الثَّالث فعل مثل ذلك، فأقامه عليٌّ معه، ثمَّ قال له: ألا تحدِّثني؟ ما الذي أقدمك هذا البلد؟ قال: إن أعطيتني عهدًا وميثاقًا لترشدنِّي، فعلتُ، ففعل، فأخبره، فقال: فإنَّه حقٌّ وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أصبحت فاتَّبعني، فإنِّي إن رأيت شيئًا أخاف عليك، قمت كأنِّي أُريق الماء، فإن مضيت فاتَّبعني حتى تدخل مدخلي، ففعل، فانطلق يقفوه، حتى دخل على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ودخل معه، فسمع مِن قوله، وأسلم مكانه)) .
فنجد في هذه القصَّة أنَّ أبا ذرٍّ رضي الله عنه لم يظهر ما يريده حتى يتحصَّل على بغيته، وقد تأنَّى رضي الله عنه في البحث عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم والسُّؤال عنه حتى لا تعلم به قريش، وتثنيه عن هدفه الذي مِن أجله تحمَّل المشاق والمتاعب.

محمد رافع 52 18-04-2013 05:27 PM

التَّأنِّي في واحة الشِّعر

قال النَّابغة:


الرِّفقُ يُمْنٌ والأناةُ سعادةٌ***فتأنَّ في رفقٍ تُلاقِ نجاحا



وقال الشَّاعر:


استأنِ تظفرْ في أمورِك كلِّها***وإذا عزمتَ على الهوَى فتوكَّل



وقال زهير:


منَّا الأناةُ وبعضُ القوم يحسبُنا***أنَّا بِطاءٌ وفي إبطائِنا سرعُ



وقال القطامي عمرو بن شييم:


قد يدركُ المتأنِّي بعضَ حاجتِه***وقد يكونُ مع المستعجلِ الزَّللُ

وربَّما فات قومًا بعضُ أمرِهمُ***مِن التَّأنِّي وكان الحزمُ لو عجلوا
وقال عبد العزيز بن سليمان الأبرش:


تأنَّفي أمرِك وافهمْ عنِّي***فليس شيءٌ يعدلُ التَّأنِّي



تأنَّ فيه ثمَّ قلْ فإنِّي***أرجو لك الإرشادَ بالتَّأنِّي

وقال الشَّاعر:


لا تعجلنَّ لأمرٍ أنت طالبُه***فقلَّما يدركُ المطلوبَ ذو العَجلِ



فذو التَّأنِّي مصيبٌ في مقاصدِه***وذو التَّعجلِ لا يخلو عن الزَّللِ



وقال العجاج:


أناة وحلمًا وانتظارًا بهم غدًا***فما أنا بالواني ولا الضَّرِعِ الغمْرِ



وقال الشَّاعر:


لا تعجلنَّ فربَّما***عجِل الفتَى فيما يضرُّه



ولربَّما كرِه الفتَى***أمرًا عواقبُه تسرُّه



وقال آخر:


انطقْ مصيبًا بخيرٍ لا تكنْ هذرًا***عيَّابةً ناطقًا بالفحشِ والرِّيبِ



وكنْ رزينًا طويلَ الصَّمتِ ذا فكر***فإن نطقتَ فلا تُكثرْ مِن الخطبِ



ولا تُجِبْ سائلًا مِن غيرِ ترويةٍ***وبالذي عنه لم تسألْ فلا تجبِ



محمد رافع 52 18-04-2013 05:29 PM

التَّضْحية
معنى التَّضْحية لغةً واصطلاحًا

معنى التَّضْحية لغةً:
التضحية مصدر ضحَّى يقال: ضحَّى بنفسه أو بعمله أو بماله: بذله وتبرع به دون مقابل. وهي بهذا المعنى محدثة .
معنى التَّضْحية اصطلاحًا:
هو بذل النَّفس أو الوقت أو المال لأجل غاية أسمى، ولأجل هدف أرجى، مع احتساب الأجر والثواب على ذلك عند الله عزَّ وجلَّ، والمرادف لهذا المعنى: الفداء. ومن معانيها: البذل والجهاد

محمد رافع 52 18-04-2013 05:32 PM

أولًا: في القرآن الكريم

- قال تعالى: وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء [آل عمران:140].
قال القاسمي: (أي: وليكرم ناسًا منكم بالشَّهادة، ليكونوا مثالًا لغيرهم في تَضْحية النَّفس شهادةً للحقِّ، واستماتةً دونه، وإعلاءً لكلمته) .
- قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا [الأحزاب:21-27].
(لما ذكر تعالى غزوة الأحزاب، وموقف المنافقين المذبذبين منها، بالقعود عن الجهاد، وتثبيط العزائم، أمر المؤمنين في هذه الآيات بالاقتداء بالرَّسول الكريم في صبره وثباته، وتَضْحِيته وجهاده) .
- قال تعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران: 169].
(فيما ذكر إشارة إلى أنَّ المؤمن الذي يضَحِّي بنفسه في سبيل نصر دينه ودعوة ربِّه، هو من الشُّهداء الأبْـــرَار، الذين يظفرون بجنان الخلد، وهم أحياء، أرواحهم في حواصل طير خُضْر، تسرح في الجنَّة حيث شاءت) .

محمد رافع 52 18-04-2013 05:34 PM

ثانيًا: في السُّنَّة النبوية

- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((انتدب الله لمن خرج في سبيله -لا يخرجه إلا إيمان بي، وتصديق برسلي- أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة، أو أدخله الجنَّة، ولولا أن أشقَّ على أمَّتي، ما قعدت خلف سريَّة، ولوددت أنِّي أُ*** في سبيل الله ثم أحيا، ثم أُ*** ثم أحيا، ثم أُ***)) .
فبذل النَّفس والشَّهادة في سبيل الله هي ذروة التَّضْحية.
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال: ((من خير معاش النَّاس لهم، رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هَيْعَةً ، أو فزعة طار عليه، يبتغي ال*** والموت مظانَّه، أو رجل في غنيمة في رأس شَعَفَةٍ من هذه الشَّعَف، أو بطن واد من هذه الأودية، يقيم الصَّلاة، ويؤتي الزَّكاة، ويعبد ربَّه حتَّى يأتيه اليقين، ليس من النَّاس إلا في خير)) .
- وعنه أيضًا رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلَّا عزًّا. وما تواضع أحد لله إلَّا رفعه الله)) .
فلا خوف من التَّضْحية بالمال عند النَّفقة.

محمد رافع 52 18-04-2013 05:36 PM

فوائد التَّضْحية

1- في التَّضْحية نصرة للدِّين.
2- في التَّضْحية تحقيق التَّكافل بين طبقات المجتمع.
3- في التضحية تقوية الأمَّة، وتحقيق تماسكها، فيهابها أعداؤها، وتصبح قويَّة البنيان عزيزة الجانب.
4- في التَّضْحية تحقيق التَّراحم بين نسيج المجتمع الإسلامي كلِّه.
5- في التَّضْحية تحقيق العزَّة.
6- في التَّضْحية تحقيق السَّعادة.

محمد رافع 52 18-04-2013 05:39 PM

أقسام التَّضْحية

تنقسم التَّضْحية إلى قسمين:
1- التَّضْحية المحمودة (المشروعة):
ومنها:
- التَّضْحية بالنَّفس:
قال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ [البقرة: 216].
(أخبر أنَّه مكروه للنُّفوس؛ لما فيه من التَّعب والمشقَّة، وحصول أنواع المخاوف، والتعرُّض للمتالف، ومع هذا، فهو خيرٌ محضٌ؛ لما فيه من الثَّواب العظيم، والتَّحرُّز من العقاب الأليم، والنَّصر على الأعداء والظَّفر بالغنائم، وغير ذلك، ممَّا هو مُرَبٍّ، على ما فيه من الكراهة) .
- التَّضْحية بالمال:
قال تعالى: وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ [الحديد:10-11].
كذلك تدلُّ وقائع التَّربية النَّبويَّة على أنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم كان يشترطها، ويجعلها شارة الإيمان وصدقه. والإنسان عنده ميل فطري إلى أن يضَحِّي بنفسه وماله في سبيل المثل الأعلى، بل إنَّ هذه التَّضْحية هي أمر راسخ في فطرة الإنسان، وجزء من وجوده، وما تعظيم الشَّجَاعَة عند البَشَر إلا تقديرًا لقيمة التَّضْحية في سبيل المثل الأعلى، ولذلك جُعل الجهاد أفضل الأعمال .
2- التَّضْحية المذمومة (غير المشروعة):
التضحية المذمومة هي التَّضْحية في نصرة باطل، أو من أجل جاهلية، وكل تضحية لم تكن في سبيل الله أو ابتغاء مرضاته، أو تحقيقًا لمقصد شريف نبيل فهي مذمومة.
فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: ((جاء رجل إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ما القتال في سبيل الله؟ فإنَّ أحدنا يقاتل غضبًا، ويقاتل حَمِيَّةً، فرفع إليه رأسه، قال: وما رفع إليه رأسه إلَّا أنَّه كان قائمًا، فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله عزَّ وجلَّ)) .

محمد رافع 52 18-04-2013 05:42 PM

صور التَّضْحية
1- التَّضْحية بالنَّفس وهي من أعلى مراتب التَّضْحية:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال: ((من خير معاش النَّاس لهم، رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هَيْعَةً، أو فزعة طار عليه، يبتغي ال*** والموت مظانَّه، أو رجل في غنيمة في رأس شَعَفَةٍ من هذه الشَّعَف، أو بطن واد من هذه الأودية، يقيم الصَّلاة، ويؤتي الزَّكاة، ويعبد ربَّه حتَّى يأتيه اليقين، ليس من النَّاس إلا في خير)) .
2- التَّضْحية بالمال:
كما في حديث عن ابن عباس، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود النَّاس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كلِّ ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الرِّيح المرسلة)) .
وعن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: سمعت عمر بن الخطَّاب، يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدَّق، فوافق ذلك عندي مالًا، فقلت: اليوم أسبق أبا بكرٍ إن سبقته يومًا، قال: فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله، وأتى أبو بكرٍ بكلِّ ما عنده، فقال: يا أبا بكرٍ ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسبقه إلى شيءٍ أبدًا)) .
3- التَّضْحية بالوقت لبذل العلم.
4- التَّضْحية بنفع البدن.

محمد رافع 52 18-04-2013 05:44 PM

موانع اكتساب صفة التَّضحية
1- عدم الإخلاص لله في العمل.
2- حبُّ النَّفس والأثرة.
3- الانغماس في اللَّهو والتَّرف والدعة.
4- إساءة الظنِّ وعدم الثِّقة.
5- ضعف الإيمان، والتَّفكير في الرِّزق الذي يقعده عن الإنفاق والتَّضْحية بالمال، والخوف من الموت الذي يقعده عن الجهاد والتَّضْحية بالنَّفس.
6- التَّعلق بالدُّنيا وزينتها، والتثاقل إلى الأرض.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [التوبة: 38-39].
إنَّها ثَقْلة الأرض، وثَقْلة الخوف على الحياة، والخوف على المال، والخوف على اللَّذائذ والمصالح والمتاع.. ثَقْلة الرَّاحة والاستقرار.. ثَقْلة الذَّات الفانية، والأجل المحدود، والهدف القريب.. ثَقْلة اللَّحم والدَّم والتراب .
7- البخل، وعدم الإنفاق في سبيل الله:
قال تعالى: هَاأَنتُمْ هَؤُلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد: 38].
وقال تعالى: أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف: 10-11].

محمد رافع 52 18-04-2013 05:47 PM

الوسائل المعينة على اكتساب صفة التَّضحية
1- عدم الانكباب على الدُّنيا.
2- التَّخلُّص من الرُّوح الانهزاميَّة.
قال تعالى: وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [آل عمران: 139].
3- حبُّ الآخرين.
4- التَّحلِّي بالشَّجَاعَة والإقدام.
5- التَّحلِّي بعلو الهمَّة.
6- التَّحلِّي بالكرم وعدم البخل.
7- مصاحبة أهل الخير والرِّفعة، الذين ينفقون أموالهم ودماءهم في سبيل نصرة دين الله.
8- اليقين الجازم بما أعدَّه الله لعباده المجاهدين في سبيله، قال تعالى: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ: 39].
وقال أيضًا: وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ [آل عمران: 157].
9- قصر الأمل في الدُّنيا.
10- القراءة في أخبار السَّلف الصالح، والنَّظر في تضحياتهم بالنَّفس والمال، لنستلهم العبرة من أخبارهم ونقتدي بهم.

محمد رافع 52 20-04-2013 09:44 AM

التَّضْحية في قصَّة الغلام المؤمن مع الملك في الأمم السَّابقة
حيث ضَحَّى الغلام بنفسه من أجل أن يؤمن النَّاس.. فعن صهيب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((... فقال للملك: إنَّك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به. قال: وما هو؟ قال: تجمع النَّاس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهمًا من كنانتي، ثم ضع السَّهم في كبد القوس، ثم قل: باسم الله، ربِّ الغلام. ثمَّ ارمني. فإنَّك إذا فعلت ذلك ***تني. فجمع النَّاس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثمَّ أخذ سهمًا من كنانته، ثم وضع السَّهم في كبد القوس، ثم قال: باسم الله، ربِّ الغلام. ثمَّ رماه، فوقع السَّهم في صُدْغه، فوضع يده في صُدْغه في موضع السَّهم، فمات. فقال النَّاس: آمنَّا بربِّ الغلام، آمنَّا بربِّ الغلام، آمنَّا بربِّ الغلام. فأتي الملك، فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر؟ قد -والله- نزل بك حذرك، قد آمن النَّاس. فأمر بالأُخْدُود في أفواه السِّكك، فخُدَّت، وأضرم النِّيران. وقال: من لم يرجع عن دينه فأَحْمُوه فيها. أو قيل له: اقتحم. ففعلوا، حتَّى جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أمَّه اصبري فإنَّك على الحقِّ)) .

محمد رافع 52 20-04-2013 09:46 AM

نماذج من تَضْحية النَّبي صلى الله عليه وسلم
الرَّسول صلى الله عليه وسلم قمة في الأخلاق الكريمة، وفي التَّضْحية والشَّجَاعَة، فكان أشجع النَّاس، وأقواهم قلبًا، وأثبتهم جنانًا، وقد كانت حياته كلُّها تَضْحية في سبيل الإسلام، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لقد أوذيت في الله، وما يؤذى أحد، وأخفت في الله، وما يخاف أحد، ولقد أتت علي ثلاثون ليلة من بين يوم وليلة، وما لي ولبلال رضي الله عنه ما يأكله ذو كبد إلا ما يواري إبط بلال)) .

life goes on 20-04-2013 09:55 AM

جميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييلة


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:27 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.