بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   أرشيف المنتدى (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=513)
-   -   احلام الشباب .... يوميات فتاه مسلمه (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=101895)

ساره الالفي 10-08-2009 12:26 PM


ـــــــــ*×*ـــ((5))ـــ*×*ـــــــــ



لم أكن مستعدة بعد للانقطاع عن الخواطر التي صارت محور حياتي... لكن كان يجب أن أفعل شيئا، قبل أن تغلبني نفسي الضعيفة أمام رغباتها و تقنعني بكتمان الأمر! فقد أيد الشيخ إحساسي بالقلق حيال ما نقوم به. لذلك سارعت بالكتابة إلى حسام أخبره بتفاصيل ما حصل معي... حتى نتخذ قرارنا سوية... فهو بالتأكيد سيقويني و يشجعني و يثبتني...

شرحت له كلام الشيخ دون أن أخفي عنه شيئا مما قال... حتى عبارته الأخيرة التي جعلت قلبي يغيض في صدري... سيكون كلامه حجة علي يوم القيامة!!!

و لبثت أنتظر رده...

كان يومي في الكلية قلقا فلم أستطع التركيز مع المحاضرات كثيرا... كانت أعصابي مشدودة و أنا أفكر فيما سنفعله...
و في أوقات الضعف كانت نفسي تحدثني بسؤال شيخ آخر... فالفتاوى تختلف من شيخ لآخر! فمنهم الميسر و منهم المتشدد... نعم، فقد بدأت نفسي تضعف أمام القرار الذي أنا بصدده و قد شق علي كثيرا... لكن الشيخ الذي سألته من المعروف عنه أنه من العلماء المعتدلين!

و لكن كيف سيصبح اتصالي بحسام؟ هل نكتفي برسالة في الأسبوع؟ رسالة في الشهر؟ أم هل ننقطع تماما؟ لا! و لماذا ننقطع؟ الشيخ لم يقل هذا! بل نصح بالمباعدة بين الرسالة و الأخرى و أن تكون الرسائل خاضعة لمراقبة الأسرة... و هذا شيء يسير! إذن لا داعي للقلق...


كانت راوية تجلس إلى جانبي طوال اليوم، لكنني لاحظت شرودها هي الأخرى... فقد كانت كل واحدة منا منشغلة عن الأخرى بأفكارها... لكن راوية ما الذي يشغلها يا ترى؟ هل تخفي عني أمرا ما؟

التفتت إليها و همست مداعبة :
ـ ما الذي يشغل بالك إلى هذه الدرجة يا عزيزتي؟ أنت غائبة عن العالم تمااااما!

التفتت إلي و قد فوجئت بملاحظتي و احمر وجهها مرة أخرى و همست :
ـ انتبهي إلى المحاضرة الآن... سأخبرك لاحقا!

ما خطبها يا ترى؟ في كل مرة تقول لاحقا! سنرى إلى أين ستأخذنا هذه الراوية!!!

ما إن خرجنا من قاعة المحاضرات حتى تأبطت ذراعها و سحبتها جانبا و أنا أقول :
ـ و الآن... أخبريني بكل شيء دون تسويف...

تنحنحت راوية و أطرقت للحظات و هي تقول في صوت خافت :
ـ الحقيقة... القصة طويلة نوعا ما... و تستوجب شرحا مطولا... فهل لديك الوقت الكافي؟

نظرت إلى ساعتي و أنا أقول :
ـ يمكنك أن تحدثيني بكل شيء و نحن على الطريق إلى المنزل و إن لم يكفنا الوقت سأرافقك إلى بيتكم و تكملين القصة... ما رأيك؟

ابتسمت راوية في خجل و هي تقول :
ـ شكرا على اهتمامك يا مرام... لكن يجب ان أمر على مكتب البريد أولا... يجب أن أرسل هذا...

ثم أشارت إلى صندوق كانت تحمله بعناية. جذبتها لنعبر معا الساحة و أنا أقول في مرح :
ـ حسن... سنذهب أين تشائين... لكن هيا... هيا... ابدئي قصتك، فقد شوقتني! هل في الحكاية شاب ما!

ترددت راوية قبل أن تهمس ثانية :
ـ لست أدري من أين أبدأ... فالمسألة معقدة نوعا ما...

ربتت على كتفها و أنا أهتف مشجعة :
ـ ابدئي من البداية! ثم ستتواصل القصة بكل تلقائية! هاااا... ماذا قلت؟

اشتد احمرار وجه راوية بشكل ملفت نظرا و همت بأن تقول شيئا... لكن في تلك اللحظة اقتربت منا دالية و هي تهتف :
ـ مرااااام... انتظريني!

تذكرت فجأة حسام، و رسالتي الأخيرة إليه... هل تحمل لي دالية خبرا ما؟
نظرت إليها في اهتمام و هي تقول :
ـ الحمد لله أنني لحقت بك قبل أن تغادري...

سألتها في قلق :
ـ هل تحملين رسالة من حسام؟

ضحكت دالية مداعبة و هي تقول :
ـ بل أحمل إليك حسام نفسه!


تضرج وجهي فجأة و نظرت إليها في عدم تصديق، ثم أخذت أتلفت حولي باحثة عنه و أنا أهمس في حذر : أين هو؟

ضحكت دالية مجددا و قالت و هي تأخذ بيدي :
ـ تعالي إنه ينتظر أمام المكتبة... مكانه المفضل في الكلية!

مضت مدة طويلة مذ رأيته آخر مرة... فمنذ بدأنا تراسلنا لم يأت إلى الكلية سوى مرة واحدة رأيته فيها عن بعد... لمحت ابتسامته المحببة إلى قلبي لكنه لم يحدثني بكلمة...

مشيت بخطى متعثرة و أنا أتساءل عما دعاه إلى القدوم اليوم؟ هل تراه قرأ رسالتي؟ لكن الأكيد هو أنني كنت في غاية السعادة لرؤيته بعد غياب دام قرابة الشهرين...

كان يقف أمام المكتبة و رأسه منكس إلى الأرض و قد بدا عليه التفكير... رفع عينيه فجأة، فالتقت عيوننا للحظة... استرد على إثرها كل منا نظرته في حياء... كان يبدو في عينيه الإجهاد و الأرق... و لوهلة وددت لو أقترب منه و أمسح على رأسه في حنان، كأم تمسح على رأس صغيرها و أسأله عما يرهقه...
لكنني نفضت عني تلك التخيلات بسرعة ثم اقتربت بخطى متمهلة حتى وقفت غير بعيد عنه... و وقفت كل من دالية و راوية على مقربة منا...

نظر إلي و هو يقول في هدوء و ابتسامة صغيرة تعلو شفتيه :
ـ وصلتني رسالتك...

تسارعت دقات قلبي و أنا أرفع عيني لأواجهه و قلت بصوت كالهمس :
ـ و ما رأيك؟

اتسعت ابتسامته، ابتسامة لم أر مثلها على شفتيه و هو يهتف :
ـ أبشري يا مرام... أبشري...

هزتني كلماته هزا، و انتفض قلبي في صدري و قد تبدت الحيرة على ملامحي : أبشر؟! لكنه تابع في صوت هادئ عميق :
ـ لقد استجاب الله لدعائنا... ألم نكن ندعو الله أن يبارك في علاقتنا قبل الزواج و بعده، بأن يهدينا سبل طاعته و ييسر لنا أمرنا؟ إنها أولى البشائر يا مرام! و إلا فبما تفسرين قلقنا المتزامن من تراسلنا عبر البريد الالكتروني؟ فأنا أيضا بدأ القلق يتسلل إلي منذ مدة ليست بالقصيرة... لكنني كنت أقنع نفسي بأننا لا نتجاوز الشرع في شيء... و أنها وسيلتنا الوحيدة للتواصل... فأسكت الصوت الذي يشدني من أعماقي و يلومني...

أحسست بعينيه تستقران علي و هي يضيف :
ـ لكنك كنت أشجع مني... و كنت قادرة على اتخاذ الخطوة المناسبة، لقد كنت أقدر مني على جهاد نفسك... فليس هنالك ما يحسم ترددنا غير رأي العلماء... ثم نستفتي قلوبنا...

تجمعت الدموع في مقلتي فأمسكتها بصعوبة كي لا تنساب على وجنتي. آه لو تعلم! فأنا أضعف مما تتصور! لكنني تحركت في حين غفلة من نفسي الخبيثة و أعتمد عليك كي تثبتني و تساندني! كانت تلك الأفكار تتزاحم في رأسي و قد أطرقت مصغية إليه :
ـ لكن قلوبنا هي التي نبهتنا إلى الشبهة التي وقعنا فيها... لذا، فلم يعد هنالك سبيل للتردد...

صمت للحظات بدت كالدهر... و قطعت دالية و راوية حديثهما بعد أن كانتا منشغلتين عنا... و تركزت عيوننا جميعا عليه في ترقب فنطق بعد صمت قصير :
ـ مرام... أرى أنه من الأفضل أن تنقطع اتصالاتنا تماما في الفترة المقبلة...

اتسعت عيناي دهشة... تنقطع تماما!؟ لماذا؟! كانت نظراتي تنطق بالفزع... و الرجاء... لكنه قبل أن أنبس ببنت شفة كان يردف في حزم و هو يتجنب عيني :
ـ لا مكالمات و لا لقاءات و لا رسائل! علينا أن نغلق كل السبل التي يمكنها أن تضعف نفوسنا...

تباطأ ريثما استوعبت كلماته قبل أن يعقب و هو يضع يده على كتف أخته :
ـ دالية ستكون الوسيط بيننا... و ستحمل إليك أخباري دائما...

ابتسمت دالية و هي تقول :
ـ طبعا... اعتمدا علي!

سكتت و أنا لا أدري ما أقول... لم أكن أعتقد أننا قد نقطع اتصالنا بتلك السهولة... ظننت أننا قد نحدّ من عدد الرسائل، بحيث لا تعطلنا كثيرا عن الدراسة و العمل... فقد كنت أقلق إن تأخرت رسالته يوما فكيف سيكون حالي إن انقطعت أخباره؟!

و كأنه قرأ أفكاري و عرف ما يدور في ذهني فاستطرد مبتسما :
ـ ربما سيكون ذلك صعبا علينا في الفترة الأولى... لكننا سنتعود بسهولة... لأننا نحتسب الأجر عند الله... و ننتظر أن تصلنا بقية البشائر سريعا... فربما يوافق والدك قريبا على الخطبة و تحل مشاكلنا جملة واحدة... فنحن نثق في رحمة الله و نحسن الظن به... أليس كذلك؟

كانت كلماته تتدفق إلى قلبي مباشرة و تمسح عني كل القلق و الخوف... نعم إنه كذلك و الله! وجدت ابتسامتي تتسع على شفتي في انشراح لم أعرف له مثيلا إلا و أنا أقرأ رسالته الأولى منذ بضعة أسابيع... و وجدت ارتياحا غريبا يحل في نفسي محل الانقباض... نعم، فلنتوكل على الله فهو حسبنا... و لنحتسب أجرنا عند الله... و وجدتني أهمس دون وعي مني :
ـ من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه...

أحسست بنبرة الفرح في صوته و هو يجيبني مؤمّنا على قولي :
ـ نعم يا مرام... أحسنت...

ثم ابتسم في مرح :
ـ هدا الخبر سيسعد والدك! أكيد!

ابتسمت لدعابته و أنا أتخيل وجه أبي حين يعلم بقطعنا لكل اتصال... نعم، فداك سيريحه كثيرا من التفكير في مصير علاقتنا...

نظر حسام إلى ساعته و هو يقول :
ـ آسف إن كنت أخذت من وقتك... لكنني أردت أن أودعك... فقد يطول الأمد...

هممت بأن أسأله في دهشة : تودعني؟! هل أنت مسافر؟! لكنني تذكرت ما كنا نقوله منذ لحظات... فأطرقت في صمت في حين واصل هو قائلا :
ـ أوصيك يا مرام بالحياء... الحياء... الحياء... و حسن الخلق... فهو كنزك الذي أريد أن أجده لديك محفوظا لم تصل إليه يد بسوء...

تطلعت إليه في دهشة و قد تضرجت وجنتاي فواصل قائلا :
ـ و أسألك الدعاء لي كثيرا... حتى يوفقني الله قريبا لإتمام دراستي... و أكون أهلا لك... و قادرا على إسعادك...

تمالكت نفسي بصعوبة فخرج صوتي محملا بكل مشاعري الحبيسة... كتنهيدة حرى :
ـ سأكون في انتظارك...

تمت الحلقة الثامنة بحمد الله

asma22 10-08-2009 12:38 PM

اين البقية يا سارة لازم عنصر التشويق يعنى

Dr\heba 10-08-2009 12:54 PM

القصه رااااااااااااااااااااااااائعه امنى ان احنا كلنا نبقى زيهم مع خطيبنا المستقبلى ان شاء الله فى ادبهم وتمسكهم بدينهم ومراعاتهم لله
ولكن انستطيع؟وسط هذا المجتمع وهؤلاء الناس

ساره الالفي 10-08-2009 12:57 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة asma22 (المشاركة 1491811)
اين البقية يا سارة لازم عنصر التشويق يعنى


طبعا طبعا وبعدين هي إسمها يوميات يعني لازم تبقى كل يوم حلقه بس أنا بنزل 2 أو 3
شوفتي أنا كريمه إزاااااااي

ساره الالفي 10-08-2009 12:59 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hapyhopa (المشاركة 1491856)
القصه رااااااااااااااااااااااااائعه امنى ان احنا كلنا نبقى زيهم مع خطيبنا المستقبلى ان شاء الله فى ادبهم وتمسكهم بدينهم ومراعاتهم لله
ولكن انستطيع؟وسط هذا المجتمع وهؤلاء الناس


إن شاء الله نكون كده عشان نرفع الإسلام لفووق ونكون قدوه لكل إتنين مخطوبين وعشان ربنا يرضى عنا ويسعدنا في دنيتنا وأخرتنا
أسعدني مروركم

asma22 10-08-2009 01:23 PM

مين بقى اللى هيستنى تانى لبكره جايز العمر مبقاش فيه بقية يا سارة يلا يا عسل حطى كمان حلقتين عشان يبقى حطيتى اربعه وبس انا عارفة انك كريمه مش سارة

Dr.love ferdos paradise 10-08-2009 07:23 PM

ياريت تنزلي حلقات تاني بقى ياساره
بجد
بجد
ومتتاخريش علينا تاني

بنت دمنهور 10-08-2009 08:41 PM

يجد الحلقات حلوة اوي

جزاكي الله عنها كل خير

ومتتاخريش برضه

Eng : Heba 10-08-2009 10:34 PM

روووووووووووووووووووعه ياساره ياريت
بلاش تأخير
وجزاكي الله خيرا

asma22 11-08-2009 04:47 AM

بصى يا سارة عندى اقتراح كل يوم تنزلى 10 حلقات بس جايز اليوم عندهم طويل

ساره الالفي 11-08-2009 11:29 AM

هههههههههههههههههههههه

ماشي حاضر النهارده هنزل عدد كبير من الحلقاااات عشان محدش يزعل

ساره الالفي 11-08-2009 11:37 AM


الحـــــــــلقة التــــــــاسعة

ـــــــــ*×*ـــ((1))ـــ*×*ـــــــــ




سرت في طريق المنزل رفقة راوية بعد أن افترقنا عن حسام و دالية أمام باب الكلية.
كنت أمشي ساهمة متفكرة... نعم، لن تصلني بعد الآن رسالة من حسام، و لن أقضي جل وقتي في الكتابة إليه! أي فراغ سأحس به؟! أي انتظار سأعيش؟!
أملي أن يقتنع أبي بين لحظة و أخرى و يوافق على الخطبة!
و لكن ما الذي تغير في المعطيات حتى يغير رأيه؟!
لا مفر من الانتظار إلى نهاية السنة... لكن كيف ستمر علي بقية السنة؟!

تنهدت بحرارة... ثم حانت مني التفاتة إلى راوية، فوجدتها مطرقة إلى الأرض لا تنظر إلي... تذكرت فجأة الموضوع الذي كانت ستحدثني عنه قبل أن تقبل علينا دالية فقلت في أسف :
ـ آسفة يا حبيبتي... لقد انشغلت عن موضوعك! و لكن ما بك؟ لم كل هذا الحزن في عينيك؟

رفعت رأسها في بطء فرأيت عينيها مغرورقتين بالدموع!
ـ راوية ما بك؟ هل من خطب ما؟

و كأنها كانت تنتظر إشارة مني، فقد أخذت دموعها تنساب بغزارة على وجنتيها و هي تردد في أسى :
ـ يبدو أنني أسير في الطريق الخطأ... أسير في الطريق الخطأ...

لم أفهم شيئا للوهلة الأولى... فقد كنا نسير في الطريق إلى منزلها مرورا بمكتب البريد حيث ينبغي أن ترسل الطرد الذي تحمله بين يديها في حرص...
لكنني تنبهت إلى أنها لا تتحدث عن تلك الطريق! إنما عن طريق أخرى بدا لي أنني لا أعلم عنها شيئا!

أحطت كتفيها بذراعي في حنان و أنا أقول :
ـ عن أية طريق تتحدثين يا حبيبتي؟ أخبريني فربما أفيدك...

مسحت دموعها في محاولة لاسترجاع هدوئها و قالت في صوت حازم :
ـ حسام على حق...

يبدو أن حبيبتي راوية تصر على الكلام بالألغاز اليوم! فما علاقة حسام بالأمر الذي كانت تريد أن تخبرني به؟! تنفست بعمق و قلت في هدوء :
ـ راوية... حبيبتي... تكلمي بوضوح و أفصحي هداك الله! ما علاقة حسام بالأمر؟

التفتت إلي بكليتها و هتفت و قد عادت عبراتها إلى الانهمار :
ـ كان حسام مصيبا حين قرر أن يقطع أية وسيلة للتواصل بينكما... و علي أن أفعل نفس الشيء...

نظرت إليها غير مصدقة و قد أصابتني بلاهة غريبة :
ـ تفعلين نفس الشيء؟ تقطعين علاقتك بي؟!؟

لم تتمالك راوية نفسها فانفجرت ضاحكة و ربتت على كتفي قائلة :
ـ سامحك الله يا مرام! أضحكتني!

ابتسمت و قد تفطنت إلى غبائي و أنا أقول :
ـ إذن بمن ستقطعين علاقتك؟ هناك شاب ما أليس كذلك؟

تضرج وجهها خجلا و أطرقت مبتسمة و لم تجب فهتفت بها و قد بدأ صبري ينفد :
ـ اسمعي، لن نستمر هكذا إلى ما لانهاية! انطقي الآن قبل أن أفقد أعصابي!

كنا قد وصلنا قرب مكتب البريد فهمست :
ـ انتظري... سأرسل الطرد ثم نتحدث...

دخلنا إلى مكتب البريد... فنظرت إلى الطرد مستغربة... كان العنوان المكتوب بحروف لاتينية، فهو مرسل إلى إحدى الدول الأجنبية... لم أكن أن لراوية أقرباء خارج البلاد. همست متسائلة و هي تدفع ثمن الشحن و النقل للموظف :
ـ قولي... هل للطرد علاقة بالأمر؟

ابتسمت راوية و قالت في هدوء محير :
ـ صبرا يا مرام... سأخبرك بكل شيء بعد دقائق قليلة...

هتفت حينها :
ـ أمسكتك متلبسة! هناك علاقة أكيدة إذن! و أنا التي كنت أتساءل عن سر حرصك الغريب على الصندوق! أخبريني الآن! الآن، الآن!

ضحكت راوية ضحكة قصيرة، و ما إن أنهت معاملتها حتى سحبتها من ذراعها و أنا أقول في إصرار :
ـ و تخفين عني كل هاته الأسرار؟! طيب يا راوية!

نظرت إلي في عتاب و قال و في صوتها نبرة حزن :
ـ و هل كانت لديك دقائق من وقتك الثمين لتمنحيني إياها؟! فقد كنت مشغولة طوال الوقت في الأشهر الماضية!

أطرقت و قد أدركت مقدار بعدي عن راوية في فترة مراسلاتي مع حسام! نعم، لقد كنت مقصرة في حق صديقتي المقربة و أختي التي وقفت معي في مواقفي العصيبة و ساندتني على الدوام...
ـ أنا آسفة يا راوية آسفة جدا... نعم، كان حسام على حق... كان يجب أن نبتعد عن بعضنا البعض حتى لا يعطل كل منا سير حياة الآخر... فقد صرنا في فترة قصيرة متعلقين ببعضنا كثيرا و لم نكن ندرك عمق الخطأ الذي وقعنا فيه... و الحقيقة أنه لو لم يكن خطأ لما كان أثر على علاقاتنا الاجتماعية و العائلية، و مهامنا و واجباتنا! علينا أن لا نستعجل و أن لا نحاول الاستمتاع بما ليس من حقنا في الوقت الحالي... فالخطبة هي الفترة الطبيعية للتعارف...

انتبهت إلى أنني قد انسقت من جديد إلى الحديث عن علاقتي بحسام مع أن الهدف كان الاعتذار من راوية ومواساتها! فالتفتت إليها من جديد :
ـ و الآن... كفانا تضييعا للوقت! قولي و لا تتأخري!

تنفست راوية بعمق و قالت هامسة :
ـ استعدي للمفاجأة...

ـ مفاجأة؟!

ـ هل تذكرين الشاب المسيحي الذي شارك في المناظرة مع حسام في لقاء الحوار بين الأديان؟

نظرت إليها و أنا لا أفهم العلاقة بينه و بين موضوعنا :
ـ نعم أذكره... و كيف أنساه و هو الذي كان السبب في معرفتي بحسام! ما به؟!

ابتسمت راوية وقالت :
ـ إنه هو الشاب المعني...

كانت حقا مفاجأة و مفاجأة قوية جدا بالنسبة إلي فقد لبثت أتفرس في وجهها باحثة عن علامات المزاح حتى أنفجر ضاحكة من الدعابة... لكنها كانت تتطلع إلي في جدية تامة... فقلت مترددة :
ـ راوية... أنت تمزحين أليس كذلك؟

ابتسمت كأنها تتجاهل سؤالي و قالت :
ـ هل تذكرين حين طلب منك أقراصا للمبشر المسيحي الذي أسلم ثم أصبح داعية للدين الإسلامي؟

ـ نعم...

ـ بعد بضعة أيام التقيته في المكتبة... فسألني عنك، لكنك لم تأت إلى الكلية يومها. فهمت أنه يريد أن يسألك عن الأقراص، فاقترحت عليه أن أمده بها، لأنني أملك نسخة أخذتها منك سابقا...

تذكرت حينها أنني ظللت أحمل الأقراص في حقيبتي عدة أيام دون أن ألتقي الشاب في الكلية، و أنني لم أعطه إياها في النهاية!

ـ بعد أن استمع إليها، التقينا مرة أخرى صدفة في المكتبة أيضا، و كانت لديه الكثير من التساؤلات التي لم يجد لها جوابا شافيا في الأقراص، فطلبت منه أن يدون أسئلته على ورقة و أنا سأحاول أن أبحث له عن الأسئلة من مصادر موثوقة... لكنه حين أحس بأنني متحرجة من الوقوف معه طويلا للنقاش بمفردنا فقد اقترح أن يأخذ عنوان بريدي الالكتروني حتى يكون التواصل أكثر سهولة... ترددت قليلا و لكنني وجدتها بالفعل الطريقة الأسلم... كما أنني سأتمكن من مده بعناوين بعض المواقع المفيدة حول الموضوع...

توقفت راوية قليلا لتتنهد في عمق ثم استطردت :
ـ و ذاك ما حدث... ظللنا طوال الفترة الماضية نتواصل و نتناقش حول الموضوع... و كنت بين الفينة و الأخرى أفكر بأنه من الأفضل أن أضعه على اتصال بأحد الشباب الملتزمين من كليتنا، فإنني لم أكن مرتاحة لحديثي المتواصل مع الشاب... خاصة أنه طلب مني أن نتحدث مباشرة عبر الشات لفعالية أكثر... لكنني في نفس الوقت كنت مستمتعة بحديثنا، و قد لمست منه اهتماما كبيرا و تعطشا لمعرفة الدين الإسلامي... فلم يكن من الهين علي أن أترك ثواب هدايته لغيري! مع أنك أنت وحسام قمتما بالخطوات الأولى الأساسية... فوافقت على الحديث معه عبر المسنجر... خاصة بعد أن انتهى السنة الماضية من سنوات الطب الداخلية و سافر لمتابعة السنوات التطبيقية في فرنسا...

تألقت عيناها ببريق جميل و هي تهمس في سرور ظاهر :
ـ و قد أسلم منذ شهر تقريبا...

عانقتها في سعادة و أنا أهتف :
ـ مبروك... ألف مبروك عليه و علينا... أنت رائعة حقا! فقد مضيت إلى نهاية المطاف!

تناثرت دموع راوية مجددا و تلاشت ابتسامتها فجأة و هي تردف :
ـ ليست تلك كل الحكاية...


ساره الالفي 11-08-2009 11:41 AM


ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ




تنهدت راوية تنهيدة طويلة و لبثت صامتة للحظات كأنها تستجمع شتات أفكارها. لم أشأ مقاطعتها هاته المرة و انتظرت إلى أن رفعت رأسها ثانية و استطردت :

ـ كانت أحاديثنا أحيانا تتجاوز موضوع الأديان و المعتقدات فنتطرق إلى بعض المسائل العامة و أحيانا الشخصية... و قد كان كثيرا ما يحدثني عن صديقته... صديقته مسيحية أيضا... و هي طالبة في كليتنا... و كانا قد اتفقا على الزواج من قبل... و عندما بدأ يهتم بالدين الإسلامي كثرت الخلافات بينهما، لأنها لم تستحسن رغبته في التعرف على هدا الدين المخالف لعقيدتها... و لأنها كانت من المتعصبين للمسيحية فقد كانت تهدده بتركه إن هو أصر على المضي في طريق تراه خطرا على إيمانه!

كانت راوية قد سيطرت على انفعالاتها تماما و مسحت دموعها و هي تواصل القصة:
ـ لكنه كان في كل مرة يتهرب و يراوغ حتى لا يصدمها و يفقدها نهائيا... كنت أحس الحزن في كلماته كلما تحدث عنها... فقد كان واضحا أن علاقة متينة تجمعهما... خاصة حين كان في الكلية قبل سفره إلى فرنسا... فقد كانت هي الأخرى تقوم بحملات التبشير بين طالبات الكلية... فقد اجتمعا على نفس المبادئ و كانا يحلمان بعالم يسوده الإيمان و السلام و الأخوة كما تنص عليه رسالة سيدنا عيسى!!

ابتسمت و أنا أتمتم :
ـ الحمد لله أنه عرف معنى السلام و الإيمان و الأخوة الحق في ظل الدين الحق!

هزت راوية رأسها موافقة و هي تتابع :
ـ لكن صديقته ظلت على عنادها... حتى أنه اضطر إلى إخفاء إسلامه عنها في مرحلة أولى... فقد كانت جد متأثرة إثر سفره إلى فرنسا، و متخوفة من تغيره تجاهها نظرا للبعد الجغرافي بعد أنا كانا في نفس الكلية يلتقيان يوميا...

ابتسمت في سري و قد خطرت على بالي رسائل حسام اليومية التي سأفتقدها... لكنني لست متخوفة من أن يتغير تجاهي أو ينسى عهدنا... لأننا لم نجتمع على هوى يبلى... و لكن على حب الله تعالى و هدف سام...

واصلت راوية حديثها قائلة :
ـ و في النهاية لم يملك أن يخفي عنها الحقيقة... لأنه كما يقول لا يمكنه الارتباط بفتاة غير مسلمة بعد أن عرف الطريق الصواب، بل يريد فتاة معتزة بالدين الإسلامي و تلتزم به لتسانده في مشواره... و هو يطمع في أن يتمكن من هدايتها و إقناعها بخطئها. و قد حاول إرسال بعض الأقراص إليها و الكتب التي تتحدث عن المقارنات بين الإسلام و المسيحية علها تقرؤها و تفكر بالمنطق... لكنها كانت تتلفها أو ترميها في القمامة دون اهتمام... و في المرة الأخيرة أخبرته بألا يتصل بها ثانية و أن علاقتهما انتهت لأنه لم يصن العهد الذي بينهما! فقد تعاهدا على خدمة دينهما، المسيحية، و أن يكون زواجهما وسيلة للتعاون و التساند من أجل خدمة القضية!

تذكرت حينها الآيات القرآنية : ((قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً)) ((الكهف))

فتلك الفتاة تعتقد صادقة أنها على حق! و أنها تعبد خالقها... و لا تستمع إلى من يحاول ثنيها عن اعتقادها! فلا حول و لا قوة إلا بالله! كم من البشر هم في مثل حالتها! و كم هي خسارة البشرية فادحة بأمثالها! فهم من النوع المتمكن من أساليب الحوار و الإقناع... و يضل على يديه العشرات بل المئات، و هو يعتقد أنه يهديهم سواء السبيل!

انتبهت إلى راوية و هي تقول :
ـ منذ أسبوعين تقريبا كان قد أصابه اليأس من إقناعها... و قد قال لي بكل ألم بأنه لا يستطيع التوقف الآن و التركيز على تغيير رأيها، لأنها مجروحة منه و كبرياؤها تمنعها من الاستماع إليه... لدا فإن الأولوية الآن بالنسبة إليه هي أن يثقف نفسه دينيا حتى يستطيع الرد على كل من يعترض سبيله و يعارض وجهته...

تطلعت إلى راوية و أنا لا أفهم بعد سر النظرة الحزينة في عينيها. فأردفت :
ـ و لكنني لم أفهم بعد سبب بكائك المتواصل!

أطرقت راوية للحظات ثم هتفت :
ـ إنه الآن يطلب مني أن أحاول إقناع صديقته بالإسلام! أن أتقرب منها و أعرفها على ديننا بالتدرج...

ابتسمت في تشجيع و أنا أقول :
ـ و مادا في دلك؟! إنها فرصة طيبة لتنالي قدرا أكبر من الثواب في سبيل الدعوة! إنها فرصة مميزة! أم أن لك رأيا آخر؟!

نظرت إلى راوية التي لم يبد عليها الحماس الشديد... بل أنها كانت أقرب إلى الفتور! كنا قد اقتربنا من مفترق الطرق بين المسالك المؤدية إلى منزلنا فتوقفنا قليلا و همست راوية مترددة :
ـ نعم، إنها مهمة جليلة... و إنه لثواب عظيم أن يهدي الله بك عبدا... لكنني...

صمتت قليلا و قد بدا الأسى على ملامحها :
ـ لكنني لست واثقة... لست مطمئنة إلى سلامة نيتي...

لم أفهم ما تقصده فانتظرت أن توضح و قد بدت علامات التساؤل على وجهي. فتابعت :
ـ هنا تأتي المشكلة الحقيقية!

ـ مشكلة؟!!

ـ نعم يا مرام! مشكلة لم أتوقع أن أقع فيها يوما! و كان يجب أن أقطع علاقتي به قبل أن أقع فيها... بل حين أحسست بوادرها... لكنني هونتها على نفسي و تابعت المسير في الطريق الخطأ... و النتيجة أجدني في طريق مسدودة!!!

هتفت بها و قد نفد صبري :
ـ أفصحي يا راوية!ّ ما الأمر؟

رفعت عينيها لتواجهني فدهشت من النظرة الحالمة التي تبدت في مقلتيها و هي تقول :
ـ مرام... إنه شاب رائع! لم أر شخصا مثله في التزامه و عزيمته! يسخر نفسه و كل قواه لخدمة القضية التي يحملها... حين كان مسيحيا كان كل همه نشر دينه... و بعد أن أسلم صار يريد التكفير عن ذنوبه القديمة بأية طريقة! مع أنه يعلم أن الإسلام يجبّ ما قبله... إلا أنه يريد أن يعوض عما فاته... بل أن يكون من الدعاة منذ اللحظة الأولى لإسلامه! قال أنه أضل الكثيرين حين أقنعهم بالمسيحية... و الآن عليه أن يهدي أضعاف أضعافهم كي تهدأ روحه و ترتاح! تصوري أنه ينوي الاتصال بكل من تنصّر على يديه في أي مكان كان حتى يعتذر و يشرح موقفه الجديد!

لبثت أتفرس في وجهها مبهوتة و لم أملك إلا أن أهمس في حيرة :
ـ راوية؟! هل....؟

ابتسمت و هي تهز رأسها في مرارة :
ـ ألم أقل لك أنها مشكلة حقيقية؟!

لم أستطع أن أرفع عيني عنها و قد تجلت كل معاني الدهشة في نظرتي لكنها تابعت غير مبالية :
ـ لم أكن أتصور أنني قد أصل إلى هاته المرحلة بسهولة... فقد حاولت مرات عديدة أن أقطع العلاقة... خاصة بعد أن أسلم... لأنني كنت أرى مهمتي معه قد انتهت... لكنه كان في كل مرة يجد موضوعا جديدا يشدني به! في البداية كان يسأل عن الكتب التي تساعده على تعميق ثقافته الدينية... ثم صار يريد التعرف على المجتمع المسلم بنظرة جديدة، و يقول بأنني من يمكنه مساعدته لأنه لا يعرف الكثيرين في فرنسا ممن يمكنه الاعتماد عليهم... و آخر مرة طلب مني التقرب من صديقته و محاولة إقناعها!! كلما حاولت الفرار و الإفلات من مشاعري كان يجد العذر المناسب حتى لا ينقطع اتصالنا!

التمعت في عيني نظرة ظافرة و أنا أهتف :
ـ راوية... ألا يكون هو أيضا...؟ ألم يقل بأنه يريد الارتباط بفتاة مسلمة تساعده على حسن التدين و الالتزام؟!

بترت عبارتي حين أشاحت راوية بوجهها و هي تلوح بكفيها في يأس :
ـ لا أريد أن أبني أحلاما من الأوهام و لا أن أتعلق بسراب... المهم أنني أعلم الآن أنه يجب أن أقطع علاقتي به في أقرب فرصة حتى أستعيد هدوئي و حياتي الطبيعية! لكن يجب علي أولا أن أفي بوعدي، و أحاول الحديث مع صديقته المسيحية...

ثم نظرت إلي في رجاء :
ـ مرام... هل تذهبين معي للقائها؟ لا أريد أن أحدثها بمفردي... لست أدري كيف ستقابلني...

ربتت على كتفها مطمئنة :
ـ طبعا... سآتي معك! لا تقلقي...

تذكرت فجأة شيئا ما فهتفت متسائلة :
ـ و ما علاقة الطرد الذي أرسلته منذ قليل؟؟

احمر وجهها تماما و هي تمتم في حرج :
ـ أردت أن أرسل إليه هدية صغيرة بمناسبة إسلامه...

ثم بصوت أكثر خفوتا :
ـ ربما كانت هدية الوداع أيضا...




ساره الالفي 11-08-2009 11:44 AM


ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ




كانت قصة راوية غريبة نوعا ما... لكنها كانت تشعرني بالإثارة!

شاب مسيحي يسلم و يريد منها إقناع صديقته بالإسلام... ثم تنامي مشاعرها نحوه... و تمسكه هو ببقاء علاقتهما... لست أدري، لكن إحساسا يراودني بأن المسألة لن تنتهي بتلك البساطة!


كانت بضعة أيام قد مضت على مصارحة راوية لي بحقيقة قصتها... و استمرت نقاشاتنا طويلا... و كانت النتيجة التي نخرج بها في كل مرة هي ضرورة قطعها العلاقة مع الشاب في أقرب فرصة ممكنة. لكنه استمر يتصل بها يوميا لمناقشة الكثير من المواضيع حول الإسلام... ثم مكنّها من بريد صديقته الالكتروني حتى تتفقا على موعد للقاء.


وصلت إلى الكلية باكرة اليوم، كما طلبت مني راوية. و جدتها تقف في انتظار و علامات القلق واضحة على وجهها. سارعت إلي و هي تهتف :
ـ سألتقي بصديقته اليوم!

ابتسمت و أنا أخفف عنها قائلة :
ـ و لم كل هدا القلق؟ سنتحدث إليها في هدوء و سنرى كيف ستستقبلنا!

صمتت راوية للحظات ثم قالت في حزن :
ـ حاولت البارحة أن أخبره بأنني لن أستطيع محادثته ثانية بعد اليوم... قلت بأنني سأكون مشغولة جدا الفترة المقبلة و لن يتسنى لي أن أدخل على شبكة الإنترنت... فطلب مني رقم هاتفي حتى يطمئن علي بين الحين و الآخر!!! إنه لا يفهم!

هززت رأسي علامة عدم الموافقة :
ـ عليك أن تحدثيه مباشرة! فهو الآن مسلم و عليه أن يعرف خلق الإسلام! يجب أن يعلم أن الفتاة المسلمة لا تتحدث مع الشباب الأجانب عنها بكل حرية... و أن مهمتك معه انتهت!

ابتسمت راوية و قالت مؤكدة :
ـ نعم علي أن أكون أكثر صراحة و أخبره مباشرة... على أية حال هو طلب مني أن نتحدث بعد لقائي مع صديقته كي أوافيه بردة فعلها... إن شاء الله ستكون المحادثة الأخيرة!

بعد المحاضرات، توجهنا إلى المكتبة مباشرة... فقد كان موعد راوية مع الفتاة المسيحية سارة هنالك. إنها تكبرنا بسنة واحدة، لدا فإن محاضراتها تكون في المبنى المقابل للمكتبة... انتظرنا لبضع دقائق، و راوية تتململ في قلق و ما لبثنا أن لمحنا فتاة تقترب من مبنى المكتبة في خطوات بطيئة. نظرت إلينا في تردد ثم وقفت غير بعيد عنا... نظرنا إليها بدورنا و همست إلى راوية :
ـ أليست هي؟

هزت راوية كتفيها قائلة :
ـ ممكن! لم أرها سابقا... و لا حتى صورتها... فقد راسلتها على البريد الالكتروني و حسب...

كانت فتاة رشيقة، طويلة القامة، أقل ما يقال عنها أنها جميلة... خاصة و شعرها الطويل السبط المسترسل يغطي كتفيها و ظهرها. كانت تتلفت حولها في قلق، و في كل مرة يصل بصرها إلينا تصرفه بسرعة.

جذبت راوية من ذراعها و توجهنا نحوها. ظهرت على ملامحها الدهشة حين اقتربنا منها مبتسمتين و بادرتها قائلة :
ـ أنت الآنسة سارة من الصف الرابع... أليس كذلك؟

هزت رأسها موافقة و هي تنظر في حيرة إلى الفتاتين المحجبتين اللتين و قفتا إزائها... كأنها تقول في نفسها : ماذا تريدان مني؟

لم تكن راوية قد أخبرتها حين راسلتها بأنها مبعوثة من طرف جاد صديقها الذي أسلم، فقد خشيت أن ترفض لقاءها مباشرة إن هي علمت، لأنها كانت رافضة للحوار في مسألة الدين!

ابتسمت راوية في هدوء و هي تقول :
ـ أكيد أنك تستغربين و تتساءلين عن سر هاته المقابلة... و الحقيقة هي أن جاد طلب مني أن أتحدث معك...

أشاحت بوجهها في حدة و قد فهمت كل شيء في لحظة واحدة. لكن راوية سارعت تتدارك الموقف و هي تهتف :
ـ أرجو أن لا تستعجلي بالحكم علي، فأنا لست هنا لمحاولة إقناعك بتغيير دينك... و لكنني أدعوك إلى فتح باب الحوار... و إن لم يعجبك قولي فأنت حرة في اتخاذ القرار الذي ترينه مناسبا...

نظرت إليها فجأة و قد اغرورقت عيناها بالدموع و هتفت :
ـ لماذا لا تتركوننا بسلام؟ هل أنت سعيدة الآن بعد أن نجحت في إقناع جاد بدينك؟؟

كانت تشير إلى راوية بإصبعها كأنها تتهمها! تراجعت راوية خطوة إلى الوراء أمام الرد العنيف الذي وجدته من سارة و لوحت بكفيها في اعتراض :
ـ لا تنسي أن جاد هو من طلب التعرف على الدين الإسلامي... و ما فعلته هو أنني مكنته من المواد اللازمة للبحث و المقارنة... و قد اتخذ قراره بملء إرادته لأنه اقتنع بأن الإسلام هو الدين الحق! لكن هذا لا ينفي أنني سعيدة بإسلامه... فنحن نفرح لكل من يهتدي...

لم تنخفض الحدة في صوت سارة و هي تقول مجددا في تهكم واضح :
ـ و ماهي خطوتك الموالية؟ أين وصلت تطورات علاقتكما؟!

احمر وجه راوية من الانفعال و هتفت :
ـ ما الذي تقولينه يا هذه؟! أنا لم أساعده طمعا فيه و لم يكن في نيتي أن أفرق بينكما... و اطمئني إلى أنني سأقطع اتصالي به اليوم، بل حال أن أبلغه ردك! و ليكن في علمك يا عزيزتي أن الفتيات المسلمات لا يتهافتن على الرجال و لا يخطفنهم من غيرهن! فذاك ليس من خلق الإسلام!!!

كانت سارة قد هدأت قليلا و أطرقت إلى الأرض لبضع لحظات قبل أن تنفجر باكية فجأة، مثل طفلة فقدت لعبتها و هي تهمهم من بين دموعها :
ـ إذن هنت عليك يا جاد... فتركتني! نسيت كل ما كان بيننا بسهولة... ما الذي فعلته حتى أستحق منك عقابا كهذا؟!

أجابتها راوية في تأكيد و هي تقول :
ـ جاد لم ينسك! أبدا! بل هو يريد أن تجتمعا على الحق... بعد أن عرف أنه قد ضل الطريق في السابق... و هو لا يريد لك أن تضلي أكثر من هذا... لذا فهو يدعوك إلى الاطلاع على ما غير حياته... و هو بالتأكيد سيغير حياتك أنت أيضا! المهم هو أن تفتحي قلبك و عقلك و...

قاطعتها سارة فجأة و قد مسحت دموعها و استعادت رباطة جأشها :
ـ اسمعي... أخبريه بأنني قادرة على شق حياتي بدونه... و أنني لن أتنازل على أهدافي في الحياة لمجرد أنه تنازل! من الآن فصاعدا كل منا سيسلك الطريق المناسب له... و لا أريد منه أن يحاول الاتصال بي ثانية و لا أن يرسل إلي أيا كان...

أردفت راوية في محاول يائسة لتهدئتها :
ـ خذي وقتك لتفكري... و...

قاطعتها ثانية في لهجة صارمة و قد أحست بأنها أرتنا من ضعفها الكثير :
ـ لا مجال للنقاش! هذه هي مبادئي و هذه هي حياتي! و لن أغفر له أبدا إن عاد يعظ أصابع الندم بعد حين!

تنهدت راوية في يأس ثم انصرفنا و قد منيت مهمتنا بفشل ذريع...

سرت مع راوية إلى منزلها... فقد طلبت مني أن أكون إلى جانبها حتى أشجعها و لا تتراجع عن إخبار جاد بضرورة قطع العلاقة... خاصة أنه كان ينتظر اتصالها حال رجوعها من المقابلة مع سارة...
و ما إن دخلنا غرفتها و فتحت الحاسوب حتى وجدت رسائل عديدة منه يسأل عنها و يستعجل اتصالها حال وصولها. تبادلنا نظرات طويلة في حيرة. فهما كانا قد اتفقا على موعد محدد و هي لم تتأخر عنه!

كان جاد على الخط، فسارعت بإلقاء السلام عليه...
اقتربت من الشاشة لأقرأ ما يكتبانه :

ـ أخيرا وصلت... كنت في انتظارك
ـ ألم نتفق على الساعة السادسة؟
ـ نعم، نعم، لكنني أردت أن أشكرك...
ـ لقد تحدثت مع سارة اليوم
ـ لم أقصد سارة
ـ إذن ماذا؟
ـ وصلني طرد منك اليوم... و أنا الآن أتناول تلك الحلويات اللذيذة!

تضرج وجه راوية و أنا أوجه إليها نظرات فاحصة :
ـ حلويات يا راوية؟ أمسكتك متلبسة! إذن فالحلويات التي اشتريناها تلك المرة كانت من أجله!!!

ابتسمت راوية في خجل و قالت :
ـ ألم أقل لك أنني أرسلت إليه هدية إسلامه؟ كانت مكونة من مصحف و بعض الكتب الأخرى... إضافة إلى الحلويات...

انتبهت إلى أنه كان لا يزال يتحدث إليها :
ـ و أشكرك جزيل الشكر على الكتب... فقد اخترت حقا ما أنا في حاجة إليه الآن!
ـ الحمد لله أنها أعجبتك...

كانت الحيرة بادية على راوية... كيف ستتطرق إلى الموضوع؟!

ـ تحدثت إلى سارة منذ قليل
ـ أخبريني أولا، كيف تسير الدراسة معك؟ آمل أن لا أكون آخذ من وقتك الكثير. فقد قلت البارحة بأنك مشغولة...
ـ لا بأس، الدراسة بخير
ـ الحمد لله... الحقيقة كنت أود محادثتك في موضوع مهم
ـ ألا تريد أن تعلم ما قالته سارة أولا؟
ـ أعلم أنها لن تقتنع من المحادثة الأولى. لكن أرجوك واصلي المحاولة معها. سأترك لك المهمة تماما. أخبريني حين تتوصلين إلى نتيجة ما...

نظرت إلي راوية و قد تبدت علامات الحيرة و الدهشة في عينيها، لكنني لم أكن أقل دهشة منها فكتبت بسرعة :
ـ لكنها أرسلت إليك ملاحظة شخصية... و كان من الواضح أنها متأثرة لأنك تركتها

بدا أنه تردد طويلا قبل أن يكتب عبارته الموالية
ـ راوية... سارة لم تعد تعني لي الكثير... و إن كنت حريصا على إسلامها فلأنني أرى فيها خيرا كثيرا من الممكن أن يسخّر في خدمة الحق بدل أن يذهب هباءا منثورا


التفتت إلي راوية و هي لا تدري إلى أين ستسير هاته المحادثة... لكن وجهها كان قد اكتسى اصفرار... و كنت أكاد أسمع دقات قلبها المتسارعة...




ساره الالفي 11-08-2009 11:46 AM


ـــــــــ*×*ـــ((4))ـــ*×*ـــــــــ




كانت التردد باديا على وجه راوية... لكنني لم أملك أن أتدخل في تلك اللحظة بالذات، فقد كان يجب عليها أن تتصرف بنفسها... أن تحكم عقلها و قلبها و تختار طريقها! لم يكن أصلا من حقي أن أتدخل في قرارها... ربما أنصحها و أشير عليها إن استشارتني... لكن في مثل داك الموقف، لا أحد من حقه أن يتصرف غيرها...

لبثت راوية متفكرة للحظات و قد ظهر الشرود في عينيها... لكنها حسمت أمرها بسرعة و سارعت لتكتب إجابتها قبل أن يتمادى جاد في حديثه :

ـ سارة اليوم اتهمتني بأنني حاولت أن أفرق بينكما و أنني السبب في ابتعادك عنها... و أنا لا يمكنني أن أتقبل تهمة مماثلة! و لا أظن أنه بإمكاني أن أواصل الحوار معها و هي تملك عني تلك الفكرة المسبقة... لذا أرى من الأفضل أن تطلب من شخص أكثر قربا منها، أو على الأقل ليست لديها شكوك في نواياه أن يحاول إقناعها...

أرسلت ردها و انتظرت لبضع ثوان حتى يقرأ كلماتها و يستوعبها ثم أضافت على عجل :
ـ كما أظن أنك لم تعد في حاجة إلي الآن... لذا فمن الأفضل أن نوقف اتصالاتنا... و إن احتجت إلى أية مساعدة في المستقبل، فإنه يمكنني أن أعرفك على أحد الشباب الملتزمين من الثقات حتى يواصل معك المشوار...

ألقت عليها قنبلتها... ثم تنهدت كمن أزاح عن كاهله حملا ثقيلا، لكن الحزن كان باديا في ملامحها... فلم تكن الخطوة سهلة بالنسبة إليها خاصة أنها علمت أخيرا أنه لم يعد يحمل أية مشاعره لصديقته المسيحية...

لبثت عيوننا متعلقة بالشاشة في انتظار إجابة جاد الذي بدا أن نوعا من الشلل أصابه لبضع لحظات، بعد الانفجار الذي أحدثته القنبلة طبعا، قبل أن يقرر إرسال جوابه إلى راوية :

ـ أنا آسف حقا لأنني وضعتك في موقف محرج و اضطررتك إلى سماع كلمات جارحة من سارة... أنا آسف جدا جدا... و مستعد لفعل أي شيء لأنسيك تلك اللحظات، مع أنني أعلم أنني لن أقدر على إيفائك حقك مهما فعلت...

كانت راوية تتطلع إلى الكلمات التي ظهرت أمامها و قد التمعت عيناها بدمعة تنذر بالنزول، و بدا عليها التأثر... همت بأن تكتب شيئا ما لكنه كان قد سبقها :

ـ راوية... أنا في حاجة إليك أكثر من أي وقت مضى، و لست مستعدا لفقدانك مهما حصل، خاصة في هذا الوقت بالذات...

تراجعت أصابعها عن لوحة المفاتيح كمن أصابته صعقة كهربائية و تجمدت ملامحها فجأة... لكن عينيها ظلتا مركزتين على الشاشة، فقد بدا أنه لم ينته بعد :

ـ ربما يفاجئك كلامي... و ربما لا أكون اخترت التوقيت المناسب... و ربما أكون قد تسرعت، فأنا لا أعلم شيئا عن حياتك الخاصة... لكنني أخشى إن تباطأت أن أفقدك، لذا اعذريني...

لم تلتفت راوية إلي، بل أنني أظنها نسيت وجودي في الغرفة و حلقت بعيدا مع كلمات جاد التي كانت تتمناها و تخشاها في نفس الوقت. كانت تتمناها ككل فتاة نشأت في قلبها مشاعر بريئة و ترجو أن يبادلها فارسها المشاعر لتعيش أحلى المغامرات و تدخل عالم الحكايات الرومانسية... و تخشاها ككل فتاة ملتزمة طاهرة القلب سليمة الطوية، ترقب الله في أعمالها و تخشى الزلل إن هي استسلمت للتيار الذي يسحبها إليه مخاطبها...

ـ راوية... أنت كنت نقطة تحول في حياتي... و كنت من ساعدني لاتخاذ أجمل قرار من الممكن أن يتخذه إنسان! و لست أبالغ إن قلت أنني عدت إلى الحياة من جديد و عرفت أجمل المعاني بفضلك... كنت أول من استقبلني على الضفة بعد طول مصارعتي للأمواج... و أتمنى أن تضلي إلى جانبي... إلى الأبد...

كانت مقاومة راوية تضعف أكثر فأكثر و رأيت عباراتها تنساب على وجنتيها في هدوء، و النظرة الحالمة المنكسرة لا تفارق عينيها. اقتربت منها و أحطت كتفيها بذراعي... فارتجفت و هي تضع رأسها على كتفي و تستسلم لدموعها و هي تهتف في حيرة:
ـ ماذا أفعل يا مرام؟؟

ابتسمت و أنا أربت على رأسها في حنان :
ـ لماذا البكاء يا حبيبتي؟ كنت تشكين في مشاعره تجاهك... و ها قد تأكدت! بقي عليك أن تحسمي أمرك بعد مهلة من التفكير، و تخبريه في الأثناء بحدود العلاقة في المستقبل... ليس في الأمر أية معضلة!

لم يبد على راوية الاقتناع فقد كان هنالك أمر آخر يؤرقها :
ـ و لكن سارة... إنها لازالت متعلقة به... هل نسيها فعلا؟ هل تغير من ناحيتها فجأة؟ و ماذا لو أسلمت؟ ثم هو تعلق بي لأنني ساعدته على التعرف على الإسلام حتى أسلم... ما يدريني أنه يريدني أنا بالذات و ليس أي فتاة أخرى قد تقوم معه بنفس الشيء؟!

اتسعت ابتسامتي و أنا أقول :
ـ طيب... و ماذا إن كانت أي فتاة أخرى هي من سمعته من قبل في المكتبة يتحدث عن المسيحية و ذهبت لتناقشه... و ماذا إن كان شاب آخر غير حسام هو من تفطن لحوارنا و تدخل؟ لما كنت تعرفت على حسام و لا كان تقدم لخطبتي!!! تلك أسباب من عند الله يسخرها لعباده! فلا تفترضي المستحيل... ما حصل قد حصل! أما بقية الأسئلة فلست أنا من يمكنني الإجابة عنها! عليك أن تكوني واضحة معه و تضعي أمامه كل تساؤلاتك و شكوك... ثم استخيري الله...

مسحت راوية دموعها بظاهر كفها و ابتسمت في تردد. فدفعتها في رفق و أنا أقول :
ـ و الآن هيا... أجيبيه بسرعة... قبل أن ينفد صبره!

التفتت إلى الشاشة فتفطنا إلى أنه لم يتوقف عن الكلام! و قد غطت رسائله الصفحة :
ـ راوية... ربما يبدو لك كلامي غير منطقي، أو أنني أحس عاطفة عابرة أو عرفانا بالجميل، أو رغبة مني لرد معروفك... و لكن لا كل هذا غير صحيح! فأنا فكرت كثيرا في الموضوع منذ نشأ في نفسي ذاك الإحساس... و قد وجدت أنك بالفعل الإنسانة التي أبحث عنها... إضافة إلى تدينها و التزامها، واعية و رقيقة، مرهفة الإحساس، و تهتم لآلام الآخرين و همومهم...
...
ـ أعلم أنك قد تتساءلين : و سارة، ماذا كانت بالنسبة إليك؟ و من حقك أن تتساءلي... و من واجبي أن أجيبك... سارة هي رفيقة درب، شاركتني طموحاتي في مرحلة معينة... ربما لم تكن الإنسانة التي أريد، و ربما لم أكن أوافقها في الكثير من تصرفاتها، لكنها كانت لي خير عون في مرحلة صعبة حال مجيئي إلى بلدكم... و كانت هي ضمن مجموعة من الأصدقاء الذين خففوا عني كثيرا، و بحكم وحدة الدين فإننا تقربنا من بعضنا بسرعة... ثم حدثتني عن الارتباط حتى لا تضيع طموحاتنا... كانت فتاة جريئة... و أنا لم أمانع في البداية... لكن يوما بعد يوم، صرت أتحفظ على تصرفاتها و طريقة فهمها للالتزام و تعاملها مع الدين... و أظن أن انفصالنا كان النهاية الطبيعية للعلاقة بعد أن اكتشفت أننا نشترك في المبادئ ظاهريا فقط... أما المعاني العميقة فكانت في غاية الاختلاف... لأن الإيمان ليس له نفس الطعم في كل القلوب...
...
ـ راوية أنا آسف إن كنت أمعنت في التحدث عن نفسي و أنا حتى لم أسألك إن كنت مرتبطة بشخص آخر...
...
ـ راوية... هل تصلك رسائلي؟
...
ـ راوية، أنت هنا؟
...
ـ إن كنت هنا أرجوك أجيبي...
...
ـ أعلم أن الموضوع محرج بالنسبة إليك...
...
ـ لكن إن كنت أخطأت بعملي هذا فأخبريني بالله عليك!
...
ـ إن كان جوابك الرفض فلا بأس... فقط كوني صريحة معي!
...
ـ راوية؟
...
ـ هل أفهم من هذا أنك لا تريدين حتى الرد علي؟
...
ـ طيب... كما تشائين
...
ـ آسف إن كنت تجاوزت و حدودي و طمعت في عطفك و سعة صدرك...
...
ـ شكرا على كل ما فعلته من أجلي
...
ـ وفقك الله في مسيرتك المستقبلية
...
ـ سررت جدا بالتعرف عليك... و يؤسفني حقا أن تنتهي علاقتنا بهاته الطريقة
...
ـ الوداع...

كنت قد انتهيت من قراءة الرسائل التي كتبها أثناء حديثي مع راوية في نفس الوقت الذي ارتمت فيه راوية على لوحة المفاتيح في لهفة :
ـ جاد... أنت هنا؟؟

تنهدت حين جاءتها رسالته بسرعة و قد عادت إليه الروح من جديد :
ـ راوية؟ أين كنت؟ ألم تصلك رسائلي؟

ـ بلى وصلت... لكنني كنت أفكر...

لم يرد جاد و لبث في انتظار أن تخبره بنتيجة تفكيرها... لكنها تلكأت قليلا و التفتت إلي مبتسمة و هي تهمس :
ـ ماذا أقول؟

ـ اطلبي مهلة للتفكير!

ابتسمت و عادت لتخبره بأن يمهلها كي تمعن التفكير في الموضوع...
سرحت قليلا و تخيلت راوية و قد ارتبطت بجاد... و لم أتمالك نفسي أن أطلقت ضحكة قصيرة... لم أتخيل أبدا حدثا كهذا حين رأيت جاد للمرة الأولى في المكتبة! معقول؟ هل تكون تلك النهاية حقا؟

فجأة خطرت ببالي بضع التساؤلات فالتفتت إلى راوية و هتفت :
ـ هل تعلم عائلته بإسلامه؟ كيف يتقبلون الأمر يا ترى؟ و كيف سيتقبلونك أنت؟

تمهلت قليلا متفكرة ثم استطردت :
ـ ثم لا تنسي أن جاد جاء لبلدنا للدراسة و حسب... و في نهاية الأمر، أظنه سيعود إلى بلده ليستقر هناك! كيف ستتصرفين؟ و كيف ستكون حياتك في بلد آخر و مجتمع مختلف؟ فلا أخفي عليك أنني سمعت عن كثير من الزيجات بين أشخاص من جنسيات مختلفة منيت بالفشل...

نظرت إلي راوية كالمبهوتة... فقد كان من الواضح أنها لم تفكر في الأمر إطلاقا...





جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:16 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.