بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   أرشيف المنتدي (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=513)
-   -   موسوعة الأخلاق الإسلامية (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=511314)

محمد رافع 52 12-05-2013 10:16 AM

الأمثال في الصدق

- قولهم: سُبَّنِي واصْدُق:
يقال ذلك في الحض على الصدق، والنهي عن الكذب، يقول: إني لا أبالي أن تسبني بما أعرفه من نفسي بعد أن تجانب الكذب .
- لا يكذِب الرَّائدُ أهله:
والرائد هو الذي يقدمونه ليرتاد لهم كلأً أو منزلًا أو ماءً أو موضع حرز يلجؤون إليه من عدو يطالبهم، فإن كذبهم أو غرهم صار تدبيرهم على خلاف الصواب، فكانت فيه هلكتهم .
- الصدق عزٌّ والكذب خضوع:
يضرب في مدح الصدق وذمِّ الكذب .
- إن الكذوب قد يصدق:
يقال في الرجل المعروف بالكذب تكون منه الصدقة الواحدة أحيانًا .

محمد رافع 52 12-05-2013 10:22 AM

الصدق في واحة الشعر

قال الشاعر:


عوِّد لسانك قول الخير تحظَ به***إنَّ اللسان لما عوَّدتَ معتادُ



موكلٌ بتقاضي ما سننتَ له***فاخترْ لنفسك وانظر كيف ترتادُ



وقال الكريزي:


كذبت ومن يكذبْ فإنَّ جزاءه***إذا ما أتَى بالصِّدق أن لا يُصدَّقا



إذا عُرِف الكذَّابُ بالكذب لم يزل***لدى الناس كذَّابًا وإن كان صادقا



ومن آفة الكذَّاب نسيان كذبه***وتلقاه ذا فقهٍ إذا كان حاذقا



وأنشد محمد بن عبد الله البغدادي:


إذا ما المرء أخطأه ثلاثٌ***فبِعْه ولو بكفٍّ مِن رمادِ



سلامة صدره والصدق منه***وكتمان السَّرائر في الفؤادِ



وقال آخر:


وإذا الأمور تزاوجت***فالصدق أكرمها نتاجا



الصدق يعقد فوق رأس***حليفه بالصدق تاجا



والصدق يقدح زَنده***في كلِّ ناحية سِراجا



قال آخر:


تحدَّث بصدق إن تحدَّثتَ وليكنْ***لكلِّ حديث من حديثك حينُ



فما القولُ إلا كالثيابِ فبعضُها***عليك وبعض في التخوت مصونُ



وقال آخر:


كم مِن حسيب كريم كان ذا شرفٍ***قد شانه الكذب وسط الحي إن عمدا



وآخر كان صعلوكًا فشرَّفه***صدقُ الحديث وقول جانب الفندا



فصار هذا شريفًا فوق صاحبه***وصار هذا وضيعًا تحته أبدا

https://encrypted-tbn3.gstatic.com/i...LwPBmUxBgwO-4h

محمد رافع 52 12-05-2013 10:27 AM

الصمت

معنى الصمت لغةً واصطلاحًا
معنى الصمت لغةً:
صَمَتَ يَصْمُتُ صَمْتًا وصُموتًا وصُماتًا: سَكَتَ. وأَصْمَتَ مثله، والتصْميتُ: التسكيتُ. ويُقال لغير الناطق: صامت ولا يقال ساكت. وأصمتُّه أنا إصماتًا إِذا أَسْكَتُّهُ. وَيُقَال: أَخذه الصُّمات. إِذا سكت فلم يتكلم .
معنى الصمت اصطلاحًا:
قال المناوي: (الصمت: فقد الخاطر بوجد حاضر. وقيل: سقوط النطق بظهور الحق. وقيل: انقطاع اللسان عند ظهور العيان) .
وقال الكفوي: (والصمت إمساك عن قوله الباطل دون الحق) .

محمد رافع 52 12-05-2013 10:29 AM

الفرق بين الصمت والسكوت

1- أن السكوت هو ترك التكلم مع القدرة عليه، وبهذا القيد الأخير يفارق الصمت؛ فإن القدرة على التكلم غير معتبرة فيه.
2- كما أن الصمت يراعى فيه الطول النسبي، فمن ضم شفتيه آنًا يكون ساكتًا، ولا يكون صامتًا إلا إذا طالت مدة الضم.
3- السكوت إمساك عن الكلام حقًّا كان أو باطلًا، أما الصمت فهو إمساك عن قول الباطل دون الحق.
(قال الراغب: الصمت أبلغ من السكوت؛ لأنَّه قد يستعمل فيما لا قوة له للنطق، وفيما له قوة النطق؛ ولهذا قيل لما لا نطق له: الصامت والمصمت، والسكوت يقال لما له نطق فيترك استعماله) .

محمد رافع 52 12-05-2013 10:31 AM

أسماء مرادفة للصمت

قال النيسابوري : (ترك الكلام له أربعة أسماء:
1- الصمت، وهو أعمها حتى إنه يستعمل فيما ليس يقوى على النطق كقولهم: (مال ناطق أو صامت).
2- والسكوت، وهو ترك الكلام ممن يقدر على الكلام.
3- والإنصات، هو السكوت مع استماع قال تعالى: فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا [الأعراف:204].
4- والإصاخة، وهو الاستماع إلى ما يصعب إدراكه، كالسرِّ والصوت من المكان البعيد).
أهمية الصمت:
إن الشرع قد حث على الصمت ورغب فيه؛ لأنه يحفظ الإنسان من الوقوع في آفات اللسان ومنكرات الأقوال، ويسلم به من الاعتذار للآخرين.
(ويدلك على فضل لزوم الصمت أمر، وهو أن الكلام أربعة أقسام: قسم هو ضرر محض، وقسم هو نفع محض، وقسم فيه ضرر ومنفعة، وقسم ليس فيه ضرر ولا منفعة.
أما الذي هو ضرر محض؛ فلا بد من السكوت عنه، وكذلك ما فيه ضرر ومنفعة لا تفي بالضرر.
وأما ما لا منفعة فيه ولا ضرر؛ فهو فضول والاشتغال به تضييع زمان، وهو عين الخسران، فلا يبقى إلا القسم الرابع، فقد سقط ثلاثة أرباع الكلام وبقي ربع، وهذا الربع فيه خطر، إذ يمتزج بما فيه إثم من دقائق الرياء والتصنع والغيبة وتزكية النفس وفضول الكلام امتزاجًا يخفى دركه، فيكون الإنسان به مخاطرًا ومن عرف دقائق آفات اللسان... علم قطعًا، أن ما ذكره صلى الله عليه وسلم هو فصل الخطاب حيث قال: ((من صمت نجا)) . فلقد أوتي والله جواهر الحكم قطعًا، وجوامع الكلم ولا يعرف ما تحت آحاد كلماته من بحار المعاني إلا خواص العلماء) .

محمد رافع 52 13-05-2013 12:32 PM

أولًا: في القرآن الكريم
- قوله تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 18].
قال ابن كثير: (مَا يَلْفِظُ أي: ابن آدممِنْ قَوْلٍ أي: ما يتكلم بكلمة إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ أي: إلا ولها من يراقبها معتد لذلك يكتبها، لا يترك كلمة ولا حركة، كما قال تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [الانفطار: 10-12]) .
وقال الشوكاني: (أي: ما يتكلم من كلام، فيلفظه ويرميه من فيه إلا لديه، أي: على ذلك اللافظ رقيب، أي: ملك يرقب قوله ويكتبه، والرقيب: الحافظ المتتبع لأمور الإنسان الذي يكتب ما يقوله من خير وشر، فكاتب الخير هو ملك اليمين، وكاتب الشر ملك الشمال. والعتيد: الحاضر المهيأ. قال الجوهري: العتيد: الحاضر المهيأ،... والمراد هنا أنه معد للكتابة مهيأ لها) .
وقال الشنقيطي: (قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ أي ما ينطق بنطق ولا يتكلم بكلام إِلَّا لَدَيْهِ، أي إلا والحال أن عنده رقيبًا، أي ملكًا مراقبًا لأعماله، حافظًا لها شاهدًا عليها لا يفوته منها شيء. عَتِيدٌ: أي حاضر ليس بغائب يكتب عليه ما يقول من خير وشر ) .
وقال السمعاني: (أي: رقيب حاضر. قال الحسن: يكتب الملكان كل شيء، حتى قوله لجاريته: اسقيني الماء، وناوليني نعلي، أو أعطيني ردائي. ويقال: يكتب كل شيء حتى صفيره بشرب الماء) .

محمد رافع 52 13-05-2013 12:34 PM

ثانيًا: في السنة النبوية

- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت)) .
قال ابن عبد البر: (وفي هذا الحديث آداب وسنن، منها التأكيد في لزوم الصمت، وقول الخير أفضل من الصمت؛ لأن قول الخير غنيمة، والسكوت سلامة، والغنيمة أفضل من السلامة) .
وقال النووي: (وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((فليقل خيرًا أو ليصمت))فمعناه: أنه إذا أراد أن يتكلم؛ فإن كان ما يتكلم به خيرًا محققًا يثاب عليه واجبًا أو مندوبًا فليتكلم، وإن لم يظهر له أنه خير يثاب عليه فليمسك عن الكلام، سواء ظهر له أنه حرام أو مكروه أو مباح مستوي الطرفين؛ فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورًا بتركه، مندوبًا إلى الإمساك عنه؛ مخافةً من انجراره إلى المحرم أو المكروه، وهذا يقع في العادة كثيرًا أو غالبًا) .
- عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صمت نجا)) .
قال القاري: (... ((من صمت)): أي: سكت عن الشرِّ. ((نجا)): أي: فاز وظفر بكل خير، أو نجا من آفات الدارين) .
قال الغزالي: (من تأمل جميع... آفات اللسان علم أنه إذا أطلق لسانه لم يسلم، وعند ذلك يعرف سر قوله صلى الله عليه وسلم: ((من صمت نجا))؛ لأن هذه الآفات كلها مهالك ومعاطب، وهي على طريق المتكلم، فإن سكت سلم من الكل، وإن نطق وتكلم خاطر بنفسه، إلا أن يوافقه لسان فصيح، وعلم غزير، وورع حافظ، ومراقبة لازمة، ويقلل من الكلام؛ فعساه يسلم عند ذلك، وهو مع جميع ذلك لا ينفك عن الخطر، فإن كنت لا تقدر على أن تكون ممن تكلم فغنم، فكن ممن سكت فسلم، فالسلامة إحدى الغنيمتين) .
- عن سهل بن سعد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)) .
قال ابن عبد البر: (في هذا الحديث دليل على أن أكبر الكبائر إنما هي من الفم والفرج، وما بين اللحيين الفم، وما بين الرجلين الفرج، ومن الفم ما يتولد من اللسان وهو كلمة الكفر، وقذف المحصنات، وأخذ أعراض المسلمين، ومن الفم أيضا شرب الخمر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم ظلمًا، ومن الفرج الزنى واللواط) .
قال ابن حجر في شرح هذا الحديث: ( فالمعنى من أدى الحق الذي على لسانه من النطق بما يجب عليه، أو الصمت عما لا يعنيه ضمن له الرسول صلى الله عليه وسلم الجنة... فإن النطق باللسان أصل في حصول كل مطلوب، فإذا لم ينطق به إلا في خير سلم، وقال ابن بطال: دل الحديث على أن أعظم البلاء على المرء في الدنيا لسانه وفرجه، فمن وقي شرهما وقي أعظم الشر) .

محمد رافع 52 13-05-2013 12:38 PM

أقوال السلف والعلماء في الصمت

- أخذ أبو بكر الصديق، رضي الله عنه بطرف لسانه وقال: (هذا الذي أوردني الموارد) .
- وعن علي رضي الله عنه قال: (بكثرة الصمت تكون الهيبة) .
- و(عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: تعلموا الصمت كما تعلمون الكلام، فإنَّ الصمت حلم عظيم، وكن إلى أن تسمع أحرص منك إلى أن تتكلم، ولا تتكلم في شيء لا يعنيك، ولا تكن مضحاكًا من غير عجب، ولا مشَّاءً إلى غير أرب) .
- (عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: أربعٌ لا يصبن إلا بعجب: الصمت وهو أول العبادة، والتواضع، وذكر الله، وقلة الشيء) .
- (وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أفضل العبادة الصمت، وانتظار الفرج) .
- (عن وهيب بن الورد رحمه الله، قال: كان يقال: الحكمة عشرة أجزاء: فتسعة منها في الصمت، والعاشرة عزلة الناس) .
- و(قال: أبو عمر الضرير: سمعت رياحًا القيسي، يقول: قال لي عتبة: يا رياح، إن كنت كلما دعتني نفسي إلى الكلام تكلمت فبئس الناظر أنا، يا رياح، إنَّ لها موقفًا تغتبط فيه بطول الصمت عن الفضول) .
- وقالوا: (اللسان سبع عقور) .
- (وقال الحسن رحمه الله: إملاء الخير خير من الصمت، والصمت خير من إملاء الشر) .
- وقال عبد الله بن أبي زكريا: (عالجت الصمت ثنتي عشرة سنةً، فما بلغت منه ما كنت أرجو، وتخوفت منه فتكلمت)

محمد رافع 52 13-05-2013 12:39 PM

فوائد الصمت

1- للصمت المحمود فوائد عديدة يعود نفعها على الفرد المتحلي به ومنها:
2- دليل كمال الإيمان، وحسن الإسلام.
3- السلامة من العطب في المال، والنفس، والعرض.
4- دليل حسن الخلق، وطهارة النفس.
5- يثمر محبة الله، ثم محبة الناس.
6- سبب للفوز بالجنة، والنجاة من النار.
7- من أقوى أسباب التوقير.
8- دليل على الحكمة.
9- داعية للسلامة من اللغط.
10- يجمع للإنسان لبَّه.
11- الفراغ للفكر والذكر والعبادة.
12- جمع الهم ودوام الوقار.
13- السلامة من تبعات القول في الدنيا ومن حسابه في الآخرة.
14- يكسبك احترام الآخرين لك، ولاسيما في المواقف التي يدور فيها الجدال والصراع.
15- يساعدك على تعلم حسن الإنصات والاستماع.

محمد رافع 52 13-05-2013 12:41 PM

المفاضلة بين الصمت والكلام

(الصمت في موضعه ربما كان أنفع من الإبلاغ بالمنطق في موضعه، وعند إصابة فرصته. وذاك صمتك عند من يعلم أنك لم تصمت عنه عيًّا ولا رهبة. فليزدك في الصمت رغبة ما ترى من كثرة فضائح المتكلمين في غير الفرص، وهذر من أطلق لسانه بغير حاجة) .
قال النووي: (وروينا عن الأستاذ أبي القاسم القشيري رحمه الله قال: الصمت بسلامة وهو الأصل، والسكوت في وقته صفة الرجال، كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال، قال: وسمعت أبا علي الدقاق يقول: من سكت عن الحق فهو شيطان أخرس، قال: فأما إيثار أصحاب المجاهدة السكوت؛ فلما علموا ما في الكلام من الآفات، ثم ما فيه من حظِّ النفس، وإظهار صفات المدح، والميل إلى أن يتميز من بين أشكاله بحسن النطق، وغير هذا من الآفات) .
(فليس الكلام مأمورًا به على الإطلاق، ولا السكوت كذلك، بل لابد من الكلام بالخير، والسكوت عن الشرِّ، وكان السلف كثيرًا يمدحون الصمت عن الشر، وعما لا يعني؛ لشدته على النفس، وذلك يقع فيه الناس كثيرًا، فكانوا يعالجون أنفسهم، ويجاهدونها على السكوت عما لا يعنيهم) .
(ومن مدح الصمت، فاعتبارًا بمن يسيء في الكلام، فيقع منه جنايات عظيمة في أمور الدين والدنيا. فإذا ما اعتبرا بأنفسهما، فمحال أن يقال في الصمت فضل، فضلًا أن يخاير بينه وبين النطق. وسئل حكيم عن فضلهما فقال: الصمت أفضل حتى يحتاج إلى النطق، وسئل آخر عن فضلهما فقال: الصمت عن الخنا، أفضل من الكلام بالخطا) .
وقال شمس الدين السفاريني: (المعتمد أنَّ الكلام أفضل؛ لأنَّه من باب التحلية، والسكوت من التخلية، والتحلية أفضل، ولأنَّ المتكلم حصل له ما حصل للساكت وزيادةٌ، وذلك أنَّ غاية ما يحصل للساكت السلامة، وهي حاصلةٌ لمن يتكلم بالخير مع ثواب الخير) .
وقال ابن تيمية: (فالتكلم بالخير خير من السكوت عنه، والصمت عن الشر خير من التكلم به، فأما الصمت الدائم فبدعة منهي عنها، وكذلك الامتناع عن أكل الخبز واللحم وشرب الماء، فذلك من البدع المذمومة أيضًا، كما ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا قائما في الشمس، فقال: ما هذا؟ فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مروه فليجلس، وليستظل، وليتكلم، وليتم صومه) .
(وتذاكروا عند الأحنف بن قيس، أيهما أفضل الصمت أو النطق؟ فقال قوم: الصمت أفضل، فقال الأحنف: النطق أفضل؛ لأنَّ فضل الصمت لا يعدو صاحبه، والمنطق الحسن ينتفع به من سمعه.
وقال رجل من العلماء عند عمر بن عبد العزيز رحمه الله: الصامت على علم كالمتكلم على علم، فقال عمر: إني لأرجو أن يكون المتكلم على علم أفضلهما يوم القيامة حالًا، وذلك أن منفعته للناس، وهذا صمته لنفسه، فقال له: يا أمير المؤمنين وكيف بفتنة النطق؟ فبكى عمر عند ذلك بكاءً شديدًا) .
وقال ابن عبد البر: (الكلام بالخير من ذكر الله وتلاوة القرآن وأعمال البر أفضل من الصمت، وكذلك القول بالحق كله، والإصلاح بين الناس وما كان مثله) .
وقال أيضًا: (مما يبين لك أنَّ الكلام بالخير والذكر أفضل من الصمت أن فضائل الذكر الثابتة في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يستحقها الصامت) .
وقال النيسابوري: (والإنصاف أن الصمت في نفسه ليس بفضيلة، لأنَّه أمر عدمي، والنطق في نفسه فضيلة، وإنما يصير رذيلة لأسباب عرضية مما عددها ذلك القائل، فيرجع الحق إلى ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: ((رحم الله امرأً قال خيرًا فغنم، أو سكت فسلم )).) .
وقال علي بن أبي طالب: (لا خير في الصمت عن العلم، كما لا خير في الكلام عن الجهل) .

محمد رافع 52 13-05-2013 12:45 PM

أقسام الصمت
الصمت ينقسم إلى قسمين:
1- صمت محمود:
أي أن تصمت عن كلِّ ما حرَّم الله ونهى عنه، مثل الغيبة والنَّمِيمَة والبذاءة وغيرها، وكذلك الصمت عن الكلام المباح الذي يؤدِّي بك إلى الكلام الباطل.
قال ابن عبد البر: (وإنما الصمت المحمود الصمت عن الباطل) .
وقال العيني: (الصمت المباح المرغوب فيه ترك الكلام الباطل، وكذا المباح الذي يجرُّ إلى شيء من ذلك) .
2- صمت مذموم:
كالصمت في المواطن التي يتطلَّب منك أن تتكلم فيها، مثل الأماكن التي ترى فيها المنكرات، وكذلك الصمت عن نشر الخير، وكتم العلم.
(وقد اختلف الفقهاء في الصمت هل هو حرام أو مكروه؟ والتحقيق أنه إذا طال، وتضمن ترك الواجب صار حرامًا، كما قال الصديق رضي الله عنه) .
(قال علي بن أبي طالب: لا خير في الصمت عن العلم، كما لا خير في الكلام عن الجهل) .
وقال ابن تيمية: (والصمت عما يجب من الكلام حرام، سواء اتخذه دينًا أو لم يتخذه) .
وقال أيضًا: (فقول الخير وهو الواجب أو المستحب خير من السكوت عنه) .
وقال الباجي: (وأما الصمت عن الخير وذكر الله عز وجل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فليس بمأمور به، بل هو منهي عنه نهي تحريم، أو نهي كراهة) .
وقال العيني (والصمت المنهي عنه ترك الكلام عن الحق لمن يستطيعه، وكذا المباح الذي يستوي طرفاه) .

محمد رافع 52 13-05-2013 12:47 PM

الوسائل المعينة على اكتساب الصمت
الوسائل المعينة على اكتساب صفة الصمت كثيرة نذكر منها ما يلي:
1- النظر في سيرة السلف الصالح، والاقتداء بهم في صمتهم.
2- التأمل في العواقب الوخيمة والسيئة للكلام الذي لا فائدة فيه، والذي يفضي إلى الكلام الباطل.
3- العزلة والابتعاد عن المجالس التي يكثر فيها اللغط والفحش والكلام البذيء.
قال الغزالي: (وأما الصمت فإنه تسهله العزلة، ولكن المعتزل لا يخلو عن مشاهدة من يقوم له بطعامه وشرابه وتدبير أمره، فينبغي أن لا يتكلم إلا بقدر الضرورة، فإنَّ الكلام يشغل القلب، وشَرَهُ القلوب إلى الكلام عظيم، فإنَّه يستروح إليه، ويستثقل التجرد للذكر والفكر، فيستريح إليه، فالصمت يلقِّح العقل، ويجلب الورع، ويعلم التقوى) .

محمد رافع 52 13-05-2013 12:48 PM

صمت النبي صلى الله عليه وسلم
كان النبي صلى الله عليه وسلم طويل الصمت، كثير الذكر، قليل الضحك، فـعن سماك بن حرب، قال: ((قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم كان طويل الصمت، قليل الضحك، وكان أصحابه ربما تناشدوا عنده الشعر والشيء من أمورهم، فيضحكون، وربما يتبسم))

محمد رافع 52 13-05-2013 12:51 PM

نماذج من صمت الصحابة
- (عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اطلع على أبي بكر رضي الله عنه، وهو يمدُّ لسانه فقال: ما تصنع يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إن هذا أوردني الموارد، إنَّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ((ليس شيء من الجسد إلا يشكو إلى الله اللسان على حدَّته)) .
- (وقال ابن بريدة: رأيت ابن عباس آخذًا بلسانه، وهو يقول: ويحك قل خيرًا تغنم، أو اسكت عن سوء تسلم، وإلا فاعلم أنَّك ستندم، قال: فقيل له: يا ابن عباس، لم تقول هذا؟ قال: إنه بلغني أنَّ الإنسان -أراه قال- ليس على شيء من جسده أشدُّ حنقًا أو غيظًا يوم القيامة منه على لسانه إلا ما قال به خيرًا، أو أملى به خيرًا) .
- (عن خالد بن سمير قال: كان عمار بن ياسر طويل الصمت) .
- و(دخلوا على بعض الصحابة في مرضه ووجهه يتهلل، فسألوه عن سبب تهلل وجهه، فقال: ما من عمل أوثق عندي من خصلتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، وكان قلبي سليمًا للمسلمين) .

محمد رافع 52 13-05-2013 12:52 PM

نماذج من صمت السلف

- (قال عمرو بن قيس الملائي: مرَّ رجل بلقمان والناس عنده، فقال له: ألست عبد بني فلان؟ قال بلى، قال: الذي كنت ترعى عند جبل كذا وكذا؟ قال: بلى، فقال: فما بلغ بك ما أرى؟ قال صدق الحديث، وطول السكوت عما لا يعنيني) .
- وقال الفضيل بن عياض: كان بعض أصحابنا يحفظ كلامه من الجمعة إلى الجمعة) .
- (وكان أعرابي يجالس الشعبي ويطيل الصمت، فقال له الشعبي يومًا: ألا تتكلم فقال: أسكت فأسلم وأسمع فأعلم؛ إنَّ حظَّ المرء في أذنه له، وفي لسانه لغيره) .
- وقال محارب: (صحبنا القاسم بن عبد الرحمن فغلبنا بطول الصمت) .
- وقال الأعمش عن إبراهيم قال: (كانوا يجلسون فأطولهم سكوتًا: أفضلهم في أنفسهم) .


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 04:52 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.