![]() |
|
|
|
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : ساببت رجلاً فعيرته بأمه ، فقال لي النبي صلي الله عليه وسلم ( يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية ، إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم) أخرجه البخاري . وللحديث قصة .. - فيا تري ما قصة هذا الحديث ؟ - فقصة هذا الحديث يحكيها مطلع هذا الحديث، حيث روى عن واصل الأحدب عن المعروف قال : لقيت أبا ذر بالربدة – وهو موضع بالبادية بينه وبين المدينة ثلاثين ميلا من جهة العراق – وعليه حلة وعلي غلامة حلة ، فسألته عن ذلك ؟ - وفي رواية : فقلت :يا أبا ذر،لو أخذت الذي على غلامك فجعلته مع الذي عليك لكانت حلة. المعني الإجمالي للحديث - حدث أن وقعت مشادة ومشاحنة بين رجلين من خيرة أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم وهما أبو ذر الغفاري وبلال بن رباح رضي الله عنهما ، فكلمة من هنا وكلمة من هناك دخل بينهما الشيطان ليوقع بينهما العداوة والبغضاء، فتشاتم الرجلان وتسابا.. فاستغضب أبو ذر فغضب.. ويا ليته عندما غضب جلس إن كان واقفا.. أو اتكأ إن كان جالساً.. أو قام فتوضأ حتى يطفي ماء الوضوء ثورة نار الغضب عنه. - ولكن ما كان من الرجل إلا أن أخطأ في حق صاحبة وقال: له يا ابن السوداء يعيره بأمه وكانت أمه أعجمية.. فما كان من بلال إلا أن ذهب إلي رسول الله فشكا له أبا ذر وما حدث منه ، فدعاه ووبخه ، وهو غاضب منه غضب الحريص علي واحد من أمته حبيب إليه إن يدنس نفسه بصفة من صفات الجاهلية القبيحة ، أو إن يستجيب لنداء الشيطان اللعين الذي أيس أن يعبد من هذه الأمة العظيمة ولكن في التحريش بينهم وبعث نار العداوة والبغضاء بينهم. - فلم يمنع رسول الله حبه لأبي ذر أن يقسو عليه قسوة الرحيم به.. وبصريح العبارة التي لا مداراة فيها ولا مجاملة يقول: له انك امرؤ فيك جاهلية.. أي رغم إسلامك وبذلك في سبيل الله وعطائك إلا أنه لا يزال فيك صفة من صفات الجاهلية الذميمة ، وخصلة من خصالها القبيحة.. لا يسلم إسلامك ولا يصفوا إيمانك حتى تدعها. - وهكذا يضع رسول الله يد أبي ذر علي الداء الذي هو فيه حتى يسهل له تقبل الدواء الشافي.. الذي إن وقع علي الداء برئ منه بإذن الله. - ثم بين له أن العبيد أو الخدم أو ما شابههم لم يخرجوا عن كونهم أخواناً للسادة والكبراء أو أصحاب المال الأغنياء.. أخوانا لهم في الإنسانية.. وما علي السادة والأغنياء إلا أن يعاملوهم أحسن معاملة في المأكل والمشرب والملبس ونهي أن يكلفوهم فوق طاقتهم ولا وجب عليهم أن يعينوهم ويساعدوهم . |
هذا هو ديننا - الذي أرس قواعد العدل ووضح موازين المساواة بين الناس كل الناس أبيضهم وأسودهم ، أعلاهم وأوضعهم.. كبيرهم وصغيرهم ..أعربهم وأعجمهم ، أغناهم وأفقرهم.. الكل في الميزان سواء.. لا تفاضل بينهم إلا بالتقوى والعمل الصالح فالأتقى قلباً والأرجى عملاً هو الأكرم عند الله تعالي.. وهو المقرب المحمود وأن كان عبد جيشاً ، والأشقي قلباً والأسواً عملاً هو المبعد الطريد وإن كان شريفاً قريشاً . هذا هو دينناً - الذي يأخذ الحق للضعيف وينتصر للمظلوم، فلا محاباة لشريف ولا هضما لحق ضعيف ، لا مجاملة لأبيض عربي علي حساب أسود عجمي فالقوي عنده ضعيف حتى يأخذ الحق والضعيف عند - قوي يأخذ الحق له . هذا هو ديننا - الذي راعي في قواعده وأصوله مبدأ الإنسانية وراعي مبدأ العدل في التعامل حتى مع غير المسلمين (ولا يجرمنكم شنآن علي أن لا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) - فالناس كلهم إخوة في الإنسانية (إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم).. فليس معنى أنني صاحب مال أو رجل أعمال أو وزير أو أمير إن استعلي علي من هو أجير عندي أو عامل تحت يدي فأحقره أو أظلمة فما هؤلاء العبيد وما أولئك الخدم أو الأجراء إلا أخوانا لنا في الإنسانية.. من دم ولحم وروح وأحاسيس ومشاعر.. كل ما هنالك أن الله حرمهم المال أو الجاه أو السلطان وأعطاه لكم يا أصحاب المال أو الجاه أو السلطان فتنة لكم واختباراً . وهذا هو ديننا - صلوات ربي وسلامه عليه الذي كان لا يغضب لنفسه قط.. وإنما يغضب لله.. يغضب إذا انتهكت حرمة من حرمات الله.. أو ضيع فرض من فرائضه.. أو أعيد إحياء أمر من أمورا الجاهلية قد دفنه رسول الله تحت قدمه فيغضب لذلك.. فيحمر وجهه وتنفخ أوداجه وينطلق لسانه ويعلوا صوته موبخا ومؤدبا ثم ناصحا ً وموجها ً (يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤا فيك جاهلية إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم.. الحديث) هذا هو ديننا - صلي الله علية وسلم والذي يعلم أنه لا يجوز في حقه أن يؤخر البيان عن وقت الحاجة ، بل أنه يعرف كيف تكون إدارة ألازمة وقد أتاه بلال مظلوماً معيراً بأمة يريد منه أن يأخذ له حقه هذا طرف في القضية. - ثم الطرف الأخر أبو ذر الغفاري قد تعدي وظلم وعير، وأبو ذر حبيب إلي قلبه ولكن الحق أحب إليه.. ولابد أن يبين وجه الحق في القضية ويرد للمظلوم مظلمته.. وأن يقول للظالم أنت ظالم وفيك من أمور الجاهلية ويقسو عليه لا ليتشفي منه ، بل ليرحمه. قسا ليزدجروا .. ومن يك حازما .. يقس أحياناً علي من يرحم - ولو لم يفعل صلي الله عليه وسلم لظل أثرها في نفس بلال مدي حياته ، فما أقسى الإحساس بالظلم.. فنعم المعلم هو صلي الله عليه وسلم ونعم المؤدب ونعم المربي. |
هذا نبينا عليه أفضل الصلاة وازكي التسليم ، يضرب لنا أروع المثل للمدير الناجح والذي وجه أبا ذر رضي الله عنه إلي مبدأ عظيم وواجب مهم من واجبات إدارة الأفراد ألا وهو مراعاة البعد النفسي للفرد أو العامل ) أو بمعنى آخر رفع الروح المعنوية للعامل . - وذلك يتضح من قوله ( فمن كان تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم ) ويا لها من عقلية فذة وتفكير ناضج رشيد في الإدارة والتوجيه.. وفعلا إذا ما استقرأنا الواقع رأينا ما يزيدنا يقينا وثقة في صدق نبينا صلي الله عليه وسلم.. فصاحب المال أو المدير الذي ينزل إلي مستوى العاملين.. ويشعرهم أنه واحد منهم غير متميز عليهم.. يأكل مما يأكلون.. ويشرب مما يشربون ويلبس مما يلبسون.. بل يراعى نفسيا تهم فيصرف لهم مثلا وجبة.. أو ييسر عليهم فيجعل لهم أوقات للراحة.. أو لا يكلفهم فوق طاقتهم.. وإذا ما رأي منهم ضيقا من كثرة التكاليف والأعمال خفف عنهم. - ذلك المدير الذي يراعي كل ذلك فهو بحق المدير الناجح الذي يخلف الله عليه بمعدل إنتاجية عال.. ثم إنه ليحظى بمحبة وتقدير لدي جميع العاملين معه. |
هؤلاء هم أصحاب نبينا - نعم إنهم بشر ، يعتريهم ما يعتري البشر ، يغضبون ويحزنون ويضحكون كما يضحك البشر.. ولكن الفارق الجوهري بينهم وبين سائر البشر إنهم سريعا ً ما يرجعون ويندمون.. وبخطئهم يعترفون.. وإذا ما غضبوا يغفرون.. وإذا ما ذكروا يتذكرون. - وهذا أبو ذر وهو واحد منهم عندما صوبه النبي خطأه لم يكابر أو يقل هو الذي أخطا في حقي أولا ً.. وإنما كان رد فعله سريعا ً أن وضع خده علي الأرض.. وقال لا أرفعه حتى يطأه بلال بقدمه علي مرأى ومسمع من الصحابة. - وما كان من رد فعل بلال المعير بأمه من قريب إلا أن عفا ونسى الخطأ في حقه.. وقال ما كان لي إن أطأ وجها سجد لله. - إنها الأخلاق الرفيعة التي رباهم عليها صاحب أرفع خلق وأسماه محمد صلي الله عليه وسلم.. ويمكنك أن تنظر إلي أبي ذر وتستمع إلي قوله وهو يقول: ساببت رجلا ً فلم يسمى في الحديث الرجل.. وإنما قال رجلا وهو يقص القصة بعد حين من الدهر.. تأدبا مع صاحبه بلال وخوفا ً عليه من أن يحتقره السامع . - فرضي الله عنهم وأرضاهم وأنعم بهم من جيل اختارهم الله لصحبة نبيه صلي الله عليه وسلم فكانوا خير سلف لمن أراد أن يقتدي بهم . - وفي الحديث توجيه بليغ لكم يا أصحاب القدرة ويا أصحاب المال ويا أصحاب الملك والسيطرة والسلطان إلي الإحسان والرفق بمن جعلهم الله تحت أيديكم من الخدم والحشم أو الأجراء أو العاملين.. والي عدم الترفع عليهم وعدم تكليفهم مالا يطيقون.. وأيضا عدم تحقيرهم أو إيذائهم لمجرد أنهم فقراء أو أجراء.. وتذكروا يوما ترجعون فيه إلي الله فيقف الكل إمام الله سواء.. وقد نزعت النياشين والرتب ، ليس مع المرء وقتها إلا عمله فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يري إلا ما قدم.. وينظر أمامه فلا يرى إلا النار فيقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: فاتقوا الله ولو بشق تمرة. |
|
|
|
|
|
|
هذا نبينا عليه الصلاة و السلام كان رسول الله ( فخمًا مفخمًا، ...يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، ليس بالطويل ولا بالقصير، عظيم الهامة، شعره رجل بين الجعودة والسبوطة، فيه تكسير قليل، وافر يجاوز شحمه أذنيه. واسع الجبين، له نور يعلوه، كثيف اللحية، شديد سواد العين، سهل الخدين، ورقيق الأسنان، بين أسنانه فتحات، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم رؤوس العظام، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، رحب الراحة، أملس القدمين ليس فيهما تكسر ولا شقاق، سريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من منحدر، وإذا التفت التفت كله. |
منطقه : كان ( دائم الفكر، ليست له راحة، لا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يتكلم بجوامع الكلم، يعظم النعمة وإن كانت صغيرة، لا يذم منها شيئًا ولا يمدحه، لا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها، إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، معظم ضحكه أن يبتسم. |
دخوله كان ( إذا دخل منزله قسم دخوله ثلاثة أجزاء، جزءًا لله، وجزءًا لأهله، وجزءًا لنفسه، ثم جزء جزءه بينه وبين الناس، فرد ذلك على العامة والخاصة، لا يدخل عنهم شيئًا. معاملته : كان ( أحسن الناس معاملة للناس، فكان إذا تسلف شيئا قضى خيرًا منه، فقد جاءه رجل يتقاضاه بعيراً، فقال رسول الله (: "أعطوه". فقالوا: لا نجد إلا سنًّا أفضل من سنِّه، فقال الرجل: أوفيتني أوفاك الله، فقال رسول الله (: "أعطوه، فإن من خيار الناس أحسنهم قضاء" [متفق عليه]، وكان إذا قضى ما استلفه دعا لمن سلفه، فقال:"بارك الله لك في أهلك ومالك، إنما جزاء السلف الحمد والأداء" [أحمد والنسائي وابن ماجة]. وكان سمحًا لمن تقاضاه، فقد جاءه رجل يتقاضاه، وأغلظ له القول، فهمَّ عمر بن الخطاب أن يضربه، فقال رسول الله (: "مه يا عمر كنت أحوج إلى أن تأمرني بالوفاء، وكان أحوج إلى أن تأمره بالصبر" [الحاكم]. |
أمور فطرته : كان ( يعجبه التيامن في كل شيء في ترجله وطهوره وأخذه وعطائه، وكان يجعل اليمين لطعامه وشرابه وطهوره، ويساره لخلائه، وغير ذلك من إزالة الأذى. |
|
|
تعجب الخلق من دمعي ومن ألمي *** وما دروا أن حبي صغته بدمي أستـغفر الله ما ليـلى بفاتنتي *** ولا سعاد ولا الجــيران في أضم لكن قلبي بنار الشوق مضطرم *** أف لقلب جمـود غير مضـطرم منحت حبي خير الناس قاطبة *** برغم من أنـفه لا زال في الـرغم يكفيك عن كل مدحٍ مدحُ خالقه *** وأقرأ بــربك مبدأ سورة القلم أحيا بك الله أرواحا قد اندثرت *** في تربة الوهم بين الكأس والصنم بيت من الطين بالقرآن تعمره *** تبا لقصــر منيف بـــــات في نغم طعامك التمر والخبز الشعير *** وما عينـاك تعـدو إلى اللـذات والنعم تبيت والجوع يلقى فيك بغيته *** إن بــات غيرك عبد الشــحم والتخم لما أتتك { قم الليل } استجبت لها *** العيــن تغفو وأمــآا القلب لم ينم تمسى تناجي الذي أولاك نعمته *** حتى تغلـغلت الأورام في الــــقدم ولَّى أبــوك عن الدنيا ولم تره *** وأنت مرتــهن لا زلــت في الرحم ومــاتت الأم لمّا أن أنست بها *** ولم تكـن حين ولــت بالغ الحلم ومــات جدك من بعد الولوع به *** فكنت مـن بعدهم في ذروة اليتم فجاء عمــك حصنا تستكن به *** فاختـاره الموت والأعداء في الأجم أما خديــجة من أعطتك بهجتها *** وألبستك ثيـاب العطف والكرم غدت إلى جنــة الباري ورحمته *** فأسلمـتك لجرح غير ملتئم والقلب أفعم من حب لعائشة *** ما أعظم الخطب فالعرض الشريف رمي لمـــا رزقت بإبراهيم وامتلأت به *** حيــاتك بات الأمـــر كالعدم ورغــم تلك الرزايا والخطوب وما *** رأيت من لـوعة كبرى ومن ألم ما كنت تحمل إلا قلــب محتسب *** في عزم متـقد في وجه مبتسم يا أمة غفلت عن نهجه ومضـت *** تهيم من غير لا هدى ولا علم تعيش في ظلــمات التيه دمرها *** ضعــف الأخوة والإيمان والهمم لن تهتـدي أمة في غير منهجه *** مهما ارتضت من بديع الرأي والنظم يا ليتـني كنت فردا من صحابته *** أو خــادما عنده من أصغر الخدم تجود بالدمـع عيني حين أذكره *** أما الفــؤاد فللحوض العظيم ظمي يا رب لا تحـرمني من شفاعته *** في موقف مــفزع بالهول متسم ما أعـذب الشعر في أجواء سيرته *** أكرم بمبتدأ مــنه ومــــختتم |
|
|
قصيدة الإمام ابي حنيفة النعمان يا سيد السادات جئتك قاصدا *** أرجو رضاك و أحتمي بحماك والله يا خير الخلائق إن لي *** قلبا مشوقا لا يروم سواك و بحق جاهك إنني بك مغرم *** و الله يعلم أنني أهواك أنت الذي لولاك ما خلق امرؤ *** كلا و لا خلق الورى لولاك أنت الذي من نور البدر اكتسى *** و الشمس مشرقة بنور بهاك أنت الذي لما رفعت إلى السما *** بك قد سمت و تزينت لسراك أنت الذي نادك ربك مرحبا *** و لقد دعاك لقربه و حباك أنت الذي فبنا سألت شفاعة *** ناداك ربك لم تكن لسواك أنت الذي لما توسل آدم *** من زلة بك فاز و هو أباك و بك الخليل دعا فعادت ناره *** بردا و قد خمدت بنور سناك وبك المسيح أتى بشيرا مخبرا *** بصفات حسنك مادحا لعلاك و كذاك موسى لم يزل متوسلا *** بك في القيامة محتم بحماك والأنبياء و كل خلق في الورى *** و الرسل والأملاك تحت لواك لك معجزات أعجزت الورى **** و فضائل جلت فليس تحاك نطق الذراع بسمه لك معلنا **** و الضب قد لباك حين أتاك والذئب جاءك و الغزالة قد أتت **** بك تستجير و تحتمي بحماك وكذا الوحوش أتت إليك و سلمت **** وشكا البعير إليك حين رآك و دعوت أشجار أتتك مطيعة *** و سعت إليك مجيبة لنداك و الماء فاض براحتيك و سبحت *** صم الحصى بالفضل في يمناك و عليك ظللت الغمامة في الورى *** و الجذع حن إلى كريم لقاك و كذاك لا أثر لمشيك في الثرى **** و الصخر قد غاصت به قدماك و شفيت ذا العاهات من أمراضه **** وملأت كل الأرض من جدواك ورددت عين قتادة بعد العمى **** وأبن الحصين شفيته بشفاك و على من رمد به داويته **** في خيبر فشفى بطيب لماك و مسست شاة لأم معبد بعدما **** نشفت فدرت من شفا رقياك في يوم بدر قد أتتك ملائك **** من عند ربك قاتلت أعداك و الفتح جاءك بعد فتحك مكة *** و النصر في الأحزاب قد وافاك هود و يونس من بهاك تجملا **** و جمال يوسف من ضياء سناك قد فقت يا طه جميع الأنبياء **** طرا فسبحان الذي أسراك و الله يا ياسين مثلك لم يكن **** في العالمين وحق نباك عن وصفك الشعراء عجزوا **** و كلوا عن صفات علاك بك لي فؤاد مغرم يا سيدي **** و حشاشة محشوة بهواك فإذا سكت ففيك صمتي كله **** و إذا نطقت فمادحا علياك و إذا سمعت فعنك قولا طيبا **** و إذا نظرت فما أرى إلاك أنا طامع بالجود منك و لم يكن **** لمثلي في الأنام سواك فلأنت أكرم شافع و مشفع **** ومن التجى بحماك نال رضاك فاجعل قراى شفاعة لي في غد **** فعسى أرى في الحشر تحت لواك صلى عليك الله يا علم الهدى **** ما حن مشتاق إلى لقياك وعلى صحابتك الكرام جميعهم **** والتابعين وكل من والك |
|
|
|
|
|
ثانيًا: بيان منزلته صلى الله عليه وسلم: لا بأس ببيان منزلته بمدحه صلى الله عليه وسلم بما مدحه اللّه به وذكر منزلته التي فضله اللّه بها واعتقاد ذلك. فله صلى الله عليه وسلم المنزلة العالية التي أنزله اللّه فيها، فهو عبد اللّه ورسوله وخيرته من خلقه. وأفضل الخلق على الإطلاق. وهو رسول اللّه إلى الناس كافة، وإلى جميع الثقلين الجن والإنس. وهو أفضل الرسل، وخاتم النبيين لا نبي بعده، قد شرح اللّه له صدره، ورفع له ذكره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب المقام المحمود الذي قال اللّه تعالى فيه: (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) الإسراء: 79، أي المقام الذي يقيمه اللّه فيه للشفاعة للناس يوم القيامة ليريحهم ربهم من شدة الموقف، وهو مقام خاص به صلى الله عليه وسلم دون غيره من النبيين، وهو أخشى الخلق للّه تعالى وأتقاهم له، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن رفع الصوت بحضرته صلى الله عليه وسلم وأثنى على الذين يغضون أصواتهم عنده، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الحجرات2 : 5 . قال الإمام ابن كثير رحمه اللّه تعالى: هذه آيات أدَّب اللّه فيها عباده المؤمنين فيما يعاملون به النبي صلى الله عليه وسلم من التوقير والاحترام والتبجيل والإعظام. أن لا يرفعوا أصواتهم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فوق صوته، ونهى سبحانه وتعالى أن يدعى الرسول باسمه كما يدعى سائر الناس فيُقال: يا محمد. وإنما يدعى بالرسالة والنبوة فيُقال: يا رسول اللّه، يا نبي اللّه، قال تعالى: (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا) [ النور: 63، كما أن اللّه سبحانه وتعالى يناديه يا أيها النبي، يا أيها الرسول. وقد صلى اللّه وملائكته عليه، وأمر عباده بالصلاة والتسليم عليه فقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) الأحزاب: 56، لكن لا يخصص لمدحه صلى الله عليه وسلم وقت ولا كيفية معينة إلا بدليل صحيح من الكتاب والسنة. فما يفعله أصحاب الموالد من تخصيص اليوم الذي يزعمون أنه يوم مولده لمدحه بدعة منكرة. ومن تعظيمه صلى الله عليه وسلم سنته واعتقاد وجوب العمل بها، وأنها في المنزلة الثانية بعد القراَن الكريم في وجوب التعظيم والعمل. لأنها وحي من اللّه تعالى. كما قال تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) النجم: 4:3، فلا يجوز التشكيك فيها والتقليل من شأنها - أو الكلام فيها بتصحيح أو تضعيف لطرقها وأسانيدها أو شرح لمعانيها إلا بعلم وتحفظ، وقد كثر في هذا الزمان تطاول الجهال على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، خصوصًا من بعض الشباب الناشئين الذين لا يزالون في المراحل الأولى من التعليم، وصاروا يصححون ويضعفون في الأحاديث ويجرحون في الرواة بغير علم سوى قراءة الكتب وهذا خطر عظيم عليهم وعلى الأمة، فيجب عليهم أن يتقوا اللّه عز وجل، ويقفوا عند |
http://media.rasoulallah.net/Maktaba...he-prophet.png في كلّ فاتحة للقول معتبرة / حق الثناء على المبعوث بالبقرَه في آل عمران قِدماً شاع مبعثه / رجالهم والنساء استوضحوا خبَرَه قد مدّ للناس من نعماه مائدة / عمّت فليست على الأنعام مقتصرَه أعراف نعماه ما حل الرجاء بها / إلا وأنفال ذاك الجود مبتدرَه به توسل إذ نادى بتوبته / في البحر يونس و الظلماء معتكرَه هود ويوسف كم خوفٍ به أمِنا / ولن يروّع صوت الرعد من ذكَرَه مضمون دعوة إبراهيم كان وفي / بيت الإله وفي الحجرالتمس أثرَهْ ذو أمّة كدَوِيّ النحل ذكرهم / في كل قطر فسبحان الذي فطرَهْ بكهف رحماه قد لاذا الورى وبه / بشرى بن مريم في الإنجيل مشتهِرَهْ طه وحضّ الأنبياء على / حجّ المكان الذي من أجله عمرَهْ قد أفلح الناس بالنور الذي شهدوا / من نور فرقان هلمّا جلا غرَرَهْ أكابرالشعراء اللّسْنِ قد عجزوا / كالنمل إذ سمعت آذانهم سورَهْ وحسبه قصص للعنكبوت أتى في الروم قد شاع قدما أمره وبه / لقمان وفى للدرّ الذي نثرَهْ كم سجدةً في طُلى الأحزاب قد سجدت / سيوفه فأراهم ربّه عِبرَهْ سباهم فاطرالشبع العلا كرما / لمّا بياسين بين الرسل قد شهرَهْ في الحرب قد صفت الأملاك تنصره / فصاد جمع الأعادي هازما زُمَرََهْ لغافرالذنب في تفصيله سور / قد فصّلت لمعان غير منحصرَهْ شوراهُ أن تهجر الدنيا فزُخرفُها / مثل الدخان فيُغشي عين من نظرَهْ عزّت شريعته البيضاء حين أتى / أحقافَ بدرٍ وجند الله قد حضرَهْ محمد جاءنا بالفتحُ متّصِلا / وأصبحت حُجرات الدين منتصرهْ بقاف والذاريات اللهُ أقسم في / أنّ الذي قاله حقٌّ كما ذكرهْ في الطور أبصر موسى نجم سؤدده / والأفق قد شقّ إجلالا له قمرهْ أسرى فنال من الرحمن واقعة / في القرب ثبّت فيه ربه بصرهْ أراهُ أشياء لا يقوى الحديدلها / وفي مجادلةالكفار قد نصرهْ في الحشر يوم امتحان الخلق يُقبل في / صفٍّ من الرسل كلٌّ تابعٌ أثرهْ كفٌّ يسبّح لله الطعام بها / فاقبلْ إذا جاءك الحق الذي نشرهْ قد أبصرت عنده الدنيا تغابنها / نالت طلاقا ولم يعرف لها نظرهْ تحريمه الحبّ للدنيا ورغبته / عن زهرة الملك حقا عندما خبرهْ في نونَ قد حقت الأمداح فيه بما / أثنى به الله إذ أبدى لنا سِيرَهْ بجاهه' سأل' نوح في سفينته / حسن النجاة وموج البحر قد غمرَهْ وقالت الجن جاء الحق فاتبِعوا / مزمّلا تابعا للحق لن يذرَهْ مدثرا شافعا يوم القيامة هل / أتى نبيٌّ له هذا العلا ذخرَهْ في المرسلات من الكتب انجلى نبأ / عن بعثه سائر الأحبار قد سطرَهْ ألطافه النازعات الضيم حسبك في / يوم به عبس العاصي لمن ذعرَهْ إذ كورت الشمس ذاك اليوم وانفطرت / سماؤه ودّعت ويلٌ به الفجرَهْ وللسماء انشقاق و البروج خلت / من طارق الشهب والأفلاك منتثرَهْ فسبح اسم الذي في الخلق شفّعه / وهل أتاك حديث الحوض إذ نهّرَهْ كالفجرفي البلد المحروس عزته /والشمس من نوره الوضاح مختصرَهْ والليل مثل الضحى إذ لاح فيه ألمْ/ نشرح لك القول من أخباره العطرَهْ ولو دعا التين والزيتون لابتدروا / إليه في الخير فاقرأ تستبن خبرَهْ في ليلة القدركم قد حاز من شرف / في الفخر لم يكن الانسان قد قدرَهْ كم زلزلت بالجياد العاديات له / أرض بقارعة التخويف منتشرَهْ له تكاثر آيات قد اشتهرت / في كل عصر فويل للذي كفرَهْ ألم ترالشمس تصديقا له حبست / على قريش وجاء الدّوح إذ أمرَهْ أرأيت أن إله العرش كرمه / بكوثرمرسل في حوضه نهرَهْ والكافرون إذا جاء الورى طردوا / عن حوضه فلقد تبّت يدالكفرَهْ إخلاص أمداحه شغلي فكم فلِق / للصبح أسمعت فيه الناس مفتخرَهْ أزكى صلاتي على الهادي وعترته / وصحبه وخصوصا منهم عشره |
|
|
|
|
|
|
هدي النبي في العشر الأواخر من رمضان هدي النبي في رمضان يقول السائل : كيف كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان ؟ الجواب : إن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ولنا في رسول الله أسوة حسنة فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر أكثر مما سبقها من رمضان فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدَّ مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله ) قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح الحديث : قوله ( شدَّ مئزره ) أي اعتزل النساء وبذلك جزم عبد الرزاق عن الثوري واستشهد بقول الشاعر : قوم إذا حاربوا شدوا مآزر عن النساء ولو باتت بأطهار وذكر ابن أبي شيبة عن أبي بكر بن عياش نحوه ، وقال الخطابي يحتمل أن يريد به الجد في العبادة كما يقال شددت لهذا الأمر مئزري أي تشمرت له ويحتمل أن يراد التشمير والاعتزال معاً ويحتمل أن يراد الحقيقة والمجاز كمن يقول طويل النجاد لطويل القامة وهو طويل النجاد حقيقة فيكون المراد شد مئزره حقيقة فلم يحله واعتزل النساء وشمر للعبادة قلت : وقد وقع في رواية عاصم بن ضمرة المذكورة " شد مئزره واعتزل النساء " فعطفه بالواو فيتقوى الاحتمال الأول . قوله :" وأحيا ليله " أي سهره فأحياه بالطاعة وأحيا نفسه بسهره فيه لأن النوم أخو الموت وأضافه إلى الليل اتساعاً لأن القائم إذا حيي باليقظة أحيا ليله بحياته وهو نحو قوله :" لا تجعلوا بيوتكم قبوراً " أي لا تناموا فتكونوا كالأموات فتكون بيوتكم كالقبور . قوله :" وأيقظ أهله " أي للصلاة وروى الترمذي ومحمد بن نصر من حديث زينب بنت أم سلمة " لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحداً من أهله يطيق القيام إلا أقامه " قال القرطبي : ذهب بعضهم إلى أن اعتزاله النساء كان بالاعتكاف وفيه نظر لقوله فيه :" وأيقظ أهله " فإنه يشعر بأنه كان معهم في البيت فلو كان معتكفاً لكان في المسجد ولم يكن معه أحد وفيه نظر فقد تقدم حديث ( اعتكفت مع النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه ) وعلى تقدير أنه لم يعتكف أحد منهن فيحتمل أن يوقظهن من موضعه وأن يوقظهن عندما يدخل البيت لحاجته ] فتح الباري 4/342 . وجاء في رواية عند مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجدَّ وشد المئزر ) . |
وفي رواية عند مسلم أيضاً عنها رضي الله عنها : قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيره ) . قال الإمام النووي :[ قولها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجدَّ وشدَّ المئزر ) وفي رواية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لم يجتهد في غيره ) ، اختلف العلماء في معنى شد المئزر فقيل : هو الاجتهاد في العبادات زيادة على عادته صلى الله عليه وسلم في غيره ومعناه التشمير في العبادات . يقال : شددت لهذا الأمر مئزري أي تشمرت له وتفرغت وقيل : هو كناية عن اعتزال النساء للاشتغال بالعبادات وقولها : أحيا الليل أي استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها . وقولها : وأيقظ أهله أي أيقظهم للصلاة في الليل وجدَّ في العبادة زيادة على العادة ] شرح النووي على صحيح مسلم 3/250 . وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي :[ إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله للصلاة في ليالي العشر دون غيره من الليالي وفي حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قام بهم ليلة ثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين ذكر أنه دعا أهله ونساءه ليلة سبع وعشرين خاصة . وهذا يدل على أنه يتأكد إيقاظهم في آكد الأوتار التي ترجى فيها ليلة القدر وخرَّج الطبراني من حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان وكل صغير وكبير يطيق الصلاة . قال سفيان الثوري : أَحبُ إليَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ويجتهد فيه وينهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك . وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يطرق فاطمة وعلياً ليلاً فيقول لهما : ألا تقومان فتصليان ) . وكان يوقظ عائشة بالليل إذا قضى تهجده وأراد أن يوتر وورد الترغيب في إيقاظ أحد الزوجين صاحبه للصلاة ونضح الماء في وجهه . وفي الموطأ أن عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة يقول لهم : الصلاة الصلاة ويتلو هذه الآية ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ) ] لطائف لمعارف فيما لمواسم العام من وظائف 341-342 . وذكر الحافظ ابن رجب الحنبلي أن من هديه صلى الله عليه وسلم الاغتسال بين أذان المغرب والعشاء في ليالي العشر فقال :[ وقد تقدم من حديث عائشة : واغتسل بين الأذانين ) والمراد : أذان المغرب والعشاء . وروي من حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بين العشاءين كل ليلة يعني من العشر الأواخر وفي إسناده ضعف . |
وروي عن حذيفة رضي الله عنه أنه قام مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من رمضان فاغتسل النبي صلى الله عليه وسلم وستره حذيفه وبقيت فضلة فاغتسل بها حذيفه وستره النبي صلى الله عليه وسلم . خرجه ابن أبي عاصم . وفي رواية أخرى عن حذيفه قال : قام النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة من رمضان في حجرة من جريد النخل فصب عليه دلواً من ماء . وقال ابن جرير : كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر . وكان النخعي يغتسل في العشر كل ليلة . ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر فأمر زر بن حبيش بالاغتسال ليلة سبع وعشرين من رمضان . وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه إذا كان ليلة أربع وعشرين اغتسل وتطيب ولبس حلة إزاراً ورداءً فإذا أصبح طواهما فلم يلبسهما إلى مثلها من قابل . وكان أيوب السختياني يغتسل ليلة ثلاث وعشرين وأربع وعشرين ويلبس ثوبين جديدين ويستجمر ويقول : ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة أهل المدينة والتي تليها ليلتنا يعني البصريين . وقال حماد بن سلمة : كان ثابت البناني وحميد الطويل يلبسان أحسن ثيابهما ويتطيبان ويطيبون المسجد بالنضوح والدخنة - أنواع من الطيب - في الليلة التي يرجى فيها ليلة القدر . وقال ثابت : كان لتميم الداري حلة اشتراها بألف درهم كان يلبسها في الليلة التي يرجى فيها ليلة القدر . فتبين بهذا أنه يستحب في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر التنظف والتزين والتطيب بالغسل والطيب واللباس الحسن كما يشرع ذلك في الجمع والأعياد وكذلك يشرع أخذ الزينة بالثياب في سائر الصلوات كما قال تعالى : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) وقال ابن عمر : الله أحق أن يتزين له . وروي عنه مرفوعاً . ولا يكمل التزين الظاهر إلا بتزين الباطن بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى وتطهيره من أدناس الذنوب وأوضارها فإن زينة الظاهر مع خراب الباطن لا تغني شيئاً . قال الله تعالى http://www.thanwya.com/vb/images/smilies/frown.png يَابَنِي ءَادَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ) ] لطائف المعارف ص 346-347 . ومن المعلوم أن ليلة القدر تكون في الليالي الفردية من العشر الأواخر من رمضان .فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ) وفي رواية عند البخاري : في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ) . قال الحافظ ابن رجب :[ وأما العمل في ليلة القدر فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) وقيامها إنما هو إحياؤها بالتهجد فيها والصلاة وقد أمر عائشة بالدعاء فيها أيضاً . قال سفيان الثوري : الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة قال : وإذا كان يقرأ وهو يدعو ويرغب إلى الله في الدعاء والمسألة لعله يوافق . انتهى . ومراده أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء وإن قرأ ودعا كان حسناً وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد في ليالي رمضان ويقرأ قراءة مرتلة لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها . وقد قال الشعبي في ليلة القدر ليلها كنهارها . وقال الشافعي في القديم : أستحب أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها وهذا يقتضي استحباب الاجتهاد في جميع زمان العشر الأواخر ليله ونهاره والله أعلم ] لطائف المعارف ص367-368 وكان السلف يجتهدون في التماس ليلة القدر إقتداءً بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى ابن أبي شيبة بسنده أن عائشة رضي الله عنها كانت توقظ أهلها ليلة ثلاث وعشرين . |
وروى أيضاً أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يرش على أهله الماء ليلة ثلاث وعشرين . وروى بسنده أن ابن عمر رضي الله عنه كان يوقظ أهله في العشر الأواخر وروى بسنده أن أبا بكر رضي الله عنه كان يصلي في رمضان كصلاته سائر السنة فإذا دخلت العشر اجتهد . مصنف ابن أبي شيبة 3/77 . وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان كماثبت في الحديث عن عائشة رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده ) رواه البخاري ومسلم. وخلاصة الأمر أنه يستحب الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان بشكل عام ويخص الليالي الفردية بمزيد لعله يوافق ليلة القدر . |
[color="lime"]صلي الله عليه وسلم[/color]
|
اقتباس:
|
حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وعشرته حسن الخلق، ولين الجانب، وطيب العشرة، صفات أجمع العقلاء على حسنها، وفضل التخلق بها.وقد توافرت الأدلة الشرعية على مدح الأخلاق الحسنة، والحض عليها ، من ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( إن من أحبكم إلىّ أحسنكم أخلاقاً ) رواه البخاري . وقد كان رسول الله صلى عليه وسلم أحسن الناس سمتاً، وأكملهم خُلُقاً، وأطيبهم عشرة، وقد وصفه سبحانه بذلك فقال { وإنك لعلى خلق عظيم } (القلم:4) فما من خصلة من خصال الخير إلا ولرسول صلى الله عليه وسلم أوفر الحظ والنصيب من التخلق بها ، وقد وصف الصحابة حسن خلقه صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوسع الناس صدراً ، وأصدق الناس لهجة ، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة) رواه الترمذي. والعريكة هي الطبيعة. ووصفه الله تعالى بلين الجانب لأصحابه فقال { فبما رحمة من الله لنت لهم }(آل عمران159) ، ففي معاشرته لأصحابه من حسن الخلق ما لا يخفي، فقد كان يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، ويقبل الهدية ممن جادت بها نفسه و يكافئ عليها. وكان عليه الصلاة والسلام يؤلفهم ولا ينفرهم، ويتفقدهم ويعودهم، ويعطى كلَّ مَنْ جالسه نصيبه من العناية والاهتمام، حتى يظن جليسه أنه ليس أحدٌ أكرم منه، وكان ولا يواجه أحداً منهم بما يكره. قال أنس رضي الله عنه :( خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، فما قال لي أف قط، وما قال لي لشيءٍ صنعته لم صنعت هذا، ولا شيء لم أصنعه لِمَ لَمْ تصنع هذا).رواه الترمذي وأبو داود . وذكر عبد الله بن جرير البجلي رضي الله عنه معاملة النبي صلى الله عليه وسلم له فقال : ( ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي، ولقد شكوت إليه أني لا أثبت على الخيل فضرب بيده في صدري وقال اللهم ثبته واجعله هادياً مهدياً.)رواه ابن ماجة. ومعنى قوله ما حجبني: أي ما منعني الدخول عليه متى ما أردت ذلك. وهذا الذي ذكرناه من حسن خلقه وعشرته قليل من كثير وغيض من فيض مما لا يمكن الإتيان على جميعه في مقال أو كتاب، والله نسأل أن يرزقنا حسن الخلق وحسن العمل. |
|
|
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
عليه وعليهم جميعاً الصلاة والسلام وجزاك الله خيراً |
اقتباس:
بارك الله فيك |
|
|
جزاكم الله خيرا
|
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:02 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.