بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   أرشيف المنتدي (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=513)
-   -   موسوعة الأخلاق الإسلامية (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=511314)

محمد رافع 52 31-07-2013 01:17 AM

ذم البُغْض والكَرَاهِية في واحة الشِّعر


قال ثعلب:

أُغْمَّض عيني عن صديقي تغافلًا *** كأنِّي بما يأتي مِن الأمر جاهلُ



وما بي جهلٌ غيرَ أنَّ خَلِيقَتي *** تطيقُ احتمالَ الكُرْهِ فيما يحاولُ


وقال يحيى بن زياد الحارثي:

ولكن إذا ما حلَّ كُرْهٌ فسامحتْ *** به النَّفسُ يومًا كان للكرهِ أذهبا


وقال الشَّاعر:

لا يُخرِجُ الكَرْهُ منِّي غير مَأْبِيَةٍ *** ولا ألينُ لمن لا يبتغي لِيني


وقال الشَّاعر:

أخو البِشْر محبوبٌ على حُسْنِ بِشْرِه *** ولن يعدمَ البَغْضَاءَ مَن كان عابسًا



ويسرعُ بخلُ المرءِ في هتكِ عرضِه *** ولم أرَ مثلَ الجودِ للمرءِ حارسًا


وقال آخر:

وما أحبُّ إذا أحببتُ مُكتَتِمًا *** يبدي العداوةَ أحيانًا ويخفيها



تظلُّ في قلبِه البَغْضَاءُ كامنةً *** فالقلبُ يكتمُها والعينُ تبديها



والنَّفسُ تعرفُ في عيني محدِّثِها *** مَن كان مِن سلمِها أو مِن أعاديها



عيناك قد دلَّتا عينيَّ منك على *** أشياءَ لولاهما ما كنتُ أدريها


وقال بعض الشُّعراء:

سنَّ الضَّغائنَ آباءٌ لنا سلفوا *** فلن تبيدَ وللآباءِ أبناءُ


وقال آخر:

وعَيْنُ البُغْضِ تبرزُ كلَّ عيبٍ *** وعَيْنُ الحبِّ لَا تَجِد العيوبا


وقال آخر -أيضًا-:

ما الذَّنبُ إلَّا على القومِ ذوي دَغَلٍ *** وفَى لهم عدلُك المألوف إذ غدروا



قوم نصيحتهم غشٌّ وحبُّهم *** بغضٌ ونفعهم إن صرَّفوا ضرر



يميزُ البُغْض في الألفاظِ إن نطقوا *** ويُعْرَف الحقدُ في الألحاظِ إن نظروا


وقال عمَارَة بن عقيل:

تُبدي لك العَيْنُ ما في نَفسِ صاحبِها *** مِن الشَّناءةِ والوُدِّ الذَّي كَانَا



إنَّ البَغِيضَ له عَيْنٌ يَصُدُّ بها *** لا يستطيعُ لِمَا في القلبِ كِتْمَانا



وعَيْنُ ذِي الوُدِّ لا تنفكُّ مقبلةً *** تَرى لَهَا محجرًا بَشًّا وإنسانا



والعَيْنُ تنطقُ والأفواهُ صامتةٌ *** حتى ترى مِن ضميرِ القلبِ تِبيانا


وقال آخر:

قضى اللهُ أنَّ البُغْضَ يصرعُ أهلَه *** وإنَّ على البَاغِي تَدورُ الدَّوَائِرُ

http://1.bp.blogspot.com/-5QNz0VwOpK...(2)_-_Copy.jpg

محمد رافع 52 31-07-2013 01:19 AM

التجسس


معنى التجسس لغةً واصطلاحًا


معنى التجسس لغةً:
مأخوذ من الجَسِّ: وهو جَسُّ الخبر، ومعناه: بحث عنه وفحص، وتَجَسَّسْتُ فلانًا ومن فلان: بحثت عنه، والتَّجَسُّسُ بالجيم التفتيش عن بواطن الأمور، وأكثر ما يقال في الشرِّ، والجاسُوسُ: العين يَتَجَسَّسُ الأخبار ثم يأتي بها، وهو صاحب سِرِّ الشَّر، والناموسُ صاحب سرِّ الخير .
معنى التجسس اصطلاحًا:
التجسس: البحث عن العورات والمعايب، وكشف ما ستره الناس .

محمد رافع 52 31-07-2013 01:22 AM

الفرق بين التجسس والتحسس


قال أبو هلال العسكري: (الفرق بين التحسس والتجسس: التحسس - بالحاء المهملة -: طلب الشيء بالحاسة، والتجسس - بالجيم - مثله. وفي الحديث: ((لا تحسسوا، ولا تجسسوا)) . قيل: معناهما واحد، وعطف أحدهما على الآخر لاختلاف اللفظين كقول الشاعر:
متى أدن منه ينأ عني ويبعد
وقيل:
التجسس -بالجيم- البحث عن عورات النساء، -وبالحاء- الاستماع لحديث القوم، ويروى أن ابن عباس سئل عن الفرق بينهما فقال: (لا يبعد أحدهما عن الآخر: التحسس في الخير، والتجسس في الشر) . قلت: ويؤيده قوله تعالى حكاية عن يعقوب: يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ [يوسف: 87]- بالحاء - على القراءة المشهورة، فإنَّه كان متوقِّعًا لأن يأتيه الخبر بسلامة يوسف. وقوله سبحانه: وَلا تَجَسَّسُوا [الحجرات: 12] - بالجيم - فإنَّ المنهي عنه البحث عن معائب الناس وأسرارهم التي لا يرضون بإفشائها، واطلاع الغير عليها) .
وقال بعضهم: (التحسس بالحاء أن تستمع الأخبار بنفسك، وبالجيم أن تتفحَّص عنها بغيرك) .
وقال الترمذي الحكيم: (التحسُّس- يعني بالحاء- هو طلب أخباره والفتش عنه؛ شفقة ونصحًا واحتياطًا؛ فتطيب نفسه لطيب أخباره، وحسن حاله، أو ليرفده إن كان في أمره خلل بنصح واحتياط ومعونة، والتجسس أن تفتش عن أخبار مغطية مكروهة أن تعلم بها، فتستخرجها بفتشك لهتك الستور، والكشف عن العورات والمساوئ) .
وقال ابن حبيب: (بالحاء أن تسمع ما يقول أخوك فيك، وبالجيم أن ترسل من يسأل لك عما يقال لك في أخيك من السوء) .

محمد رافع 52 31-07-2013 01:27 AM

ذم التجسس والنهي عنه

أولًا: في القرآن الكريم


- نهى الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن التجسس في آية محكمة وصريحة تدلُّ على حرمة هذا الفعل المشين، والخصلة المذمومة، فقال تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ [الحجرات: 12].
قال ابن جرير وهو يتحدث عن تفسير قوله: وَلا تَجَسَّسُوا يقول: (ولا يتتبع بعضكم عورة بعض، ولا يبحث عن سرائره، يبتغي بذلك الظهور على عيوبه، ولكن اقنعوا بما ظهر لكم من أمره، وبه فاحمدوا أو ذموا، لا على ما لا تعلمونه من سرائره ...). ثم ذكر أثر ابن عباس: (نهى الله المؤمن من أن يتتبع عورات المؤمن) .
وقال البغوي: (نهى الله تعالى عن البحث عن المستور من أمور الناس وتتبع عوراتهم؛ حتى لا يظهر على ما ستره الله منها) .
- ومن ذلك قول الله تعالى:وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا[الأحزاب: 58].
وأي إيذاء أكبر من تتبع عورات الناس، والبحث عن سوءاتهم، والتجسس عليهم، وإظهار ما ستره الله من ذنوبهم.
قال ابن عثيمين: (التجسس أذية، يتأذى به المتجَسس عليه، ويؤدي إلى البغضاء والعداوة ويؤدي إلى تكليف الإنسان نفسه ما لم يلزمه، فإنك تجد المتجسس والعياذ بالله، مرة هنا ومرة هنا، ومرة هنا، ومرة ينظر إلى هذا ومرة ينظر إلى هذا، فقد أتعب نفسه في أذية عباد الله) .
- وقال تعالى وهو يتحدث عن المنافقين وعن صفاتهم: لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ [التوبة: 47].
قال مجاهد: (معناه وفيكم محبون لهم، يؤدون إليهم ما يسمعون منكم، وهم الجواسيس) .
وقال القرطبي: ( وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ أي: عيون لهم، ينقلون إليهم الأخبار منكم) .

محمد رافع 52 31-07-2013 01:44 AM

ثانيًا: في السنة النبوية


لقد شدَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن التجسس والتحذير منه، وبيَّن أنَّه مفسد للأخوة، وسبب في تقطيع الأواصر والصلات، وسبيل إلى إفساد الناس:
- فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إيَّاكم والظنَّ، فإنَّ الظنَّ أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا)) .
- وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته)) .
قوله: ((يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه)). (فيه تنبيه على أنَّ غيبة المسلم من شعار المنافق لا المؤمن. ((ولا تتبعوا عوراتهم)). أي: لا تجسسوا عيوبهم ومساويهم... ((يتبع الله عورته)). ذكره على سبيل المشاكلة، أي: يكشف عيوبه، وهذا في الآخرة. وقيل: معناه يجازيه بسوء صنيعه. يفضحه. أي: يكشف مساويه. ((في بيته)). أي: ولو كان في بيته مخفيًّا من الناس) .
- وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنَّك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم)). فقال أبو الدرداء: (كلمة سمعها معاوية من رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعه الله تعالى بها) .
- وفي رواية أخرى عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعرضوا عن الناس، ألم تر أنك إن ابتغيت الريبة في الناس أفسدتهم، أو كدت تفسدهم)) .
قال المناوي: (أي ولوا عن الناس، ولا تتبعوا أحوالهم، ولا تبحثوا عن عوراتهم... ألم تعلم أنك إن اتبعت التهمة فيهم لتعلمها وتظهرها؛ أوقعتهم في الفساد، أو قاربت أن تفسدهم؛ لوقوع بعضهم في بعض بنحو غيبة، أو لحصول تهمة لا أصل لها، أو هتك عرض ذوي الهيئات المأمور بإقالة عثراتهم، وقد يترتب على التفتيش من المفاسد ما يربو على تلك المفسدة التي يُراد إزالتها، والحاصل أنَّ الشارع ناظر إلى
الستر مهما أمكن، والخطاب لولاة الأمور ومن في معناهم) .
- وعن ابن عباس، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
((من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، أو يفرون منه، صُبَّ في أذنه الآنك يوم القيامة)) .
- وعن جبير بن نفير وكثير بن مرة، وعمرو بن الأسود، والمقدام بن معد يكرب، وأبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((إنَّ الأمير إذا ابتغى الريبة فى الناس أفسدهم)) .
يقول المناوي: (إن الأمير إذا ابتغى الريبة. أي: طلب الريبة، أي: التهمة في الناس بنية فضائحهم. أفسدهم. وما أمهلهم، وجاهرهم بسوء الظن فيها، فيؤديهم ذلك إلى ارتكاب ما ظنَّ بهم ورموا به ففسدوا، ومقصود الحديث حثُّ الإمام على التغافل، وعدم تتبع العورات، فإنَّ بذلك يقوم النظام، ويحصل الانتظام، والإنسان قلَّ ما يسلم من عيبه، فلو عاملهم بكلِّ ما قالوه أو فعلوه اشتدت عليهم الأوجاع، واتسع المجال، بل يستر عيوبهم، ويتغافل، ويصفح، ولا يتبع عوراتهم، ولا يتجسس عليهم) .

محمد رافع 52 10-08-2013 12:00 AM


أقوال السلف والعلماء في التجسس

- عن ابن عباس في قوله: ولا تجسسوا قال: (نهى الله المؤمن أن يتبع عورات أخيه المؤمن) .
- و(أتي ابن مسعود رضي الله عنه فقيل: هذا فلان تقطر لحيته خمرًا. فقال عبد الله: إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به) .
- وقال مجاهد في قوله: وَلا تَجَسَّسُوا. قال: (خذوا ما ظهر لكم، ودعوا ما ستر الله) .
- وقال قتادة في تفسيرها: (هل تدرون ما
التجسس أو التجسيس؟! هو أن تتبع، أو تبتغي عيب أخيك لتطلع على سرِّه) .
- وقال ابن زيد في تفسيرها أيضًا: قال: (حتى أنظر في ذلك وأسأل عنه، حتى أعرف حقٌّ هو، أم باطل؟ قال: فسماه الله تجسسًا، قال: يتجسس كما يتجسس الكلاب) .
- وقال الحسن: (لا تسأل عن عمل أخيك الحسن والسيئ، فإنَّه من التجسس) .
- وقال أبو حاتم: (الواجب على العاقل مباينة العوام في الأخلاق والأفعال، بلزوم ترك
التجسس عن عيوب الناس؛ لأنَّ من بحث عن مكنون غيره بحث عن مكنون نفسه، وربما طمَّ مكنونه على ما بحث من مكنون غيره، وكيف يستحسن مسلم ثلب مسلم بالشيء الذي هو فيه) .
- وقال أيضًا: (التجسس من شعب النفاق، كما أنَّ
حسن الظن من شعب الإيمان) .
- وقال: (الواجب على العاقل لزوم السلامة بترك
التجسس عن عيوب الناس، مع الاشتغال بإصلاح عيوب نفسه، فإنَّ من اشتغل بعيوبه عن عيوب غيره أراح بدنه، ولم يتعب قلبه) .

محمد رافع 52 10-08-2013 12:03 AM


أقسام التجسس وحكم كلِّ قسم

الأصل في التجسس أنَّه محرم شرعًا، منهيٌّ عنه، غير أنَّ هناك بعض الصور قد تقتضي المصلحة جوازها.
وعليه فيمكننا أن نقسم
التجسس إلى قسمين:
تجسس ممنوع:
(ويُقصد به تتبع عورات الناس وأسرارهم، والكشف عن معائبهم؛ بدافع الفضول وإشباع غريزة حبِّ الاستطلاع، دون أن يكون له غرض مباح؛ من جلب منفعة راجحة، أو دفع مفسدة متوقعة، سواء أكان ذلك بالتطلُّع، أو التنصت والاستماع) http://dorar.net/misc/tip.gif .
وهذا النوع من أنواع
التجسس هو الذي نصَّت الأدلة الواضحة على تحريمه، ولم يبح إلا في حالات خاصة، فـ(إنَّ الأصل في المسلم الطهارة، والعفة، والبراءة، والسلامة من كلِّ شيء مشين، ولذا كان الأصل في الإسلام النهي عن التجسس بجميع صوره وأشكاله، سواء كان تجسس الفرد على الفرد، أو الفرد على الدولة، أو الدولة على الدولة؛ لأنَّ التجسس انتهاك لحرمة المسلم، وكشف ستره، وقد يسبب الحقد والبغض بين أفراد المجتمع المسلم، وهذا الذي يرفضه الإسلام جملة وتفصيلًا) .
تجسس مشروع:
وأما النوع الثاني من أنواع التجسس، وهو
التجسس المشروع، فـيراد به كلُّ تجسس يهدف إلى مصلحة الدولة الإسلامية في تعاملها مع أعدائها، أو تطهيره المجتمعات من أهل الشرِّ والفساد، وملاحقتهم والتضييق عليهم.
وهذا القسم من أقسام
التجسس يتفاوت حكمه التكليفي من الوجوب إلى الإباحة، حسب ما تقتضيه المصلحة والضرورة، فهناك ما هو تجسس واجب: (وهو ما يكون طريقًا إلى إنقاذ نفس من الهلاك، أو القضاء على الفساد الظاهر؛ كاستدراك فوات حرمة من حرمات الله... ووجه وجوبه أنَّ ذلك من ضمن وسيلة النهي عن المنكر) . وهناك ما هو تجسس مباح، وهو ما عدا ذلك من الصور التي استثناها الشرع من التحريم، ولا تصل إلى درجة الوجوب، كالتجسس على الأعداء لمعرفة عددهم وعتادهم وغيرها .

محمد رافع 52 10-08-2013 12:05 AM

آثار التجسس الممنوع

1- أن التجسس مظهر من مظاهر سوء الظنِّ، وأثر من آثاره، فهو متولِّد عن صفة مذمومة سيئة نهى عنها الدين الحنيف.
وذلك (لأنَّ الظنَّ يبعث عليه حين تدعو الظانَّ نفسه إلى تحقيق ما ظنَّه سرًّا، فيسلك طريق التجسس) .
2- والتجسس صورة من صور ضعف الإيمان، وضعف التدين، وقلة المراقبة، هذا على الجانب الديني؛ أما الأخلاقي والسلوكي، فهو يدلُّ على دناءة النفس وخسَّتها، وضعف همَّتها، وانشغالها بالتافه من الأمور عن معاليها وغاياتها.
3- وهو سبيل إلى قطع الصلات، وتقويض العلاقات، وظهور العداء بين الأحبة، وبثِّ الفرقة بين الإخوان، (فقد يرى المتجسس مِن المتجسس عليه ما يسوءه، فتنشأ عنه العداوة والحقد. ويدخل صدره الحرج والتخوف؛ بعد أن كانت ضمائره خالصة طيبة، وذلك من نكد العيش) .
4- وبالتجسس تنهار القدوات، وتصغر في الأعين القامات، وعندها تهون الذنوب وتحقَّر السيئات، وتفسير ذلك أنَّ المتجسس عليه إذا كان في منزل القدوة؛ واطلع منه على أمر سيئ، أو ذنب، أو معصية فإنَّه لا شكَّ سيقلُّ قدره، وستتلاشى مكانته، ولن يقبل منه نصحًا ولا توجيهًا، بل ربما تهون المعصية التي عملها على المتجسس فيعملها؛ بحجة أن ليس أحسن حالًا من فلان القدوة الذي تلبس بها.
5- والتجسس يؤدي إلى فساد الحياة؛ فتصبح مليئة بالشكوك والتخوفات، فلا يأمن الإنسان على خصوصياته من أن تنكشف أو تظهر للناس، بل يعيش المرء في حالة من الشك الذي لا ينتهي، وهذا تصديق لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه قال: ((إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم)) .
6- والتجسس يؤدي إلى الكراهية، ويدفع إلى الانتقام، فإذا علم شخص ما أن فلان يتجسس عليه، ويريد أن يهتك ستره، ويفضح أمره سعى هو من جانبه إلى
التجسس عليه، وفضحه وهكذا.
يقول ابن عاشور: فـ (إن اطلع المتجسس عليه على تجسس الآخر ساءه؛ فنشأ في نفسه كره له، وانثلمت الأخوة...، ثم يبعث ذلك على انتقام كليهما من أخيه) http://dorar.net/misc/tip.gif .
7- كما أنَّه سبيل إلى إشاعة الفاحشة بين المسلمين، وانتشار السوء بينهم، وذلك بما يحصل من نشر لما استتر من الفضائح، وإظهار لما خفي من السوءات.
8- وهو دليل بين واضح على سوء الطوية، وعن نفاق يعشش في القلب، وأنَّ صاحبه بعيد عن الإيمان وإن ادعاه، مجانب للتقوى وإن تزيا بلباسها، لذا كان نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن هذه صفته بقوله: ((يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه...)).
9- أن صاحبه متوعَّد بالفضيحة وكشف العورة حتى ولو كان في قعر داره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنَّه من اتبع عوراتهم يتَبَّع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته)).
10- ويكفي
التجسس سوءًا أن صاحبه يعرض نفسه لغضب الله، واستحقاق العذاب الأليم، هذا في الآخرة، أما في الدنيا فيبقى مكروهًا مبغوضًا من الناس؛ فهو دائمًا في محل ريبة، لا يأنسون به، ولا يرتاحون بحضوره

محمد رافع 52 10-08-2013 12:11 AM

صور التجسس


صور التجسس الممنوع:
- التجسس على بيوت المسلمين والاطلاع على عوراتهم (بالاستماع من وراء الأبواب، أو بالدخول في البيوت على حين غفلة من أهلها، أو باستئذان لغرض كاذب، كشرب الماء والمقصود غير ذلك... وكل ذلك لا يجوز في شرع الإسلام) .
- ومن صوره أيضًا اقتحام البيوت، والخلوات بحجة ضبط من فيها متلبسين بالمعصية، ولا شك أنَّ هذا مما لا يبيحه الشرع ولا يقبله.
- ومن صور
التجسس الممنوع التقصي والبحث عن معاصٍ وسيئات اقترفت في الماضي، والتجسس على أصحابها لمعرفتها.
قال السفاريني: (ويحرم تجسيس على ما يفسق به في الزمن الماضي، أو الفسق الماضي مثل أن يشرب الخمر في الزمن الذي مضى، وتبحث عنه أنت بعد مدة لأن ذلك إشاعة للمنكر بما لا فائدة فيه، ولا عود على الإسلام، وإنما هو عيب ونقص، فينبغي كفه ونسيانه دون إذاعته وإعلانه، وإنما يحرم
التجسس عن ذلك إن لم يجدد العود عليه، والإتيان به ثانيًا. فإن عاوده فلا حرمة إذن.
قال في الرعاية: ويحرم التعرض لمنكر فُعِل خفية على الأشهر، أو ماض، أو بعيد، وقيل يجهل فاعله ومحله. وقال أيضًا: لا إنكار فيما مضى وفات إلا في العقائد أو الآراء) .
- ومن صور
التجسس الممنوع استماع المرء إلى حديث قوم، وهم له كارهون، فقد تُوُعِّدَ على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه سيصبُّ في أذنه الآنك يوم القيامة بسبب فعلته. فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، أو يفرون منه، صُبَّ في أذنه الآنك يوم القيامة)) .
(ومن هذا الحديث يُعلم أنَّ الاستماع لحديث الآخرين بغير رضاهم وإذنهم هو من
التجسس المحرم الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وحذَّر منه، وكفى بترتيب العقوبة المذكورة في الحديث على من يفعل هذا دليلًا على حرمته) .
ويدخل في هذه الصورة من صور
التجسس التنصت على هواتف الناس ومكالماتهم، وهو (يتضمن معنى تسمع حديث قوم أو التجسس عليهم، فيكون حكم المسألة هو حكم التجسس... أو يكون حكمه حكم التسمع إلى حديث قوم وهم كارهون؛ لأنَّ العادة أنَّ الناس لا يريدون أن يطلع على مكالمتهم أحد، والذي يتنصت على هواتف الناس بهذا المعنى يدخل تحت الوعيد) .
- ومن صور
التجسس الممنوع التجسس على الكافر المسالم، خاصة إذا لم يظهر منه ما يدعو للريبة، قال تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة: 8] .
- ومن أبشع صور
التجسس وأقبحها التجسس على المسلمين لصالح أعداء الدين (فإذا كان التجسس للوقوف على عورات الأفراد ومعائبهم أمًرا محرمًا، فإنَّ التجسس على الأمة الإسلامية لحساب أعدائها أشدُّ حرمة، وأعظم خطرًا وضررًا على البلاد، والعباد، وخيانة لله ورسوله وللأمة، وقد تحدَّث الفقهاء رحمهم الله تعالى على عقوبة من يقوم بهذا العمل الخطير، الذي يُعرِّض الأمة الإسلامية بأكملها لأضرار فادحة، قد يستمرُّ أثرها لأمد بعيد، محطمًا كافة النواحي السياسية والاقتصادية، والاجتماعية للدولة الإسلامية) .
قال عبد القادر العاني: (ومن أكبر الكبائر وأفظعها
التجسس على المسلمين، وإفشاء أسرارهم الحربية إلى أعدائهم، أو إلى من يوصل إليهم) .
(وإذ قد اعتبر النهي عن
التجسس من فروع النهي عن الظنِّ، فهو مقيَّد بالتجسس الذي هو إثم، أو يفضي إلى الإثم، وإذا علم أنه يترتب عليه مفسدة عامة؛ صار التجسس كبيرة. ومنه التجسس على المسلمين لمن يبتغي الضرَّ بهم...) .
صور التجسس المشروع:

- من صور التجسس المشروع التجسس على أعداء الأمة لمعرفة عددهم وعتادهم (فقد اتفق الفقهاء على أنَّ التجسس والتنصت على الكفار في الحرب مشروع وجائز لمعرفة عددهم، وعتادهم، وما يخطِّطون له، ويدبِّرون من المكائد للمسلمين، وهو الأمر الذي يكون بعلم الإمام، وتحت نظره ومعرفته) .
(فالتجسس على أعداء الأمة الإسلامية بتتبُّع أخبارهم، والاطِّلاع على مخططاتهم التي يعدُّونها للقضاء على الأمة الإسلامية، وإثارة الفتنة والقلاقل بين صفوفها، وزعزعة أمنها واستقرارها أمر مشروع، بل قد يكون واجبًا في حالة قيام حرب بينهم وبين المسلمين، وقد دلَّ على مشروعيته الكتاب والسنة وعمل الصحابة:
فمن الكتاب: عموم قول الله تعالى:وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ [الأنفال: 60].
فقد أمرت الآية المسلمين بإعداد ما يستطيعون من قوة لمواجهة الأعداء، ومن أسباب القوة التخطيط السليم، واليقظة والحذر، والتأهب الدائم؛ لإحباط مخططات الأعداء، ولا شكَّ أنَّ ذلك لا يتمُّ إلا بمعرفة أخبار الأعداء وخططهم، ورصد تحركاتهم، وما لا يتمُّ الواجب إلا به فهو واجب، فدلَّت الآية على مشروعية
التجسس على الأعداء بكلِّ وسيلة شريفة، وطريقة نبيلة).
ومن السنة أحاديث كثيرة، منها:
- عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: ((من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا. ثم قال: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا، ثم قال: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا. ثم قال: إنَّ لكلِّ نبيٍّ حواريًّا، وإنَّ حواريَّ الزبير)) .
- وعن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم، يزيد أحدهما على صاحبه قالا: ((خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلما أتى ذا الحليفة، قلَّد الهدي وأشعره وأحرم منها بعمرة، وبعث عينًا له من خزاعة، وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان بغدير الأشطاط أتاه عينه، قال: إنَّ قريشًا جمعوا لك جموعًا، وقد جمعوا لك الأحابيش، وهم مقاتلوك، وصادُّوك عن البيت، ومانعوك. فقال: أشيروا أيها الناس عليَّ، أترون أن أميل إلى عيالهم وذراري هؤلاء الذين يريدون أن يصدُّونا عن البيت، فإن يأتونا كان الله عزَّ وجلَّ قد قطع عينًا من المشركين، وإلا تركناهم محروبين. قال أبو بكر: يا رسول الله، خرجت عامدًا لهذا البيت، لا تريد *** أحد، ولا حرب أحد، فتوجَّه له، فمن صدنا عنه قاتلناه. قال: امضوا على اسم الله)) .
(فهذه الأحاديث جميعها تدل على مشروعية جمع المعلومات عن الأعداء، وكشف مخططاتهم، وذلك بالطرق المشروعة والوسائل الشريفة، وأنَّه عليه الصلاة والسلام كان يتخير لهذه المهمة الأشخاص الذين كان يثق بهم حرصًا منه على صحة المعلومات التي تصله، ودقَّتها، لكي يبني عليها خططه العسكرية في مواجهة الأعداء) .
- ومن صور
التجسس المشروع (تتبع المجرمين الخطرين وأهل الريب، وقد عدَّه بعض الفقهاء من التجسس المشروع إذا كانت جرائمهم ذات خطر كبير على الأفراد، أو على الأمَّة بأسرها، وغلب على الظنِّ وقوعها بأمارات وعلامات ظاهرة، وذلك كالتجسس على إنسان يغلب على الظنِّ أنَّه يتربص بآخر لي***ه، أو بامرأة أجنبية ليزني بها، بل قد يكون واجبًا إذا خيف فوات تدارك الجريمة بدون التجسس.
قال الرملي: (وليس لأحد البحث والتجسس، واقتحام الدور بالظنون، نعم إذا غلب على ظنه وقوع معصية ولو بقرينة ظاهرة، كإخبار ثقة جاز له، بل وجب عليه
التجسس إن فات تداركها ك*** وزنى، وإلا فلا) .
وذكر القاضي أبو يعلى جوازه في حالة ما إذا كان في تركه انتهاك حرمة يفوت استدراكها، مثل أن يخبره من يثق بصدقه أن رجلًا خلا برجل لي***ه، أو بامرأة ليزني بها، فيجوز له في مثل هذه الحال أن يتجسس، ويقدم على الكشف والبحث، حذرًا من فوات ما لا يُستدرك، من انتهاك المحارم، وارتكاب المحظورات .
- ومن صور
التجسس المشروع تفقد الوالي لأحوال رعيته لمعرفة المظلومين والمحتاجين، وتأمين احتياجاتهم؛ إذ هم أمانة في عنق الوالي .
ومن أمثلة ذلك:
- ما روي عن أسلم رضي الله عنه قال: خرجت ليلة مع عمر إلى حرة واقم، حتى إذا كنا بصرار إذا بنار، فقال: يا أسلم، هاهنا ركب قد قصر بهم الليل، انطلق بنا إليهم. فأتيناهم فإذا امرأة معها صبيان لها، وقدر منصوبة على النار، وصبيانها يتضاغون، فقال عمر: السلام عليكم يا أصحاب الضوء. قالت: وعليك السلام.قال: أدنو؟ قالت: ادن أو دع. فدنا فقال: ما بالكم؟ قالت: قصر بنا الليل والبرد. قال: فما بال هؤلاء الصبية يتضاغون؟ قالت: من الجوع. فقال: وأي شيء على النار؟ قالت: ماء أعللهم به حتى يناموا، الله بيننا وبين عمر. فبكى عمر، ورجع يهرول إلى دار الدقيق، فأخرج عدلًا من دقيق، وجراب شحم، وقال: يا أسلم، احمله على ظهري، فقلت: أنا أحمله عنك. فقال: أنت تحمل وزري يوم القيامة؟ فحمله على ظهره، وانطلقنا إلى المرأة فألقي عن ظهره، وأخرج من الدقيق في القدر، وألقى عليه من الشحم، وجعل ينفخ تحت القدر، والدخان يتخلل لحيته ساعة، ثم أنزلها عن النار وقال: آتيني بصحفة. فأتي بها فغرفها ثم تركها بين يدي الصبيان وقال: كلوا، فأكلوا حتى شبعوا - والمرأة تدعو له، وهي لا تعرفه - فلم يزل عندهم حتى نام الصغار، ثم أوصلهم بنفقة وانصرف، ثم أقبل عليَّ فقال: يا أسلم، الجوع الذي أسهرهم، وأبكاهم .
- وقدم المدينة رفقة من تجار، فنزلوا المصلى فقال عمر لعبد الرحمن بن عوف: هل لك أن تحرسهم الليلة؟ قال: نعم! فباتا يحرسانهم ويصليان، فسمع عمر بكاء صبي فتوجَّه نحوه، فقال لأمه: اتَّق الله تعالى وأحسني إلى صبيك. ثم عاد إلى مكانه، فسمع بكاءه، فعاد إلى أمِّه فقال لها مثل ذلك، ثم عاد إلى مكانه، فلما كان آخر الليل سمع بكاء الصبي، فأتى إلى أمه فقال لها: ويحك، إنَّك أمُّ سوء، ما لي أرى ابنك لا يقرُّ منذ الليلة من البكاء؟! فقالت: يا عبد الله، إني أشغله عن الطعام فيأبى ذلك، قال: ولم؟ قالت: لأن عمر لا يفرض إلا للمفطوم. قال: وكم عمر ابنك هذا؟ قالت: كذا وكذا شهرًا، فقال: ويحك لا تعجليه عن الفطام. فلما صلى الصبح، وهو لا يستبين للناس قراءته من البكاء. قال: بؤسًا لعمر. كم *** من أولاد المسلمين. ثم أمر مناديه فنادى، لا تعجلوا صبيانكم عن الفطام، فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام. وكتب بذلك إلى الآفاق .

محمد رافع 52 10-08-2013 12:13 AM


أسباب التجسس الممنوع

للتجسس الممنوع عدة دوافع يمكننا أن نذكر منها ما يلي:
- الفضول المحض: قد يكون الدافع إلى
التجسس وتتبع عورات الناس هو الفضول المحض، وحبَّ الاستطلاع، ومعرفة ما خفي واستتر.
- قصد الإيذاء والفضيحة: فيتجسس على الشخص لكي يؤذيه، أو يفضحه؛ لغرض في نفسه، قد يكون دافعه الحسد، أو الكراهية، أو غير ذلك من الأمور.
- سوء الظنِّ: فالتجسس كما أسلفنا هو أثر من آثار سوء الظنِّ، فإذا ظنَّ شخص بشخص سوءًا دفعه ذلك إلى التحقُّق من ظنِّه، فيعمد إلى
التجسس وتتبع العورات.
-
الانتقام والمعاملة بالمثل: وذلك إذا علم المتجسس عليه أن شخص ما يتتبع عورته، ويتجسس على خصوصياته، فعند ذلك يدفعه الانتقام إلى التجسس والبحث والتقصي، وخاصة إذا تسبب المتجسس في أذيته وفضحه.
- أن يكون مدفوعًا من جهة ما للتجسس، نظير تحصيل مال أو غيره.

محمد رافع 52 10-08-2013 12:14 AM


الوسائل المعينة على ترك التجسس

1- أن يراقب الله تبارك وتعالى قبل كل شيء، ويخشى أليم عقابه، وقوة انتقامه، فإن في ذلك زاجرًا له عن هذه الخلة القبيحة.
2- أن يترك الإنسان فضوله، وحبه للتفتيش، والاستطلاع على الآخرين، وذلك بأن يشغل نفسه بما يهمه في دنياه وأخراه، ويعلق نفسه بمعالي الأمور، ويبعدها عن سفاسفها، ويعمل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) .
3- أن ينمي في نفسه الحرص على وحدة المسلمين وترابطهم، والخوف من تفككهم، وتقطع الأواصر بينهم، فإن هذا يجعله يبتعد عن كل ما يكون سببًا في تهديد هذه الوحدة والترابط، سواء كان ذلك السبب هو التجسس، أو غيره من الأخلاق السيئة.
4- أن يتدبر النصوص القرآنية، والأحاديث النبوية، وآثار السلف التي تحذر من هذه الصفة فإن في ذلك رادع قوي وعلاج ناجع.
5- أن يعرف أن ما يفعله هو أذية للمسلمين، وأن أذيتهم لا تجوز شرعًا.
6- أن يخشى المتجسس من الفضيحة التي توعد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يتتبعون عورات الناس، وأن الله سيفضحهم ولو في قعر دورهم.

محمد رافع 52 10-08-2013 12:20 AM

ذم التجسس في واحة الشعر


قال الشاعر:

لا تلتمسْ مِن مساوي الناسِ ما ستروا *** فيهتكَ الناسُ سترًا مِن مساويكا



واذكرْ محاسنَ ما فيهم إذا ذكروا *** ولا تعِبْ أحدًا عيبًا بما فيكا


وقال آخر:

يخرجُ أسرارَ الفتى جليسُه *** ربَّ امرئٍ جاسوسُه أنيسُه


وشكا بعض الملوك تنقيب العوام عن أسرار الملوك فقال:

ما يريدُ الناسُ منا *** ما ينامُ الناسُ عنَّا



لو سكنَّا باطنَ الأر*** ضِ لكانوا حيث كنَّا



إنما همُّهمُ أن *** ينشروا ما قد دفنَّا


محمد رافع 52 10-08-2013 12:23 AM

التَّعْسِير

معنى التَّعْسِير لغةً واصطلاحًا

معنى التَّعْسِير لغةً:
العُسْر: نقيض اليُسْر. والعُسْرة والإعسار: قِلَّة ذات اليَد، وأصل هذه المادة يدلُّ على صُعوبةٍ وشِدَّة. يقال: عسُر الأمر عسرًا وعَسارة، فهو عسير. أي: صعب شديد، وعسِر الأمر وتعسَّر واستعسر، وعسِر الرجل: قلَّ سماحه في الأمور. وعسَرتُ الغريم أعسُره طلبت منه الدين على عُسره، وأعسرته كذلك .
معنى التَّعْسِير اصطلاحًا:
أن يشدِّد الإنسان على نفسه أو غيره في أمر الدِّين بالزِّيادة على المشروع، أو في أمر الدُّنيا بترك الأَيْسَر ما لم يكن إثمًا

محمد رافع 52 10-08-2013 12:24 AM

أولًا: مِن القرآن الكريم
- قال تعالى: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى [الطَّلاق: 6].
تضمنت هذه الآية (معاتبة للأمِّ على المعَاسَرة، كما تقول -لمن تستقضيه حاجةً فيتوانى-: سيقضيها غيرك. تريد أن تبقى غير مقضيَّة فأنت مَلُومٌ، قال سعدي المفتي: ولا يخلو عن معاتبة الأب -أيضًا-؛ حيث أسقط في الجواب عن حيِّز شرف الخطاب مع الإشارة إلى أنَّه إن ضُويِقَت الأمُّ في الأجر، فامتنعت مِن الإرضاع لذلك، فلا بدَّ مِن إرضاع امرأة أخرى، وهي -أيضًا- تطلب الأجر في الأغلب الأكثر، والأُمُّ أشفق وأحنُّ، فهي به أولى، وبما ذكرنا يظهر كمال الارتباط بين الشَّرط والجزاء) .
- وقال تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 280].
قال ابن كثير: (قوله: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ : يأمر تعالى بالصَّبر على المعسر الذي لا يجد وفاءً، فقال: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ. أي: لا كما كان أهل الجاهليَّة يقول أحدهم لمدِينه إذا حلَّ عليه الدَّين: إمَّا أن تقضي وإمَّا أن تُرْبِي. ثمَّ يندب إلى الوضع عنه، ويَعِدُ على ذلك الخير والثَّواب الجزيل، فقال: وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ . أي: وأن تتركوا رأس المال بالكليِّة وتضعوه عن المدِين) .

محمد رافع 52 10-08-2013 12:34 AM

ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة
- عن عبد الله بن أبي قتادة، أنَّ أبا قتادة، طلب غريمًا له، فتوارى عنه ثم وجده، فقال: إني معسر، فقال: آلله؟ قال: آلله؟ قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((من سرَّه أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، فلينفِّس عن معسر، أو يضع عنه)) .
(أي: ليؤخر مطالبة الدين عن المدين المعسر. وقيل: معناه يفرج عنه، أو يضع عنه، أي: يحط عنه، وهذا مقتبس من مشكاة قوله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ) .
قال القاري: (فلينفِّس -بتشديد الفاء المكسورة- أي: فليؤخِّر مطالبته عن مُعْسِر، أي: إلى مدَّة يجد مالًا فيها، أو يضع -بالجزم- أي: يحطُّ ويترك عنه -أي عن المعْسِر- كلَّه أو بعضه. فائدة الفرض أفضل مِن النَّفل بسبعين درجة إلَّا في مسائل. الأَوْلَى إبراء المعْسِر مندوب وهو أفضل من إنظاره) .
- عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وآله وسلَّم: ((لا تشدِّدوا على أنفسكم فيشدِّد الله عليكم، فإنَّ قومًا شدَّدوا على أنفسهم فشدَّد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصَّوامع والدِّيار؛ رهبانيَّة ابتدعوها ما كتبناها عليهم)) .
قال ابن تيمية: (ففيه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشدد في الدين بالزيادة على المشروع.
والتشديد: تارة يكون باتخاذ ما ليس بواجب، ولا مستحب: بمنزلة الواجب والمستحب في العبادات، وتارة باتخاذ ما ليس بمحرم، ولا مكروه بمنزلة المحرم والمكروه، في الطيبات؛ وعلل ذلك بأنَّ الذين شددوا على أنفسهم من النصارى، شدَّد الله عليهم لذلك، حتى آل الأمر إلى ما هم عليه من الرهبانية المبتدعة) .
وقال ابن القيِّم: (نهى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عن التَّشديد في الدِّين، وذلك بالزِّيادة على المشروع، وأخبر أنَّ تشديد العبد على نفسه هو السَّبب لتشديد الله عليه، إمَّا بالقَدَر، وإمَّا بالشَّرع، فالتَّشديد بالشَّرع: كما يشدِّد على نفسه بالنَّذر الثَّقيل، فيلزمه الوفاء به، وبالقَدَر: كفعل أهل الوسواس؛ فإنَّهم شدَّدوا على أنفسهم، فشدَّد عليهم القَدَر، حتى استحكم ذلك، وصار صفة لازمة لهم) .
- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: ((جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)) .
قال ابن تيمية معلقًا على هذا الحديث: (والأحاديث الموافقة لهذا كثيرة في بيان أنَّ سنته التي هي الاقتصاد: في العبادة، وفي ترك الشهوات؛ خير من رهبانية النصارى، التي هي: ترك عامة الشهوات من النكاح وغيره، والغلو في العبادات صومًا وصلاة) .
وقال ابن حجر: (قوله: إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، فيه إشارة إلى رد ما بنوا عليه أمرهم من أن المغفور له لا يحتاج إلى مزيد في العبادة بخلاف غيره فأعلمهم أنَّه مع كونه يبالغ في التشديد في العبادة أخشى لله وأتقى من الذين يشددون وإنما كان كذلك لأنَّ المشدد لا يأمن من الملل بخلاف المقتصد فإنه أمكن لاستمراره وخير العمل ما داوم عليه صاحبه) .
- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أنظر معسِرًا، أو وضع عنه، أظلَّه الله في ظلِّه)) .
قال الطَّحاوي: (الإِعسار قد يكون على العدم الذي لا يُوصَل معه إلى شيء، وقد يكون على القِلَّة التي يُوَصل معها، ما إذا أخذ ممَّن عليه الدَّين فَدَحَه وكَشَفَه، وأضرَّ به، والعُسْرَة تجمعهما جميعًا، غير أنَّهما يختلفان فيها، فيكون أحدهما بها مُعْدَمًا، ولا يكون الآخر منهما بها مُعْدَمًا، وكلُّ مُعْدَمٍ مُعْسِر، وليس كلُّ مُعْسِرٍ مُعْدَمًا، فقد يحتمل أن يكون المعْسِر المقصود بما في هذه الآثار إليه هو المعْسِر الذي يجد ما إن أُخِذ منه فَدَحه، وكَشَفه، وأضرَّ به، فمَن أَنْظَر مَن هذه حاله بما له عليه، فقد آثره على نفسه، واستحقَّ ما للمُؤثِرين على أنفسهم، وكان مِن أهل الوَعْد الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار) .
- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي -صلَّى الله عليه وآله وسلِّم- قال: ((مَن نفَّس عن مؤمن كربةً مِن كرب الدُّنيا، نفَّس الله عنه كربةً مِن كرب يوم القيامة، ومَن يسَّر على مُعسرٍ، يسَّر الله عليه في الدُّنيا والآخرة. ومَن ستر مسلمًا، ستره الله في الدُّنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنَّة، وما اجتمع قومٌ في بيت مِن بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلَّا نزلت عليهم السَّكينة، وغشيتهم الرَّحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومَن بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه)) .
قال ابن رجب: (هذا -أيضًا- يدلُّ على أنَّ الإعسار قد يحصل في الآخرة، وقد وصف الله يوم القيامة بأنَّه يوم عسير، وأنَّه على الكافرين غير يسير، فدلَّ على أنَّه يسير على غيرهم، وقال: وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا [الفرقان: 26].
والتَّيسير على المعْسِر في الدُّنيا مِن جهة المال يكون بأحد أمرين:
إمَّا بإنظاره إلى الميْسَرة، وذلك واجب، كما قال تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة: 280]، وتارة بالوضع عنه إن كان غريمًا، وإلَّا فبإعطائه ما يزول به إعساره، وكلاهما له فضل عظيم) .
- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((كان تاجر يُدَاين النَّاس، فإذا رأى مُعْسِرًا، قال لصبيانه: تجاوزوا عنه، لعلَّ الله أن يتجاوز عنَّا، فتجاوز الله عنه)) .
قال النَّووي: (والتَّجاوز والتَّجوُّز معناهما المسَامَحة في الاقتضاء والاستيفاء، وقبول ما فيه نقص يسير، كما قال: وأتجوَّز في السِّكة. وفي هذه الأحاديث فضل إنظار المعْسِر والوضع عنه، إمَّا كلَّ الدَّين، وإمَّا بعضه مِن كثيرٍ أو قليلٍ، وفضل المسَامَحة في الاقتضاء وفي الاستيفاء، سواء استوفى مِن مُوسِر أو مُعْسِر، وفضل الوضع مِن الدَّين، وأنَّه لا يحتقر شيء مِن أفعال الخير، فلعلَّه سبب السَّعادة والرَّحمة. وفيه جواز توكيل العبيد، والإذن لهم في التَّصرُّف) .
- عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا)) .
قال النَّووي: (جمع في هذه الألفاظ بين الشَّيء وضدِّه؛ لأنَّه قد يفعلهما في وقتين، فلو اقتصر على ((يسِّروا)) لصدق ذلك على مَن يسَّر مرَّةً أو مرَّات، وعَسَّر في معظم الحالات، فإذا قال: ((ولا تعسِّروا)) انتفى التَّعْسِير في جميع الأحوال مِن جميع وجوهه، وهذا هو المطلوب، وكذا يقال في: ((يسِّرا ولا تنفِّرا، وتطاوعا ولا تختلفا)) لأنَّهما قد يتطاوعان في وقت، ويختلفان في وقت، وقد يتطاوعان في شيء، ويختلفان في شيء.
وفي هذا الحديث الأمر بالتَّبشير بفضل الله، وعظيم ثوابه، وجزيل عطائه، وسعة رحمته، والنَّهي عن التَّنْفِير بذكر التَّخويف، وأنواع الوعيد محضة مِن غير ضمِّها إلى التَّبشير. وفيه تأليف مَن قَرُب إسلامه، وترك التَّشديد عليهم، وكذلك مَن قارب البلوغ مِن الصِّبيان ومَن بلغ، ومَن تاب مِن المعاصي، كلُّهم يُتَلطَّف بهم، ويُدرَجون في أنواع الطَّاعة قليلًا قليلًا، وقد كانت أمور الإسلام في التَّكليف على التَّدريج، فمتى يسَّر على الدَّاخل في الطَّاعة -أو المريد للدُّخول فيها- سَهُلَت عليه، وكانت عاقبته -غالبًا- التَّزايد منها، ومتى عَسُرت عليه أوشك أن لا يدخل فيها، وإن دَخَل أوشك أن لا يدوم، أو لا يَسْتَحْلِيَها. وفيه أمر الوُلَاة بالرِّفق، واتِّفاق المتشاركين في ولاية ونحوها، وهذا مِن المهمَّات؛ فإنَّ غالب المصالح لا يتمُّ إلَّا بالاتِّفاق، ومتى حصل الاختلاف فات. وفيه وصيَّة الإمام الوُلَاة، وإن كانوا أهل فضل وصلاح، كمعاذ وأبي موسى؛ فإنَّ الذِّكرى تنفع المؤمنين) .
- وعن أبي هريرة قال: ((قام أعرابيٌّ فبال في المسجد، فتناوله النَّاس، فقال لهم النَّبي صلى الله عليه وسلم: دعوه، وأريقوا على بوله سجلًا مِن ماء، أو ذَنُوبًا مِن ماء، فإنَّما بُعِثتُم ميسِّرين، ولم تُبْعَثوا معسِّرين)) .
قال العيني: (فيه مراعاة التَّيسير على الجاهل، والتَّألف للقلوب) .
وأولى الناس بالتيسير الداعية إلى الله؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك المفتي عليه أن يراعي التيسير ورفع الحرج عن الناس.
يقول ابن العربي (إذا جاء السَّائل عن مسألة، فوجدتم له مَخْلَصًا فيها، فلا تسألوه عن شيء، وإن لم تجدوا له مَخْلصًا فحينئذ اسألوه عن تصرُّف أحواله وأقواله ونيَّته، عسى أن يكون له مَخْلصًا) .


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:03 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.