|
نتابع معاً الأسئلة والأجوبة عن الاسلام وتاريخه س801- ماذا تعرف عن يونس عليه السلام ؟ أرسله الله إلى قوم نينوى فدعاهم إلى عبادة الله وحده ولكنهم أبوا واستكبروا فتركهم وتوعدهم بالعذاب بعد ثلاث ليال فخشوا على أنفسهم فآمنوا فرفع الله عنهم العذاب، أما يونس فخرج في سفينة وكانوا على وشك الغرق فاقترعوا لكي يحددوا من سيلقى من الرجال فوقع ثلاثا على يونس فرمى نفسه في البحر فالتقمه الحوت وأوحى الله إليه أن لا يأكله فدعا يونس ربه أن يخرجه من الظلمات فاستجاب الله له وبعثه إلى مائة ألف أو يزيدون س802- ماذا تعرف عن شعيب عليه السلام ؟ أرسل شعيب إلى قوم مدين وكانوا يعبدون الأيكة وكانوا ينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم فدعاهم إلى عبادة الله وأن يتعاملوا بالعدل ولكنهم أبوا واستكبروا واستمروا في عنادهم وتوعدوه بالرجم والطرد وطالبوه بأن ينزل عليهم كسفا من السماء فجاءت الصيحة وقضت عليهم جميعا. س803- ماذا تعرف عن أنبياء أهل القرية ؟ أرسل الله رسولين لإحدى القرى لكن أهلا كذبوهما، فأرسل الله تعالى رسولا ثالثا يصدقهما. ولا يذكر ويذكر لنا القرآن الكريم قصة رجل آمن بهم ودعى قومه للإيمان بما جاؤوا بهن لكنهم قتلوه، فأدخله الله الجنة. س804- ماذا تعرف عن موسى عليه السلام ؟ أرسله الله تعالى إلى فرعون وقومه، وأيده بمعجزتين، إحداهما هي العصا التي تلقف الثعابين، أما الأخرى فكانت يده التي يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء، دعا موسى إلى وحدانية الله فحاربه فرعون وجمع له السحرة ليكيدوا له ولكنه هزمهم بإذن الله تعالى، ثم أمره الله أن يخرج من مصر مع من اتبعه، فطارده فرعون بجيش عظيم، ووقت أن ظن أتباعه أنهم مدركون أمره الله أن يضرب البحر بعصاه لتكون نجاته وليكون هلاك فرعون الذي جعله الله عبرة للآخرين. س805- ماذا تعرف عن هارون عليه السلام ؟ أخو موسى ورفيقه في دعوة فرعون إلى الإيمان بالله لأنه كان فصيحا ومتحدثا، استخلفه موسى على قومه عندما ذهب للقاء الله فوق جبل الطور، ولكن حدثت فتنة السامري الذي حول بني إسرائيل إلى عبادة عجل من الذهب له خوار ، فدعاهم هارون إلى الرجوع لعبادة الله بدلا من العجل ولكنهم استكبروا فلما رجع موسى ووجد ما آل إليه قومه عاتب هارون عتابا شديدا. س806- ماذا تعرف عن يوشع بن نون عليه السلام ؟ ورد أنه الفتى الذي صاحب موسى للقاء الخضر. وهو النبي الذي أخرج الله على يديه بني إسرائيل من صحراء سيناء، وحاربوا أهل فلسطين وانتصروا عليهم. س807- ماذا تعرف عن داود عليه السلام ؟ آتاه الله العلم والحكمة وسخر له الجبال والطير يسبحن معه وألان له الحديد، كان عبدا خالصا لله شكورا يصوم يوما ويفطر يوما يقوم نصف الليل وينام ثلثه ويقوم سدسه وأنزل الله عليه الزبور وقد أوتي ملكا عظيما وأمره الله أن يحكم بالعدل. س808- ماذا تعرف عن سليمان عليه السلام ؟ آتاه الله العلم والحكمة وعلمه منطق الطير والحيوانات وسخر له الرياح والجن، وكان له قصة مع الهدهد حيث أخبره أن هناك مملكة باليمن يعبد أهلها الشمس من دون الله فبعث سليمان إلى ملكة سبأ يطلب منها الإيمان ولكنها أرسلت له الهدايا فطلب من الجن أن يأتوا بعرشها فلما جاءت ووجدت عرشها آمنت بالله. س809- ماذا تعرف عن إلياس عليه السلام ؟ أرسل إلى أهل بعلبك غربي دمشق فدعاهم إلى عبادة الله وأن يتركوا عبادة صنم كانوا يسمونه بعلا فآذوه، وقال ابن عباس هو عم اليسع. س810- ماذا تعرف عن إسماعيل عليه السلام ؟ هو ابن إبراهيم البكر وولد السيدة هاجر، سار إبراهيم بهاجر - بأمر من الله - حتى وضعها وابنها في موضع مكة وتركهما ومعهما قليل من الماء والتمر ولما نفد الزاد جعلت السيدة هاجر تطوف هنا وهناك حتى هداها الله إلى ماء زمزم ووفد عليها كثير من الناس حتى جاء أمر الله لسيدنا إبراهيم ببناء الكعبة ورفع قواعد البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجر وإبراهيم يبني حتى أتما البناء ثم جاء أمر الله بذبح إسماعيل حيث رأى إبراهيم في منامه أنه يذبح ابنه فعرض عليه ذلك فقال "يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين" ففداه الله بذبح عظيم، كان إسماعيل فارسا فهو أول من استأنس الخيل وكان صبورا حليما، يقال إنه أول من تحدث بالعربية البينة وكان صادق الوعد، وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة، وكان ينادي بعبادة الله ووحدانيته س811- ماذا تعرف عن يوسف عليه السلام ؟ ولد سيدنا يوسف وكان له 11 أخا وكان أبوه يحبه كثيرا وفي ذات ليلة رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، فقص على والده ما رأى فقال له ألا يقصها على إخوته، ولكن الشيطان وسوس لإخوته فاتفقوا على أن يلقوه في غيابات الجب وادعوا أن الذئب أكله، ثم مر به ناس من البدو فأخذوه وباعوه بثمن بخس واشتراه عزيز مصر وطلب من زوجته أن ترعاه، ولكنها أخذت تراوده عن نفسه فأبى فكادت له ودخل السجن، ثم أظهر الله براءته وخرج من السجن ، واستعمله الملك على شئون الغذاء التي أحسن إدارتها في سنوات القحط، ثم اجتمع شمله مع إخوته ووالديه وخروا له سجدا وتحققت رؤياه. س812- ماذا تعرف عن عيسى عليه السلام ؟ مثل عيسى مثل آدم خلقه الله من تراب وقال له كن فيكون، هو عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم، وهو الذي بشر بالنبي محمد، آتاه الله البينات وأيده بروح القدس وكان وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، كلم الناس في المهد وكهلا وكان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون طيرا، ويبرئ الأكمه والأبرص ويخرج الموتى كل بإذن الله، دعا المسيح قومه لعبادة الله الواحد الأحد ولكنهم أبوا واستكبروا وعارضوه، ولم يؤمن به سوى بسطاء قومه، رفعه الله إلى السماء وسيهبط حينما يشاء الله إلى الأرض ليكون شهيدا على الناس. س813- ماذا تعرف عن محمد عليه الصلاة والسلام ؟ النبي الأمي العربي، من بني هاشم، ولد في مكة بعد وفاة أبيه عبد الله بأشهر قليلة، توفيت أمه آمنة وهو لا يزال طفلا، كفله جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب، ورعى الغنم لزمن، تزوج من السيدة خديجة بنت خويلد وهو في الخامسة والعشرين من عمره، دعا الناس إلى الإسلام أي إلى الإيمان بالله الواحد ورسوله، بدأ دعوته في مكة فاضطهده أهلها فهاجر إلى المدينة حيث اجتمع حوله عدد من الأنصار عام 622 م فأصبحت هذه السنة بدء التاريخ الهجري، توفي بعد أن حج حجة الوداع. بهذا النبي الكريم ختم الله سبحانه وتعالى سلسلة هداة البشرية من الأنبياء. س814- ماذا تعرف عن أبو بكر الصديق ؟ الرجل الذى كان شعاره فى كل أزمة و كل فتنة ( إن كان محمدا قد قال ذلك فقد صدق ... لذا سمى بالصديق(إنه القائل والله لو منعونى عقال بعير لقاتلتهم عليه إنه أول خليل رسول و خير صحابته و خير متبع لسنته و كتاب ربه وأول من خلف رسول الله ..هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن كعب التيمي القرشي، أبو بكر. أمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر التيمي. ولد سنة 51 ق. هـ (573م) .وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة س815- ماذا تعرف عن عمر بن الخطاب ؟ ج- لم تتحقق الدولة الإسلامية بصورتها المثلى في عهد أيٍّ من عهود الخلفاء والحكام مثلما تحققت في عهد الخليفة الثاني "عمر بن الخطاب" (رضي الله عنه) الذي جمع بين النزاهة والحزم، والرحمة والعدل، والهيبة والتواضع، والشدة والزهد.ونجح الفاروق (رضي الله عنه) في سنوات خلافته العشر في أن يؤسس أقوى إمبراطورية عرفها التاريخ، لقد استطاع "عمر" (رضي الله عنه) أن يقهر هاتين الإمبراطوريتين فقامت دولة الإسلام، بعد سقوط إمبراطورتي "الفرس" و"الروم" س816- ماذا تعرف عن عثمان بن عفان ؟ ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ، يجتمع نسبه مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في عبد مناف ، ولد في السنـة السادسة بعد عام الفيـل ، نشأ في بيت كريم ذي مال وجاه ، وشب على حسن السيرة والعفة والحياء فكان محبوبا في قومه أثيـرا لديهم ... كان رجل تستحي منه الملائكة تزوج عثمان -رضي الله عنه- من رقية بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما توفيـت تزوج أختها أم كلثوم ولذلك سمي (ذي النورين) . س817- ماذا تعرف عن عمر بن عبد العزيز ؟ هو أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، وأمه أم عاصم ابنة عاصم بن عمر بن الخطاب، تابعي جليل، ولد بالمدينة، ورحل إلى مصر مع أبيه حين ولي عليها، حفظ القرآن في صغره، فبعثه أبوه إلى المدينة فتفقه فيها حتى بلغ رتبة الاجتهاد وهو خامس الخلفاء الراشدين اهتم عمر بأمور المدينة وجدد المسجد النبوي وأحيا الله به السنن التي تركت وقد اغتنى الناس في عهده، فكان عامل الزكاة يطوف على الناس بالمال العظيم يبحث عن الفقير والمحتاج فلا يجد أحداً منهم، فيرده إلى بيت المال. كان شديد الخشية لله كثير البكاء ومدة خلافته سنتان ونصف. س818- ماذا تعرف عن زيد بن الخطّاب؟ انه أخو عمر بن الخطّاب..أجل أخوه الأكبر، والأسبق فكان أكبر منه سنا..وسبقه إلى الإسلام.. كما سبقه إلى الشهادة في سبيل الله..وكان زيد بطلا باهر البطولة.. وكان العمل الصامت الممعن في الصمت جوهر بطولته.وكان إيمانه بالله وبرسوله وبدينه إيمانا وثيقا، ولم يتخلّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشهد ولا في غزاة.وزيد في بغضه النفاق والكذب، كأخيه عمر تماما..! س819- ماذا تعرف عن زينب أكبر بنات رسول الله ؟ هي زينـب بن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشيـة تزوّجها ابن خالتها أبو العاص بن ربيع بن عبد العزى بن عبد شمس قبل الإسلام وفي حياة أمها ، وولدت له أمامة التي تزوجها علي بن أبي طالب بعد فاطمة ، كما ولدت له علي بن أبي العاص الذي مات صبياً ، فلما كان الإسلام فُرِّق بين أبي العاص وبين زينب فلمّا أسلم أبو العاص ردّها الرسول -صلى الله عليه وسلم- عليه بالنكاح الأول س820- ماذا تعرف عن عائشة بنت الصديق ؟ السيدة عائشة (رضي الله عنها) لها عقل نير، وذكاء حاد ، وعلم جم. ودورها الفعال في خدمة الفكر الإسلامي من خلال نقلها لأحاديث رسول الله وتفسيرها لكثير من جوانب حياة الرسول واجتهاداتها . وهي كذلك المرأة التي تخطت حدود دورها كامرأة لتصبح معلمة أمة بأكملها ألا وهي الأمة الإسلامية. لقد كانت من أبرع الناس في القرآن والحديث و الفقه، كانت من أحب نساء الرسول إليه،توفيت في الثامنة والخمسين للهجرة. س821- ماذا تعرف عن أم هانئ بنت أبي طالب الهاشمية؟ اختلف في اسمها هل هو فاختة أم فاطمة وهند وعاتكة والأصح فاختة بنت أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشية الهاشمية، ابنة عم الرسول صلى الله عليه وسلم وأخت علي وجعفر وعقيل أبناء أبي طالب، وأبوها أبو طالب بن عبد المطلب شيخ بني هاشم في عهده، وأمها فاطمة بنت أسد بن هاشم، فهي هاشمية بنت هاشمية، وكنيتها أم هانئ وأم طالب.روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (46) حديثاً وعاشت حتى شهدت خلافة أخيها علي رضي الله عنه، وتوفيت عام 40هـ رحمها الله. س822- من الكذابان اللذان أدعيا النبوة ؟ مسيلمة بن حبيب الكذاب باليمامة في بني حنيفة والأسود بن كعب العنسي بصنعاء س823- ماذا تعرف عن رملة أم حبيــــــبة ؟ أم المؤمنين، السيدة المحجبة، من بنات عم الرسول- صلى الله عليه وسلم- ، رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف . صحابية جليلة، ابنة زعيم، وأخت خليفة، وزوجة خاتم النبيين محمد- عليه الصلاة والسلام-. فأبوها أبو سفيان، زعيم ورئيس قريش، والذي كان في بداية الدعوة العدو اللدود للرسول- عليه الصلاة والسلام- وأخوها معاوية بن أبي سفيان، أحد الخلفاء الأمويين، فليس هناك من هي أكثر كرماً وصداقاً منها، ولا في نسائه من هي نائية الدار أبعد منها. وهذا دليل على زهدها وتفضيلها لنعم الآخرة على نعيم الدنيا الزائل. س824- ماذا تعرف عن صفية بنت عبد المطلب ؟ هى السيدة الجزلة الرزان التي كان يحسب لها الرجال ألف حساب هى الصحابية الباسلة التي كانت أول امرأة قتلت مشركاً في الإسلام هى المرأة الحازمة التي انشأت للمسلمين أول فارس سل سيفاً في سبيل الله ...إنها صفية بنت عبد المطلب الهاشمية القرشية عمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .اكتنف المجد صفية بنت عبد المطلب من كل جانب: فأبوها , عبد المطلب بن هاشم جد النبي وزعيم قريش.وأمها, هالة بنت وهب أخت آمنة بنت وهب والدة الرسول س825- ماذا تعرف عن صفية بنت حُييّ بن أخطب بن سعيد ؟ أم المؤمنين من ذرية نبي الله هارون عليه السلام من سبط اللاوي بن يعقوب - نبي الله إسرائيل- بن إسحاق بن إبراهيم عليه السـلام ، ولِدَت - رضي اللـه عنها - بعد البعثة بثلاثة أعوام ، وكانت شريفـة عاقلة ، ذات حسبٍ وجمالٍ ، ودين وتقوى ، وذات حِلْم ووقار أعتقها - صلى الله عليه وسلم- وتزوجها ، وكان عتقُها صداقُها. توفيت -رضي الله عنها- حوالي سنة خمسين للهجرة ، والأمر مستتب لمعاوية بن أبي سفيان ، ودفنت في البقيع مع أمهات المؤمنين س826- ماذا تعرف عن حفصة بنت عمر بن الخطاب ؟ السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- ، ولدت قبل المبعث بخمسة أعـوام ، وتزوّجها النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- سنة ثلاث من الهجرة ، طلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- حفصة طلقةً رجعية ، وذلك لإفشائها سِرّاً استكتمها إيّاه ، فلم تكتمه فنزل جبريل -عليه السلام على النبي وقال : ( أرْجِع حفصة ، فإنها صوّامة قوّامة ، وإنها زوجتك في الجنة (.بعد وفاة النبي بقيت حفصة عاكفة على العبادة ، صوّامة قوّامة إلى أن توفيت أول ما بويع معاوية سنة إحدى وأربعين ، ودفنت مع أمهات المؤمنين - رضي الله عنهن. س827- ما أسماء أبواب جهنم السبعة ؟ الباب الأول يسمى جهنم الباب الثاني ويسمى لظــى الباب الثالث يقال له سقر الباب الرابـع يقال له الحطمة الباب الخامس يقال له الجحيم الباب السادس يقال له السعير البـاب السابع يقال له الهاوية س828- ماذا تعرف عن فرش وغشاوة وأرض النار ؟ فرشها من حديد.. والشوك وغشاوتها الظلمة وأرضها نحاس ورصاص وزجاج أوقد عليها ألف عام حتى احمرت وآلف عام حتى ابيضت وآلف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة قد مزجت بغضب الله. س829- متى كانت غزوة الطائف ؟ في سنة ثمان س830- ما هو مفتاح الجنه ؟ إن كلـــمة التوحيد هي عنوان الدخول في الإسلام وهى مفتاح الجنة ، وقد جعلها الله من أسباب النجاة من النار، ولذلك بين الرسول صلى الله عليه وسلم تحريم دخول النار على من أتى بالشهادتين ، قال صلى الله عليه وسلم) : ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة ( لكن هذا السبب لا يعمل عمله إلا باجتماع شروطه وانتفاء موانعه . س831- من هو السفير بين الله وبين أنبيائه عليهم السلام ؟ هو جبريل عليه السلام س832- متى كانت غزوة حنين ؟ في سنة ثمان ، بعد الفتح س833- لماذا تم اختيار دار الأرقم بالذات لتعليم المسلمين أمور دينهم؟ كانت هذه الدار في أصل الصفا ، بعيدة عن أعين الطغاة ومجالسهم، فاختارها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجتمع فيها بالمسلمين سرًا، فيتلو عليهم آيات الله ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ؛ وليؤدى المسلمون عبادتهم وأعمالهم، ويتلقوا ما أنزل الله على رسوله وهم في أمن وسلام، وليدخل من يدخل في الإسلام ولا يعلم به الطغاة من أصحاب السطوة والنقمة. س834- متى كان فتح مكة ؟ سنة ثمان شهر رمضان س835- متى كانت غزوة مؤتة ؟ سنة ثمان في جمادى الأولى س836- متى كانت عمرة القضاء ؟ في ذي القعدة سنة سبع س837- متى كان صلح الحديبية ؟ في آخر سنة ست س838- متى كانت حادثة الإفك ؟ وفي إي غزوة ؟ في سنة ست في غزوة المصطلق س839- متى كانت غزوة بني قريظة ؟ في سنة خمس س840- من هم الأنبياء المذكورين في القرآن؟ 25 نبيا وهم: محمد- آدم- إبراهيم- إسماعيل- الياس- إدريس- أيوب- عيسى- موسى-نوح- لوط- يوسف- يعقوب- يوشع- هود- يونس- صالح- شعيب- داوود- يحيى- زكريا- ذو الكفل- سليمان- هارون - اسماعيل صادق الوعد. س841- متى كانت غزوة دومة الجندل ؟ في شهر ربيع الأول سنة خمس س842- بماذا لقب بعض الأنبياء؟ آدم ( أبو البشرية ) إدريس ( اخنوج) نوح ( شيخ المرسلين) هود ( عابر) إبراهيم الخليل ( ابو الانبياء ) إسماعيل ( الذبيح ) يعقوب ( إسرائيل ) يوسف ( الصديق) أيوب (الصابر) ذو الكفل ( بشرى ) موسى بن عمران (كليم الله ). س843- ماهي عجائب الصدقة ؟ سبب في شفاء الأمراض- تظل صاحبها يوم القيامة - تطفيء غضب الرب - محبة الله عز وجل - الرزق ونزول البركات قال الله تعالى " يمحق الله الربا وبربي الصدقات - " البر والتقوى – تفتح لك أبواب الرحمة - يأتيك الثواب وأنت في قبرك - توفيتها نقص الزكاة الواجبة - إطفاء خطاياك وتكفير ذنوبك - تقي مصارع السوء - تطهر النفس وتزكيها "ما نقص مال من صدقة " , " اتقوا النار ولو بشق تمرة " س844- كيف إن العبد ليعمل الذنب يدخل به الجنة؟ يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه خائفا منه مشفقا وجلا باكيا نادما مستحيا من ربه تعالى ناكس الرأس بين يديه منكسر القلب له فيكون ذلك الذنب سبب سعادة العبد وفلاحه حتى يكون ذلك الذنب أنفع له من طاعات كثيرة بما ترتب عليه من هذه الأمور التي بها سعادة العبد وفلاحه حتى يكون ذلك الذنب سبب دخوله الجنة. س845- كيف إن العبد ليعمل الحسنة يدخل بها النار؟ ويفعل الحسنة فلا يزال يمن بها على ربه ويتكبر بها ويرى نفسه ويعجب بها ويستطيل بها ويقول: فعلتُ وفعلتُ فيورقه ذلك من العجب والكبر والفخر والاستطالة ما يكون سبب هلاكه فإذا أراد الله تعالى بهذا المسكين خيرا ابتلاه بأمر يكسره به ويذل به عنقه ويصغر به نفسه عنده وإن أراد الله به غير ذلك خلاه وعجبه وكبره وهذا هو الخذلان الموجب لهلاكه , فإن العارفين كلهم مجمعون على أن التوفيق : أن لا يكلك الله تعالى إلى نفسك والخذلان : أن يكلك الله تعالى إلى نفسك. س846- ماذا كان يلقب علي بن ابي طالب سلمان الفارسى رضى الله عنهما ؟ لقمان الحكيم. س847- كم نوع لذكر الله تعالى ؟ ذكر الله على سبعة أنواع : ذكر العينين البكاء ذكر الأذنين الإصغاء ذكر اللسان الثناء ذكر البدن الوفاء ذكر اليدين العطاء ذكر الروح الخوف والرجاء ذكر القلب التسليم والرجاء س848- لماذا حدد الله مواعيد الصلاة في وقتها ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : صلاة الظهر فإنها الساعة التي تسعر فيها جهنم فما من مؤمن يصلي هذه الصلاة الا حرم الله تعالى عليه نفحات جهنم يوم القيامة صلاة العصر فإنها الساعة التي أكل أدم علية السلام فيها من الشجرة فما مؤمن يصلي هذه الصلاة إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ثم تلا قوله تعالى ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) صلاة المغرب فإنها الساعة التي تاب الله فيها على أدم علية السلام فما من مؤمن يصلي هذه الصلاة محتسبا ثم يسال الله تعالى شيئا إلا أعطاه إياه ، صلاه العتمه فان القبر ظلمه ويوم القيامة ظلمه فما من مؤمن مشى في ظلمه الليل إلى صلاه العتمة إلا حرم الله علية وقود النار ويعطي نورا يجوز به على صراط ، صلاة الفجر فما من مؤمن يصلي الفجر أربعين يوما في جماعة إلا أعطاه الله براءتين براءة من النار وبراءة النفاق . س849- ماالفرق بين القضاء والقدر؟ في القران الكريم قوله تعالى : ( قضي الأمر ) يونس41 وقال تعالى : ( والله يقضي بالحق )غافر 20فالقدر تقدير الله تعالى الشيء في الأزل والقضاء قضاؤه به عند وقوعه. س850- متى كانت غزوة الخندق ؟ في شوال سنة خمس |
س851- متى كانت غزوة يدر الآخرة ؟ في شعبان سنة أربع س852- متى كانت غزوة ذات الرقاع ؟ في السنة الرابعة س853- متي تم إجلاء بني النضير ؟ في السنة الرابعة س854- كيف تحمي نفسك؟ آية الكرسي - آخر آيتين من سورة البقرة - الإخلاص والمعوذتين - قول : لا حول ولا قوة إلا بالله - قول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السمبع العليم - قول : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق - قول : حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم - قول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير..... وإذا دخل السوق زاد بعد ( له الحمد ) ( يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير)- قول : بسم الله ، توكلت على الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله - قول : أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم - استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه - الإكثار من الصلاة على النبي - المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد - قول : أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه س855- ما هى وسائل الوقاية من الهموم والأحزان؟ قل" اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال"نسأل الله أن ينفع به وصلي الله علي نبينا محمد قال صلي الله عليه وسلم ((احفظ الله يحفظك)) رواه الترمذي. س856- ما هى وسائل الوقاية من الوسواس؟ الإستعاذه بالله من الشيطان ووسوسته.وقراءة سورة الناس والفلق.وذكر الله فهو أنفع علاج في دفع الوسوسة.وعدم الإلتفات والاسترسال مع تلك الوساوس. س857- ما هى وسائل الوقاية من العين؟ قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين و آية الكرسي وفاتحة الكتاب.وقول "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"وتعويذ الصبيان كما كان الرسول صلي الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين" أعيذكما بكلمات الله التامه من كل شيطان وهامه ومن كل عين لامه "وستر محاسن من يخشى عليه من الإصابة من العين. س858- ما هى وسائل الوقاية من السحر؟ قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين.والتحصن بالأذكار والتعويذات المأثورة.قال سماحة الشيخ ابن باز : " وهذه الأذكار والتعويذات من أعظم الأسباب في اتقاء شر السحر وغيره من الشرور لمن حافظ عليها ".وأكل سبع تمرات عجوة في الصباح (من تمر المدينة) قال الشيخ ابن باز " ويرجى أن يعم ذلك جميع أنواع التمر". س859- ما هى وسائل الوقاية من الجن؟ قراءة آية الكرسي.وقول” بسم الله"عند كل عمل.وقول "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" عند نزول أي منزل.والمحافظة علي أذكار الصباح والمساء ودخول المنزل والخروج منه ودخول الخلاء وغيرهما من الأذكار. س860- ما هى وسائل الوقاية من الشياطين؟ المحافظة علي جميع الفرائض والواجبات والابتعاد عن جميع المحرمات والتوبة من جميع السيئات.وقراءة سورة البقرة فإن الشيطان ينفرمن البيت الذي تقرأ فيه.وقراءة آية الكرسي فمن قرأها عند النوم فإنه لا يقربه شيطان حتى يصبح .قول " لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير". (مائة مره) فإنها حرزا من الشيطان اليوم كله.وذكر الله, فإن الشياطين تخنس عند ذكر الله.وإمساك الصبيان ساعة الغروب فإن الشياطين تنتشر حينئذ. والاستعاذة بالله من كيدهم. س861- على ماذا بايع الأثنى عشر رجلاً في بيعة العقبة الأولى الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ على بيعة النساء وذلك قبل أن تفترض الحرب ، على عدم الشرك بالله شيئاً ، وعدم السرقة وعدم الزنى وعدم قتل الأولاد وعدم الإتيان ببهتان يفترونه بين أيديهم وأرجلهم وعد عصيانه في معروف س862- ما الآية التى نزلت في ذي نواس وجُنده ؟ ج- قال تعالى ( قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخدُود * النِّارِ ذَاتِ الْوَقُود * إذْ هُمْ عَلَيهَا قُعُودُ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤمِنِينَ شُهُودُ * وَمَا نَقَموا مِنْهمْ إلاّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) س863- ما هى الآية التى نزلت في أبي لهب وامرأته أم جميل؟ قال تعالى : ( تَبَّتْ يَدَا أبي لَهبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَا لُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلُ مِن مَسَد ) س864- ما سبب نزول آيــة الكرســي؟ سأل بني إسرائيل رسولهم موسي هـــل ينام ربك؟ فقال موسى ... اتقوا الله! فناداه ربه عز و جل: سألوك يا موسي هل ينام ربك؟ فخذ زجاجتين في يديك و قم الليل .ففعل موسى ، فلما ذهب منه الليل ثلثه نعس فوقع لركبتيه ، ثم انتعش فضبطهما حتي اذا كان أخر الليل نعس موسي فسقطت الزجاجتان عنه فانكسرتا .فقال تعالى: يا موسى لو كنت أنام لسقطت السماوات و الأرض فهلكن كما هلكت الزجاجتان في يديك.و لهذا السبب أنزلت أية الكرسي. س865- ماهى آداب تلاوة القرآن الكريم؟ يتمثل في الطهارة ، والتلاوة بأدب ، وطمأنينة ، وبصوت حزين ، ومسموع ، مع مراعاة قواعد التجويد ، وأداء الحقوق في السجدة والاستعاذة ، قبل التلاوة ، والتصديق بعدها. س866- ماهى الظلمات الثلاث؟ ظلمة الأغشية التي تحيط بالجنين وهي : غشاء الأمنيون ، والغشاء المشيمي ، والغشاء الساقط .ظلمة الرحم الذي تستقر به تلك الأغشية. ظلمة البطن الذي تستقر فيه الرحم. س867- ماهى فائدة قراءة القرآن ؟ تورث الخشية وتلين القلب وتورث السكينة . تورث اليقين الذي هو الأيمان كله . تورث الخوف والحذر من الدار الآخرة . يحقق الدعوة الى الله تعالي وحده لا شريك له . يهدي للتي هي أقوم . س868- ماهي آيات الحج في القرآن الكريم؟ قال تعالى: ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين. فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً. ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) سورة آل عمران...( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج. وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى وأتقوى يا أولي الألباب ) سورة البقرة (...وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ) سورة الحج س869- على من تجب فريضة الحج ؟ فريضة الحج ، فإنه لايجب على أحد إلا بشروط خمسة ذكرها العلماء : الأول : الإسلام ، فإن الكافر لايقبل منه حج ولا عمرة، ولا أي عبادة من العبادات ، في دين الله إلا إذا اسلم ودخل في دين الله 0 الثاني : العقل ، فالمجنون لا يجب عليه حج ولا عمرة 0 الثالث : البلوغ ، وهو ظهور أحد علامته وهي : إنزال المني 0 نبات شعر العانة 0 تمام خمس عشرة سنة 0 وتزيد المرأة بأمر وهو : الحيض0الرابع : الحرية ، فلا يجب الحج أو العمرة على المملوك 0الخامس: الاستطاعة ، وتكون بالمال والبدن 0ومن الاستطاعة وجود المحرم للمرأة، فإن المرأة منهية عن السفر للحج وغيره بدون محرم ، ويجب أن يكون هذا المحرم مميزاً عاقلاً بالغاً فإن الطفل لا يصح أن يكون محرماً 0 س870- ما هى أركان الحج ؟ الإحرام 0 الطواف 0السعي بين الصفا والمروة 0الوقوف بعرفة 0وهناك خلاف بين العلماء في بعضها 0ولا يتم الحج إلا بأداء هذه الأركان ، فمن ترك ركنا ً فسد حجه 0 س871- ما هى خطوات العمرة؟ الإحرام - الطواف - الصلاة عند المقام - السعي - حلق الشعر أو تقصيره بعد الحلق أو التقصير يتحلل المعتمر من إحرامه وبه تنتهي عمرته . س872- ما هي الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء ؟ جوف الليل .دُبر كل صلاة .بين الآذان والإقامة . الثلث الأخير من الليل . عند النداء للصلوات المكتوبة .عند نزول الغيث . آخر ساعة من يوم الجمعة .عند الشرب من ماء زمزم مع النية الصادقة. في السجود . س873- ماهى الأضحية وحكمها وفضلها ؟ تعريفها: هي الشاة التي تذبح بعد صلاة عيد الأضحى تقرباً إلى الله تعالى حكمها : هي سنة مؤكدة ( أو واجبة عند الأحناف ) كل عام لمن وجد سعة في رزقه وهي أحب الأعمال إلى الله تعالى بعد صلاة عيد الأضحى المبارك فضلها : للمضحي حسنة بكل شعرة من شعر الأضحية والحسنة بعشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء , ويغفر ذنبه بأول قطرة من دمها . س874- ماهو وقت الذبح وأفضل تقسيم للأضحية ؟ وقت الذبح: بعد صلاة عيد الأضحى ويستمر إلى عصر اليوم الرابع من أيام العيد التقسيـــم: الأفضل تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أقسام : ثلث كصدقة للفقراء والمساكين - ثلث كهدية للجيران والأقارب والأصدقاء ( ولو كانوا أغنياء - (ثلث له ولأهل بيته , وإذا وزّع أكثرها فأجره أعظم س875- هل تعلم ما هو جزاء من يتوفى له ثلاثة أو اثنين من الولد ويصبر على ذلك ؟ الإجابة في الأحاديث التالية :عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما من الناس من مسلم يتوفى له ثلاث لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم) رواه البخاري * وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النساء قلن للنبي صلى الله عليه وسلم : اجعل لنا يوما فوعظهن وقال: ( أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كانوا حجابا من النار قالت امرأة واثنان قال واثنان) رواه البخاري* وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم ) قال أبو عبد الله ( وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا) رواه البخاري س876- ماهى أنواع النسك ؟ الأنساك ثلاثة : يجب على كل من أراد الحج أن يختار أحد هذه الأنساك الثلاثة التمتع : عمرة – حج - عليه هدي … الإحرام بالعمرة في أشهر الحج وفي اليوم الثامن من ذي الحجة يحرم ويخرج إلى المشاعر ويتم الحج. القِران :عمرة – حج - عليه هدي . الإحرام بالعمرة والحج جميعاً الإفراد : حج فقط …ليس عليه هدي . الإحرام بالحج وحده وأفضل الأنساك التمتع لمن لم يسق الهدي .. وهو النسك الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه .. س877- لمن أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم كتباً يدعوهم إلى الإسلام ؟ كسرى ملك الفرس وهرقل ملك الروم والمقوقس عظيم القبط بمصر . س878- من النفر الذين كانوا يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته ؟ أبا لهب والحكم بن أبي العاص ، وعقبة بن أبي معيط ، وعدي بن حمراء الثقفي ، وابن الأصداء الهذلي وكانوا جيرانه لم يسلم منهم احد إلا الحكم بن أبي العاص س879- متى كانت عمرة رسول الله من الجعرانه ؟ سنة ثمان . س880- متى كانت غزوة تبوك ؟ في السنة التاسعة . 881ـ لماذا عام الرمادة سمي بهذا الاسم ؟ لأن الأرض اسودت من قلة المطر حتى عاد لونها شبيها بالرماد .. وقيل لأنها تسفي الريح تراباً كالرماد . 882ـ لماذا سميت عرفات بهذا الاسم؟ لأن آدم وحواء تعارفا عليه ولأن الناس يعترفون بذنوبهم عليه وأيضاً لأن الحجيج يتعارفوا عليه . 883ـ من هو النبي الذي يكنى بأبا الضيفان ؟ ابراهيم عليه السلام . 884ـ ما الإسم الآخر لغزوة المصطلق ؟ غزوة المريسيع . 885ـ كم عدد أبواب الجنة ؟ 8 أبواب . 886ـ من هو الصحابي الذي أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ؟ عبد الله بن حذافة . 887ـ لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم ؟ لأن اللحوم تشرق فيها أي كانت تنشف على الحجر لعدم وجود وسائل تبريد وهي 11/12/13. 888ـ من أول من أختتن وضاف الضيف ؟ سيدنا إبراهيم عليه السلام . 889ـ ما اسم والد خالد بن الوليد ؟ الوليد بن المغيرة 890ـ من أول من ألف في الفقه الإسلامي ؟ مالك بن انس الذي له الموطأ 891ـ إلى أي قوم أرسل النبي يونس ؟ نينوى 892ـ من أول من بنى مآذنة للحرم المكي الشريف ؟ أبو جعفر المنصور . 893ـ من أول من سجد لله بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ خديجة بنت خويلد رضي الله عنها . 894ـ من أول قاضي في الإسلام ؟ عمر بن الخطاب 895ـ لمن كتاب : أسد الغابة في معرفة الصحابة ؟ أبي الحسن عز الدين الجزري ( ابن الأثير ) . 896ـ من أوجد التجنيد الإجباري ؟ الحجاج بن يوسف الثقفي . 897ـ من أول مسلم دخل مكة ملبياً ؟ ثمامة بن أثال ( ملك اليمامة ) . 898ـ من أول من سمي أبو الشهداء ؟ الحسين بن علي 899ـ ما معنى الأحقاف ؟ جمع حقف وهو تلال من الرمل وكان يسكنها قوم عاد . 900ـ ماذا يسمى هواء الجنة ؟ سجسج أي معتدل |
|
901ـ من أول من حفظ القرآن عن ظهر قلب بعد محمد صلى الله عليه وسلم ؟ علي بن أبي طالب رضي الله عنه . 902ـ من أول من اتخذ جهاز شرطة في الإسلام ؟ وجعل لها جهازا مستقلا لحفظ الأمن ؟ عثمان بن عفان . 903ـ ما أول ما يتكلم من الانسان يوم القيامة ويشهد عليه ؟ فخذه وكفاه . 904ـ ما هي أسماء سورة النازعات ؟ الساهرة والطامة . 905ـ من أول من جاهد في سبيل الله . أدريس عليه السلام . 906ـ من أول من جز شاربه ؟ إبراهيم عليه السلام . 907ـ كم صام النبي صلى الله عليه وسلم ؟ تسع مرات 908ـ كم المدة التي قضاها المسلمون في حفر الخندق حول المدينة المنورة في غزوة الأحزاب ؟ 15 يوماً . 909ـ ما الأعمال التي يجري ثوابها للإنسان بعد موته ؟ الصدقة الجارية ، ودعاء الولد الصالح ، العلم المنتفع به . 910ـ كم تعادل الصلاة في المسجد الأقصى ؟ 500 صلاة 911ـ كم تعادل الصلاة في المسجد النبوي ؟ ألف صلاة . 912ـ كم تعادل الصلاة في المسجد الحرام ؟ مائة ألف صلاة 913ـ ما هي كتب الصحاح الستة ؟ صحيح البخاري ، صحيح مسلم ، سنن الترمذي ، سنن النسائي ، سنن ابن داود ، سنن ابن ماجه . 914ـ من أول من أجرى الأرزاق على القراء وقوامي المساجد ؟ الوليد بن عبد الملك . 915ـ من أول من صنف كتاباً في الأحاديث الصحيحة ؟ محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن المغيرة الجعفي الولاء البخاري . 916ـ ما هو يوم الحج الأكبر ؟ يوم النحر . 917ـ ماهي أطول كلمة في القرآن الكريم ؟ فأسقيناكموه 918ـ ماهي السورة التي نزلت في يهود بن النضير؟ الحشر 919ـ ماهي السورة التي فيها اسم يوسف غير سورة يوسف ؟ غافر . 920ـ من أول من توفيت من بنات الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ رقية 921ـ كم عدد أحاديث البخاري ؟ 7563حديث . 922ـ كم عدد كلمات القرآن الكريم ؟ 79000 كلمة 923ـ كم عدد أحرف القرآن الكريم ؟ 323670 924ـ كم دامت خلافة أبو بكر الصديق رضي الله عنه ؟ سنتان وثلاثة أشهر 925ـ من هو الصحابي الذي لقبه الرسول صلى الله عليه وسلم بالشهيد الحي ؟ طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه . 926ـ من الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ( ويل أمه مسعر حرب لو كان معه رجال ) ؟ أبو بصير عتبة بن أسيد . 927ـ من هو الصحابي الجليل الذي بايع الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا يسأل الناس شيئاً ؟ ثوبان مولى الرسول صلى الله عليه وسلم 928ـ من الصحابي الذي أمره الرسول صلى الله عليه وسلم بتعلم لغة اليهود ؟ زيد بن ثابت وقد تعلمها في 15 يوم . 929ـ من الصحابي الذي ولد في بطن الكعبة ؟ حكيم بن حزام . 930ـ من كان دليل الرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة من مكة للمدينة ؟ عبد الله بن أريقط 931ـ من هو الوحيد الذي جاءت كنيته في القرآن الكريم ؟ أبو لهب . 932ـ ما الاسم الثاني لبئر زمزم ؟ بئر اسماعيل 933ـ ما اسم امرأة العزيز ؟ راعيل ولقبها زليخا 934ـ من هو الصحابي الذي لقب بالشهيد الأعرج ؟ عمرو بن الجموح . 935ـ من أول ولي عهد في الإسلام ؟ يزيد بن معاوية بن أبي سفيان . 936ـ من هو حِبُ الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ أسامة بن زيد رضي الله عنه . 937ـ ما هي الكلمة التي تعتبر منصفة للقرآن ؟ " وليتلطف " من سورة الكهف .. أي تكون في النصف حين ننصف القرآن نصفين . 938ـ من أول امرأة طبق عليها حد السرقة في الإسلام ؟ قلابة بنت سفيان المخزومية . 939ـ من أول امرأة طبق عليها حد القذف في الإسلام ؟ حمنة بنت جحش . 940ـ من أول ممرضة في الإسلام ؟ رفيدة بنت سعد الأسلمية 941ـ اين جمعت رقاع القرآن الكريم ؟ عند حفصة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم . 942ـ من أول ملكة في الإسلام ؟ شجرة الدر . 943ـ من أول من أضاء المساجد ؟ تميم بن أوس الداري . 944ـ من أول من شرب من ماء زمزم ؟ إسماعيل عليه السلام . 945ـ من أول من اشتهر بالكتابة في الإسلام من الصحابة ؟ عمر ـ عثمان ـ علي ـ ابي بكربن كعب ـ زيد بن ثابت 946ـ من أول من حيا الرسول صلى الله عليه وسلم بتحية الإسلام ؟ أبو ذر الغفاري رضي الله عنه . 947ـ من التي أشارت على الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يحلف يوم حديبية ؟ أم المؤمنين أم سلمه رضي الله عنها . 948ـ من أول من ارتد عن الإسلام ؟ الأسود العنسي الذي ادعى النبوة . 949ـ من أول من سن أضحية ؟ ابراهيم الخليل عليه السلام . 950ـ من أول من اسلم من الفرس ؟ سلمان الفارسي |
|
|
|
|
|
http://theonlyquran.com/quran_text/42_11.png الله سبحانه وتعالى هو خالق السماوات والأرض ومبدعهما بقدرته ومشيئته وحكمته، جعل لكم من أنفسكم أزواجًا؛ لتسكنوا إليها، وجعل لكم من الأنعام أزواجًا ذكورًا وإناثًا، يكثركم بسببه بالتوالد، ليس يشبهه تعالى ولا يماثله شيء من مخلوقاته، لا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله؛ لأن أسماءه كلَّها حسنى، وصفاتِه صفات كمال وعظمة، وأفعالَه تعالى أوجد بها المخلوقات العظيمة من غير مشارك، وهو السميع البصير، لا يخفى عليه مِن أعمال خلقه وأقوالهم شيء، وسيجازيهم على ذلك. |
http://theonlyquran.com/quran_text/42_11.png الله سبحانه وتعالى هو خالق السماوات والأرض ومبدعهما بقدرته ومشيئته وحكمته، جعل لكم من أنفسكم أزواجًا؛ لتسكنوا إليها، وجعل لكم من الأنعام أزواجًا ذكورًا وإناثًا، يكثركم بسببه بالتوالد، ليس يشبهه تعالى ولا يماثله شيء من مخلوقاته، لا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله؛ لأن أسماءه كلَّها حسنى، وصفاتِه صفات كمال وعظمة، وأفعالَه تعالى أوجد بها المخلوقات العظيمة من غير مشارك، وهو السميع البصير، لا يخفى عليه مِن أعمال خلقه وأقوالهم شيء، وسيجازيهم على ذلك. |
951ـ من أول من اسلم من الروم ؟ صهيب بن سنان الرومي 952ـ ما اول شيء ينتن من الإنسان إذا مات ؟ بطنه . 953ـ ما أول شيء يأكله أهل الجنة إذا دخلوها ؟ كبد الحوت . 954ـ من أول فلكي كبير في الإسلام ؟ محمد بن إبراهيم الفزاري . 955ـ من أول من جمع الناس لقيام رمضان ؟ عمر بن الخطاب 956ـ من أول مسلمة قتلت يهودياً ؟ صفية بنت عبد المطلب في غزوة الخندق . 957ـ من أول من يدخل الجنة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ أبو بكر الصديق . 958ـ من أول من ختم القرآن في ركعة ؟ عثمان بن عفان رضي الله عنه . 959ـ من أول من أسرج السراج في المسجد ؟ تميم بن أوس رضي الله عنه . 960ـ اين عقد أول مؤتمر إسلامي ومتى ؟ في المغرب عام 1969م 961ـ من أول من كسا الكعبة بالديباج ؟ عبد الله بن الزبير رضي الله عنه . 962ـ ممن كان أول خلع أثبته الإسلام ؟ من عامر بن الظرب وزوجته . 963ـ من أول من حكم أن الولد للفراش ؟ أكثم بن صيفي . 964ـ من أول من رجم في الزنا ؟ ربيعة بن حدار الأسدي . 965ـ من أول من خلع نعليه لدخول الكعبة ؟ الوليد بن المغيرة .. فخلع لذلك الناس في الإسلام . 966ـ من أول زوجة من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم توفيت بعد وفاته ؟ زينب بنت جحش رضي الله عنها . 967ـ من أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم ؟ سليمان بن داود . 968ـ يهودي ينسب له حصن أثري جنوب شرقي المدينة المنورة ؟ من هو ؟ كعب بن الأشرف وهو احد زعماء اليهود بالمدينة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله فقتل عام 2هـ . 969ـ ما أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي ؟ هو الرؤيا الصالحة . 970ـ كم عدد الحصى التي يجمعها الحاج الغير متعجل ؟ 70 971ـ من الصحابي الذي سمى بيته " بيت الإسلام " وولي الصدقات ؟ أبو عبدالله بن الأرقم . 972ـ في عهد أي خليفة ضرب أول درهم إسلامي ؟ علي بن أبي طالب رضي الله عنه . 973ـ لمن كتاب نهج البلاغة ؟ علي بن ابي طالب رضي الله عنه . 974ـ كم عدد مآذن الحرم المكي ؟ 7 975ـ من أول من طبق منع التجول في الإسلام ؟ ابن ابيه . 976ـ كلمة أي شاعر قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم " أصدق كلمة شاعر" ؟ كلمة لبيد : " ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل . 977ـ من أول من دون الحديث ؟ ابن شهاب محمد الزهري 978ـ من المعروف بخطيب الأنبياء ؟ شعيب 979ـ من شيخ الإسلام ؟ تقي الدين أحمد بن تيمية . 980ـ من هي أول امرأة صنع لها نعش ؟ زينب بنت جحش زوج الرسول صلى الله عليه وسلم 981ـ ما اسم الفرقة التي أثارت مسألة " خلق القرآن "؟ المعتزلة 982ـ من هو العالم الذي رفض القول بـ " خلق القرآن " ؟ الإمام احمد بن حنبل 983ـ من هو الصحابي الذي أناخت عند بيته ناقة النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الهجرة ؟ أبو أيوب الأنصاري 984ـ من هما المرأتان اللتان جعلهما الله مثالاً للإيمان ؟ امرأة فرعون ومريم عليهما السلام 985ـ من اعتبر إمام المؤذنين إلى قيام الساعة ؟ بلال بن رباح رضي الله عنه 986ـ من عنى النبي صلى الله عليه وسلم حين قال عنه : " إن ساقيه أثقل يوم القيامة من جبل أحد ؟ الصحابي عبدالله بن مسعود رضي الله عنه 987ـ في كفالة من كانت مريم عليها السلام ؟ في كفالة زكريا عليه السلام 988ـ من أي بطريق تسلم عمر بن الخطاب القدس ؟ من البطريق سفرونيوس 989ـ من هي النصرانية التي أسلمت ثم تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم؟ مارية القبطية 990ـ من هما المرأتان اللتان جعلهما الله مثالاً للكفر ؟ زوجة نوح وامرأة لوط 991ـ أي البلاد هي الأحب إلى الله تعالى ؟ مكة المكرمة 992ـ من هو الخليفة العباسي الذي شيد " دار الشجرة " ؟ المقتدر 993ـ كم يبلغ ارتفاع كل منارة من منارات المسجد الحرام ؟ تسعون متراً 994ـ من هم العبادلة الأربعة ؟ ابن عمر ، ابن الزبير ، ابن عباس ، وابن عمرو بن العاص 995ـ من هو الذي نزلت الملائكة على صورته ؟ الزبير بن العوام رضي الله عنه 996ـ ما اسم الشهيد المصلوب ؟ حبيب بن عدي الأنصاري رضي الله عنه 997ـ ما هي أبرز الأسماء التي وردت في القرآن الكريم لـ النار؟ جهنم ـ الحطمة ـ لظى ـ سقر ـ الهاوية ـ السعير 998ـ كم من السنين مكث أهل الكهف نياماً ؟ 309 ثلاثمائة وتسع سنوات 999ـ من هم الداخلون الأوائل إلى الجنة في الإسلام ؟ فقراء المهاجرين 1000ـ ما هي الآية التي نزلت في جوف الكعبة ؟ " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ". |
الرسول في موسم الحج جاء موسم الحج في السنة العاشرة من البعثة، فاجتمعت القبائل من كل مكان وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم قائلا: (يا أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، وتملكوا بها العرب، وتذل لكم العجم، وإذا آمنتم كنتم ملوكًا في الجنة) [الطبراني وابن سعد] ووجد الرسول صلى الله عليه وسلم ستة رجال من (يثرب) يتحدثون، فاقترب منهم، وقال لهم: (من أنتم؟) قالوا: نفر من الخزرج. قال: أَمِنْ موالى يهود (أي من حلفائهم)؟ قالوا: نعم. قال: أفلا تجلسون أكلمكم؟. قالوا: بلى. فجلس معهم وحدثهم عن الإسلام، وتلا عليهم القرآن، فانشرحت له صدورهم، وظهرت علامات القبول على وجوههم، وكانت بينهم وبين اليهود عداوة، فكان اليهود يهددونهم بظهور نبي، وسوف يؤيدونه ويقاتلونهم معه، فلما سمعوا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم نظر بعضهم لبعض وقالوا: تعلمون والله إنه النبي الذي توعدكم به اليهود فلا يسبقُنَّكُم إليه .. فأجابوا الرسول صلى الله عليه وسلم فيما دعاهم إليه، ووعدوه بأن يقابلوه في العام المقبل، ثم انصرفوا إلى قومهم وحدثوهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتشرت أخباره في يثرب. [ابن إسحاق]. |
بـيعة العقبة الأولى: وفي شهر ذي الحجة سنة إحدى عشرة من البعثة، قدم إلى مكة اثنا عشر رجلا من أهل يثرب من بينهم خمسة من الستة الذين كلموا الرسول صلى الله عليه وسلم في العام الماضي، واجتمع معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكان اسمه العقبة؛ فآمنوا به صلى الله عليه وسلم، وبايعوه على ألا يشركوا بالله شيئًا، ولا يسرقوا، ولا يرتكبوا الفواحش والمنكرات، ولا يقتلوا أولادهم، ولا يعصوه صلى الله عليه وسلم في معروف يأمرهم به. وكانت هذه هي بيعة العقبة الأولى، وعندما عادوا إلى يثرب أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير -رضي الله عنه- ليعلمهم أمور الدين ويقرأ عليهم القرآن، فأسلم على يديه كثير من أهل يثرب. بـيعة العقبة الثانية: وفي شهر ذي الحجة من العام الثاني عشر من البعثة، ذهب ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان من أهل يثرب إلى الحج، ليبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، وفي ليلة الحادي عشر من ذي الحجة تسلل الرجال والمرأتان وذهبوا إلى العقبة، وجاء إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس بن عبدالمطلب، ولم يكن قد آمن وقتئذ، ولكنه جاء ليطمئن على اتفاق ابن أخيه مع أهل يثرب، وليبين لهم أنه قادر على حمايته في مكة إن لم يكونوا قادرين على حمايته في المدينة. وتمت بيعة العقبة الثانية، وفيها عاهد الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، وقال لهم : (تبايعوني على السمع والطاعة، في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم، وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة) _[أحمد]. وأصبح لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتباع أقوياء مستعدون لنصرته، والقتال من أجل الإسلام، حتى إن أحدهم وهو العباس بن عبادة -رضي الله عنه- قام وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: والله الذي بعثك بالحق، إن شئت لنميلن على أهل منى غدًا بأسيافنا، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يفعل إلا ما يأمره الله به، فقال له : (لم نؤمر بذلك، ولكن ارجعوا إلى رحالكم) [ابن إسحاق] واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم اثني عشر رجلا؛ ليكونوا أمراء عليهم حتى يهاجر إليهم. وفي الصباح، تسلل الخبر إلى كفار قريش، فاكتشفوا أمر ذلك الاجتماع الخطير، وخرجت قريش تطلب المسلمين من أهل يثرب فأدركوا (سعد بن عبادة) وأسروه وأخذوا يعذبونه ويَجُرُّونه حتى أدخلوه مكة، وكان سعد يجير ويحمي تجارة اثنين من كبار مكة إذا مرا ببلده، وهما جبير بن مطعم بن عدي والحارث بن حرب بن أمية، فنادى باسميهما فجاءا وخلصاه من أيدي المشركين، وعاد سعد بن عبادة -رضي الله عنه- إلى يثرب. |
|
|
مرحلة الجهاد لقد ترك المسلمون مكة كلها للكفار، وهاجروا إلى المدينة، ولكن الصراع بينهما لم ينته، بل زاد عما كان عليه في مكة، واتخذ شكلا جديدًا، بعد أن نزل الإذن من الله بقتال المشركين، قال تعالى: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير . الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرًا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز . الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} [الحج: 39-41]. وقد أصبح المسلمون في المدينة قوة كبيرة بانضمام الأنصار إليهم، فلماذا لا يستردون حقوقهم المسلوبة؟ وخاصة أن المدينة تقع على الطريق بين مكة والشام حيث تمر قوافل أهل مكة التجارية، لذلك قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم إرسال سرايا من جيش المسلمين يزعجون قريشًا ويستطلعون أخبارها، ومن هذه السرايا: سرية سيف البحر: في شهر رمضان من السنة الأولى للهجرة خرج حمزة بن عبد المطلب ومعه ثلاثون من المهاجرين لاعتراض قافلة لقريش قادمة من الشام يقودها أبو جهل في ثلاثمائة رجل، ولكن رجلا اسمه مجدي بن عمرو صَالَحَ بين الفريقين، ولم يحدث قتال، وعرف الكفار منذ ذلك الوقت أن المسلمين مستعدون لمواجهتهم. سرية رابغ: وفي شهر شوال من السنة نفسها خرج عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ومعه ستون رجلا من المهاجرين، واعترضوا قافلة بقيادة أبي سفيان، وكان بينهما رمي بالنبال، ولكن لم يقع قتال. سرية الخرار: كانت في شهر ذي القعدة من السنة الأولى، وفيها خرج سعد بن أبي وقاص ومعه عشرون مسلمًا، ولكنهم لم يعثروا على القافلة التي خرجوا من أجلها، وهكذا تحول المسلمون من الضعف إلى القوة، وأصبحوا مصدرًا لرعب الكفار. غزوة الأبواء (ودان): وفي العام الثاني من الهجرة واصل الرسول صلى الله عليه وسلم إرسال السرايا لمعرفة أخبار أهل مكة، وليدرب المسلمين على مواجهة قريش، وكان صلى الله عليه وسلم يشارك في بعض هذه الأعمال العسكرية، ومن الغزوات التي شارك فيها غزوة الأبواء (ودان)، وفيها خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه مع سبعين من المهاجرين في شهر صفر لاعتراض قافلة لقريش، لكنه لم يلتقِ بها فعقد معاهدة مع بني ضمرة أمَّنَهُم على أنفسهم، ووعدوه ألا يحاربوه ولا يعينوا عليه أعداءه، وأن يقفوا إلى جانبه إذا دعاهم لذلك، وهكذا كان صلى الله عليه وسلم لا يترك صغيرة أو كبيرة يؤمِّن بها دولته، ويقوِّي علاقتها بجيرانها إلا فعلها. غزوة بواط: وفيها خرج النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول من السنة الثانية، ومعه مائتان من الصحابة؛ لاعتراض قافلة لقريش يقودها أمية بن خلف لكنه لم يلحق بها. غزوة بدر الأولى: وسببها أن رجلا اسمه كرز بن جابر الفهري اعتدى هو وبعض المشركين على مراعي المدينة ومواشيها، فطارده الرسول صلى الله عليه وسلم وبعض المسلمين ولكنه فرَّ هاربًا، وقد وقعت هذه الغزوة قريبًا من بئر بدر ولذلك سميت بدر الأولى. غزوة العُشَيرة: وقد حاول فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه اعتراض قافلة لقريش ذاهبة من مكة إلى الشام، ولكنه لم يدركها، فعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم معاهدة مع بني مدلج حلفاء بني ضمرة. سرية نخلة: خرج فيها عبد الله بن جحش الأسدي مع ثمانية مهاجرين، وأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعسكروا بين مكة والطائف في مكان يسمى نخلة فمرت قافلة لقريش في آخر يوم من شهر الله الحرام رجب، فهاجمها عبد الله ومن معه، فقتل من المشركين عمرو بن الحضرمي، وأسروا عثمان بن عبدالله بن المغيرة، والحكم بن كيسان، وفر نوفل بن عبد الله. وعادت السرية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكر عليهم القتال في شهر الله الحرام، واشتد غضب المشركين، وقالوا: إن محمدًا قد أحل القتال في الأشهر الحرم، فاشتد ذلك على المسلمين؛ فأنزل الله -عز وجل- قوله: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل} [_البقرة: 217]. فهؤلاء المشركون الذين ينكرون على المسلمين القتال في الأشهر الحرم، قد فعلوا أكبر من ذلك، حين أشركوا بالله، وأخرجوا المؤمنين من ديارهم، وحرموهم من أموالهم وأولادهم وهذا أكبر عند الله -عز وجل- في الإثم والعقوبة. |
تحويل القبلة كان المسلمون بعد هجرتهم إلى المدينة، يتوجهون في صلاتهم نحو بيت المقدس في فلسطين، وظلوا على ذلك ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى السماء داعيًا الله -تعالى- أن تكون قبلة المسلمين تجاه الكعبة، فاستجاب الله دعاء نبيه، وأنزل القرآن الكريم آمرًا المسلمين بالتوجه إلى المسجد الحرام بمكة في صلاتهم، قال تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحينما كنتم فولوا وجوهكم شطره} [البقرة: 144] وكان بعض المسلمين قد ماتوا قبل تحويل القبلة، فقال رجال من المسلمين: وددنا لو علمنا من مات منا قبل أن نصرف إلى القبلة (أي: المسجد الحرام) وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس؟ فأنزل الله: {وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم} [_البقرة: 143]. وقد شنَّ اليهود حربًا من الجدل على المسلمين إثر تحويل القبلة، إذ قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد، ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها، وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه؟ ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك، فنزل قول الله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} [البقرة: 142]. وقال تعالى: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا وجوهكم فثم وجه الله إن الله واسع عليم} [_البقرة: 115]. وقال تعالى: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين} [البقرة: 177]. فالله سبحانه رب الأمكنة والأزمنة جميعًا، ولقد كانت عودة المسلمين إلى الكعبة رجوعًا إلى الأصل الذي بناه أبو الأنبياء إبراهيم -عليه السلام- فتوجه المسلمون بعد ذلك إلى مكة كل يوم في صلاتهم خمس مرات، وكان تحويل القبلة في العام الثاني من الهجرة، وفي ذلك العام فرض الله الصوم والزكاة. |
بعث الرجيع جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم أناس من المشركين من قبيلتي عضل والقارة وطلبوا منه أن يرسل معهم من يعلمهم الدين ويقرئهم القرآن، فاستجاب لهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأرسل معهم عشرة من أصحابه بقيادة عاصم بن ثابت -رضي الله عنه- لعل الله أن يهديهم، وعندما اقترب عاصم وأصحابه من قبيلة هذيل، هجم عليهم هؤلاء المشركون المخادعون، فاستشهد سبعة من المسلمين، ووقع ثلاثة في الأسر، وهم: خبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة وعبد الله بن طارق -رضي الله عنهم- وأخذهم نفر من قبيلة هذيل، ليبيعوهم في مكة، فأفلت عبد الله بن طارق من قيوده، فلحق به الكفار وقتلوه، وباعوا زيدًا لصفوان بن أمية ليقتله ثأرًا لأبيه أمية بن خلف، واجتمع كفار مكة ليشهدوا قتل زيد، فاقترب أبو سفيان منه، وقال له: أنشدك الله يا زيد، أتحب أن محمدًا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك؟ فأجابه زيد قائلاً: والله ما أحب أن محمدًا صلى الله عليه وسلم الآن في مكانه الذي هو فيه، تصيبه شوكة تؤذيه، وأني جالس في أهلي، فقال أبو سفيان: ما رأيتُ من الناس أحدًا يحب أحدًا كحب أصحاب محمدٍ محمدًا، ثم قُتل زيد. أما خبيب فقد اشتراه عقبة بن الحارث ليقتله؛ لأنه قتل أباه الحارث بن عامر يوم بدر، وخرج به المشركون في مكان واسع، وصنعوا له صليبًا من خشب ليصلبوه عليه، فقال لهم خبيب: إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا وبعد أن صلى آخر ركعتين في حياته قال لهم: أما والله لولا أن تظنوا أني إنما طولت جزعًا من القتل لاستكثرت من الصلاة، فكان خبيب أول من سن ركعتين عند القتل، وعندما ربطوه في الخشبة توجه إلى الله تعالى، وقال: اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تغادر منهم أحدًا. وأما عاصم بن ثابت، فقد رفض أن يستسلم للمشركين، وقاتلهم حتى قتل فأرادوا أن يأخذوا رأسه ليبيعوها لسلافة بنت سعد، وكانت قد نذرت حين أصاب ابنيها يوم أحد لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن فيها الخمر، لكن النحل تجمع حول جسد عاصم فلم يقدروا على قطع رأسه، فقالوا: دعوه حتى يمسي فيذهب عنه الدبر (النحل) فنأخذه، فبعث الله سيلا في الوادي، فاحتمل عاصمًا، فذهب به، وكان عاصم قد أعطى الله عهدًا ألا يمسه مشرك ولا يمس مشركًا أبدًا، فحفظه الله بعد موته، ولم يسمح للمشركين بمسه. |
يوم بئر معونة رغم ما حدث للعشرة الذين قتلوا في بعث الرجيع، ما زال المسلمون يقدمون أرواحهم في سبيل نشر الدين، فقد باعوا أنفسهم لله تعالى، واشتروا بها الجنة، فقد قدم عامر بن مالك على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فعرض عليه الإسلام، فلم يسلم ولم يرفض، وقال للرسول صلى الله عليه وسلم: لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد، فدعوهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك، فقال صلى الله عليه وسلم: إني أخشى عليهم أهل نجد، فقال عامر: أنا لهم جار (أي: سوف أحميهم). فبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين رجلا من صحابته ليدعوا قبائل نجد إلى الإسلام، فسار الصحابة في الصحراء، وكانوا يجمعون الحطب نهارًا ويبيعونه حتى يكسبوا معاشهم، وينامون بعض الليل، ثم يستيقظون لعبادة الله بقية ليلهم، وظلوا هكذا حتى وصلوا إلى بئر معونة، وهناك أرسلوا أحدهم، ويدعى حرام بن ملحان -رضي الله عنه- برسالة من الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو فيها عامر بن الطفيل إلى الإسلام. ولكن هذا المشرك طعن حرام بن ملحان بكل غدر وحمق وجهالة، فصاح ذلك الصحابي -والدم يسيل من جسده الطاهر- قائلا: فزت ورب الكعبة، ولم يكتفِ عامر بن الطفيل بما فعله، وإنما جمع أعوانه من الكفار، وأحاطوا بالمسلمين وهم في رحالهم، وقتلوهم جميعًا إلا كعب بن زيد الذي عاش حتى قتل يوم الخندق شهيدًا، وكان في سرح الدعاة اثنان لم يشهدا الموقعة الغادرة، أحدهما عمرو بن أمية الضمري ولم يعرف النبأ إلا فيما بعد، ورجل من الأنصار، فأقبلا يدافعان عن إخوانهما، فقتل الأنصاري، وأسر عمرو بن أمية، ولكن عامر بن الطفيل أطلق سراحه، فرجع إلى المدينة. وفي الطريق لقى رجلين ظنهما من بني عامر فقتلهما، ثم تبين لما وصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما من بني كلاب، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أجارهما، فالتزم الرسول صلى الله عليه وسلم بدفع ديتهما، حزن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته حزنًا شديدًا على هؤلاء الصحابة، وظل الرسول صلى الله عليه وسلم شهرًا يقنت في صلاة الصبح ويدعو على قبائل سليم، مؤجلا الرد عليهم حتى يتخلص من أعداء المسلمين في المدينة؛ لأن خطرهم أشد، ألا وهم يهود بني النضير. |
غزوة بني النضير كان بين يهود بني النضير ورسول الله صلى الله عليه وسلم عهد وجوار، فذهب إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ليعينوه في دية الرجلين اللذين قتلهما عمرو بن أمية عند رجوعه من بئر معونة، فقالوا له: نعم يا أبا القاسم، نعينك على ما أحببت. ثم خلا بعضهم إلى بعض، فتشاوروا على الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان وجوده صلى الله عليه وسلم بينهم في ذلك الوقت فرصة قد لا تتكرر، فاتفقوا أن يصعد عمرو بن جحاش فوق بيت من بيوتهم ثم يلقي صخرة على الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان يجلس إلى جدار بيت من بيوتهم ومعه أبو بكر وعمر وعلى وطائفة من أصحابه، ولكن الله تعالى أخبر نبيه بما دبره اليهود. وإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف مسرعًا من جوار الجدار ويعود إلى المدينة، والصحابة يتبعونه، وهم متعجبون لما حدث، ولا يعرفون سبب عودته بهذه السرعة، فأخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن اليهود أرادوا أن يغدروا به، وأن الله تعالى أخبره بذلك. وهكذا نقض اليهود عهدهم، وأظهروا ما في نفوسهم من غدر وخيانة، فكان لابد من طردهم من المدينة، فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة إليهم يأمرهم بالخروج من المدينة، وحدد لهم عشرة أيام يخرجون خلالها، ومن وجد في المدينة منهم بعدها سوف يقتله المسلمون، وبعد أن هم اليهود أن يخرجوا أرسل إليهم المنافق عبد الله بن أبي بن سلول يشجعهم على العصيان، ويعدهم بانضمام ألفين من جنوده إليهم ليدافعوا عنهم. وإذا بهم يدخلون حصونهم، ويقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد افعل ما بدا لك، فحاصرهم الرسول صلى الله عليه وسلم ست ليالٍ، وأمر بحرق زروعهم ونخلهم حتى يرعبهم، فقذف الله في قلوبهم الرعب، ولم يجدوا وفاء من المنافقين، فاضطروا إلى الاستسلام، فصالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يخرجوا من المدينة، ويأخذوا معهم ما حملته الإبل ما عدا السلاح. وهدم اليهود بيوتهم بأيديهم، وأخرجوا نساءهم وأبناءهم، وحملوا ما قدروا على حمله من متاعهم فوق الإبل، وهذا جزاء الخائن للعهد الذي يفكر في الغدر، فخرج بعضهم إلى خيبر، وبعضهم إلى الشام، وأسلم منهم يامين بن عمرو، وأبو سعد بن وهب، فترك الرسول صلى الله عليه وسلم لهما أموالهما. |
|
غزوة بني المصطلق كانت العيون تأتي بالأخبار للمسلمين عن العرب جميعًا، يراقبونهم حتى لا يفاجئوهم بحرب أو خيانة، وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن زعيم بني المصطلق -وهم من اليهود- يجهز قومه للهجوم على المدينة، ولما تأكد رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الأنباء جهز جيشه، وغزا بني المصطلق، واتخذهم أسارى وسبايا، وكان في السبي جويرية بنت الحارث -بنت سيد بني المصطلق- فأعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوجها، ولما انتشر الخبر بين الناس، قالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقوا مائة أهل بيت من بني المصطلق إكرامًا لمصاهرة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم، فكانت أكبر نعمة عليهم إلى جانب نعمة مصاهرة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم. المنافقون في هذه الغزوة: ظهرت طبيعة المنافقين في هذه الغزوة، فبينما المسلمون يسقون من بئر تزاحم على الماء جهجاه بن مسعود -غلام عمر بن الخطاب- مع رجل من الأنصار اسمه سنان بن وبرة حليف الخزرج، وتضاربا، وكاد الخلاف يتحول إلى معركة فقد اختلف المهاجرون والأنصار، فهدأهم الرسول صلى الله عليه وسلم فأطاعوه، وانتهى الخلاف، ولكن المنافق عبد الله بن أُبي اتخذ هذه الواقعة فرصة لتقوية الخلاف بين المهاجرين والأنصار، فقال: أو قد فعلوها؟ قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل: سَمِّن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. وأراد ابن سلول طرد الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين من المدينة، وأخذ يحرِّض الناس على المهاجرين، ويأمرهم بعدم التعاون معهم أو الإحسان إليهم حتى يتركوا المدينة ويرحلوا عنها، وسمع زيد بن أرقم كلام عبد الله، وكان زيد غلامًا صغيرًا، فأسرع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخبره بما قاله عبدالله بن أُبي، فغضب عمر -رضي الله عنه- وطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقتل هذا المنافق، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كيف يا عمر إذا تحدث الناس إن محمدًا يقتل أصحابه) _[ابن سعد]. وعندما علم أسيد بن حضير بما قاله عبد الله بن أبي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: فأنت يا رسول الله تخرجه منها إن شئت، هو -والله- الذليل وأنت العزيز، ثم قال : يا رسول الله، ارفق به، فوالله لقد جاءنا الله بك، وإن قومه لينظمون -يعدون- له الخرز (فصوصًا من الجواهر) ليتوجوه، فإنه يرى أنك قد سلبته ملكه. وعلم عبد الله بن أبي أن زيدًا أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بما قاله، فأسرع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحلف له كذبًا أنه ما قال شيئًا، ودافع بعض الحاضرين عنه، فقالوا: عسى أن يكون الغلام أوهم في حديثه، ولم يحفظ ما قال الرجل، وإذا بالقرآن ينزل فيفضح المنافق عبد الله بن أُبي ويصدق زيد بن أرقم قال تعالى: {هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السموات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون . يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون} [المنافقون: 7-8]. وكان للمنافق عبد الله بن أبي ابن مؤمن مخلص في إيمانه اسمه عبد الله أيضًا، فلما علم بذلك تبرأ من أبيه، ووقف على أبواب المدينة يرفع سيفه، ويمنع أباه من دخولها، ويقول لأبيه: إن رسول الله هو العزيز وأنت الذليل، ولن تدخل حتى يأذن في دخولك، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أذن له ورفض أن يقتل عبد الله والده، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا). حادثة الإفك: بعد غزوة بني المصطلق، وفي طريق العودة، استراح الجيش بعض الوقت، وبعد فترة استعدوا للرحيل، وبدأ الرجال يرحلون، وذهب بعض المسلمين إلى هودج السيدة عائشة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو خباء يوضع على البعير فحملوه على بعيرها، وهم يظنون أنها بداخله، ولكنه كان خاليًا، فقد ذهبت السيدة عائشة -رضي الله عنهما- تبحث عن عقد فقدته، فلما رجعت وجدت المكان خاليا وقد رحل القوم، فجلست وحدها تنتظر، وكان في مؤخرة الجيش الصحابي صفوان بن المعطل -رضي الله عنه- وكان يتأخر ليجمع ما يقع من الجنود، فلما مر بالمكان وجد السيدة عائشة جالسة فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون .. ثم أناخ الجمل، وأدار ظهره حتى ركبت السيدة عائشة، وانطلق يقود الجمل حتى لحق بالمسلمين. ووجد المنافقون فرصتهم الكبيرة في التشنيع على أم المؤمنين والنيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشاعوا أن صفوان بن المعطل اعتدى على السيدة عائشة واتهموهما بالفاحشة، وهكذا روَّج المنافق عبدالله بن أُبي وآخرون معه هذا الكلام البذيء، حتى صدقه بعض الناس، وأراد الله تعالى أن يختبر المؤمنين، وأن يعلمهم درسًا عمليًّا في عدم تصديق الشائعات. فلم ينزل الوحي بهذا الشأن شهرًا كاملا، وظل خلاله الرسول صلى الله عليه وسلم حزينًا، وأبو بكر لا يدري ما يصنع، أما السيدة عائشة فقد عادت مريضة من الغزوة، ولزمت الفراش، ولم تعلم بما يقوله الناس، فلما علمت ظلت تبكي ليل نهار، وعندما اشتد بها المرض استأذنت من الرسول صلى الله عليه وسلم وذهبت إلى بيت أبيها فجاءها الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب منها أن تستغفر الله إن كانت فعلت ذنبًا، وإن كانت بريئة فسوف يبرئها الله، فسكتت السيدة عائشة عن البكاء، وقالت: لو قلت لكم إني مذنبة صدقتموني، وإن قلت لكم بريئة لم تصدقوا، والله يعلم أني بريئة، ولا أقول سوى ما قال أبو يوسف: {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون} [يوسف: 18]. ونزل الوحي يبين أن السيدة عائشة -رضي الله عنها- بريئة من هذه التهمة، قال تعالى: {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرًا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم . لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا وقالوا هذا إفك مبين . لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون . ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم . إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم . ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم . يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدًا إن كنتم مؤمنين . ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم . إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون . ولولا فضل الله عليكم ورحمته وإن الله رءوف رحيم} [النور: 11-20]. وعادت الفرحة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين جميعًا، وعاقب الرسول صلى الله عليه وسلم الذين اتهموا السيدة عائشة بالفاحشة، وكانوا يروجون هذا الكلام الكاذب، فأقام عليهم حد القذف ثمانين جلدة، وكان منهم مسطح بن أثاثة ابن خالة أبي بكر، وكان أبو بكر ينفق عليه لفقره وحاجته فأقسم ألا يعطيه درهمًا واحدًا بعد ما قاله في حق ابنته، ولكن الله -تعالى- أراد أن يستمر عطاء أبي بكر، وإحسانه إلى مسطح، فكفَّر أبو بكر عن يمينه، وأعطى ابن خالته ما كان يعطيه. |
غزوة ذات الرقاع ما زال الكفار يهددون المسلمين، ويشكلون خطرًا عليهم، فهذه قبائل غطفان تتجمع للهجوم على المدينة، فكان لابد من الخروج إليهم وردعهم قبل أن يهاجموا المسلمين. فخرج المسلمون في شهر ربيع الأول من العام السابع من الهجرة، وهم لا يبالون بالتعب، يتبادل كل ستة منهم ركوب بعير واحد، ويسيرون في الجبال، وفوق الصخور، حتى أصيبت أقدامهم وسقطت أظافرهم، فأخذوا يلفون أرجلهم بالخرق والرقاع (القماش القديم)، فسميت هذه الغزوة باسم ذات الرقاع، وتسمى أيضًا بغزة نجد. فلما علمت قبائل غطفان بقدوم المسلمين هربت، فلم يقع قتال، وعاد المسلمون منتصرين. وفي طريق العودة اشتد الحر عليهم، وجاء وقت القيلولة فنزلوا في وادْ كثير الأشجار، وتفرق المسلمون يستظلون فيه. وقد نام الرسول ( تحت شجرة وعلق سيفه بها، فإذا بأعرابي كافر يأتي فيأخذ السيف، فشعر به الرسول، واستيقظ من نومه، فقال الأعرابي: من يمنعك مني؟ فقال رسول الله (: "الله". وإذا بالأعرابي يرتعد ويسقط السيف من يده، فأخذه النبي ( ثم عفا عن الأعرابي وتركه. [متفق عليه]. |
عمرة القضاء في العام السابع الهجري، أصبح للمسلمين الحق في دخول مكة للعمرة حسب اتفاقهم مع قريش في العام السابق، فخرج رسول الله ( ومعه ألفان من المسلمين ودخلوا مكة حاملين سيوفهم، وأخذوا يطوفون حول الكعبة في عزٍّ وقوة، حتى قال أهل مكة من الكفار، وهم ينظرون في دهشة إلى المسلمين وقوتهم: هؤلاء هم الذين قلتم: إن حُمَّى المدينة أضعفتهم! [أحمد] وقضى المسلمون عمرتهم ثم خرجوا من مكة بعد ثلاثة أيام احترامًا للاتفاق الذي عقدوه في صلح الحديبية مع كفار قريش، وسميت هذه العمرة بعمرة القضاء؛ لأن المشركين صدوا رسول الله ( عام الحديبية عن البيت الحرام، فكان مجيئه في العام التالي لقضاء ما فاته. وبينما الرسول ( وحوله أصحابه عائدون،إذا بفتاة تخرج من مكة، تجري خلفهم وتنادي رسول الله ( قائلة: يا عم. يا عم. إنها ابنة حمزة سيد الشهداء الذي استشهد في أحد، فأخذها علي بن أبي طالب، وسلمها إلى السيدة فاطمة زوجته، وإذا بزيد بن حارثة وجعفر يتنافسان على أيهما أحق بكفالتها. فقال جعفر: ابنة عمي وخالتها زوجتي. وقال علي: أنا أخذتها وهي بنت عمي. وقال زيد: ابنة أخي؛ لأن النبي ( قد آخى بين زيد وحمزة. فحكم النبي ( بأن تكون مع جعفر وزوجته. وقال: "الخالة بمنزلة الأم" [البخاري]. وفي هذه العمرة تزوج الرسول ( من السيدة ميمونة بنت الحارث الهلالية -رضي الله عنه-. إسلام عمرو بن العاص: أمام انتصارات الإسلام المتتالية، وازدياد قوة المسلمين يومًا بعد يوم، وقف عمرو بن العاص مع نفسه، فهداه تفكيره إلى أن يرحل إلى الحبشة ويراقب من هناك صراع الإسلام مع المشركين من قريش، فإذا انتصر المسلمون كان آمنًا، وإذا انتصر الكفار عاد إليهم. وبينما عمرو بن العاص يستعد للدخول إلى النجاشي ملك الحبشة إذا به يرى عمرو بن أمية الضمري -رضي الله عنه- خارجًا من عنده، فلما دخل عمرو على النجاشي قال له: أيها الملك إن قد رأيت رجلاً يخرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا فأعطنيه لأقتله فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا. فغضب النجاشي، ولطم أنفه بضربة شديدة، حتى ظن عمرو أن أنف النجاشي قد كسرت، وارتعد عمرو من الخوف، لكنه تماسك وقال للنجاشي: أيها الملك! والله، لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه. قال: أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى فتقتله؟ فقال عمرو: أيها الملك، أكذاك هو؟ فقال النجاشي: ويحك يا عمرو! أطعني واتبعه فإنه والله لعلى الحق، وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى بن عمران على فرعون وجنوده. فقال عمرو: أفتبايعني له على الإسلام؟ قال: نعم. فبسط عمرو يده، فبايعه على الإسلام. فلما قدم عمرو المدينة ذهب إلى رسول الله ( ليبايعه وقال لرسول الله (: يا رسول الله إني أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي ولا أذكر ما تأخر. فقال رسول الله (: "يا عمرو بايع، فإن الإسلام يجُبُّ (يهدم) ما كان قبله، وإن الهجرة تَجُبُّ ما كان قبلها"[ابن إسحاق] فأسلم عمرو، وكان إسلامه في العام الثامن الهجري. إسلام خالد بن الوليد: وقف خالد بن الوليد بعد صلح الحديبية حائرًا، فقد فَطن إلى أن النصر سيكون للمسلمين على قريش، وبدأ يفكر في مكان يذهب إليه. وعندما وصل المسلمون مكة في عمرة القضاء، ومعهم الوليد بن الوليد أخو خالد، ظل الوليد يبحث عن أخيه خالد، فلما لم يجده ترك له رسالة، قال فيها: بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام، وعقلك عقلك! ومثلُ الإسلام جهله أحد؟! وقد سألني رسول الله ( عنك فقال: "أين خالد؟" فقلت: يأتي الله به. فقال: "مثله جهل الإسلام! ولو كان جعل نكايته وجدَّه مع المسلمين على المشركين، لكان خيرًا له، ولقدَّمناه على غيره". فاستدرك يا أخي ما فاتك من مواطن صالحة. قرأ خالد هذه الكلمات الصادقة، فانشرح صدره للإسلام وتوجه إلى رسول الله (. وفي الطريق، التقى بعمرو بن العاص، وعثمان بن طلحة فتوجهوا معًا إلى المدينة وقد جمع الإسلام بين قلوبهم، فلما رآهم الرسول ( أشرق وجهه بابتسامة عذبة، وبايعهم على الإسلام. |
غزوة مؤتة في العام الثامن الهجري، أرسل رسول الله ( الحارث بن عمير الأزدي -رضي الله عنه- إلى أمير بُصرى؛ ليدعوه وقومه إلى الإسلام، فطغى أمير بصرى وأتباعه، وقتلوا هذا الصحابي الجليل، فغضب رسول الله ( والمسلمون من هذا الغدر وهذه الخيانة، وجهز جيشًا من ثلاثة آلاف جندي؛ لتأديب هؤلاء القوم، وجعل رسول الله ( زيد بن حارثة قائدًا على الجيش، فإن قتل فجعفر بن أبي طالب، فإن قتل فعبد الله بن رواحة. [البخاري] وانطلق الجيش حتى بلغ الشام، وفوجئ المسلمون بأن جيش الروم يبلغ مائتي ألف مقاتل، فكيف يواجهونه بثلاثة آلاف مقاتل لا غير؟ وقف عبد الله بن رواحة الأسد، يشجع الناس ويقول لهم: يا قوم والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون.. الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، وما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به. فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين: إما ظهور (نصر) وإما شهادة. فقال الناس: قد والله صدق ابن رواحة. فمضى الناس، وقد امتلأت قلوبهم ثقة بالله -سبحانه-. ورغم هذا الفارق الكبير في العدد، حيث إنَّ كل مسلم منهم يواجه وحده حوالي سبعين مشركاً، فقد دخلوا في معركة حامية وهم مشتاقون إلى الشهادة، والموت في سبيل الله. والتقى الجيشان، وقاد زيد بن حارثة جيش المسلمين، وهو يحمل راية رسول الله ( حتى استشهد -رضي الله عنه-، فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب، واشتدت المعركة، فنزل جعفر عن فرسه وعقرها (قطع أرجلها) حتى لا يأخذها أحد الكفار فيحارب عليها المسلمين، وحمل جعفر الراية بيمينه فقطعت، فأخذها بشماله فقطعت، فاحتضنها بعضديه حتى استشهد -رضي الله عنه-، فحمل الراية عبد الله بن رواحة، ووجد في نفسه بعض التردد، فحث نفسه على الجهاد بقوله: أقسمت يا نفسُ لتنزلنه لتنزلن أو لتكرهنه إن أجلب الناس وشدوا الرنة مالي أراك تكريهن الجنة وقاتل حتى استشهد في سبيل الله. عندئذ كان لابد من أن يبحث المسلمون عن قائد يدير المعركة بعد استشهاد القادة الثلاثة، فاتفق الناس على خالد بن الوليد. فقاد خالد -رضي الله عنه- أولى تجاربه العسكرية التي يخوضها بعد إسلامه. فوجد الفرق كبيرًا بين عدد المشركين وعدد المسلمين، ولابد أمامه من الحيلة حتى لا يفنى المسلمون جميعهم، ويحافظ على جيشه سليمًا، فكان يقاتل الأعداء كأسد جسور، وكلَّما انكسر في يده سيف أخذ سيفًا آخر، حتى انكسرت في يده تسعة أسياف. وعندما جاء الليل وتوقف القتال، أخذ خالد يعيد ترتيب جيش، فجعل الميمنة ميسرة، والميسرة ميمنة، والمقدمة مؤخرة. وفي الصباح نظر الروم إلى المسلمين، فوجدوا الوجوه غير وجوه الأمس، فظنوا أن المسلمين قد جاءهم مدد، فخافوا وارتعدوا، وفرُّوا خائفين رغم كثرتهم، فلم يتبعهم المسلمون، لكنهم عادوا إلى المدينة. فقابلهم الصبية وهم يرمون التراب في وجوههم؛ لأنهم تركوا الميدان ورجعوا، وكان يعيرونهم قائلين: يا فُرَّار، أفررتم في سبيل الله؟ ولكن رسول الله ( كان يعلم المأزق الذي كان فيه جيشه فقال لهم: "ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله" [ابن سعد]. وأطلق على خالد بن الوليد في هذه المعركة سيف الله المسلول، تقديرًا لذكائه وحسن تصرفه الذي أنقذ به المسلمين من الهلاك المحقق. سرية ذات السلاسل: رأينا شجاعة خالد بن الوليد وعبقريته في غزوة مؤتة، وها هو ذا عمرو بن العاص يخرج على رأس جيش من المسلمين في جمادى الآخرة من العام الثامن الهجري؛ لتأديب القبائل الموالية للروم قرب بلاد الشام، وهناك بجوار ماء يسمى (السلاسل) أقام المسلمون ينتظرون المدد من رسول الله (، وإذا بجيش كبير يقبل عليهم فيه أبو بكر وعمر ويقوده أبو عبيدة بن الجراح الذي أوصاه رسول الله ( بعدم الخلاف مع عمرو بن العاص. ولما جاء وقت الصلاة أراد أبو عبيدة أن يؤم الناس فمنعه عمرو، وقال: إنما قدمت على مددًا وأنا الأمير. فأطاع له أبو عبيدة حتى لا يكون سببًا في الفرقة بين المسلمين. وانطلق المسلمون خلف قائدهم تحت راية الإسلام، يطاردون القبائل التي تشكل تهديدًا للمسلمين، ففروا منهزمين أمامهم. وقد أظهرت هذه المعارك كفاءة عمرو الحربية، وأدخلت الرعب في نفوس الأعداء. |
فتح مكة بعد أن تم عقد صلح الحديبية بين المسلمين والمشركين من قريش، دخلت قبيلة خزاعة في حلف المسلمين، ودخل بنو بكر في حلف قريش، وحدث أن اعتدى بنو بكر على خزاعة، وإذا بقريش تساعدهم، وترسل لهم السلاح، وبذلك خانت قريش عهدها مع رسول الله (. وأقبل عمرو بن سالم الخزاعي يشكو لرسول الله ( الغدر والخيانة، فوعده الرسول ( بالانتصار لهم. وفي مكة ندم الكفار على خيانتهم للعهد، وشعروا بفداحة جُرمهم، وأدركوا أنهم أصبحوا مهددين، فذهب أبو سفيان إلى المدينة ليقابل رسول الله ( ويعتذر ويؤكد المعاهدة بين قريش والمسلمين. أخذ أبو سفيان يبحث عمن يتوسل به إلى رسول الله (، فذهب إلى ابنته أم حبيبة، زوجة رسول الله (، لتشفع له عند رسول الله (، فلما همَّ بالجلوس، رفعت السيدة أم حبيبة الفراش من أمامه حتى لا يجلس عليه، وقالت له: أنت رجل مشرك نجس، ولا أحب أن تجلس على فراش رسول الله (. [ابن إسحاق] ثم خرج أبو سفيان فكلَّم رسول الله ( فلم يرد عليه، وذهب إلى أبي بكر ليكلم له رسول الله ( فرفض أبو بكر، فذهب أبو سفيان إلى عمر بن الخطاب فرد عليه عمر ردًّا غليظًا، فلجأ إلى عليّ بن أبي طالب، فنصحه عليٌّ بأن يعود إلى مكة من حيث جاء، فرجع أبو سفيان إلى مكة خائبًا، وظل المشركون ينتظرون قدوم المسلمين إليهم في رعب وخوف وقلق. وبدأ النبي ( يستعد للسير إلى مكة، ولم يُعلم الناس بمقصده، وقال: "اللهمَّ خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلدها" [ابن إسحاق]. وكان حاطب بن أبي بلتعة قد كتب إلى قريش يخبرهم بقدوم النبي (، وأعطى الكتاب لامرأة لكي تبلغه إلى قريش، فجاء النبي ( خبر من السماء يعلمه بما فعل حاطب. فأرسل الرسول ( علي بن أبي طالب والزبير بن العوام في طلب المرأة، فلحقا بها، وقالا لها: أخرجي الكتاب. فقالت ما معي كتاب. فقالا لها: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب. فأخرجته من شعرها، فأتيا به رسول الله (، فقال: "يا حاطب، ما حملك على هذا؟" فقال: يا رسول الله، أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله ما غيرتُ ولا بدلتُ، ولكني كنتُ امرءًا ليس لي في القوم من أهل ولا عشيرة، وكان ليبين أظهرهم ولد وأهل، فصانعتهم عليهم (ليكون لي جميل عندهم). وأراد عمر بن الخطاب أن يقتل حاطبًا، فقال له رسول الله (: "وما يدريك يا عمر، لعل الله قد اطلع على أصحاب بدر يوم بدر، فقال اعلموا ما شئتم، فقد غفرتُ لكم" [متفق عليه]. وزلت الآيات الأولى من سورة الممتحنة في ذلك، فقال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل) [الممتحنة]. وفي العاشر من رمضان في السنة الثامنة للهجرة، خرج الرسول ( ومعه المسلمون يملئون الصحراء، في عشرة آلاف مقاتل متجهين إلى مكة. ومن مكة، خرج أبو سفيان ومعه بديل بن ورقاء وحكيم بن حزام؛ ليتجسسوا على المسلمين، ولم يكونوا على علم بقدوم الرسول ( إليهم. وفي جوف الليل، رأوا النيران المشتعلة تملأ الصحراء.. يا للعجب! ما كل هذه النيران؟ فقال أحدهم: هذه خزاعة. فقال أبو سفيان: خزاعة أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها. وسمع العباس عم النبي ( -وكان قد أسلم- صوت أبي سفيان في جوف الليل، فناداه وأخبره أنها نيران المسلمين، ووقف أبو سفيان مندهشًا ينظر إلى جنود المسلمين ويسأل نفسه: ما كل هذه الجنود؟ وكيف تجمعوا حول محمد؟ كيف صار بهذه القوة بعد أن خرج من مكة ضعيفًا لا حول له ولا قوة؟! وفي انبهار أخذ العباس وأبو سفيان يشاهدان قوة جيش المسلمين، فقال أبو سفيان للعباس: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة. وتوجه أبو سفيان مع العباس إلى رسول الله (، فلما رآه الرسول ( قال: "ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله؟". قال: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! والله لقد ظننتُ أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئًا بعد. فقال رسول الله (: "ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟" قال: بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، أما هذه والله فإن في النفس منها حتى الآن شيئًا. فقال العباس: ويحك، أسلم وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله قبل أن تضرب عنقك. فشهد أبو سفيان شهادة الحق وأسلم. [ابن إسحاق]. وعندما دخل الرسول ( والمسلمون مكة أراد أن يكرم أبا سفيان، فقد كان رجلاً يحب الفخر، فقال الرسول (: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن". وعفا الرسول ( عن أهل مكة الذي آذوه وطردوه هو أصحابه، وبإسلامه سوف يسلم كثير من أهل مكة دون قتال وإراقة دماء، فانطلق أبو سفيان إلى قومه ونادى فيهم بأعلى صوته: يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن. وأسرع الناس إلى بيوتهم يختبئون، وامتلأت شوارع مكة بالمسلمين دون قتال سوى اشتباك قليل بين خالد بن الوليد وبعض الكفار في جنوب مكة. وفي لحظة واحدة تغيَّر الحال، فدخل الرسول ( الكعبة، وظهرها من الأصنام بعد أن كانت من قبل مليئة بها، وهدَّم الرسول والمسلمون ثلاثمائة وستين صنمًا كانت حولها، والرسول ( يقرأ قوله تعالى: (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا) [الإسراء: 81]، (وقل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد) [سبأ: 49]. وانطلق صوت بلال بن رباح يدوي في الآفاق ويؤذن للصلاة فوق البيت العتيق، فاطمأن الناس على أنفسهم وبدأوا يخرجون من بيوتهم، ويقبلون على رسول الله (، فوقف على باب الكعبة، وقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده". ثم قال: "يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟" قالوا: خيرًا أخ كريم وابن أخ كريم. فنظر إليهم الرسول ( نظرة كلها عفو ورحمة، وقال: "لا أقول لكم إلا كما قال يوسف لإخوته: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين). اذهبوا فأنتم الطلقاء". [ابن إسحاق وابن سعد] وأقام الرسول ( في مكة تسعة عشر يومًا يعلِّم الناس أركان الإسلام، ويرسل القادة والفرسان لهدم أصنام القبائل المجاورة. |
|
ذكر جمل من فضائل القرآن والتركيب فيه وفضل طالبه وقارئه ومستمعه والعامل به أن هذا الباب واسع كبير ، ألف فيه العلماء كتبا كثيرة ، نذكر من ذلك نكتا تدل على فضله ، وما أعد الله لأهله ، إذا أخلصوا الطلب لوجهه ، وعملوا به . فأول ذلك أن يستشعر المؤمن من فضل القرآن أنه كلام رب العالمين ، غير مخلوق ، كلام من ليس كمثله شيء ، وصفة من ليس له شبيه ولا ند ، فهو من نور ذاته جل وعز ، وأن القراءة أصوات القراء ونغماتهم ، وهي أكسابهم التي يؤمرون بها في حال إيجابا في بعض العبادات ، وندبا في كثير من الأوقات ; ويزجرون عنها إذا أجنبوا ، ويثابون عليها ويعاقبون على تركها . وهذا مما أجمع عليه المسلمون أهل الحق ، ونطقت به الآثار ، ودل عليها المستفيض من الأخبار ; ولا يتعلق الثواب والعقاب إلا بما هو من أكساب العباد ، على ما يأتي بيانه . ولولا أنه - سبحانه - جعل في قلوب عباده من القوة على حمله ما جعله ، ليتدبروه وليعتبروا به ، وليتذكروا ما فيه من طاعته وعبادته ، وأداء حقوقه وفرائضه ، لضعفت ولاندكت بثقله ، أو لتضعضعت له وأنى تطيقه ; وهو يقول - تعالى جده - وقوله الحق : لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله [ الحشر : 21 ] . فأين قوة القلوب من قوة الجبال ! ولكن الله تعالى رزق عباده من القوة على حمله ما شاء أن يرزقهم ; فضلا منه ورحمة . وأما ما جاء من الآثار في هذا الباب : فأول ذلك : ما خرجه الترمذي عن أبي سعيد قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يقول الرب تبارك وتعالى من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين - قال : - وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه . قال : هذا حديث حسن غريب . وروى أبو محمد الدارمي السمرقندي في مسنده عن عبد الله قال : السبع الطول مثل التوراة ، والمئون مثل الإنجيل ، والمثاني مثل الزبور ، وسائر القرآن بعد فضل . وأسند عن الحارث عن علي رضي الله عنه وخرجه الترمذي قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ستكون فتن كقطع الليل المظلم قلت : يا رسول الله وما المخرج منها ؟ قال : كتاب الله تبارك وتعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله هو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا ، من علم علمه سبق ومن قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم خذها إليك يا أعور . " الحارث " رماه الشعبي بالكذب وليس بشيء ولم يبن من الحارث كذب ، وإنما نقم عليه إفراطه في حب علي وتفضيله له على غيره . ومن هاهنا - والله أعلم - كذبه الشعبي ; لأن الشعبي يذهب إلى تفضيل أبي بكر ، وإلى أنه أول من أسلم . قال أبو عمر بن عبد البر : وأظن الشعبي عوقب لقوله في الحارث الهمداني : حدثني الحارث وكان أحد الكذابين . وأسند أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار بن محمد الأنباري النحوي اللغوي في كتاب " الرد على من خالف مصحف عثمان " عن عبد الله بن مسعود قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا من مأدبته ما استطعتم إن هذا القرآن حبل الله وهو النور المبين والشفاء النافع عصمة من تمسك به ونجاة من اتبعه لا يعوج فيقوم ولا يزيغ فيستعتب ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق عن كثرة الرد فاتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولا ألفين أحدكم واضعا إحدى رجليه يدع أن يقرأ سورة البقرة فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة وإن أصفر البيوت من الخير البيت الصفر من كتاب الله . وقال أبو عبيد في غريبه عن عبد الله قال : إن هذا القرآن مأدبة الله فمن دخل فيه فهو آمن . قال : وتأويل الحديث أنه مثل ، شبه القرآن بصنيع صنعه الله عز وجل للناس . لهم فيه خير ومنافع ، ثم دعاهم إليه . يقال : مأدبة ومأدبة ; فمن قال : مأدبة ; أراد الصنيع يصنعه الإنسان فيدعو إليه الناس . ومن قال : مأدبة ; فإنه يذهب به إلى الأدب ، يجعله مفعلة من الأدب ، ويحتج بحديثه الآخر : إن هذا القرآن مأدبة الله عز وجل فتعلموا من مأدبته . وكان الأحمر يجعلهما لغتين بمعنى واحد ، ولم أسمع أحدا يقول هذا غيره . قال : والتفسير الأول أعجب إلي . وروى البخاري عن عثمان بن عفان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : خيركم من تعلم القرآن وعلمه . وروى مسلم عن أبي موسى قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة لا ريح لها وطعمها مر . وفي رواية : " مثل الفاجر " بدل المنافق . وقال البخاري : مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة . . وذكر الحديث . وذكر أبو بكر الأنباري : وقد أخبرنا أحمد بن يحيى الحلواني حدثنا يحيى بن عبد الحميد حدثنا هشيم ، ح . وأنبأنا إدريس حدثنا خلف حدثنا هشيم عن العوام بن حوشب : أن أبا عبد الرحمن السلمي كان إذا ختم عليه الخاتم القرآن أجلسه بين يديه ووضع يده على رأسه وقال له : يا هذا ، اتق الله ! فما أعرف أحدا خيرا منك إن عملت بالذي علمت . وروى الدارمي عن وهب الذماري قال : من آتاه الله القرآن فقام به آناء الليل وآناء النهار ، وعمل بما فيه ومات على الطاعة ، بعثه الله يوم القيامة مع السفرة ، والأحكام . قال سعيد : السفرة الملائكة ، والأحكام الأنبياء . وروى مسلم عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران التتعتع : التردد في الكلام عيا وصعوبة ; وإنما كان له أجران من حيث التلاوة ومن حيث المشقة ; ودرجات الماهر فوق ذلك كله ، لأنه قد كان القرآن متعتعا عليه ، ثم ترقى عن ذلك إلى أن شبه بالملائكة . والله أعلم . وروى الترمذي عن عبد الله بن مسعود قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف . قال : حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه ، وقد روي موقوفا . وروى مسلم عن عقبة بن عامر قال : خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في الصفة ; فقال : أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطع رحم فقلنا : يا رسول الله ، كلنا نحب ذلك ; قال : أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل . وعن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه . وروى أبو داود والنسائي والدارمي والترمذي عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة قال الترمذي : حديث حسن غريب . وروى الترمذي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يجيء صاحب القرآن يوم القيامة فيقول رب حلة فيلبس تاج الكرامة ثم يقول يا رب زده فيلبس حلة الكرامة ثم يقول : يا رب ارض عنه فيرضى عنه ، فيقال له : اقرأ وارق ويزاد بكل آية حسنة . قال : حديث صحيح . وروى أبو داود عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها ، وأخرجه ابن ماجه في سننه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة اقرأ واصعد فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه . وأسند أبو بكر الأنباري عن أبي أمامة الحمصي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أعطي ثلث القرآن فقد أعطي ثلث النبوة ومن أعطي ثلثي القرآن فقد أعطي ثلثي النبوة ومن قرأ القرآن كله فقد أعطي النبوة كلها غير أنه لا يوحى إليه ويقال له يوم القيامة اقرأ وارق فيقرأ آية ويصعد درجة حتى ينجز ما معه من القرآن ثم يقال له اقبض فيقبض ثم يقال له أتدري ما في يديك فإذا في يده اليمنى الخلد وفي اليسرى النعيم . حدثنا إدريس بن خلف حدثنا إسماعيل بن عياش عن تمام عن الحسن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أخذ ثلث القرآن وعمل به فقد أخذ أمر ثلث النبوة ومن أخذ نصف القرآن وعمل به فقد أخذ أمر نصف النبوة ومن أخذ القرآن كله فقد أخذ النبوة كلها . قال : وحدثنا محمد بن يحيى المروزي أنبأنا محمد وهو ابن سعدان حدثنا الحسين بن محمد عن حفص عن كثير بن زاذان عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قرأ القرآن وتلاه وحفظه أدخله الله الجنة وشفعه في عشرة من أهل بيته كل قد وجبت له النار . وقالت أم الدرداء : دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت لها : ما فضل من قرأ القرآن على من لم يقرأه ممن دخل الجنة ; فقالت عائشة رضي الله عنها : إن عدد آي القرآن على عدد درج الجنة ، فليس أحد دخل الجنة أفضل ممن قرأ القرآن . ذكره أبو محمد مكي . وقال ابن عباس : من قرأ القرآن واتبع ما فيه هداه الله من الضلالة ، ووقاه يوم القيامة سوء الحساب ; وذلك بأن الله تبارك وتعالى يقول : فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى [ طه : 123 ] . قال ابن عباس : فضمن الله لمن اتبع القرآن ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة . ذكره مكي أيضا . وقال الليث : يقال ما الرحمة إلى أحد بأسرع منها إلى مستمع القرآن ، لقول الله جل ذكره : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون [ الأعراف : 204 ] . و " لعل " من الله واجبة . وفي مسند أبي داود الطيالسي - وهو أول مسند ألف في الإسلام - عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين . والآثار في معنى هذا الباب كثيرة ، وفيما ذكرنا كفاية ، والله الموفق للهداية . |
في أقسام المعجزة إذا ثبت هذا فاعلم أن المعجزات على ضربين : الأول : ما اشتهر نقله وانقرض عصره بموت النبي - صلى الله عليه وسلم - . والثاني : ما تواترت الأخبار بصحته وحصوله ، واستفاضت بثبوته ووجوده ، ووقع لسامعها العلم بذلك ضرورة ; ومن شرطه أن يكون الناقلون له خلقا كثيرا وجما غفيرا ، وأن يكونوا عالمين بما نقلوه علما ضروريا ، وأن يستوي في النقل أولهم وآخرهم ووسطهم في كثرة العدد ، حتى يستحيل عليهم التواطؤ على الكذب ; وهذه صفة نقل القرآن ، ونقل وجود النبي عليه الصلاة والسلام ، لأن الأمة رضي الله عنها لم تزل تنقل القرآن خلفا عن سلف والسلف عن سلفه إلى أن يتصل ذلك بالنبي عليه السلام المعلوم وجوده بالضرورة ، وصدقه بالأدلة المعجزات ; والرسول أخذه عن جبريل عليه السلام عن ربه عز وجل ، فنقل القرآن في الأصل رسولان معصومان من الزيادة والنقصان ، ونقله إلينا بعدهم أهل التواتر الذين لا يجوز عليهم الكذب فيما ينقلونه ويسمعونه ، لكثرة العدد ، ولذلك وقع لنا العلم الضروري بصدقهم فيما نقلوه من وجود محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ومن ظهور القرآن على يديه وتحديه به . ونظير ذلك من علم الدنيا علم الإنسان بما نقل إليه من وجود البلدان ، كالبصرة والشام والعراق وخراسان والمدينة ومكة ، وأشباه ذلك من الأخبار الكثيرة الظاهرة المتواترة ; فالقرآن معجزة نبينا - صلى الله عليه وسلم - الباقية بعده إلى يوم القيامة ، ومعجزة كل نبي انقرضت بانقراضه ، أو دخلها التبديل والتغيير ، كالتوراة والإنجيل . ووجوه إعجاز القرآن الكريم عشرة : منها : النظم البديع المخالف لكل نظم معهود في لسان العرب وفي غيرها ; لأن نظمه ليس من نظم الشعر في شيء وكذلك قال رب العزة الذي تولى نظمه : وما علمناه الشعر وما ينبغي له [ يس : 69 ] وفي صحيح مسلم أن أنيسا أخا أبي ذر قال لأبي ذر : لقيت رجلا بمكة على دينك يزعم أن الله أرسله ; قلت : فما يقول الناس ؟ قال يقولون : شاعر ، كاهن ، ساحر ; وكان أنيس أحد الشعراء قال أنيس : لقد سمعت قول الكهنة ، فما هو بقولهم ، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر فلم يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر ، والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون . وكذلك أقر عتبة بن ربيعة أنه ليس بسحر ولا شعر لما قرأ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حم " فصلت ، على ما يأتي بيانه هنالك ; فإذا اعترف عتبة على موضعه من اللسان وموضعه من الفصاحة والبلاغة ، بأنه ما سمع مثل القرآن قط كان في هذا القول مقرا بإعجاز القرآن له ولضربائه من المتحققين بالفصاحة والقدرة على التكلم بجميع أجناس القول وأنواعه . ومنها : الأسلوب المخالف لجميع أساليب العرب . ومنها : الجزالة التي لا تصح من مخلوق بحال وتأمل ذلك في سورة ق والقرآن المجيد [ ق : 1 ] إلى آخرها ، وقوله سبحانه : والأرض جميعا قبضته يوم القيامة [ الزمر : 67 ] إلى آخر السورة ، وكذلك قوله سبحانه : ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون [ إبراهيم : 42 ] إلى آخر السورة . قال ابن الحصار : فمن علم أن الله سبحانه وتعالى هو الحق ، علم أن مثل هذه الجزالة لا تصح في خطاب غيره ; ولا يصح من أعظم ملوك الدنيا أن يقول : لمن الملك اليوم [ غافر : 16 ] ، ولا أن يقول : ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء [ الرعد : 42 ] . قال ابن الحصار : وهذه الثلاثة من النظم ، والأسلوب ، والجزالة ، لازمة كل سورة ، بل هي لازمة كل آية ; وبمجموع هذه الثلاثة يتميز مسموع كل آية وكل سورة عن سائر كلام البشر ; وبها وقع التحدي والتعجيز ، ومع هذا فكل سورة تنفرد بهذه الثلاثة ، من غير أن ينضاف إليها أمر آخر من الوجوه العشرة ; فهذه سورة " الكوثر " ثلاث آيات قصار ، وهي أقصر سورة في القرآن ، وقد تضمنت الإخبار عن مغيبين : أحدهما : الإخبار عن الكوثر وعظمه وسعته وكثرة أوانيه ، وذلك يدل على أن المصدقين به أكثر من أتباع سائر الرسل . والثاني : الإخبار عن الوليد بن المغيرة ، وقد كان عند نزول الآية ذا مال وولد ، على ما يقتضيه قوله الحق : ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا [ المدثر : 11 - 14 ] ثم أهلك الله - سبحانه - ماله وولده ; وانقطع نسله . ومنها : التصرف في لسان العرب على وجه لا يستقل به عربي ; حتى يقع منهم الاتفاق من جميعهم على إصابته في وضع كل كلمة وحرف موضعه . ومنها : الإخبار عن الأمور التي تقدمت في أول الدنيا إلى وقت نزوله من أمي ما كان يتلو من قبله من كتاب ، ولا يخطه بيمينه ; فأخبر بما كان من قصص الأنبياء مع أممها ، والقرون الخالية في دهرها وذكر ما سأله أهل الكتاب عنه ، وتحدوه به من قصة أهل الكهف ، وشأن موسى والخضر عليهما السلام ، وحال ذي القرنين ; فجاءهم وهو أمي من أمة أمية ، ليس لها بذلك علم بما عرفوا من الكتب السالفة صحته ; فتحققوا صدقه . قال القاضي ابن الطيب : - ونحن نعلم ضرورة أن هذا مما لا سبيل إليه إلا عن تعلم ; وإذ كان معروفا أنه لم يكن ملابسا لأهل الآثار ، وحملة الأخبار ، ولا مترددا إلى المتعلم منهم ، ولا كان ممن يقرأ فيجوز أن يقع إليه كتاب فيأخذ منه ; علما أنه لا يصل إلى علم ذلك إلا بتأييد من جهة الوحي . ومنها : الوفاء بالوعد ، المدرك بالحس في العيان ، في كل ما وعد الله سبحانه ; وينقسم : إلى أخباره المطلقة ، كوعده بنصر رسوله عليه السلام ، وإخراج الذين أخرجوه من وطنه . وإلى وعد مقيد بشرط ، كقوله : ومن يتوكل على الله فهو حسبه [ الطلاق : 3 ] ومن يؤمن بالله يهد قلبه [ التغابن : 11 ] ومن يتق الله يجعل له مخرجا [ الطلاق : 3 ] و إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين [ الأنفال : 65 ] وشبه ذلك . ومنها : الإخبار عن المغيبات في المستقبل التي لا يطلع عليها إلا بالوحي ; فمن ذلك : ما وعد الله نبيه عليه السلام أنه سيظهر دينه على الأديان بقوله تعالى : هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق [ التوبة : 33 ] الآية . ففعل ذلك . وكان أبو بكر رضي الله عنه إذا أغزى جيوشه عرفهم ما وعدهم الله في إظهار دينه ، ليثقوا بالنصر ، وليستيقنوا بالنجح ، وكان عمر يفعل ذلك ; فلم يزل الفتح يتوالى شرقا وغربا ، برا وبحرا ، قال الله تعالى : وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم [ النور : 55 ] وقال : لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين [ الفتح : 27 ] . وقال : وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم [ الأنفال : 7 ] وقال : الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون [ الروم : 1 - 3 ] . فهذه كلها أخبار عن الغيوب التي لا يقف عليها إلا رب العالمين ، أو من أوقفه عليها رب العالمين ، فدل على أن الله تعالى قد أوقف عليها رسوله لتكون دلالة على صدقه . ومنها : ما تضمنه القرآن من العلم الذي هو قوام جميع الأنام ، في الحلال والحرام ، وفي سائر الأحكام . ومنها : الحكم البالغة التي لم تجر العادة بأن تصدر في كثرتها وشرفها من آدمي . ومنها : التناسب في جميع ما تضمنه ظاهرا وباطنا من غير اختلاف قال الله تعالى : ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا [ النساء : 82 ] . قلت : فهذه عشرة أوجه ذكره علماؤنا رحمة الله عليهم ، ووجه حادي عشر قاله النظام وبعض القدرية : أن وجه الإعجاز هو المنع من معارضته ، والصرفة عند التحدي بمثله . وأن المنع والصرفة هو المعجزة دون ذات القرآن ، وذلك أن الله تعالى صرف هممهم عن معارضته مع تحديهم بأن يأتوا بسورة من مثله . وهذا فاسد ، لأن إجماع الأمة قبل حدوث المخالف أن القرآن هو المعجز ; فلو قلنا إن المنع والصرفة هو المعجز لخرج القرآن عن أن يكون معجزا ، وذلك خلاف الإجماع ، وإذا كان كذلك علم أن نفس القرآن هو المعجز ، لأن فصاحته وبلاغته أمر خارق للعادة ، إذ لم يوجد قط كلام على هذا الوجه ، فلما لم يكن ذلك الكلام مألوفا معتادا منهم ، دل على أن المنع والصرفة لم يكن معجزا . واختلف من قال بهذه الصرفة على قولين : أحدهما : أنهم صرفوا عن القدرة عليه ; ولو تعرضوا له لعجزوا عنه . الثاني : أنهم صرفوا عن التعرض له مع كونه في مقدورهم ; ولو تعرضوا له لجاز أن يقدروا عليه . قال ابن عطية : ( وجه التحدي في القرآن إنما هو بنظمه وصحة معانيه ، وتوالي فصاحة ألفاظه . ووجه إعجازه : أن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علما ، وأحاط بالكلام كله علما ، فعلم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلي الأولى ، وتبين المعنى بعد المعنى ، ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره ، والبشر معهم الجهل والنسيان والذهول ، ومعلوم ضرورة أن بشرا لم يكن محيطا قط ; فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة . وبهذا النظر يبطل قول من قال : إن العرب كان في قدرتها أن تأتي بمثل القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة ، فلما جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - صرفوا عن ذلك ، وعجزوا عنه . والصحيح أن الإتيان بمثل القرآن لم يكن قط في قدرة أحد من المخلوقين ، ويظهر لك قصور البشر في أن الفصيح منهم يضع خطبة أو قصيدة يستفرغ فيها جهده ، ثم لا يزال ينقحها حولا كاملا ، ثم تعطى لآخر بعده فيأخذها بقريحة جامة فيبدل فيها وينقح ، ثم لا تزال بعد ذلك فيها مواضع للنظر والبدل ، وكتاب الله تعالى لو نزعت منه لفظة ، ثم أدير لسان العرب أن يوجد أحسن منها لم يوجد . ومن فصاحة القرآن أن الله تعالى جل ذكره ، ذكر في آية واحدة أمرين ، ونهيين ، وخبرين ، وبشارتين وهو قوله تعالى وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه [ القصص : 7 ] الآية . وكذلك فاتحة سورة المائدة : أمر بالوفاء ونهي عن النكث ، وحلل تحليلا عاما ، ثم استثنى استثناء بعد استثناء ، ثم أخبر عن حكمته وقدرته ، وذلك مما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه ، وأنبأ سبحانه عن الموت ، وحسرة الفوت ، والدار الآخرة وثوابها وعقابها ، وفوز الفائزين ، وتردي المجرمين ، والتحذير من الاغترار بالدنيا ، ووصفها بالقلة بالإضافة إلى دار البقاء بقوله تعالى : كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة [ آل عمران : 185 ] الآية . وأنبأ أيضا عن قصص الأولين والآخرين ومآل المترفين ، وعواقب المهلكين ، في شطر آية وذلك في قوله تعالى : فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا . وأنبأ جل وعز عن أمر السفينة وإجرائها وإهلاك الكفرة ، واستقرار السفينة واستوائها ، وتوجيه أوامر التسخير إلى الأرض والسماء بقوله عز وجل : وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها [ هود : 41 ] إلى قوله : وقيل بعدا للقوم الظالمين [ هود : 44 ] إلى غير ذلك . فلما عجزت قريش عن الإتيان بمثله وقالت : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - تقوله أنزل الله تعالى : أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين [ الطور : 33 - 34 ] . ثم أنزل تعجيزا ; أبلغ من ذلك فقال : أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات [ هود : 13 ] . فلما عجزوا حطهم عن هذا المقدار ، إلى مثل سورة من السور القصار ; فقال جل ذكره : وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله [ البقرة : 23 ] . فأفحموا عن الجواب ، وتقطعت بهم الأسباب ، وعدلوا إلى الحروب والعناد ، وآثروا سبي الحريم والأولاد ، ولو قدروا على المعارضة لكان أهون كثيرا ، وأبلغ في الحجة وأشد تأثيرا . هذا مع كونهم أرباب البلاغة واللحن . وعنهم تؤخذ الفصاحة واللسن . فبلاغة القرآن في أعلى طبقات الإحسان ، وأرفع درجات الإيجاز والبيان ; بل تجاوزت حد الإحسان والإجادة إلى حيز الإرباء والزيادة . هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع ما أوتي من جوامع الكلم ، واختص به من غرائب الحكم ; إذا تأملت قوله - صلى الله عليه وسلم - في صفة الجنان ، وإن كان في نهاية الإحسان ، وجدته منحطا عن رتبة القرآن ; وذلك في قوله عليه السلام : فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فأين ذلك من قوله عز وجل : وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين [ الزخرف : 71 ] . وقوله : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين [ السجدة : 17 ] . هذا أعدل وزنا ، وأحسن تركيبا ، وأعذب لفظا ، وأقل حروفا ; على أنه لا يعتبر إلا في مقدار سورة أو أطول آية ، لأن الكلام كلما طال اتسع فيه مجال المتصرف ، وضاق المقال على القاصر المتكلف ; وبهذا قامت الحجة على العرب ، إذ كانوا أرباب الفصاحة ، ومظنة المعارضة ; كما قامت الحجة في معجزة عيسى عليه السلام على الأطباء ، ومعجزة موسى عليه السلام على السحرة ; فإن الله سبحانه إنما جعل معجزات الأنبياء عليهم السلام بالوجه الشهير أبرع ما يكون في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أراد إظهاره ; فكان السحر في زمان موسى عليه السلام قد انتهى إلى غايته ; وكذلك الطب في زمن عيسى عليه السلام ، والفصاحة في زمن - محمد - صلى الله عليه وسلم - . |
باب تبيين الكتاب بالسنة وما جاء في ذلك قال الله تعالى : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم [ النحل : 44 ] . وقال تعالى : [ ص: 49 ] فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم [ النور : 63 ] . وقال تعالى : وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم [ الشورى : 52 ] . وفرض طاعته في غير آية من كتابه وقرنها بطاعته عز وجل ، وقال تعالى : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا [ الحشر : 7 ] . ذكر ابن عبد البر في كتاب العلم له عن عبد الرحمن بن يزيد : أنه رأى محرما عليه ثيابه فنهى المحرم ; فقال إيتني بآية من كتاب الله تنزع ثيابي ; قال : فقرأ عليه وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا . وعن هشام بن جحير قال : كان طاوس يصلي ركعتين بعد العصر ، فقال ابن عباس : اتركهما ; فقال : إنما نهى عنهما أن تتخذا سنة ; فقال ابن عباس : قد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة بعد العصر ، فلا أدري أتعذب عليهما أم تؤجر ؟ لأن الله تعالى قال : وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم [ الأحزاب : 36 ] . وروى أبو داود عن المقدام بن معديكرب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ألا وإني قد أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السباع ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه . قال الخطابي : قوله : أوتيت الكتاب ومثله معه يحتمل وجهين من التأويل : أحدهما : أن معناه أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو ، مثل ما أعطي من الظاهر المتلو . والثاني : أنه أوتي الكتاب وحيا يتلى ، وأوتي من البيان مثله ، أي أذن له أن يبين ما في الكتاب فيعم ويخص ويزيد عليه ويشرح ما في الكتاب ; فيكون في وجوب العمل به ولزوم قبوله كالظاهر المتلو من القرآن . وقوله : " يوشك رجل شبعان " الحديث . يحذر بهذا القول من مخالفة السنن التي سنها مما ليس له في القرآن ذكر على ما ذهبت إليه الخوارج والروافض ، فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي قد ضمنت بيان الكتاب ; قال : فتحيروا وضلوا ; قال : والأريكة : السرير ، ويقال : إنه لا يسمى أريكة حتى يكون في حجلة قال : وإنما أراد بالأريكة أصحاب الترفه والدعة الذين لزموا البيوت لم يطلبوا العلم من مظانه . وقوله : إلا أن يستغني عنها صاحبها معناه أن يتركها صاحبها لمن أخذها استغناء عنها ; كقوله : فكفروا وتولوا واستغنى الله معناه تركهم الله استغناء عنهم . وقوله : فله أن يعقبهم بمثل قراه هذا في حال المضطر الذي لا يجد طعاما ويخاف التلف على نفسه ، فله أن يأخذ من مالهم بقدر قراه عوض ما حرموا من قراه . و ( يعقبهم ) يروى مشددا ومخففا من المعاقبة ، ومنه قوله تعالى : وإن عاقبتم أي فكانت الغلبة لكم فغنمتم منهم ، وكذلك لهذا أن يغنم من أموالهم بقدر قراه . قال : وفي الحديث دلالة على أنه لا حاجة بالحديث [ ص: 50 ] إلى أن يعرض على الكتاب ، فإنه مهما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان حجة بنفسه ; قال : فأما ما رواه بعضهم أنه قال : ( إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله فإن وافقه فخذوه وإن لم يوافقه فردوه ) فإنه حديث باطل لا أصل له . ثم البيان منه - صلى الله عليه وسلم - على ضربين : بيان لمجمل في الكتاب ، كبيانه للصلوات الخمس في مواقيتها وسجودها وركوعها وسائر أحكامها ، وكبيانه لمقدار الزكاة ووقتها وما الذي تؤخذ منه من الأموال وبيانه لمناسك الحج ; قال - صلى الله عليه وسلم - إذ حج بالناس : خذوا عني مناسككم . وقال : صلوا كما رأيتموني أصلي . أخرجه البخاري . وروى ابن المبارك عن عمران بن حصين أنه قال لرجل : إنك رجل أحمق ، أتجد الظهر في كتاب الله أربعا لا يجهر فيها بالقراءة ! ثم عدد عليه الصلاة والزكاة ونحو هذا ، ثم قال : أتجد هذا في كتاب الله مفسرا ! إن كتاب الله تعالى أبهم هذا ، وإن السنة تفسر هذا . وروى الأوزاعي عن حسان بن عطية قال : كان الوحي ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويحضره جبريل بالسنة التي تفسر ذلك . وروى سعيد بن منصور : حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن مكحول قال : القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن . وبه عن الأوزاعي قال : قال يحيى بن أبى كثير : السنة قاضية على الكتاب ، وليس الكتاب بقاض على السنة . قال الفضل بن زياد : سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - وسئل عن هذا الحديث الذي روي أن السنة قاضية على الكتاب فقال : ما أجسر على هذا أن أقوله ، ولكني أقول : إن السنة تفسر الكتاب وتبينه . وبيان آخر وهو زيادة على حكم الكتاب كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها ، وتحريم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع ، والقضاء باليمين مع الشاهد وغير ذلك ، على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى . |
|
التنبيه على أحاديث وضعت في فضل سور القرآن وغيره لا التفات لما وضعه الواضعون ، واختلقه المختلقون ، من الأحاديث الكاذبة ، والأخبار الباطلة ، في فضل سور القرآن ، وغير ذلك من فضائل الأعمال ; قد ارتكبها جماعة كثيرة ، اختلفت أغراضهم ومقاصدهم في ارتكابها ; فمن قوم من الزنادقة مثل : المغيرة بن سعيد الكوفي ، ومحمد بن سعيد الشامي المصلوب في الزندقة ، وغيرهما ، وضعوا أحاديث وحدثوا بها ليوقعوا بذلك الشك في قلوب الناس ; فمما رواه محمد بن سعيد عن أنس بن مالك في قوله - صلى الله عليه وسلم - : أنا خاتم الأنبياء لا نبي بعدي إلا ما شاء الله ، فزاد هذا الاستثناء لما كان يدعو إليه من الإلحاد والزندقة . قلت : وقد ذكره ابن عبد البر في كتاب ( التمهيد ) ولم يتكلم عليه ; بل تأول الاستثناء على الرؤيا ; فالله أعلم . ومنهم قوم وضعوا الحديث لهوى يدعون الناس إليه ; قال شيخ من شيوخ الخوارج بعد أن تاب : إن هذه الأحاديث دين ، فانظروا ممن تأخذون دينكم ، فإنا كنا إذا هوينا أمرا صيرناه حديثا . ومنهم جماعة وضعوا الحديث حسبة كما زعموا ، يدعون الناس إلى فضائل الأعمال ، كما روي عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم المروزي ، ومحمد بن عكاشة الكرماني ، وأحمد بن عبد الله الجويباري ، وغيرهم . قيل لأبي عصمة : من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضل سور القرآن سورة سورة ؟ فقال : إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق ; فوضعت هذا الحديث حسبة . قال أبو عمرو عثمان بن الصلاح في كتاب ( علوم الحديث ) له : وهكذا الحديث الطويل الذي يروى عن أبي بن كعب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضل القرآن سورة سورة ; وقد بحث باحث عن مخرجه حتى انتهى إلى من اعترف بأنه وجماعة وضعوه ، وأن أثر الوضع عليه لبين . وقد أخطأ الواحدي المفسر ومن ذكره من المفسرين في إيداعه تفاسيرهم . ومنهم قوم من السؤال والمكدين يقفون في الأسواق والمساجد ، فيضعون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحاديث بأسانيد صحاح قد حفظوها ، فيذكرون الموضوعات بتلك الأسانيد ; قال جعفر بن محمد الطيالسي : صلى أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ، في مسجد الرصافة ، فقام بين أيديهما قاص فقال : حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا أنبأنا عبد الرزاق قال أنبأنا معمر عن قتادة عن أنس قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قال لا إله إلا الله يخلق من كل كلمة منها طائر منقاره من ذهب وريشه مرجان . وأخذ في قصة نحو من عشرين ورقة ; فجعل أحمد ينظر إلى يحيى ويحيى ينظر إلى أحمد ; فقال : أنت حدثته بهذا ؟ فقال : والله ما سمعت به إلا هذه الساعة ; قال : فسكتا جميعا حتى فرغ من قصصه ، فقال له يحيى : من حدثك بهذا الحديث ؟ فقال : أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ; فقال : أنا ابن معين ، وهذا أحمد بن حنبل ، ما سمعنا بهذا قط في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإن كان ولا بد من الكذب فعلى غيرنا ; فقال له : أنت يحيى بن معين ؟ قال : نعم ، قال : لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق ، وما علمته إلا هذه الساعة ; فقال له يحيى : وكيف علمت أني أحمق ؟ قال : كأنه ليس في الدنيا يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما ، كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل غير هذا . قال : فوضع أحمد كمه على وجهه وقال : دعه يقوم ; فقام كالمستهزئ بهما . فهؤلاء الطوائف كذبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ومن يجري مجراهم . يذكر أن الرشيد كان يعجبه الحمام واللهو به ; فأهدي إليه حمام وعنده أبو البختري القاضي فقال : روى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لا سبق إلا في خف أو حافر أو جناح فزاد : أو جناح ، وهي لفظة وضعها للرشيد ، فأعطاه جائزة سنية ; فلما خرج قال الرشيد : والله لقد علمت أنه كذاب ، وأمر بالحمام أن يذبح ; فقيل له : وما ذنب الحمام ؟ قال : من أجله كذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; فترك العلماء حديثه لذلك ، ولغيره من موضوعاته ، فلا يكتب العلماء حديثه بحال . قلت : فلو اقتصر الناس على ما ثبت في الصحاح والمسانيد وغيرهما من المصنفات التي تداولها العلماء ، ورواها الأئمة الفقهاء ، لكان لهم في ذلك غنية ، وخرجوا عن تحذيره - صلى الله عليه وسلم - حيث قال : اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار الحديث . فتخويفه - صلى الله عليه وسلم - أمته بالنار على الكذب ، دليل على أنه كان يعلم أنه سيكذب عليه . فحذار مما وضعه أعداء الدين ، وزنادقة المسلمين ، في باب الترغيب والترهيب وغير ذلك ; وأعظمهم ضررا أقوام من المنسوبين إلى الزهد ، وضعوا الحديث حسبة فيما زعموا ، فتقبل الناس موضوعاتهم ، ثقة منهم بهم ، وركونا إليهم ، فضلوا وأضلوا . |
وفيما يلى ان شاء الله نتكلم عن المعاملات فى الاسلام قواعد متعلقة بالعقود من المعاملات المالية والنكاحية وغيرها وأما العقود من المعاملات المالية والنكاحية وغيرها فنذكر فيها قواعد جامعة عظيمة المنفعة ، [ فإن ذلك فيها أيسر منه في العبادات] . فمن ذلك : صفة العقود . فالفقهاء فيها على ثلاثة أقوال : أحدها : أن الأصل في العقود : أنها لا تصح إلا بالصيغ والعبارات التي قد يخصها بعض الفقهاء باسم الإيجاب والقبول ، سواء في ذلك : البيع ، والإجارة ، والهبة ، والنكاح ، والوقف ، والعتق ، وغير ذلك . وهذا ظاهر قول الشافعي ، وهو قول في مذهب أحمد ، يكون تارة رواية منصوصة في بعض المسائل ، كالبيع والوقف ، ويكون تارة رواية مخرجة ، كالهبة والإجارة . |
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: اركان عقد البيع:- 1- العاقدان :وهما البائع والمشتري 2- المعقود عليه : وهو الثمن والمثمن 3- صيغة العقد : وينعقد البيع بكل قول او فعل يدل على إرادة البيع والشراء وللبيع صيغتان أ- الصيغه القولية وتسمى الايجاب والقبول ب- الصيغه الفعلية : وتسمى المعاطاه شروط البيع:- لايكون البيع صحيحاً حتى تتوفر فيه سبعة شروط متى فقد شرط منها صار البيع باطلا : 1- التراضي بين المتبايعين . 2- أن يكون العاقد جائز التصرف . 3- أن تكون العين مباحة النفع من غير حاجة . 4- أن يكون البيع من مالك أو من يقوم مقامه . 5- أن يكون المبيع مقدوراً على تسليمه . 6- أن يكون المبيع معلوماً برؤية أو وصف منضبط . 7- أن يكون الثمن معلوماً . |
|
|
|
شروط الزواج: يشترط لصحة الزواج ما يلي: 1- إذن ولى المرأة: وهو والدها أو أخوها أو قريبها من ناحية الأب في حالة عدم وجود أب أو أخ ، أو من تختاره المرأة -في حالة عدم وجود هؤلاء- وترى أنه يحرص على سعادتها ومصلحتها. ويرى جمهور الفقهاء أنه لا يجوز للمرأة أن تزوِّج نفسها بدون إذن وليها، قال صلي الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولى) [أبو داود]. وقال صلي الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل) [أبو داود والترمذي وأحمد]. ويشترط في الولى أن يكون رجلا بالغًا عاقلا مسلمًا فلا يكون أنثى ولا صبيًا صغيرًا ولا مجنونًا ولا مشركًا. 2- أن يكون الزوج مسلمًا: وألا تكون الزوجة مُحَرَّمة على الرجل، كأن تكون إحدى المحارم، أو تكون غير مسلمة أو كتابية. 3- رضا الرجل والمرأة: فإن أكره أحدهما فلا يصح الزواج. 4- الإشهاد على الزواج: ويكون برجلين مسلمين عاقلين بالغين حُرّين عَدْلَين ممّن يعرفان بالأمانة والصدق لقول الرسول صلي الله عليه وسلم: (لانكاح إلا بولى وشاهدى عدل) [ابن حبان والدارقطنى]. ويشترط سماع الشهود وكلام العاقدين وفهم المراد منه وهو الزواج، ولذا لا ينعقد النكاح بشهادة نائمين أو أصمين وكذلك لا تصح شهادة السكران. 5- أن يكون العقد مؤبدًا: فلا يُحدد بفترة زمنية معينة ، كأن يتزوج الرجل المرأة لمدة عام مثلا، وهو ما يعرف بزواج المتعة، وهو حرامٌ . 6- تعيين الزوجين بالاسم: فيقول الرجل لغيره زوجتك ابنتى فاطمة مثلا وهكذا. 7- ألا يكون أحد الزوجين أو الولى مُحْرِمًا بالحج أو العمرة: قال صلي الله عليه وسلم: ( لايُنكِح المُحرم ولا يُنكَح ولا يخطب) [رواه الخمسة]. 8- يتم الزواج بإيجاب وقبول: فيعبر الرجل عن رغبته في الزواج لولىِّ المرأة، فيقبل الولى بعد رضاها كأن يقول: زوجنى ابنتك فلانة. ويذكر اسمها فيقول الولى: زوجتك إياها. أو أن يكتب له أو يشير له بإشارة مفهومة إن كان لا يستطيع الكلام فيوافق الولى، فالزواج يتم بعاقدين ، وأجاز بعض الفقهاء أن ينعقد الزواج بعاقد واحد إذا كانت له ولاية على الطرفين، كأن يكون جد الزوجين، أو وكيلًا لهما. شروط الزوجة في وقت العقد: ويجوز للمرأة أن تشترط على زوجها شرطًا في عقد الزواج مادام الشرط لا يحلُّ حرامًا ولا يحرِّم حلالا ، ولا يسقط حقَّا من حقوق الزوج ، كأن تشترط عليه ألا تسافر معه إذا سافر، وعلى الرجل الوفاء به، قال صلي الله عليه وسلم: (أحق الشروط أن تُوفُوا بها ما استحللتم به الفروج) [متفق عليه]. الإعلان: ويجب إعلان الزواج لقول النبي صلي الله عليه وسلم: (أعلنوا النكاح) [الترمذي وأحمد والحاكم]. الزفاف: لا بأس بزفاف العروس إلى زوجها لإظهار السعادة والفرح، وتنشد الأناشيد ويضرب بالدف مع الالتزام التام بآداب الإسلام في عدم الاختلاط بين الرجال والنساء، يقول النبي صلي الله عليه وسلم: (فصل ما بين الحلال والحرام ضرب الدفِّ والصوت في النكاح) [الترمذي والنسائي]. الدعوة والوليمة: ويحرص الزوج على دعوة الأهل والأصدقاء لحضور العرس لدعم روح المحبة والتعاون، كما يجب على المدعو أن يقبل دعوة العرس، قال صلي الله عليه وسلم: (أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم لها) [متفق عليه]. ويستحب لصاحب العرس أن يُولم وليمة (يُعد طعامًا للمدعوىن) قال صلي الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف -رضى الله عنه- عندما علم بزواجه: ( أَوْلِمْ ولو بشاة) [مسلم]. وعلى المدعو لوليمة العرس أن يقبل الدعوة لقوله صلي الله عليه وسلم: (إذا دُعى أحدكم إلى الوليمة فليأتها) [متفق عليه]. وعلى صاحب العرس ألا ينسى الفقراء في الدعوة إلى الوليمة لقوله صلي الله عليه وسلم: (شرُّ الطعام طعام الوليمة يُدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء) [متفق عليه]. الخُطبة : ويستحب للزوج أن يخطب خُطبة، ويقال كلام طيب قبل عقد الزواج عن التماس التزويج. الدعاء للزوجين: كما يستحب الدعاء للزوجين، فعن أبى هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا رفَّأ الإنسان (دعا للمتزوج) قال: (بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير) [أبو داود والترمذي]. وإذا دخل الرجل بأهله ، فيستحب له أن يصلي ركعتين بأهله ثم يأخذ برأسها ، ويدعو بما ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم ، فعنه صلي الله عليه وسلم قال: (إذا تزوج أحدكم امرأة، أو اشترى خادمًا ، فليقل:اللهم إني أسألك خيرها ، وخير ما جبلت عليه ، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه) [أبو داود]، المهر: هو المال الذي تستحقه الزوجة بالعقد عليها أو بالدخول بها حقيقة، من الرجل وله أسماء كثيرة، منها: المهر والصداق والصدقة والنحلة والأجر والفريضة وغيرها ، وهو واجب على الرجل دون المرأة لما دلت على ذلك أدلة الكتاب والسنة وإجماع المسلمين. والحكمة من وجوب المهر هو إظهار قيمة هذا العقد ومكانته ، وإعزاز المرأة وإكرامها ، وتقديم الدليل على حسن النية في معاشرتها بالمعروف ودوام الزواج ، وفيه أيضًا مساعدة للزوجة على أن تتهيأ للزوج بما يلزمها من ثياب ونفقة. وليس للمهر حد أدنى ولا حد أقصى، فللرجل أن يدفع للمرأة مهرًا قدر استطاعته ولا يعنى ذلك المغالاة في المهور، فقد دعا الإسلام إلى عدم المغالاة في المهور ، واعتبر أكثر النساء بركة أقلهن مهرًا، وقد ورد أن النبي صلي الله عليه وسلم زوَّج رجلا ببعض آيات يحفظها من القرآن، وعندما عرضت عليه امرأة نفسها، فلم يرغب في زواجها، فقام رجل فقال: يارسول الله، أنكحنيها. فقال صلي الله عليه وسلم: (هل عندك من شىء؟) قال: لا. قال: (اذهب فاطلب ولو خاتمًا من حديد). فذهب، ثم جاء فقال: ما وجدت شيئًا، ولا خاتمًا من حديد. فقال صلي الله عليه وسلم: (هل معك من القرآن شىء؟). قال: معى سورة كذا وسورة كذا .فقال صلي الله عليه وسلم: (اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن) [البخارى]. وهذا حكم خاص بهذا الصحابي، لا يجوز لغيره. كما روى أن عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- قال: لا تغالوا صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، كان أولاكم وأحقكم بها محمد صلي الله عليه وسلم، ما أصدق امرأة من نسائه، ولا أُصدِقت امرأة من بناته أكثر من اثنتى عشرة أوقية ) [ابن ماجة]. (والأوقية: عشرون درهمًا). ويدفع المهر للمرأة وقت العقد أو فيما بعد ، أو يُعطى بعضه مقدمًا وبعضه مؤخرًا، فإن أخِّر المهر أو أخِّر جزءًا منه فهو دَيْنٌ على الزوج يجب عليه أن يؤديه . فإن وهبته المرأة له أو تبرَّعت به له أو تنازلت عنه فلا شىء عليه ، فإن لم تتبرَّع به ولم تهبه له، فقد وجب على الزوج أداؤه. |
|
|
|
الطـلاق الطلاق إنهاء للعلاقة الزوجية بسبب من الأسباب، وقد أباحه الشرع عندما تصبح الحياة بين الزوجين مستحيلة، وعندما يشتد الشقاق والنزاع بينهما. الطلاق حل نهائى لما استعصى حله على الزوجين وأهل الخير والحكمين بسبب اختلاف الأخلاق، وتنافر الطباع، وفشل استمرار مسيرة الحياة بين الزوجين، مما قد يؤدى إلى ذهاب المحبة والمودة وتوليد الكراهية والبغضاء؛ فيكون الطلاق عندئذ طريقًا للخلاص من كل ذلك. ويكون الطلاق بيد الزوج، لأنه أكثر تحكمًا في الأمور من المرأة، فهى سريعة الانفعال والاندفاع، كما أن الرجل عادة أكثر تقديرًا لعواقب الأمور وأبعد عن الطيش في اتخاذ القرارات، وأشد تحكمًا في عاطفته من المرأة، ومع ذلك فمن حق المرأة أن تطالب بطلاقها في حالة سوء العشرة وغيرها من الحالات. أركان الطلاق: للطلاق أركان هي: المطلق، والقصد في الطلاق، ومحل الطلاق. أولاً: المطلق. ثانيًا: القصد في الطلاق: وهو أن يقصد المتكلم الطلاق إذا تلفظ به، فلا تقع طلاق الفقيه، إذا لم يقصده لأنه عادة ما يكرره، ولا طلاق من يحكي الطلاق عن نفسه أو غيره، ولا طلاق أعجمي لقن لفظ الطلاق بلا فهم منه لمعناه، كما لا يقع طلاق مَرَّ بلسان نائم، أو من زال عقله؛ لعدم توافر القصد في الطلاق. ثالثًا: محل الطلاق: محل الطلاق هو المرأة، فهي التي يقع عليها الطلاق، وذلك إذا كانت في حال زواج صحيح قائم فعلاً، ولو قبل الدخول، أو في أثناء العدة من طلاق رجعي، لأن الطلاق الرجعي لا تزول به العلاقة الزوجية. ولا يقع الطلاق على المرأة إذا كانت في عدة الطلاق البائن بينونة كبرى، لأن العلاقة الزوجية انتهت بين الزوجين، وكذلك لا يقع في الطلاق البائن بينونة صغرى عند الجمهور، ولا يقع عند الأحناف لبقاء بعض الأحكام الزوجية كوجوب النفقة أو السكنى في بيت الزوجية وعدم حل زواجها بآخر في العدة، كما لا يقع الطلاق على المرأة بعد انتهاء العدة. |
أنواع الطلاق وحكم كل نوع: ينقسم الطلاق إلى عدة تقسيمات باعتبارات متنوعة كالتالي: (ا) من حيث الموافقة للسنة وعدمها ينقسم الطلاق إلى سني موافق للسُّنة، وبدعي (مخالف للسُّنة). (ب) من حيث الرجعة وعدمها ينقسم إلى رجعى وبائن. (جـ) من حيث الصيغة ينقسم إلى صريح وكناية. أولاً: تقسيم الطلاق من حيث السنة والبدعة: ينقسم الطلاق من حيث موافقته للسنة أو البدعة إلى سنى وبدعى. الطلاق السني: هو الطلاق الواقع على الوجه الذي ندب إليه الشرع؛ وهو أن يطلق الزوج زوجته طلقة واحدة في طهرٍ (غير حائض)، لم يمسسها فيه (أي لم يجامعها فيه)، وهو الطلاق المشروع، ويكون بأن يطلق مرة يعقبها رجعة، ثم مرة ثانية يعقبها رجعة، ثم يخير نفسه بعد ذلك إما أن يمسكها بمعروف أو يفارقها بإحسان، قال تعالى: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة :229]. فإن طلقها الثالثة فلا يحل له أن يراجعها إلا بعد أن تتزوج زوجًا غيره زواجًا صحيحًا. الطلاق البدعى: هو الطلاق المخالف للشرع كأن يطلقها ثلاثًا بكلمة واحدة، أو متفرقات بمجلس واحد، كأن يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو يطلقها اثنتين بكلمة واحدة، أو يطلقها في حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه، وقد أجمع العلماء على أن الطلاق البدعى حرام وأن فاعله آثم، واختلفوا هل يقع أم لا، فقال بعضهم: يقع. وقال البعض الآخر: لا يقع. ثانيًا: تقسيم الطلاق من حيث الرجعة: ينقسم الطلاق من حيث رجوع الزوجة إلى زوجها أو عدم رجوعها إلى: طلاق رجعى، وطلاق بائن. أ- الطلاق الرجعى: هو الطلاق الأول أو الثانى الذي يوقعه الزوج على زوجته التي دخل بها حقيقة حيث يكون له بعده حق إرجاع الزوجة إليه مادامت في عدتها. فللرجل أن يُرجع زوجته إن طلقها طلقة واحدة أو اثنتين وكانت لا تزال في عدتها، ويكون الرجوع بالكلام كأن يقول لها: راجعتك. أو بالفعل كأن يقبِّلها أو يجامعها. ويستحب الإشهار على الرجعة عند جمهور الفقهاء لكنه لا يشترط. ورجوع الزوجة حق للرجل خلال مدة العدة، فإذا انقضت مدة العدة فلا مراجعة. ب- الطلاق البائن: فهو الطلاق الذي يوقعه الزوج بزوجته وهو نوعان: 1- طلاق بائن بينونة صغرى: مثل الطلاق قبل الدخول، والطلاق بالطلقة الأولى أو الثانية مع انقضاء عدة الطلاق دون رجوع من الزوج. وبهذا الطلاق تصبح المرأة أجنبية عن زوجها فلا يحل الاستمتاع بها، ولا يتوارثان، ولا يحل للرجل أن يُرجع زوجته إلا بعقد ومهر جديدين وبرضاها، وتنقص به عدد الطلقات التي يملكها الرجل، ويحل به مؤخر الصداق. 2- طلاق بائن بينونة كبرى: وهو طلاق الرجل للمرأة للمرة الثالثة، وبه تنفصل المرأة عن الرجل انفصالا نهائي، فلا يحلُّ له أن يتزوجها إلا إذا تزوجت غيره زواجًا صحيحًا، فإن تزوجها غيره زواجًا صحيحًا، ثم طلقت منه حلَّ له أن يتزوجها، وهذا الطلاق يمنع التوارث، ويحل به الصداق المؤجل، وتُحَرَّم به المطلقة تحريمًا مؤقتًا على الزوج حتى تتزوج بآخر ويدخل بها دخولا حقيقيًا ثم يطلقها أو يموت عنها، فالطلاق البائن بينونة كبرى لا يبقى للزوجية أثرًا على الإطلاق سوى العدة. ثالثًا: تقسيم الطلاق من حيث الصيغة: يقع الطلاق باللغة العربية أو بغيرها من اللغات ، سواء أكان الطلاق باللفظ أم بالكتابة أم بالإشارة. الطلاق يقع بلفظ من الزوج يفيد إنهاء العلاقة الزوجية، مثل: أنت طالق أو أنت مطلقة، أو فارقتك أو سرحتك أو بالألفاظ غير الصريحة مثل: اذهبى إلى بيت أبيك ولا تعودى إلىَّ أبدًا إذا قصد بهذا القول الطلاق. وينقسم الطلاق من حيث الصيغة إلى صريح وكناية: الطلاق الصريح: ويكون باللفظ الذي يفهم منه المراد ويغلب استعماله عرفًا في الطلاق مثل (أنت طالق) و(مطلقة) و(طلقتك) وغير ذلك مما هو مشتق من لفظ الطلاق، وألفاظ الطلاق الصريحة كما جاءت في القرآن ثلاثة: الطلاق والفراق والسراح. ويقع الطلاق بهذه الألفاظ دون حاجة إلى نية تبين المراد منه لظهور دلالته ووضوح معناه. طلاق الكناية: وهو كل لفظ يحتمل الطلاق وغيره ولم يتعارف عليه الناس في الطلاق مثل قول الرجل لزوجته: الحقى بأهلك أو اذهبى أو اخرجى أو أنت بائن أو أنت علىَّ حرام إلى غير ذلك. ولايقع الطلاق بهذه الألفاظ إلا بالنية. كما يقع الطلاق بالكتابة ، فإن كانت الكتابة صريحة بالطلاق يقع الطلاق، وإن كانت الكتابة فيها كناية ، فهي تفتقر إلي النية، فإن كان الطلاق وقع ، وإلا فإنه لا يقع. كما يكون الطلاق بإرسال رسول إلى الزوجة ، فيقول الزوج للرسول : قل لها : أنت طالق، ويقع الطلاق بمجرد أن يتلفظ بهذا اللفظ. والطلاق يقع بالإشارة للأخرس، لعدم قدرته على النطق ، أما إذا أشار المتكلم فإن إشارته لا تجدي في الطلاق ولا الزواج. وللرجل أن يفوض امرأته في تطليق نفسها كأن يقول لها: أمرك بيدك، أو طلقى نفسك إن شئت. فإن اختارت الطلاق كان الطلاق طلاقًا بائنًا. وإن اختارت البقاء فلا شىء عليهما ولا يُعد ذلك طلاقًا. الإشهاد على الطلاق: كما يجب الإشهاد على الزواج يستحب الإشهاد عند الطلاق وعند الرجعة، قال تعالى: {فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم} [الطلاق: 2]. التفريق بالقضاء: وقد تلجأ المرأة إلى القضاء لتمكينها من إنهاء العلاقة الزوجية التي لا تستطيع إنهاءها بنفسها، فإن حُكم لها بالتفريق بينها وبين زوجها لعدم إنفاق زوجها عليها، أو لعيوب جسمية أو ***ية خاصة بالرجل تمنع الاستمتاع والإنجاب، أو لسوء العشرة عُدّ هذا التفريق طلاقًا بائنًا، وإن كان لسبب يمنع استمرار الزواج كاكتشاف أن الزوجين أخوان في الرضاعة، عُدّ هذا التفريق فسخًا للزواج، وبه تنتهى الحياة الزوجية حين حدوثه. |
قيود إيقاع الطلاق : الزواج رباط مقدس، وحل هذا الرباط فيه كثير من الأضرار في الغالب، لذا فإن الشرع قد وضع قيودًا لإيقاع الطلاق هي : - أن يكون الطلاق لحاجة مقبولة: فإن كان لحاجة غير مقبولة ، فإنه يقع ويأثم المطلِّق. - أن يكون في طهر لم يجامعها فيه: فقد طلق ابن عمر زوجته وهي حائض ، فذكر ذلك للنبي صلي الله عليه وسلم فقال: (مره ، فليراجعها أو ليطلقها طاهرًا أو حاملا) [البخاري]. والطلاق في العدة فيه ضرر على المرأة، وذلك لإطالة مدة العدة إلا من الحيضة التي وقع فيها الطلاق لا تحتسب من العدة ، والطلاق في الحقيقة يقع عند المذاهب الأربعة ، مع أنه إثم ، لأن هذا الطلاق هو الطلاق البدعي ، وقال الشيعة الإمامية والظاهرية وابن تيمية وابن الهيثم أن الطلاق لا يقع. - أن يكون الطلاق مفرقًا ليس بأكثر من واحدة: ومن حلف ثلاثًا بلفظ واحد ، فالجمهور - ومنهم المذاهب الأربعة والظاهرية على أنه يقع ثلاثًا ، ويرى الشيعة الإمامية أنه لا يقع به شىء. المتعة: هى مالٌ يدفعه المطلق إلى مطلقته بحسب حاله بين الغنى والفقر، وهو واجبٌ في الطلاق الذي يكون قبل الدخول في زواجٍ لم يُحدد فيه المهر لا قبل العقد ولا بعده، قال تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن علي الموسع قدره وعلي المقتر قدره متاعًا بالمعروف حقًا علي المحسنين} [البقرة: 236]. وفى المتعة أقوال كثيرة للفقهاء بين الوجوب والاستحباب، والأرجح أن المتعة واجبة لكل مطلقة سواء أكان الطلاق قبل الدخول أم بعده، إلا للمطلقة قبل الدخول والتي حُدد لها مهرٌ ، فإنه يكتفى لها بنصف المهر. اللعان: وهو أن يتهم الرجل زوجته بالزنى، أو أن ينفى نسب طفل ولدته زوجته إليه، فيقسم أربع شهادات بالله إنه صادق في اتهامه، ويقسم قسمًا خامسًا بأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، فإن أنكرت الزوجة أقسمت أربع مرات إنه من الكاذبين، وتقسم قسمًا خامسًا أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. قال تعالى: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه من الصادقين. والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين. ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه من الكاذبين. والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين} [النور: 6-9]. ويُقدِّم الحاكمُ الزوج فيشهد قبل المرأة، فإن امتنع عن اللِّعَان أقام عليه حدَّ القذف، وإن امتنعت هى عن اللعان أقام عليها حد الزنى، وتتم التفرقة بين الزوجين باللعان، ولا يحل لهما الزواج ببعضهما أبدًا. الإيلاء: وهو أن يقسم الزوج أن يمتنع عن مجامعة زوجته مدة لا تزيد عن أربعة أشهر، فإن عاد فجامعها كانت عليه كفارة يمين، وإن مضت الشهور الأربعة ولم يرجع الزوج في قسمه يكون بذلك قد عزم الطلاق. والإيلاء حرام عند الجمهور للإيذاء، لأنه يمين على ترك واجب. وكفارة الإيلاء هى نفسها كفارة اليمين؛ وهى أن يطعم عشرة مساكين يومًا واحدًا أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد شيئًا من ذلك وجب عليه صيام ثلاثة أيام متتابعات، وذلك كله إذا رجع عن يمينه، أما إذا لم يجامع الزوج زوجته قبل مرور أربعة أشهر ولم يقربها يكون قد طلقها طلقة بائنة. الظهار: وهو أن يقول الرجل لامرأته: أنت علىَّ كظهر أمى. والظهار حرام، وبه تكون المرأة محرمة على زوجها . وكفارة ذلك أن يعتق المسلم رقبة، فإن لم يجد يصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع يطعم ستين مسكينًا، يقول تعالى: {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير. فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم} [المجادلة: 3-4]. الخلع: هو أن يفارق الرجل زوجته مقابل بدل يحصل عليه منها ؛ فقد لا تقدر المرأة على المعيشة مع زوجها لعدم الوفاق بينهما مثلا أو لكراهيته، فترد لزوجها كل ما أخذت منه (المهر الذي دفعه لها) إلا أن يقبل هو بأقل مما ما دفع لها، وبذلك تكون قد خلعت نفسها منه، قال تعالى: {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة: 229]. وعن ابن عباس قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت: يارسول الله، إني ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (أترين عليه حديقته؟ قالت: نعم. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (أقبل الحديقة، وطلقها تطليقة) [البخاري والنسائي]. وقيل طلاق بائن. العدة: هى مدة محدودة، لا يحل للمرأة فيها الزواج، وتبدأ من لحظة فراق زوجها بالطلاق أو الموت، وهى واجبة على المرأة. أنواع العدة: 1- عدة الحامل: تنتهى بوضع الحمل سواء أكانت المرأة مطلقة أم متوفى عنها زوجها، لقول الله تعالى: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} [الطلاق: 4]. سواء أكان الحمل حيًّا أم ميتًا، تام الخلقة أو ناقصها، نفخ فيه الروح أو لم ينفخ. 2- عدة المتوفى عنها زوجها: وعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام مالم تكن حاملا، لقول الله تعالى: {والذين يتوفون من منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرًا} [البقرة: 234]. ولا فرق بين أن يكون الرجل قد دخل بزوجته أو لم يدخل بها. 3- عدة المطلقة: إذا طلقت المرأة ولم تكن حاملا، وكانت من ذوات الحيض فعدتها ثلاثة قروء، قال تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: 228]. والقروء: جمع قُرْء. وهو الحيض، وعلى ذلك فعدة المطلقة هنا ثلاث حيضات. أما إذا كانت المرأة من غير ذوات الحيض كالصغيرة التي لم تبلغ أو الكبيرة التي لا تحيض حيث بلغت سن اليأس فعدتها ثلاثة أشهر، لقول الله تعالى: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن} [الطلاق: 4] . وإذا طلق الرجل زوجته قبل الدخول بها فلا عدة عليها، لقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} [الأحزاب: 49]. 4- عدة المفقود زوجها: عدة المرأة التي غاب عنها زوجها ولم يُعْرَف أحىٌّ هو أم ميت، قيل: فعلى الزوجة عدتها أن تنتظر أربع سنوات، ثم تعتد عدة الوفاة وهى أربعة أشهر وعشرة أيام؛ ودليل ذلك ما روى عن عمر -رضى الله عنه- أن رجلا غاب عن امرأته وفقد، فجاءت امرأته إلى عمر، فذكرت ذلك له، فقال: تربصى (انتظرى) أربع سنين. ففعلت، ثم أتته فقال: أين ولى هذا الرجل؟ فجاءوا به، فقال: طلقها. ففعل. فقال عمر: تزوجى من شئت. [الدارقطنى]. وقيل: ليس لها أن تعتد حتى يتحقق موته أو طلاقه لها. 5- عدة المختلعة: المختلعة وهى المرأة التي خلعت نفسها من زوجها بأن أعطته ما دفعه من مهر وغيره مقابل طلاقه لها، فعدتها حيضة واحدة ودليل ذلك ما قاله رسول الله صلي الله عليه وسلم لثابت: (خذ الذي لها عليك وخل سبيلها). قال: نعم. فأمرها رسول الله صلي الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة واحدة وتلحق بأهلها) [النسائي]. أحكام المعتدة وحقوقها: 1- تحريم الخطبة: لا يجوز للأجنبى خطبة المعتدة صراحة سواء أكانت مطلقة أم متوفى عنها زوجها، لأن المطلقة طلاقًا رجعيَّا في حكم الزوجة، ولا يجوز التعريض بالخطبة للمعتدة عدة طلاق، ويجوز ذلك في عدة الوفاة، لقوله تعالى: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء} [البقرة: 235]. 2- تحريم الزواج: لا يجوز للأجنبى إجماعًا زواج المعتدة، لقوله تعالى: {ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب اجله} [البقرة 235]، أي لا تعقدوا عقد النكاح حتى تنقضى العدة التي كتبها الله على المعتدة، وإذا وقع الزواج كان باطلا. 3- تحريم الخروج من البيت: لا يجوز للمعتدة الخروج من البيت إلا لعذر، ولا يجوز لها المبيت خارج بيتها. 4- النفقة: وهى واجبة على الزوج. فإذا كانت المعتدة مطلقة طلاقًا رجعيًا وجبت لها النفقة بأنواعها المختلفة من طعام وكساء وسكن، لأنها تعد زوجة ما دامت في العدة. وإذا كانت معتدة من طلاق بائن فهى إما أن تكون حاملا أو غير حامل، فإن كانت حاملا وجبت لها النفقة بأنواعها المختلفة؛ لقوله تعالى: {وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} [الطلاق: 6]. وإن كانت غير حامل وجب لها النفقة عند بعض الفقهاء، ولا يجب لها ذلك عند البعض الآخر، وقيل: يجب لها السكن فقط. أما إذا كانت معتدة من وفاة فلا نفقة لها باتفاق العلماء لانتهاء الحياة الزوجية بالموت، ولها السكن عند بعضهم مدة العدة. التفريق القضائي: يكون التفريق القضائي عند تعسف الرجل في عدم تطليق المرأة إذا كانت هناك أسباب تدعو إلى ذلك ، وربما كان التفريق القضائي فسخًا للعلاقة الزوجية بين الزوجين. والتفريق القضائي يكون طلاقًا بسبب عدم الإنفاق أو بسبب الإيلاء ،و أو لعلل معينة ، وللشقاق بين الزوجين، أو للغيبة أو للحبس ، أو للتعسف. وقد يكون التفريق القضائي فسخًا لعقد الزوجية ، كما هو الحال في العقد الفاسد، كالتفريق بسبب الردة وإسلام أحد الزوجين . التفريق لعدم الإنفاق : للمرأة الحق في رفع دعوى بالتفريق بينها وبين زوجها إذا كان الزوج لاينفق عليها . - فإن كان للزوج مال معلوم ، نفذ الحكم عليه بأن ينفق عليها من ماله ، ولا داعي للتفريق. - فإن لم يكن له مال ظاهر معلوم، فإن كان حاضرًاِ ولم يثبت عجزه عن الإنفاق، وأصر على الامتناع؛ فرق القاضي بينهما في الحال. - فإن ثبت عجز الزوج عن الإنفاق ، أمهله القاضي ثلاثة شهور علي الأكثر أو أي مدة يراها القاضي فإن مضت المدة ولم ينفق الزوج عليها فالقاضي يفرق بينهما. فإن كان غائبًا وليس له مال ظاهر فيجب إعذاره وإمهاله إلي مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، فإن مضت المدة ولم ينفق علي الزوجة فرق القاضي بينهما . والتفريق القضائي بسبب عدم الإنفاق هو رأي الجمهور، ويرى الحنفية أنه لا يجوز التفريق بسبب عدم الإنفاق . والتفريق القضائي طلاق رجعي عند المالكية فإن أيسر الزوج في العدة وأنفق علي زوجته ؛ جاز له إرجاعها ويرى الشافعية والحنابلة أن الفرقة لأجل النفقة فسخ لا طلاق. التفريق بسبب العيوب: يجوز للقاضي التفريق بين الزوجين إذا كان أحدهما مريضًا مرضًا ***يًا ، وهو قطع الذكر ، والعنة ، وهي العجز عن الجماع بسبب صغر الذكر أو غير ذلك ، والخصاء وهو استئصال أو قطع الخصيتين وذلك بالنسبة للرجل ، أما المرأة ، فإن كان بها الرتق ، وهو أن يكون الفرج مسدودًا ملتصقًا بلحم من أصل الخلقة لا مسلك للذكر فيه. والقرن ، وهو عظم أو غدة تمنع دخول الذكر. والغفل ، وهو رغوة تمنع لذة الوطء. ونخر الفرج، وهو رائحة منتنة تثور في الوطء ، وانخراق ما بين القبل والدبر. أو كان التفريق لمرض منفر ، بحيث لا يمكن المقام معه ، كالجنون والجذام والبرص، إلا إذا كان يمكن مداواته المرض، فإن لم يكن من الممكن علاجه، تم التفريق بينهما. والتفريق بين الزوجين لمرض أو علة، يعد طلاقًا بائنًا. التفريق للشقاق أو الضرر وسوء العشرة: فإذا ثبت إضرار الزوج لزوجته ، وسوء عشرته لها ، كأن يضربها ضربًا مبرحًا ،أو يشتمها شتمًا مقذعًا ،أو يحملها على معصية الله، أو يعرض عنها من غير سبب ، جاز للمرأة رفع أمرها للقاضي، فإذا ثبتت دعواها فللقاضي أن يفرق بينهما، وهذا رأي المالكية. أما الأحناف والحنابلة والشافعية ،فهم لا يجيزون التفريق بسبب الشقاق وسوء العشرة ،بل على القاضي أن يؤدبه حتى يستقيم أمره ، فإن لم ينصلح حاله ، يبعث حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها لأجل الإصلاح ، أو ما يتفق عليه لمصلحة الزوجين . |
الرَّضاع حق الصغير في الرضاع: للولد حق في الرضاع، وهو يجب على الأم شرعًا، فإن قصرت في ذلك، تسأل عنه أمام الله، ولكن هل يجب عليها من ناحية القضاء؟ يرى المالكية أنه يجب على الأم إرضاع ولدها إذا كانت زوجة أو معتدة من طلاق رجعي، فلو امتنعت ولم يكن لها عذر في ذلك أجبرها القاضي، ويستثنى من ذلك المرأة الشريفة إلا إذا كانت لاترضع، وقبل الولد الرضاعة من غيرها، واستدلوا بقوله تعالى : {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} [البقرة: 233]. ولأن المطلقة طلاقًا رجعيًا لها النفقة على زوجها، فلا تأخذ أجرًا على الرضاعة، بخلاف المطلقة طلاقًا بائنًا، فيصبح الإرضاع حقًا في جانب الأب، يجب أن يستأجر من ترضع ولده، ولو كانت أمه، وقد ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم قوله: (تقول لك المرأة: أنفق عليَّ وإلا طلقني. ويقول لك العبد أطعمني واستعملني. ويقول لك ابنك: أنفق عليّ إلى من تكلني) [البخاري]. ويرى الجمهور أن إرضاع الأم ولدها قضاء مندوب لا تجبر عليه؛ لأن قوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلي المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفسٌ إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلي الوارث مثل ذلك} [البقرة: 233]. أمر يدل على الندب والإرشاد للوالدات أن يرضعن أولادهن إذا لم يقبل الولد غير ثدي أمه. وجوب الإرضاع من الأم: - أن يرفض الولد كل ثدي غير ثدي أمه، فيجب عليها إرضاعه، لإنقاذه من الهلاك. - عدم وجود مرضعة غيرها ترضع ولدها. - إذا كان الأب معدومًا، أو فقيرًا، لا يستطيع أن يستأجر له مرضعًا. - كما أوجب الشافعية على الأم إرضاع ولدها اللبن النازل أول الولادة، لحاجة الولد له خاصة، لأن تركه قد يؤدي إلى وفاته. استئجار المرضع: إذا امتنعت الأم عن الإرضاع، وجب على الأب أن يستأجر لولده من يرضعه، وعلى المستأجرة أن ترضعه في بيت أمه، لأن الحضانة حق لها، فإن امتنع الأب، طالبته أمه بدفع أجرة الإرضاع، ولا تأخذ هي الأجرة إلا إذا كانت طالقًا طلاقًا بائنًا لا رجعة فيه، أو بعد انتهاء مدة العدة. واجب المرضع وأجرها: يجب على المرضع إرضاع الولد وما يجب عليها من أمور يحتمها العرف، مثل: إصلاح طعامه وخدمته؛ فإن أرضعته بلبن شاة فلا أجر لها، لأنها لم تفعل ما يجب عليها أصلاً وهو الإرضاع. وتأخذ المرضع أجرًا سواء كانت الأم أم غيرها إذا كانت مستحقة للأجر. |
ما حرم بالرضاع: ثبت التحريم بالرضاع بقول الله تعالى: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة} [النساء: 23]. ومما روت أم المؤمنين عائشة -رضى الله عنها- أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة)[متفق عليه]. وقد رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم الزواج من ابنة عمه حمزة، فقال:"لا تحل لي، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وهي ابنة أخي من الرضاعة"[متفق عليه]. عدد الرضعات: اختلف الفقهاء في عدد الرضعات التي تحرم علي أقوال: 1- يثب التحريم بثلاث رضعات، إلي ذلك ذهب أبو ثور، وأبو عبيد، وداود الظاهري وابن المنذر، واستدلوا علي ذلك بقول رسول الله ( "لا تحرم المصة ولا المصتان"[مسلم والنسائي] 2- تحرم عشر رضعات، إلي ذلك ذهبت حفصة بنت عمر زوج النبي (، قالت: "لا يحرم دون عشر رضعات"[البيهقي]. 3- يحرم القليل والكثير، وإليه ذهب علي وابن عباس، وسعيد ابن المسيب، والحسن البصري، ومكحول وغيرهم، وهو رواية عن الإمام أحمد. 4- التحريم بخمس رضعات فصاعدًا، وهذا رأي عائشة، وابن مسعود، وابن الزبير، وعطاء والحارس، وهو قول الشافعي، وهو المختار لدي المحققين من الأئمة، واستدلوا علي ذلك بما يلي: 1-قول عائشة رضي الله عنها:"كان فيما أنزل من القرآن، عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله ( وهن مما يقرأن من القرآن"[مسلم ومالك] 2-كان أبو حذيفة قد تبني سالمًا، ثم حرم الله التبني، فلما كبر سالم، كان يدخل علي زوجة أبي حذيفة، وقد تكون كاشفة رأسها، فكانت تتحرج من ذلك، فذهبت إلي النبي ( وقالت له: يارسول الله، كنا نري سالمًا ولدًا يأوي معي ومع أبي حذيفة، ويراني فضلي (أي متبذلة في ثيابها أو كاشفة رأسها)، وقد أنزل الله عز وجل فيهم ما قد علمت، فقال ( :"أرعيه خمس رضعات". فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة [مالك وأحمد] المدة التي تحرِّم بالرضاع: تعددت آراء العلماء حول تقدير المدة التي يقتضي الرضاع فيها التحريم، وهي: الأول: لا يحرم منه إلا ما كان في الحولين، وإليه ذهب عمر، وابن عباس وابن مسعود والشافعي وأبو حذيفة ومالك وغيرهم. الثاني: ما كان قبل الفطام، وإليه ذهبت أم سلمة والحسن والزهري والأوزاعي وغيرهم. الثالث: الصغر يقتضي التحريم، وهو قول أمهات المؤمنين عدا عائشة، وابن عمرو، وسعيد بن المسيب. الرابع: ثلاثون شهرًا، وهو رواية عن أبي حنيفة وزفر تلميذه. الخامس: في الحولين وما قاربهما، وهو رواية عن مالك. السادس: ثلاث سنين، وهو رأي الحسن بن صالح وجماعة من الكوفة. السابع: سبع سنين، وهو رأي عمر بن عبدالعزيز. الثامن: عامًا واثنا عشر يومًا، وهو رأي ربيعة. التاسع: الرضاع يعتبر فيه الصغر إلا فيما دعت إليه الحاجة، مثل رضاع الكبير الذي لا تستغني المرأة عن دخوله عليها، ويشق احتجابها منه، وهو رأي الإمام ابن تيمية والمختار لدي الإمام الشوكاني وهذا الرأي الأخير هو الراجح، لأنه يجمع بين الأحاديث، وقد جعل قصة سالم مخصصة لعموم الأحاديث الأخري، مثل:"لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام"[الترمذي]. |
شروط الرضاع للزواج: يشترط في الرضاع ليكون محرِّمًا للزواج ما يلي: 1- أن يكون لبن آدمية ولو ميتة، فلو رضع رجل وامرأة من بهيمة، يحل لهما الزواج، ولو رضعت المرأة في إناء ثم ماتت، يثبت التحريم، لأن اللبن لا يموت، ومنه يكون اللحم. 2- أن يكون الإرضاع من طريق الفم. 3- ألا يخلط اللبن بغيره، خلطًا يغيره، فإن غيره لم يحرمه، وإن غلب اللبن علي الشيء الذي خالطه، كان في حكم اللبن، فيحرم. 4 أن يصل اللبن إلي معدة الرضيع حتى يحصل التغذي به. 5- أن يكون الرضاع في حالة الصغر، إلا ما كان من رضاع الكبير الذي لا تستغني المرأة عن دخوله عليها، لحديث سهلة بنت سهيل، وهو حديث صحيح، وبذا يجمع بين الأحاديث كما رأي ابن تيمية -رضي الله عنه-. طرق إثبات الرضاع: يثبت الرضاع من خلال أمرين: "الإقرار، والبينة الإقرار" إذا أقر كل من الزوجين بالرضاع، أو أقر الرجل دون المرأة، أو أقرت المرأة ثم وافقها الرجل، فلا يحل لهما الزواج، وإن تم الإقرار بعد الزواج يفسخ العقد، ويترتب عليه ما يترتب علي الفسخ من آثار. ولا يعترف بإقرار المرأة بعد الزواج إذا خالفها الزوج"البينة" وطريقها الإخبار في مجلس القضاء بثبوت الرضاعة بين زوجين، ويكون إثبات الرضاع بشهادة رجلين ورجل وامرأتين، وقد قال عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-:"لا يقبل علي الرضاع أقل من شاهدين"، وكان ما قاله في وجود الصحابة-رضوان الله عليهم-، ولم ينكر عليه أحد منهم، فكان بمكانة الإجماع. وقال الشافعي: "يثبت الرضاع بشهادة أربع نسوة، لاختصاص النساء بالاطلاع عليه غالبًا، كالولادة، ولا يثبت بدون أربع نسوة"، لأن كل امرأتين بمثابة رجل، وتقبل شهادة أم الزوجة وبنتها مع غيرهما حسبة بدون تقديم دعوى. |
الحضانة تعريفها: الحضانة هي القيام بحفظ الصغير أو الصغيرة، أو المعتوه الذي لا يميز، ولا يستقل بأمره، وتعهده بما يصلحه، ووقايته مما يؤذيه ويضره، وتربيته جسميا ونفسيا وعقليا، حتى يقوي علي النهوض بتبعات الحياة والاضطلاع بما عليه من مسئوليات. حكمها: والحضانة واجبة للصغير والصغيرة، لأن المحضون يهلك بتركها، فوجبت حفاظًا عليه من المهالك والمخاوف. لمن حق الحضانة: للأم حق الحضانة مادام الولد صغيرًا، فعن عبد الله بن عمرو أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وحجري له حواء، وثديي له سقاء، وزعم أبوه أنه ينزعه مني. فقال: "أنت أحق به مالم تنكحي[أحمد وأبو داود] وعن القاسم بن محمد قال:"كانت عند عمر بن الخطاب امرأة من الأنصار، فولدت له عاصم بن عمر، ثم إن عمر فارقها، فجاء عمر قباء، فوجد ابنه عاصمًا يلعب بفناء المسجد، فأخذ بعضده، فوضعه بين يديه علي الدابة، فأدركته جدة الغلام، فنازعته إياه حتى أتيا أبا بكر الصديق. فقال عمر: ابني. وقالت المرأة: ابني. فقال أبو بكر: خَلِّ بينها وبينه، فما راجعه عمر الكلام. [مالك]. وقال بعض العلماء: إن الحضانة تتعلق بها ثلاثة حقوق معًا: حق الحاضنة، وحق المحضون، وحق الأب أو من يقوم مقامه، فإن أمكن الجمع بين الحقوق، وجب العمل بها، وإلا فيعتبر الأوفق للمحضون، وتعتبر أمور- تجبر الأم علي حضانة ولدها إذا لم يوجد غيرها، أما إذا وجد غيرها فهي الأولي إلا أن يكون عندها مانع لا يصح أن يأخذ الأب الولد لحضانته من الأم إلا لأمر شرعي، كأن تكون الأم قد تفسد الولد في التربية، والأب سيصلحه. ترتيب أصحاب الحقوق في الحضانة: تقدم الأم علي الأب في الحضانة، وقد فهم كثير من العلماء من ذلك أنه يقدم أقارب الأم علي أقارب الأب في الحضانة أيضًا، ورتبوا أصحاب الحقوق في الحضانة علي النحو التالي: الأم، فإن وجد مانع، فأم الأم وإن علت، فإن وجد مانع فأم الأب ثم إلي الأخت الشقيقة، ثم إلي الأخت لأم ثم الأخت لأب، ثم بنت الأخت الشقيقة، فبنت الأخت لأم، ثم الخالة الشقيقة، فالخالة لأم، فالخالة لأب، ثم بنت الأخت لأب ثم بنت الأخ الشقيقة فبنت الأخ لأم، فبنت الأخ لأب، ثم العمة الشقيقة، فالعمة لأم، فالعمة لأب، ثم خالة الأم، فخالة الأب، فعمة الأم، فعمة الأب، وتقدم الشقيقة علي غيرها في كل ذلك. فإن لم يكن للصغير قريبات من هذه المحارم، أو وجدت وليست أهلا للحضانة، انتقلت الحضانة إلي العصبات من المحارم من الرجال، علي النحو التالي: الأب ثم أب الأب، وإن علا، ثم إلي الأخ الشقيق، ثم إلي الأخ لأب، ثم ابن الأخ لأب، ثم العم الشقيق، فالعم لأب، ثم عم أبيه الشقيق، ثم عم أبيه لأب،فإذا لم يوجد من عصبته من الرجال المحارم أحد، أو وجد وليس فيهم من هو أهل للحضانة، انتقلت الحضانة إلي محارمه من الرجال غير العصبة، وهم علي النحو التالي. الجد لأم، ثم الأخ لأم، ثم ابن الأخ لأم، ثم العم لأم، ثم الخال الشقيق، ثم الخال لأب، ثم الخال لأم، فإذا لم يكن للصغير قريب من ذلك كله عين القاضي له من يقوم بحضانته. شروط الحضانة: تنقسم الشروط التي تعتبر في الحضانة إلي ثلاثة أقسام: قسم مشترك بين الرجال والنساء، وقسم خاص بالنساء، وقسم خاص بالرجال. الشروط المشتركة: يشترط فيمن له حق الحضانة من الرجال والنساء البلوغ والعقل والقدرة علي تربية المحضون، واشترط البعض الأمانة والخلق، فيمنع الفاسق والفاسقة من الحضانة، وقيد بعض علماء الحنفية الفسق الذي يضيِّع الولد، ويري الإمام ابن القيم أن هذا الشرط غير معتبر لأمور. 1- أن اشتراط العدالة في الحضانة فيه ضياع لأطفال العالم، لمانع ذلك من المشقة علي الأمة. 2- انتزاع الطفل من أبويه بسبب الفسق فيه من عسر وحرج علي الأمة، لأن الفسق منتشر وهو موجود مادامت الحياة باقية. 3- لم يمنع النبي ( ولا أحد من الصحابة فاسقًا في تربية ابنه أو حضانته له. 4- العادة تشهد أن الفاسق يكون حريصًا علي ابنته، فهو يحتاط لها ويحرص علي ما ينفعها. 5- لو كان الفسق مانعًا للحضانة، لاشتهر هذا الأمر بين الأمة لأنه مما تعم به البلوي. واشترط الشافعية والحنابلة الإسلام، لأن الحضانة ولاية، ولم يجعل الله ولاية للكافر علي المؤمن؛ لقوله تعالى: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً)[النساء: 141]. كما أنه يخشي عليه أن يغير دينه، ويري الأحناف وابن القاسم من المالكية وأبو ثور أن الحضانة لا يشترط فيها الإسلام لأن مناط الحضانة الشفقة، وهي لا تختلف باختلاف الدين، لكن الأحناف يشترطون ألا تكون مرتدة لأن المرتدة تحبس حتى ترجع إلي الإسلام أو تموت في الحبس، كما أنهم اشترطوا أن يكون الصغير معها حتى سن السابعة، كي لا يتأثر بها في عقائدها، وأن تغذيه لحم الخنزير وتسقيه الخمر، وقالت المالكية يبقي عندها مدة الحضانة شرعًا، لكنها تمنع من إطعامه ما حرم الله، أو أن تذهب به إلي المعابد ونحو ذلك. شروط خاصة في النساء: يشترط في المرأة ألا تكون متزوجة بأجنبي عن الصغير أو بقريب غير محرم منه، لأن الزوج قد يعامله بقسوة، لانشغالها به عن حق الزوج، ولقول الرسول ( :"أنت أحق به مالم تنكحي"[أحمد وأبو داود]. فإن كانت قد تزوجت بقريب محرم للمحضون كعمه وابن عمه فلا يسقط عنها حق الحضانة، وأن تكون ذات رحم محرم كأمه وأخته وجدته، فلا حضانة لبنات العم والعمة ولا لبنات الخال والخالة بالنسبة للصبي، خلافًا للحنفية فهم يجوزون ذلك، إلا أن تكون قد امتنعت عن حضانته مجانًا، بسبب عسر الأب، فإن قبلت أخري الحضانة، سقط حق الأولي، وألا تقيم الحاضنة بالصغير في بيت يبغضه ويكرهه. شروط خاصة بالرجال: يشترط في الرجل الحاضن أن يكون محرمًا للمحضون إذا كانت أنثي تشتهي، وقد حدد الفقهاء سنها بسبع سنين، حذرًا من الخلوة بها، وإن لم تبلغ حد الشهوة، أعطيت له بلا خلاف، وتعطي لغير المحرم إذا لم يوجد غيره وكان مأمون الجانب، وأن يكون عند الحاضنة من النساء من تقوم علي خدمة المحضون. شروط حق الحضانة: يسقط حق الحضانة بأربعة أسباب؛ هي: 1- أن يسافر الحاضن سفر نقلة وانقطاع إلي مكان بعيد، قدره العلماء بمائة وثلاثة وثلاثين كيلو مترًا، فأكثر. 2- أن يكون في جسد الحاضن ضرر كالجنون والجذام والبرص. 3- أن يكون الحاضن فاسقًا غير الأب. 4- أن تتزوج الحاضنة، إلا أن تكون جدة الطفل زوجًا لجده، أو تتزوج الأم عمًا له، فلا يسقط حق الحضانة، لأن الجد أو العم محرم للصغير. أجر الحضانة: يري جمهور الفقهاء غير الأحناف أنه ليس للحاضن أجرة علي الحضانة، سواء كانت الحاضن أمّا أم غيرها، لأن الأم تستحق النفقة إن كانت زوجة، وغير الأم نفقتها علي غيرها وهو أبوها، لكن إذا احتاج المحضون إلي خدمة، فللحاضن الأجرة. ويري الأحناف أن الأم لا تستحق الأجرة إلا إذا طلقت طلاقًا بائنًا، وانقضت عدتها، أما إذا كانت الحاضنة غير الأم فلها أجرتها. مدة الحضانة: يري الأحناف أن الحاضنة أحق بالغلام حتى يستغني عن خدمة النساء، وقدر زمن استقلاله بسبع سنين، والحاضنة أحق بالفتاة الصغيرة حتى تبلغ سن الحيض أو الإنزال أو بعد تسع سنين أو إحدي عشرة سنة، ويري المالكية أن الحضانة تستمر في الغلام حتى البلوغ، وفي الأنثي إلي الزواج ودخول الزوج بها، ولو كانت الأم كافرة، وليس هناك تخيير للولد عند الأحناف والمالكية، لأنه قد يتبع من يتركه يفعل ما يشاء، وليس هو أقدر علي معرفة ما يصلحه، وعند الشافعية يخير الولد عند سن التمييز، وعند الحنابلة يخير الغلام غير المعتوه عند سبع سنين، ويكون التخيير شرطين: أن يكون الأبوان أو غيرهما من أهل الحضانة، فإن كان أحدهما غير أهل للحضانة، فلا تخيير، وألا يكون الغلام معتوهًا، فإن كان معتوهًا فيعطي للأم ولا يخير. أما الفتاة إذا بلغت سبع سنين، فالأب أحق بها، ولا تخير، لأن الأب يرعي مصلحتها عند هذه السن أكثر من الأم. |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 02:23 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.