بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   أرشيف المنتدي (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=513)
-   -   موسوعة الأخلاق الإسلامية (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=511314)

محمد رافع 52 11-05-2013 10:02 AM

فوائد الصبر
من فوائد الصبر أنه :
1- دليل على كمال الإيمان وحسن الإسلام.
2- يورث الهداية في القلب.
3- يثمر محبة الله ومحبة الناس.
4- سبب للتمكين في الأرض.
5- الفوز بالجنة والنجاة من النار.
6- معية الله للصابرين.
7- الأمن من الفزع الأكبر يوم القيامة.
8- مظهر من مظاهر الرجولة الحقة.
9- صلاة الله ورحمته وبركاته على الصابرين.

محمد رافع 52 11-05-2013 10:06 AM

أقسام الصبر

ينقسم الصبر بعدة اعتبارات:
- فباعتبار محله ينقسم إلى ضربين:
(ضرب بدني وضرب نفساني، وكل منهما نوعان: اختياري واضطراري، فهذه أربعة أقسام:
الأول: البدني الاختياري: كتعاطي الأعمال الشاقة على البدن اختيارًا وإرادة.
الثاني: البدني الاضطراري: كالصبر على ألم الضرب والمرض والجراحات، والبرد والحر وغير ذلك.
الثالث: النفساني الاختياري: كصبر النفس عن فعل ما لا يحسن فعله شرعًا ولا عقلًا.
الرابع: النفساني الاضطراري: كصبر النفس عن محبوبها قهرًا إذا حيل بينها وبينه.


فإذا عرفت هذه الأقسام فهي مختصة بنوع الإنسان دون البهائم، ومشاركة للبهائم في نوعين منها، وهما: صبر البدن والنفس الاضطراريين، وقد يكون بعضها أقوى صبرًا من الإنسان، وإنما يتميز الإنسان عنها بالنوعين الاختياريين، وكثير من الناس تكون قوة صبره في النوع الذي يشارك فيه البهائم، لا في النوع الذي يخص الإنسان فيعد صابرًا وليس من الصابرين... فالإنسان منا إذا غلب صبره باعث الهوى والشهوة التحق بالملائكة، وإن غلب باعث الهوى والشهوة صبره التحق بالشياطين، وإن غلب باعث طبعه من الأكل والشرب والجماع صبره التحق بالبهائم، قال قتادة: خلق الله سبحانه الملائكة عقولًا بلا شهوات، وخلق البهائم شهوات بلا عقول، وخلق الإنسان وجعل له عقلًا وشهوة، فمن غلب عقله شهوته فهو من الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله فهو كالبهائم، ولما خلق الإنسان في ابتداء أمره ناقصًا، لم يخلق فيه إلا شهوة الغذاء الذي هو محتاج إليه، فصبره في هذه الحال بمنزلة صبر البهائم، وليس له قبل تمييزه قوة الاختيار، فإذا ظهرت فيه شهوة اللعب، استعد لقوة
الصبر الاختياري على ضعفها فيه، فإذا تعلقت به شهوة النكاح، ظهرت فيه قوة الصبر، وإذا تحرك سلطان العقل وقوي، استعان بجيش الصبر) .
- وباعتبار متعَلَّقه ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
(صبر على الأوامر والطاعات حتى يؤديها، وصبر عن المناهي والمخالفات حتى لا يقع فيها، وصبر على الأقدار والأقضية حتى لا يتسخطها...
فأما الذي من جهة الرب فهو أنَّ الله تعالى له على عبده حكمان: حكم شرعي ديني، وحكم كوني قدري، فالشرعي متعلِّق بأمره، والكوني متعلِّق بخلقه، وهو سبحانه له الخلق والأمر، وحكمه الديني الطلبي نوعان: بحسب المطلوب، فإنَّ المطلوب إن كان محبوبًا له فالمطلوب فعله إما واجبًا وإما مستحبًّا، ولا يتم ذلك إلا بالصبر، وإن كان مبغوضًا له فالمطلوب تركه إما تحريمًا وإما كراهة، وذلك أيضًا موقوف على الصبر، فهذا حكمه الديني الشرعي، وأما حكمه الكوني فهو ما يقضيه ويقدره على العبد من المصائب التي لا صنع له فيها، ففرضه الصبر عليها، وفي وجوب الرضا بها قولان للعلماء، وهما وجهان في مذهب أحمد، أصحهما أنه مستحب، فمرجع الدين كله إلى هذه القواعد الثلاث: فعل المأمور، وترك المحظور، والصبر على المقدور، وأما الذي من جهة العبد فإنه لا ينفك عن هذه الثلاث ما دام مكلفًا، ولا تسقط عنه هذه الثلاث حتى يسقط عنه التكليف، فقيام عبودية الأمر والنهي والقدر على ساق الصبر، ولا تستوي إلا عليه كما لا تستوي السنبلة إلا على ساقها، فالصبر متعلق بالأمور والمحظور والمقدور بالخلق والأمر) .
- وباعتبار تعلق الأحكام الخمسة به ينقسم إلى خمسة أقسام:
(إلى واجب ومندوب ومحظور ومكروه ومباح.
فالصبر الواجب ثلاثة أنواع:
أحدها: الصبر عن المحرمات.
والثاني: الصبر على أداء الواجبات.
والثالث الصبر على المصائب التي لا صنع للعبد فيها، كالأمراض والفقر وغيرها.
وأما الصبر المندوب: فهو الصبر عن المكروهات، والصبر على المستحبات، والصبر على مقابلة الجاني بمثل فعله.
وأما المحظور فأنواع: أحدها الصبر عن الطعام والشراب حتى يموت، وكذلك الصبر عن الميتة والدم ولحم الخنزير عند المخمصة حرام، إذا خاف بتركه الموت، قال طاوس وبعده أحمد: من اضطر إلى أكل الميتة والدم فلم يأكل فمات دخل النار...
ومن الصبر المحظور: صبر الإنسان على ما يقصد هلاكه من سبع أو حيات أو حريق أو ماء أو كافر يريد ***ه، بخلاف استسلامه وصبره في الفتنة وقتال المسلمين، فإنه مباح له، بل يستحب، كما دلت عليه النصوص الكثيرة.
وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه المسألة بعينها فقال: ((كن كخير ابني آدم)) . وفي لفظ: ((كن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل)) ...
وأما


الصبر المكروه فله أمثلة:
أحدها: أن يصبر عن الطعام والشراب واللبس وجماع أهله حتى يتضرر بذلك بدنه.
الثاني: صبره عن جماع زوجته إذا احتاجت إلى ذلك ولم يتضرر به.
الثالث: صبره على المكروه.
الرابع: صبره عن فعل المستحب.
وأما الصبر المباح: فهو الصبر عن كل فعل مستوى الطرفين، خُيِّر بين فعله وتركه والصبر عليه.
وبالجملة فالصبر على الواجب واجب وعن الواجب حرام، والصبر عن الحرام واجب وعليه حرام. والصبر على المستحب مستحب وعنه مكروه، والصبر عن المكروه مستحب وعليه مكروه، والصبر عن المباح مباح) .

محمد رافع 52 11-05-2013 10:09 AM

الصبر المحمود وأقسامه
قسم العلماء الصبر المحمود إلى أقسام عدة، وذكر له ابن القيم ثلاثة أنواع: (صبر بالله، وصبر لله، وصبر مع الله:
فالأول: الاستعانة به ورؤيته أنه هو المصبر، وأنَّ صبر العبد بربه لا بنفسه، كما قال تعالى: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ. [النحل: 127] يعني إن لم يصبرك هو لم تصبر.


والثاني:
الصبر لله، وهو أن يكون الباعث له على الصبر محبة الله، وإرادة وجهه والتقرب إليه، لا لإظهار قوة النفس والاستحماد إلى الخلق وغير ذلك من الأعراض.
والثالث: الصبر مع الله، وهو دوران العبد مع مراد الله الديني منه، ومع أحكامه الدينية صابرًا نفسه معها، سائرًا بسيرها مقيمًا بإقامتها، يتوجه معها أين توجهت ركائبها، وينزل معها أين استقلت مضاربها، فهذا معنى كونه صابرًا مع الله، أي قد جعل نفسه وقفًا على أوامره ومحابِّه، وهو أشد أنواع الصبر وأصعبها، وهو صبر الصديقين) .
وقسَّمه الماوردي إلى ستة أقسام فقال:
(فأول أقسامه وأولاها: الصبر على امتثال ما أمر الله تعالى به، والانتهاء عما نهى الله عنه؛ لأن به تخلص الطاعة، وبها يصحُّ الدين، وتؤدَّى الفروض، ويُستحقُّ الثواب، كما قال في محكم الكتاب: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر: 10].. وليس لمن قلَّ صبره على طاعة حظٌّ من برٍّ ولا نصيب من صلاح ...
وهذا النوع من


الصبر إنما يكون لفرط الجزع وشدة الخوف، فإنَّ من خاف الله عزَّ وجلَّ صبر على طاعته، ومن جزع من عقابه وقف عند أوامره.
الثاني: الصبر على ما تقتضيه أوقاته من رزية قد أجهده الحزن عليها، أو حادثة قد كدَّه الهمُّ بها، فإنَّ الصبر عليها يعقبه الراحة منها، ويكسبه المثوبة عنها. فإن صبر طائعًا وإلا احتمل همًّا لازمًا، وصبر كارهًا آثمًا.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه للأشعث بن قيس: إنك إن صبرت جرى عليك القلم وأنت مأجور، وإن جزعت جرى عليك القلم وأنت مأزور...
الثالث: الصبر على ما فات إدراكه من رغبة مرجوة، وأعوز نيله من مسرة مأمولة، فإن الصبر عنها يعقب السلو منها، والأسف بعد اليأس خرق.
...وقال بعض الحكماء: اجعل ما طلبته من الدنيا فلم تنله، مثل ما لا يخطر ببالك فلم تقله.
الرابع: الصبر فيما يخشى حدوثه من رهبة يخافها، أو يحذر حلوله من نكبة يخشاها، فلا يتعجل هم ما لم يأت، فإنَّ أكثر الهموم كاذبة، وإنَّ الأغلب من الخوف مدفوع...
وقال الحسن البصري رحمه الله: لا تحملنَّ على يومك همَّ غدك، فحسب كلِّ يوم همُّه.
الخامس: الصبر فيما يتوقعه من رغبة يرجوها، وينتظر من نعمة يأملها، فإنه إن أدهشه التوقع لها، وأذهله التطلع إليها انسدت عليه سبل المطالب، واستفزه تسويل المطامع، فكان أبعد لرجائه، وأعظم لبلائه .
وإذا كان مع الرغبة وقورًا، وعند الطلب صبورًا، انجلت عنه عماية الدهش، وانجابت عنه حيرة الوله، فأبصر رشده وعرف قصده. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الصبر ضياء)) . يعني - والله أعلم - أنه يكشف ظلم الحيرة، ويوضح حقائق الأمور.
السادس:


الصبر على ما نزل من مكروه، أو حلَّ من أمر مخوف.
فبالصبر في هذا تنفتح وجوه الآراء، وتستدفع مكائد الأعداء، فإنَّ من قلَّ صبره عزب رأيه، واشتد جزعه، فصار صريع همومه، وفريسة غمومه. وقد قال الله تعالى: وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [لقمان: 17]... واعلم أنَّ النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، واليسر مع العسر) .

محمد رافع 52 11-05-2013 10:11 AM

مراتب الصبر

ذكر ابن القيم أربعة مراتب للصبر:
(إحداها: مرتبة الكمال، وهي مرتبة أولي العزائم، وهي الصبر لله وبالله.
فيكون في صبره مبتغيًا وجه الله صابرًا به، متبرئًا من حوله وقوته، فهذا أقوى المراتب وأرفعها وأفضلها.
الثانية: أن لا يكون فيه لا هذا ولا هذا، فهو أخس المراتب وأردأ الخلق، وهو جدير بكل خذلان وبكل حرمان.
الثالثة: مرتبة من فيه صبر بالله، وهو مستعين متوكل على حوله وقوته، متبرئ من حوله هو وقوته، ولكن صبره ليس لله؛ إذ ليس صبره فيما هو مراد الله الديني منه، فهذا ينال مطلوبه ويظفر به، ولكن لا عاقبة له، وربما كانت عاقبته شرَّ العواقب، وفي هذا المقام خفراء الكفار وأرباب الأحوال الشيطانية، فإنَّ صبرهم بالله لا لله ولا في الله...
الرابع: من فيه صبر لله، لكنه ضعيف النصيب من الصبر به والتوكل عليه والثقة به والاعتماد عليه، فهذا له عاقبة حميدة، ولكنه ضعيف عاجز مخذول في كثير من مطالبه؛ لضعف نصيبه من إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة: 5] فنصيبه من الله أقوى من نصيبه بالله، فهذا حال المؤمن الضعيف.
وصابر بالله لا لله: حال الفاجر القوي، وصابر لله وبالله: حال المؤمن القوي، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
فصابر لله وبالله: عزيز حميد، ومن ليس لله ولا بالله: مذموم مخذول، ومن هو بالله لا لله: قادر مذموم، ومن هو لله لا بالله: عاجز محمود) .

محمد رافع 52 11-05-2013 10:13 AM

صور الصبر
إن صور الصبر ومجالاته كثيرة في حياة الإنسان، فلا يستغني عنه أحد بحال من الأحوال، يقول ابن القيم: (إن الإنسان لا يستغني عن الصبر في حال من الأحوال، فإنه بين أمر يجب عليه امتثاله وتنفيذه، ونهي يجب عليه اجتنابه وتركه، وقدر يجري عليه اتفاقًا، ونعمة يجب عليه شكر المنعم عليها، وإذا كانت هذه الأحوال لا تفارقه فالصبر لازم له إلى الممات، وكل ما يلقى العبد في هذه الدار لا يخلو من نوعين: أحدهما: يوافق هواه ومراده، والآخر: يخالفه، وهو محتاج إلى الصبر في كلٍّ منهما) .
ومن المجالات التي ينبغي للإنسان أن يضبط نفسه عندها ويصبر عليها:
1- ضبط النفس عن الضجر والجزع عند حلول المصائب ومس المكاره.
2- ضبط النفس عن السأم والملل لدى القيام بأعمال تتطلب الدأب والمثابرة خلال مدة مناسبة.
3- ضبط النفس عن العجلة والرعونة لدى تحقيق مطلب من المطالب المادية أو المعنوية.
4- ضبط النفس عن الغضب والطيش لدى مثيرات عوامل الغضب في النفس.
5- ضبط النفس عن الخوف لدى مثيرات الخوف في النفس.
6- ضبط النفس عن الطمع لدى مثيرات الطمع فيها.
7- ضبط النفس عن الاندفاع وراء أهوائها وشهواتها وغرائزها.
8- ضبط النفس لتحمل المتاعب والمشقات والآلام الجسدية والنفسية .

محمد رافع 52 11-05-2013 10:15 AM

موانع التحلي بالصبر

على المسلم الذي يريد أن يتحلى بالصبر أن يحذر من الموانع التي تعترض طريقه حتى لا تكون سدًّا منيعًا أمامه، ومن هذه الموانع :
1- الاستعجال: فالنفس مولعة بحب العاجل؛ والإنسان عجول بطبعه، حتى جعل القرآن العجل كأنه المادة التي خلق الإنسان منها: خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ [الأنبياء: 37] فإذا أبطأ على الإنسان ما يريده نفد صبره، وضاق صدره، ناسيًا أنَّ لله في خلقه سننًا لا تتبدل: وأنَّ لكل شيء أجلًا مسمًّى، وأنَّ الله لا يعجل بعجلة أحد من الناس، ولكل ثمرة أوان تنضج فيه، فيحسن عندئذ قطافها، والاستعجال لا ينضجها قبل وقتها، فهو لا يملك ذلك، وهي لا تملكه، ولا الشجرة التي تحملها، إنها خاضعة للقوانين الكونية التي تحكمها، وتجري عليها بحساب ومقدار...


2- الغضب: فقد يستفزُّ
الغضب صاحب الدعوة، إذا ما رأى إعراض المدعوين عنه، ونفورهم من دعوته، فيدفعه الغضب إلى ما يليق به من اليأس منهم، أو النأي عنهم، مع أن الواجب على الداعية أن يصبر على من يدعوهم، ويعاود عرض دعوته عليهم مرة بعد مرة، وعسى أن يتفتح له قلب واحد يومًا، تشرق عليه أنوار الهداية، فيكون خيرًا له مما طلعت عليه الشمس وغربت.
وفي هذا يقول الله لرسوله: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ [القلم: 48-50].
3- شدة الحزن والضيق مما يمكرون، فليس أشد على نفس المرء المخلص لدعوته من الإعراض عنه، والاستعصاء عليه. فضلًا عن


المكر به، والإيذاء له، والافتراء عليه، والافتنان في إعناته. وفي هذا يقول الله لرسوله: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ [النحل: 127] ثم يؤنسه بأنه في معيته سبحانه ورعايته فيقول:إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ [النحل: 128].
4- اليأس: فهو من أعظم عوائق الصبر، فإنَّ اليائس لا صبر له؛ لأنَّ الذي يدفع الزارع إلى معاناة مشقة الزرع وسقيه وتعهده، هو أمله في الحصاد، فإذا غلب

اليأس على قلبه، وأطفأ شعاع أمله، لم يبق له صبر على استمرار العمل في أرضه وزرعه، وهكذا كل عامل في ميدان عمله...
ولهذا حرص القرآن على أن يدفع الوهم عن أنفس المؤمنين، فبذر الأمل في صدورهم وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران: 139-140]، ولما أمر موسى قومه بالصبر إزاء طغيان فرعون وتهديده، أضاء أمامهم شعلة الأمل، فقال: قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [الأعراف: 128- 129].

محمد رافع 52 11-05-2013 10:20 AM

الوسائل المعينة على الصبر
أ- الوسائل المعينة على الصبر عن المعصية والصبر على الطاعة :
1- مما يعين على الصبر عن المعصية علم العبد بقبحها ورذالتها ودناءتها، وأن الله إنما حرمها ونهى عنها صيانة وحماية عن الدنايا والرذائل، كما يحمي الوالد الشفيق ولده عما يضره.
2- الحياء من الله سبحانه، فإن العبد متى علم بنظره إليه ومقامه عليه وأنه بمرأى منه ومسمع وكان حييًّا - استحيى من ربه أن يتعرض لمساخطه بترك طاعته أو ارتكاب معاصيه.
3- مراعاة نعمه عليك وإحسانه إليك، فإن الذنوب تزيل النعم ولا بد، فما أذنب عبد ذنبا إلا زالت عنه نعمه من الله بحسب ذلك الذنب، ومن أطاعه وشكره زاده من نعمه وآلائه.
4- خوف الله وخشية عقابه، ورجاء ثوابه ومغفرته، وهذا إنما يثبت بتصديقه في وعده ووعيده، والإيمان به وبكتابه وبرسوله.
5- محبة الله وهي أقوى الأسباب في الصبر عن مخالفته ومعاصيه، فإن المحب لمن يحب مطيع، وكلما قوي داعي المحبة في القلب كانت استجابته للطاعة بحسبه.
6- شرف النفس وزكاؤها وفضلها وأنفتها وحميتها أن تختار الأسباب التي تحطها وتضع من قدرها وتخفض منزلتها وتحقرها وتسوي بينها وبين السفلة.
7- قوة العلم بسوء عاقبة المعصية وقبح أثرها والضرر الناشئ منها؛ من سواد الوجه وظلمة القلب وضيقه وغمه وحزنه وألمه وانحصاره وشدة قلقه واضطرابه وتمزق شمله وضعفه عن مقاومة عدوه وتعريه من زينته والحيرة في أمره وتخلي وليه وناصره عنه وتولي عدوه المبين له، وقوة العلم بحسن عاقبة الطاعة وأثرها الطيب على النفس.
8- قصر الأمل وعلمه بسرعة انتقاله، وأنه كمسافر دخل قرية وهو مزمع على الخروج منها، أو ****ب قال في ظل شجرة ثم سار وتركها، فهو لعلمه بقلة مقامه وسرعة انتقاله حريص على ترك ما يثقله حمله ويضره ولا ينفعه حريص على الانتقال بخير ما بحضرته، فليس للعبد أنفع من قصر الأمل ولا أضر من التسويف وطول الأمل.
9- مجانبة الفضول في مطعمه ومشربه وملبسه ومنامه واجتماعه بالناس.
10- ثبات شجرة الإيمان في القلب، فصبر العبد عن المعاصي إنما هو بحسب قوة إيمانه، فكلما كان إيمانه أقوى كان صبره أتم، وإذا ضعف الإيمان ضعف الصبر، وكلما قوي داعي الإيمان في القلب كانت استجابته للطاعة بحسبه، وهذا السبب جامع للأسباب كلها.
ب – الوسائل المعينة على الصبر على البلاء:
1- أن يعلم أن الله قد ارتضاها له واختارها وقسمها، وأن العبودية تقتضي رضاه بما رضي له به سيده ومولاه.
2- أن يعلم أن هذه المصيبة هي دواء نافع، ساقه إليه الطبيب العليم بمصلحته الرحيم به، فليصبر على تجرعه ولا يتقيأه بتسخطه وشكواه فيذهب نفعه باطلا.
3- أن يعلم أن في عقبى هذا الدواء من الشفاء والعافية والصحة وزوال الألم مالم تحصل بدونه، فإذا طالعت نفسه كراهة هذا الداء ومرارته فلينظر إلى عاقبته وحسن تأثيره قال تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [البقرة: 216] وقال الله تعالى: فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء: 19].
4- أن يعلم أن الله يربي عبده على السراء والضراء والنعمة والبلاء فيستخرج من عبوديته في جميع الأحوال، فإن العبد على الحقيقة من قام بعبودية الله على اختلاف الأحوال، وأما عبد السراء والعافية الذي يعبد الله على حرف، فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه فليس من عبيده الذين اختارهم لعبوديته، فلا ريب أن الإيمان الذي يثبت على محل الابتلاء والعافية هو الإيمان النافع وقت الحاجة، وأما إيمان العافية فلا يكاد يصحب العبد ويبلغه منازل المؤمنين، وإنما يصحبه إيمان يثبت على البلاء والعافية، فالابتلاء كِير العبد ومحك إيمانه .
5- أن يعلم أن ما أصابه مقدر من الله:
قال تعالى: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [الحديد: 22-23].
6- أن يتذكر أعظم المصائب التي حلت بالأمة الإسلامية؛ وهي موت الرسول صلى الله عليه وسلم:
قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب)) .


7- أن يتجنب
الجزع فهو لا ينفعه بل يزيد من مصابه:

قال ابن القيم: (إن الجزع يشمت عدوه، ويسوء صديقه، ويغضب ربه، ويسر شيطانه، ويحبط أجره، ويضعف نفسه، وإذا صبر واحتسب أنضى شيطانه ورده خاسئًا، وأرضى ربه، وسر صديقه، وساء عدوه، وحمل عن إخوانه وعزاهم هو قبل أن يعزوه، فهذا هو الثبات والكمال الأعظم، لا لطم الخدود وشق الجيوب والدعاء بالويل والثبور والسخط على المقدور) .
8- أن يتسلى المصاب بمن هم أشد منه مصيبة:
قال ابن القيم: (ومن علاجه أن يطفئ نار مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب، وليعلم أنه في كل واد بنو سعد، ولينظر يمنة فهل يرى إلا محنة؟! ثم ليعطف يسرة فهل يرى إلا حسرة؟! وأنه لو فتش العالم لم ير فيهم إلا مبتلى إما بفوات محبوب أو حصول مكروه، وأن شرور الدنيا أحلام نوم أو كظل زائل؛ إن أضحكت قليلًا أبكت كثيرًا، وإن سرت يومًا ساءت دهرًا، وإن متعت قليلًا خيرة إلا ملأتها عبرة، ولا سرته بيوم سرور إلا خبأت له يوم شرور) .
9- أن يتسلى المصاب بأنه لله، وأن مصيره إليه:
قال ابن القيم: (إذا تحقق العبد بأنه لله وأن مصيره إليه تسلى عن مصيبته، وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب وأنفعه له في عاجلته وآجلته، فإنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتهما تسلى عن مصيبته: أحدهما: أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل حقيقة... الثاني: أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق، ولا بد أن يخلف الدنيا وراء ظهره، ويجيء ربه فردًا كما خلقه أول مرة بلا أهل ولا مال ولا عشيرة، ولكن بالحسنات والسيئات، فإذا كانت هذه بداية العبد وما خوله ونهايته، فكيف يفرح بموجود أو يأسى على مفقود؟!) .
10- أن يعلم أن ابتلاء الله له هو امتحان لصبره:
يقول ابن قيم الجوزية في ذلك: (أن الذي ابتلاه بها أحكم الحاكمين أرحم الراحمين، وأنه سبحانه لم يرسل إليه البلاء ليهلكه به ولا ليعذبه به ولا ليجتاحه، وإنما افتقده به ليمتحن صبره ورضاه عنه وإيمانه وليسمع تضرعه وابتهاله وليراه طريحًا ببابه لائذًا بجنابه مكسور القلب بين يديه رافعًا قصص الشكوى إليه) .
11- أن يعلم أن مرارة الدنيا هي حلاوة الآخرة:
قال ابن القيم: (إن مرارة الدنيا هي بعينها حلاوة الآخرة، يقلبها الله سبحانه كذلك، وحلاوة الدنيا بعينها مرارة الآخرة، ولأن ينتقل من مرارة منقطعة إلى حلاوة دائمة خير له من عكس ذلك، فإن خفي عليك هذا فانظر إلى قول الصادق المصدوق: ((حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات)) . وفي هذا المقام تفاوتت عقول الخلائق، وظهرت حقائق الرجال، فأكثرهم آثر الحلاوة المنقطعة على الحلاوة الدائمة التي لا تزول، ولم يحتمل مرارة ساعة لحلاوة الأبد، ولا ذل ساعة لعز الأبد، ولا محنة ساعة لعافية الأبد، فإن الحاضر عنده شهادة، والمنتظر غيب، والإيمان ضعيف، وسلطان الشهوة حاكم، فتولد من ذلك إيثار العاجلة ورفض الآخرة) .
12- أن يشهد أن الله سبحانه وتعالى خالق أفعال العباد، حركاتهم وسكناتهم وإراداتهم، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فلا يتحرك في العالم العلوي والسفلي ذرة إلا بإذنه ومشيئته، فالعباد آلة، فانظر إلى الذي سلطهم عليك، ولا تنظر إلى فعلهم بك، تسترح من الهم والغم.
13- أن يشهد ذنوبه، وأن الله إنما سلطهم عليه بذنبه، كما قال تعال :ىوَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ [الشورى: 30].
14- أن يشهد العبد حسن الثواب الذي وعده الله لمن عفا وصبر، كما قال تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشورى:40].
15- أن يشهد أنه إذا عفا وأحسن أورثه ذلك من سلامة القلب لإخوانه، ونقائه من


الغش والغل وطلب الانتقام وإرادة الشر، وحصل له من حلاوة العفو ما يزيد لذته ومنفعته عاجلًا وآجلًا.

16- أن يعلم أنه ما انتقم أحد قط لنفسه إلا أورثه ذلك ذلًّا يجده في نفسه، فإذا عفا أعزه الله تعالى، وهذا مما أخبر به الصادق المصدوق حيث يقول: ((ما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا)) .
17- أن يشهد أن الجزاء من *** العمل، وأنه نفسه ظالم مذنب، وأن من عفا عن الناس عفا الله عنه، ومن غفر لهم غفر الله له.
18- أن يعلم أنه إذا اشتغلت نفسه بالانتقام وطلب المقابلة ضاع عليه زمانه، وتفرق عليه قلبه، وفاته من مصالحه مالا يمكن استدراكه.
19- إن أوذي على ما فعله لله، أو على ما أمر به من طاعته ونهى عنه من معصيته، وجب عليه الصبر، ولم يكن له الانتقام، فإنه قد أوذي في الله فأجره على الله.
20- أن يشهد معية الله معه إذا صبر، ومحبه الله له إذا صبر، ورضاه. ومن كان الله معه دفع عنه أنواع الأذى والمضرات مالا يدفعه عنه أحد من خلقه، قال تعالى: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: 46] ، وقال تعالى:وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [آل عمران: 146].
21- أن يشهد أن صبره حكم منه على نفسه، وقهر لها وغلبة لها، فمتى كانت النفس مقهورة معه مغلوبة، لم تطمع في استرقاقه وأسره وإلقائه في المهالك، ومتى كان مطيعًا لها سامعًا منها مقهورًا معها، لم تزل به حتى تهلكه، أو تتداركه رحمة من ربه.
22- أن يعلم أنه إن صبر فالله ناصره ولابد، فالله وكيل من صبر، وأحال ظالمه على الله، ومن انتصر لنفسه وكله الله إلى نفسه، فكان هو الناصر لها.
23- أن صبره على من آذاه واحتماله له يوجب رجوع خصمه عن ظلمه، وندامته واعتذاره، ولوم الناس له، فيعود بعد إيذائه له مستحييًا منه نادمًا على ما فعله، بل يصير مواليًا له .

محمد رافع 52 11-05-2013 10:24 AM

نماذج من صبر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم
صَبرُ أولي العزم من الرسل على مشاق الدعوة إلى الله:
صَبَر أولو العزم من الرسل على مشاقِّ الدعوة إلى الله، فأبلوا بلاءً حسنا، صبر نوح عليه السلام وقضى ألف سنة إلا خمسين عامًا كلها دعوة، وصبر إبراهيم عليه السلام على كل ما نزل به فجُمع له الحطب الكثير، وأوقدت فيه النار العظيمة، فألقي فيها، فكانت بردًا وسلامًا. وموسى عليه السلام يصبر على أذى فرعون وجبروته وطغيانه. ويصبر عيسى عليه السلام على تكذيب بني إسرائيل له، ورفض دعوته، ويصبر على كيدهم ومكرهم حتى أرادوا أن ي***وه ويصلبوه، إلا أن الله سبحانه وتعالى نجاه من شرهم. وأما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فما أكثر ما لاقاه في سبيل نشر هذا الدين، فصبر صلوات ربي وسلامه عليه.
قال تعالى آمرًا نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالصبر: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:35].


قال السعدي: (أمر تعالى رسوله أن يصبر على أذية المكذبين المعادين له، وأن لا يزال داعيًا لهم إلى الله، وأن يقتدي بصبر أولي
العزم من المرسلين سادات الخلق أولي العزائم والهمم العالية، الذين عظم صبرهم، وتمَّ يقينهم، فهم أحقُّ الخلق بالأسوة بهم، والقفو لآثارهم، والاهتداء بمنارهم) .
أيوب عليه السلام وصبره على البلاء:
كان نبي الله أيوب عليه السلام، غاية في الصبر، وبه يضرب المثل في ذلك، قال تعالى: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [الأنبياء: 32-84].
(يذكر تعالى عن أيوب، عليه السلام، ما كان أصابه من البلاء، في ماله وولده وجسده، وذلك أنه كان له من الدواب والأنعام والحرث شيء كثير، وأولاد كثير، ومنازل مرضية. فابتلي في ذلك كله، وذهب عن آخره، ثم ابتلي في جسده -يقال بالجذام في سائر بدنه- ولم يبق منه سليم سوى قلبه ولسانه، يذكر بهما الله عز وجل، حتى عافه الجليس، وأفرد في ناحية من البلد، ولم يبق من الناس أحد يحنو عليه سوى زوجته، كانت تقوم بأمره) .
نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام وصبرهما على طاعة الله:
رأى نبي الله إبراهيم عليه السلام في المنام أنه ي*** ولده إسماعيل؛ ورؤيا الأنبياء وحي، فأخبر ابنه بذلك، وعرض عليه الأمر. قال الله تعالى حكاية عن إبراهيم: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصافات:102].
قَالَ إسماعيل صابرًا محتسبًا، مرضيًا لربه، وبارًّا بوالده:قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ أي: امض لما أمرك الله سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ أخبر أباه أنه موطن نفسه على الصبر، وقرن ذلك بمشيئة الله تعالى، لأنه لا يكون شيء بدون مشيئة الله تعالى.
فَلَمَّا أَسْلَمَا أي: إبراهيم وابنه إسماعيل، جازمًا ب*** ابنه وثمرة فؤاده، امتثالًا لأمر ربه، وخوفا من عقابه، والابن قد وطَّن نفسه على الصبر، وهانت عليه في طاعة ربه، ورضا والده، وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ أي: تلَّ إبراهيم إسماعيل على جبينه، ليضجعه في***ه، وقد انكب لوجهه؛ لئلا ينظر وقت ال*** إلى وجهه.
وَنَادَيْنَاهُ في تلك الحال المزعجة، والأمر المدهش: أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ أي: قد فعلت ما أمرت به، فإنك وطَّنت نفسك على ذلك، وفعلت كل سبب، ولم يبق إلا إمرار السكين على حلقه إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ في عبادتنا، المقدمين رضانا على شهوات أنفسهم) .

محمد رافع 52 11-05-2013 10:27 AM

نماذج من صبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

لقد صبر الرسول صلى الله عليه وسلم وبلغ صبره مبلغًا عظيمًا، وهذه نماذج متنوعة من صبره صلى الله عليه وسلم:
صبره صلى الله عليه وسلم على المشركين حينما آذوه، ورموه بالكذب، والكهانة، والسحر:
- قال ابن مسعود رضي الله عنه: ((بينا النبي صلى الله عليه وسلم ساجد وحوله ناس من قريش، جاء عقبة بن أبي معيط بسلى جزور، فقذفه على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرفع رأسه، فجاءت فاطمة عليها السلام فأخذته من ظهره، ودعت على من صنع)) .
- وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال: فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال، فسلم عليَّ، ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله تعالى وحده لا يشرك به شيئًا)) .
- وعن عروة بن الزبير قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد شيءٍ صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ((بينا رسول الله وسلم يصلي بفناء الكعبة؛ إذ أقبل عقبة بن أبي معيط وهو من الكفار، فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقًا شديدًا)) .
صبره صلى الله عليه وسلم على المنافقين:
ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنه ((أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حمارًا عليه إكَاف، تحته قطيفة فدَكِيَّة، وأردف وراءه أسامة، وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج، وذلك قبل وقعة بدر، حتى مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين وعبدة الأوثان واليهود، فيهم عبد الله بن أبي، وفي المجلس عبد الله بن رواحة رضي الله عنه قال: فلما غشيت المجلس عجاجة الدَّابة ، خمَّر عبد الله بن أبي أنفه، ثم قال: لا تغبِّروا علينا، فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أبي: أيها المرء -يريد النبي صلى الله عليه وسلم- لا أحسن من هذا، إن كان ما تقول حقًّا فلا تؤذنا في مجالسنا، وارجع إلى رحلك، فمن جاءك منا فاقصص عليه، فقال عبد الله بن رواحة: اغشنا في مجالسنا فإنا نحب ذلك ، قال: فاستبَّ المسلمون والمشركون واليهود حتى همُّوا أن يتواثبوا، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم، ثم ركب دابته حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال: أي سعد، ألم تسمع إلى ما قال أبو حباب - يريد عبد الله بن أبي- قال كذا وكذا؟ فقال سعد رضي الله عنه: اعف عنه يا رسول الله واصفح، فوالله لقد أعطاك الله الذي أعطاك، ولقد اصطلح أهل هذه البُحيرة أن يتوجوه فيعصِّبوه بالعصابة -أي يجعلوه ملكًا عليهم- فلما ردَّ الله ذلك بالحقِّ الذي أعطاكه شرق http://www.dorar.net/misc/tip.gifبذلك، فلذلك فعل به ما رأيت، قال: فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم)) .
صبره صلى الله عليه وسلم على مشاق الحياة وشدتها:
فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لعروة: ((ابن أختي، إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، فقلت: ما كان يُعيِّشكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار كان لهم منائح ، وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبياتهم فيسقيناه)) .
وأنه صلى الله عليه وسلم قال: ((لقد أخفت في الله، وما يخاف أحد، وقد أوذيت في الله، وما يُؤذى أحد، ولقد أتت عليَّ ثلاثون ما بين يوم وليلة وما لي طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال)) .
صبره صلى الله عليه وسلم على فقد الأولاد والأحباب:
فمات عمه أبو طالب، وتوفيت زوجته خديجة، وتوفي أولاده كلهم في حياته إلا فاطمة، و*** عمه حمزة، فصلوات ربي وسلامه عليه.

محمد رافع 52 11-05-2013 10:30 AM

نماذج من صبر الصحابة رضوان الله عليهم

(علَّم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه كيف يصبرون في مختلف الأمور وضروبها، فقد علمهم الصبر من أجل هذا الدين، والتضحية في سبيله) .
(والصحابة رضي الله عنهم لهم مواقف كثيرة جدًّا، لا يستطيع أحد أن يحصرها؛ لأنهم رضي الله عنهم باعوا أنفسهم، وأموالهم، وحياتهم لله، ابتغاء مرضاته، وخوفًا من عقابه، ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة) . وإليك نماذج من صبرهم رضي الله عنهم وأرضاهم:
صَبرُ آل ياسر رضي الله عنهم:
وآل ياسر رضي الله عنهم - عمار، وأبوه ياسر، وأمه سمية - يعذبهم المشركون بسبب إيمانهم فيصمدون، وروى الحاكم في المستدرك عن ابن إسحاق قال: ((كان عمار بن ياسر وأبوه وأمه أهل بيت إسلام، وكان بنو مخزوم يعذبونهم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: صبرًا يا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة)) .
بلال رضي الله عنه يُعَذَّب فيصبر:
فهذا بلال بن رباح رضي الله عنه يعذب من أجل إيمانه فيصبر، (فكان أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة ثم يأمر بالصخرة العظيمة على صدره ثم يقول: لا يزال على ذلك حتى يموت أو يكفر بمحمد، فيقول وهو في ذلك: أحد أحد) .
وقال ابن مسعود: (أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وبلال، وصهيب، والمقداد.
فأما النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر: فمنعهما الله بقومهما.
وأما سائرهم فأخذهم المشركون، فألبسوهم أدراع الحديد، وصهروهم في الشمس، فما منهم أحد إلا وأتاهم على ما أرادوا إلا بلال، فإنه هانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه، فأعطوه الولدان، فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة، وهو يقول: أحد أحد) .
أم سلمة رضي الله عنها وصبرها عند فقد ابنها:
وهذه أم سلمة تصبر عن موت فلذة كبدها، يروي لنا أنس رضي الله عنه قصتها فيقول: ((أن أبا طلحة كان له ابن يكنى أبا عمير قال: فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أبا عمير ما فعل النغير؟ قال: فمرض وأبو طلحة غائب في بعض حيطانه فهلك الصبي فقامت أم سليم فغسلته وكفنته وحنطته وسجت عليه ثوبًا وقالت: لا يكون أحد يخبر أبا طلحة حتى أكون أنا الذي أخبره، فجاء أبو طلحة كالًا، وهو صائم، فتطيبت له وتصنعت له، وجاءت بعشائه، فقال: ما فعل أبو عمير؟ فقالت: تعشى وقد فرغ، قال: فتعشى وأصاب منها ما يصيب الرجل من أهله، ثم قالت: يا أبا طلحة أرأيت أهل بيت أعاروا أهل بيت عارية فطلبها أصحابها، أيردونها أو يحبسونها؟ فقال: بل يردونها عليهم، قالت: احتسب أبا عمير، قال: فغضب، وانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بقول أم سليم، فقال صلى الله عليه وسلم: بارك الله لكما في غابر ليلتكما)) .

محمد رافع 52 11-05-2013 10:31 AM

نماذج من صبر السلف رحمهم الله
عروة بن الزبير وصبره على الابتلاء:
(وقعت الأكلة في رجل عروة بن الزبير، فصعدت في ساقه، فبعث إليه الوليد، فحُمل إليه ودعا الأطباء فقالوا: ليس له دواء إلا القطع، وقالوا له: اشرب المرقِد ، فقال عروة للطبيب: امض لشأنك، ما كنت أظن أن خلقًا يشرب ما يزيل عقله حتى يعرف به، فوضع المنشار على ركبته اليسرى، فما سُمع له حسٌّ، فلما قطعها جعل يقول: لئن أخذت لقد أبقيت، ولئن ابتليت لقد عافيت. وما ترك جزءه من القرآن تلك الليلة. قال الوليد: ما رأيت شيخًا قط أصبر من هذا. ثم إنه أصيب بابنه محمد في ذلك السفر، ركضته بغلة في إصطبل، فلم يُسمع من عروة في ذلك كلمة. فلما كان بوادي القرى قال: لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا [الكهف:63]، اللهم كان لي بنون سبعة، فأخذت واحدًا وأبقيت لي ستة، وكان لي أطراف أربعة، فأخذت واحدًا وأبقيت ثلاثة، ولئن ابتليت لقد عافيت، ولئن أخذت لقد أبقيت)

محمد رافع 52 11-05-2013 10:34 AM

نماذج من صبر العلماء المتقدمين

صبر الإمام أحمد بن حنبل على محنة خلق القرآن:
(أخذ أحمد بن حنبل في محنة خلق القرآن أيام المأمون، ليحمل إلى المأمون ببلاد الروم، وأخذ معه أيضًا محمد بن نوح مقيَّدين، ومات المأمون قبل أن يلقاه أحمد، فَرُدَّ أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح في أقيادهما، فمات محمد بن نوح في الطريق، وردَّ أحمد إلى بغداد مقيدًا.
ودخل على الإمام أحمد بعض حفاظ أهل الحديث بالرقة وهو محبوس، فجعلوا يذاكرونه ما يروى في التقيَّة من الأحاديث، فقال أحمد: وكيف تصنعون بحديث خباب: ((إن من كان قبلكم كان ينشر أحدهم بالمنشار، ثم لا يصده ذلك عن دينه)) ؟! فيئسوا منه.
وقال إبراهيم البوشنجي: ذكروا أن المعتصم رق في أمر أحمد، لما عُلِّق في العقابين، ورأى ثبوته وتصميمه، وصلابته في أمره، حتى أغراه ابن أبي دؤاد، وقال له: إن تركته قيل: إنك تركت مذهب المأمون، وسخطت قوله، فهاجه ذلك على ضربه.
وقال أبو غالب ابن بنت معاوية: ضرب أحمد بن حنبل بالسياط في الله، فقام مقام الصِّدِّيقين، في العشر الأواخر من رمضان سنة عشرين ومائتين) .

محمد رافع 52 11-05-2013 10:35 AM

نماذج من صبر العلماء المعاصرين
الشيخ الألباني وصبره على العلم والتعليم:
يقول أحد تلامذة الشيخ: (إن الشيخ جلس ليلة ساهرًا، حتى أذَّن الفجر في المدينة، وهو في نقاش مع الشباب، وبعد أداء الصلاة في المسجد النبوي أراد الشيخ أن يسافر إلى مكة لأداء العمرة، فقلنا له: أنت لم تنم. قال: أجد بي قوة ونشاطًا. فركب السيارة وسافرنا معه إلى مكة وعند الساعة التاسعة صباحًا تقريبًا أوقف السيارة عند ظل شجرة، وقال سأنام ربع ساعة فقط، فإن لم أستيقظ فأيقظوني. فضمرنا في أنفسنا أن لا نوقظ الشيخ حتى يستريح، وبعد ربع ساعة من الوقت استيقظ الشيخ وحده، فركب السيارة وتوجهنا إلى مكة، فأدينا العمرة، ثم ذهبنا إلى بيت صهره ... فإذا طلبة العلم ينتظرون الشيخ، فجلس معهم كما هي عادة الشيخ في نقاش ومناظرة إلى ساعة متأخرة من الليل دون تعب) .
ويقول: (ومما يدل على صبره وجلده في طلب العلم... أن الشيخ ناصر صعد على السلم في المكتبة الظاهرية ليأخذ كتابًا مخطوطًا، فتناول الكتاب وفتحه، فبقي واقفًا على السلم يقرأ في الكتاب لمدة تزيد على الست ساعات) .

محمد رافع 52 11-05-2013 10:37 AM

ما هو الباعث على الصبر؟

يجب أن يكون الباعث على الصبر ابتغاء وجه الله عز وجل، والتقرب إليه ورجاء ثوابه، لا لإظهار الشَّجَاعَة وقوة النفس وغير ذلك من الأغراض، قال تعالى: وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ [الرعد:22].


قال السعدي في تفسيره للآية: ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ (لا لغير ذلك من المقاصد والأغراض الفاسدة، فإن هذا هو
الصبر النافع الذي يحبس به العبد نفسه، طلبًا لمرضاة ربه، ورجاء للقرب منه، والحظوة بثوابه، وهو الصبر الذي من خصائص أهل الإيمان، وأما الصبر المشترك الذي غايته التجلد ومنتهاه الفخر، فهذا يصدر من البر والفاجر، والمؤمن والكافر، فليس هو الممدوح على الحقيقة) .
وقال سبحانه: وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (أي: اجعل صبرك على أذاهم لوجه ربك عز وجل) .

محمد رافع 52 11-05-2013 10:47 AM

الصبر في واحة الشعر
قال الشاعر:


صبرًا جميلًا على ما ناب من حدثٍ***والصبرُ ينفعُ أحيانًا إذا صبروا



الصبرُ أفضل شيءٍ تستعين به***على الزمانِ إذا ما مسَّك الضررُ



وقال الشاعر:


إني رأيتُ وفي الأيام تجربة***للصبر عاقبة محمودة الأثرِ



وقلَّ من جدَّ في شيء يحاوله***فاستصحب الصبر إلا فاز بالظفرِ



وقال آخر:


أتاك الروح والفرج القريب***وساعدك القضاء، فلا تخيبُ



صبرت، فنلت عقبى كلِّ خير***كذلك لكلِّ مصطبر عقيبُ



قال الشاعر:


فما شدة يومًا، وإن جلَّ خَطبها***بنازلة إلَّا سيتبعها يسر



وإن عسرت يومًا على المرء حاجة***وضاقت عليه كان مفتاحها الصبر



قال الشاعر:


تعزَّ، فإنَّ الصبر بالحرِّ أجمل***وليس على رَيب الزمان معولُ



فإن تكن الأيام فينا تبدلَّت***بنُعمَى وبُؤسَى، والحوادث تفعلُ



فما ليَّنتْ منا قناةً صليبةً***ولا ذلَّلتْنا للذي ليس يجملُ



ولكن رحلناها نفوسًا كريمة***تُحمَّل مالا تستطيعُ فتَحملُ



قال الشاعر:


إني رأيت الخير في الصبر مسرعًا ***وحسبك من صبر تحوز به أجرا



عليك بتقوى الله في كلِّ حالة ***فإنك إن تفعل تصيب به ذخرا



قال الشاعر:


وإذا عَرتْك بليةٌ فاصبرْ لها***صبرَ الكريم، فإنَّه بك أعلمُ



وإذا شكوتَ إلى ابنِ آدمَ إنما***تشكو الرحيم إلى الذي لا يَرحمُ



قال الشاعر:


تعزَّ بحسن الصبر عن كلِّ هالك***ففي الصبر مسلاة الهموم اللوازمِ



إذا أنت لم تسلُ اصطبارًا وخشية***سلوت على الأيام مثلَ البهائمِ



وقال ابن زنجي البغدادي:


غاية الصبر لذيذٌ طعمُها***وبديُّ الصبر منه كالصَّبِر



إنَّ في الصبر لفضلًا بيِّنًا***فاحمل النفس عليه تصطبر



وقال الكريزي:


صبرتُ ومَن يصبرْ يجدْ غِبَّ صبره***ألذَّ وأحلَى مِن جنَى النَّحل في الفمِ



ومَن لا يطِبْ نفسًا، ويستبْقِ صاحبًا***ويغفرْ لأهل الودِّ يصرمْ ويصرمِ



قال الشاعر:


إذا لم تسامح في الأمور تعقَّدت***عليك فسامح وأخرِجِ العسرَ باليسرِ



فلم أرَ أوفى للبلاء مِن التُّقَى***ولم أرَ للمكروه أشفَى مِن الصبرِ



قال الشاعر:


اصبر لكلِّ مصيبة، وتجلَّدِ***واعلم بأنَّ المرء غيرُ مخلدِ



أوَما ترَى أنَّ المصائب جمَّةٌ***وترَى المنيَّة للعباد بمرصدِ



مَن لم يُصَبْ ممن ترَى بمصيبةٍ***هذا سبيلٌ لست فيه بأوحدِ



فإذا ذكرتَ محمدًا ومُصابه***فاذكرْ مُصابك بالنبيِّ محمدِ



قال الشاعر:


مفتاحُ باب الفرج الصبر***وكلُّ عسرٍ معه يسرُ



والدهرُ لا يبقَى على حالِه***والأمرُ يأتي بعدَه الأمرُ



والكرهُ تُفنيه الليالي التي***يفنَى عليها الخير والشرُّ



وكيف يبقَى حالُ مَن حالُه ***يُسرع فيها اليوم والشهرُ



قال الشاعر:


تجري المقادير إن عسرًا وإن يسرَا***حاذرت واقعها أو لم تكن حذرا



والعسر عن قدر يجري إلى يسر***والصبر أفضل شيء وافق الظفرا


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:07 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.