اقتباس:
وجزاك بمثله وشكراً جزيلاً على المرور العَطِر اقتباس:
جزاك الله خيراً |
(77) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ سَائِلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلاَةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَ لِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟». أولاً: تَخْرِيج الحَدِيث: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 358) ومُسْلِمٌ (1/ 515) وأَبُو دَاوُدَ (1/ 625) والنَّسَائِيُّ (1/ 763) وابْنُ مَاجَةَ (1/ 1047) ومَالِكٌ فِي "المُوَطَّأ" (1/ 30) وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (13/ 7606) وابْنُ رَاهْوَيْه فِي "المُسْنَد" (2/ 573) وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "المُصَنَّف" (1/ 3163) وعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "المُصَنَّف" (1/ 1364) والحُمَيْدِيُّ فِي "المُسْنَد" (2/ 966) والطَّيَالِسِيُّ فِي "المُسْنَد" (4/ 2618) والدَّارِمِيُّ فِي "المُسْنَد" (2/ 1410) وابْنُ الجَارُود فِي "المُنْتَقَى" (1/ 170) وأَبُو يَعلَى فِي "المُسْنَد" (3/ 5888) وابْنُ خُزَيْمَةَ (1/ 758) وابْنُ حِبَّانٍ (6/ 2295) والدَّارَقُطْنِيُّ "السُّنَن" (2/ 1091) والطَّبَرَانِيُّ فِي "المُعجَم الأَوْسَط" (1/ 947) والبَيْهَقِيُّ في "السُّنَن الكُبْرَى" (2/ 3277). ثانياً: شَرحُ الحَدِيث: - (أَوَ لِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟): لَفْظُهُ لَفْظ اسْتِفْهَام، ومَعنَاهُ الإِخْبَارُ عَمَّا كَانَ يَعلَمُ مِن حَالِهِم مِن العَدَمِ وقِلَّةِ الثِّيَابِ، يَقُولُ: فَإِذَا كُنْتُم بِهَذِهِ الصِّفَةِ ولَيْسَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُم ثَوْبَان، والصَّلاَةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْكُم، فَاعلَمُواْ أَنَّ الصَّلاَةَ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ جَائِزَةٌ؛ ولَكِنْ إِذَا أَمْكَنَ أَنْ يُصَلّيَ فِي ثَوْبَيْنِ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ المُتَعَيَّنُ، وهَذَا هُوَ الَّذِي لاَ بُدَّ مِنْهُ؛ وهُوَ المَفْهُومُ مِنْهُ عِنْدَ أَكْثَرِ العُلَمَاءِ مِن الصَّحَابَةِ والتَّابِعِينَ ومَنْ بَعدَهُم مِن الفُقَهَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ ومَالِكٍ والشَّافِعِيِّ وأَحمَدَ، وغَيْرِهِم. |
(78) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَيْءٌ». أولاً: تَخْرِيج الحَدِيث: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 359) ومُسْلِمٌ (1/ 516) وأَبُو دَاوُدَ (1/ 626) والنَّسَائِيُّ (2/ 769) وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (12/ 7307) وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "المُصَنَّف" (1/ 3509) وعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "المُصَنَّف" (1/ 1375) والحُمَيْدِيُّ فِي "المُسْنَد" (2/ 994) والدَّارِمِيُّ فِي "المُسْنَد" (2/ 1411) وابْنُ الجَارُود فِي "المُنْتَقَى" (1/ 171) وأَبُو يَعلَى فِي "المُسْنَد" (11/ 6262) وابْنُ خُزَيْمَةَ (1/ 765) والبَيْهَقِيُّ في "السُّنَن الكُبْرَى" (2/ 3204). ثانياً: شَرحُ الحَدِيث: - (لَا يُصَلِّي): بِإِثْبَاتِ اليَاءِ، ووَجْهُهُ أَنَّ "لَا" نَافِيَةٌ، وهُوَ خَبَرٌ بِمَعنَى النَّهْي. - (لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَيْءٌ): جُمْلَة حَالِيَّة؛ والمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتَّزِرُ فِي وَسَطِهِ ويَشُدُّ طَرَفَيِ الثَّوْبِ فِي حَقْوَيْهِ، بَلْ يَتَوَشَّحُ بِهِمَا عَلَى عَاتِقَيْهِ لِيَحصُلَ السَّتْرُ لِجُزْءٍ مِنْ أَعَالِي البَدَنِ وإِنْ كَانَ لَيْسَ بِعَورَةٍ أَو لِكَوْنِ ذَلِكَ أَمْكَنَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ. والعَاتِقُ هُوَ: مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ إِلَى أَصْلِ العُنُقِ. - وظَاهِرُ النَّهْيِ فِي الحَدِيثِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وهُوَ قَوْلُ أَحمَدَ؛ لَكِنْ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ حَمَلَوهُ عَلَى التَّنْزِيهِ. |
(79) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلْيُخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ». أولاً: تَخْرِيج الحَدِيث: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 359) واللَّفْظُ لَهُ؛ وأَبُو دَاوُدَ (1/ 627) وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (12/ 7466) وعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "المُصَنَّف" (1/ 1374) والبَزَّارُ فِي "المُسْنَد" (15/ 8788) وابْنُ حِبَّانٍ (6/ 2304) والبَيْهَقِيُّ في "السُّنَن الكُبْرَى" (2/ 3287). ثانياً: شَرحُ الحَدِيث: - (أَشْهَدُ): عَبَّرَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ تَأْكِيداً لِتَحَقُّقِهِ مِنَ السَّمَاعِ، ووُثُوقاً بِوُقُوعِ هَذَا الكَلاَمِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ. - (فَلْيُخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ): أَي: فَلْيَأْتَزِر بِأَحَدِ طَرَفَيْهِ، ولِيَجْعَلِ الآخَرَ عَلَى عَاتِقِهِ؛ والمُرَادُ مِنْهُ: أَنَّهُ لَا يَشُدُّ الثَّوْبَ عَلَى وَسَطِهِ، فَيُصَلِّي مَكْشُوفَ المَنْكِبَيْنِ، بَلْ يَتَّزِرُ بِهِ، ويَرفَعُ طَرَفَيْهِ، فَيُخَالِفُ بَيْنَهُمَا، ويَشُدُّهُ عَلَى أَعتَاقِهِ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الإِزَارِ وَالرِّدَاءِ، وهَذَا إِذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعاً، فَإِنْ كَانَ ضَيِّقاً، شَدَّهُ عَلَى خَصْرِهِ. - وإِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِهَذَا، لِأَنَّ المُخَالَفَةَ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ أَسْتَرُ لِلعَوْرَةِ. |
اللهم صلي وسلم على رسول الله
|
اقتباس:
عليه الصلاة والسلام |
(80) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رِجَالٌ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاقِدِي أُزْرِهِمْ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، كَهَيْئَةِ الصِّبْيَانِ، وَيُقَالُ لِلنِّسَاءِ: «لاَ تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسًا». أولاً: تَخْرِيج الحَدِيث: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 362) واللَّفْظُ لَهُ؛ ومُسْلِمٌ (1/ 441) وأَبُو دَاوُدَ (1/ 630) والنَّسَائِيُّ (2/ 766) وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (37/ 22810) وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "المُصَنَّف" (1/ 104) وأَبُو يَعلَى فِي "المُسْنَد" (13/ 7542) وابْنُ خُزَيْمَةَ (1/ 763) وابْنُ حِبَّانٍ (6/ 2301) والطَّبَرَانِيُّ فِي "المُعجَم الكَبِير" (6/ 5964) والبَيْهَقِيُّ في "السُّنَن الكُبْرَى" (2/ 3300). ثانياً: التَّعرِيف بِرَاوِي الحَدِيث: هُـــــوَ: سَهْلُ بنُ سَعْدِ بنِ سَعْدِ بنِ مَالِكٍ بْنِ خَالِدِ بنِ ثَعْلَبَةَ السَّاعِدِيُّ أَبُو العَبَّاسِ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصَارِيُّ، الإِمَامُ الفَاضِلُ، المُعَمَّرُ، بَقِيَّةُ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكَانَ أَبُوْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِيْنَ تُوُفُّوا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وقَد رَوَى سَهْلٌ عِدَّةَ أَحَادِيْثَ، ولَم يَكُن مِنَ المُكْثِرِينَ، وتُوُفِيَّ سَنَةَ ثَمَانٍ وثَمَانِيْنَ (88 هــ)، وهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ بِالمَدِيْنَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، وكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ المائَةِ؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. ثالثاً: شَرحُ الحَدِيث: - (كَانَ رِجَالٌ): التَّنْكِيرُ فِيهِ لِلتَنْوِيعِ، وهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ بَعضَهُم كَانَ بِخِلاَفِ ذَلِكَ، وهُو كَذَلِك. - (يُصَلُّونَ): جُمْلَةٌ فِي رَفْعِ خَبَر كَانَ. - (عَاقِدِي أُزْرِهِمْ): رَابِطِي أَطرَافِهَا؛ وأَصْلُهُ "عَاقِدِينَ أُزْرِهِمْ"، فَلَمَّا أُضِيفَ، سَقَطَت النُّونُ، وهِيَ جُمْلَةٌ فِي مَحَلِّ نَصب عَلَى الحَالِ. - (كَهَيْئَةِ الصِّبْيَانِ): الهَيْئَة هِيَ: الحَالَةُ الظَّاهِرَة؛ و"الصِّبْيَانِ": جَمْع صَبِيّ، وهُوَ: مَنْ لَم يُفْطَم بَعدُ.والمَعنَى أَنَّهُم كَانُوا يَعقِدُونَ أُزْرَهُم عَلَى أَعنَاقِهِم مِن ضِيقِهَا، كَمَا يَعقِدُ الصِّبْيَانُ أُزْرَهُم عَلَى قَفَاهُم. - (وَيُقَالُ): الَّذِي أَخْبَرَ بِذَلِكَ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. - (لِلنِّسَاءِ): الَّلاتِي يُصَلِّيْنَ وَرَاءَ الرِّجَالِ. - (لاَ تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ): أَيْ مِنَ السُّجُودِ. - (حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسًا): حَتَّى يَسْتَقِرُّوا جَالِسِينَ. - وإِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ عَن ذَلِكَ لِئلا يَلْمِحنَ شيئاً عِنْدَ رَفْعِ رُؤُوسِهِنَّ مِنَ السُّجُودِ مِن عَوْرَاتِ الرِّجَالِ عِنْدَ نُهُوضِهِم، لِضِيقِ الأُزُرِ؛ وفِي هَذَا سَدٌّ لِبَابِ الفِتْنَةِ.. حَتَّى فِي الصَّلاَةِ. ومِن فَوَائِدِ الحَدِيثِ: - جَوَازُ الصَّلاَةِ فِي الإِزَارِ وَحدَهُ، لَكِن بِشَرطِ أَنْ يَكَونَ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى عَاتِقِهِ. - أَنَّ الإِزَارَ الضَّيِّقِ يُعقَدُ عَلَى القَفَا إِذَا أَمْكَنَ، لِيَحصُلَ بِهِ سَتْرُ بَعضِ المِنْكَبَيْنِ مَعَ العَوْرَةِ. - عَدَمُ وُجُوبِ سَتْرِ أَسْفَل البَدَنِ فِي الصَّلاَةِ؛ والأَفْضَلُ سَتْرُهُ. - أَنَّ مَن انْكَشَفَ مِن عَوْرَتِهِ شَيْءُّ يَسِيرٌ فِي صَلاَةٍ، لمَ تَبْطُل صَلاَتُهُ. - أَنَّ صُفُوفَ النِّسَاءِ كَانَت خَلْفَ الرِّجَالِ. - جَوَازُ صَلاَةِ النِّسَاءِ فِي المَسْجِدِ جَمَاعَةً، وإِنْ كَانَ الأَفْضَلُ أَن يُصَلِّينَ فِي بُيُوتِهِنَّ. - فِيهِ الإِشَارَةُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَصحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن ضِيقِ المَعِيشَةِ، واكْتِفَائِهِم بِالقَلِيلِ؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم. |
(81) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ". أولاً: تَخْرِيج الحَدِيث: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 367) واللَّفْظُ لَهُ؛ ومُسْلِمٌ (2/ 2099) وأَبُو دَاوُدَ (3/ 3377)، والتِّرمِذِيُّ (5/ 1758) مِن رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ، والنَّسَائِيُّ (8/ 5340) وابْنُ مَاجَةَ (2/ 3559) وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (17/ 11023) وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "المُصَنَّف" (5/ 25215) وعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "المُصَنَّف" (8/ 14987) والحُمَيْدِيُّ فِي "المُسْنَد" (2/ 747) وابْنُ الجَارُود فِي "المُنْتَقَى" (1/ 592) وأَبُو يَعلَى فِي "المُسْنَد" (2/ 976) وابْنُ حِبَّانٍ (12/ 5427) والطَّبَرَانِيُّ فِي وفِي "المُعجَم الأَوْسَط" (9/ 9209) والبَيْهَقِيُّ في "السُّنَن الكُبْرَى" (2/ 3206). ثانياً: شَرحُ الحَدِيث: - (اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ): الاِشْتِمَالُ هُوَ: أَنْ يَلُفَّ الفَردُ رَأْسَهُ وَسَائِرَ جَسَدِهِ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ، بِحَيْثِ لَا يَدَعُ مَنْفَذًا لِيَدَيْهِ. وسُمِّيَتْ صَمَّاءَ: لِأَنَّهُ سَدَّ المَنَافِذَ كُلَّهَا كَالصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا خَرْقٌ ولاَ صَدْعٌ. - والنَّهْيُ عَنْ هَذَا الاِشْتِمَالِ؛ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَخَافُ مَعَهُ أَنْ يُدْفَعَ إلَى حَالَةٍ سَادَّةٍ لِمُتَنَفَّسِهِ، فَيَهْلِكُ غَمًّا تَحْتَهُ إذَا لَم تَكُنْ فِيهِ فُرجَةٌ. والآخَرُ: أَنَّهُ إذَا تَغَطَّى بِهِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِاحتِرَاسِ، فَإنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ، أَوْ نَابَهُ مُؤْذٍ؛ فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَّقِيَهُ بِيَدَيْهِ، لِإِدْخَالِهِ إيَّاهُمَا تَحتَ الثَّوْبِ الَّذِي اشْتَمَلَ بِهِ؛، واَللَّهُ أَعْلَمُ. - (يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ): الِاحتِبَاءُ هُوَ: أَنْ يَقْعُدَ الإِنْسَانُ عَلَى أَلْيَتَيْهِ ويُنْصَبَ سَاقَيْهِ ويَحْتَوِيَ عَلَيْهِمَا بِثَوْبٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ بِيَدِهِ، وهَذِهِ القَعْدَةُ يُقَالُ لَهَا الحُبْوَةُ؛ وكَانَ هَذَا الِاحْتِبَاءُ عَادَةً لِلعَرَبِ فِي مَجَالِسِهِم. - والعِلَّةُ فِي نَهَي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الِاحتِبَاءِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ: لِأنَّهُ يُخْشَى مِنْهُ تَكَشُّفُ العَوْرَةِ؛ فَإِنِ انْكَشَفَ شَيْءٌ مِنْ عَوْرَةِ الشَّخْصِ فَهُوَ حَرَامٌ. - (لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ): أَيْ مِنَ الثَّوْبِ يَسْتُرُهُ. |
احسنت وجزاك الله خيرا بارك الله فيك
|
اقتباس:
شكراً جزيلاً لمرورك الكريم ودعائك الجميل فجزاك اللهُ خيراً |
(82) عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَرَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الفَجْرَ، فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنَ المُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٍ فِي مُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ". أولاً: تَخْرِيج الحَدِيث: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 372) واللَّفْظُ لَهُ؛ ومُسْلِمٌ (1/ 645) وأَبُو دَاوُدَ (1/ 423) والتِّرمِذِيُّ (1/ 153) والنَّسَائِيُّ (1/ 546) وابْنُ مَاجَةَ (1/ 669) ومَالِكٌ فِي "المُوَطَّأ" (1/ 4) وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (40/ 24096) وابْنُ رَاهْوَيْه فِي "المُسْنَد" (2/ 588، 589، 590) وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "المُصَنَّف" (1/ 3234) والطَّيَالِسِيُّ فِي "المُسْنَد" (3/ 1562) والحُمَيْدِيُّ فِي "المُسْنَد" (1/ 174) والدَّارِمِيُّ فِي "المُسْنَد" (2/ 1252) وأَبُو يَعلَى فِي "المُسْنَد" (7/ 4415) وابْنُ خُزَيْمَةَ فِي "الصَّحِيح" (1/ 350) وابْنُ حِبَّانٍ فِي "الصَّحِيح" (4/ 1498) والطَّبَرَانِيُّ فِي "المُعجَم الأَوْسَط" (5/ 4514) والبَيْهَقِيُّ في "السُّنَن الكُبْرَى" (1/ 2134). ثانياً: شَرحُ الحَدِيث: - (نِسَاءٌ مِنَ المُؤْمِنَاتِ): صُورَتُهُ صُورَةُ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ، وتَقْدِيرُهُ: نِسَاءُ الأَنْفُسِ المُؤْمِنَاتِ الفَاضِلَاتِ. - (مُتَلَفِّعَات): مُغَطِّيَاتِ الرُؤُوسِ والأَجْسَادِ. - (مُرُوطِهِنَّ): جَمْعُ مِرْط، وهُوَ: ثَوْبٌ مِن صُوفٍ أَو قُطْنٍ أَو غَيْرِهِ. - وقَد اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي عَدَدِ مَا تُصَلِّي فِيهِ المَرأَةُ مِنَ الثِّيَابِ: -فَقَالَت طَائِفَةٌ: تُصَلِّي المَرْأَةُ فِي ثَوْبَيْنِ: دِرْعٍ (جِلْبَاب) وخِمَارٍ (ثَوْبٌ تُغَطِّي بِهِ المَرأَةُ رَأْسَهَا وعُنُقَهَا وتَسْدِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهَا وظَهْرِهَا وأَكْتَافِهَا)، وهَذَا القَوْلُ مَروِيٌّ عَن: أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، وأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ مَيْمُونَةَ، وأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ؛ ورُوِيَ أَيْضاً ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، واللَّيْث، والأَوْزَاعِيّ، والثَّوْرِي، وأَبِي حَنِيفَةَ، والشَّافِعِي. - وقَالَت الطَائِفَةُ الأُخْرَى: تُصَلِّي المَرْأَةُ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ: دِرْعٍ، وخِمَارٍ، وإِزَارٍ (ثَوْبٌ يُحِيطَ بِالنِّصْفِ الأَسْفَلِ مِنَ البَدَنِ)، وهَذَا القَوْلُ مَروِيٌّ عَن: ابْنِ عُمَرَ، وعَبِيدَةَ، وعَطَاءٍ، وغَيْرِهِم. - وعَلَيْهِ... فَيَجِبُ عَلَى المَرأَةِ أَنْ تَسْتُرَ جَمْيعَ بَدَنِهَا فِي الصَّلاَةِ، مَا عَدَا وَجْهِهَا وكَفَّيْهَا، سَوَاءٌ سَتَرَتْهُ بِثَوْبَيْنِ أَو ثَلاَثَةٍ أَو أَكْثَرَ، بِحَيْثُ إِذَا مَا تَكَشَّفَ مِنْهَا شَيْئٌ فِي أَثْنَاءِ الصَّلاَةِ، وَجَبَ عَلَيْهَا الإِعَادَة. - هَذَا.. وقَد أَجْمَعَ فُقَهَاءِ المُسْلِمِينَ سَلَفاً وخَلَفاً عَلَى أَنَّ جَمِيعَ بَدَنِ المَرأَةِ عَوْرَةٌ، حَاشَا مَا يَجُوزُ لَهَا كَشْفُهُ فِي الصَّلاَةِ والحَجِّ، وذَلِكَ وَجْهُهَا وكَفَّاهَا، فِإِنَّ المَرْأَةَ لاَ تَلْبَسُ القُفَّازَيْنِ مُحْرِمَةً، ولا تَنْتَقِبُ فِي الصَّلاَةِ ولاَ فِي الحَجِّ؛، وفِي هَذَا أَوْضَحُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وَجْهَهَا وكَفَّيْهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ؛، واللهُ تَعَالَى أَعلَمُ. |
(83) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلاَمٌ، فَنَظَرَ إِلَى أَعْلاَمِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ، فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلاَتِي». أولاً: تَخْرِيج الحَدِيث: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 373) واللَّفْظُ لَهُ؛ ومُسْلِمٌ (1/ 556) وأَبُو دَاوُدَ (4/ 4052) والنَّسَائِيُّ (2/ 771) وابْنُ مَاجَةَ (2/ 3550) ومَالِكٌ فِي "المُوَطَّأ" (1/ 67) مُخْتَصَراً، وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (42/ 25635) وابْنُ رَاهْوَيْه فِي "المُسْنَد" (2/ 621، 622، 623) وعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "المُصَنَّف" (1/ 1389) والحُمَيْدِيُّ فِي "المُسْنَد" (2/ 172) مُخْتَصَراً، وأَبُو يَعلَى فِي "المُسْنَد" (7/ 4414) وابْنُ خُزَيْمَةَ فِي "الصَّحِيح" (2/ 928) وابْنُ حِبَّانٍ فِي "الصَّحِيح" (6/ 2337) والبَيْهَقِيُّ في "السُّنَن الكُبْرَى" (2/ 3534). ثانياً: شَرحُ الحَدِيث: - (الخَمِيصَة): كِسَاءٌ أَسْوَدٌ مُرَبَّع. - (أَعْلَام): خُطُوط. - (وَأَتُوْنِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ): وَإِنَّمَا طَلَبَ أَنْبِجَانِيَّتَهُ بَدَلَهَا لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِرَدِّ هَدِيَّتِهِ؛ والأَنْبِجَانِيَّة هِيَ: كِسَاءٌ غَلِيظٌ لاَ خُطُوطَ فِيهِ. - وأَبُو جَهْمٍ، هُوَ: عُبَيْدُ، ويُقَالُ: اسْمُهُ عَامِر بنِ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمِ بْنِ عَامِرٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُوَيْجِ بْنِ عَدِيِّ القُرَشِيُّ العَدَوِيُّ. صَحَابِيٌّ؛ أَسْلَمَ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ مِن الهِجْرَةِ، ثُمَّ ابَتَنَى دَاراً بِالمَدِينَةِ، وَلَمْ يَرْوِ شَيْئاً عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واسْتَعمَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّدَقَةِ، وحَضَرَ يَوْمَ الحَكَمَيْنِ بدُوَمَةِ الجَنْدَلِ. وكَانَ عَلاَّمَةً بِالنَّسَبِ، مُقَدَّمًا فِي قُرَيْشٍ مُعَظَّماً، مُعَمَّراً؛ فَقَد بَنَى فِي الجَاهِلِيَّةِ مَعَ قُرَيْشٍ الكَعبَةَ، ثُمَّ بَقِيَ حَتَّى بَنَى فِيهَا مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي سَنَةِ أَربَعٍ وسِتِّينَ؛، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. - (أَلْهَتْنِي): شَغَلْتنِي. - (آنِفاً): قَرِيباً. - (عَنْ صَلَاتِي): عَنْ كَمَالِ حُضُورِهَا. - (فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً): أَيْ: نَظَرَ عِبْرَةٍ. |
(84) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا، فَإِنَّهُ لاَ تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ فِي صَلاَتِي». أولاً: تَخْرِيج الحَدِيث: رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1/ 374) وأَحمَدُ فِي "المُسْنَد" (21/ 14022). ثانياً: شَرحُ الحَدِيث: - (قِرَام): سِتْرٌ رَقِيقٌ مِنْ صُوفٍ ذُو أَلْوَانٍ ونُقُوشٌ. - (لِعَائِشَةَ): هِيَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أُمُّ المُؤْمِنِينَ وزَوْجَةُ رَسُولِ رَبِّ العَالَمِينَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا. - (سَتَرَتْ): غَطَّت. - (جَانِبَ بَيْتِهَا): جَانِبَ البَابِ؛ أَو جَانِبَ الجِدَارِ. - (أَمِيطِي): أَزِيلِي. - (لَا يَزَالُ تَصَاوِيرُهُ): جَمْعُ تَصْوِيرٍ؛ بِمَعْنَى: الصُّورَةِ، أَيْ: تَمَاثِيلُهُ أَوْ نُقُوشُهُ. - (تَعْرِضُ لِي فِي صَلَاتِي): تَظْهَرُ لِي فِي صَلَاتِي وتَشْغَلَنِي عَنْهَا. -- فَالحَدِيثُ الشَّرِيفُ يَدُلُّ عَلَى: - كَرَاهَةِ زَخْرَفَةِ المَسَاجِدِ. - كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي الأَمْكِنَةِ الَّتِي فِيهَا تَصَاوِير. - كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي الثِّيَابِ الَّتِي فِيهَا نُقُوش أَو زَخْرَفَة. |
بارك الله فيك
جزاك الله خيرا
|
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
|
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:42 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.