بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   أخبار و سياسة (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=79)
-   -   تحليلات سياسية (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=455672)

راغب السيد رويه 01-09-2012 10:08 AM

جزاك الله خيراوبارك فيك

aymaan noor 01-09-2012 10:16 AM

ما هي احتمالات قيام "دويلة علوية" في سوريا؟
 
معوقات التقسيم
ما هي احتمالات قيام "دويلة علوية" في سوريا؟

http://rcssmideast.org/media/k2/item...b0927842_L.jpg
علي حسين باكير - باحث في منظمة البحوث الإستراتيجية الدولية - تركيا
مع توالي الضربات التي يتلقّاها نظام الأسد، وجنوحه أكثر فأكثر للاعتماد على القوّة الجوّية في تدمير المدن السورية، في محاولة للحد من تقدّم الجيش السوري الحر ومن سيطرته على الأرض؛ تبرز مؤشرات الهزيمة،

فالنظام كما يؤكد رئيس الوزراء السوري المنشق مفلس ماليًّا، ومنهارٌ اقتصاديًّا ومعنويًّا، ومتفكك عسكريًّا، ولولا الدعم الروسي والإيراني المفتوح الذي لا يزال يتلقاه لما كنّا نتحدّث عنه الآن.

وأمام هذه المعطيات؛ يكثر الحديث والتحليلات والتكهنات عن إمكانية أن يلجأ الأسدُ إلى خيار أخير في ظل هذه الظروف وفي حال خسر العاصمة دمشق يتضمن الانسحاب إلى المناطق العلوية في مواجهة الساحل السوري، ومحاولة تأسيس دويلة علوية هناك، خاصة وأنَّ هناك بعض المؤشرات التي توحي بأنه قد يتّجه فعلا إلى تحقيق ذلك.

أولا: مؤشرات الدويلة العلوية

1- تفجيرُ حربٍ أهلية طائفية: إذ مع شعور نظام الأسد المتنامي بالانهزام تصبح هناك نية أكبر لإشعال حرب طائفية لدى النظام، فمن شأن هكذا حرب أن تفكك المجتمع، وتخدم هدفه بالادعاء بحماية الأقليات، وبالتالي الاستحواذ أيضا على الاهتمام الغربي. ولذلك فهو عمد في الآونة الأخيرة إلى التحريض الطائفي، وإلى افتعال مشاكل طائفية، وإلى التخويف من السنّة تحت شعارات إرهابيين وراديكاليين وعصابات مسلحة، وفي الوقت نفسه عرض نفسه كحامٍ للأقليات والمدافع عنها كالمسيحية والعلوية، وبالتالي تبرير الإجراءات التي يتخذها تحت هذا الإطار.

فتحت وطأةِ الشعور بمثل هذا التطور؛ سيتم دفع الأقليات إلى التقوقع والتمترس في مناطقهم، مما يسهّل الدفع باتجاه إقامة مناطق معزولة عن بعضها بعضا، وتصبح إمكانية إقامة دويلة علوية من الناحية النظرية على الأقل أسهل تحت مبررات الخوف من انتقام الآخر، التضامن الاجتماعي والطائفي، المصالح المشتركة والبيئة الحاضنة.

2- تحديد خط ديمغرافي طائفي بموازاة الساحل السوري: ولأن المناطق التي من المفترض أن يقيم عليها النظام دويلة علوية لا توجد فيها وحدة طائفية علوية بما فيها المناطق التي تعرف بأنها علوية؛ بدأ النظام بمحاولة رسم حدود جغرافية بناءً على معطيات طائفية عبر تصفية القرى السنيّة عبر مجازر مروّعة، كمجزرة الحولة التي ذهب ضحيتها حوالي 110 أشخاص نصفهم من الأطفال غير البالغين والنساء، وقد تم تقطيعهم أو ***هم بالسكاكين والأسلحة الحادة، إضافة إلى الإعدامات رميا بالرصاص بعد تقييدهم بما في ذلك الأطفال. ثم تبعتها مجازر أخرى في الحفة والقبير والتريمسة التي بلغ عدد الضحايا فيها وحدها قرابة 200 شخص، وما تخللها من عمليات يمكن اعتبارها "تطهيرا طائفيا"، عدا دموية حصار حمص وتدمير حلب مع توجهات إلى تطهير ريف حمص واللاذقية من التواجد السني.

3- نقل بعض المعدات والأسلحة: حيث أشارت بعض التقارير الأمنية وأخرى إعلامية إلى أنّ نظام الأسد قام بنقل أسلحة إستراتيجية ومعدات مهمة وذخائر إلى المناطق العلوية التي تشكّل لب المنطقة التي من الممكن أن يتحصّن بها في اللاذقية وطرطوس، كمقدمة لتحصين المنطقة عسكريًّا في وقت لاحق بعد فشل المحاولات الهجومية على المدن الأخرى لدحر الجيش الحر منها. ويعد ذلك مؤشرا على أنّ النظام قد يكون يجهز لمنطقة يتراجع فيها في المربع الأخير من المعركة حتى تشكل ملاذًا آمنًا له، ويفسّر البعض مثل هذه الخطوة -حال التأكد منها- بأنها دليل حقيقي على نيته إنشاء دويلة علوية؛ إذ من دون الأسلحة الإستراتيجية لن تكون أي دويلة علوية قادرة على الدفاع عن نفسها حتى وإن كانت في منطقة جبلية صعبة ووعرة.

4- إنشاء مجمّع يضم قاعدة عسكرية ومطارا في اللاذقية: إذ قامت إيران بالموافقة على صفقة تمت مناقشتها أثناء زيارة مساعد نائب الرئيس السوري للشئون الأمنية محمد نصيف خيربيك لطهران في حزيران من عام 2011. وتتضمن الصفقة مبادرة طهران لبناء مجمع عسكري قرب مطار اللاذقية يكون بمثابة قاعدة عسكرية ضخمة تبلغ تكلفته ملايين الدوارات قام النظام الإيراني بالموافقة على توفير 23 مليون دولار لها، على أن ينتهي العمل بها نهاية عام 2012 وفق الخطة الأساسية آنذاك.

وتهدف القاعدة حال بنائها إلى توفير ممر يسمح لإيران بتزويد سوريا بالأسلحة والمعدات الثقيلة بشكل مباشر عبر البحر دون الاضطرار إلى المرور بطرف ثالث، وهو أمر يخدم أيضًا مشروع دويلة علوية إذا كان هناك شروع للعمل بها؛ إذ ستكون هذه الدويلة في حاجة إلى دعم، وليس هناك أفضل من خط مباشر بين إيران وبينها لتقديم هذا الدعم، وهو ما يقدّمه هذا المجمّع العسكري.

5- التدمير الممنهج للمدن الرئيسية في البلاد: إذ إنّ اتّباع الأسد لسياسة الأرض المحروقة في مهاجمة المدن الرئيسية لا سيما درعا وحمص وحلب ودير الزور إضافة إلى الأرياف وريف دمشق وتدميرها بشكل ممنهج وكلّي عبر استهداف المباني السكنية والمجمعات والأحياء ومناطق تخزين المياه والطعام والمنشآت الحيوية والرئيسية وتخريب المصانع والمتاجر وحرق الحقول والبيادر وأراضي المحاصيل الزراعية، في مقابل تحييد بعض الأماكن عن هذا الدمار الهائل كما في بعض المناطق الكردية والعلوية يعد مؤشرا على إمكانية وجود نية لإقامة هذه الدويلة العلوية على المناطق التي تم تحييدها.

ثانيا: الأطراف المستفيدة من الدويلة العلوية

ويستندُ البعض إلى أنّ هناك مصلحة لدى بعض الدول والأطراف في تشجيع الأسد على الذهاب قدما في هذا الخيار إذا ما فقد دمشق، خاصة وأنّ مصالحها قد تتوافق مع مثل هذا الطرح، ومن هذه الدول:

1- روسيا: على الرغم من أنّي لا أميل إلى التحليل الرائج لدى المتخصصين في السياسة الروسية من أنّ سبب التعنّت في الموقف الروسي إزاء الأزمة السورية ودعمها اللا محدود للنظام السوري إنما يعود في جزء منه إلى الإطلالة التي تمنحها سوريا إياها على البحر المتوسط عبر قاعدة طرطوس البحرية، وإنما يتعلق بالدرجة الأولى بإيران والثانية بصعود الإسلام السياسي السنّي في المنطقة وهو أيضا سبب آخر يعود بدوره إلى السبب الأول.

لكن على فرض أنّ المسألة هي قاعدة طرطوس وأنّ الموضوع يتعلق بالأهمية الجغرافية ومعها بطبيعة الحال الجيو-سياسية والجيو-إستراتيجية للساحل السوري بالنسبة إلى موسكو؛ فإن إنشاء دويلة علوية في هذه الحالة سيكون مصلحة روسية بامتياز. فهذه الدويلة الوليدة ستكون في الأحضان الروسية تماما، وعليه فإن روسيا لن تمتلك موطئ قدم فقط في الشرق الأوسط وفي ساحل المتوسط؛ وإنما ستكون بمثابة قاعدة روسية متقدمة.

2- إيران: وهي بدأت تشعر من خلال دعواتها المتكررة لعقد مؤتمر يضم النظام والمعارضة للتفاهم سياسيا، أنّ النظام السوري في طريقه إلى الانهيار رغم الدعم اللا محدود الذي قدّمته له سياسيا وماليا واقتصاديا وعسكريا وإعلاميا. ولأن إيران أحرقت كل الجسور عبر هذا الدعم المقدم لنظام الأسد مع المعارضة السورية ومع العالم العربي ومع تركيا، ولأنها لن تكون قادرة على تحمل التبعات والخسائر الإقليمية الناجمة عن الزلزال الجيوبوليتيكي الذي سيضرب المنطقة وتاليا مصالحها التي استثمرت فيها أكثر من 30 عاما في العالم العربي؛ فإنه سيكون من مصلحتها البحث عن بدائل لا سيما في حال نشوء نظام سوري جديد غير موالٍ لها.
وفي هذه الحالة؛ فإن من مصلحة إيران الدفع باتجاه إنشاء دويلة علوية إذا كان هناك قرار بذلك لأنها ستخفف من خسائر إيران في المنطقة العربية جيوبوليتيكيا، ناهيك عن أنها ستحافظ على موقع إيران سواء من ناحية كونها إطلالة على المتوسط أو من ناحية كونها امتدادا لنفوذها في لبنان عبر حزب الله وعضدا له وشوكة في خاصرة العرب وتحييدا لأي سوريا قوية.

3- حزب الله: ولا شك أنّه سيحبّذ إنشاء مثل هذه الدويلة لتكون سندا وعضدا له تستبدل النظام السوري في سوريا الأسد بنظام آخر يؤمن له نفس المنافع السابقة؛ إذ من المعلوم أنه إذا انهار نظام الأسد دون إيجاد البديل الذي يكون بمثابة الرئة التي تربط إيران بحزب الله؛ فإن دور الأخير سينتهي بشكله المعهود عاجلا أم آجلا. ولذلك نرى الدفاع المستميت من قبل حسن نصر الله تجاه الأسد ونظامه؛ بل إنّ هناك معلومات تشير إلى أنّ بعض الأوساط في حزب الله لا تتحفظ من الآن على سيناريو إنشاء دويلة علوية في حال فقد الأسد سوريا بأكملها، على الرغم من حديثهم العلني المستمر حول مخاطر التقسيم، وأن الغرب هو من يريد التقسيم، علمًا بأنّهم عمليا -كما الحال في لبنان- يدفعون إلى التقسيم بشكل ممتاز.

ثانيا:معوقات إنشاء دويلة علوية في سوريا

وعلى الرغم مما تم ذكره حتى الآن؛ فإن تقسيم سوريا وتفتيتها وإنشاء دويلة علوية فيها تتبعها دويلة كردية ليس بالأمر البسيط أو السهل أو الممكن التحقيق بهذا القدر من التصوّر، ولعل من أهم الأسباب التي تحول دون تحقيق مثل هذا السيناريو الآن حول إنشاء دويلة علوية:

1- الوضع الديمغرافي: خلافا لما يزال يعتقده كثيرون، فإن الحقيقة القائلة بأنّ المناطق الجبلية المواجهة للساحل السوري لا سيما طرطوس واللاذقية هي مناطق علوية خالصة، فذلك ليس أمرا صحيحا؛ بل إنّ عددا من هذه المدن على هذا الخط ذات أغلبية سنّية الآن كاللاذقية التي تزيد نسبة السنة فيها عن 70%، وحتى مدينة طرطوس تبلغ فيها نسبة السنة وفق بعض التقديرات 45%، أمّا الأرياف فهي مختلطة بالمجمل، وضمن هذا الاختلاط توجد قرى ذات أغلبية سنية وأخرى ذات أغلبية شيعية أو علوية، وبدون التخلص كليا من هذه الفئات السنية سيكون صعبا جدا إن لم يكن في عداد المستحيل إنشاء هذه الدويلة العلوية. فبالرغم من الهجرة السنيّة الواسعة وحجم المذابح التي تحدثنا عنها سابقا والتي تهدف إلى رسم الخط الجغرافي الداخلي لهذه الدولية؛ إلا أنها لم تنجح حتى الآن في تحقيق هدفها.

2- البنى التحتية: لأن طموح عائلة الأسد كان دوما السيطرة على كامل سوريا وليس على منطقة صغيرة فيها أو بضع قرى وبلدات؛ فإن التركيز على دعم المناطق العلوية وتنميتها دون غيرها كان ليطيح بالطموح الكبير، وبدلا من ذلك، فتح آل الأسد المؤسسات الأمنية والعسكرية لأبناء الطائفة العلوية فانتشروا في كل مفاصل الدولة وأجهزتها ومراكزها الحيوية، وأصبح الانتشار العلوي على مستوى الوطن. ولذلك فإن هذه المدن التي من المفترض أن تقام عليها دويلة علوية وفق التصورات الممكنة لا تتمتع بأي بنى تحتية مميزة على الصعيد الاقتصادي أو الخدمات بما يؤهلها لأن تكون جاهزة لإنشاء دويلة، ناهيك عن ثروات طبيعية أو صناعات تضمن ديمومتها. فباستثناء مرفأ طرطوس والواجهة البحرية، لا يوجد شيء معتبر، وإن كان هذا بدوره لا يعرقل إنشاء دويلة إذا كانت هناك نية حقيقية لإقامتها، ولكنه مؤشر على صعوبة تحقيق ذلك.

3- الوضع الجغرافي: إنشاء دويلة علوية يعني أن باقي سوريا ستكون دويلة مغلقة لا منفذ بحريا لها، ومن الصعب بمكان تخيّل أن باقي السوريين سيقبلون بذلك نظرا لما للمنفذ البحري من أهمية إستراتيجية عادة لأي دويلة بريّة، وعليه فقد يتحوّل ذلك إلى دافع إضافي لباقي السوريين لمنع إقامة مثل هذه الدويلة.

4- الوضع الأمني للمنطقة المفترضة: لا تمتلك هذه المناطق أية قدرات دفاعية معتبرة باستثناء طبيعتها الجبلية، وانسحاب الشبيحة إلى هذه الجبال، وما تبقى من العلويين في الجيش السوري إليها أيضا لا يعني أنها محصّنة، فقد يصمدون هناك لفترة من الزمن، لكن من الصعب تصوّر أنّ الجيش الحر والمقاتلين في باقي سوريا سيتوقفون في حال سقوط دمشق وانسحاب الأسد ومناصريه بعدها إلى الجبال؛ بل إنّ ذلك سيدفعهم إلى الزحف نحو ما تبقى من مناطق، فمن يسيطر على كامل سوريا لن يتوقف عند المدن التي من المفترض أن تقام عليها مثل هذه الدويلة العلوية.

5- الموقف الدولي: من المعلوم أنّ إنشاء دويلة جديدة إنما يتطلب دعم المجتمع الدولي وعدد من الدول الفاعلة إقليميا ودوليا. وعلى الرغم من المخاوف المستمرة لدى الرأي العام العربي من وجود مصلحة إسرائيلية وأخرى غربية لتقسيم الدول العربية على الدوام؛ إلا أنَّه وحتى هذه اللحظة لا يوجد دعم غربي لفكرة إقامة مثل هذه الدويلة، ولذلك سيكون من الصعب بمكان إن لم يتغير هذ الموقف أن يتم إنشاء دويلة بدعم من روسيا وإيران فقط بعيدا عن المجتمع الدولي، ناهيك عن أن إنشاء مثل هذه الدويلة سيؤدي إلى نزاعات أخرى لإقامة دويلة مماثلة سواء للأكراد أو لغيرهم في داخل سوريا وفي محيطها الإقليمي، وهو ما يعني أنّ هذه الفكرة ستحارب بشكل قوي، على الأقل إقليميا.

6- الجيش السوري الحر: أدرك مؤخرا أنّ هناك محاولات من قبل بعض الأقليات لاستغلال الأماكن التي لا يتواجد فيها من أجل القيام بمحاولات إدارة ذاتية للمناطق، ولذلك فالجيش الحر يحرص مؤخرا على تأكيد تواجده على كافة الأراضي السورية، وقد قام بإنشاء مجلسين عسكريين مؤخرا، واحد في منطقة اللاذقية، وآخر في الحسكة، لكي يكون حاضرا هناك، وبالتالي يمنع أي عملية استغلال لتجميع قوات موالية للنظام لاحقًا.

aymaan noor 01-09-2012 01:34 PM

عن الخليج: الحملة الأمنية في الإمارات
 
عن الخليج: الحملة الأمنية في الإمارات
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/imarat.jpg
Vijay Prashad
من النادر أن نرى تغطية إعلامية في الغرب عن القمع المنسق الذي يتعرض له الناشطون المطالبون بالديمقراطية في شبه الجزيرة العربية. تعد المملكة العربية السعودية الأولى بين أقرانها في الجزيرة العربية التي ترفض وبقسوة أي اقتراحات باصلاحات ديمقراطية. فقد قامت السلطات السعودية مؤخراً باعتقال رجل الدين، نمر النمر، في القطيف في عملية تم فيها إطلاق النار على قدمه و*** آخرين في قرية العوامية. وقال وزير الداخلية، الأمير أحمد بن عبد العزيز، أن النمر هو "مثير للفتنة" و" رجل مشكوك في مستواه العلمي وحالته العقلية، وأن الطرح الذي يطرحه يظهر إلى أي مدى يعاني من قصور وخلل عقلي". وبناء عليه، فأنت مختل عقلياً إن حاولت أن تدعو إلى الديمقراطية في المملكة العربية السعودية. وهكذا، فالنمر ليس حالة منفردة. فقد اعتقلت السلطات رائف البداوي، رئيس تحرير الليبراليين السعوديين الأحرار، ونشطاء آخرون مثل محمد الشكوري من القطيف، مركز ال***. يستعمل السعوديون قوانين الكفر بأسلوب ذكي لضرب نشطاء الديمقراطية بقوة. فالنشطاء هم "فئات ضالة"، أي أنهم أشخاص ضلوا طريق الحق، ولا ينفع مع هؤلاء إلا هراوة السلطة لتعيدهم إلى جادة الصواب.

منذ ما يقرب من عام، لم تتوقف السلطات البحرينية عن حملتها الأمنية ضد دعاة الديمقراطية. ومؤخراً، تم اعتقال نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان وأحد السجناء القدامى في سجون آل خليفة، بتهمة إرسال تغريدة مهينة. في الثاني والعشرين من يونيو، قام ما يقرب من اثنين وعشرين ناشطاً من حزب الوفاق بقيادة زعيمهم، الشيخ علي سلمان، بالتظاهر في شرق المنامة حاملين الزهور. قامت الشرطة بمواجهتهم بالغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت مما أدى لجرح معظم المتظاهرين. لقد تدهورت الأمور في البحرين لدرجة أن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أصدر بياناً يدعو فيه الملك، حمد بن عيسى آل خليفة، لتطبيق توصيات لجنة التحقيقات البحرينية المستقلة التي عينها بنفسه. وفي تطور غير مفاجئ، فقد جلست الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وسبع دول أوروبية أخرى من ضمنها السويد، صامتين ولم يؤيدوا الإعلان.

أما في الامارات العربية المتحدة (وهو اتحاد من سبع إمارات يضم الاماراتين الشهيرتين أبو ظبي ودبي) فقد أخذت الأمور منحى آخر للأسوأ . فقد أظهرت السلطات هناك قسوة في التعامل مع "الإصلاح"، وهي منظمة للاصلاح والإرشاد الاجتماعي. فمنذ مارس في العام الحالي، اعتقلت السلطات الاماراتية خمسين ناشطاً على الأقل، وبضمنهم محامين لحقوق الإنسان مثل محمد الركن، ومحمد المنصوري، إضافة لخليفة النعيمي وهو مدون ومغرد على التويتر. بدأ الهجوم على "الإصلاح" في ديسمبر 2011، حين وصل حماس الربيع العربي إلى المدن المطلية بالذهب، وقامت السلطات على الفور باعتقال القادة الرئيسيين وتجريدهم من ***ياتهم الاماراتية. أصدر الاماراتيون السبعة، كما يطلقون على أنفسهم، بياناً يدعون فيه إلى الإصلاح "في السلطة التشريعية حتى يمكن تحضير الجو لانتخابات برلمانية عامة". لم يحدث شيء من هذا القبيل، وبالتأكيد فإن الضربة الساحقة التي تلقاها الناشطون كانت سريعة و مؤثرة.

في الرابع والعشرين من يوليو، صدر الحكم على الدكتور أحمد يوسف الزعبي، أستاذ القانون في جامعة الشارقة والقاضي السابق، بالسجن لمدة عام بتهمة التزوير. زعمت الحكومة أنه قد انتحل شخصية أخرى (مهنته في الجواز قاض رغم أنه قد تم فصله بعد أن ساند دعوة الاصلاح السياسي عام 2003). تعد الاعتقالات الأخيرة جزءاً من سياسة عامة بعدم التسامح مع التنوع السياسي وضد أي دعوة للإصلاح. في الأول من أغسطس، دعا جو ستروك، من منظمة هيومان رايتس ووتش، الولايات المتحدة وبريطانيا "للتحدث بشكل علني وفي الاجتماعات مع المسؤولين الاماراتيين حول ردود الفعل القاسية على دعوات معتدلة تطالب باصلاحات ديمقراطية متواضعة". في المقابل هناك صمت مطبق من وزيرة الخارجية الأميركية التي قالت في الحادي عشر من فبراير 2011، إن الولايات المتحدة ستساند " المواطنين الذين يعملون لجعل حكوماتهم أكثر انفتاحاً، وشفافية، وتقبلاً للمحاسبة". إلا أن علامة الترقيم على هذا التصريح تشير إلى ملاحظة مفادها : "مواطنو دول الخليج غير مشمولين بهذا".

ديمقراطية الصحراء العربية

كتب مهندس دبي، جون هاريس، في خطته الرئيسية عام 1971 أن النظام السياسي في الامارات العربية المتحدة كان "ديمقراطية صحراوية عربية تقليدية تمنح الحاكم سلطة مطلقة" ( هذا اقتباس من من كتاب أحمد كنه الرائع الصادر في 2011 : دبي المدينة الشركة). إن تعبير "الديمقراطية الصحراوية" أصبح كليشيهاً متداولاً في السبعينات. في عام 1967، نشرت مجلة التايم قصة عن الكويت وصفتها فيها بأنها "ديمقرطية صحراوية"، وهو عنوان أعادت المجلة استعماله في عام 1978 في قصتها عن السعودية. إن فكرة "الديمقراطية الصحراوية" تشير إلى سماح الملكيات الخليجية بتشكيل المجلس، وهو مجلس يقوم باسداء النصح للملك أو الأمير، في نفس الوقت الذي تتعهد فيه الامارة الغنية بالنفط بتوفير دفعات مالية لمواطنيها لمكافأتهم على حسن سلوكهم ( في عام 1985، قال زعيم الحزب الشيوعي السعودي المحظور أن هذه الدفعات جعلت العمال السعوديين أفراداً تحابيهم الثروة). إذا تم خرق هذا الميثاق الأساسي، عن طريق الدعوة إلى مزيد من الديمقراطية على سبيل المثال، فإن الملك أو الأمير سيضطر لاستعمال الخيار الأمني. يبدو وكأن ملوك وأمراء الخليج قد قرأوا برنارد لويس، أستاذ برنستون الجليل، والذي يقول في كتابه (أين الخطأ؟ الصدام بين الحداثة والاسلام في الشرق الأوسط - 2001) إن " كل أعمدة الاستشراق مثل المجتمع القبلي، والتحزب العربي وغيرها تتهاوى".

إن ضباب الثقافة مقبول، ولكنه يعمي الانسان عن تفسيرات أكثر بساطة. فأمراء الخليج ليسوا معنيين بمشاركة شعوبهم في السلطة لأنهم قد يُسألوا أسئلة محرجة عن البذخ الذي تعيش فيه العوائل الحاكمة من دولارات البترول. لا يمكن لأي من النخبة أن يذعن للديمقراطية برغبته الحرة، "أكثر شيء معيب في العالم" كما وصفه إدموند بيرك. كانت هناك آمال طيبة منذ الخمسينات أن "الجيل القادم" من عرب الخليج سيكون أكثر اعتدالاً من سابقيهم، وأن المسافة التي ستبعدهم عن خيامهم ستجعلهم أكثر ليبرالية. يبلغ الملك السعودي، عبد الله بن عبد العزيز، السابعة الثمانين من العمر، ويبلغ ولي عهده، سلمان بن عبد العزيز، سبعة وسبعين عاماً وهو مريض، ولم يظهر أي من الأمراء الشباب حتى الآن أي رغبة في التحرك نحو الإصلاح لأن النتائج ستكون كارثية فيما يخص سيطرتهم على الثروة. تعرف الولايات المتحدة تماماً تفاصيل هذا الوضع، ففي برقية للخارجية الأميركية أرسلت عام 1996 هناك حديث عن أن "الأمراء يبدون أكثر قدرة على تبذير الثروة منهم على الاحتفاظ بها..وطالما ظل أمراء آل سعود ينظرون للسعودية وثروتها النفطية على أنها شركة لآل سعود، فإن الآلاف من الأمراء والأميرات سيرون أنه حق مكتسب بالولادة أن يستلموا دفعات مالية وأن يستمروا بالإغارة على صندوق النقود"، فالإصلاح يشتت تفكيرهم عن سلب الأموال.

كتب السفير الأميركي، جيمس سميث، لوزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، في فبراير 2010، أنه ثبت أن العلاقات السعودية- الأميركية "صامدة"، وقد قيل نفس الكلام فيما يخص العلاقات الأميركية والأوروبية مع دول الخليج الأخرى. النفط بالطبع هو المفتاح، ولكنه ليس الشيء الوحيد، فالسيطرة السياسية من خلال القواعد العسكرية هي على نفس الجانب من الأهمية. فمن بين العديد من القواعد، تعد قاعدة الدعم البحري في البحرين، وقاعدة الظفرة في الإمارات العربية المتحدة، والقاعدة الجوية في العديد في قطر أكثرها أهمية. يمكن للغرب أن يلقي جانباً بأوهام الديمقراطية وما شابهها من أفكار ليخلق تحالفاً واقعياً مع عرب الخليج الذين يشاركون الولايات المتحدة، وحسب تعبير السفير سميث، "رؤية مشتركة للتهديدات التي يمثلها الإرهاب والتطرف، والخطر الذي تمثله إيران". إن أحد أهم الأخطار التي تمثلها إيران هو محاولتها تصدير أسلوبها في الديمقراطية الإسلامية، والتي تمثل لعنة على الملكيات الحاكمة في الخليج. لهذا، فقد وقفت الولايات المتحدة وراء الارستقراطية ضد الديمقراطية.

إن قوة ملوك الخليج تتزايد رغم أنهم أقل إستقراراً، فقد عبر الناس مراحل الميثاق، والحوار وهم يطلبون ما هو أكثر الآن.

يسدل الليل أستاره، ويتحرك رجال المخابرات والمطاوعة (الشرطة الدينية)، هناك إطلاق نار، صرخات تدوي، ثم يسود صمت مطبق.

aymaan noor 02-09-2012 05:11 PM

قراءة في خطاب مرسي بقمة عدم الانحياز في طهران
 
تحولات هيكلية
قراءة في خطاب مرسي بقمة عدم الانحياز في طهران

http://www.rcssmideast.org/media/k2/...6d54529d_L.jpg
محمد عبدالله يونس
مدرس مساعد في كلية الاقتصاد والسياسية جامعة القاهرة
لم يكن خطابُ الرئيس المصري د. محمد مرسي في الجلسة الافتتاحية لقمة دول عدم الانحياز في طهران مجردَ اتباعٍ تقليدي للمراسم الدبلوماسية المتبعة في تسليم رئاسة الحركة؛ وإنما جاء الخطابُ متضمنًا رسائلَ ودلالاتٍ كاشفةً عن تحولات هيكلية في ثوابت وتوجهات السياسة الخارجية المصرية تجاه الإقليم، وما يرتبط بها من رسائل موجهة
للداخل لتدعيم أركان الجمهورية الثانية بسياسة خارجية مستقلة، استنادًا إلى مركزية الدور المصري في منطقة الشرق الأوسط، واستغلالًا للدلالات الفارقة لأول زيارة رئاسية مصرية لطهران منذ عقود في خضم التجاذبات الإقليمية حيال الأزمة السورية أسفرت إجمالا عن انقسامات معقدة وثنائيات استقطابية والتحولات الداخلية الملحقة بالموجات الارتدادية للربيع العربي.

استقطاب إقليمي جديد

أثرت متغيرات عديدة على خطاب الرئيس مرسي بطهران، أهمها الجدل المحتدم إقليميًّا حول دلالات زيارته لطهران، ومدى اعتبارها مؤشرًا على تقاربٍ مصري إيراني، وإعادة تشكيل للتحالفات وتوازن القوى الإقليمي، لا سيما وأن الزيارة تأتي مسبوقة بزيارة الرئيس مرسي للصين، أحد أهم الحلفاء الإستراتيجيين لطهران والداعمين لنظام بشار الأسد في سوريا.

وفي السياق ذاته ارتبطت الخطابات بانتقادات داخلية متصاعدة من جانب رموز التيار السلفي باعتبار زيارة طهران تدعيمًا للمحور الشيعي في المنطقة، في ظل الأبعاد الطائفية للصراع الداخلي في سوريا، والتحالف الوثيق بين النظام العلوي في سوريا والنظام الإيراني، ومن هذا المنطلق بدت الرسائل التي حرص مرسي على إيصالها كالتالي:

- استهل الرئيس محمد مرسي خطابه بالثناء على الصحابة (أبو بكر وعمر وعثمان وعلي) في رسالة موجهة لتأكيد الخلافات المذهبية الدينية بين إيران والدول الإسلامية السنية، وأنها خلافات هيكلية لا يمكن تجاوزها لا سيما في ظل الأبعاد الطائفية والمذهبية في السياسة الإقليمية لطهران، وشبكة علاقاتها المعقدة بالقوى الشيعية في العراق ولبنان وسوريا ودعمها لتسييس الطائفية في المنطقة.

- تضمن الخطابُ إشارة الرئيس مرسي إلى جهود الرئيس عبد الناصر في تأسيس حركة عدم الانحياز، وأنه كان يعبر عن إرادة الشعب المصري، بما يكشف عن انتقال الرئيس مرسي من مرحلة التوظيف الانتقائي أيديولوجيا للتاريخ المصري -المرتبط بالقطيعة التاريخية بين الإخوان والنظام الناصري- إلى توظيف المكانة المصرية التاريخية في استعادة حيوية الدور المصري في دوائر السياسة الخارجية المصرية، لا سيما الدائرة الإفريقية ودائرة دول الجنوب التي شهدت انسحابًا للدور المصري خلال فترة حكم الرئيس السابق مبارك.

- أغفل الرئيسُ المصري الحديث عن ثورة البحرين في إطار إشارته للثورات العربية في مصر وتونس وليبيا واليمن، فيما يحمل دلالات قوية على الموقف المصري حيال الأبعاد المذهبية لتلك التحولات الداخلية، والتأكيد على دعم دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة القوى الشيعية المرتبطة بإيران بعلاقات وثيقة، وهو ما يمكن اعتباره انخراطًا للنظام المصري في المحاور المذهبية المتقاطعة في منطقة الشرق الأوسط، وانحيازًا للمحور السني الذي يضم المملكة العربية السعودية في مواجهة الاستقطاب الإقليمي الذي تقوده إيران.

- تضمن خطاب الرئيس انتقادات حادة لنظام بشار الأسد في سوريا المتحالف مع طهران؛ حيث أكد على دعم الشعب السوري ونضاله ضد النظام القمعي، داعيًا دول عدم الانحياز إلى دعم مطالب الثورة السورية، والانتقال السلمي إلى نظام ديمقراطي يحفظ سوريا من الحرب الأهلية أو التقسيم اعتمادًا على المبادرة المصرية، موجها دعوته لتوحيد صفوف المعارضة السورية بما يعكس تحولا هيكليا في الموقف الرسمي لمصر قبيل تولي الرئيس مرسي مهام منصبه الذي ارتكز على تجنب الانحياز لأي من أطراف الصراع في سوريا، والتركيز على التفاوض لتسوية الصراع دون إدانة أي طرف.

- شدد الخطاب على الركائز التقليدية للسياسة الخارجية المصرية في الدائرة الشرق أوسطية لا سيما القضية الفلسطينية والحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني ومبادرات منع الانتشار النووي في المنطقة وانتقاد الممارسات الإسرائيلية في كلتا القضيتين، بما يعكس استمرارية للسياسة الخارجية المصرية رغم التحولات الهيكلية داخليًّا.

أبعاد التحول وتداعياته

يكشف خطاب الرئيس مرسي عن مراجعة هيكلية لثوابت السياسة الخارجية المصرية في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما تجاه التجاذبات المذهبية والصراعات الداخلية المحتدمة في سوريا بما استتبع تداعيات آنية لتلك التحولات ليس أقلها انتقادات أقطاب نظام الأسد لخطاب الرئيس مرسي، واعتبار وزير الخارجية السوري وليد المعلم الخطاب المصري "تحريضا على سفك الدماء في سوريا" على حد تعبيره.

بينما ارتبطت دلالات الخطاب باستعادة الثقل المصري في توازن القوى الإقليمي والالتزامات المصرية تجاه الأمن في المنظومات الإقليمية الفرعية، لا سيما تجاه أمن الخليج خاصة في ظل المخاوف من تقارب مصري إيراني بدايته زيارة الرئيس مرسي لطهران، في حين ظهر من الخطاب والمبادرة المصرية سعي الرئيس المصري إلى تدعيم محور إقليمي جديد يضم تركيا والمملكة العربية السعودية والأردن يستدعي الأزمة السورية لمراجعة توازنات القوى الإقليمية والدور الإيراني في أزمات الإقليم.

وفي السياق ذاته؛ حملت المشاركة المصرية في قمة عدم الانحياز بطهران رسائل أخرى لمختلف الأطراف الإقليمية والدولية بتأسيس نهج جديد للسياسة الخارجية المصرية يقوم على الاستقلالية، وعدم الاستجابة للضغوط الهادفة إلى تحديد مسارات الحركة الخارجية المصرية وأولويات السياسة الخارجية المصرية، فضلا عن اتجاه مصر للإفادة من توازنات القوى الإقليمية والدولية في تعظيم العوائد الداخلية للسياسة الخارجية المصرية.

كما لم يخل الخطاب من إدراك لانعكاساته الداخلية في تدعيم أركان الجمهورية الثانية بزعامة مرسي، وتثبيت أركان التحالف بين الإخوان والتيارات السلفية الداعمة لرئاسة مرسي، فضلا عن حشد التأييد الشعبي له ولجماعة الإخوان المسلمين قبيل الاستفتاء على الدستور والانتخابات البرلمانية المقبلة استغلالا للتعاطف الشعبي المصري مع الثورة
السورية ونزعة التدين لدى الجماهير المصرية في إطار التوظيف السياسي لقضايا السياسة الخارجية بصورة غائية.

darch_99 02-09-2012 08:30 PM

رائع جدا
 
جزاك الله خيرا اخي السيد / ايمن نور
مقال جيد جدا وفيه الكفاية ولكن ما اثار انتباهي حقا في هذا المقال وهذا هو الجديد

اقتباس:

- تضمن الخطابُ إشارة الرئيس مرسي إلىجهود الرئيس عبد الناصر في تأسيس حركة عدم الانحياز، وأنه كان يعبر عنإرادة الشعب المصري، بما يكشف عن انتقال الرئيس مرسي من مرحلة التوظيفالانتقائي أيديولوجيا للتاريخ المصري -المرتبط بالقطيعة التاريخية بينالإخوان والنظام الناصري- إلى توظيف المكانة المصرية التاريخية في استعادةحيوية الدور المصري في دوائر السياسة الخارجية المصرية، لا سيما الدائرةالإفريقية ودائرة دول الجنوب التي شهدت انسحابًا للدور المصري خلال فترةحكم الرئيس السابق مبارك.




فحقا كلمات رائعة فجزاك الله خيرا ويدل علي ان الرئيس مرسي له نظرة افق واسعة جدا

فبفضل الله هو رجل موفق والسلام


aymaan noor 02-09-2012 08:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة darch_99 (المشاركة 4807550)
جزاك الله خيرا اخي السيد / ايمن نور
مقال جيد جدا وفيه الكفاية ولكن ما اثار انتباهي حقا في هذا المقال وهذا هو الجديد

[color=blue][b][size=3]

اقتباس:

جهود الرئيس عبد الناصر في تأسيس حركة عدم الانحياز، وأنه كان يعبر عنإرادة الشعب المصري، بما يكشف عن انتقال الرئيس مرسي من مرحلة التوظيفالانتقائي أيديولوجيا للتاريخ المصري -المرتبط بالقطيعة التاريخية بينالإخوان والنظام الناصري- إلى توظيف المكانة المصرية التاريخية في استعادةحيوية الدور المصري في دوائر السياسة الخارجية المصرية، لا سيما الدائرةالإفريقية ودائرة دول الجنوب التي شهدت انسحابًا للدور المصري خلال فترةحكم الرئيس السابق مبارك.




فحقا كلمات رائعة فجزاك الله خيرا ويدل علي ان الرئيس مرسي له نظرة افق واسعة جدا

فبفضل الله هو رجل موفق والسلام


جزيل شكرى وتقديرى لحضرتك ، و لايختلف اثنان على قيمة الخطاب الذى القاه الرئيس ، و هذا بالطبع لايلغى ضرورة تحليله و نقده من المتخصصين ، فلا عبادة لشخص مهما علا قدره ، ولكن رؤية واضحة و تحليلية لاظهار مواطن القوة والضعف
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

aymaan noor 02-09-2012 09:11 PM

عن الحلم الاجتماعي والأمن والفساد
 
عن الحلم الاجتماعي والأمن والفساد
http://www.jadaliyya.com/content_ima...galArticle.jpg
علي الرجال
يجادل البحث في هذه الجزئية أن الحلم الاجتماعي والخيال السياسي في مصر متمحوران حول الأمن والفزع وبشكل رئيسي حول ثلاثة نقاط. الأولى هي تأمين وظيفة عمل والثانية هي الخدمات العامة للمنطقة من خلال نواب مجلس الشعب. والثالثة هى سلامة الجسد من ممارسات الشرطة أو البلطجية. ولهذا كانت لجان التفتيش الليلية أو في بعض النقاط المهمة في الشوارع المصرية بمثابة الرعب الأكبر لراكبي المكيروباص. أضف إلى ذلك توغل مؤسسة الشرطة في المناطق الشعبية على وجه الخصوص من خلال المخبرين والأمناء. وهنا لا يتعامل المخبر أو الأمين ككونه فرداً في المجتمع. ولكن تتجسد وتحل فيه سلطة المؤسسة الشرطية.

وبما أن الشرطة كانت الجهاز الأكثر أهمية في الدولة في نظام مبارك وكانت تفعل ما يحلو لها ويدها مطلقة في وعلى المجتمع كان المخبر هو الآخر ذو يد طائلة. ولم يكن مستغرباً أن أحد أحلام الفتيات في مصر وبعض الأهالي في المناطق الفقيرة هو الزواج من ضابط شرطة أو مخبر أو أمين شرطة. فقد كان هذا يعني توفير الأمن لها ولأهلها بالإضافة إلى التلذذ بقدر كبير من ممارسة السلطة وتدوير القهر على آخرين. وبالطبع كان البطجي هو الآخر أحد أهم أبطال المشهد اليومي. فتقارير كثيرة تشير إلى استخدام الشرطة وبالأخص جهاز أمن الدولة لجيوش من البلطجية. وهو ما يعني أن البلطجي لم يكن خارجاً على القانون بل كان جزء أصيلاً من تركيبة السلطة في النظام السياسي وهو انعكاس آخر للمؤسسة.

وهكذا يتضح أن إنتاج الفزع واللاأمن كان عملاً ممنهجاً للسيطرة على المجتمع. وبالطبع فإن غياب مشروع تنموي لنظام مبارك ومساحات العشوائيات الواسعة التي شهدها عصره ساعدا على تخصيب التربة الاجتماعية لهذه الممارسات ولخلق حالة من الفزع الاجتماعي الدائم. وقد أوضح فيلم مثل "حين ميسرة" للمخرج خالد يوسف عمق الواقع الاجتماعي والعلاقات المتداخلة مع السلطة والتي تمثلت في علاقة بطل الفيلم الذي تحول إلى بلطجي وتابع لجهاز الشرطة. ولكن لم يخرج الفيلم من إطار خلق الفزع وتنميط سكان هذه المناطق وتصويرهم –حتى وإن لم يرد مخرج الفيلم ذلك- على أنهم تهديد أمني كبير وأنهم ينتظرون اللحظة المناسبة للانقضاض على بقية المجتمع وتجسيدهم كتهديد من ثورة الجياع. وهي النظرية التي أثبتت الثورة المصرية فشلها.

إلا أن هذا النوع من الخوف والفزع قد تجلى بوضوح في معمار وهندسة المدن أو الأحياء الجديدة داخل القاهرة على سبيل المثال. فهذه المدن تتسم بارتفاع أسوارها المذهل وتشديد النزعة الأمنية على المحيط الخارجي وعملية المراقبة والتأمين تقوم على مبدأ استباقي؛ أي أن المراقبة تتم على ما هو خارج أسوار المدينة وليس على داخلها. وكأن المدن الجديدة في القاهرة تحاول حماية نفسها من المدينة القديمة. وهذا يؤدي إلى خلق ثنائية جامدة في المجتمع وفرزه بشكل شديد على أساس أمني وطبقي. وهو الأمر الذي يقود إلى إنقسام المجتمع على ذاته وتعزيز الخوف بين شرائحه المختلفة. بل أكثر من ذلك؛ فهذا النمط من التقسيم يولد قدراً هائلاً من الحقد عند طرف، ومن التوحش عند الطرف الآخر.

ولقد عبرت رواية "يوتوبيا" لـ-أحمد خالد توفيق بشكل خيالي/واقعي عن هذين العالمين والواقع المادي والنفسي لكل منهما. فعلى طريقة فرانز فانون يصف خالد توفيق مدى وحشية العالم المترف وعدم تورعه في استغلال الثروات ونهبها وما يتولد من إنحطاط أخلاقي في مثل هذا المجتمع وعدم اكتراثه بأي منظومة للقيم غير اللذة وشهوة الاستهلاك والهوس المفرط بتأمين الذات من الآخر. ويستعين أفراد العالم الفوقي/المدن الجديدة بحراسات خاصة مما يكون منظومة أمنية مستقلة عن الدولة وبقية المجتمع، إضافة للأمن الذي توفره الدولة لهذه المناطق بحكم أن سكانها هم النخبة الحاكمة. وفي الرواية-مثلما في الحقيقية- تحظى هذه الأحياء بكافة الخدمات. وفي العالم الثاني يصف لنا توفيق، كما نرى على أرض الواقع إذا قارنا حياً مثل التجمع الخامس بعشوائيات القاهرة- عمق تدهور الأوضاع وما ساءت إليه الأمور من فقر وهمجية وحالة الذل والمهانة السائدة في هذا العالم. وفي حقيقية الأمر أن مثل هذا النمط في البناء وهندسة المساحة وهيكلتها يعكس طبيعة استعمارية أمنية عسكرية في بناء المجتمع. فهو عودة مرة أخرى إلى الهيكلة التي تمت في عهود الاستعمار.

فعلى حسب وصف فرانز فانون تقوم تلك المجتمعات على هذا التقسيم بين مساكن السكان الأصلين وبين المستعمر الذي تلتحق به لاحقاً النخبة الوطنية التي يخلقها. وعلى حسب وصف فانون فالسكان الأصلين يبدأن في اشتهاء كل ما يملكه المستعمر حتى نسائهم (Fanon, 2004: 3-4). ولقد عبر أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام بوصف رائع لتلك الثنائية في أغنيتهم التي حملت أسم "هما مين وإحنا مين". وفي هذه الأغنية يتم وصف الاختلاف في المسكن ونوعية النساء والطعام وإيقاع الحياة بشكل عام ومن هم وقود الحرب. وهذه الهندسة للمجتمع تعكس تغول النزعة الأمنية الوقائية لفئة من فئة أخرى من أبناء نفس الوطن. وينتشر في البنية العقلية لكلا الطرفين أمر خطير وهو الخوف المتبادل؛ فالطرف الأغنى عنده شعور دائم بأن المهمشين سيقومون بالانقضاض عليه في أي لحظة لسرقته. وكذلك الطرف الفقير؛ فهو يشعر أن الطرف الغني سينقض لهدم مناطقه في أي لحظة لبناء مشاريع استثمارية على ما تبقى من أرضه ومساكنه المهلهلة. وبسبب هذه الثانئية الأمنية والطبقية تولد حالة شديدة من العداء الكامن في نفسية كل طرف للآخر.

وعلى نطاق مجتمعي أوسع من العشوائيات، تسبب غياب دور الدولة في التوظيف والمحور الاقتصادي بشكل عام وتوحش سياسات الخصخصة بالأخص بتحول جذري في المجتمع حيث تمحور حلم قطاعات واسعة من الطبقات المعدمة وغير المعدمة حول تأمين وظيفة عمل. فالأهالي –من مختلف الطبقات- التي تحملت معاناة كبيرة في تعليم الأبناء أصبحت أمام عبء آخر أكثر ثقلاً من العملية التعليمية ذاتها وهو توظيف هذه الأعداد المهولة من الخريجين. ولقد تخلت الدولة عن هذا الدور بشكل كامل تقريباً مع اكتمال مشروع الخصخصة وتبني السياسات النيوليبرالية مع حلول الألفية. وصارت عملية التوظيف في يد رجال الأعمال إما بشكل مباشر عن طريق التعيين فيما يملكون من مؤسسات وشركات اقتصادية أو من خلال الوساطة في شركات أجنبية ومؤسسات دولية تربطهم بها شبكة علاقات واسعة من المصالح الاقتصادية والاجتماعية. ولقد ضم الحزب الوطني أغلب رجال الأعمال في مصر. أضف إلى هذا هيمنته الكاملة على النظام العام حيث كان يمثل النظام السياسي والاقتصادي والدولة معاً.

ومن هنا نستطيع فهم شيئين. أولاً، حرص مرشحو الوطني من رجال الأعمال على الوصول إلى البرلمان لضمان استمرار مصالحهم الاقتصادية من خلال احتلال البنية التشريعية في الدولة. ثانيًا، نجاح أغلب هؤلاء المرشحين ودعمهم من قطاعات جماهيرية واسعة. فلقد تم اختزال الجانب الاقتصادي في رجال الأعمال وتم اختزال الدولة في الحزب الوطني. فهذا التماهي بين النظام السياسي والدولة والحزب الوطني جعلنا أمام الدولة متجسدة في كيان واحد من بداخلها يحظى ببعض ما يمكن أن تقدمه له الدولة من خدمات. أما من هو خارجها فهو خارج العملية بالكلية وعليه البحث عن منافذ أخرى لا علاقة لها بالدولة. ومن هنا حدث تزاوج بين الحلم الاجتماعي والوعد السياسي. والحقيقية أن الوعود المقدمة من مرشحي الحزب الوطني المنحل لم تكن تمثل وعود مرشحين سياسين على الأطلاق، بل كانت وعود دولة.

ومن هنا نستطيع أيضاً فهم صعوبة منافسة أحزاب أخرى للحزب الوطني باستثناء الإخوان المسلمين. لعدة أسباب. أولاً: تغلغلهم داخل البينة الاجتماعية وتواجدهم الدائم مع الجماهير من خلال مؤسساتهم الممتدة من التعليم إلي الصحة وبساطة الأفكار وقدرتهم على فهم الواقع اليومي المعاش للجماهير. ثانياً: خطابهم الممزوج بين الديني والخدمي. ثالثاً: شبكة المصالح الاقتصادية القادرة على منح خدمات للمواطن بشكل يومي. رابعاً، قدرتهم على الوفاء بالوعد السياسي للجماهير. خامساً: ثقة قطاعات واسعة من الجماهير في هذه الخدمات؛ حيث لا تنقطع بعد الانتخابات ولا ترتبط بالمكسب أو الخسارة السياسية. علي سبيل المثال، المؤسسات الطبية المختلفة المتواجدة في الإسكندرية التابعة للإخوان المسلمين لا تتوقف عن تقديم خدماتها بل تتسم في كثير من الأحيان بالجودة. سادساً، تشابه بنية تنظيم الجماعة ومحاكاته لفكرة وتنظيم الدولة وتملكها لبنية تحتية موازية. وبهذا تستطيع الجماعة مناورة الحزب الوطني حيث لا يتفاعل كلاهما كأحزاب أو حركات ولكن كدول مع فارق الإمكانيات والقدرات وتفوق كل منهم على الآخر في مواقع مختلفة.

ولنتناول سريعاً النقطة الأخيرة وهى علاقة الفساد بتوليد الأمن والفزع. كما أشرنا سابقاً ضرب الفساد بجذوره أفقياً ورأسياً في المجتمع المصري والدولة والنظام السياسي. إلا أن الأمر الأخطر هو تحول الفساد إلي نظام حياة حيث لا يستقيم النظام بدون ممارسة قدر كبير أو صغير منه حسب ما تقتضيه الحاجة. وهو ما يسبب حالة خوف كبيرة في قطاعات واسعة من المجتمع من محاولة انتزاعه. حيث يتسبب انتزاع الفساد لتعرض المنظومة العامة للانهيار والتخبط. وهو الأمر الذي عبر عنه سائق شاحنة نقل ثقيل في حوار دار بينه وبين الباحث في إحدى اللجان الشعبية. كان الرجل ناقماً بشدة على الثورة لدرجة تثير الاستغراب. وحينما تم سؤاله عن وظيفته هل تعرض لمضايقات أمنية واستغلال من قبل أفراد الشرطة، أجاب أنه أمر معتاد ويحدث له بشكل يومي وفي محافظات كثيرة. إلا أنه قبل الثورة كان يعرف كيف يتعامل داخل المنظومة التي ألفها وتملك مفاتيح التعامل معها. وقد قال نصاً: قبل الثورة كنت أحضر الخمسين جنيهاً للأمين أو المخبر في أماكن الكمائن المعروفة وبعد إعطائه له كانت تسير الأمور على مايرام أما الآن فأنا لا أعرف كيف أتصرف. ويشير الدكتور محمد بشير صفار أن الفساد في مصر تحول إلى أحد أهم ميكنزمات إعادة توزيع الثروة. وهكذا يرتبط الفساد هو الآخر بحالة شديدة من الأمننة. لأن حتى انتزاع الفساد لم يعد قضية سياسية أو اقتصادية في المقام الأول ولكن صار أزمة أمنية تهدد مسار الحياة اليومية للمواطن المصري.

لم يتم تطوير الأفكار بخصوص الخلفيات النفسية والاجتماعية للعالمين من خلال قراءة فانون ويوتوبيا فقط. بل تمت في حقيقية الأمر قبل قراءة كل منهما من خلال تجربة عملية للباحث في أحداث منطقة طوسون الشعبية بالإسكندرية. حيث قامت قوات الأمن والمحافظة باجتياح المنطقة والهجوم على الأهالي وسحق منازلهم لصالح بعض المشاريع الاستثمارية. وكان الباحث أحد النشطاء والصحفين المهتمين بتلك القضية وقضى وقتاً طويلاً معها ومع أهالي طوسون ومازالت تربطهم به علاقات طيبة حتى اليوم.

darch_99 02-09-2012 09:45 PM

مقال مثالي لوصف جزء منالحالة السياسية ايام مبارك
 
مقال مثالي لوصف جزء منالحالة السياسية ايام مبارك

جزاك الله خيرا

ومما ينتبه له في هذا المقال

اقتباس:

ولنتناول سريعاً النقطة الأخيرة وهى علاقة الفساد بتوليد الأمن والفزع. كما أشرنا سابقاً ضرب الفساد بجذوره أفقياً ورأسياً في المجتمع المصري والدولة والنظام السياسي. إلا أن الأمر الأخطر هو تحول الفساد إلي نظام حياة حيث لا يستقيم النظام بدون ممارسة قدر كبير أو صغير منه حسب ما تقتضيه الحاجة. وهو ما يسبب حالة خوف كبيرة في قطاعات واسعة من المجتمع من محاولة انتزاعه. حيث يتسبب انتزاع الفساد لتعرض المنظومة العامة للانهيار والتخبط. وهو الأمر الذي عبر عنه سائق شاحنة نقل ثقيل في حوار دار بينه وبين الباحث في إحدى اللجان الشعبية. كان الرجل ناقماً بشدة على الثورة لدرجة تثير الاستغراب. وحينما تم سؤاله عن وظيفته هل تعرض لمضايقات أمنية واستغلال من قبل أفراد الشرطة، أجاب أنه أمر معتاد ويحدث له بشكل يومي وفي محافظات كثيرة. إلا أنه قبل الثورة كان يعرف كيف يتعامل داخل المنظومة التي ألفها وتملك مفاتيح التعامل معها. وقد قال نصاً: قبل الثورة كنت أحضر الخمسين جنيهاً للأمين أو المخبر في أماكن الكمائن المعروفة وبعد إعطائه له كانت تسير الأمور على مايرام أما الآن فأنا لا أعرف كيف أتصرف. ويشير الدكتور محمد بشير صفار أن الفساد في مصر تحول إلى أحد أهم ميكنزمات إعادة توزيع الثروة. وهكذا يرتبط الفساد هو الآخر بحالة شديدة من الأمننة. لأن حتى انتزاع الفساد لم يعد قضية سياسية أو اقتصادية في المقام الأول ولكن صار أزمة أمنية تهدد مسار الحياة اليومية للمواطن المصري.

ما نحن فيه الان هي مرحلة بالتاكيد ستكون افضل من فترة السنة ونصف التي قضينها في ظل المجلس العسكري الذي كان امتدادا طبيعيا لنظام مبارك واظن ان العجلة بدأت تدور ولله الحمد والمنة ويا شعب مصر صبرت ثلاثون عاما من القهر وسنة ونصف اسوأ في مع المجلس العسكري
فلنصبر قليلا لا اقول سنوات بل شهور فقط حتي يتنبن لنا والله ان طلائع الغد تخفي وراءها خيرا كثيرا بإذن الله


باراك الله فيك اخي الحبيب

aymaan noor 02-09-2012 09:59 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة darch_99 (المشاركة 4807737)
مقال مثالي لوصف جزء منالحالة السياسية ايام مبارك

جزاك الله خيرا

ومما ينتبه له في هذا المقال
اقتباس:

ولنتناول سريعاً النقطة الأخيرة وهى علاقة الفساد بتوليد الأمن والفزع. كما أشرنا سابقاً ضرب الفساد بجذوره أفقياً ورأسياً في المجتمع المصري والدولة والنظام السياسي. إلا أن الأمر الأخطر هو تحول الفساد إلي نظام حياة حيث لا يستقيم النظام بدون ممارسة قدر كبير أو صغير منه حسب ما تقتضيه الحاجة. وهو ما يسبب حالة خوف كبيرة في قطاعات واسعة من المجتمع من محاولة انتزاعه. حيث يتسبب انتزاع الفساد لتعرض المنظومة العامة للانهيار والتخبط. وهو الأمر الذي عبر عنه سائق شاحنة نقل ثقيل في حوار دار بينه وبين الباحث في إحدى اللجان الشعبية. كان الرجل ناقماً بشدة على الثورة لدرجة تثير الاستغراب. وحينما تم سؤاله عن وظيفته هل تعرض لمضايقات أمنية واستغلال من قبل أفراد الشرطة، أجاب أنه أمر معتاد ويحدث له بشكل يومي وفي محافظات كثيرة. إلا أنه قبل الثورة كان يعرف كيف يتعامل داخل المنظومة التي ألفها وتملك مفاتيح التعامل معها. وقد قال نصاً: قبل الثورة كنت أحضر الخمسين جنيهاً للأمين أو المخبر في أماكن الكمائن المعروفة وبعد إعطائه له كانت تسير الأمور على مايرام أما الآن فأنا لا أعرف كيف أتصرف. ويشير الدكتور محمد بشير صفار أن الفساد في مصر تحول إلى أحد أهم ميكنزمات إعادة توزيع الثروة. وهكذا يرتبط الفساد هو الآخر بحالة شديدة من الأمننة. لأن حتى انتزاع الفساد لم يعد قضية سياسية أو اقتصادية في المقام الأول ولكن صار أزمة أمنية تهدد مسار الحياة اليومية للمواطن المصري.


ما نحن فيه الان هي مرحلة بالتاكيد ستكون افضل من فترة السنة ونصف التي قضينها في ظل المجلس العسكري الذي كان امتدادا طبيعيا لنظام مبارك واظن ان العجلة بدأت تدور ولله الحمد والمنة ويا شعب مصر صبرت ثلاثون عاما من القهر وسنة ونصف اسوأ في مع المجلس العسكري
فلنصبر قليلا لا اقول سنوات بل شهور فقط حتي يتنبن لنا والله ان طلائع الغد تخفي وراءها خيرا كثيرا بإذن الله


باراك الله فيك اخي الحبيب

جزيل شكرى لحضرتك لمتابعتك و آرائك القيمة ،
اقتباس:

فلنصبر قليلا لا اقول سنوات بل شهور فقط حتي يتنبن لنا والله ان طلائع الغد تخفي وراءها خيرا كثيرا بإذن الله
إن شاء الله القادم أفضل بإذن الله


جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

aymaan noor 03-09-2012 03:05 PM

الأسباب الخمسة وراء بقاء نظام الأسد
 
مقوّمات الصمود
الأسباب الخمسة وراء بقاء نظام الأسد

http://www.rcssmideast.org/media/k2/...5d449e8a_L.jpg
توني كارون
عرض شيماء ميدان
مترجمة متخصصة في الشئون السياسية والاقتصادية
تتجرع سوريا منذ أن عصف بها الربيع العربي مرارات القهر وال***، وتشهد ربوعها مجازر تقشعر لها الأبدان؛ كل ذلك لمجرد أن عبّر الشعب السوري عن رغبته في حياة كريمة ينعم في كنفها بالديمقراطية والرخاء والاستقرار. ومع دويّ أصداء المعارضة المناهضة للنظام السلطوي في الربوع السورية وتصاعُد تهديدها بإسقاط الرئيس بشار الأسد؛

لجأ النظام إلى الترهيب والبطش وممارسة أعمال ال*** ضد المدنيين السوريين، مما أسفر عن م*** أعداد هائلة من الأبرياء. غير أن المعارضة لم تخنع وتضعف رغم الجراح التي ألمّت بها على أيدي عصابات الإجرام الأسدية، بل زادها ذلك تماسكًا وقوة.

وفي خضم تفاقم المأساة الإنسانية السورية؛ نددت بعض القوى الغربية والعربية بالانتهاكات البشعة التي تُمارس ضد المدنيين السوريين، مطالبة الأسد بالتنحي حقنا للدماء. ولعل من أبرز ما قام به كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة -على وجه الأخص- هو تضييق الخناق على النظام السوري من خلال فرض عقوبات صارمة عليه، وعزله عن المجتمع الدولي تمامًا. ومن ثم باتت الأنظار موجهة إزاء النظام الطاغوتي الأسدي مترقبة تصدّعه وسقوطه في أي لحظة.

ومن هذا المنطلق؛ تنبع أهمية المقال الذي كتبه الكاتب الصحفي الأمريكي توني كارون والذي نشرته مجلة "تايم" تحت عنوان: "الأسباب الخمسة الكامنة وراء صمود الأسد" في عددها الصادر يوم 30 أغسطس 2012. وتطرّق الكاتب في مقاله إلى الحديث عن مدى صمود النظام في مواجهة أمواج المعارضة العاتية والعوامل التي قد تساهم في تماسك الكيان الأسدي.

صعوبةُ الإطاحة بالنظام

واستهل الكاتب سطوره بالقول إن الرئيس بشار الأسد توعّد يوم الأربعاء الموافق 29 أغسطس 2012 بتطهير سوريا من المتمردين المناهضين لحكمه، مستبعدًا أن يحقق الأسد هذا الهدف. وفي مقابلة نادرة مع التليفزيون السوري، أقر الأسد بأن فوزه الموعود لن يتحقق قريباً، مشيرًا بأسلوب استفزازي إلى أن الوضع الراهن في سوريا بات -من وجهة نظر نظامه- أفضل كثيرا.

وثمة دلائل في الوقت الراهن، على حد قول كارون، على أن المتمردين السوريين ومؤيديهم الإقليميين والدوليين لن يتمكنوا من الإطاحة بالنظام الأسدي بكل سهولة؛ لا سيما في ظل تمتّع النظام بالقوة التي تمكنه من قمع المعارضة، وفي ظل انقسام المجتمع الدولي بشأن سوريا، وعدم استقراره على إستراتيجية مشتركة لإسقاط النظام الطاغوتي، وفي وجود حالة من الفوضى بين صفوف المعارضة تستدعي مزيدا من التدخل الأجنبي. ومن ثمّ يبدو أن الأوضاع مهيّأة تماما ليستمر الأسد في الحكم لبعض الوقت. وفوق ذلك، تُنذر الأوضاع في لبنان المجاور بإمكانية استمرار الحروب الأهلية لسنوات.

أسباب خمسة

وفنّد كارون خمسة أسباب كامنة وراء بقاء النظام الأسدي على قيد الحياة؛ وهي كما يلي:

السبب الأول: كِبَر حجم القوات الأسدية في خضم الصراع الطائفي

ففي حين احتدام الصراع السوري؛ لا تزال قوات الأمن الأساسية التي يعتمد عليها الأسد صامدة وفعّالة بوحشية، بل ولا تزال أكثر إصرارا على دحض المعارضة. وقد لاحظت مجموعةُ الأزمات الدولية (وهي منظمة دولية غير حكومية تتمثل مهمتها في تسوية النزاعات الدموية حول العالم) مؤخرًا أن قبضة النظام باتت أكثر إحكاما وصلابة، وأن الطابع الطائفي للحرب الأهلية بات يغذي إرادتها وعزيمتها؛ لا سيما وأن القوات المتمردة السورية تضم غالبية العرب السنة، في حين تضم القوات الموالية للأسد العلويين، وتعتمد على دعم الأقليات الأخرى مثل المسيحيين والأكراد والدروز.

هذا ويلفت الكاتب إلى أن مجتمع العلويين الذي يكنّ الولاء للأسد، يربط مصيره بمصير النظام؛ فهو يدرك تماما أنه سيواجه قصاصا في حال انتصر المتمردون السنة. وأشار كارون إلى أنه كلما تصاعدت قوة التمرد الذي يقوده السنة ارتفع مستوى شراسة القوات الموالية للأسد، وزاد إصرارهم على قطع دابر المتمردين، بل وازداد دعم العلويين والمسيحيين والأكراد والدروز أيضا لتلك القوات الأسدية.

السبب الثاني: مصادرة النظام للأزمة السورية

يساور القوى الغربية قلق من أن تتعدى الحرب الأهلية الحدود السورية بما سيؤثر سلبًا على المنطقة ككل. ويبدو أن هذا ما يفعله النظام السوري والمتمردون في الوقت الراهن؛ فالمتمردون السنة الذين يقاتلون القوات الموالية للأسد في جنوب شرق سوريا مدّوا جسور التواصل مع العشائر السنية في غرب العراق الذين طالما ناهضوا الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد. هذا ويتواصل المتمردون مباشرة مع السنة في لبنان، الذي شهد م*** 17 شخصا وإصابة أكثر من 120 شخصا في اشتباكات عنيفة بين السنة من أنصار المتمردين السوريين وأنصار الأسد العلويين. ومن ثم تتصاعد حدة المخاوف من أن يشعل الصراع في سوريا فتيل الحرب الأهلية اللبنانية التي انتهت في عام 1992.

ومن ناحية أخرى؛ أوقع الأسد تركيا التي تجاهد لمكافحة التمرد الكردي في مشكلة؛ حيث إن اللاجئين السوريين باتوا يتدفقون إليها من كل فجّ، وبلغ معدل اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى حدودها في الأسبوع الماضي 5 آلاف لاجئٍ في اليوم الواحد.

ويُذكر أنه فرّ أكثر من 200 ألف سوري من أرضهم منذ اندلاع التمرد هناك، وتوجّه نصفهم تقريبا إلى تركيا، في حين توجه معظم الباقين إلى الأردن ولبنان والعراق. وحذرت كل من تركيا والأردن من أن قدرتهما على استيعاب تدفقات اللاجئين محدودة للغاية، داعيتين القوى الغربية إلى تكثيف دعمها الإنساني.

واستنادًا إلى ما ذُكر؛ يبدو أن نظام الأسد يصعّد الضغط على جيرانه والقوى الأجنبية لإيجاد وسيلة لإنهاء الصراع السوري، مع العمل في الوقت عينه على تخويفهم من فكرة التدخل العسكري المباشر، وفقا لما يراه كاتب المقال.

السبب الثالث: انقسام المعارضة وافتقارها إلى إستراتيجية واضحة

فعلى حد قول كارون، تفتقر المعارضة إلى قيادة سياسية تستظل بظلها، ويبدو أيضا أن هناك تماسكا عسكريًّا محدودا بين المتمردين. وقد تجلّت خطورة ذلك في المعركة الأخيرة التي شهدتها حلب؛ حيث اعترف المتمردون بفشلهم في ضم غالبية سكان المدينة إلى صفوفهم. ويرى الكاتب أن طريقة عسكرة التمرد نفسها تهدد بتنفير معارضي الأسد من الانضمام إلى صفوف قوات التمرد.

السبب الرابع: تعزيز المنافسات الإقليمية والدولية الإستراتيجية حالة الجمود

فالمجتمع الدولي لا يتحدث بصوت واحد عن سوريا؛ فثمة انقسام فيما بين الصين وروسيا والقوى الغربية بشأن القضية السورية، ما ألقى مسئولية حل الأزمة على عاتق مجلس الأمن، ودفع كوفي عنان، مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لسوريا الذي حذّر من أن الخلاف الدولي حول مستقبل سوريا يثبّط جهوده الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي للصراع، في نهاية المطاف إلى الاستقالة من منصبه.

وثبُت أن الجهود التي تبذلها إدارة أوباما لإقناع الروس والصينيين بتغيير مواقفهم باءت بالفشل، لا سيما مع إصرار بكين وموسكو على ردع القوى الغربية عن إسقاط أنظمة حكم في الشرق الأوسط تقع خارج مدارها الإستراتيجي. ولم تتحول سوريا إلى ساحة معركة للسياسات الدولية الجديدة فحسب؛ بل باتت أيضا ساحة معركة إقليمية، لا سيما مع تعارض موقف المملكة العربية السعودية مع ذلك الخاص بإيران. فالمملكة العربية السعودية تقدّم الدعم للمتمردين السوريين، في حين ترسل إيران عسكريين إلى سوريا لمساعدة الأسد في خوض الحرب.

وما يزيد الطين بلة هو أن روسيا والصين تصران على أهمية إشراك إيران في المناقشات الدائرة حول تسوية النزاع السوري، في حين تعارض واشنطن بشدة لعب طهران أي دور في حل الأزمة.

السبب الخامس: تشابك خيوط نهاية الصراع

ففي فترة ما بعد الأسد، سيكون ثمة حاجة إلى توعية المجتمعات التي دعمت الأسد، وسيستدعي الأمر تحقيق نوع من المصالحة بين مؤيدي ومعارضي الأسد حتى لا يفكر الطرفان في الانتقام من بعضهما مثلما يتوقع الكثيرون. ويرى الكاتب أن تلك المهمة ليست هيّنة على الإطلاق، وستتطلب جهودًا مضنيةً لإنجازها.

وفي النهاية، يأمل الكاتب أن يتعاون الجيش الوطني والشرطة معا من أجل إرساء الاستقرار والأمن في سوريا ما بعد الأسد.

ahmed adel55 04-09-2012 06:48 AM

ربنا مع العرب

aymaan noor 04-09-2012 01:17 PM

دليل المعترض على حجج المقترض
 
على مدى الأسبوعين الماضيين استمر التعتيم على عدد هائل من الأسئلة المحورية فيما يتعلق بالقرض الذي تسعى حكومة الرئيس مرسي للحصول عليه من صندوق النقد الدولي. مازلنا لا نعلم لماذا تم رفع القيمة المطلوبة بـ10 مليارات جنيه كاملة. ومازال البرنامج الاقتصادي الذي سيطرح على مفاوضي الصندوق مجهولاً. واكتفى مجلس الوزراء بإصدار بيان يؤكد فيه أنه «لن يضار مصري منه» دون أن يقول لنا فيم سنستخدمه وكيف سنرده. لكن أنصار القرض قدموا لنا حزمة من الأسباب لتبرير فوائده أو ضرورتة التي تبيح المحظور من أضراره. وهي أسباب مردود عليها.

1ــ الوضع الاقتصادي كارثي

هذه فكرة نسمعها منذ اللحظة الأولى لتنحى مبارك. أعطانا رئيس الوزراء وقتها أشهر معدودة قبل أن تحدث مجاعة. وفى كل مناسبة يخرج لنا أي من يصبح في مكان صنع القرار أرقاماً موروثة عن الدين العام وعجز الموازنة (اللذين عشنا بهما ويعيش بأسوأ منهما اقتصاد الولايات المتحدة عقوداً دون معالجتهما واللذين يجدر الانتباه إليهما لا جدال) للتدليل على الكارثة المحدقة. وبينما لم تتخذ أي حكومة من تلك أي إجراءات مما تستحق أن توصف بالعاجلة أو الطارئة للتعامل مع هذا الوضع الذي لا يقول لنا أحد تفاصيله أبداً، فإن الفكرة دائما مطروحة ضد مليونيات التحرير ومطالبات المواطنين بمد مظلة التغيير لعلاقات العمل وعجلة الإنتاج غير العادلة. لا يكفي أن تخبر الشعب بأن هناك كارثة وتكتفي بذلك. ولو كانت موجودة فما هي عناصرها وأسبابها وماهو برنامجكم للتعامل معها؟

والحقيقة أنه مع اعتراف المراقبين الدوليين بأن الوضع حرج من ناحية التدفقات المالية ووضع الاحتياطى وموارد الدولة...إلخ، إلا أنها لم تصل أبدا للتعامل مع إشارات حكوماتنا المتعاقبة بجدية أن الافلاس محدق. وكانت سمة كل تقارير مؤسسات التقييم الدولي التى تخفض التصنيف الائتماني لمصر تضع فى مقدمة أسبابها ما لم تجرؤ حكومة على إثارته: عدم الاستقرار السياسى الذى يتسبب فيه سوء إدارة المجلس العسكرى للمرحلة الإنتقالية. لهذا أيضا تجاهلت حكومتنا وأنصار القرض التقرير الأخير لستاندارد آندبورز الذى نزعت فيه التقييم السلبي للجدارة الائتمانية طويلة الأجل، فقط بسبب ما قالت إنه «اتمام ترتيب قابل للتنفيذ بين المؤسسة العسكرية والحزب الحاكم مما يمكن من إيقاف التدهور فى ماليات الدولة». وأضاف التقرير أنه «فى رأينا أن عدم الوضوح يبقى فيما يخص أهداف السلطات السياسية ووضعية مؤسسات الدولة. ونحن أيضا نعتقد أن عدم الاستقرار الداخلي يمكن أن يظهر مرة أخرى للسطح عندما تنتهي كتابة الدستور أو مع الانتخابات البرلمانية». هل هناك كلام عن كارثة اقتصادية هنا؟ معضلة شركات التقييم الرئيسية هي السياسة. والآن لدينا رئيس منتخب. وكلما زادت الشفافية ووضحت المعالم الديمقراطية للنظام السياسى الجديد، فإن ذلك هو المفتاح.

2 ــ الفائدة ممتازة ولا توجد شروط

الفائدة فوق الـ1٪ بقليل ولا تقارن بالفائدة على الاقتراض بالجنيه عبر الأوراق الحكومية التي وصلت إلى مافوق 15٪. يغفل من يقولون بذلك أن الفائدة بحسب المعادلة التي يحسب بها الصندوق متغيرة أي أنها تستفيد من الانخفاض التاريخي فى أسعار الفائدة العالمية الآن (جزء من معادلة الحساب). ولكن ماذا بعد 39 شهراً من التوقيع وهي فترة السماح المعلنة حتى الآن؟ هل هناك ما يضمن بقاء هذه المستويات التاريخية فى انخفاضها؟ وماذا عن معالجة الأسباب التى ترفع تكلفة الاقتراض وأبرزها عدم الاستقرار السياسي؟

أيضاً تقدمت لنا رئاسة الجمهورية ببيان يتناقض مع تاريخ وحاضر وواقع الصندوق مع العالم النامي وغير النامي كله قائلاً: القرض بلا شروط. يتناقض هذا مع تجارب ماليزيا وإندونيسيا وعشرات الدول التي تتعامل مع الصندوق على رأسها مصر، وهو أمر مثبت أكاديمياً وسياسياً واقتصادياً: وصفة معممة لفتح الأسواق وتحرير أسواق رأس المال والخصخصة...الخ. بل ويتناقض مع ما يفعله الصندوق مع دول أوروبا المعرضة للافلاس كاليونان وإسبانيا. إذ أنه هو والمانحون من دول أوروبا لهم قول واضح في تفاصيل الموازنات والسياسة الاقتصادية مقابل ما سيدفعونه حتى لو ناقض ذلك مصالح الهيئة الانتخابية من مواطني هذه البلدان. لا قرض بلا شروط.

3ــ لا توجد بدائل والاقتراض ليس مشكلة

يقر بعض أنصار قرض الصندوق بوجود شروط فيطالبون بإعلانها والتفاوض عليها. لكنهم يصرحون أيضا بأن مجال الحركة محدود: المضطر يركب الصعب لأنه لا بديل. ولا أحتاج هنا للتذكير بعشرات الإجراءات المطروحة في برامج المرشحين الرئاسيين ولا بالبدائل العديدة التي طرحتها الحملة الشعبية لاسقاط ديون مصر وحزب مصر القوية وغيرهم، وعلى رأسها إصلاح النظام الضريبي وتعديل فوري فى الدعم الهائل الذي تضخه الدولة للأغنياء وضم الصناديق الخاصة للموازنة...الخ. لأن دعوى الاقتراض من الصندوق لغياب البدائل لا تستقيم مع خطة التقشف الهائلة التي تشملها الموازنة الحالية (لم تعدلها حكومة الرئيس للآن) فى بنود الانفاق على التعليم والصحة والاستثمارات العامة، ولا تستقيم على الاطلاق مع زيادة دعم الصادرات (وما أدراك ماهو دعم الصادرات ومن يحصل عليه من محاسيب نظام مبارك)، والتي أقرها وزير التجارة والصناعة في موازنة يفترض أنها موازنة الثورة الثانية. بل ويفاجئنا هؤلاء بموقف نظري مناقض لموقفهم إذا تحدثت عن أن أهداف التشغيل والتحفيز والعدالة الاجتماعية يجب أن تأتي قبل هدف تحجيم عجز الموازنة، فيناقضون أنفسهم بالدعوة للاقتراض. وهم على حق فى أن الاقتراض ليس سبة فى حد ذاته، لكن ممن وبأي شروط ولحساب من وكيف سيستخدم؟ ولماذا نقترض من الصندوق لسد العجز مؤقتاً، ولا نقترض لبناء مدارس ومستشفيات وخلق طلب وتحفيز الاقتصاد؟ ونذكر الجميع بأن صندوق النقد الدولي ذاته قبل مشروع الموازنة الأولى الذى قدمه د.سمير رضوان وكان ينضوي على عجز يقترب من 12٪ من الناتج المحلي مصحوباً بزيادات في الانفاق الاستثمارى العام وضريبة تصاعدية وأخرى على الأرباح الرأسمالية، قبل أن يرفضها المجلس العسكرى ويعيدها بدعم من المجلس الأعلى لحكام القوت إلى حدود موازنات يوسف بطرس غالي.

4 ــ البدائل ممتازة ولكن

يقبل البعض من أنصار القرض كل الردود السابقة لكنهم يدفعون بأمرين. الأول، هو أن هذه البدائل «الضرورية والمنطقية والسليمة» ستأخذ وقتاً قبل أن تعكس آثارها في ميزانية الدولة الموجوعة. ويتجاهل هذا الرأي أنه على سبيل المثال سيؤدي إلغاء دعم طاقة الأغنياء فى المصانع واليخوت وفنادق ال5 نجوم وسيارات الدفع الرباعي وغيرها إلى رفع عبء أكثر من 15 مليار جنيه فورا عن موازنة الدولة. وماذا لو كنا قمنا بذلك عندما تم الاعلان عنه في حكومة شرف الأولى جنبًا إلى جنب مع تحميل المواطنين أعباء ضريبية عادلة أو تفعيل الضريبة العقارية الجاهزة للتطبيق أو غيرها. ولماذا لا تطبق هذه الإجراءات حالاً لتؤتي أكلها فور الإمكان؟ ولماذا ننتظر أكثر من ذلك؟ كما أنه ومن قال إن قرض الصندوق سيكون متاحاً فوراً. علينا أن ننتظر البرنامج الحكومي الذي سيناقشه الفريق الفني للصندوق لإقراره. ويقول لنا حزب الحرية والعدالة إنه لن يكون برنامج حكومة الجنزوري (قال الصندوق إنه عام ويحتاج عمقاً تفصيلياً) وإن الحزب بصدد إعداد برنامج جديد يتم التفاوض على أساسه. كم شهراً سيستغرق الاعداد والنقاش. ثم نحن نتعامل هنا مع مؤسسة دولية لها تقاليدها وإجراءاتها البيروقراطية حيث يجب أن تقر مستويات إدارية عدة القرض حتى يصل لمجلس إدارته، وهذا أمر يستغرق شهوراً. لو تم الأمر بمنتهى السلاسة فى كل هذه العناصر، فإن الدفعة الأولى لن تصلنا قبل 6 أشهر، أي ليس حالاً وليس فوراً.

الأمر الثاني هو أن الاحتياطي يتآكل مما يؤثر على الجنيه ونحتاج دعماً من عملات أجنبية. والحقيقة أن هذا لا يعالج شيئاً. لقد استمررنا على مدى سنة ونصف نسحب من الاحتياطي لتغطية تهريب الأموال وتغطية تراجع عوائد السياحة وهروب الاستثمارات بلا قيد أو شرط. واقترضنا مليارات الدولارات من دول عربية ومن البنك الدولي والاسلامي. فى المقابل لم تتخذ الحكومة أي إجراءات لتقييد خروج رؤوس الأموال من البورصة، وبعضها تهريب لمال فاسدين ولو بضريبة، ولم تتخذ أي خطوات لتحجيم استيراد مستردة «ديجون» الفرنسية ومنتجات «برادا» وسيارات البي ام دبليو من سلع المترفين التي ترفع قيمة وارداتنا بالعملة الأجنبية. بل لم تطبق حتى نظاماً للكوتة يسمح باستيراد هذه السلع إلى حد معين. ثم يطلب هؤلاء الاقتراض لدعم الاحتياطي دون إشارة – حتى إشارة - لوقف أسباب التسرب ذاته أو حتى محاصرتها.

5 ــ إشارة ممتازة للسوق العالمية والمستثمرين

يحرص حزب الحرية والعدالة في بيانه عن القرض، الذي يقبله فيه من حيث المبدأ، على أن يذكرنا بأن دوافعه ومعاييره ليست «أيديولوجية». وكأن المدافعين عن القرض لا ينطلقون فى ذلك من أفكار مسبقة أيديولوجية.. وجامدة أيضا. أبرز هذه الأفكار هو أنه يعد إقراراً من الصندوق بجدوى برنامجنا الاقتصادي مما يطمئن الاستثمار الأجنبي والمانحين الآخرين. هذا كلام أيديولوجي بامتياز: برنامجنا لا قيمة له فى حد ذاته (وهذا غير صحيح. هل جربنا اعلان برنامج وطني متكامل وشفاف ومحدد المعالم ولم تستجب الأسواق العالمية؟) ونحن نحضره لإرضاء الصندوق وانتزاع شهادته، لأنه لا مخرج لنا سوى في الاستثمارات الخاصة والاستثمارات الأجنبية وفي شعور المستثمرين ناحيتنا. هذا رطان إجماع واشنطن الفاشل الذي دفنته الأزمة العالمية منذ 4 سنوات. لا موقف في السياسة والاقتصاد يخلو من الأيديولوجيا والقناعات المسبقة، وليس هناك سياسة اقتصادية علمية منزهة عن المصالح. مايهم هو أي مصالح؟ ومن تخدم الأيديولوجيا، وهل تصمد أمام اختبار الواقع أم لا.

love ur life 04-09-2012 02:05 PM

سوريا صبراً .. ف دمائكم تسقي الكرامه العربيه
إن النصر لقريب
اللهم إنصرهم
للأسف أسباب قويه وراء بقاء النظام والكن الله أقوي وأكبر
...

مشكور أستاذي الفاضل للتوبيك

aymaan noor 04-09-2012 02:41 PM

التساؤلات الغائبة حول استرداد الأموال المصرية المنهوبة
 
التساؤلات الغائبة حول استرداد الأموال المصرية المنهوبة
http://www.rcssmideast.org/media/k2/...cf7687d8_L.jpg
د.عبد المنعم سعيد

من الرائع دائمًا أن توجد جهود مضنية من أجل استرداد الأموال "المنهوبة" أي تلك التي جرى أخذها بدون وجه حق، وتهريبها إلى الخارج نتيجة استغلال النفوذ السياسي أو الاقتصادي أو الاحتيال على القوانين واللوائح القائمة
.ومنذ قيام ثورة يناير 2011 أصبح موضوع استرداد الأموال المنهوبة على قائمة الأعمال الوطنية؛ حتى إن لجانًا شعبية تكونت بسرعة من أجل السعي لاسترداد هذه الأموال، تبعتها لجان قانونية ورسمية ودبلوماسية تعمل على تحقيق هذا الهدف.
ومما شجع وحمس الكثيرين للمشاركة في هذا المجهود أن سمة "الفساد" أصبحت من السمات الشائعة حول النظام السابق والتي جرى التأكيد عليها بشكل مستمر، وجرت عليها تقديرات بدأت بالنسبة لرئيس الجمهورية وأسرته فقط إلى حوالي 70 مليار دولار. ورغم أن هذا المبلغ تراجع أحيانا إلى ثلاثة ونصف مليار دولار؛ إلا أنه ظل يصعد ويهبط في أرقام تظل كلها فلكية.

وكان آخر هذه التقديرات ما قدمه في حديث لمحطة سي.بي.سي التلفزيونية د. محمد محسوب، وزير الشئون القانونية، ونائب رئيس حزب الوسط، وعضو اللجنة الشعبية لاسترداد الأموال المنهوبة التي تم تأسيسها في بداية الثورة؛ مفادها أنه جرى نهب ما يقرب من 10 مليارات دولار سنويًّا في المتوسط خلال الثلاثين عاما الأخيرة، أي ما يقدر بحوالي 300 مليار دولار، أو ما يوازي 1.8 تريليون جنيه مصري بأسعار هذه الأيام، أو ما يساوي تقريبًا حجم الناتج المحلي الإجمالي مرة ونصف الآن.

وجاءت هذه التصريحات في معرض حديث الوزير عن تشكيله للجنة جديدة لاستعادة الأموال المنهوبة تتكون من قانونيين، ودبلوماسيين، وممثلين للمجتمع المدني. وهي سمات ثلاثة تكفل القدرة القانونية على إثبات الحق المصري في استعادة هذه الأموال؛ والقدرة السياسية على التفاوض مع الدول لكي تؤثر على بنوكها فتوافق على استرداد هذه الأموال منها؛ والقدرة الشعبية التي توضح للعالم أن اللجنة الجديدة تمثل الشعب المصري وثورته، ومن ثم فإن حسن التعامل مع الموضوع من جانب الدولة المودع فيها الأموال المنهوبة سوف يكون له تأثيره الإيجابي في العلاقات مع مصر وشعبها إذا جرت الموافقة، أو السلبي إذا ما تم الرفض.

هذه الجهود محمودة ولا شك، سواء كانت شعبية، أو من نيابة الأموال العامة، أو من وزارة الشئون القانونية، أو أي من الجهات الأخرى التي تصدت للموضوع. والسؤال هو ما هي الحصيلة النهائية للجهود السابقة، وأهمها في رأيي الجهود التي بذلتها نيابة الأموال العامة تحت رعاية المستشار الجوهري التي قدرت حجم الأموال المنهوبة بما مقداره 100 مليار دولار؟ وقامت هذه اللجنة بالفعل بزيارة العديد من الدول، وحصلت حسب ما ورد في الصحف على موافقات بتجميد هذه الأموال المنهوبة، والاستعداد للبحث في كيفية عودتها إلى مصر.

بعد ذلك فإن الموضوع يبقى عصيًّا على الانتقال إلى مرحلة ما بعد النوايا الطيبة؛ وفي الظن أننا ربما لا نحتاج لجنة جديدة برغم ما نحتاج إلى تعزيز الجهود التي بذلت بالفعل من قبل اللجنة القضائية لأن تعدد اللجان والجهات ربما يؤدي في النهاية إلى اضطراب الجهات المستقبلة للأموال والتي تحتاج للتعامل مع جهة وحيدة يكون لها السلطة والمسئولية للتعامل مع قضايا رد الأموال. هذه اللجنة القانونية استعانت بالفعل بقانونيين محترفين، كما أنها تعاونت مع وزارة الخارجية واستخدمت دبلوماسييها، ومن الجائز أن استخدام ممثلين للمجتمع المدني، أو للثورة المصرية، قد لا تكون له فائدة كبرى لأن الدول لا تتعامل في العادة إلا مع جهات رسمية، ومن ناحية أخرى فإن البريق الذي حصلت عليه الثورة المصرية في بدايتها أخذ في التراجع بعد أن اختفت جماعات الشباب التي أعطتها هذا البريق، وتولى أمر الثورة المصرية جماعات جديدة تحتاج دول العالم -وخاصة الحاصلة على الأموال- إلى التفاهم معها على ترتيبات الأوضاع في الشرق الأوسط.

ولكن المسألة ليست فقط شكل اللجنة التي سوف تقوم بالمهمة، ولكن أيضا موضوع عملها. فما نعرفه حتى الآن عن الأموال المنهوبة لا يزيد عن رقم ما يعبر عن إجمالي هذه الأموال؛ كما نعرف معلومات متناثرة عن ذلك الجزء منها الذي تملكه أسرة الرئيس السابق. ولكن ما لا نعلمه أكثر كثيرا من ذلك، فنحن لا نعرف أرقام حسابات هذه الأموال، أو على الأقل الرأي العام، ولا نعرف ما إذا كانت هذه الحسابات لشركات أو لأفراد، وهل هي موضوعة في حسابات جارية أو توفير أو في صناديق استثمار، وهل هي جماعية أو فردية، وهل يخص بعضها الدولة أو مؤسسات الأمن القومي أو بعض الأفراد ومن هم؟.

وعلى سبيل المثال فقد نشر أن مئات الملايين من الفرنكات السويسرية يملكها الرئيس السابق مع 19 مسئولا آخر، فمن هم، ولماذا كان الحساب مشتركا بين الرئيس وهؤلاء؟ وهناك أمثلة أخرى على أن كثيرا من المصريين يساهمون في شركات أجنبية، ويستثمرون أموالا في أسواق مال دول أخرى، فضلا عن الاستثمارات العقارية، فهل تدخل هذه الأخرى في نطاق البحث، وهل يتطابق ذلك مع قوانين الدول المستقبلة للأموال؟

الأسئلة حول الأموال المنهوبة كثيرة، وبعضها ينبغي البحث عن إجابات له في مصر ذاتها. فهذه الأموال عند خروجها إما أنها خرجت في شكل تحويلات، ومن ثم نستطيع معرفة قدرها واتجاهاتها وغرضها والشخص الناهب لها؛ أو أنها خرجت في شكل نقدي وتم نقلها في حقائب عبر طائرات خاصة.

ولكن مثل ذلك يصعب البحث عنه في الدول الغربية المتقدمة، فمن المعروف مثلًا أن القانون الأمريكي يمنع دخول أكثر من 10 آلاف دولار نقدا مع الأسرة القادمة إلى الولايات المتحدة. ومن ثم فإن نقل الأموال نقدا يستحيل مع هذه الدول، أما إذا كانت هذه الأموال قد ذهبت إلى بنوك دول فاسدة هي الأخرى وتقوم بعمليات ما يسمى غسيل الأموال فإن المعرفة فضلا عن استرداد الأموال ربما يكون أمرا صعبا للغاية. وإذا ذهبت الأموال إلى دول تخصصت في استقبال مثل هذه الأموال المنهوبة مثل جزر "كويمان" أو جزر أخرى في البحر الكاريبي أو ما يقال عنها بنوك "أوفشور" أي تلك التي لا تنتمي إلى أي دولة؛ فإن السعي فيها لن تكون له فائدة كبرى.

لا أدري ما إذا كان قد جرى البحث في كل هذه الاتجاهات، ولكن عرضها يحدد الصعوبات والتحديات التي تقف أمام جهد هذه اللجان. فالأموال المنهوبة لم تذهب إلى دول يمكن التفاوض معها لاستردادها، كما نحاول استرداد القطع الأثرية المنهوبة،
والتي تساعدنا قوانين دولية على استردادها، ولكنها تذهب في اتجاهات شتى تحتاج إلى خبرات كبيرة وصبر عظيم.

darch_99 04-09-2012 09:45 PM

شكرا اخي الحبيب
 
شكرا علي المقال وهذة التساؤلات ولكن تكفي اجابة واحدة لحل تلك الالغاز واسترجاع جزء كبير من هذة الاموال

يا صاحبي ان بعض رموز النظام ورأس النظام نفسة تحت ايدينا ملقي بالسجن مدانين والله لا اطالب ب*****هم ولا تعليقهم ولا اي مما يتصور ان اقوله لكنه فقط فقط الحرمان قليل من المعاملة السيئة ما بالك لو ترك ليلة واحدة في غرفة مسجون عادي جدا متر في متر وجعل معه فأر صغير
حشرات صغيرة ماذا سيفعل خذو كل اموالي خذو كل شييء واتركوني اعيش في هدوء
صدقني ليس هذا ظلم ان هناك حتي اللحظة اسر تئن وفقراء ويتامي وما الي ذلك تعاني ظلمه هو
لان ةالذي تركه مبارك ستظال اثاره سنوات حتي تضمحل وتنهي بالعلاج

اخي هؤلاء في نعيم انزع عنهم النعيم واجعلهم يذوقون طعم السجن حقيقتا وستري نتائج مبهره
وشكرا

راغب السيد رويه 05-09-2012 01:15 AM

أتفق تماما مع أخى الحبيب / darch_99

ليتهم يذوقوا مرارة السجن والحرمان كما ذاقها الشعب سنوات عجاف


جزاك الله خيرا أخى الحبيب

راغب السيد رويه 05-09-2012 01:56 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aymaan noor (المشاركة 4812193)



4 ــ البدائل ممتازة ولكن

يقبل البعض من أنصار القرض كل الردود السابقة لكنهم يدفعون بأمرين. الأول، هو أن هذه البدائل «الضرورية والمنطقية والسليمة» ستأخذ وقتاً قبل أن تعكس آثارها في ميزانية الدولة الموجوعة. ويتجاهل هذا الرأي أنه على سبيل المثال سيؤدي إلغاء دعم طاقة الأغنياء فى المصانع واليخوت وفنادق ال5 نجوم وسيارات الدفع الرباعي وغيرها إلى رفع عبء أكثر من 15 مليار جنيه فورا عن موازنة الدولة. وماذا لو كنا قمنا بذلك عندما تم الاعلان عنه في حكومة شرف الأولى جنبًا إلى جنب مع تحميل المواطنين أعباء ضريبية عادلة أو تفعيل الضريبة العقارية الجاهزة للتطبيق أو غيرها. ولماذا لا تطبق هذه الإجراءات حالاً لتؤتي أكلها فور الإمكان؟ ولماذا ننتظر أكثر من ذلك؟ كما أنه ومن قال إن قرض الصندوق سيكون متاحاً فوراً. علينا أن ننتظر البرنامج الحكومي الذي سيناقشه الفريق الفني للصندوق لإقراره. ويقول لنا حزب الحرية والعدالة إنه لن يكون برنامج حكومة الجنزوري (قال الصندوق إنه عام ويحتاج عمقاً تفصيلياً) وإن الحزب بصدد إعداد برنامج جديد يتم التفاوض على أساسه. كم شهراً سيستغرق الاعداد والنقاش. ثم نحن نتعامل هنا مع مؤسسة دولية لها تقاليدها وإجراءاتها البيروقراطية حيث يجب أن تقر مستويات إدارية عدة القرض حتى يصل لمجلس إدارته، وهذا أمر يستغرق شهوراً. لو تم الأمر بمنتهى السلاسة فى كل هذه العناصر، فإن الدفعة الأولى لن تصلنا قبل 6 أشهر، أي ليس حالاً وليس فوراً.

الأمر الثاني هو أن الاحتياطي يتآكل مما يؤثر على الجنيه ونحتاج دعماً من عملات أجنبية. والحقيقة أن هذا لا يعالج شيئاً. لقد استمررنا على مدى سنة ونصف نسحب من الاحتياطي لتغطية تهريب الأموال وتغطية تراجع عوائد السياحة وهروب الاستثمارات بلا قيد أو شرط. واقترضنا مليارات الدولارات من دول عربية ومن البنك الدولي والاسلامي. فى المقابل لم تتخذ الحكومة أي إجراءات لتقييد خروج رؤوس الأموال من البورصة، وبعضها تهريب لمال فاسدين ولو بضريبة، ولم تتخذ أي خطوات لتحجيم استيراد مستردة «ديجون» الفرنسية ومنتجات «برادا» وسيارات البي ام دبليو من سلع المترفين التي ترفع قيمة وارداتنا بالعملة الأجنبية. بل لم تطبق حتى نظاماً للكوتة يسمح باستيراد هذه السلع إلى حد معين. ثم يطلب هؤلاء الاقتراض لدعم الاحتياطي دون إشارة – حتى إشارة - لوقف أسباب التسرب ذاته أو حتى محاصرتها.
.


جزاك الله خيرا وبارك فيك

aymaan noor 08-09-2012 07:20 AM

فاعلية دور جامعة الدول العربية في الأزمة السورية
 
فاعلية دور جامعة الدول العربية في الأزمة السورية
http://www.rcssmideast.org/media/k2/...458281c5_L.jpg
بروس مادي فايتسمان
في ظل ما يشهده العالم العربي من اضطرابات مصاحبة لموجة الربيع العربي؛ حرصت بعض الأوساط الأمريكية البحثية والرسمية على مراقبة رد فعل جامعة الدول العربية إزاء تدهور الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وجهودها لإرساء الاستقرار هناك.


وفيما يتعلق بهذا الشأن؛ كتب بروس مادي فايتسمان، وهو باحث في مركز موشي ديان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا بجامعة تل أبيب، مقالا نشرته مجلة "دورية الشرق الأوسط" (Middle East Quarterly) تحت عنوان: "جامعة الدول العربية تظهر على الساحة".

استهل الباحث سطوره بالقول إن ظهور جامعة الدول العربية مجددا على الساحة السياسية كان من النتائج غير المتوقعة للاضطرابات العربية، منوها إلى أنها باتت جزءًا لا يتجزأ من المناورات الدبلوماسية في عدد من المجالات.

ويُذكر أن جامعة الدول العربية منحت الغرب شرعية التدخل العسكري الذي أطاح بمعمر القذافي، ودعمت جهود مجلس التعاون الخليجي الرامية إلى الإطاحة بالرئيس اليمني علي عبد الله صالح، وعملت بدأب لحل الأزمة السورية. ولعل ما دفع النخب العربية الحاكمة -التي تعي تماما مدى التعاطف واسع النطاق إزاء الاحتجاجات- إلى التدخل ولعب دور في وضح حد للاضطرابات؛ هو إدراكها ضرورة تعزيز مصداقيتها، وإرضاء الجماهير، وذلك على حد اعتقاد الباحث.

الخلفية التاريخية لجامعة الدول العربية

يعرض الباحث لخلفية إنشاء جامعة الدول العربية. ويبدأ بتأسيسها في مارس 1945، وتمثّلت أهدافها في تعزيز وتنسيق البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لأعضائها، وفي التوسط في حل النزاعات التي تنشأ بين دولها أو بين دولها وأطراف ثالثة. بيد أنها لم تتمكن إلا من توطيد التعاون بين أعضائها فقط، وعجزت عن تحقيق الجزء الأكبر من تطلعاتها. وأكّدت الشقوق العميقة والمنافسات بين الدول العربية، فقد فشلت الجامعة في وضع إطار مؤسسي قوي، على حد قول الباحث الذي يلفت إلى أن الجامعة -التي مقرها القاهرة والتي يرأسها دبلوماسي مصري رفيع المستوى- كانت بمثابة ذراع للسياسة الخارجية المصرية، وأداة لتعزيز مكانة مصر كقائدة للعالم العربي.

ومع ذلك؛ أدت القممُ التي عقدتها جامعة الدول العربية إلى نتائج هامة، منها: تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1964 باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وتعليق عضوية مصر في الجامعة في عام 1978 بعد توقيعها اتفاقية سلام مع إسرائيل، وإدانة أغلبية ضئيلة من الدول العربية في عام 1990 غزو صدام حسين للكويت.

أما على مدى العقد الماضي؛ فقد تلاشت أهمية قمم جامعة الدول العربية، وكان ذلك ملحوظًا بشكل خاص في قمة 2004 التي استضافها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي؛ إذ إن القمة أعلنت آنذاك الالتزام بإصلاح الحياة السياسية كليًّا، وإرساء ديمقراطية حقيقية، وحرية الفكر والتعبير والعقيدة؛ إلا أن الأنظمة العربية عجزت عن مباشرة عملية إصلاح حقيقية، مما مهّد الطريق لانتفاضات 2011.

موقف الجامعة من الأزمة السورية المتفاقمة

قد تمر شهورٌ عديدة قبل أن تُهدم الجسور الواصلة بين الأسد والكتلة السنية العربية المناهضة لإيران. ويُذكر أن أول ما قام به نبيل العربي بعد توليه منصبَ الأمين العام لجامعة الدول العربية هو مقابلة بشار الأسد في دمشق؛ حيث ندد بالتدخل الأجنبي في سوريا، وشجب إعلان الرئيس باراك أوباما فقدان الأسد شرعيته. وعند تلك النقطة، بدت عملية الإصلاح التي تعهد بها الأسد هي أفضل وسيلة لخروج سوريا من محنتها، من وجهة العربي.

بيد أن ثقة العربي في التزام الأسد بالإصلاح باتت تتلاشى شيئا فشيئا. فبعد أسابيع من التنديد بوصف أوباما وبعد يوم من إدانة مجلس التعاون الخليجي النظام السوري؛ أصدر العربي بيانًا رسميًّا أعرب فيه عن قلقه إزاء تدهور الوضع في سوريا، وحث الحكومة على وضع حدٍّ لعمليات قمع المعارضة.

والتقى العربي مع الأسد مجددًا يوم 10 سبتمبر، وخرج وهو متفائل بأن الأسد سيعمل على نزع فتيل الأزمة؛ إلا أن آماله أُحبطت فيما بعد إثر تراخي الأسد عن الإصلاح. ومن ثم تدخلت بعثة وساطة تابعة لجامعة الدول العربية لوضع حد للأزمة السورية، وشملت البعثة رئيس الوزراء القطري، ووزراء خارجية من كل من الجزائر ومصر وعُمان والسودان، ونبيل العربي كذلك. وطالبت هذه البعثة نظام الأسد بما يلي:

أولًا: وضع حد لل*** وال***.
ثانيًا: الإفراج عن المعتقلين.
ثالثًا: سحب الجيش من المدن.
رابعًا: فتح حوار مع المعارضة برعاية الجامعة.
خامسًا: إتاحة حرية الوصول إلى الصحفيين الأجانب.
سادسًا: قبول دخول بعثة مراقبة متعددة ال***يات تابعة لجامعة الدول العربية إلى سوريا من أجل مراقبة مدى امتثال النظام السوري لخطط الجامعة المطروحة.

بيد أن دمشق تأخرت في الاستجابة لتلك المطالب، مما دفع جامعة الدول العربية يوم 12 نوفمبر إلى تعليق مشاركة سوريا في أنشطتها، تمامًا مثلما فعلت مع ليبيا. وصوت ثماني عشرة دولة لصالح هذا التعليق. وفي ذلك اليوم، أشار الملك عبد الله، ملك الأردن، إلى وجوب تنحي الأسد، وكان هو أول رئيس عربي يطالب بتنحي الأسد.

وفي السابع والعشرين من نوفمبر؛ أعلنت جامعة الدول العربية فرض عقوبات على سوريا؛ وشمل ذلك فرض حظر سفر على كبار المسئولين السوريين، وتجميد الأصول السورية في البلدان العربية، ووقف العمليات المالية مع البنوك السورية الكبرى. ومن ثم وافق النظام السوري رغمًا عنه على دخول طلائع بعثة جامعة الدول العربية إلى سوريا.

من جهته؛ شجب بشار الأسد الإدانات العربية الموجهة ضده، مستنكرًا غفلة الدول العربية عن دور سوريا في تمثيل الهوية العربية. ولعل ما ضيق صدر الأسد هو أن تعليق مشاركة سوريا في أنشطة جامعة الدول العربية يعني حرمانها من عروبتها. وشدد الأسد على أن سوريا وقعت ضحية مؤامرة دولية دبّرتها القوى الإقليمية والعالمية التي أرادت في الماضي زعزعة استقرار سوريا، وتحقيق مصالحها الخاصة.

واستطرد الباحث في مقاله مشيرًا إلى أن جامعة الدول العربية دعت بعد فشل بعثتها الأسدَ إلى تسليم مهامه لنائبه، وإنشاء حكومة وحدة وطنية، ونالت تلك الدعوة دعم الولايات المتحدة وتركيا.

وفي أوائل مارس؛ أوفد الأمين العام للأمم المتحدة سلفه كوفي عنان إلى دمشق بوصفه ممثلًا للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وذلك في محاولة لإيجاد وسيلة لإخراج سوريا من الظلمات إلى النور؛ إلا أن ذلك لم يُجد نفعا؛ إذ صعّدت القوات السورية هجومها، وارتفعت أعداد الضحايا، مما دفع العربي إلى الدعوة إلى إجراء تحقيق دولي في الجرائم التي تُرتكب ضد المدنيين السوريين ومحاكمة مرتكبيها.

ومن جهتها؛ أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي إغلاق سفارتها في سوريا ودعت المجتمع الدولي إلى "اتخاذ تدابير حازمة وسريعة لوقف عمليات ال*** وال***** في سوريا، ووضع حد للانتهاك الصارخ لكرامة الشعب السوري وحقوقه المشروعة".

ويخلص الباحث إلى أن نفوذ جامعة الدول العربية ما زال محدودا، وخاصة في الأزمة السورية؛ على الرغم من إشادة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون بتحركات الدول الأعضاء، ورغم آمال الليبراليين العرب بشأن إمكانية مساهمة الجامعة في تعزيز كينونة المواطنين العرب في كافة أنحاء المنطقة.

aymaan noor 08-09-2012 07:27 AM

موقف واشنطن وحلفائها من التدخل العسكري في سوريا
 
موقف واشنطن وحلفائها من التدخل العسكري في سوريا
http://www.rcssmideast.org/media/k2/...b066ac2d_L.jpg
عرض شيماء ميدان، مترجمة متخصصة في الشئون السياسية والاقتصادية
باتت فكرةُ التدخل العسكري في سوريا على خلفية الأحداث الدموية التى تشهدها يوميًّا، تلوح في الأفق وتشغل حيزا كبيرا من فكر مراكز الفكر والرأي الأمريكية بتنوعاتها المختلفة، لا سيما القريبة من الإدارة الأمريكية الحالية. وفي ظل تفاقم المأساة الإنسانية السورية؛ لم يعد أحد قادرًا على النأي بنفسه عن تلك الأحداث المريرة،

وعدم اتخاذ موقف إيجابي أو سلبي، ولا يعتبر التدخل العسكري مسألة هيّنة على الإطلاق لما قد يكون له من عواقب وخيمة على سوريا وجيرانها، وعلى القوى الغربية ذاتها، لذا لا يزال ثمة تردد كبير بشأن تنفيذ تلك الفكرة.

وفي محاولة لدراسة فكرة التدخل العسكري هذه بعمق وما قد تئول إليه؛ أجرى معهد "أمريكان إنتربرايز" بالتعاون مع "معهد دراسات الحرب" الأمريكي و"مركز سابان الأمريكي لسياسات الشرق الأوسط" التابع لمؤسسة بروكينجز في السابع والعشرين من شهر يونيو الماضي يوم محاكاة للأزمة السورية للوقوف على استشراء الفوضى على خلفية الحرب الأهلية السورية.

تقوم فكرةُ المحاكاة على تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات يمثلون الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وتركيا باعتبارهما القوتين الإقليميتين الفاعلتين في الأزمة السورية، وتهدف إلى مناقشة ومعرفة التفاعل بين الحكومة الأمريكية والحليفين التركي والسعودي الفعالين والمؤثرين في الأزمة السورية لأسباب عدة، منها تأثرها بال*** الحادث في سوريا. وتأخذ المحاكاة في الاعتبار التطورات المحتملة خلال الفترة من أغسطس الحالي إلى إبريل القادم.

وقد أعدّ كل من كينيث بولاك، وهو زميل بارز في مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط، وفريدريك كاجان، وهو باحث بمعهد أمريكان إنتربرايز، وكيمبرلي كاجان، وهي رئيسة معهد دراسات الحرب الأمريكي، وماريسا سوليفان، وهي نائب مدير معهد دراسات الحرب؛ تقريرًا يستخلص دروس هذه المحاكاة، ويحلل مجرياتها.

جُل ما تسعى المحاكاة إليه هو دراسة ما إذا كانت الدوافع الإنسانية وحدها كافية للتدخل الغربي في سوريا، مثلما حدث في ليبيا. غير أن ردود فعل الفرق (الأمريكية والسعودية والتركية) المشاركة أظهرت أن تهديد التبعات الإستراتيجية لتفاقم الأزمة هو ما قد يدفعها إلى تنفيذ فكرة التدخل العسكري؛ فقد يتمخض عن الأزمة السورية تهديدات مثل: الإرهاب، وتدفق اللاجئين، والمشاكل الاقتصادية، وتشدّد الشعوب المجاورة، والقتال عبر الحدود.

دور تركيا الحاسم

أثبتت المحاكاة أن الولايات المتحدة لن تتمكن من القيام بأي شيء حيال سوريا بدون مشاركة تركيا، لذا تركّز السياسة الخارجية للولايات المتحدة على هذا البلد على وجه الخصوص. وقد وجدت كل من الولايات المتحدة وتركيا والمملكة العربية السعودية نفسها مضطرة إلى التفكير مليًّا في فرض مناطق حظر طيران في سوريا، ومساعدة المعارضة السورية، ومباشرة عمليات عسكرية محدودة أو تدخلات متعددة الأطراف.

وفي المقابل؛ بدا أن الولايات المتحدة تتفوق على المملكة العربية السعودية في ميزان فرض الرؤية والمصالح. فقد أوْلَى الفريق السعودي اهتماما بمسألة تزايد عمليات نقل السلاح إلى سوريا عبر لبنان، وبالوضع اللبناني عموما. غير أن السعوديين وجدوا أنفسهم عاجزين عن تكريس هذا الاهتمام عمليًّا بدون دعم الولايات المتحدة. وقد اقترحت المملكة العربية السعودية جعل الأردن بمثابة مكمِّل لتركيا أو بديل عنها؛ إلا أن الولايات المتحدة لم تولِ أي اهتمام لهذا الخيار.

وجدير بالذكر أن تركيا ترغب في إنهاء الصراع الدائر في سوريا، وإرساء الاستقرار هناك في أسرع وقت، بيد أن قدراتها لا تكفي وحدها لإحلال السلام وتعزيز الاقتصاد هناك. لذا ترى تركيا أن مساعدة الغرب والعالم العربي لا غنى عنها في حسم الوضع في سوريا. ومن ثم باتت الفرق الثلاثة لا ترى مفرا من التعاون المشترك مع بعضها بعضا.

وعندما تجاوزت مجريات المحاكاة الانتخابات الرئاسية الأمريكية ودخلت في مطلع عام 2013، انصبّ تركيز الفريق الأمريكي على حسم الصراع في سوريا. ونظرا لعدم رغبتها في تحمل التكاليف المالية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية للتدخل العسكري وحدها؛ صبّت الولايات المتحدة تركيزها على إقناع الأتراك بالتدخل بدلا منها. غير أن تركيا لا ترغب هي الأخرى في تحمل وطأة التدخل العسكري وحدها نظرا لضعف إمكانياتها. وما يعقّد الأمور أكثر هو اتّكال المملكة العربية السعودية على كل من الولايات المتحدة وتركيا في مهمة إسقاط نظام الأسد وإنهاء ال*** في سوريا.

من جهتها؛ ترغب تركيا في تأمين دعم من حلف الناتو إذا ما قررت التدخل عسكريًّا في سوريا، كما ترغب في تأمين تحكمها بالعمليات العسكرية. وفي المقابل، ترغب الولايات المتحدة في تقليص دور تركيا والناتو خوفا من ذهاب تركيا بعيدا عن الأهداف الأمريكية. أما المملكة العربية السعودية، فخيبة أملها كبيرة في الجمود الناتج عن هذا التضارب الذي أسفر عن تفويت فرص عديدة للاتفاق على التدخل العسكري.

تواضع القدرات السعودية

على النقيض مما ذُكر أعلاه، أشارت المحاكاة في نقطة ما إلى أن المملكة العربية السعودية قد تلعب دورا أكثر حزما في السيناريوهات المعروضة؛ حيث إن الفريق السعودي كان نشطا للغاية في محاولته تحقيق مصالحه الخاصة، بيد أن الفرق الأخرى المحيطة به لم تقدم له الدعم اللازم للقيام بذلك.

ويعزو ذلك إلى أن الأدوات المتاحة للسعوديين ليست جذابة أو حاسمة في حد ذاتها. فالقدرة على توفير الدعم والتمويل للمعارضين والمتمردين السوريين ليست كافية لإحداث تغيير حاسم في سوريا في المدى القريب، بل ويمكن أن يفضي هذا التمويل السعودي إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في سوريا.

ومن ثم خلص الفريق الذي يجسد الرؤية السعودية في المحاكاة إلى أن المملكة العربية السعودية مستعدة لتقبل مستويات عالية من عدم الاستقرار وغير مهتمة بطبيعة الحكم الذي يأتي طالما يكون سنيّا.

سيناريو انهيار سوريا

قدمت المحاكاة سيناريو انهيار الدولة السورية يعقبه دخول العراق في جولة أخرى من الحرب الأهلية. وبحلول نهاية المحاكاة، وصل ال*** في العراق إلى مستويات مماثلة لتلك التي كان عليها في عام 2006. وأظهرت المحاكاة أن الفرق الثلاثة تفاعلت بشكل متباين تماما مع هذا السيناريو؛ حيث إن المملكة العربية السعودية فضّلت الفوضى العراقية على الوضع الراهن لأنها ترى أن مصلحتها الإقليمية متمثلة في تقويض النفوذ الإيراني. لذا كان الفريق السعودي على أتم الاستعداد لمساعدة المعارضة السورية حتى ولو كان من شأن هذه الإجراءات تقويض الاستقرار في العراق.

أما تركيا، فرأت أن مصالحها في العراق تقتصر على تطور الأحداث في إقليم كردستان الذي حوّلته إلى درع واقٍ لها ضد تطور الأوضاع داخل العراق. وقد تضمّن سيناريو المحاكاة استغلال الأكراد العراقيين للأوضاع، وإعلان استقلال إقليمهم ما لم يحسم الفريق التركي موقفه منه.

أما الفريق الأمريكي، فكان غير مهتم إلى حدٍّ كبير بتطورات الأوضاع في العراق ولبنان، ولم يفعل شيئا يُذكر في ذلك السيناريو، مما يعكس رغبة الفريق الأمريكي الحالية في عدم تكرار تجربة التدخل العسكري في أي بلد مرّ فيه من قبل بتجربة مريرة.

وأخيرا، انتهت المحاكاة عند شهر أبريل لعام 2013 بانهيار الدولة السورية وغرق لبنان والعراق في الصراعات الطائفية. وقد كان الفريق الأمريكي راضيا في هذا السيناريو عن تحقيق أهدافه قريبة المدى في سوريا، متجاهلا تبعات ذلك على مصالحه الإقليمية والدولية الأخرى. ورأى معظم المراقبين أن المصالح الأمريكية في كافة أنحاء المنطقة كانت مهددة أكثر مما كانت عليه في بداية المحاكاة، وأن قدرة الولايات المتحدة على تأمين مصالحها على المدى الطويل كانت غير واضحة تماما في هذا السيناريو الأخير.

خلاصة المحاكاة

أشار كاتبو التقرير إلى الملامح الأساسية لخلاصة المحاكاة، وهي كالآتي:

أولًا: لا يعتبر تفاقم الأزمة الإنسانية السورية سببا كافيا لدفع أي من القوى الدولية للتدخل العسكري في سوريا.

ثانيًا: لا ترغب الولايات المتحدة الأمريكية في تحمل عبء فاتورة التدخل العسكري في سوريا أو إعادة إعمارها. ولا تريد أيضا الاضطلاع بأي إعادة لتجربتي العراق وأفغانستان.

ثالثًا: لتركيا دور رئيسي في المعادلة لأنه لا يمكن تطبيق الخيارات المطروحة بدون الانخراط التركي. بيد أن تركيا لا ترغب في تحمل تكاليف ما بعد الحرب السورية وحدها.

رابعًا: يعتبر تأثير المملكة العربية السعودية على الوضع السوري ضعيفا نظرا لاقتصار أجندتها الإقليمية عموما على ردع النفوذ الإيراني، حتى لو كان الثمن زعزعة الاستقرار في سوريا ولبنان والعراق.

خامسًا: السيناريو الكارثي الذي قد يحدث هو انهيار الدولة السورية، وعودة العراق إلى مستويات ال*** والحرب الأهلية التي شهدها في عام 2006، وانغماس لبنان في حرب أهلية جديدة.

سادسًا: القرار النهائي بشأن مسألة التدخل العسكري يتوقف على مدى تأزُّم الوضع في سوريا.

أ/رضا عطيه 08-09-2012 07:42 AM

لن تدخل أمريكا سوريا

إلا بعد أن نمهد لهم الطريق بجيوشنا
كما حدث فى العراق

نحن شعوب لانتعلم من ماضينا

شكرا جزيلا

darch_99 08-09-2012 11:14 AM

شكرا
 
جزاك الله خيرا علي هذا التحليل

اعتقد والله اعلم ان امريكا تريد التدخل لكنها تنتظر اللحظة المناسبة الا وهي مرحلة قطف الثمار
لكنها مترددة كالعادة منذ الاطاحة بمبارك في كثير من الملفات ولان لها اعتبارات اخري مثل التكلفة المادية العسكرية واعتبارت تتعلق بقواتها العسكرية المتانثرة هنا وهناك , إن امريكا لم تكن غافلة عن المشهد ولا غائبة فهي تقوم حاليا بتدريب نظام حكم في انقرة لاستلام الحكم بعد انتهاء بشار
هناك مجموعات وافراد من سوريا متواجدة علي الاراضي التركية يتم تدريبهم وتلقينهم اصول السياسة والحكم تمهيدا لتنصيبهم بدلا من المجلس السوري الوطني (هذا تخطيط)

والمسألة ليست تواضع قدرات السعودية العسكرية فتلك سذاجة لا تنطلي الا علي المغفلين
فلو ارادت امريكا التخلص من نظام بشار فورا لفتحت الحدود علي مصراعيها لتدفق السلاح بكافة انواعه ولانتهي الجيش السوري الحر من بشار ولاصبح بشار اليوم ماضيا لكن لو فعلت ذلك من سيستلم الحكم (الجيش السوري الحر) فتلك مصيبة عظمي لها ما بعدها من تغير موازين القوي الحقيقي في المنطقة لصالح المعسكر السني السني (مصر- سوريا) ضد اسرائيل


وهذا دليل علي ان الدول العربية لازالت تسوقها الالة الامريكية كيفما شاءت عدا( مصر) التي خرجت من التبعية )لانها لو كانت تملك قرارها لفتحت الحدود لعبور السلاح والمال والرجال بكل علانية ولكن بعض الدول تعمل ذلك علي اسحياء ومن قبيل مساندة الجيش السوري الحر بالقدر الذي يبقيه حيا ومصارع جيد وليس بالقدر الذي ينهي المسئلة فورا

لكن هذا هو تخطيطهم ولكن في المقابل هناك تقدير العزيز العليم يخادعون الله وهو خادعهم
وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون وستأتي الدائرة عليهم بموعود الله ان شاء الله

وشكرا لك

darch_99 08-09-2012 11:40 AM

جزاك الله خيرا
 
جزاك الله خيرا

ولكن اخي الكريم هذا المقال اقرب الي درس تاريخ منه الي تحليل فالمقال يسرد الاحداث علي الترتيب ثم هو في النهاية يستخلص بجرة قلم عدم فاعلية جامعة الدول العربية

وقد اتفق معه تماما في هذة النقطة لكن هذا قبل ان يأتي الرئيس مرسي الي المشهد لتتغير اشياء كثر فأخر اجتماع لوزراء جامعة الدول العربية والذي رأسه مرسي

بدا الامر مختلفا كلاما ونبرة وحدة وقرارات تترجم الي الواقع فعلا وان كانت لا ترقي طبعا الي امال التدخل المباشر الا انه يعد مؤثر قويا علي بداية جديدة في التعامل مع الاحداث بفاعلية اكبر كثيرا مما كان علية الحال ايام مبارك

وشكرا لك


أ/رضا عطيه 08-09-2012 12:22 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة darch_99 (المشاركة 4825296)
جزاك الله خيرا علي هذا التحليل

اعتقد والله اعلم ان امريكا تريد التدخل لكنها تنتظر اللحظة المناسبة الا وهي مرحلة قطف الثمار
لكنها مترددة كالعادة منذ الاطاحة بمبارك في كثير من الملفات ولان لها اعتبارات اخري مثل التكلفة المادية العسكرية واعتبارت تتعلق بقواتها العسكرية المتانثرة هنا وهناك , إن امريكا لم تكن غافلة عن المشهد ولا غائبة فهي تقوم حاليا بتدريب نظام حكم في انقرة لاستلام الحكم بعد انتهاء بشار
هناك مجموعات وافراد من سوريا متواجدة علي الاراضي التركية يتم تدريبهم وتلقينهم اصول السياسة والحكم تمهيدا لتنصيبهم بدلا من المجلس السوري الوطني (هذا تخطيط)

والمسألة ليست تواضع قدرات السعودية العسكرية فتلك سذاجة لا تنطلي الا علي المغفلين
فلو ارادت امريكا التخلص من نظام بشار فورا لفتحت الحدود علي مصراعيها لتدفق السلاح بكافة انواعه ولانتهي الجيش السوري الحر من بشار ولاصبح بشار اليوم ماضيا لكن لو فعلت ذلك من سيستلم الحكم (الجيش السوري الحر) فتلك مصيبة عظمي لها ما بعدها من تغير موازين القوي الحقيقي في المنطقة لصالح المعسكر السني السني (مصر- سوريا) ضد اسرائيل


وهذا دليل علي ان الدول العربية لازالت تسوقها الالة الامريكية كيفما شاءت عدا( مصر) التي خرجت من التبعية )لانها لو كانت تملك قرارها لفتحت الحدود لعبور السلاح والمال والرجال بكل علانية ولكن بعض الدول تعمل ذلك علي اسحياء ومن قبيل مساندة الجيش السوري الحر بالقدر الذي يبقيه حيا ومصارع جيد وليس بالقدر الذي ينهي المسئلة فورا

لكن هذا هو تخطيطهم ولكن في المقابل هناك تقدير العزيز العليم يخادعون الله وهو خادعهم
وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون وستأتي الدائرة عليهم بموعود الله ان شاء الله

وشكرا لك

ولماذا عدا مصر ؟؟؟؟؟

أظن الوفود التى عانقت قاعة المرشد على انفراد منذ عام إلى الأن والقادمة لمصر اليوم ورحلة الرئيس القادمة لمصر تقذف بهذا الوهم والمتوهمين فى البحر الميت

أ/رضا عطيه 08-09-2012 12:28 PM

تحتاج لخطبة من مرسى كخطبتة فى إيران ستصبح شمعة منورة

love ur life 08-09-2012 03:29 PM

مشكـــور للتوبيك
جزاك الله خير
^_^

الآمبراطور المصرى 09-09-2012 05:08 PM

http://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=462549

aymaan noor 10-09-2012 10:31 PM

تحولات العلاقات المصرية - الإماراتية من التأرجح إلى التعاون
 
تحولات العلاقات المصرية - الإماراتية من التأرجح إلى التعاون
http://www.rcssmideast.org/media/k2/...898530d7_L.jpg
محمد عز العرب
كشفت زيارةُ وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد إلى القاهرة، في السادس من سبتمبر الجاري؛ عن إمكانية التحول من التأرجح إلى التعاون في مسار العلاقات الإماراتية المصرية، لا سيما في مرحلة

ما بعد ثورة 25 يناير 2011، وأن الأزمات الإعلامية التي عرفتها علاقات البلدين على مدى الشهور القليلة الماضية قابلة للاحتواء، لا سيما وأنه لم تصدر تصريحات ولم تتخذ مواقف رسمية داعمة لتغريدات الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي المهاجمة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، غير أنه ساد التخوف الإماراتي من طبيعة العلاقة مع القاهرة مع وصول د. محمد مرسي إلى كرسي الرئاسة.

مؤشرات التحول

لا يحكم العلاقات بين الإمارات ومصر التوجهات الأيديولوجية، وإنما المصالح الوطنية، سواء في السياسة أو الأمن أو الاقتصاد، بما لا يجعلها "مباراة صفرية". لذا كانت زيارة الشيخ عبد الله بن زايد إلى القاهرة "عاكسة" وليست "منشئة" لتغير آخذ في الحدوث في طبيعة العلاقات المصرية الإماراتية؛ حيث سبق هذه الزيارة عدد من المؤشرات التي تصب في اتجاه تطوير العلاقات، على النحو التالي:

- إرسال إشارات طمأنة مصرية بعدم التدخل في الشئون الداخلية الإماراتية. وكان آخر هذه الإشارات حينما ألقى الرئيس محمد مرسي في افتتاح أعمال الدورة 138 لمجلس جامعة الدول العربية بالقاهرة في 5 سبتمبر الجاري كلمة قال فيها: "لن نقبل التدخل في شئون دولة عربية شقيقة أو المساس باستقرارها وسيادتها"، وهو ما يحمل رسالة محددة لدول الخليج، وبصفة خاصة الإمارات، بعدم التدخل في شئونها الداخلية، فضلا عن انتفاء التفكير بمنطق تصدير الثورة المصرية خارج حدودها الوطنية، سواء للإمارات أو لغيرها.

- توقف الخارجية المصرية عن التعقب الإعلامي لتصريحات خلفان؛ فقد أكد المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية الوزير المفوض عمرو رشدي في عدد من التصريحات لوسائل الإعلام على أن الوزارة لا تعلق إلا على المواقف أو التصريحات الصادرة عن شخصيات مسئولة، وهو ما يحمل إشارة ضمنية بعدم رغبة القاهرة في التضخيم من تصريحات ضاخي خلفان، حتى لا يُحدث تأزيما في مسار العلاقات بين البلدين.

- إرسال الإمارات مبعوثين رسميين للتهدئة مع مصر. فقد تسلم الرئيس مرسي رسالة خطية من الشيخ محمد بن راشد، رئيس وزراء الإمارات وحاكم دبي، في 1 أغسطس 2012، تضمنت مسألة محددة وهي "أن العلاقات المصرية الإماراتية شديدة العمق لا يؤثر فيها عارض"، قابلتها رسالة مصرية موازية مفادها "أن أمن الخليج العربي هو أمن مصر، وأن مصر لا تتدخل في الشئون الداخلية لأي دولة".

- إلقاء تصريحات إماراتية باعثة على التغيير إزاء مصر. حيث أعرب وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد في تصريحات بثتها وكالة أنباء الإمارات "وام" بتاريخ 4 يوليو 2012، عن "تفاؤله بأن فترة الرئيس مرسي ستشهد إنجازات ملموسة في العلاقات الثنائية ومحطات مهمة في مختلف المجالات.

- توقيع مذكرة تفاهم ثقافية بين الإمارات ومصر. بدأ مسار العلاقات الثنائية يمتد إلى الأداة الثقافية باعتبارها واحدة من المحددات الرئيسية لتقارب "نخاع الشعوب". ففي 4 يوليو الماضي، أبرمت مذكرة للتعاون الثقافي بين وكيل وزارة شئون الرئاسة الإماراتية لقطاع الشئون المحلية سعيد المقبالي والشيخ عبد التواب عبد الحكيم وكيل الأزهر، لتمويل ودعم المشروعات والبرامج التي ينفذها الأزهر بتكلفة إجمالية تبلغ 155 مليون درهم إماراتي. وبموجب المذكرة يتم تمويل إنشاء مكتبة جديدة للأزهر تليق بمكانته وما تحتويه مكتبته من نفائس المخطوطات والمطبوعات. كما تتضمن الاتفاقية تمويل مشروع سكن لطلاب الأزهر بما يتناسب واحتياجات النمو في أعداد الطلبة الدارسين في الأزهر.

- تعزيز الاستثمارات الإماراتية المباشرة في مصر. يبلغ حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر، وفقا لأحد التقديرات، 5 مليارات دولار (18.4 مليار درهم)، ومن المتوقع زيادتها بعد استقرار الأوضاع الداخلية في مصر. وقد كشف أحدث تقرير صادر عن البنك المركزي المصري أن دولة الإمارات كانت على رأس الدول العربية التي ضخت استثمارات مباشرة في السوق المصري خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام 2012، حيث بلغت استثماراتها نحو 176.9 مليون دولار، في حين بلغت الاستثمارات السعودية خلال نفس الفترة 79.6 مليون دولار، وبلغت استثمارات الكويت 17.3 مليون دولار، وبلغت استثمارات قطر في مصر 13.2 مليون دولار، وهو ما يجعل الاستثمارات الإماراتية تتفوق على غيرها، فضلا عن قيام بعض رجال الأعمال من النخبة الجديدة مثل خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بزيارة للإمارات، في أغسطس الماضي، حيث التقى بالعديد من المستثمرين الإماراتيين. ومن ثم، لم يكن غريبا تطرق زيارة الشيخ عبد الله لإقامة المشروعات المشتركة وزيادة تدفق الاستثمارات الإماراتية إلى مصر.

أسباب التحول

هناك العديد من الأسباب التي تفسر هذا التحول في طبيعة العلاقات بين الإمارات ومصر، وهي:

أولها: تبديد التخوف من نقل التجربة الثورية إلى الإمارات. فقد انطلق هذا التخوف لدى الإمارات من وجود خبرات سابقة تشير إلى أن بعض الدول قد تمثل تهديدًا للآخرين بعملها على تصدير الأفكار والقيم الثورية المعادية للأسس والقواعد المبني عليها نظمها السياسية أو الاجتماعية، وهو ما يُعتبر تهديدًا جوهريًّا لأمنها واستقرارها.

ثانيها: ضمان دعم واحدة من أهم الأطراف الداعمة لتحقيق الأمن الخليجي؛ إذ إن التوترات المستمرة التي تشهدها منطقة الخليج تشير إلى أن "أمن الخليج" لا يزال يمثل مشكلة حادة، سواء لأطرافه الأساسية أو الدول المشاطئة له، أو القوى الدولية المرتبطة به، أو القواعد العسكرية المرابطة على أراضيه.

ثالثها: تجنب ترك مصر في عزلتها الخليجية بما يؤدي إلى الاتجاه لتقوية العلاقات بين مصر وبعض القوى الإقليمية المناوئة في الكثير من توجهاتها لدول الخليج، وفي مقدمتها إيران، لا سيما فيما يتعلق بمؤازرة مصر للرؤية الخليجية المعارضة للسلوكيات الإيرانية إزاء الأرض المحتلة (الجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، وزرع خلايا التجسس في الكويت، وتحريك الشيعة في شرق السعودية، والتهديد باستقلال البحرين، كما أن ترك مصر بمفردها في ظل تعثر المرحلة الانتقالية قد يغري بعض الدول الخليجية وتحديدًا قطر بالمنافسة مع السعودية فقط على تطوير شبكة المصالح مع مصر، على نحو ما دعا البعض للحديث عن "قطرنة" السوق المصري.

تحديات التحول

هناك العديد من التحديات التي قد تعرقل التحول الحادث في العلاقات بين الإمارات ومصر، والتي تتعلق في أغلبها بالمجتمعات في البلدين، على نحو ما توضحه النقاط التالية:

- بروز أصوات متشددة داخل جماعة الإخوان المسلمين في مصر، تحاول التدخل في الشئون الداخلية لدولة الإمارات، بين الحين والآخر، وخاصة فيما يتعلق بتوجيه انتقادات حادة لتعامل الأجهزة الأمنية مع أعضاء جمعية الإصلاح، لا سيما في ظل شعورها بأنها يقف وراءها "مراكز للقوى" في السلطة الحاكمة. يقابل ذلك أيضا أصوات متشددة داخل دولة الإمارات والتي تعتبر أن التغير الحادث في الساحة الداخلية سوف يمتد إلى العلاقات المصرية الخليجية ومنها الإمارات، وهو ما يتعين الحذر من الاقتراب منه تخوفا من امتدادات العدوى الثورية.

- تصاعد الحاجز النفسي بين شعبي مصر والإمارات، بعد اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011؛ حيث ساد توجهٌ لدى قطاعات من الرأي العام في العديد من الأقاليم المصرية بأن دول الخليج، حكومات وشعوبا، ومنها الإمارات؛ تساند نظام حسني مبارك، مع الأخذ في الاعتبار أن المجتمعات هي التي تصدر الثورات وليست الأنظمة مثلما كان الوضع في فترات سابقة، وهو ما يدفع بعض أنماط من العمالة المصرية لتنفيذ توجهاتها الثورية على الأرض الإماراتية.

- انفجار الأزمات الصغيرة التي تحدث بين الإمارات ومصر، والتي تترك تأثيرات سلبية على العلاقات الرسمية، وخاصة فيما يتعلق بحلقة الجاليات المصرية في الإمارات، والتي تتفاقم بمرور الوقت من خلال تأثيرات أجهزة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، على نحو ما تشير إليه "أزمة العمالة المصرية التي لم يتجدد عقودها" أو "ترحيل الدعاة المصريين من الإمارات". وفي هذا السياق، من المحتمل أن يضغط اتجاه متشدد داخل بعض الإمارات السبع لاعتماد الخيار الصدامي في اتجاه العلاقات مع مصر، وتتحول النظرة الإماراتية إلى حالة "الإخوان فوبيا"، وتتكرر الأزمات لأصغر الاسباب، على نحو يعيق علاقات مستقرة بين الإمارات ومصر.

سياسات تطوير التحول

لا يمكن للعلاقات بين الإمارات ومصر أن تسير في اتجاه المباراة الصفرية التي تتضمن فائزا وخاسرا؛ بل يفترض تبديل إطارها ليصبح تنافسيًّا تعاونيًّا لمصلحة الطرفين الإماراتي والمصري، وفي هذا السياق، يمكن تطوير العلاقات بين الإمارات ومصر، وفقا للمصالح التي تدر منافع للجانبين، على النحو التالي:

- تأسيس حوار إماراتي مصري حول القضايا المتعلقة بأمن الخليج، وهو ما برز مؤخرا في دعوة الشيخ خليفة بن زايد للرئيس محمد مرسي لزيارة الإمارات، لا سيما مع الحديث المتكرر للرئيس المصري عن أن "أمن الخليج خط أحمر"، بما يؤدي لضمان عدم اختلال موازين القوى لطرف إقليمي بعينه، وتحديدا إيران، بعد سعيها لامتلاك قدرات نووية، وتوسيع دورها وتدخلها في الشئون الداخلية لدول الخليج بصفة مستمرة. وفي هذا السياق، يمكن لدول الخليج دعوة الرئيس محمد مرسي لحضور القمة الخليجية المقبلة في ديسمبر 2012، لسماع الرؤية المصرية بشأن الحد من التهديدات التي تواجه أمن الخليج، في مرحلة ما بعد الثورات الشعبية.

- عقد جلسات حوارية غير رسمية مباشرة تجمع رموز جماعة الإخوان المسلمين في مصر مع بعض الشخصيات الإماراتية ذات الثقل السياسي، بما يخلص في النهاية إلى فك الارتباط الحركي وليس الفكري بين التنظيم الأم للإخوان المسلمين في مصر وفروعه بدول الخليج، وخاصة جمعية الإصلاح في الإمارات، الأمر الذي قد يفتح الباب لتغيير حقيقي في العلاقات الإماراتية المصرية.

- الحد من التصريحات الإعلامية التي يطلقها بصفة غير منتظمة الفريق ضاحي خلفان ضد الإخوان، لأنها تعكس توجه فصيل سياسي متشدد داخل الإمارات إزاء الدولة المصرية الجديدة، وليس تجاه جماعة الإخوان المسلمين، خاصة وأنها تعبر عن أفكار –حتى ولو كانت شخصية- لأحد ممثلي الحكومة الإماراتية، ولا شك أن إيقاف مثل هذه التصريحات يعالج بدرجة كبيرة التوتر الحادث في مسار العلاقات الثنائية.

وهنا، لا بد من توجيه التحذيرات السياسية بعدم الإدلاء بالأحاديث الصحفية أو المداخلات التلفزيونية من بعض رموز النظام السابق المقيمين في الإمارات، وبصفة خاصة الفريق أحمد شفيق المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية الماضية؛ لأنها تعطي انطباعًا لدى قطاع من الرأي العام المصري بأن دولة الإمارات ملجأ لفلول نظام مبارك، حيث سبق شفيق في اللجوء لأبو ظبي، نائب رئيس الجمهورية السابق اللواء عمر سليمان، وكذلك الحال بالنسبة لتواجد وزير التجارة والصناعة السابق رشيد محمد رشيد فيها لبعض الوقت، فضلا عن تناثر إشاعات صحفية حول طلب رئيس المخابرات العامة السابق اللواء مراد موافي من السلطات المصرية السماح له بالسفر إلى أبو ظبي لشغل منصب بارز في أحد الأجهزة السيادية، غير أنه تم النفي الرسمي لصحة هذا الخبر.

- الإسراع بإعادة تشكيل مجلس الأعمال المصري الإماراتي، بما يدعم التعاون بين قطاعات الأعمال في البلدين وتوسيع قاعدة الشركات الممثلة بالمجلس من الجانبين في مختلف القطاعات التجارية والصناعية والخدمية.

- تفعيل بروتوكولات التعاون الموقعة بين كل من اتحاد غرف التجارة والصناعة في الإمارات من جانب واتحاد الصناعات المصرية والاتحاد العام للغرف التجارية وجمعية رجال الأعمال المصريين من جانب أخر، بما يقلل المعوقات التي تواجه الشركات الإماراتية المستثمرة في مصر والشركات المصرية المستثمرة في الإمارات.

- اعتماد حزمة مساعدات مالية إماراتية لمصر، على شاكلة صندوق خليفة بن زايد لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مصر، بهدف توفير فرص عمل لقطاع واسع من الشباب، وهو ما قد يتم تخصيصه للتعليم أو للصحة أو للإسكان وغيرها، بما يؤدي إلى تغيير الصورة الذهنية عن الإمارات إزاء "مصر الجديدة"، لاسيما وأن التصورات الإعلامية عادة ما تكون محملة بقدر من الخيال فيما يتعلق بسوء العلاقات المصرية الإماراتية في مرحلة ما بعد الثورة.

وفي هذا السياق؛ فإن إستراتيجية "الاشتباك المصلحي" هي الأكثر فعالية فيما يتعلق بالعلاقات الخليجية المصرية، عبر رسم مسارات جديدة للمصالح الوطنية في أبعادها المختلفة، وتقليص التهديدات التي تواجه هذه المصالح، بما يعود بالمنافع، ويقلل من التكاليف بالمفهوم الاقتصادي للجانبين.

aymaan noor 10-09-2012 10:39 PM

الأردن: بريق إخواني وعدائية سلفية
 
الأردن: بريق إخواني وعدائية سلفية
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/Urdun.jpg
محمد الفضيلات
يشكل المسلمون 97 في المئة من عدد سكان الأردن البالغ عددهم، وفق أرجح الإحصائيات، ستة ملايين نسمة. يصفُ 90 في المئة منهم أنفسهم بـ "المتدينين" أو "المتديّنين إلى حدّ ما"، بحسب استطلاع أجراه مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية ضمن مشروع قياس الرأي العام العربي "الباروميتر العربي" للعام 2011.

يرى 52 في المئة من المستجيبين للاستطلاع أن الممارسات الدينية هي "ممارسات خاصة يجب تفريقها عن الحياة الاجتماعية والسياسية"، في مقابل معارضة 41 في المئة من المستجيبين للعبارة ذاتها. بعيداً عن لغة الأرقام، يُلتمس دور الدين كلاعب رئيسي في البنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الأردني، ويتباين أثره وفقاً للتباين بين التيارات الإسلامية المتنافسة.

"الإخوان المسلمون"، تيار "عائلي" محكوم بنشأته"

لا يزيد عدد المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن على 15 ألف مبايع يتوزعون على35 شعبة منتشرة في جميع المحافظات الأردنية. رقمٌ يؤهل الجماعة لتكون التيار الديني الأكبر في البلاد. غير أن أثر التيار يمتد إلى أكبر من الرقم المعلن، إذ أحصي – بشكل غير رسمي - جمهور يزيد على المئة ألف من غير المنظمين، يستفيدون في غالبيتهم من الخدمات التي تقدمها الجماعة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، فيما يتفق آخرون معه سياسياً. تعود نشأة الجماعة في الأردن إلى عام 1945، حين اتصل المراقب الأول لها، السوري الأصل عبد اللطيف أبو قورة، بالمؤسس حسن البنا في مصر بمبادرة فردية.

وظهر الفلسطينيون في فترة التأسيس كواجهة للجماعة حيث احتلوا غالبية المناصب القيادية فيها، وكانوا كوادرها الأوائل. ما زاد من انتماء الفلسطينيين للجماعة كان مشاركتها في حرب فلسطين في العام 1948 بـ"سريّة أبو عبيدة عامر بن الجراح" التي كان قوامها 120 رجلاً بقيادة المراقب أبو قورة.

غير أنّ العام 1953، الذي شهد اندماج الجماعة في فلسطين مع الجماعة في الأردن، أرّخ لإضفاء صفة التيار "الفلسطيني" على جماعة الإخوان المسلمين. فالتنظيم في الأردن كان أقل عدداً وتنظيماً، لعجزه عن اختراق المجتمع المتمترس خلف القيم العشائرية، والأقل حداثة وانفتاحاَ من المجتمع الفلسطيني في حينها.

وبعد 67 عاماً على نشأة الجماعة التي تقلب عليها خمسة مراقبين، بينهم مراقب واحد من أصول فلسطينية، لا تزال هذه محكومة بنشأتها، فينظر إليها كممثل وقائد للأردنيين من أصول فلسطينية. وما يعزّز تلك النظرة، حضور الجماعة في التجمعات السكانية التي يقطنها الأردنيون من أصول فلسطينية، لا سيما في العاصمة عمّان ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي توصف بـ"الحدائق الخلفية للإخوان".

تخترق جماعة الإخوان المسلمين الطبقات الاجتماعية، فينتمي إليها الفقراء والمعدمون إلى جوار الأثرياء والبرجوازيين. في المجتمعات الفقيرة، يبدو أثر الجماعة أكثر وضوحاً، إذ ساهم ما تقدمه "جمعية المركز الإسلامي"، الجناح الخيري للجماعة، من المعونات والتبرعات العينية والنقدية، في اجتذاب المزيد من المنتمين للجماعة أو المناصرين لها. وتُلزم الجماعة أبناء الأسر المستفيدة من الخدمات، بالحضور إلى مؤسساتها التي يتلقون فيها "تربية إخوانية"، حيث يتم إعدادهم كمبايعين مفترضين مستقبلاً.

وبحسب برقية صادرة عن السفارة الأميركية في عمان بتاريخ 1 تشرين الاول /أكتوبر2009، سرّبها موقع ويكيليكس بتاريخ 30 آب/أغسطس 2011، فإنّ "جمعية المركز الإسلامي"، التي أنشئت عام 1963 واستولت عليها الحكومة الأردنية في 2006، تقوم برعاية أكثر من 20 ألف يتيم، وتدير 55 مدرسة، ولديها أكثر من 3500 موظف. وقدّرت الوثيقة موجودات المركز، وفقاًً لتصريحات شخصيات إسلامية، بأكثر من مليار ونصف المليار دولار.

ينخرط الإخوان المسلمون الأردنيون في العمل بمختلف مؤسسات الدولة، فيما توفر الجماعة لأعضائها ممن لا يجدون فرص عمل في الجهاز الحكومي، فرصاً في مؤسساتها التي تمنحهم أولوية التوظيف. لذلك، يكاد يصبح ممكناً الجزم بأنه ليس بين أعضاء الجماعة من هو عاطل عن العمل.تُعلي الجماعة في الأردن، كغيرها في أماكن أخرى لانتشارها، من أهمية التماسك الداخلي، فتجنح نحو العائلية من خلال التعارف والتزاوج بين أبناء الجماعة، فتكون أكثر ترابطاً ومناعة ضد الانشقاقات.

التيار السلفي: أكثر صخبا، أقل تأثيراً

لم يكن المجتمع الأردني على تماس مع الدعوة السلفية قبل ثمانينيات القرن الماضي، تاريخ استقرار الشيخ ناصر الدين الألباني في العاصمة عمّان، حيث أخذ التيار من خلاله زخماً وأصبح له العديد من الأتباع والمريدين، من دون وجود إحصائيات لأعدادهم التي تقل بكثير وفقاً لتقديرات غير رسمية، عن عدد الإخوان المسلمين.

تمحورت الدعوة السلفية في عهد الألباني الذي كان بمثابة الأب الروحي والمسيطر على التيار، حول "تصحيح عقائد الناس وتنقيتها" ممّا علق بها من"بدع"، ما دفعهم للاشتباك مباشرة مع الثقافة الدينية التي كانت سائدة في المجتمع، فخاضت هذه الدعوة معارك مع التيار الصوفي وجماعة الإخوان المسلمين.
لم يتبلور التيار السلفي في عهد الألباني الذي توفي في العام 1999 بشكل تنظيمي، ما سهّل انقسامه بعد وفاة الشيخ إلى تيارين متناحرين، هما السلفية المحافظة التي واصلت التمسك بأفكار الألباني، والسلفية الجهادية التي ينظّر لها أبو محمد المقدسي.

ومثلما شكّل الفلسطينيون أساساً لنشأة جماعة الإخوان المسلمين، فقد كانوا الأساس أيضاً في نشأة التيار السلفي. غير أن التيار السلفي تخلّص سريعاً من عقدة النشأة التي رافقت "الإخوان"، مثلما تخلّص من وصفه كتيار للأردنيين من أصول فلسطينية بما أنه أصبح محسوباً على الشرق أردنيين، خاصة بعد ظاهرة "الشرق أردني" أبو مصعب الزرقاوي الذي تتلمذ على يد أبي محمد المقدسي، و*** في العراق في العام 2006 على يد القوات الأميركية، حيث كان يقود تنظيم "القاعدة".

يتوزع التيار السلفي في الأردن على ثلاثة أجيال. تشكَّل الأول الذي يؤرخ له بثمانينيات القرن الماضي من الهامشيين والفقراء، وتشكَّل الجيل الثاني الذي يؤرخ له بتسعينيات القرن الماضي داخل السجون، من ذوي السوابق الإجرامية المدنية التائبين، ما أضفى عليه صفة التشدد والعدوانية، قبل أن نصل إلى الجيل السلفي الثالث الذي بدأ بعد العام 2001 وضمّ فئات من المثقفين والأساتذة الجامعيين والأثرياء.
مع بروز التيار الجهادي وموقفه المتشدد إزاء الدولة، غاب السلفيون عن المؤسسات الرسمية، إذ يرفض أتباع هذا التيار العمل في الجهاز الحكومي في دولة يصفونها بـ "الكافرة"، بالتالي فغالباً ما يفضلون العمل في القطاع الخاص الذي يتناسب ومنطقهم العقائدي، أو إنشاء مشاريع خاصة بهم، فيما تستشري البطالة بينهم بشكل واضح من دون معرفة مصادر عيش العاطلين عن العمل.

يتمثّل التيار السلفي بعدد قليل من الجمعيات على غرار "جمعية الكتاب والسنة" التي تتلقى دعماً سخياً من السعودية، ويتمحور عملها في إيصال التبرعات للفقراء، من دون أن تتمكن حتى الآن من نشر الدعوة السلفية وسط الخلاف بين التيارات السلفية المتنافرة. ويحدّ من فاعليتها تضييق الدولة على أنشطتها.

يبدو أثر التيار السلفي بمختلف تسمياته جلياً في المجتمع الأردني، بما أن الصخب الذي يثيره حضور أتباعه الموصوفين بالصِداميين، لا سميا الجهاديين منهم، بات "ماركة مسجلة" باسمهم، حتى أنه يكفي خروجهم في اعتصام علني حتى تندلع مواجهات بينهم وبين عناصر الأمن، وهو ما يكفي لإثارة الخوف في قلوب المواطنين.

كما يترك تمسكهم المتشدد بإطالة اللحى، وارتداء الثوب القصير فوق كعبَي القدمين، والحديث باللغة الفصحى، وتحريم الأغاني والموسيقى والاختلاط بين ال***ين، نفوراً اجتماعياً يعززه الخوف منهم حتى لدى المتديّنين من المواطنين. خوفٌ يعبر عنه الأردنيون بسؤال غالباً ما يتكرر على ألسنتهم: "ماذا لو حكَمنا السلفيون".

تيارات خارج الصراع

الساحة الدينية في الأردن ليست حكراً على جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي، إذ تنضمّ إلى جوارهما الطرق الصوفية التي تتربع في المركز الثالث من حيث الانتشار، إضافة إلى "جماعة التبليغ والدعوة"، والتيار الشيعي وغيرهم. غير أنّ الإخوان والسلفيين يحتلون المساحة الأوسع في حوارات المجتمع الأردني، فيما تواصل الطرق الصوفية التي تلاقي انتشاراً بين أثرياء الأردن، نشاطها بصمت دون دخول معترك الاستحواذ على جمهور المسلمين، مثلها مثل "جماعة التبليغ والدعوة". ويفضّل أتباع التيار الشيعي الذين تقدِّر احصائيات غير رسمية عددهم بـ 3 آلاف، البقاء في الظل مع تنامي كراهية خطيرة ضدهم نتيجةً العوامل السياسية والإقليمية المعروفة.

أبو إسراء A 11-09-2012 07:11 AM

ذكر نشأة السلفية فى الأردن فى الثمانينات يفتقد إلى التحقيق العلمى ، فالسلفية منهج قديم بقدم الإسلام نفسه ، و ظهورها كمدرسة كان فى القرن الثالث الهجرى بظهور مدرسة أهل الحديث و الأثر فى مواجهة مدرسة المعتزلة التى قدمت العقل على النقل ، و فى العصر الحديث تبلورت السلفية فى القرن الثامن عشر الميلادى على يد محمد إبن عبد الوهاب ، و قبلها فى القرن السابع الهجرى على يد ابن تيمية ، فهل كانت الشام بمنأى عن السلفية كل هذه القرون ؟ !

يقول الكاتب
:
(كما يترك تمسكهم المتشدد بإطالة اللحى، وارتداء الثوب القصير فوق كعبَي القدمين، والحديث باللغة الفصحى، وتحريم الأغاني والموسيقى والاختلاط بين ال***ين، نفوراً اجتماعياً يعززه الخوف منهم حتى لدى المتديّنين من المواطنين. خوفٌ يعبر عنه الأردنيون بسؤال غالباً ما يتكرر على ألسنتهم: "ماذا لو حكَمنا السلفيون".)
تجد تحامل من الكاتب على سلفيى الأردن فى هذا الكلام ، و هو تحامل فى غير محله فما ذكر لا يخرج عن كونه سنن عن النبى صلى الله عليه و سلم ، أو أمور محرمة تركها السلفيون .

راغب السيد رويه 11-09-2012 08:52 AM

الساحة الدينية في الأردن ليست حكراً على جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي، إذ تنضمّ إلى جوارهما الطرق الصوفية التي تتربع في المركز الثالث من حيث الانتشار، إضافة إلى "جماعة التبليغ والدعوة"، والتيار الشيعي وغيرهم. غير أنّ الإخوان والسلفيين يحتلون المساحة الأوسع في حوارات المجتمع الأردني، فيما تواصل الطرق الصوفية التي تلاقي انتشاراً بين أثرياء الأردن، نشاطها بصمت دون دخول معترك الاستحواذ على جمهور المسلمين، مثلها مثل "جماعة التبليغ والدعوة". ويفضّل أتباع التيار الشيعي الذين تقدِّر احصائيات غير رسمية عددهم بـ 3 آلاف، البقاء في الظل مع تنامي كراهية خطيرة ضدهم نتيجةً العوامل السياسية والإقليمية المعروفة.



جزاك الله خيرا وبارك فيك

أبو إسراء A 11-09-2012 03:00 PM

ص
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو لميس (المشاركة 4835445)
الساحة الدينية في الأردن ليست حكراً على جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي، إذ تنضمّ إلى جوارهما الطرق الصوفية التي تتربع في المركز الثالث من حيث الانتشار، إضافة إلى "جماعة التبليغ والدعوة"، والتيار الشيعي وغيرهم. غير أنّ الإخوان والسلفيين يحتلون المساحة الأوسع في حوارات المجتمع الأردني، فيما تواصل الطرق الصوفية التي تلاقي انتشاراً بين أثرياء الأردن، نشاطها بصمت دون دخول معترك الاستحواذ على جمهور المسلمين، مثلها مثل "جماعة التبليغ والدعوة". ويفضّل أتباع التيار الشيعي الذين تقدِّر احصائيات غير رسمية عددهم بـ 3 آلاف، البقاء في الظل مع تنامي كراهية خطيرة ضدهم نتيجةً العوامل السياسية والإقليمية المعروفة.



جزاك الله خيرا وبارك فيك

الكاتب لبس بقصد أو بدون قصد بمقولة التيار الشيعى بالأردن ، فلا يعرف تيار شيعى بالأردن ، فهذه الدولة خالية من الشيعة ، و لكن يوجد قليل من المتشيعة ، و ليسوا تيارا ، فكلمة تيار مبالغة .


من المعروف أن عبد الله بن سباء اليهودي
هو اول من جاء بمذهب الشيعه وليس علي رضي الله عنه
.

aymaan noor 16-09-2012 12:14 AM

انتفاضةُ رغيف الخبز أم صراعٌ على السّلطة؟
 
انتفاضةُ رغيف الخبز أم صراعٌ على السّلطة؟
http://www.jadaliyya.com/content_images/3/idrab.jpg
هاني المصري
الذي يجري في الضفة الغربيّة، ومن يقف وراء الاحتجاجات الواسعة والشعارات الحادّة والاضرابات العامّة؟. هل بدأ الربيعُ الفلسطينيُّ في مواجهة الغلاء ومن أجل الرواتب، كما قال الرئيس أبو مازن، أم أنّ ما يجري مجرد ارتدادات طبيعيّة لزلزال الغلاء العالمي، أم أنّ الأمر صراعٌ على السلطة استغلّ الغلاء والضرائب والبطالة والفقر؟. هل ما يجري "بروفة" لانتفاضة قادمة ضد السلطة أو ضد الاحتلال؟. هل نسي ابن الضفة الاحتلال والعدوان والاستيطان ولم يعد يحركه سوى الهموم المعيشيّة؟.

حتى نستطيع الإجابة عن هذه الأسئلة، لابد من ملاحظة الالتزام المطلق من السلطة بحريّة التعبير والمظهر الحضاري الذي سلكته الشرطة والأجهزة الأمنيّة إزاء الحراك الاقتصادي، حيث دافع الرئيس ورئيس حكومته عن حق الشعب الفلسطيني في التحرك ولم تعترض الشرطة وأجهزة الأمن ولم تحرك ساكنًا، حتى عندما قام بعض المتظاهرين بقطع الطرق وحرق الإطارات والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة، وبالرغم من أن الشعارات المرفوعة والهتافات التي تتردد طالت بحدة غير مسبوقة برحيل الحكومة ورئيسها ووصفته بأشد الصفات.

ولوحظ أن أوساطًا فاعلة من "فتح" شاركت بفعاليّة، إن لم نقل إنها المحرك الرئيسي للأحداث، ما اعتبره البعض تجديدًا وإصلاحًا في "فتح"، فيما اعتبره البعض محاولة لركب الموجة لحصد الأصوات عشيّة الانتخابات المحليّة، فيما اعتبره آخرون "محاولة نضاليّة" لإلغائها نظرًا للصعوبات التي تواجهها "فتح" في تشكيل القوائم الانتخابيّة، خصوصًا في المدن الرئيسة، ووجود منافسة شديدة لـ"فتح" داخليّة وخارجيّة، وتشكيل عشرات القوائم الخارجة عن القرار المركزي بالرغم من تهديدات اللجنة المركزيّة بفصل كل من يرشح نفسه بشكل فردي.

بالرغم من البعد الاقتصادي المحرك للأحداث، وأن هناك الكثير مما يمكن عمله لتصحيح الخلل والأخطاء للسياسة الاقتصادية والاجتماعية للسلطة، وتخفيف حدة الأزمة عن الفئات الفقيرة والعاطلة عن العمل، إلا أنه لا يمكن تفسير ما يجري إلا بوصفه أحد تجليات الأزمة العامة التي تضرب بأطنابها كل المستويات والقضايا، وأحد أسبابها الخشية الفلسطينيّة بصورة عامة، وخشية الرئيس و"فتح" بصورة خاصة، من تداعيات الربيع العربي، وما رافقه من صعود للإسلام السياسي، خصوصًا في مصر، وما أدى إليه ذلك إلى المزيد من تهميش القضيّة الفلسطينيّة وتحفيز إسرائيل للإسراع في تطبيق المخططات التوسعيّة والاستيطانيّة والعنصريّة، وسط تأكد انهيار "عمليّة السلام"، وغياب أي أفق سياسي لإحيائها على المدى المنظور، وفي ظل الانقسام الفلسطيني المدمر، وانتقاله شيئًا فشيئًا إلى مناطق أخرى وإلى الضفة الغربيّة وقطاع غزة وداخل صفوف "فتح" و"حماس".

إن جذر الأزمة يعود إلى غياب أي رؤية أو خطة أو إستراتيجيّة لدى السلطة أو القيادة أو "حماس" بعد وقف المفاوضات، وانهيار "عمليّة السلام"، وتعليق المقاومة، بحيث أصبح الصراع على القيادة والتمثيل والسلطة يطغى على أي شيء آخر.

وما زاد الطين بلة أن السلطة تبدو مشلولة من دون شرعيّة ولا أفق سياسي، ولا تجد ما تقوله أو تفعله. فخطة بناء المؤسسات وإثبات الجدارة كطريق لإنهاء الاحتلال وصلت سقفها الزمني وفشلت، ولم تجددها السلطة أو الحكومة ولم تطرح خطة جديدة. وشعار تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجيّة وصولًا إلى الاستغناء عنها كليًّا في العام 2013 تهاوى في ظل صرخات السلطة التي تتردد حاليًّا لاستدعاء المساعدات الخارجيّة لإنقاذها من الأزمة الاقتصاديّة والماليّة المتفاقمة. وخطة مقاطعة الاستيطان سحبت من التداول مع أنها أحرزت خطوات ملموسة. وغدت المقاومة الشعبيّة شعارًا أكثر ما هي خطة، وأصبحت عبارة عن مظاهرات محليّة في القدس وبعض مناطق (ج) تصطدم مع الاحتلال، ومظاهرات داخل المدن لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تؤثر على الاحتلال شيئًا.

أما خطة التدويل، فتخطو فيها السلطة خطوة إلى الأمام وتعود اثنتين إلى الوراء، فبعد الخطاب التاريخي للرئيس في الأمم المتحدة، الذي كان من المفترض أن يكون البداية وليس النهاية، عدنا إلى نقطة الصفر وأضعنا عامًا كاملًا. وأخذنا نتحدث الآن عن التحضيرات والتشاور مع الدول والمنظمات الإقليميّة، وعن تحديد التوقيت المناسب لعرض مشروع القرار على التصويت للحصول على عضويّة مراقبة لدولة فلسطين من دون إستراتيجيّة متكاملة، ووسط الخشية من التهديدات الأميركيّة والإسرائيليّة بمعاقبة السلطة إذا أقدمت على هذه الخطوة، وبالرغم من أن المقدمات لا تشير إلى توجهنا فعلًا إلى مجابهة مع حكام واشنطن وتل أبيب، وإذا كنا كذلك، فلماذا لا نصارح الشعب بعدم قدرتنا على المجابهة، وما الذي أوصلنا إلى هذا المصير؟، أو لماذا لا نستعد للمواجهة ونحضر الشعب لها، هذا الشعب المستعد للتضحية إذا كان هناك هدف يستحق التضحية وليس من أجل سلطة تبدو فاقدة الاتجاه، وهي أحد الترتيبات التي أقامها الاحتلال لإعفائه من مسؤولياته؟.

السلطة إما أن ترحل أو تعيد النظر في شكلها ووظائفها والتزاماتها؛ لتصبح أداة في يد المنظمة والمشروع الوطني، فلا يكفي تقديم "كبش فداء" إذا كان رئيس الوزراء أو غيره. فالمطلوب تغيير نهج وسياسات وأشكال عمل وأشخاص وعودة إلى المقاومة.

إن خطاب السلطة وأوضاعها وتوتر الأوضاع الداخليّة بين "فتح" و"حماس" والأزمة الاقتصاديّة تجعل الشعب يخشى التدويل وأي مجابهة، لأنه يقف عاريًا من دون مقومات صمود ولا أسلحة، ويواجه أزمة اقتصاديّة وسياسيّة واجتماعيّة شاملة، فكيف إذا نفذت الإدارة الأميركيّة والحكومة الإسرائيليّة تهديداتهما إذا قدمت السلطة طلب الحصول على العضويّة المراقبة أو إذا فعّلت طلبها للحصول على العضويّة الكاملة.

الحصول على العضويّة المراقبة لوحده لا يعني شيئًا، خصوصًا أن المنظمة حصلت على العضويّة المراقبة منذ عشرات السنين، وإنما يجب أن يكون صدى لمعارك أخرى تجري أساسًا في فلسطين المحتلة، فالدولة لن تقام في نيويوك، وإنما في وديان وجبال وسهول فلسطين، وعندما يصبح الاحتلال مكلفًا جدًا لإسرائيل، وليس كما هو الآن "احتلال خمس نجوم".

ولا يكتمل تفسير ما يجري في الضفة من دون وضعه في سياق الصراع الجاري والمتزايد في الأشهر الأخيرة على السلطة في الضفة وعلى البرنامج الذي يجب اعتماده، بين الرئيس و"فتح" من جهة ورئيس حكومته من جهة أخرى، حيث يضيق أبو مازن ذرعًا أكثر وأكثر من سلام فيّاض، ويبدو أنه يريد التخلص منه ولكنه يخشى العواقب، لأن هذا ليس قرارًا اقتصاديًّا فقط.

كان يبدو أن الفرصة توفرت للتخلص من فيّاض بعد "إعلان الدوحة"، ولكنها ضاعت بانهياره، ويبدو الآن توافر فرصة أخرى، ولكنها معرضة للضياع وسط عناد فيّاض وتمسكه بمنصبه بالرغم من استعداده للاستقالة إذا كانت استقالته هي الحل، فكما قال إنه ليس عنوان الأزمة، وهو ليس موظفًا، وإنما مكلف بمهمة لم تنته، وإنه سيرحل إذا أقاله من عيّنه أو إذا وجد أن الشعب يريد رحيله، وهذا لن يظهر إلا بعد إجراء انتخابات يعبر فيها الشعب عن إرادته الحرة.

كأن لسان فيّاض يقول: إذا أردتم التخلص مني فليطلب الرئيس ذلك بصراحة، أو لتسحب "فتح" الغطاء عني. إن هذا الموقف الذي يتعرض له فيّاض منذ توليه رئاسة الحكومة في عهد الانقسام يسيء إليه ويصعب تفسيره.

فلقد ظهر فيّاض باعتباره العقبة الرئيسيّة أمام إنهاء الانقسام، بالرغم من أنه مجرد عقبة من ضمن قائمة طويلة من العقبات، وكان عليه أن يستقيل استقالة نافذة منذ فترة، على الأقل منذ توقيع اتفاق القاهرة؛ ليدلل على أنه ليس العقبة أمام الوحدة.

ويظهر الآن أكثر وأكثر بوصفه مفروضًا من الخارج، فإذا كان الرئيس لا يريده، وكذلك "فتح" و"حماس"، وليس لديه حزب سياسي قوي يدعمه، فعلى ماذا يستند فيّاض، ولماذا يعاند؟!

الاستغناء عن فيّاض لا يتطلب إطلاق ثورة اقتصاديّة أو توظيفها بعد اندلاعها، بل يمكن أن يقيله الرئيس أو يطلب منه الاستقالة، أو يبادر هو بالاستقالة، لأن الوضع الفلسطيني حرج جدًا، ولا يحتمل المزيد من الصراع على السلطة، ولا محاولة حل الأزمة العامة بحلول جزئية أو تقديم كبش فداء.

من حق فيّاض أن يطمح للعب دور سياسي مستقل ومختلف عن الرئيس و"فتح"، ولكنه لا يستطيع فعل ذلك من موقع منصبه كرئيس للحكومة التي تعتبر حكومة الرئيس وتحظى بشرعيّة ودعم من "فتح".

في كل الأحوال، أُحَذِّرُ من الانزلاق إلى الفوضى بفعل بعض الأطراف الفلسطينيّة أو بانفلات الأمور، وتدخل أطراف أخرى. فهناك فرق حاسم بين حرية التعبير والنضال المطلبي أو الثورة ضد الاحتلال وبين الفوضى، وجربنا واكتوينا بنار الفوضى والفلتان الأمني مرارًا وتكرارًا، وليس هناك داعٍ لتجربة جديدة تأكل الأخضر واليابس، لأن المعطيات المتلاحقة تشير إلى مخطط يرمي إلى إعادة صياغة السلطة لكي تقبل بالمعروض عليها، ولو ارتضى الأمر أن تبقى على حافّة الهاوية حتى تخضع، أو تغيير الرئيس وقياداتها، وإلا فلتذهب إلى الجحيم. هل نعي خطورة ما نواجهه ونستعد لمواجهته بشعب واحد ومؤسسة جامعة وقيادة واحدة ومشروع وطني شامل؟

aymaan noor 18-09-2012 08:27 AM

انتفاضة الدفاع عن الرسول بين لوع جماعة الإخوان ومقاومة الاستعمار
 
انتفاضة الدفاع عن الرسول بين لوع جماعة الإخوان ومقاومة الاستعمار
http://arabic.jadaliyya.com/content_...9%8A%D8%A9.jpg
Mohamed Waked
لا يسع من يتابع تطورات الأحداث المترتبة على الفيلم المسيء للرسول في مصر والعالم العربي إلا أن يشعر بحسرة شديدة على ما آلت إليه أحوالنا، بعدما كشفته عبثية الأحداث من تدني مستوى الوعي المهيمن في البلاد ومحدودية قدرات القائمين على الأمور فيها. وقد استفاض الكثير من الزملاء في تحليل ردود الأفعال على هذا الحدث بالفعل. منهم من أشار إلى أن مجريات الانتفاضة التي أعقبت الفيلم ساهمت في نشر فيلم تافه يعيب في الرسول في كل أرجاء العالم تحت إدعاء مناهضته. فلا أظن أننا شاهدنا فيلماً راج بهذا الشكل في خلال العقد الأخير، بما في ذلك الأفلام الجيدة والمثيرة، فما بالنا بمقاطع فيديو شديدة البلاهة. ومن هنا فلابد وأن منتجي هذا الفيلم المفترض يشعرون بالإمتنان الشديد لانتفاضتنا الغاضبة بعدما أسهمت في نشر فيلمهم التافه على أوسع نطاق ممكن. فلولا انتفاضاتنا لما شاهد هذه المقاطع أكثر من عشرة أفراد، كانوا سيضحكون عليه في النهاية.

أما الآن فيعتبر الكثيرون من مواطني الدول غير الإسلامية من قاموا بإنتاج هذا الفيلم من أبطال حرية الرأي والتعبير الذين يناضلون ضد قوى الظلام. ومن هنا يتضح للأسف أن ردود الأفعال العربية هي التي تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية والدينية على نشر فيلم أبله على هذا النطاق الواسع، وما اشتمل عليه من إساءة للرسول، وتمكين فيلم عبيط من إضفاء قدسية "الحريات" على مضمون تافه. كذلك تعرض عدد من الكتاب من قبلي إلى ما أنطوت عليه ردود الأفعال من أسواء دعاية ممكنة للإسلام والرسول، ساعدت في النهاية من زيادة النفور من الدين الإسلامي في العالم، وليس العكس كما ظن القائمون عليها.

كما ارتكزت معظم ردود الأفعال الغاضبة على بديهيات شديدة العنصرية تجيز معاداة دول وشعوب كاملة على أساس ما يقوله عشرة أفراد أو أكثر قليلاً. ولم يقتصر ذلك على إدانة المجتمع الأمريكي بأسره، وتحميله مسؤولية أفعال عشرة أشخاص سفهاء، وإنما تجاوزت ذلك إلى التعميم على كل ما هو أبيض أو غربي أو مسيحي. فعلى سبيل المثال لا الحصر، عندما لم تجد القوى الإسلامية في إيران مؤسسات أمريكية تتظاهر أمامها قامت بالتظاهر أمام سفارة سويسرا في طهران. في حين حاولت القوى الإسلامية في السودان حرق سفارتي بريطانيا وألمانيا احتجاجاً على فيلم مسيء للرسول يفترض أنه نشر في أمريكا. ونجحت بالفعل في إشعال النيران في السفاراتين. وناب مسيحيو مصر جانب من هذا التعميم بالطبع، وصل ذروته في قيام المتظاهرون الذين شاركو في مليونية التحرير أمس الأول بكتابة شعارات شديدة العنصرية والتدني على سور كنيسة الدوبارة، التي طالما ساعدت كل المتظاهرين وقدمت لهم العون في أثناء كل الاعتصامات، مسلمين ومسيحيين، ولذلك عرفت بإسم كنيسة الثورة.

دور الإخوان

وعلى الرغم من أهمية ما تقدم، يظل الدور الطفولي الذي لعبته جماعة الإخوان في هذه الملحمة هو أهم ما فيها. فقد لعبت الجماعة دوراً أساسياً في تأجيج مشاعر الغضب ودفعها نحو التظاهر أمام السفارة قبل أن تتراجع وتدين المتظاهرين، ثم تبرر اعتقالهم في وقت لاحق. وأدى تخبطها الشديد إلى إلحاق الضرر بها وبنا جميعاً. فلا يوجد شك أن الجماعة خسرت الكثير من جراء تخبطها وأخطائها ومن ورائها الدولة المصرية، حتى وإن ظنت أنها كسبت المعركة الطائفية المحلية. وعلى الرغم من تعدد مستويات الخطأ الذي ارتكبته الجماعة في حق نفسها، وتجلياته، إلى أن أحداً لم يتوقف عند تدعياته بالشكل الكافي.

فأول ما يلاحظ هنا أنه يحق طبعاً للجماعة من حيث المبدأ أن تدعو للغضب ضد فيلم يسيء للرسول. لكن جرت العادة أن الابتعاد عن التعميم العنصري يفيد القضية أكثر من التعميم العنصري الذي يوسع الحرب إلى نطاق حضاري أكبر من اللازم. وحتى لو قبلنا بالحق في التعميم في هذه الحالة من باب "فاض بنا الكيل،" تبقى إشكالية تقديم نفس الحق للجانب الآخر على طبق من ذهب. وهنا يبرز سؤال أساسي: كيف ستتعامل الجماعة مع التعميم المضاد ضد كل المسلمين الذي يجيده اليمين الغربي؟ هل طورت رؤية معينة للتعامل مع ذلك؟ وهل لديها خطط محددة؟ أم ستترك الأمر للظروف؟ وهل تريد هذه المواجهة أصلاً؟

وعلى نفس المنوال، طالبت قيادات الجماعة الغرب بتغيير قوانينه بما يمنع ازدراء الأديان، وفي هذا قبول بالتدخل في شؤون الآخرين ينتهي بضرورة قبول الجماعة هي الأخرى ببديهية فرض قييم ثقافية غربية على القوانين المصرية--فهل هي مستعدة لقبول ذلك؟ أم ستناضل من أجل قصر التدخل في شؤون الآخرين فيما يخص الدين وحده؟ وكيف ستفرض تحديد التدخل في نطاق ازدراء الأديان فقط؟ هل لديها كروت ضغط غير مهاجمة السفارات؟ وهل تعي شكل الخريطة العالمية أصلاً، التي لا تحصر الأديان في شيء أسمة الديانات السماوية؟ بمعنى، هل ستمنع إزدراء بوذا و"الأصنام" الهندوسية في مصر؟

مثل هذه التساؤلات تفرضها الاستحقاقات المنطقية لموقف الجماعة. لكن كالعادة تزول هذه الاستحقاقات في ميزان القوة--فهل ميزان القوة في صالح الجماعة؟ أم كان أجدى بها أن تتجاهل الفيلم وتتركه يموت تحت تفاهة مضمونه؟ الإجابة العقولة الوحيدة في هذه الظروف هي أن نهج التحدي الذي انتهجته الجماعة هو، بغض النظر عن المنطق واستحقاقاته، مقبول فقط من منطلق مقاومة الاستعمار، الذي لا يرهن الفعل المقاوم إلى منطق ميزان القوة. فمنطق المقاومة هو المنطق الوحيد الذي يفسر مهاجمة سفارات ألمانيا وبريطانيا في الخرطوم بشكل مقبول وشرعي تماماً، على أساس أن لهذه التحركات الغاضبة مشروعية واضحة منبثقة عن عداء هذه الدول لشعب السودان ودعمها لاستعماره والاستحواذ على ثرواته. لكن أي منطق آخر غير منطق المقاومة سيجر الجماعة نحو الاستحقاقات المنطقية سالفة الذكر، وهي استحقاقات ينظمها الواقع العالمي لصالح الجانب الأقوى طبعاً، الذي هو أمريكا.

هذا إذن هو مربط الفرس ويفرض علينا سؤالاً بديهياً: هل تنوي الجماعة مقاومة أمريكا؟ فإذا كانت تنوي ذلك يصبح ما فعلته مقبولاً تماماً ويجب مساندته دون أي قيد أو شرط، أما إذا كانت تلعب لعبة "لوع" مع أمريكا فتكون قد خسرت كثيراً ويجب علينا توخي الحذر مما تفعله. وللأسف تؤكد كل المؤشرات على أنها تلعب لعبة "لوع" سخيفة تظن أن خطابها المزدوج سيكون قادراً على التغطية عليها، كما سيتضح بعد قليل.

مقاومة أمريكا

لا يوجد دليل على عدم نية الجماعة مقاومة أمريكا أقوى من تزامن حملة الإخوان لمناهضة أمريكا المفترضة مع زيارة وفد أمريكي أمني للتفتيش على حدود مصر مع غزة والتأكد من هدم الأنفاق. وتضمن ذلك قيام الأمريكان بالإعلان عن تركيب أجهزة متطورة لرصد تحركات القوات المصرية في سيناءـ وبرر وزير الدفاع الأمريكي ذلك قائلاً، "نحن فقط نريد التأكد من اننا نعرف كيفية تمركز هذه القوات (المصرية) لكى نصبح أكثر كفاءة وفاعلية فى مكافحة الإرهابيين." وفي هذا السلوك المهين (الذي أسسه نظام مبارك) تجاوز شديد على السيادة المصرية، تلتزم به جماعة الإخوان لما عليها من استحقاقات منبثقة عن التدخل الأمريكي لضمان نقل السلطة كاملة إليها. وتبع زيارة وفد التفتيش الأمريكي تحركات قلقة في غزة للمطالبة بعدم هدم كل الأنفاق إلا بعد إيجاد بدائل لإيصال الغذاء لغزة، ما يكشف نجاعة مجهودات هدم الأنفاق التي تشرف عليها أمريكا (على الرغم من أن بعض القوى تظن أن ما يحدث بخصوص هدم الأنفاق هو فيلم غير حقيقي). كما تزامن التصعيد ضد أمريكا والاحتشاد أمام سفارتها من أجل نصرة الرسول مع تصريح حزب النور، شريك الإخوان في التصعيد الأخير، بوجوب احترام اتفاقية السلام مع اسرائيل وقبوله للحوار معها من حيث المبدأ.

وعليه، كانت قيادات الإخوان تصعد ضد أمريكا في نفس ذات الوقت التي كانت تقوم فيه بضمان مصالح أمريكا طبقا لترتيبات حسني مبارك الخاضعة. في حين كانت قيادات السلف تصعد ضد أمريكا في نفس الوقت الذي كانت تطلق فيه مبادرات حسن نوايا تجاه إسرائيل. وتزامنا جانبا السلوك المزدوج معاً على نحو دقيق وكاشف، حيث خرجت الدعوة بالتظاهر ضد سفارة أمريكا في نفس يوم الإعلان عن التفتيش والقبول بالحوار مع اسرائيل.

نحن إذن لسنا بصدد مشروع مقاومة حقيقي، ولا يوجد على ما يبدو أي مجال لذلك. بل نحن أمام مشروع "لوع" تظن الإخوان أنها تستطيع من خلاله الضغط على أمريكا من أجل تحقيق مكاسب تفاوضية تضمن لها استقلالية نسبية، ذلك من جانب، وتسترضي من جانب آخر المشاعر الإسلامية حتى لا تفقد جماهيريتها في ظل وجود جماعات إسلامية على أتم استعداد للمزايدة عليها في هذا المجال. وهكذا فرضت عليها خيارتها الجؤ إلى خطاب مزدوج فشل في النهاية في إرضاء طرفي المعادلة: الشعب المصري والأمريكان.

هنا تبرز نقطاتنا هامتان، الأولى أخلاقية والثانية استراتيجية. أولاً، هل يحق للجماعة أن تقود الناس إلى هذه المواجهات وما تخللها من سقوط ضحايا وإصابات وأضرار مادية في حين أنها "لم تكن تنتوي" المواجهة أصلاً؟ ألم يكن عليها أن تخبر الناس بحقيقة رهاناتها؟ وهل تستطيع السيطرة على ما دشنته من تحرك أو تلوم من صدقوها؟ وثانياً، كيف تضمن الجماعة اتباع هذا النهج المزدوج دون أن تخسر الجانبين؟

منهجية "اللوع" وحدودها

بشكل تفصيلي، شاركت الجماعة بشكل مباشر وحثيث مع حزب النور ورموز الدعوة السلفية في تأجيج ردود الأفعال الغاضبة على الفيلم المسيء. بل هم الذين بدأوا هذه الحملة. حيث سخرت قنوات هذه الفصائل التلفزيونية كل طاقتها لشحن العواطف ذات الصلة وحشدها إلى التظاهر لنصرة الرسول أمام سفارة الولايات المتحدة الأمريكية يوم الثلاثاء الماضي. وهكذا دشنت فعاليات غاضبة خرجت في النهاية تماماً عن سيطرتها وتوقعاتها بعد أن صدقتها الجماهير. بمعنى آخر، لم تفكر هذه الجهات في "صرف العفريت" قبل تحضيره.

كما شاركت في هذه الحملة قيادات كبرى بالجماعة بشكل مباشر، مثل خيرت الشاطر وعصام العريان ومحمد البلتاجي، وهي من قيادات المستوى الأول، وما يقولونه يمثل الجماعة. وعليه فما نتابعه الآن من دراما حزينة تخللها استشهاد مواطنين، وإصابة ثلاثمائة، واعتقال ثلاثمائة آخرين، أتت نتاج حسابات خاطئة تماماً من أعلى قيادات الإخوان، لا من تصرف عاطفي لكوادر وسطى أو قواعد الجماعة.

على سبيل المثال، أشاد خيرت الشاطر في البداية بالمظاهرات ضد أمريكا بشكل لا يتحمل تأويلاً مغايراً، ما أنطوى على دعوة للمتابع بضرورة المشاركة فيها. في حين صرح عصام العريان أن "مطالبنا اليوم محاسبة من وراء الفيلم واتخاذ اجراءات دولية قانونية لمنع اﻹساءة لكل اﻷديان والمقدسات، الدين ليس اقل من محرقة الهولوكست." وهذا يعني أنه عرف نفسه على أنه جزء من المظاهرات حينما استخدم لفظ "مطالبنا اليوم،" وفي الضمير المستخدم إدعاء واضح بملكية التظاهرات.

وعلى الرغم مما في ذلك من افتراضات من نوع المطالبة في التدخل في شؤون الدول الأخرى، وما يتبع ذلك من استحقاقات مضادة، إلا أنه في حد ذاته حق هؤلاء لو كانوا ينوون المقاومة كما قلت من قبل. إما إذا كان ما يفعلونه مجرد محاولة للضغط لا المقاومة فيضرها ما أنطوت عليه هذه التصريحات من مغالطات شديدة لا تليق بمقام قيادات على مستواهام.

على سبيل المثال لا الحصر، تنتشر بالمجتمعات الغربية الأفلام والمقالات التي تسخر من المسيحية بمعدل مئات أضعاف المقالات التي تسخر من الأديان الأخرى. وعليه فمبدأ معاملة الدين الإسلامي بالمثل (في هذه الحالة تحديداً) لا معنى له سوى الإكثار من السخرية من الإسلام. وكان أجدى بهم التركيز على التمييز ضد الملسمين واحتلال أراضيهم والنفاق الجاري بخصوص الإسلام في الدول الغربية، لا التطرق لمبدأ إزدراء الأديان من حيث المبدأ. كذلك تنطوي هذه المقولات على افتراض أنه يحق لدولة مثل مصر أن تفرض على دولة مثل أمريكا أن تشرع ما يلزم لمنع إزدراء الأديان كما يحدث في مصر، وهو افتراض غير واقعي بالمرة. وعلى نفس المنوال، إنطوت تصريحات العريان، وهو مستشار الرئيس للشؤون السياسية، عن جهل شديد بمؤسسة الهولوكوست. فأولاً، لا علاقة للقوانين الخاصة بالهولوكوست بالدين اليهودي. بل هي قوانين تجرم إنكار الهولوكوست على خلفية مآساة إبادة يهود أوروبا التاريخية. بمعنى آخر، هي قوانين نابعة من التجربة التاريخية للدول التي تعمل بها. وعليه فلا مجال للمقارنة بين الفيلم والهولوكوست أصلاً، والقيام بذلك يدعو للضحك. والأهم من ذلك هو أن هذه القوانين يعمل بها في عدد محدود جداً من الدول الأوروبية التي تورطت في محرقة اليهود، وليس من بينها أمريكا. وعليه فكأن العريان يطالب أمريكا بتطبيق شيء تطبقه بالفعل، استناداً لمقارنة غير منطقية. وبكل تأكيد سيصعب على الجمهور الأمريكي فهم ما يعنيه أصلاً. كذلك لا يوجد شك أن العريان نفسه لا يستطيع تطبيق مطلبه، حيث من غير الوارد أن يطبق قانون يمنع إنكار الهولوكوست في مصر، وعليه فماذا لو ردت أمريكا: "ماشي، نمنع ازدراء الرسول وتمنعوا التشكيك في الهولوكوست،" هل سيستطيع تطبيق ذلك؟

والأهم هو أن الجماعة اتفقت مع الأحزاب والمنظمات السلفية على التظاهر أمام السفارة الأمريكية يوم الثلاثاء الماضي، لكنها لم تشارك في المظاهرة وغابت رموزها عنها. هذا ما دفع نادر بكار إلى التصريح بأن الجماعة أخلفت وعدها لهم بعد ما وجد التيار السلفي نفسه وحيداً أمام السفارة ومعه فقط مجموعات صغيرة من أفراد الألتراس. وبدأ بعدها التيار السلفي فوراً في لوم الألتراس على اقتحام السفارة وحرق العلم الأمريكي والتنصل مما حدث. هكذا بدأت مشكلات الحديث المزدوج تتكشف.

ثم تعفف الرئيس مرسي عن إدانة اقتحام السفارة الأمريكية في القاهرة بشكل حاسم في أول الأمر، فعقد من علاقته مع أمريكا أكثر. فما كان من أوباما إلا أن رد عليه ب*** قائلاً، إن مصر ليست حليفة وليست عدوة. وهو أول تصريح أمريكي يضع مصر في مصاف "غير الحلفاء" منذ أربعة عقود. بمعنى آخر، أدى خطاب الإخوان المزدوج لرد فعل أمريكي مبني على تصديق أمريكا لجانب من جانبي خطاب الإخوان المزدوج، أو الجانب الذي يهم أمريكا.

وفي أعقاب تصريح أوباما قام الرئيس مرسي بالتنديد باقتحام السفارة بشكل حاسم وتلى ذلك تراجعات متسرعة من الجماعة بعدما تبين لهم خطورة اللعبة التي يلعبونها. حيث تراجعت الجماعة أولاً عن تأييد مليونية الجمعة في التحرير، على الرغم من أنها هي التي دعت لها، وحمل مانشيت جريدة الحرية العدالة يوم الخميس التأكيد على أن الجماعة ستتظاهر أمام المساجد الكبرى في حين أن قوى ثورية ستذهب إلى التحرير، على الرغم من أن معظم القوى الثورية لم تشارك في هذه التظاهرات أصلاً. فما كان من حزب النور إلا أن أصدر بياناً هو الآخر تراجع فيه عن مواقفه السابقة وطالب فيه المتظاهرين بالابتعاد عن السفارات على الرغم من أن نادر بكار كان من نجوم المظاهرة التي اقتحمت السفارة. وتوالت الفتاوى بحرمة التعرض للسفارات الأجنبية.

بعدها نشر الشاطر اعتذار ضمني في جريدة النيويوك تايمز، أهم جريدة أمريكية، باللغة الإنجليزية. وقام البلتاجي في نفس اليوم بالتنصل من التظاهرات قائلاً: "أحداث السفارة ينفق عليها نزلاء طره وينفذها النخانيخ،" وهو نوع من التنصل من الحدث ينطوي على تجريم القائمين به. وتابعه رئيس الوزراء بالتأكيد على تجريم المتظاهرين، مدعياً أن بعض المتظاهرين حصلوا على أموال لمهاجمة السفارة من جهات محرضة لا تريد لمصر الاستقرار، دون أن يفصح عنها. وفي ذلك تجريم مماثل للمتظاهرين يذكرنا بما كان يقال في حق الثوار في العهود السابقة على حكم الإخوان، وإعادة احياء لحدوتة "الطرف الثالث" الذي لا يعلن عنه أبداً. وأدى التنصل من هذه المظاهرات في النهاية إلى اقتراح خمسة مشروعات لقوانين تحد من حق التظاهر والإضراب، تبعه قيام الجمعية التأسيسية لوضع الدستور بإعادة النظر في المواد الخاصة بحق التظاهر. في حين بدأ بعض الكتاب الكبار، مثل فهمي هويدي، ينادون بضرورة مواجهة الصحف التي ابرزت العنصر الطائفي والإسلامي المتشدد في المظاهرات، مقترحين القيام بالرقابة على الصحف.

وهذا يعني أن الإخوان دفعوا في النهاية إلى شيء غير الذي بدأوا به تماما، بعد أن فرض عليهم ميزان القوة والاستحقاقات المنطقية لموقفهم الملاوع أن يواجهوا الشعب، لا أمريكا. ويبدو أن الإخوان لا يعون أنه لا يمكن لأحد أن يتحكم في مجريات التعبئة الشعبية والتسخين السياسي، "فدخول الحمام مش زي خروجه." ولا يفهمون أنه لا يمكن لهم أن يحتفظوا بخطاب مزدوج دون خسارة الجانبين، وهذا ما ظهر في رد فعل السفارة الأمريكية التي أكدت لهم أنها تتابع ما يقولونه بالعربي، من جانب، ومن جانب آخر في حجم الإصابات والاعتقالات التي واكبت الحدث. والأهم من ذلك هو أنه لا يحق للإخوان أن يدفعوا آخرين في مسار سيدينوه ويتبرأوا منه بعد يوم من اتخاذه لما في ذلك من عدم أمانة. ولن تجني الإخوان أي فائدة من جراء ذلك، فطريقة إدارتها للأمور أدت إلى فشلها في احتواء الجانبين فقط لا غير.

وفي النهاية، لا يحق للإخوان أن تلعب بخطاب مقاومة زائف لتبرير موقف مهادن من الاستعمار على الأرض. وما حدث يعني فقط أنها وضعت نفسها في موقف حرج سيتبعه تقديم المزيد من التنازلات للاستعمار، وليس العكس. ومن جانب آخر سيؤدي إلى قيامها بمواجهة القوى السياسية التي لن تمتثل لتقييد حقوق التظاهر والإضراب وحرية الرأي والتعبير--بعد أن أدى تخبط الجماعة لإجبارها على للتضييق على هذه الحقوق. فالخطاب المزدوج ليس خطاباً ذكياً وإنما يؤدي في النهاية إلى خسارة مزدوجة. ومن الأفضل للجماعة أن تحسم موقفها من مقاومة المشروع الأمريكي بشكل علني، حتى لا تخرج من أزمة محرجة لتدخل أزمة أكثر إحراجاً. وفي النهاية سندفع نحن ثمن هذا اللوع.

aymaan noor 18-09-2012 08:39 AM

دلالات العنف ضد الدبلوماسيين في الشرق الأوسط
 
دلالات ال*** ضد الدبلوماسيين في الشرق الأوسط
http://www.rcssmideast.org/media/k2/...2532657c_L.jpg
السفير د. عزمي خليفة
هل يسير التاريخ في اتجاهه للإمام؟ أم أنه يتحرك في شكل حلزوني ليكرر الأحداث كل فترة، حتى وإن كان يكررها تارة في شكل مأساة، وتارة أخرى في شكل ملهاة؟.هذا التساؤل شغل عددًا من المفكرين عبر التاريخ، ولكنه اكتسب بُعدًا خاصًّا مؤخرًا نتيجة ثورات الربيع العربي التي استدعت للذاكرة فكرةَ سلاسل الثورات في العالم، لاستجلاء القوانين الحاكمة لهذه السلاسل من الثورات

، ونتيجة عودة الإرهاب لاستهداف الدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية من خلال اغتيال القنصل الأمريكي في بنغازي بليبيا، ومن قبله اغتيال دبلوماسي جزائري في مالي التي أضحت معقلًا للقاعدة في المغرب العربي وشمال إفريقيا إلى جانب ليبيا والجزائر.

بدايةً، من المستبعد الأخذ بوجهة النظر التي ترى أن التاريخ يسير في شكل حلزوني لأن تكرار الأحداث -وإن تشابهت- لا يلغي تطور الخبرة الإنسانية في أسلوب التعامل معها، كما أنه لا يلغي أيضًا تطور الزمن نفسه، وما يطرأ عليه من تغييرات تكنولوجية وعلمية تغير من جوهر الحدث، فالمرء لا يمكنه الاستحمام في نهر واحد مرتين؛ وإلا فإننا نحكم على الحاضر والمستقبل بمرجعية الماضي، وهو ما ينطبق على الموجة الحالية من الاحتجاجات الجماهيرية والإرهاب الموجه إلى الدبلوماسيين والبعثات الأمريكية، فالعالم قد تغير عن الثمانينيات، والمعالجة أيضًا ستتغير عن ذي قبل.

أولًا: التاريخ وأحداث ال*** ضد الدبلوماسيين:

رغم أن تركيز الاحتجاجات الجماهيرية والإرهاب ممثلا في القاعدة على البعثات الدبلوماسية الأمريكية في مجمل دول الشرق الأوسط ردًّا على الفيلم المسيء للرسول الكريم والذي أنتج وصور في الولايات المتحدة بمشاركة من بعض المسيحيين المصريين بالمهجر؛ إلا أن من المهم الإشارة إلى أمرين هامين:

الأول: أن ال*** كظاهرة موجهة ضد الدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية ليس بظاهرة جديدة؛ فقد سبق وانتشرت الظاهرة في عصر الحرب الباردة؛ أي في نهاية عقد الستينيات وبداية السبعينيات من القرن العشرين، وقامت بها منظمات متطرفة في أيديولوجيتها اليمينية واليسارية على السواء، وإن اتفقت على مهاجمة دبلوماسيي وبعثات الغرب، احتجاجًا على سياسات بعض دوله، ومن هذه الأحداث اغتيال السفير الفرنسي ثم ملحق إداري للسفارة الفرنسية في بيروت عام 1982 في حادثتين منفصلتين، واغتيال مسئولين أتراك في لوس أنجلوس وبوسطن وجرح ثالث في أوتاوا، واغتيال الملحق العسكري الأمريكي في باريس عام 1982 بعد عدة أشهر من نجاة القائم بالأعمال الأمريكي من محاولة اغتياله.

هذه الموجة من الإرهاب شملت أيضًا عددًا من الدبلوماسيين المصريين مثل انفجار سيارة مفخخة أسفل منزل سكرتير ثاني السفارة ببيروت حمدي لوزا، وإصابة السفارة بصاروخ، وال*** الذي أصاب السفارة في أوغندا وأدى إلى نهب منازل بعض الدبلوماسيين المصريين، وأحداث ال*** التي شملت بعض الدول الإفريقية وانعكست سلبًا من الناحية الأمنية على عددٍ من الدبلوماسيين المصريين والبعثات الدبلوماسية إلى درجة وفاة عدد من الدبلوماسيين المصريين مثل السفير صلاح الدين كمال في الصومال، والسكرتير ثاني أحمد نمير خليل في باكستان، وأخيرًا السفير إيهاب الشريف في العراق.
الثاني: أن الجديد في ظاهرة ال*** الموجه ضد الدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية يتمثل في ازدياد عدد هذه الأحداث، وخطورة ما تؤدي إليه من تبعات ونتائج، مما يؤدي إلى تغييرات في طبيعة العمل الدبلوماسي تؤثر سلبًا على جوهر الوظيفة الدبلوماسية.

فمن ناحية تطور عدد الحوادث الإرهابية ضد الدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية، يمكن الاشارة إلى بعض المؤشرات التي تأتي في مقدمتها:

1- كان عدد هذه الأحداث عام 1970 قد وصل إلى 213 حادثا شمل دبلوماسيين من 31 دولة، ووصل عام 1980 إلى 409 حوادث ضد دبلوماسيين من 60 دولة.
2- زادت نسبة الأحداث الإرهابية الموجهة للدبلوماسيين من مجمل أحداث الإرهاب من 30٪ عام 1975 إلى 54٪ عام 1980.
3- ما بين الفترة 1968 إلى 1982 *** 381 دبلوماسيا، وجرح 824 آخر في أحداث إرهابية حول العالم.
4- أن عدد الدول التي فقدت ضحايا دبلوماسيين وصل عام 1982 إلى 108 دول.

أما من ناحية تطور نوعية العمليات الاحتجاجية والإرهابية التي وجهت ضد الدبلوماسيين ومؤسساتهم فإنها تتطور بتطور التكنولوجيا والتقدم العلمي، ولذا فإن العمليات الحديثة تستند إلى قوةٍ تدميريةٍ ودقة تصويب أكبر، فعمليات 11 سبتمبر 2011 ما كان يمكنها النجاح بنفس الدرجة قبل ظهور الكمبيوتر وانتشاره وما طرحه من تطبيقات للاتصال السريع منخفض التكاليف، والبعيد عن الرقابة، وحادث احتجاز الرهائن الأمريكيين في طهران ما كان يمكن أن ينجح بنفس الدرجة لولا تطور الإرسال التلفزيوني عبر القارات، وهو ما أدى إلى زيادة عمليات اقتحام السفارات، واحتجاز رهائن بنسبة 50٪ خلال العامين التاليين.

ثانيًا: ملامح الموجة الجديدة من ال*** ضد الدبلوماسيين

الموجة الحالية من الهجمات الإرهابية والاحتجاجات الجماهيرية بدأت في ظل أوضاع مختلفة عن تلك التي سادت في ظل الموجة السابقة والتي يمكن إجمال أهم ملامحها فيما يلي:

1- أن التحولات الدولية الحالية تتسم بالسرعة الفائقة التي تجعلها أقرب إلى السيولة، وهو ما جعل البعض يصف النظام الدولي بالأحادية القطبية، في حين وصفه البعض باللا قطبية، بينما وصفه آخرون بالتعدد القطبي، وإن كان التصور الأقرب هو النظام الشبكي القائم على اختلاف التحالفات باختلاف بنود الأجندة الدولية مع تبادل المصالح.كما أن هذه التحولات تتسم بالشمول والعمق والفجائية؛ فلم يتصور أحد عام 1990 انهيارَ الاتحاد السوفيتي، كما لم يتصور أحدٌ في مطلع عام 1989 اجتياح الجماهير لسور برلين في غضون أشهر، وهي تغييرات أدت إلى نتائج غاية في الأهمية.

2- أن التحولات الإقليمية في الشرق الأوسط لم تكن أقل أهمية عن مثيلاتها الدولية؛ فلم يتصور أحد أن رياح الربيع العربي ستهب من تونس نتيجة إهانة مواطن شاب على يد شرطية، كما لم يتصور أحد أن يسقط نظام مبارك في مصر خلال 18 يوما، وإن كانت الدلائل قد رجحت إحداث تغييرات هامة بالنظام باختفاء الشرطة يوم 28 يناير، وأكدت زواله بعد معركة الجمل في 2 فبراير عام 2011.
3- أن البيئة السياسية تغيرت تمامًا في الشرق الأوسط، فالتيارات الإسلامية -وعلى رأسها الإخوان، والتي كانت مطاردة من السلطة وقابعة في السجون- أضحت تتولى السلطة، وثبت خواء وضعف تنظيمات التيارات الليبرالية، وتأكد أن الحركات الشبابية تفتقد إلى القيادة والخبرة السياسية.

4- أن تغيير البيئة السياسية في الشرق الأوسط أدى إلى تغيير الخريطة الإستراتيجية التي تعكس جوهر التحالفات السياسية، وقد عكس هذا التغيير مؤشراتٍ عديدةً مثل التأرجح الخليجي تجاه مصر، وتوتر العلاقات المصرية الإماراتية نتيجة تصريحات قائد شرطة دبي ضاحي خلفان، والحذر السعودي في التعامل مع مصر، وزيارة الرئيس مرسي لإيران، وتأرجح القرار المصري بشأن زيارة الرئيس مرسي للولايات المتحدة.

5- الخلل الذي أصاب التنظيمات الجهادية الإسلامية التي انتشرت بالشرق الأوسط فور انطلاق نسمات الربيع العربي. فالقاعدة أصابها قدرٌ من الضعف نتيجة اغتيال زعيمها أسامة بن لادن؛ غير أنها سرعان ما عوضته بالأخذ بنظام اللا مركزية في التخطيط والتنفيذ والتجنيد والتمويل، وإنشاء خلايا عنقودية مغلقة على نفسها، وهو ما مكنها من إنشاء تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في اليمن، مواجهٍ لتنظيم شرق إفريقيا في الصومال، وتنظيم القاعدة للمغرب العربي وشمال إفريقيا، وفتح جبهة جديدة في العراق وسوريا بمنطقة الشام.

في ظل هذه التغييرات الدولية والإقليمية؛ بدأت الموجة الجديدة من الاحتجاجات الجماهيرية وأعمال الإرهاب التي راح ضحيتها القنصل الأمريكي في بنغازي ردًّا على الفيلم المسيء للرسول الكريم، وهي سلوكيات جعلت العمل الدبلوماسي من الأعمال التي تتسم بالخطورة العالية، وخاصة في ظل تحوله من عمل مكتبي داخل الأبراج العاجية إلى العمل المجتمعي الثقافي المفتوح، وهو ما يطرح تساؤلًا حول الأسلوب الأمثل لمواجهة هذه المخاطر.

ثالثًا: مواجهة ال*** ضد الدبلوماسيين في المستقبل

لقد تم الجمعُ بين عملين مختلفين هما الاحتجاجات الجماهيرية، وهو سلوك مشروع في ظل ضوابط قانونية الخروج عليها يعرض المحتج للمساءلة القانونية، وبين أعمال الإرهاب المدانة محليًّا ودوليًّا، والجامع بينهما هو التأثير السلبي على العمل الدبلوماسي؛ إلا أن من المهم للتعرف على الاتجاهات المستقبلية التي تحكم الإرهاب والاحتجاجات الجماهيرية أن نفصل بينهما.

فمن المؤكد أن الإرهاب في كل أشكاله مدانٌ، أما الاحتجاجات الجماهيرية ضد الدبلوماسيين ومؤسساتهم فإنها تخضع لنوعين من القوانين، هما القوانين المحلية التي تنظم التعبير عن الرأي والتظاهر، أما النوع الثاني من القوانين فهي القوانين الدولية التي تعارف عليها المجتمع الدولي لحماية الدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية، والتي لم تكن متكاملة خلال الموجة الأولى في السبعينيات والثمانينيات والتي يمكن حصرها جميعا فيما يلي:

1- اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961 والتي تنص في مادتها الثانية والعشرين على حرمة مباني البعثة الدبلوماسية، ومن ثم عدم أحقية سلطات الدولة المضيفة دخول هذه المباني -في الأحوال العادية- إلا بإذن من رئيس البعثة، كما تلزم هذه المادة الدولة المضيفة بالعمل على حماية البعثة ضد أي اعتداء، أو ضرر، أو ما يحط من كرامتها، كما أن المادة 24 من نفس الاتفاقية تؤكد حرمة أرشيف ووثائق البعثة أينما كانت.

2- اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية عام 1963 التي تنص في مادتها الحادية والثلاثين على حرمة مباني البعثة القنصلية، وعدم أحقية سلطات الدولة المضيفة في دخول هذا المباني إلا بإذن من رئيس البعثة، كما نصت صراحة في الفقرة 3 من نفس المادة على إلزام الدولة المضيفة بحمايتها ضد أي اعتداء أو ضرر أو ما يعكر صفوها أو المس بكرامتها، وهو نص صريح ينطبق على المظاهرات، كما تنص المادة 33 من الاتفاقية على حماية أرشيف ومكتبات القنصلية.

3- اتفاقية منع الجرائم المرتكبة ضد الاشخاص المتمتعين بحماية دولية، بمن فيهم الموظفون الدبلوماسيون، والمعاقبة عليها لعام 1973 والتي تستند إلى مبدأ إما محاكمة أو تسليم الشخص الذي ارتكب خطأ جسيمًا ضد الدبلوماسيين أو ضد أشخاص يتمتعون بالحماية الدولية (مادة 7)، ويتعين على الدول تحديد الولاية على الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية، وتنص المادتان 4 و5 من الاتفاقية على تعاون الدول في مجال منع الجرائم وتبادل المعلومات.

4- في ضوء استمرار خرق اتفاقية فيينا عام 1961 وعام 1963 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 168/35 عام 1980 الخاص بإجراءات رصد للحوادث ضد السفارات والموظفين الدبلوماسيين، وهو ما استغلته الدول المختلفة لتحقيق هدفين؛ أولهما تسجيل الخروقات ضد بعثاتها الدبلوماسية وموظفيها الدبلوماسيين بالخارج، وثانيهما تقديم معلومات عن حوادث وقعت في أراضيها ضد البعثات الدبلوماسية الأجنبية وأعضائها، سواء أكانت هذا الأحداث قد تم تسجيلها أم لا من قبل الدولة المعنية ذاتها.

هذه الوثائق إذا ما تم استخدامها بأسلوب متكامل يمكن أن توقع أضرارًا بالغة على الدول التي تعجز عن حماية البعثات الدبلوماسية على أراضيها، وهو ما ينبغي التحسب له من ناحية، وهو ما يمكن أن يفسر -ولو جزئيًّا- تحرك بعض قطع الأسطول الأمريكي تجاه ليبيا في الآونة الأخيرة، وكذا تصريح الرئيس الأمريكي أوباما بأن مصر لم تعد دولة حليفة ولا عدوة، وتصريحه بضرورة التزام مصر بحماية البعثات الدبلوماسية الأمريكية والدبلوماسيين، وقرار إرسال مشاة البحرية الأمريكية لحماية مقر السفارة الأمريكية بالخرطوم، فكلها مؤشرات على تغيير الرؤية لمهاجمة الدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية، والاتجاه نحو معالجة الموضوع بأسلوب مختلف، وهو ما يفرض على الحكومة المصرية التزاما بضرورة حماية البعثة الأمريكية في كل من القاهرة والإسكندرية، فالأمر قد خرج من إطار المجاملات والمعاملة بالمثل إلى إطار قانوني أكثر إلزامًا، مما يتطلب وضع حدٍّ للتحركات التي يقوم بها بعض أنصار تيار الإسلام السياسي التي تعكس التلاعب بالمشاعر الدينية للمحتجين، خاصة وأن الإسلام لم يأمرنا برد الإساءة بإساءة مثلها، ويكفي ما قام به الرئيس مرسي من تكليف السفارة المصرية في واشنطن باتخاذ الإجراءات القانونية.

والخلاصة أننا أمام أزمة قد تتطور في اتجاه غير مأمون العواقب، وفقًا لإجراءات قانونية ارتضاها المجتمع الدولي، وما زالت الحكومة المصرية وحكومات دول الربيع العربي خاصة وباقي حكومات دول الشرق الأوسط عامة غير مدركة لجوهر التغييرات التي طرأت عليها، وما زالت مستمرة في خلط الدين بالسياسة، والذي يمكن أن يؤدي مستقبلا إلى عواقب هي في غنًى عنها في المرحلة الحالية التي تتسم بالهشاشة وضعف قبضة السلطة على مقدرات الدولة، وخاصة في المجال الأمني بمعناه المجتمعي.

الاستاذ محمد سرور 19-09-2012 12:38 AM

هى مصر بقت كلها اخوان علشان يتم فرد موضوع كامل يتحدث عن دور الاخوان فى الموقف الراهن بخصوص الفيلم
كنت اتمنى من كاتب المقال ان يكون حياديا بعرض موقف جميع القوى السياسية من الفيلم
ام ان كاتب المقال واضع على عينه نظارة مكتوب عليها الاخوان المسلمون ولا يرى غيرهم

aymaan noor 19-09-2012 03:00 PM

كيف تكافح واشنطن الجماعات المتطرفة؟
 
حرب الأفكار
كيف تكافح واشنطن الجماعات المتطرفة؟

http://www.rcssmideast.org/media/k2/...f1adcffd_L.jpg
دوجلاس فيث، وليام جالستون، أبرام شولسكي
عرض شيماء ميدان، مترجمة متخصصة في الشئون السياسية والاقتصادية
مع تصاعد الهجمات ضد السفارات الأمريكية من قبل قوى التيار الإسلامي في دول الربيع على الفيلم المسيء للرسول (صلى الله عليه وسلم)؛ عادت إلى الأذهان الأمريكية هجمات الحادي عشر من سبتمبر، التي كانت سببًا في اعتقاد الأمريكيين أن الإسلاميين المتطرفين يخوضون حربًا ضد الولايات المتحدة. فقد جرى تسخير الجيش، والاستخبارات، ومؤسسات تطبيق القانون، والوسائل المالية والدبلوماسية لغرض مكافحة هذا التطرف.

ورأى بعض كبار المسئولين الأمريكيين منذ البداية أن الحرب على الإرهاب يجب أن تتضمن جهودًا مضنية لمكافحة الأيديولوجية التي تشكّل حافزا لأعداء الولايات المتحدة الإسلاميين المتطرفين؛ بل ورأى بعض المسئولين أيضًا أن لا بد من شن حرب تستهدف الأفكار المتطرفة من أجل ردع الإرهاب، وعليه جرى تداول مصطلح "حرب الأفكار" في الأوساط الأمريكية.

ومع ذلك؛ لم تبذل إدارة بوش ولا إدارة أوباما أي جهود جادة من هذا القبيل. وأشار معلّقون من مختلف الأطياف السياسية إلى أن جهود الحكومة الأمريكية على مدى العقد الماضي لم تكن كافية لمواجهة الأيديولوجيات المعادية، وكان ذلك هو ما خلصت إليه دراسات أُجريت داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية. فالعمل العسكري وتطبيق القانون لا يكفيان وحدهما لمكافحة الإرهاب الجهادي، ولن تتمكن الولايات المتحدة من تحقيق النصر إلا إذا حالت دون أن يصبح الناس أعداء إرهابيين لها.

وفي هذا الصدد؛ أعد كل من "دوجلاس فيث" الذي عمل مساعدا لوزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رمسفيلد ويشغل حاليا منصب مدير برامج الشرق الأوسط بمعهد هدسون، و"وليام جالستون" الخبير في السياسة والشئون الاجتماعية بمعهد بروكينجز، و"أبرام شولسكي" وهو زميل كبير بمعهد هدسون؛ دراسة نشرها معهد هدسون تحت عنوان: "تنظيم الحكومة الأمريكية لمكافحة التطرف القائم على ال***". وفي ضوء هذه القضية؛ استضاف معهد هدسون يوم الأربعاء الموافق 5 سبتمبر 2012 هؤلاء الخبراء ومعلِّقيْن سياسيَّين وهما جيمس جلاسمان، الذي شغل منصب نائب وزير الخارجية لشئون الدبلوماسية العامة إبان إدارة بوش، وويل مارشال، مدير معهد السياسات التقدمية، في حلقة نقاش حول رد فعل الحكومة الأمريكية على الحركات الإسلامية العنيفة.

ملخص الدراسة

يشير الخبراء في تقريرهم إلى أن الربيع العربي عزز الهواجس الأمريكية بشأن التطرف الإسلامي، وأن الانتخابات المصرية والتونسية تنذر بالكثير؛ فالأغلبية الإسلامية في مصر وتونس ستحدد على مدى السنوات القليلة المقبلة مصير ديمقراطية البلدين، ومدى تعارض سياستهما مع المبادئ والمصالح الأمريكية.

ومن ثم لن يكون بِيَد الولايات المتحدة سوى التشجيع على نوع من النقاش الإسلامي الداخلي المتبادل الذي قد يصعّد حدة الانقسامات بين المتشددين والقوى العازمة على تشكيل سلامها وتعدديتها وديمقراطيتها.

فثمة بعض الدلائل على أن الإخوان المسلمين في مصر قد يكونون أكثر ارتياحًا بشأن تشكيل ائتلاف حاكم مع الأحزاب الليبرالية عنه مع السلفيين، الذين فاجأت قاعدتهم الانتخابية القوية مراقبي المشهد المصري المخضرمين.

وفي تونس؛ عقب فوز الإسلاميين في الانتخابات الشعبية، قالت وزيرة الخارجية الأمريكية: "هناك البعض في تونس وفي أماكن أخرى ممن يتساءلون عما إذا كان من الممكن أن تنسجم الأحزاب الإسلامية مع الديمقراطية. حسنا، لدى تونس فرصة للإجابة على ذلك السؤال بالإيجاب، ولإثبات عدم وجود أي تعارض".

ومن وجهة نظر الخبراء، من مصلحة الولايات المتحدة أن تبذل كل ما في وسعها لتكون النتيجة إيجابية، على أن يكون ذلك من خلال "حرب الأفكار". فمواجهة الأيديولوجية المعادية من خلال حملة أفكار إستراتيجية ستؤتي ثمارها في مجال الأمن القومي، وفقا لما يراه الخبراء.

وتوضح الدراسة أن إضعاف الإسلامية المتطرفة وحمل المنظمات الإسلامية على نبذ التطرف سيعزز مكانة الولايات المتحدة في العالم، وسيحسن فرص تحقيق الأهداف الرئيسية للسياسة الخارجية هناك. وسيكون لتقصير الولايات المتحدة في هذا المجال عواقب وخيمة نظرًا لكون التطرف الإسلامي معضلة رئيسية للأمن القومي.

ووفقًا لإستراتيجية إدارة أوباما المتعلقة بالأمن القومي؛ يعتبر خطر أسلحة الدمار الشامل هو الخطر الأكبر الذي يواجهه الشعب الأمريكي، لا سيما الخطر الذي يشكله سعي المتطرفين لحيازة أسلحة نووية. ولا يعتبر الإرهاب النووي إلا جانبًا من جوانب خطر أكبر يشكله التطرف الإسلامي، ولا يزال الوصف التالي للتهديد المذكور في إستراتيجية إدارة بوش لمكافحة الإرهاب صحيحًا من وجهة نظر الخبراء:

"إن العدو الإرهابي الرئيسي الذي تواجهه الولايات المتحدة اليوم عبارة عن حركة عابرة للحدود تابعة لمنظمات متطرفة وشبكات وأفراد. والشيء المشترك بينهم هو استغلال الإسلام، واستخدام الإرهاب لأغراض أيديولوجية".

وكانت إدارة أوباما قد قالت: "إننا في حرب مع شبكة محددة هي تنظيم القاعدة، ومع الإرهابيين التابعين لها الذين يدعمون جهود مهاجمة الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا"، بيد أن هذا التعريف للعدو ليس دقيقا مثل تعريف إدارة بوش المذكورة سالفا، على حد قول الخبراء.

ففي قضية الميجور "نضال حسن" مثلا، وهو طبيب *** 13 شخصا بمن فيهم زملاؤه من الجنود في الجيش الأمريكي في فورت هود في نوفمبر 2009؛ لا يبدو أن ثمة دليلا يربط الجاني تنظيميًّا بالقاعدة. ومن ثم، يرى الخبراء أن ثمة حاجة إلى تعريف دقيق للتطرف الإسلامي، تعريف يصف الرؤى وليس مجرد التنظيمات التي ينبغي استهدافها ومكافحتها.

أهداف الدراسة

بالنظر إلى الطريقة التي واجهت بها الحكومة الأمريكية التحدي الإرهابي الإسلامي، والتي انطوت على مهاجمة الشبكات الإرهابية في الخارج، وتعزيز الإجراءات الأمنية في الداخل؛ يتجلّى أنه كان ثمة فشل عام في مواجهة مركز الجاذبية الأيديولوجي للتهديد الإرهابي. وتحدد الدراسة السُبل التي يمكن أن تعزز بها الولايات المتحدة جهودها لمعالجة هذا الفشل، وتغيير البيئة الأيديولوجية الموجودة في العالم الإسلامي، كما تطرح الدراسة نوع المنظمات الحكومية وغير الحكومية التي ينبغي تأسيسها للقيام بهذا المجهود.

وقد تناولت الدراسة النقاط الأساسية التالية:

أولًا: مشكلة الإرهاب ليست مشكلة "قاعدة" فحسب، ولا يمكن حلها بتركيز الجهود على منظمة واحدة وعناصرها، فجوهر المشكلة أيديولوجي أيضا.

ثانيًا: الأيديولوجية العدائية هي نسخة متطرفة أو راديكالية للإسلاموية. فالإسلاموية التي يشار لها أيضًا بالإسلام السياسي، هي أيديولوجية سياسية تؤكد قدرتها على حل المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية أكثر من تأكيدها على الجوانب الروحية للإسلام. ففي نُسخها المتطرفة والراديكالية، تبشّر الإسلاموية بكون الغرب معاديا لا محالة للإسلام، وينبغي محاربته.

ثالثًا: لا ينبغي أن تنطوي مكافحة التطرف الإسلامي على مجرد دبلوماسية عامة أو اتصالات إستراتيجية أكثر ما تنطوي على تشجيع على النقاش في أوساط المسلمين، والتأثير عليهم بطريقة تعزز تفسيرًا للإسلام لا يشرّع الإرهاب أو يُشير إليه ضمنًا؛ أي أن جوهر المسألة لا يتعلق بما يقوله المسئولون الأمريكيون للمسلمين، بل بما يقوله المسلمون في أوساطهم.

رابعًا: لا بد من وجود مكاتب وموظفين وترتيبات بيروقراطية تتيح للحكومة الأمريكية تطوير إستراتيجيات لمكافحة التطرف الإسلامي وأيديولوجيات معادية أخرى.

خامسًا: ستتطلب الإستراتيجية المطروحة تعاونا بين عدد من الإدارات والوكالات المختلفة، بما في ذلك البيت الأبيض ووزارة الدفاع ووكالات الاستخبارات. ولا بد أن يقود الرئيس تلك الجهات كافة.

توصيات الدراسة

توصي الدراسة الأمريكية بما يلي:

أولًا: إنشاء مركز جديد لأبحاث مكافحة الإرهاب.

ثانيًا: تعزيز قدرات وزارتي الدفاع والخارجية.

ثالثًا: إنشاء كيان جديد في "المكتب التنفيذي" للرئيس يركّز على مكافحة الأيديولوجيات العدائية. على أن يُسمى الكيان الجديد مثلا "لجنة مكافحة الأيديولوجية الإرهابية".

رابعًا: لعب المكتب البيضاوي دورا قياديا لكافة الجهات العاملة على مكافحة التطرف.

الأفكار المثارة بالحلقة النقاشية

وفي حلقة النقاش التي استضافها معهد هدسون؛ ألقى كل من دوجلاس فيث، ووليام جالستون، وأبرام شولسكي، وجيمس جلاسمان، وويل مارشال؛ كلمة حول تلك الدراسة. إذ قال فيث إنه لا بد من مواجهة الأيديولوجية العنيفة في العالم الإسلامي، جنبا إلى جنب مع الدفاع عن الوطن، وتعطيل الشبكات الإرهابية في الخارج. وأشار إلى أن الهدف من "الحرب على الأفكار المتطرفة" هو الحيلولة دون أن يصبح الناس أعداء للديمقراطية في المقام الأول.

ومن جهته؛ قال شولسكي إن النقاش يدور حول الإسلاموية المتطرفة وليس حول دين الإسلام في حد ذاته، مشيرًا إلى أن الإسلاموية عبارة عن نظام سياسي، لذا لا ضير في انتقاده. هذا ونوّه شولسكي إلى أن متغيرات الإسلاموية الحديثة تختلف في الواقع عن الفكر الإسلامي التقليدي والممارسات الإسلامية التقليدية، مؤكدًا أن الإسلاموية العنيفة تبدأ بـ"عداء أساسي إزاء الغرب". ومن وجهة نظر الخبير، سيدور السؤال الرئيسي في الأشهر القبلة حول ما إذا كانت الحكومات الجديدة التي نشأت في أعقاب الربيع العربي ستتبنى تلك الأيديولوجية المعادية للغرب.

من جانبه؛ قال جالستون في حلقة النقاش إن أحداث 11 سبتمبر تدل على أن "التاريخ الأيديولوجي لم ينته"، مشيرًا إلى أن الحكومة الأمريكية أخطأت في اعتقادها أن الحرب الباردة أنهت بدورها المعاداة الأيديولوجية للديمقراطية الغربية. ولفت إلى أن وكالة الإعلام الأمريكية التي كانت مسئولة في القرن العشرين عن تعقُّب ومواجهة التهديدات الأيديولوجية الخارجية حُلّت بعد وقت قصير من سقوط الاتحاد السوفيتي، ومن ثم ضاعت العديد من مهارات الوكالة. ومن ثم حض جالستون الولايات المتحدة على تعلّم هذه المهارات وتوظيفها لمحاربة الإسلاموية المتطرفة، مقترحًا فتح قسم في مجلس الأمن القومي متخصص في مكافحة الإرهاب، على أن يكون ذلك القسم مدعومًا من منظمة غير حكومية جديدة.

أما جلاسمان فاستهل كلمته بانتقاد الإدارة الأمريكية الحالية لاعتبارها "الحرب على الأفكار" بمثابة لعنة، وقال: "الفوز في الحرب على الإرهاب يتطلب الانتصار في حرب الأفكار.. والإدارة الأمريكية الحالية ترى أن العدو هو تنظيم القاعدة، ولا تدرك أن المشكلة الحقيقية كامنة في الأيديولوجية، وهي شيء ستعجز الطائرات بدون طيار عن استهدافه". هذا وأشار جلاسمان إلى أن التهديد يأتي من جماعات عابرة للحدود تستغل الإسلام، معربا عن تأييده لقول معدّي التقرير إنه يجب إعادة هيكلة الحكومة الأمريكية لمواجهة هذا الواقع.

ويرى جلاسمان أنه سيكون من الأفضل تشكيل إدارة جديدة داخل وزارة الخارجية، لا سيما وأن الدولة لديها ميزانية، وعندها استعداد للعمل. واستطرد قائلا: "لقد حان الوقت لشن هجوم مضاد".

وأخيرًا طرح مارشال -عندما جاء دوره في الحديث- الأسباب الكامنة وراء عدم اتخاذ الولايات المتحدة أي خطوة في الآونة الأخيرة لمواجهة الأيديولوجيات المتطرفة، مفندًا تلك الأسباب كما يلي:

أولًا: ليس للصراع قادة محددون، ومن ثم لا يوجد أشخاص معينة ينبغي استهدافها.

ثانيًا: عدم رغبة الولايات المتحدة في افتعال اشتباك مع 1.5 مليار مسلم.

ثالثًا: عدم وجود سوى عدد قليل من المتعصبين.

وأعرب مارشال عن قلقه من أن يضرب التطرف الإسلامي على وتر حساس في الصلب الإسلامي من خلال استغلال المظالم التاريخية ضد الغرب، والترويج لأهداف تروق للفقراء والضعفاء. وفي حين إشارته إلى أن ظاهرة التطرف لا علاقة لها بمعاداة الولايات المتحدة، لم ينفِ مارشال أنه غالبا ما يكون ثمة دافع كبير للانتقام من الولايات المتحدة والغرب. وعليه رأى أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تكف عن ارتداء لباس الضعف الذي تظهر به أحيانا، وعن الاعتذار عن سياستها في أماكن مثل إسرائيل.

هذا وأضاف مارشال قائلا إن إستراتيجية "حرب الأفكار" تتضمن تغيير الواقع الإقليمي الهش اقتصاديا، وتسليط الضوء على الهجمات الإرهابية الإسلامية ضد المسلمين للتأثير على الرأي العام، وإعادة كتابة قواعد الحرب لتوضيح أن الإرهاب و*** الأبرياء أمر غير قانوني تحت أي ظرف من الظروف. وردا على عدة أسئلة طرحها الحضور إبان حلقة النقاش؛ أكد الخبراء كافة أن دين الإسلام ليس هو العدو.

aymaan noor 19-09-2012 03:18 PM

الصراع السني-الشيعي بالمنطقة بعد الحكم بإعدام الهاشمي
 
حروب الهوية
الصراع السني-الشيعي بالمنطقة بعد الحكم بإعدام الهاشمي

إيمان رجب - باحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية
تشير التطورات التي تقع في منطقة المشرق إلى استعدادها للانجرار إلى صراعٍ سني-شيعي، تنطلق شرارته من العراق وسوريا، وتمتد تأثيراته إلى باقي إقليم الشرق الأوسط؛ حيث يُشير الحكم الغيابي الصادر بالإعدام ضد طارق الهاشمي

، نائب رئيس الوزراء العراقي، والذي هو أحد قيادات الحزب الإسلامي العراقي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين؛ إلى إصرار حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي على تصعيد صراعها مع منافسيها السنة في العراق، في ضوء موقفهم من الصراع الدائر في سوريا.

كما تشير العديد من التحليلات الخاصة بالتداعيات المحتملة لسقوط نظام الأسد، إلى أن الصراع السني-الشيعي هو الخطر الرئيسي المترتب على ذلك، والذي لن يقتصر مداه على داخل سوريا؛ بل سيشمل منطقة المشرق على نحو يعيد رسم ميزان القوى فيها، كما سيمتد إلى إقليم الشرق الأوسط؛ حيث تشبه سوريا "عش الدبابير" hornet's nest، الذي يصعب السيطرة عليه بعد انفراط عقده.

وقد حذر من هذا الصراع "نصر فالي" الأكاديمي الأمريكي؛ حيث صور في أحد مقالاته مؤخرا الصراع في سوريا بأنه صراع بين الأغلبية السنية والأقلية العلوية الحاكمة. ورغم أن فالي من الأكاديميين الذين عادة ما يحللون الأوضاع في الشرق الأوسط من منظور الانقسام السني–الشيعي، على نحو قد يكون مبالغًا فيه؛ إلا أن تأكيده على هذا البعد من الصراع شاركه فيه هذه المرة "يوشكا فيشر" وزير الخارجية الألماني السابق، إلى جانب عدد من المفكرين والسياسيين الأمريكيين. كما تحولت هذه القضية إلى قضية رئيسية في العديد من المؤتمرات الدولية التي عقدت في الإقليم خلال الشهرين الماضيين، والتي ناقشت تداعيات سقوط الأسد على الصراع السني-الشعيي في الشرق الأوسط.

- العراق كان البداية:

ارتبط التحذير من الصراع السني-الشيعي طوال العقد الماضي بالعراق، والذي كان القاعدة التي انطلق منها هذا الصراع؛ إذ يعتبر العراق الترمومتر barometer الذي يتم من خلاله قياس حجم التوتر في الإقليم، فضلا عن نمط الصراعات السائد فيه، وكان أول من حذر منه الأردن، حين أطلق الملك عبد الله (ملك الأردن) تصريحه الشهير الخاص بالهلال الشيعي، وما تبعه من تحذير القيادات السعودية من نشر التشيع في المنطقة.

إذ كان سقوط نظام صدام حسين بمثابة الصمام الذي تم فكه، فظهرت صراعات طائفية لم يشهدها العراق من قبل، تحولت سريعًا إلى حرب طائفية بلغت أوجها خلال العامين 2005 و2006، ثم تراجعت شدتها ولكنها لا تزال موجودة حتى اليوم؛ حيث يعتبر هذا الصراع مسئولًا عن سقوط ما يتراوح بين 7-10 ***ى في العراق أسبوعيًّا. وطوال هذه الفترة كان للإقليم نصيبه منها، وخاصة دول الخليج التي تتشابه في تركيبتها الإثنية مع التركيبة العراقية، فعلى سبيل المثال؛ تفاقم الصراع بين السنة والشيعة في البحرين منذ 2003، وكانت تتم إدارته حتى اندلاع احتجاجات 14 فبراير 2011 من قبل النظام وقوى المعارضة بأدوات سلمية في أغلبها.

وقد أعادت قضية طارق الهاشمي المخاوفَ من انتقال الصراع بين السنة والشيعة في العراق إلى المنطقة، وخاصة بعد جولته التي شملت قطر والسعودية، واستقر بعدها في تركيا؛ حيث أعادت هذه القضية المخاوف من التقسيم "الناعم" للمنطقة بين فريقين، فريق القوى السنية الذي تقوده تركيا، ويضم دول الخليج، والقائمة العراقية، ومسعود بارزاني في العراق، وفريق القوى الشيعية الذي تقوده إيران ويضم سوريا والمالكي والقوى المتحالفة معه.

وقد أخذ البعدُ الإقليمي لهذا الصراع يتشكل مع انتقاد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان سياسات المالكي بعد الأزمة التي تفجرت بينه وحكومة إقليم كردستان حول عقود النفط؛ حيث رأى أن سياسات المالكي "تذكي التوترات الطائفية في العراق"، ورأى أنها تقوم على "الاستئثار بالسلطة، والاستبداد السياسي، والتمييز ضد شركائه السنة والأكراد في العملية السياسية". ثم انعكس هذا الموقف التركي في سلوك سياسي تمثل في استقبال أنقرة لطارق الهاشمي، أحد القيادات السنية في القائمة العراقية، ورفضها تسليمه للعراق. كما حاولت دولُ الخليج بدورها التأثيرَ على قضية الهاشمي من خلال طرح قطر أثناء القمة العربية التي عقدت في مارس الماضي مسألة تسوية القضية بعيدًا عن القضاء، ثم استقبالها والسعودية طارق الهاشمي بعد صدور مذكرة التوقيف ضده، مبررة ذلك بكونه يشغل منصب نائب الرئيس العراقي.

- سوريا هي العراق:

يرتبط الحديث عن سوريا كمؤجج للصراع الطائفي في المنطقة بأكثر من عامل، يتمثل العامل الأول في وجود أقلية علوية تسيطر على الحكم في سوريا، وأغلبية سنية وكردية بعيدة عن السلطة. فالصراع الدائر حاليًّا جوهره إعادة اقتسام هذه السلطة بينهم على نحو يضمن لكل هذه الطوائف نصيبا ما منها يمكنها من حماية وجودها كجماعة إثنية.
كما تشهد سوريا بدء تكتل الطوائف في مناطق جغرافية محددة، على نحو يسمح بتشكل الدولة العلوية على السواحل الشمالية الغربية، وربما الدولة الكردية، ويكون لكل منها استقلاله في إدارة شئونه وموارده، على شاكلة إقليم كردستان العراق، وهذا ما يسمى بالدول غير المكتملة السيادة states Phantom.

ويتعلق العامل الثاني، بأن عملية تعبئة العناصر المقاتلة في صفوف المعارضة السورية أصبحت تستند إلى منطق "الجهاد في سبيل الله"، وليس استنادًا للمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية كما حدث في مصر وتونس على سبيل المثال، وهذا يفسر حملات الدعوة للجهاد في سوريا، والتي تديرها الجماعات السلفية في دول الخليج ودول الثورات العربية.
ومتابعة تفاصيل العمليات العسكرية في سوريا تُشير إلى أن إعادة توزيع السلطة لن تكون عملية قصيرة أو سهلة، وقد يترتب عليها إقرار الطائفية على النحو الذي أقر في العراق بعد احتلاله في 2003، ولكن هذه المرة بدون حل الجيش السوري النظامي؛ حيث تسعى واشنطن من خلال معهد USIP للتوصل لصيغة محددة تضمن توزيع السلطة بعد الأسد بطريقة سلمية، ولكن لم تتضح ملامحها بعد.

وما يدعم هذا التحليل، تعيين الأخضر الإبراهيمي خلفا لكوفي أنان، كمبعوث أممي وعربي إلى سوريا؛ حيث يشير تاريخه إلى أنه قدم نموذجين لتسوية الصراعات، النموذج اللبناني في 1989، والنموذج العراقي بعد الاحتلال في 2003، وفي كلا النموذجين كان هو رجل المحاصصة الطائفية التي ولدت حالةً من عدم الاستقرار المزمن الذي امتدت تداعياته إلى الإقليم. وكلا النموذجين يلقيان صدى في الحالة السورية، وخاصة في ضوء الحديث عن إقامة الدولة العلوية في سوريا، كمخرج لتسوية الصراع هناك.

- مصر طرف "جديد" في الصراع:

كانت مصر بدرجة كبيرة ليست طرفًا مباشرًا في هذا الصراع، مقارنة بالسعودية على سبيل المثال، فطوال عهد الرئيس السابق مبارك، ورغم مواقفها المتحفظة إزاء نفوذ إيران في العراق، وما صدر عن مبارك من تصريحات حينها خاصة بولاء الشيعة لإيران؛ إلا أنها تجنبت تحديد هوية مصر على أنها "سنية" في مواجهة إيران "الشيعية"، وكان يؤكد دوما على مستوى الخطاب السياسي على رفض مصر سياسات المحاور التي تصنف دول الإقليم استنادًا لانتمائها المذهبي، وحرِصَ على اعتماد المصالح والاعتبارات السياسية في تحديد سياسة مصر الخارجية.

ويلاحظ تحول الموقف المصري من هذا الصراع بعد فوز الرئيس مرسي في انتخابات الرئاسة المصرية؛ حيث تحولت مصر إلى طرف مباشر في الصراع السني-الشيعي في المنطقة، وهذا ما يؤكده حديث الرئيس مرسي أثناء زيارته للسعودية في 12 يوليو 2012 عن أنه "إذا كانت السعودية هي الراعية لمشروع أهل السنة والجماعة، ذلك المشروع السني المعتدل، فإن مصر حامية لهذا المشروع، وما بين الراعي والحامي نسب وصهر"، وكذلك كلمته التي ألقاها في قمة عدم الانحياز في طهران في أغسطس 2012؛ حيث ضمن كلمته "الترضية" عن الخلفاء الراشدين، في سابقة من نوعها عند مقارنة هذا الخطاب بخطاباته السابقة، وفي إشارة إلى اختلافه مذهبيًّا مع إيران، التي بحكم انتمائها للمذهب الشيعي تدأب على سب الصحابة، وهو بذلك تفوق على قادة دول الخليج. وفي هذا الموقف، تغير واضح في موقف مصر، على نحو يؤشر إلى انجرارها إلى صراعات الهوية التي تعاني منها المنطقة.

وهذا التحول قد يكون مفهومًا بالنظر إلى طبيعة النخبة الجديدة الحاكمة في مصر؛ حيث ينتمي الرئيس مرسي إلى جماعة الإخوان المسلمين، المعروفة بمواقفها المعادية للشيعة، كما أن حزبه "الحرية والعدالة" قد تحالف أثناء الانتخابات البرلمانية التي عقدت في نوفمبر 2011 وأثناء انتخابات الرئاسة مع الأحزاب والقوى السلفية التي تتبنى موقفا متشددا تجاه الشيعة، وتجاه الدول التي تعبر عن مشروعهم السياسي مثل إيران، حتى إن حزب النور أكبر الأحزاب السلفية في مصر قد عارض زيارة الرئيس مرسي لإيران.

- الخطر يكمن في كيفية إدارة الصراع:

تعتبر منطقة الخليج والمشرق من المناطق التي وجد فيها الصراع بين السنة والشيعة منذ عقود، ولم تكن المسألة مرتبطة بوجوده من عدمه، وإنما بكيفية إدارته من قبل النُّظم الحاكمة. ويمكن التمييز بين ثلاثة أنماط لتعامل هذه النظم، مع الصراعات المذهبية والإثنية، وهي كالتالي:

- نمط الإقصاء الممنهج، ويقوم على تصوير الأقلية على أنها مصدر تهديد حقيقي للدولة، ولأمن النخبة الحاكمة، فيتم إقصاؤها من العملية السياسية، وهذا نجده قائمًا في حالة شيعة السعودية اليوم، وفي حالة السنة في العراق أثناء ولاية نوري المالكي.

- نمط الدمج الانتقائي الحذر، بحيث يتم دمج الأقلية في المناصب السياسية والعسكرية دون منحهم صلاحيات أو سلطات حقيقية، وهذا نجده في حالة البحرين حتى ما قبل احتجاجات فبراير 2011، وفي حالة السنة في سوريا.

- نمط الانفتاح الحذر، بحيث يتم الانفتاح على أبناء الأقلية، والتعامل معهم كمواطنين، مع وجود مناصب محددة لا يتولونها، وهذا ما يعبر عنه وضع الشيعة في حالة الكويت مثلا، وبدرجة ما وضع المسيحيين في سوريا.

وهذه الأنماط لم تعالج هذا الصراع، وإنما أطالت أمده، وجعلته قابلا للانفجار بمجرد تراجع شرعية صيغة تقاسم السلطة القائم عليها، وهذا الوضع ينطبق على سوريا؛ حيث إن النظام الحالي يقوم على تحالف العلويين مع شريحة من المسيحيين والدروز والسنة، وتغير صيغة الحكم ستعني عمليًّا الإضرار بمصالح هؤلاء جميعا، مما قد يفجر "حرب الكل ضد الكل".

- صراع يتخطى حدود سوريا:

إن الحديث عن امتداد "تأثيرات" الصراع السني–الشيعي في سوريا إلى الخليج ومصر ليس من قبيل المبالغة، ومرتبط بمجموعة من التطورات التي شهدها الإقليم خلال الفترة الماضية، والتي تشمل:

- مساندة السنة العراقيين للمعارضة السورية؛ حيث تُشير عدة تقارير إلى قيام القبائل السنية في الأنبار بتقديم الدعم اللوجستي للمقاتلين السوريين، بينما يساند ائتلاف رئيس الوزراء نوري المالكي، وغيره من القوى السياسية الشيعية نظام بشار الأسد.

- تزايد نشاط الجماعات السلفية في شمال لبنان، وتشير عدة تقارير إلى حصولها على دعم سعودي من أجل ممارسة الضغوط على حزب الله، من أجل التخلي عن دعم الأسد.

- تشكل ظاهرة "المهاجرون إلى سوريا" على غرار المهاجرون إلى العراق التي عرفتها المنطقة منذ ما يقرب من عقد؛ حيث سافر نواب من جمعية الأصالة البحرينية المعروفة بتوجهاتها السلفية-الوهابية إلى سوريا لمساندة الجيش السوري الحر، في الوقت الذي تندد فيه المعارضة البحرينية التي يغلب عليها المكون الشيعي بالتضييق على نظام الأسد، وكذلك سفر قيادات سلفية كويتية لدعم المقاتلين في سوريا، وانتقال عدد من المجاهدين المصريين إلى سوريا.

- تنظيم العديد من الجمعيات الخيرية السلفية والوهابية والإخوانية في البحرين والسعودية والكويت العديد من حملات التبرعات للشعب السوري وللمعارضة السورية، مع عزوف الشيعة في هذه الدول عن المشاركة في هذه الحملات، وذلك إلى جانب حملات الدعوة إلى الجهاد التي تبثها القنوات الدينية الممولة من السعودية مثل قناة "المجد" الفضائية.

- حرص السعودية وقطر بالتعاون مع تركيا على تقديم الدعم للمعارضة السورية المسلحة، والتي يغلب على تكوينها الطابع الإسلامي-السني من خلال قاعدة سرية في أضنة؛ حيث توجد القاعدة العسكرية الأمريكية إنجرليك بتركيا.
إن امتداد هذا الصراع إلى خارج الحدود السورية نتيجة انسياق دول المنطقة وراء خطابات دينية "متطرفة"، ودعمها نشاط الجماعات الدينية المتطرفة العابرة للحدود؛ يعني عمليا عودة سياسات وربما حروب الهوية إلى الواجهة، كمحرك للتفاعلات الإقليمية. فمن ناحية، تعتبر إيران هي المتضرر الرئيسي من سقوط الأسد؛ حيث يعتبر الأسد هو "مخلب" إيران في المشرق، وسقوطه سيفسح المجال لانتقال الصراع المكشوف بينها وتركيا في العراق، إلى ساحة جديدة، ستتنوع فيها أدوات إدارته، وسيكون أحدها الورقة الطائفية.

وتكشف إدارة تركيا لصراعها مع إيران في العراق أنها لن تتردد في استخدام هذه الورقة، فعلى سبيل المثال؛ انتقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان سياسات المالكي بعد الأزمة التي تفجرت بينه وحكومة إقليم كردستان حول عقود النفط، كما سبقت الإشارة، وهذا يعني أن المشرق سيصبح مقسما مذهبيًّا، وسيتحول إلى المنطقة "الساخنة" التي تقود عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، على نحو يحاكي وضع البلقان في أوروبا خلال النصف الأول من القرن العشرين.

ومن ناحية ثانية؛ سيفجر الوضع في سوريا مشاكل داخلية في دول الخليج قد تعظم من أزمة الشرعية فيها، وخاصة البحرين والسعودية، فاستنادا لأحد السياسيين السنة في البحرين "سيتحدد بصورة كبيرة كيفية تعامل النظام مع المعارضة الشيعية، وحجم التنازلات التي يمكن أن يقدمها لهم، بما سينتهي إليه الوضع في سوريا؛ حيث إن إسقاط نظام الأسد سيكون بمثابة الضوء الأخضر للنظام البحريني للقضاء على المعارضة، بينما استمرار سيطرة العلويين على الحكم، ستعني ضرورة تقديم تنازلات للمعارضة الشيعية"، وهذا يستدعي تأثيرات صعود الشيعية في العراق بعد الاحتلال على وضع الشيعة في البحرين. ويمكن الحديث عن ذات التأثيرات في حالة السعودية.

ومن ناحية ثالثة؛ من المتوقع أن تصبح مصر والسعودية طرفا مباشرا في هذا الصراع، وستساند الأخيرة باقي دول الخليج، ويطرح احتمال عدم التنسيق بينها وتركيا، وربما مصر، فتح جبهة جديدة للصراع السني-السني.
ومن ناحية رابعة؛ ستكون هناك محاور وتحالفات "جديدة" قائمة على الانتماء المذهبي؛ حيث تقود إيران المحور الشيعي ووكلاؤها في المشرق من الفاعلين من غير الدول، وعدد من الدول المصطنعة phantom states، وتقود السعودية وربما مصر وتركيا المحور السني وباقي دول الخليج.

إن المشكلة التي ستواجهها دول الخليج، وتركيا وبدرجة ما مصر، مرتبطة بكيفية إدارتها هذا الصراع في حال تفاقم امتداده إلى الإقليم، وهل ستسعى إلى احتوائه، أم ستكون طرفا مباشرا فيه، وتكمن مخاطر الانخراط في هذا الصراع بأنه قد يعمل ضد مصالح هذه الدول، بما في ذلك المصالح الإستراتيجية، وهو أمر قد يحتاج إلى تقييم جدي من قبل هذه الدول، قبل الانسياق وراء أي خطابات دينية "متطرفة".

aymaan noor 19-09-2012 03:28 PM

آليات الرئيس مرسي لمواجهة شبكات الدولة العميقة
 
إحلال نخبوي
آليات الرئيس مرسي لمواجهة شبكات الدولة العميقة

http://www.rcssmideast.org/media/k2/...21b27630_L.jpg
محمد عبد الله يونس - مدرس مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة
تكشف مراجعة قرارات الرئيس مرسي في الآونة الأخيرة عن نهج متصاعد لترسيخ أركان الجمهورية الثانية ومواجهة شبكات المصالح والتحالفات المؤسسية المحافظة التي تعترض إحداث تغيير جذري في معادلات السلطة

لا سيما منذ تصفية دور المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية، وانفراد الرئيس مرسي بالصلاحيات التشريعية والتنفيذية، واستكماله بنيان مؤسسة الرئاسة، وتغيير قيادات الصحف القومية استغلالًا لاختصاصات مجلس الشورى، وفي هذا الإطار تُثار تساؤلات متعددة حول أبعاد وتداعيات عملية إعادة الهيكلة المؤسسية الممتدة.

وفي هذا الصدد فإن اهتمام الرئاسة بالسيطرة على مؤسسات الدولة عبر الإحلال النخبوي وتغيير القيادات تتواكب مع تكلس مؤسسات الدولة وانهيار أبنيتها وقدراتها على التغلغل والتوزيع والضبط القانوني في نموذج للتضخم المؤسسي المتصاعد، بما يثير مزيدًا من التساؤلات حول جدوى التركيز على تدوير النخب والقيادات المؤسسية كمدخل ملائم لتحقيق الاستحقاقات الثورية الأكثر إلحاحًا، ومدى جدواها كآلية للإصلاح المؤسسي مع بداية الجمهورية الثانية.

أولًا: مؤشرات إعادة هيكلة المؤسسات:

لم تنقطع عمليات إعادة هيكلة المؤسسات وتغيير قياداتها وكوادرها منذ تصفية دور المجلس العسكري وإنهاء الإعلان الدستوري المكمل في إطار تصفية ما يعرف بشبكات "الدولة العميقة" التي يعتبرها البعض عقبة أساسية تعرقل تنفيذ الاستحقاقات التي تعهد الرئيس بها خلال فترة المائة يوم الأولى من توليه السلطة، وفي هذا الصدد تضافرت مؤشرات متعددة تؤكد الاتجاه العام لمؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين لاستكمال عملية إحلال النخب، وتغيير القيادات في مختلف مؤسسات الدولة، ومن أهم تلك المؤشرات ما يلي:

1- الرقابة على الجهاز الإداري:

ويندرج في هذا الإطار إقالة الرئيس مرسي لرئيس هيئة الرقابة الإدارية محمد فريد التهامي، وإحالته إلى نيابة الأموال العامة للتحقيق معه في اتهامات بالتستر على فساد رموز النظام السابق، وتعيين محمد وهبي هيبة رئيسا، والسيد بدوي حمودة نائبًا لرئيس الهيئة، وأيضًا تعيين المستشار "هشام جنينة" رئيسًا للجهاز المركزي للمحاسبات بدرجة، وهو من رموز تيار استقلال القضاء، ويلقى قبولًا لدى مختلف القوى الثورية.

ولم تقتصر سياسة إحلال القيادات على الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات فحسب؛ وإنما لوحظ أنها باتت نهجا عاما لوزارة قنديل في التعامل مع قيادات الصف الأول بالوزارات والهيئات الحكومية، وهو ما يستدل عليه بقرارات الإقالة أو النقل التي شملت عددًا من كبار القيادات بوزارات الطيران المدني والبترول والكهرباء والأوقاف في وتيرة متصاعدة منذ نهاية دور المجلس العسكري في إدارة الدولة.

2- إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية:

لم يكن إلغاء الإعلان الدستوري المكمل وإحالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وعدد من قيادات المجلس العسكري للتقاعد سوى بداية عملية إحلال واسعة في صفوف قيادات المؤسسة العسكرية، والتي كان أحد مؤشراتها الهيكلية إجراء وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السياسي تغييرات واسعة في صفوف قيادات الجيش باستبعاد 70 من كبار القيادات، أغلبهم من المساعدين والمستشارين الذين عينهم المشير طنطاوي، إضافة إلى غالبية قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة وأبرزهم اللواء إسماعيل عتمان، واللواء محسن الفنجري، واللواء عادل عمارة، واللواء مختار الملا، فيما يمكن اعتباره استكمالًا للتغيرات الهيكلية التي تشهدها المؤسسة العسكرية منذ إقالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وقيادات المجلس العسكري.

3- تغيير قيادات الإدارة المحلية:

ويتمثل هذا المؤشر في حركة المحافظين الأخيرة التي شملت تغيير 10 محافظين من بينهم أربعة محافظين على الأقل من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، أبرزهم سعد الحسيني محافظا لكفر الشيخ، ومحمد علي بشر محافظا للمنوفية، ومصطفى عيسى كامل محافظًا للمنيا، بالإضافة إلى ثلاث محافظين من العسكريين المتقاعدين في شمال سيناء والسويس والبحر الأحمر، فيما يعتبر أحد مؤشرات إعادة الهيكلة في مؤسسات الحكم المحلي وثيقة الصلة بتقديم الخدمات للمواطنين بما يفترض أن ينعكس على وتيرة تطبيق برنامج الرئيس، ومستوى الرضا العام.

4- مراجعة دور المؤسسة القضائية:

على الرغم من قرار وزير العدل المستشار أحمد مكي نقل تبعية التفتيش القضائي من وزارة العدل إلى المجلس الأعلى للقضاء لتعزيز استقلالية المؤسسة القضائية عن السلطة التنفيذية؛ فإن دور وزير العدل لا يزال محوريًّا في إدارة أركان المؤسسة القضائية، لا سيما في ظل عمليات إعادة الهيكلة والمراجعات السياسية التي طالت مؤسسات عديدة في الدولة المصرية، أهمها المؤسسة العسكرية والصحافة القومية.

وفي هذا الصدد جاء تجدد الجدل حول السماح بسفر المتهمين الأمريكيين في قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني بمثابة مدخل جديد لمراجعة دور المؤسسة القضائية، وإعادة النظر في آليات تدخل السلطة التنفيذية في اختصاص السلطة القضائية تعزيزًا لاستقلاليتها من جانب، وتعزيزا لقوة تيار استقلال القضاء في مواجهة التيارات المحافظة داخل المؤسسة، أو ربما إيذانًا بموجة جديدة من تغيير القيادات تطال المؤسسة القضائية.

ثانيًا: لماذا الإحلال النخبوي؟

لا تنفصل عمليات إعادة الهيكلة وتغيير القيادات التي تشمل مؤسسات الدولة المصرية عن تمكن مؤسسة الرئاسة من فرض سيطرتها على مفاصل الدولة، والاستحواذ على الصلاحيات التشريعية والتنفيذية والرقابية التي تكفل إدارة المرحلة الانتقالية حتى تمام صياغة الدستور الجديد، والاستفتاء عليه، تمهيدًا لتنظيم الانتخابات التشريعية وما يرتبط بتلك المرحلة من تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس بأبعاده المختلفة.

وتستند عمليات الإحلال النخبوي واسعة النطاق ومراجعة ممارسات القيادات في أحد أبعادها للشرعية الثورية واستحقاقات ثورة 25 يناير التي اتفقت مختلف القوى السياسية التي أفرزتها الثورة على عدم تمكن المجلس العسكري وحكومتي عصام شرف وكمال الجنزوري من استيفائها بصورة كاملة، وهو ما أتاح لمؤسسة الرئاسة تحجيم رءوس شبكات المصالح المنتمية للنظام السابق في مؤسسات الدولة، وخاصة بعد أن أضحت في غاية الضعف بتصفية دور المجلس العسكري.

ويتمثل السبب الثالث لموجة استبدال القيادات المتصاعدة في سعي الرئاسة لاستعادة الاستقرار عبر ترتيبات تدريجية تسعى لاجتذاب التأييد الشعبي والرضاء العام وهو ما يبدو في الدور الطاغي لمؤسسة الرئاسة في إدارة عمليات استبدال القيادات في مقابل تراجعٍ نسبي لدور مجلس الوزراء؛ حيث صدرت حركة المحافظين الأخيرة من مؤسسة الرئاسة بمشاركة محدودة من مجلس الوزراء، وتم تغيير رئيس هيئة الرقابة الإدارية بقرار رئاسي أيضا بما يعكس تشكل نمط للعلاقات بين الطرفين يستلهم تجارب النظم الرئاسية التي يتراجع في إطارها دور مجلس الوزراء في مقابل دور مركزي لمؤسسة الرئاسة.

ثالثًا: إحلال القيادات كمدخل للإصلاح المؤسسي:

يبدو استبدال القيادات كمدخل لحسم الصراع السياسي، وتفكيك شبكات المصالح، وضبط ممارسات القيادة أكثر منه آلية للإصلاح الإداري والمؤسسي؛ إذ إن التكلس والوهن قد أصاب مؤسسات الدولة المصرية لا سيما الجهاز الإداري كنتاج عقود من السلطوية السياسية التي مارسها النظام السابق لدمج مؤسسات الدولة لدعم بقاء النظام. وبانهيار آخر أركان النظام بدأت تلك المؤسسات في التفكك تحت وطأة المطالب المتصاعدة لأعضائها، وتردي أدائها لوظائفها المختلفة.

ولذا فإن الإصلاح المؤسسي يبدأ من مراجعة أوضاع المؤسسات وممارساتها، والإجراءات الحاكمة لعملها، والارتقاء بقدرات كوادرها على أداء الوظائف، وجودة ما تؤديه للمواطنين وللدولة من وظائف وخدمات تحقيقا لرضاء عام حقيقي يدعم أداء الدولة، ومن الضروري التركيز على معالجة قدرات مؤسسات الدولة على التغلغل، والوصول إلى كافة أرجاء الإقليم، لا سيما بسط السيطرة الأمنية على الأطراف الحدودية، وقدرتها على استخراج وتجميع الموارد المالية من مختلف الموارد بكفاءة، وأخيرًا قدرة مؤسسات الدولة على توزيع المنافع على المواطنين بصورة تحقق حدًّا أدنى من العدالة الاجتماعية.

ويرتبط ذلك بتدعيم إجراءات الرئيس لاستبدال القيادات، والتصدي للفساد بضبط منظومة تفاعلات المؤسسات السياسية بمؤسسات الدولة لا سيما الجهاز الإداري والمؤسسة القضائية، وتحقيق التوازن بين استقلالية وحياد مؤسسات الدولة من جانب، وتوجيهها لتحقيق الرضاء العام الأكثر حيوية بالنسبة للرئاسة في هذه المرحلة.

aymaan noor 22-09-2012 10:04 PM

"من المآسي المضاعفة للنزوح:فتيات سوريات للزواج "بثمن بخس
 
"من المآسي المضاعفة للنزوح:فتيات سوريات للزواج "بثمن بخس
http://www.jadaliyya.com/content_images/3/lagion.jpg
"إعلان .. إعلان: فتيات سوريات للزواج. للاتصال على الارقام التالية: (...)"، نصٌ ترويجي عُلِّق على جدران الطرقات والاعمدة، بعد أيام قليلة من وصول اللاجئات السوريات الى محافظات الاردن الشمالية هرباً من الاضطرابات التي تجتاح بلادهن. اختفى الاعلان سريعاً، غير ان الحديث عن توفر لاجئات سوريات للزواج غدا "طبقاً رئيسياً" على موائد الاردنيين. الزواج من السوريات يبدأ بحض فقير لا يملك القدرة المالية على الارتباط، ويمتد ليصبح تفاخر عازب بقدرته على الزواج من أربع لاجئات دفعة واحدة، فيما يرى فيه المتزوجون وسيلة مناسبة لاستفزاز زوجاتهن، عبر تهديدهن بجلب "ضرة" سورية.

ما عليكَ سوى الذهاب الى المفرق (68 كيلومتراً شمال شرق عمّان)، او الرمثا (95 كيلومتراً شمال عمّان)، حتى تحصل على زوجة سورية بكلفة تبدأ بمئة دينار (140 دولارا) ولا تزيد على الخمسمائة دينار (703 دولارات). عبارة تتكرر على ألسنة الأردنيين، في وقت يبلغ متوسط تكاليف الزواج في بلدهم خمسة عشر ألف دينار (21 ألف دولار). الدافعُ المعلن للزواج من اللاجئات هو "الستر على نساء المسلمين" بزواج شرعي ينتشلهن من الفقر والعوز ومرارة الحياة في مخيمات اللجوء. غير ان الدوافع التي كانت حافزاً لأول حادثة زواج من لاجئة سورية، لم تمنح الزواج، الذي تم بوساطة جمعية إغاثة، فرصة الصمود لأكثر من شهرين، لتتضح اسباب اخرى حفزت عليه، من أهمها الثمن البخس الذي تكلَّفه الزوج، والمتعة التي وفرتها اللاجئة العشرينية للعريس الخمسيني، الذي تزوجها سراً وتنازل عنها عند افتضاح أمره. واقعة دفعت بجمعيات الاغاثة لإغلاق أبوابها أمام طالبي الزواج، وهم كثر. ولقطع الطريق على الراغبين بـ"الزواج سراً" من اللاجئات، عممت وزارة الداخلية الأردنية على كافة المحاكم الشرعية، التي أبلغت بدورها جميع الأذنة الشرعيين بأن "أي عقد زواج خارج المحاكم الشرعية سيعتبر غير نافذ قانونياً ويتحمل الزوج المسؤولية القانونية في ذلك".
الصخب الاجتماعي لا ينعكس على الأرقام الرسمية التي تبقى متواضعة، حيث توثِّق لما دون مائتي حالة زواج لأردنيين من لاجئات سوريا منذ شباط/ فبراير 2011. في وقت زاد عدد اللاجئين السوريين في الاردن على أكثر من 100 الف لاجئ حتى مطلع أيلول/ سبتمبر 2012، غالبيتهم من النساء.

ناشطون سوريون انتفضوا على الغمز واللمز الذي تتعرض له اللاجئات وأطلقوا حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "لاجئات لا سبايا". ترفض الحملة تحويل السوريات اللاتي انتفضن لأجل كرامتهن الى بضاعة رخيصة في سوق النخاسة تحت مسميات الزواج والستر. وهي رصدت عدداً محدوداً من حالات الزواج، لكنها عجزت عن التواصل مع اللاجئات المتزوجات او أسرهن، حسب صفحتها على الفيسبوك. القائمون على الحملة وجهوا رسالة لتوعيه اهالي اللاجئات من مخاطر الزواج المغلف بعناوين دينية وشرعية واجتماعية. ورسالة ثانية لشباب الدول التي لجأت اليها السوريات ممن يعتقدن أن الزواج منهن طريقة للمساعدة، دعتهم فيها لتجريم وتعييب هذا النوع من الزواج. بل أكثر من ذلك، طالبتهم بوصم كل من يقبل على الزواج من اللاجئات بخيانة الدين والقيم الانسانية.

ظاهرة الزواج من اللاجئات السوريات في الأردن جرت محاصرتها وفضح دوافعها، وهي ليست اكثر إقلاقاً من ظاهرة الاستغلال ال***ي للاجئات تحولن للعمل في المنازل. وهذه تغلف بالسرية التامة ويطبق عليها الصمت، ولا يعرف عنها إلا ما تكرره الشائعات. يا للبؤس! فبعد فقدان المنزل والأمان في الوطن، ها النساء، صغيرات وكبيرات، يتحملن فعلا عبء الحروب بشكل مضاعف.


[عن ملحق "السفير العربي" لجريدة "السفير" اللبنانية]

aymaan noor 22-09-2012 10:17 PM

هل تورطت " أنصار الشريعة" بقتل السفير الأمريكي في ليبيا؟
 
هل تورطت " أنصار الشريعة" ب*** السفير الأمريكي في ليبيا؟
http://www.rcssmideast.org/media/k2/...46b49f6e_L.jpg
ماري فيتزجيرالد
عرض شيماء أحمد محمود، مترجمة في الشئون السياسية والاقتصادية

في وقتٍ لا يزال فيه الغموض يلف ملابسات م*** السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز في الهجوم الذي طال القنصلية الأمريكية في بنغازي احتجاجًا على الفيلم المسيء للرسول محمد، صلى الله عليه وسلم؛ أُلقيت مسئولية الهجوم على كتيبة أنصار الشريعة، وهي ميليشيا صغيرة من المتشددين تتخذ من بنغازي مقرًّا لها، وتشكلت في مطلع هذا العام بقوام 250 عنصرًا.

وفي هذا المضمار؛ أجرت "ماري فيتزجيرالد" مراسلة قسم الشئون الخارجية في صحيفة "آيريش تايمز" الأيرلندية؛ حوارًا هاتفيًّا مع قائد كتيبة "أنصار الشريعة" محمد الزهاوي، وقائد اللجنة الدينية في الكتيبة الشيخ ناصر الطرشاني. وقد نشر موقع مجلةُ "فورين بوليسي" في الثامن عشر من سبتمبر 2012 التقريرَ الذي أعدته المجلة حول هذه المقابلة تحت عنوان "أنصار الشريعة: لم نكن نحن". وعلى حد قول الصحفية؛ أُجريت المقابلة الهاتفية قبل ساعات من لقاء الزهاوي والطرشاني مع رئيس أركان القوات المسلحة الليبية يوسف منقوش في ليلة السابع عشر من سبتمبر الجاري.

اتهامات لأنصار الشريعة.. والجماعة تنفي

في أعقاب الهجوم الذي أودى بحياة السفير الأمريكي وثلاثة أمريكيين آخرين في الأسبوع الماضي؛ برزت دلائل حول تورُّط كتيبة "أنصار الشريعة" في هذا الاعتداء؛ إذ أقرّ شهود عيان برؤية رايات الكتيبة أثناء الهجوم وأُناس مدججين بالسلاح يدخلون ويخرجون بحذر من مقر الكتيبة. وقال مسئولون ليبيون عديدون، بمن فيهم رئيس المؤتمر الوطني الليبي محمد مقريف: إن المهاجمين كان من ضمنهم رجال مدججون بالسلاح ينتمون إلى فئة من "أنصار الشريعة" كانت على اتصال بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي. وقد ألقى البعضُ اللومَ على الكتيبة لتنفيذها سلسلة من الهجمات الأخرى، بما ذلك تدنيس قبور الجنود البريطانيين في ليبيا، وتدمير الأضرحة الصوفية في المنطقة. وفي هذا الإطار، يشكو مسئولون أمنيون من أن كتيبة "أنصار الشريعة" رفضت الجهودَ المبذولة لدمج مقاتليها مع القوات الحكومية في ليبيا الوليدة.

في الجانب المقابل ، فإن الزهاوي والطرشاني ينفيان أي علاقة لأنصار الشريع مع تنظيم القاعدة، ويؤكدان أن الجماعة ما هي إلا كتيبة تأسست في وقت سابق من هذا العام وتضم 250 رجلا.
وقال الزهاوي: "قاتَلَت عناصرنا على الخطوط الأمامية إبان الحرب الليبية لإسقاط القذافي ، وكانت تلك العناصر في ذلك الوقت تابعة لكتائب متفرقة.. غير أن مجموعة منّا قررت العمل معًا لإنشاء كتيبة منفصلة تحت اسم "أنصار الشريعة"، وذلك بهدف دعم الشريعة الإسلامية بوصفها المرجع الرئيسي في ليبيا".

ونفى الزهاوي والطرشاني تورُّط أي من أعضاء الكتيبة في الهجوم على القنصلية الأمريكية، وأشارا إلى أنه لم يكن أحد منهم ضمن الـ50 شخصا الذين أعلن المسئولون الليبيون اعتقالهم. وبرر القياديان الهجوم بأنه "رد" على الفيلم المسيء للرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، غير أنهما أعربا عن عدم تأييدهما لهذا التصرف. فقال الطرشاني: "لا نحبّذ شيئًا من هذا القبيل كحل للمشكلة، هذا خطأ، و*** السفير لم يكن متعمَّدا لأنه توفي نتيجة اختناق. ويبدو أن الناس لم يكونوا على علم بوجوده في الداخل".

ورأى الزهاوي والطرشاني أن الاتهام الموجّه ضد "أنصار الشريعة" له دوافع سياسية، فقال الطرشاني: "نطلب ممن يتهمون عناصرنا بالضلوع في الهجوم أن يتقدّموا بأدلة دامغة تثبت ذلك.. وأولئك الذين يتهموننا أو يلقون اللوم علينا هم من خصومنا من العلمانيين الذين لا يرغبون في رؤية بصمة أنصار الشريعة في بنغازي".

وردًّا على سؤال حول روايات لشهود عيان بشأن حمل المهاجمين راية إسلامية سوداء؛ قال الطرشاني إن تلك الرايات لا تخص الكتيبة وحدها، وإن ثمة العديد من الكتائب التي تستخدمها أيضًا، "ومن ثم لا يعد ذلك دليلًا". ونفى عضوا الكتيبة معرفتهم الجهة المسئولة عن تنفيذ الهجوم، ولكنهما أشارا بأصابع الاتهام إلى بقايا نظام العقيد الراحل معمر القذافي. فقال الزهاوي: "لا يمكننا استبعاد ضلوع الموالين للقذافي في ذلك، فكل شيء ممكن في هذه الحالة".

استقلالية أنصار شريعة بنغازي

وفقًا للزهاوي والطرشاني، ليست كتيبة بنغازي هي الكتيبة الوحيدة التي تحمل اسم "أنصار الشريعة"، فثمة كتيبة أخرى تحمل هذا الاسم في درنة، وهي مدينة تبعد 156 ميلا شرق بنغازي، ولهذه الكتيبة تاريخ طويل من المعارضة الإسلامية للقذافي. ومع ذلك، نفى القياديان وجود أي تواصل بين كتيبتهم وكتيبة درنة، أو أي رموز أخرى تحمل نفس الاسم.

وردًّا على سؤال حول ما إذا كانت لكتيبة "أنصار الشريعة" علاقة بأبي سفيان بن قمو، وهو معتقل سابق في جوانتنامو قاد جماعة من المقاتلين إبان الثورة الليبية في العام الماضي؛ أجاب الطرشاني قائلا: "لا إطلاقا، هو من جماعة "أنصار شريعة" أخرى. نحن نشترك في الاسم ولكن ليس في العمل".

شجب الزهاوي والطرشاني الرأيَ القائل بأن كتيبة "أنصار الشريعة" لا تحظى بقبولٍ حسنٍ عند معظم الناس في بنغازي. بيد أن الصحفية شككت في هذا الادعاء، قائلة للقيادييَّن: إنه تواترت أنباء حول قيام عناصر من الكتيبة في شهر يونيو 2012 بقيادة شاحنات صغيرة محمّلة بأسلحة ثقيلة على طول الواجهة البحرية للمدينة بهدف الدعوة إلى التنفيذ الفوري لأحكام الشريعة، وعليه خرج السكان المحليون في مظاهرة مناهضة لعناصر الكتيبة، ورشقوهم بالحجارة.

أثناء حديث الصحفية معهما؛ حاول الزهاوي والطرشاني مواجهة الاعتقادات القائلة بأن "أنصار الشريعة" عبارة عن ميليشيات مسلحة ذات ميول غريبة بالنسبة للمجتمع الليبي. فقال الزهاوي: "نحن نساهم في الحفاظ على أمن بنغازي"، مشيرًا إلى أن رجاله عملوا على حراسة مستشفى الجلاء، وهي أكبر مستشفيات المدينة. وأكد الزهاوي أن طبيبًا من أطباء مستشفى الجلاء أشاد له بجهود عناصر الكتيبة في تأمين المنشأة، وقال له إن تلك العناصر أكثر انضباطًا وموثوقية من تلك المكلّفة بمهمات التأمين.

وفي إشارة إلى جهود كتيبة "أنصار الشريعة" الأخرى، قال الطرشاني إن الكتيبة فتحت عيادة طبية تقدم العلاج المجاني للفقراء، وأنشأت مركزًا لإعادة تأهيل مدمني المخدرات. وفي هذا الصدد؛ أضاف الطرشاني قائلا: "نحن نحاول أن نضعهم على الطريق المستقيم حتى يتمكنوا من عيش حياة طبيعية داخل المجتمع".

موقف غامض إزاء الحكومة الليبية الجديدة

ترى الصحفية ماري فيتزجيرالد أن ثمة دلائل تشير إلى أن أنصار الشريعة ما زالوا لا يميلون للحكومة الليبية الجديدة. فعندما سألت الصحفية القياديين عما إذا كانا معترفين حقا بالحكومة الليبية الجديدة المنتخبة ديمقراطيًّا، فكّر الزهاوي والطرشاني مليًّا ، ثم قالا إنها سيُبديان رأيهما النهائي بعد الانتهاء من صياغة الدستور الجديد، مضيفان: "لا يعني ذلك أننا لا نعترف بالحكومة، ولكنها لا تزال حكومة مؤقتة من وجهة نظرنا لأننا لم ننته من صياغة الدستور بعد".

وعندما سألته الصحفية عن رأيه في ما إذا صدر دستورٌ لا يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية إلى حدٍّ ما، قال الزهاوي: "كل العلامات تشير إلى أن الدستور الجديد سيكون إسلاميا بمعنى الكلمة، وكلنا لا نرغب في إعلان وجهة نظرنا مقدّما"، مضيفا: "فلننتظر صياغة الدستور الجديد وبعدها سنتحدث"،ومن ثم وصفت الصحفية إجابات القياديين في هذا الصدد بـ"الغامضة".

تشير المراسلة في تقريرها إلى أن الزهاوي والطرشاني واثقان من أن القيادة الليبية لن تتحرك ضدهما، ناقلة عن الطرشاني قوله: "نحن نستبعد احتمال مهاجمة قوات الأمن الليبية لنا لأن مسئولي الأمن المحليين يعرفون جيدا أننا أبرياء، وأن لا علاقة لنا بالهجوم الذي شُنّ ضد القنصلية الأمريكية". غير أن الطرشاني لا يستبعد تمامًا احتمال شن القيادة الأمريكية هجومًا مضادًّا، حسبما جاء في التقرير.

وفي نهاية المقابلة؛ وجّه الزهاوي رسالة إلى الولايات المتحدة قائلا: "لسنا سعداء بما حدث للقنصلية والسفير.. وفي الوقت نفسه نطلب من الحكومة الأمريكية أن تنظر في أسباب حدوث ذلك. فهناك أشخاص في الولايات المتحدة يحاولون تخويف المسلمين، والإساءة إلى دينهم".

aymaan noor 22-09-2012 10:26 PM

كيف ستتعامل واشنطن مع الصحوة السلفية؟
 
كيف ستتعامل واشنطن مع الصحوة السلفية؟
http://www.rcssmideast.org/media/k2/...12f83bae_L.jpg
دانيل بيمان وزاك جولد
عرض: محمد بسيوني عبد الحليم، باحث في العلوم السياسية.
كثيرًا ما كانت توصف العلاقة بين النظام المصري السابق والتيارات السلفية بأنها تعاقد غير معلن، أهم بنوده السماح لهذه التيارات بالعمل وفقا لمساحات محددة مقصورة على الجانب الدعوي والخيري، دون الدخول في الساحة السياسية، والمنافسة على مفاصل السلطة.

وبالتوازي مع هذا التوجه من النظام الحاكم، وبعد سنوات من ال*** المتبادل بين الدولة وبعض الجماعات الإسلامية التي اصطلح البعض على تسميتها بالسلفية الجهادية؛ حاولت السلفية طرح نفسها كتيارٍ فكري يهدف إلى إعادة تقديم فكر السلف الصالح في فهمهم للإسلام، وفي نمط حياتهم، ومحاولة الإصلاح من خلال نشر هذا الفكر في الأطر المجتمعية القاعدية، وعبر عددٍ من الجمعيات مثل الجمعية الشرعية، وجماعة أنصار السنة المحمدية. وانطلاقا من هذه الرؤية تم التعامل بدرجة كبيرة من الحذر مع الواقع السياسي، وعمدت التيارات إلى الانكفاء على ذاتها؛ بل وفي بعض الأحيان إلى مهادنة النظام السلطوي، لا سيما وأنها أدركت أن الدخول في صدام معه لن يكون في صالحها.


ومع اندلاع ثورة 25 يناير 2011؛ شهدت الساحة السياسية أوضاعا مغايرة، أهمها بزوغ تيار الإسلام السياسي، وخروج التيارات السلفية من إطارها التقليدي، في حالة أشبه ما تكون بانتهاء القطيعة بين السلفية والمشاركة السياسية، وخاصة مع تأسيس عددٍ من الأحزاب السلفية، كحزب النور، والأصالة، وحصدها ما يقرب من ربع مقاعد مجلس الشعب عشية أول انتخابات بعد الثورة.

وفي هذا الصدد تأتي أهمية المقالة المعنونة بـ"الصحوة السلفية" لكل من "دانيال بيمان" و"زاك جولد" المنشورة بدورية "المصلحة القومية The National Interest" في عددها عن شهري يوليو - أغسطس. فالمقالة تأتي في سياق عام يسيطر على مراكز الفكر الغربية في أعقاب ثورات الربيع العربي التي طالت العديد من الدول العربية، وما صاحبها من تصاعد قوى الإسلام السياسي، مما دفع العديد من المحللين إلى البحث عن مقاربات جديدة للتعامل مع معطيات الواقع التي تتشكل في العالم العربي، وتداعيات هذه المعطيات على المصالح الأمريكية ومصالح حليفتها إسرائيل.


النظم الحاكمة والإسلاميون


بدت العلاقة بين النظم الحاكمة والإسلاميين خلال العقود الماضية علاقة معقدة، تراوحت بين التعايش والصدام، فإبان فترة الحكم الناصري تبنت الدولة النهج التصادمي والقمع تجاه الإسلاميين، ولم يكن هناك أي مجال للتعايش بينهم، ومع وصول الرئيس السادات إلى سدة الحكم دخلت العلاقة بين الطرفين منعطفا جديدا.

وتشير المقالة إلى أن هناك عدة متغيرات تداخلت في معادلة العلاقة بين نظام السادات والإسلاميين؛ إذ إن النفوذ السلفي تصاعد بصورة واضحة منذ سبعينيات القرن المنصرم مع عودة أعداد كبيرة من العاملين المصريين من الخليج، وبصورة أخص من المملكة السعودية، متأثرين بأفكارٍ سلفيةٍ من هذه الدول. كما أن تقديرات الرئيس السادات استقرت على أن التهديد الحقيقي له هو التيار الناصري المهيمن على الدولة آنذاك؛ ومن ثم سعى إلى التحالف مع الإسلاميين في مواجهة الناصريين، ولكن هذا التحالف لم يستمر، فقد عمد النظام إلى تقليص نشاط الإسلاميين على خلفية تزايد نبرة المعارضة لسياسة النظام بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل والتقارب الشديد مع الولايات المتحدة.

فالانتقال من التحالف إلى الصدام انتهى باغتيال الرئيس السادات من جانب بعض المحسوبين على تيار الراديكالية السلفية -بحسب المقالة- لتدخل العلاقة بين نظام مبارك والإسلاميين إلى سياق آخر؛ إذ إن النظام فرض رقابة شديدة على التيار الإسلامي، وسعى إلى التضييق على حركته.

وتضيف المقالة أن العلاقة بين نظام مبارك والتيارات السلفية كانت ذات ماهية مختلفة عن العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين، فقد ركزت التيارات السلفية على الجانب الدعوي والخيري، في محاولة منها لأسلمة المجتمع من القواعد، وفي المقابل رحب النظام بالنشاط السلفي طالما أنه في الإطار الدعوي ولم يتجاوزه إلى السياسي، بينما تعامل النظام بصورة أكثر تشددًا مع جماعة الإخوان الأكثر تسييسا.


السلفيون وثورة يناير


تنتقل المقالة إلى تحليل تفاعل التيارات السلفية مع ثورة الخامس والعشرين من يناير؛ حيث انقسمت التيارات السلفية في موقفها من الثورة والمطالبة بإسقاط النظام إلى ثلاثة اتجاهات. ففي بداية المظاهرات أدان العديد من قادة السلفية هذه الاحتجاجات ومطالبتها بإسقاط النظام، وفي المقابل ومع التعامل العنيف من جانب النظام مع المتظاهرين بدأ بعض القيادات السلفية يوجهون الانتقادات للنظام، فيما التزم فريق ثالث من السلفيين الصمت تجاه الأحداث برمتها.

فقد كشفت الثورة عن فرص وتحديات أمام التيارات السلفية؛ حيث سعت هذه التيارات إلى المشاركة في الحياة السياسية، والتفاعل إيجابيا مع الفرص التي أتاحتها الثورة، واندفعت نحو تشكيل أحزاب؛ بل إن قطاعا واسعا من القيادات السلفية اعتبرت أن الفرصة سانحة لإمكانية تطبيق مشروعهم الفكري من قمة هرم السلطة، بعد أن كانت رؤيتهم تستند بالأساس على أسلمة المجتمع من القواعد؛ ومن ثم شاركت الأحزاب السلفية في انتخابات مجلس الشعب على اعتبار أن الدخول للبرلمان سيساعدهم في الحفاظ على وضعية الإسلام في نظام الحكم المصري عبر المشاركة في وضع الدستور، فضلا عن السعي نحو تدعيم القوانين التي تستند للشريعة.

وهنا توضح المقالة أن التحديات الرئيسية التي أفرزتها أوضاع ما بعد الثورة تتمثل في مواقف التيارات السلفية من قضايا الديمقراطية، ووضع المعارضة غير الإسلامية، وحقوق الأقليات، والمرأة، وهي المواقف التي تبدو في كثير من الأحيان متناقضة وغير متسقة، ناهيك عن دخول الساحة السياسية بعض الأحزاب كحزب البناء والتنمية، الذراع السياسي للجماعة الإسلامية، بما يستدعي تاريخ الجماعة، وتورطها في عمليات إرهابية خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات، قبل شروعها في مراجعات فكرية لمنهجها تخلت بموجبها عن ال***؛ ليضفي المزيد من التعقيد على المشاركة السلفية في الحياة السياسية.


الولايات المتحدة والصحوة السلفية


منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 والعلاقة بين الولايات المتحدة وتيارات الإسلام السياسي أقل ما يمكن أن توصف به أنها علاقات عدائية، ومع وجود أنظمة حاكمة تحافظ على المصالح الأمريكية لم يكن هناك ما يدفع الإدارة الأمريكية للدخول في حوارات مع هذه الحركات.

وهذه الصورة النمطية تبدلت مع ثورات الربيع العربي، وتصدرت قوى الإسلام السياسي المشهد في عدد من الدول العربية وما صاحبه من مطالبات للإدارة الأمريكية بفتح قنوات للتواصل مع تيارات الإسلام السياسي.

فقد أثار الصعود السلفي في مصر العديد من التساؤلات من قبيل: ما هي المطالب المتبادلة لكلا الطرفين من السلفيين والإدارة الأمريكية؟ وما هي تداعيات هذا الصعود على المصالح الأمريكية بالمنطقة؟ وما أهم القضايا المطروحة على أجندة أي حوار مستقبلي بين الطرفين؟.. وهي التساؤلات التي تناولها بيمان وجولد عبر ثلاثة محاور رئيسية:

أولًا: الرؤية المتبادلة، فقطاع واسع من التيارات السلفية يرى السياسات الأمريكية بالمنطقة متحيزة بصورة كبيرة لإسرائيل، وموجهة بصورة عدائية للدول الإسلامية؛ إذ إن الحرب الأمريكية على الإرهاب لم ينتج عنها سوى *** المدنيين المسلمين في العراق وأفغانستان، والانتهاكات الصارخة في معتقل جوانتانمو، وسجن أبو غريب. وفي المقابل ظلت الولايات المتحدة فترة طويلة تصنف العديد من التيارات السلفية على أنها حركات إرهابية متشددة.

وهذه الرؤية يمكن أن تكون لها انعكاسات واضحة على التعاون الأمني والاستخباراتي بين الإدارة الأمريكية والنظام المصري الجديد؛ إذ إن وجود التيارات السلفية في المشهد السياسي سيؤدي إلى تراجع ملف مكافحة الإرهاب، والشراكة المصرية الأمريكية في مواجهة تنظيم القاعدة.

كما أن المواقف والرؤى السلفية يمكن أن تفرز مناخا جديدا بالمنطقة يجعل مهاجمة الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الغربية الأخرى أكثر احتمالية؛ بل وتصطبغ هذه الهجمات بصبغة شرعية تضفي على مَن ينفذون هذه العمليات صفات بطولية.

وفي هذا السياق؛ تذكر المقالة أن التحدي الأكثر وضوحا ينبع من ظهور الجماعة الإسلامية على الساحة السياسية؛ إذ إن الإدارة الأمريكية تدرج الجماعة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية؛ وبالتالي فإن دخول الذراع السياسي للجماعة البرلمان وإمكانية مشاركتها في تشكيل الحكومات القادمة يعني أن منظمة إرهابية -وفقا للتصنيف الأمريكي- تشارك في الحكم، بما يمثله من معضلة حقيقية أمام الإدارة الأمريكية وكيفية التعامل مع هذه الحكومات.

ثانيًا: أمن إسرائيل؛ حيث إن نظام مبارك لعب دورًا رئيسيًّا في الحفاظ على أمن إسرائيل عبر سلسلة من الإجراءات والسياسات لضبط الحدود بين الطرفين، والتعاون الأمني والاستخباراتي، ولكن مع تقويض نظام مبارك أمست الصورة أكثر تعقيدا.

فتحليل موقف التيارات السلفية يستدعي مستويين؛ أولهما: مستوى المدركات؛ حيث تُعتبر إسرائيل تهديدا لأمن المنطقة، وليست قوة احتلال يتعين إيقاف أي محاولات لتطبيع العلاقات معها، فيما يستدعي المستوى الثاني: التصريحات المعلنة من قيادات سلفية والتي عبرت في الغالب عن احترامها لمعاهدة السلام مع إسرائيل.

وتضيف المقالة أن الصحوة السلفية ستكون لها تداعيات سلبية على الملفات العالقة مع إسرائيل؛ فمن ناحية قد يصبح النظام أكثر حساسية تجاه أي تعاون أمني مستقبلي مع إسرائيل، ومن ناحية أخرى فإن النظام قد يغض طرفه تجاه أي عمليات عدائية تجاه إسرائيل تتخذ من سيناء منطلقا لها، وعطفا على هذا ستجد حركة حماس في صعود التيار الإسلامي عنصرا داعما في أي مفاوضات مستقبلية، خصوصا وأن التيارات السلفية ستصبح أكثر معارضة لأي تنازلات تُقدم لإسرائيل.

ثالثًا: احتواء إيران، وهو ما سعت له الإدارة الأمريكية خلال السنوات الأخيرة وساعدتها في ذلك النظم القائمة في المنطقة بما في ذلك نظام مبارك حتى بدا الإقليم في طور تشكل جديد عقب ثورات الربيع العربي.

وفي هذا الصدد فإن استجلاء الموقف السلفي من العلاقات مع إيران يستلزم الإشارة إلى ملاحظتين مركزيتين. أولهما: أن الأفكار السلفية التي ترى في إيران دولة مذهبية تطمح إلى نشر التشيع في الدول السنية يمكن أن تشكل كابحا لأي محاولات للانفتاح على إيران، وإقامة تحالف معها. ثانيهما: امتزاج المواقف السلفية من إيران والولايات المتحدة وإسرائيل سيقضي على أي محاولات لدخول النظام المصري -أو على أقل تقدير سيجعله باهظ الثمن- في تحالفٍ عسكري تقوده الولايات المتحدة وإسرائيل مستقبلا ضد إيران.

وتخلص المقالة إلى أن الإدارة الأمريكية لديها رؤية للدولة المصرية؛ فهي ترغب في نظام ديمقراطي ليبرالي يحافظ على حقوق الأقليات والمرأة، كما أن لها مصالح وقضايا شائكة لا تريد بأي حال من الأحوال أن يؤثر عليها الحضور السلفي المتعاظم، ولذا فمن الأجدى للإدارة الأمريكية الشروع في حوار وتفاعل مع التيارات السلفية بصورة تمكن الإدارة من التعبير عن رؤيتها ومصالحها، وفي المقابل تتعرف أكثر على رؤية هذه التيارات. فيتعين أن تدرك الولايات المتحدة أن الأوضاع في مصر أصبحت مغايرة، ولم يعد بالإمكان حصولها على كل ما تريد دون دفع المقابل.

Ayman M.Ebrahim 22-09-2012 11:35 PM

لا اله الا الله
و حسبنا الله و نعم الوكيل فى بشار و زبانيته

darch_99 23-09-2012 12:20 AM

شكرا لك
 
الشكر والتقدير للسيد / ايمن نور

صراحة مقال اضحكني ثم ابكاني

قرات المقطع الاول فضحكت ولكن ما ان اكملت المقال كله حتي هالني كمد وحزن والم وتخيلت هذا في نساء مصرنا في بناتنا وزوجاتنا واهلينا فاحسست بالغضب الشديد لكنه غضب مع عجز عن الفعل ادي الي بكاء اللهم عجل بنصرك علي هذا المجرم الذي شرد شعبا مسلما ابيا حرا اللهم نصرك الله وعدت

وجزاكم الله خيرا

راغب السيد رويه 23-09-2012 01:22 AM

لا حول ولا قوة إلا بالله


جزاك الله خيرا وبارك فيك

aymaan noor 24-09-2012 06:08 AM

السياسة الخارجية المصرية تجاه إسرائيل وفلسطين
 
السياسة الخارجية المصرية تجاه إسرائيل وفلسطين
http://www.rcssmideast.org/media/k2/...6759cc5a_L.jpg
خالد الجندي
ينتاب المسئولين الفلسطينيين والإسرائيليين حالةٌ من القلق منذ صعود القوى الإسلامية إلى سدة الحكم في مصر؛ فإسرائيل تدرك تمامًا مدى معاداة الإخوان لها، وباتت لا تستبعد أن يضرب الإخوان بمعاهدة السلام المبرمة مع مصر في عام 1979 عرض الحائط.

وكان سقوط مبارك وتولّي الإخوان الحكم في مصر مزعجًا بنفس القدر للمسئولين الفلسطينيين في رام الله؛ فهم يدركون مدى مؤازرة الإخوان لحركة حماس في غزة. ومن ثم يمكن القول إن انتخاب محمد مرسي ليكون أول رئيس مدني منذ تشكيل الجمهورية المصرية قبل ستين عاما لم يجلب سوى القلق لتل أبيب ورام الله.

وفي هذا الصدد؛ كتب خالد الجندي - وهو زميل زائر في مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينجز - في دورية "عروض القاهرة للشئون الدولية The Cairo Review of Global Affairs" التي تصدرها الجامعة الأمريكية بالقاهرة دراسة تحت عنوان: "مصر وإسرائيل وفلسطين". وأشار الباحث في مقاله إلى أنه من غير المحتمل أن نرى في مصر في أي وقت قريب استمرارًا لسياسات مبارك، أو تحولًا جذريًّا في العلاقة بين مصر وإسرائيل والفلسطينيين، منوهًا إلى أن من المرجح أن تعتمد التغييرات الجذرية في موقف مصر الإقليمي على المدى الطويل على مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية، بما في ذلك النجاح النسبي للإصلاحات السياسية والاقتصادية الجارية، واتجاهات العلاقة المصرية الأمريكية، والتطورات على الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية، والديناميات الإقليمية الأخرى.

تداعيات السياسة الخارجية

كان الغيابُ الفعلي للشعارات المناهضة لإسرائيل والمعادية للولايات المتحدة في الانتفاضة المصرية في ميدان التحرير دليلًا على أن الثورة لا علاقة لها لا بإسرائيل ولا بالولايات المتحدة. ومع ذلك؛ لا يمكن فصل الانتفاضة المصرية والمرحلة الانتقالية تماما عن إسرائيل والولايات المتحدة، حتى لو كانت الثورات الشعبية لا تنم عن أية مخاوف تتعلق بالسياسة الخارجية. فالتغيرات المرتبطة بالتحول السياسي الجاري في مصر سيكون لها تأثير عميق على العلاقات بين مصر وكلا البلدين في السنوات القادمة.

ويُشير الباحث إلى أن الدعم للفلسطينيين والعداء تجاه إسرائيل متأصلان بعمق في الثقافة السياسية المصرية والوعي الوطني. فإلى جانب التعاطف مع محنة الفلسطينيين؛ غذّت التضحيات المصرية بالدم والمال في الماضي العداء تجاه إسرائيل؛ إذ أسفرت أربعة حروب مع إسرائيل في الماضي عن م*** عشرات الآلاف من المصريين، وعن إهدار مليارات الدولارات. وحتى بعد مرور ثلاثة عقود من السلام الرسمي؛ لا يزال ينظر معظم المصريين إلى إسرائيل على أنها عدو وتهديد للأمن القومي، ليس للفلسطينيين فحسب؛ بل للعرب كافة.

ولم يبذل نظامُ مبارك شيئًا يُذكر لكبح تلك المشاعر العدائية، فهو لطالما حرص على إثارة الكراهية ضد إسرائيل كوسيلة لتعزيز شرعيته الداخلية. ورغم أن معظم أشكال التعبير السياسي كانت إما محظورة أو خاضعة لقيود مشددة تمامًا؛ كان نظام مبارك يتسامح عمومًا مع الأنشطة المعادية لإسرائيل والمؤيدة لفلسطين، طالما أن تلك الأنشطة لا تنتقد النظام نفسه. بيد أن هذا التوازن تعذّر تبريره إلى حدٍّ كبير مع مستهل القرن الحادي والعشرين، وظهور ما يسمى بـ"الحرب على الإرهاب".

وبعد هجمات 11 سبتمبر 2001؛ جعل مبارك مصر بمثابة حجز الزاوية لاثنين من الركائز الأساسية للسياسة الأمريكية؛ وهما مكافحة الإرهاب وعملية السلام العربية الإسرائيلية. وبلغ التنسيق الأمني وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة مستويات غير مسبوقة عقب فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية في عام 2006. وفي ظل تعزيز مبارك مكانته عند الولايات المتحدة وإسرائيل؛ ظهرت تصورات بأن نظام مبارك يمثل امتدادًا للسياسة الأمريكية والإسرائيلية.

وقد أثار قمع إسرائيل لانتفاضة الأقصى التي اندلعت في سبتمبر 2000، والغزو الأمريكي للعراق في عام 2003؛ حفيظة المصريين وغيرهم من العرب. واستشرت مبادرات تضامنية مع فلسطين، ومبادرات مناهضة للتطبيع، وحملات مقاطعة لإسرائيل، ومظاهرات حاشدة ضد إسرائيل والولايات المتحدة في النصف الثاني من العقد ردًّا على حرب لبنان وحصار غزة والحرب الإسرائيلية على غزة (التي أُطلق عليها عملية الرصاص المصبوب). وعلى حد وصف الباحث؛ كانت هذه الأحداث ملهمة لجماعات مثل "حركة كفاية" و"حركة 6 إبريل". وعند مرحلة ما؛ أصبحت الأنشطة السياسية الفلسطينية حافزًا لحركة الاحتجاج التي أفضت في نهاية المطاف إلى اندلاع ثورة 25 يناير في عام 2011.

وكانت الولايات المتحدة تتوقع من مبارك أن يصعّد ضغوطه على القيادة الفلسطينية للمشاركة في المفاوضات، وأن يكف عن المصالحة مع حماس. وبإغلاق معبر رفح الذي كانت تمر عبره المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة؛ أضحى نظام مبارك متورطًا في الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع. وقد كان يُنظر إلى سلوكيات مبارك في المنطقة على أنها مجرد تنفيذ لأوامر الولايات المتحدة وإسرائيل؛ بل وكان القادة الإسرائيليون يعتبرونه بمثابة جائزة إستراتيجية. ومن ثم يرى الباحث أنه لم يكن ثمة شيء أكثر ضررا على مكانة مبارك من غزة وقضيتها.

إسرائيل وفلسطين ومصر الوليدة

واصلت المشاعر المؤيدة للفلسطينيين والمعادية لإسرائيل تحريك السياسة المصرية في أعقاب الانتفاضة؛ إذ وقع اقتحام للسفارة الإسرائيلية في القاهرة يوم 9 سبتمبر 2011 احتجاجًا على م*** حرس الحدود المصرية الإسرائيلية إبان عملية إسرائيلية ضد المسلحين في سيناء. وأوحى ذلك الهجوم الذي دفع إسرائيل إلى إجلاء سفيرها وطاقم السفارة من مصر للإسرائيليين والأمريكيين والفلسطينيين على حد سواء بأن التغيير قادم لا محالة. ومن جهتها، أدانت جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب السياسية الأخرى الهجوم على السفارة، واصفين إياه بأنه عمل غير لائق بدولة متحضرة.

وبعد ذلك؛ صوت البرلمان المصري في مارس 2012 على طرد السفير الإسرائيلي من القاهرة، فيما ينم عن توافق نادر في الآراء حول السياسة المصرية، وعن عزم الطبقة السياسية في مصر على الوقوف ندا لإسرائيل. وقد أعلن البرلمانيون أن "مصر الثورية لن تكون شريكا أو حليفا للكيان الصهيوني، الذي نعتبره العدو رقم واحد لمصر والأمة العربية".

وعلى الرغم من اللهجة الصارمة النابعة من القاهرة؛ لم تتغير السياسة المصرية تجاه إسرائيل والفلسطينيين إلا قليلا منذ الإطاحة بمبارك في فبراير 2011؛ حيث إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة صرح بدعمه التزامات مصر الدولية -بما في ذلك معاهدة السلام مع إسرائيل- وكذلك فعلت الأحزاب السياسية المصرية، العلمانية منها والإسلامية. هذا وتواصل مصر دعم عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، ولا تزال داعما أساسيا للسلطة الفلسطينية التي مقرها رام الله.

وكانت التطورات الجديدة التي طرأت على مصر منذ الإطاحة بمبارك هي إبرام اتفاق مصالحة بين فتح وحماس في إبريل 2011، وتزايد الفراغ الأمني في سيناء. والأهم من ذلك؛ استمر التنسيق الأمني بين مصر وإسرائيل على مدى تحول مصر السياسي، على الرغم من ارتفاع حدة التوتر على جانبي الحدود. ومن ثم يمكن الزعم بأن التوجُّه العام للسياسة الخارجية لا يزال مشابها لذلك الذي كان موجودًا في عهد مبارك، وفقا لما يراه الجندي.

ولربما يكون التغيير الأكثر وضوحا في مصر الحديثة -من وجهة نظر الباحث- هو تصاعد أهمية الرأي العام، الذي يعتبر في الوقت الراهن بمثابة قوة في السياسة الداخلية. فقد كان صوت الرأي العام مسموعًا إلى حدٍّ كبير في الفترة الانتقالية؛ بل ومن المرجح أن يكون للمصريين العاديين تأثيرٌ أوضح على الساسة في الوقت الراهن.

احتمالات استمرار السياسة الخارجية القديمة

قد يُعيد الإسلاميون توجيه السياسة الخارجية في الوقت المناسب، بيد أن ثمة عدة أسباب وراء توقُّع استمرار السياسة الخارجية القديمة عن تغييرها في السنوات القليلة القادة، بغض النظر عمن يحمل مقاليد السلطة.

السبب الأول: هو انشغال المصريين بالقضايا الداخلية، ما يحول دون متابعتهم أجندة السياسة الخارجية في الوقت الراهن.

السبب الثاني: هو أن مصير البرلمان وصياغة الدستور لا يزال مجهولا إلى حد كبير.

السبب الثالث: هو أن من المرجح أن يستمر الصراع بين الإسلاميين والقوى الثورية لبعض الوقت. ومن المحتمل أن تستمر حالة عدم الاستقرار بسبب ترنُّح الاقتصاد المصري.

ومن ثم ستعجز مصر عن التفكير في السياسة الخارجية لبعض الوقت، وستفضل إعطاء الأولوية للقضايا الداخلية الملحّة، مثل الأمن والاقتصاد، وذلك وفقا لما يراه الجندي.

تعديل كامب ديفيد

من المرجح أن تركّز السياسة المصرية تجاه إسرائيل وفلسطين في السنوات المقبلة على ثلاث نقاط هي:

أولًا: ستحافظ مصر على معاهدة السلام مع إسرائيل، ولكن ستسعى إلى إدخال بعض التعديلات في نهاية المطاف؛ فهو شيء طالبت به معظم الأحزاب السياسية المصرية، العلمانية والإسلامية، بالفعل. ومن المرجح أن تكون التعديلات متعلقة بالوضع في سيناء، وخاصة لتفاقم المشاكل الأمنية هناك.

ثانيًا: من المرجح أن تركّز السياسة المصرية على تحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية بدلا من التركيز على عملية السلام. فمن المرجح أن نرى تركيزا أقل على المفاوضات مع إسرائيل، على أن نرى تركيزا أكبر على ردع ال*** الإسرائيلي الفلسطيني وعلى تعزيز المصالحة الفلسطينية الداخلية.

ثالثًا: من المرجح أن تركّز مصر في السنوات القادمة على مواصلة التنسيق الأمني مع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.

وفي النهاية؛ يُشير خالد الجندي إلى أن انفراج الأزمة القائمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين يتطلب إرادة سياسية كبيرة واستقرارا في مصر، منوها إلى أن من المستبعد أن يتحقق أيٌّ من ذلك بحلول نهاية عام 2012 أو أوائل عام 2013.

aymaan noor 24-09-2012 06:20 AM

هل تعصف رياح الربيع العربي بالأردن؟
 
هل تعصف رياح الربيع العربي بالأردن؟
http://www.rcssmideast.org/media/k2/...eb72fad8_L.jpg
أحمد زكريا الباسوسي
يبدو أن رياح الربيع العربي تتصاعد في الأردن بعد سلسلة من الأزمات المتلاحقة في الأونة الأخيرة ، بما يفرض على الحكومة نهجا سياسيا مغايرا ، لاسيما مع اتساع وتيرة الاحتجاجات على الأوضاع السياسية والاقتصادية، والتي وصلت إلى حد المطالبة بإسقاط النظام في بعض التظاهرات، وتغيير نظام الحكم إلى الملكية الدستورية.

ومع تحقيق الثورات في البلدان العربية الأخرى نجاحات نسبية؛ شجع ذلك القوى السياسية الأردنية لا سيما الجبهة الوطنية للإصلاح وجماعة الإخوان المسلمين والأحزاب اليسارية على وضع مزيدٍ من الضغوط على النظام الأردني. التقرير التالي يرصد الأزمات في يواجهها النظام الأردني في الأونة الأخيرة، ومحاولة الحكومة امتصاص المد الثوري.

أولا: المطالبة بالملكية الدستورية

دأبت القوى السياسية الأردنية منذ اللحظات الأولى على دفع النظام لإقرار مبدأ الملكية الدستورية كأساس لنظام الحكم في المملكة. ولهذا قادت عدة أحزاب إسلامية ويسارية أردنية معركة تعبئة الشارع للمطالبة بالملكية الدستورية، يأتي في مقدمتها حزب جبهة العمل الإسلامي، وحزب النهضة الذي لا يزال تحت التأسيس. إذ ترى تلك الأحزاب أن الإصلاح الحقيقي لن يتحقق إلا من خلال البدء
بإصلاحات دستورية حقيقية تجعل الشعب مصدر السلطات، وهو ما لن يتحقق إلا بإقرار الملكية الدستورية كنظام لحكم المملكة.

وفي هذا السياق؛ تم تشكيل ما يسمى بـ"هيئة متابعة المبادرة الوطنية للملكية الدستورية" من القوى السياسية المختلفة الداعمة للمطلب، والتي سارعت بعرض مطالبها على الملك، والتي تلخصت حول الآتي:
- إعلان الملكية الدستورية صراحا ليكون نظام الحكم الرسمي في المملكة.
- أن يصبح مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان منتخبا، ويمتلك كامل السلطات والصلاحيات بما فيها الموافقة على الالتزامات والتعهدات الدولية للمملكة الأردنية. وعليه تحمل كامل المسئوليات كمسئول أمام الشعب الذي قام بانتخابه.
- أن يتم تشكيل الحكومة عبر الأغلبية البرلمانية المنتخبة، على اعتبار أن كافة النظم المتقدمة لا يجوز أن يتولى السلطة التنفيذية فيها من ليست له صفة تمثيلية.
ولهذا؛ فقد نظمت الهيئةُ عدة اعتصامات ومظاهرات كان أبرزها تلك التي كانت أمام مجلس الأمة في العاصمة عمان، والكرك، وإربد، والتي نادت في مجملها بضرورة إعادة السلطة للشعب عبر تطبيق الملكية الدستورية.

وعلى صعيدٍ آخر؛ ترفض قوى حكومية وسياسية أخرى هذا المفهوم لعدة أسباب؛ أولها: أن المملكة منذ استقلالها تأسست على مبدأ الدستورية، وأنها مطبقة بالفعل بوجود برلمان يمتلك العديدَ من السلطات، وصلاحيات للملك كرئيس لدولة ملكية دستورية. ولهذا فقد وصفت تلك القوى هذا التوجهَ بأنه مُعادٍ للملك، وهو لا يعبر عن حقيقة حالة الشارع الأردني الذي يدعم الملك بشكل كبير وفقًا لرؤيتهم.

ثانيها: الوضع الاستثنائي للتركيبة السكانية الأردنية، إذ وصل عدد الأردنيين من أصل أردني ما يقرب من 2 مليون نسمة، بينما الأردنيون من أصل فلسطيني وصل إلى ما يربو من 3 ملايين نسمة؛ حيث نتج عن ذلك اختلال في التركيبة المجتمعية الأردنية، ومن ثم أصبح الأردنيون من أصل أردني أقلية. وبالتالي، فإن سيطرة الأغلبية على الحكم في البلاد من شأنه أن يزيد من سيطرة الأردنيين من الأصول الفلسطينية. وهو ما يرتبط عقائديا ويرسخ لفكرة إسرائيل وبعض القوى الأردنية المتحالفة معه حول توطين الفلسطينيين في الأردن بديلا عن وطنهم الأصلي. وبالتالي فإن مسالة الملكية الدستورية ستظل المطلب الرئيسي للقوى المعارضة في محاولة لتقليص سلطات الملك عبد الله في مواجهة اتساع نطاق البرلمان بغرفتيه النواب والأعيان.

ثانيا : إشكالية قانون الانتخابات

تفاقمت أزمةُ الصراع حول الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها قبل نهاية العام في الأردن إلى الحد الذي دفع الملك عبد الله إلى توجيه كلمة لجماعة الإخوان المسلمين التي تقود معارضة الانتخابات، مفادها أنهم ليس أمامهم إلا المشاركة في عملية الانتخابات، أو البقاء في الشارع إلى الأبد.فمجرد تصديق الملك عبد الله على قانون الانتخابات المعدل الذي صدر عن البرلمان الأردني، والذي تم بمقتضاه زيادة عدد المقاعد المخصصة للقائمة إلى 27 مقعدا بدلا من 17 مقعدا في النسخة الأولى من القانون، ذلك بالإضافة إلى 108 مقاعد للدوائر الفردية، و15 مقعدا للكوتة النسائية ليرتفع بذلك عدد المقاعد إلى 150 بدلا من 140 مقعدا؛ دفع قوى المعارضة الأردنية من بينها جماعة الإخوان المسلمين والجبهة الوطنية للإصلاح والحركات الشبابية والشعبية وحزب الوحدة اليساري إلى الاعتراض عليه، ووصل الأمر إلى حد إعلانها مقاطعة العملية الانتخابية برمتها، كمحاولة لثني النظام عن إجرائه هذه الخطوة، أو على أقل تقدير تعديل قانون الانتخابات.

ومع اشتداد الخلاف بين النظام والمعارضة، طرحت جماعة الإخوان المسلمين ثلاثة مقترحات كبديل عن الطرح الُمشار إليه في القانون؛ أولها: إجراء الانتخابات على أساس القائمة الوطنية الكاملة، بحيث يرشح كل حزب أو تكتل 120 نائبًا، ويقومُ الناخبُ بالتصويت مرة واحدة، ثانيها: إجراء الانتخابات بالنظام المختلط؛ إذ يسمح للناخب بالتصويت على قائمة وطنية مفتوحة يكون لها 50 % من مقاعد البرلمان، في حين يصوت الناخب داخل الدائرة الخاصة به، شرط أن يصوت بعدد المقاعد المخصصة لتلك الدائرة. وثالثها: إجراء الانتخابات على أساس التصويت بعدد المقاعد المخصصة للدائرة، ويتم إلغاء القائمة الوطنية.

لكن يبدو أن الأزمة ستظل مسيطرة على الأجواء لا سيما مع تمسك كل من الطرفيين بوجهة نظره، وفشل كافة محاولات الوساطة بين القصر الملكي وجماعة الإخوان المسلمين إلى الحد الذي وصفها العديد من المراقبين بأنها وصلت لطريق مسدود بعد أن وضع العاهل الإخوان بين خيارين فقط؛ إما المشاركة أو البقاء بالشارع. وجاء رد فعل الجماعة على لسان الرجل الثاني بها زكي بن أرشيد بأن الجماعة ستختار البقاء في الشارع أفضل.

ثالثا: أزمةٌ اقتصادية طاحنة

تُعتبر الأزمةُ الاقتصادية التي تضرب الأردن من أبرز عوامل الاحتقان التي تشعل الشارع الأردني؛ إذ تستغلها القوى السياسية لحشد الرأي العام ضد النظام؛ حيث تشير عدة مؤشرات إلى تدهور الوضع الاقتصادي، ويأتي في مقدمته ارتفاع العجز المالي للموازنة بنسبة غير مسبوقة وصلت إلى 9.3% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يوازي 2 مليار دينار، بزيادة تقدر بمليار دينار عما كان متوقعا. ذلك فضلا عن ارتفاع العجز في الدين العام بما يقرب حوالي 17.5 مليار دينار.

وفي محاولة لمواجهة تلك الأزمة؛ اتخذت الحكومة الأردنية قرارًا برفع أسعار المحروقات، لا سيما البنزين 90 بنسبة 7% والسولار بنسبة 10%، وهو الأمر الذي أدى لتأجيج الاحتجاجات في المملكة، فقد تم على إثره تنظيم عدة اعتصامات لعل أبرزها اعتصام أمام مبنى المحافظة في الكرك، ومسيرات حاشدة في كل من معان جنوب عمان والعقبة، منددين بالقرار الذي اعتبروه سلبيًّا إلى حدٍّ كبير. مما دفع الملك عبد الله إلى أمر رئيس الوزراء فايز الطروانه بتجميد القرار أو على أقل تقدير تأجيله، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي الرافض للقرار.

ولعل تأثيرات هذا القرار لم تكن لتؤثر بهذا الشكل البالغ إلا لكونها الحزمة الثانية من رفع الأسعار؛ فقد أعقبت تلك الزيادة بما يقرب من شهر زيادة أخرى بلغت 12,9% لأسعار البنزين منخفض الجودة، والذي يعتمد عليه غالبية السكان في الأردن.

تضع ارتفاع معدلات البطالة هي الأخرى ضغوطًا كبرى على النظام في الأردن؛ حيث تُظهر التقديرات ارتفاعَ معدلات البطالة إلى 12.1% خلال عام 2012 وفقا للتقديرات الحكومية، تلك النسبة التي يراها العديد من الاقتصاديين أقل من الواقع بكثير؛ إذ وصلت إلى 25% في التقديرات غير الرسمية. إذ يستحوذ على النصيب الأكبر منها أي قرابة الثلث من الشباب في الفئة العمرية من 15- 24 عاما، وما يربو من 11 % من الفئة العمرية من 25-39 عامًا.

تكمن الإشكالية الحقيقية في أزمة البطالة أنها قابلة للاشتعال والتحول السريع إلى أزمة سياسية؛ بما قد يعصف بالنظام، لما لها من تداعيات مباشرة على قدرة المواطن على توفير احتياجاته الأساسية للحياة الكريمة، أخذًا في الاعتبار أن البُعد الاقتصادي قد لعب دورًا كبيرًا كأحد العوامل الرئيسية للثورات في مختلف بلدان الربيع العربي.

رابعا: تدهور العلاقات مع السلفيين

على الرُّغم من أن العلاقات بين النظام الأردني والجماعات السلفية كانت جيدة إلى الحد الذي جعل العديد من المراقبين يصفون السلفيين بأنهم الابن المدلل للدولة؛ إلا أنها قد دخلت في مرحلة التوتر في الآونة الأخيرة، وذلك بسبب الخلاف حول قضيتين محوريتين:

القضية الأولى: حدوث اشتباكات متكررة بين السلطات الأمنية الأردنية وأتباع التيار السلفي، كان آخرها الاشتباكات بالحجارة والغازات المسيلة للدموع التي شهدتها مدينة معان بين ثلاثمائة من أنصار التيار وقوات الأمن إثر الاعتداء على مبنى المخابرات؛ حيث اعترض السلفيون على عدم قيام الحكومة الأردنية بواجبها في السعي للإفراج عن معتقلين أحدهما في السجون العراقية والثاني في السجون اليمنية. وهو ما استدعى تدخل كبار القيادات السلفية لاحتواء الموقف، والحد من تداعياته السلبية ليس فقط على الوضع الأمني في المملكة، وإنما تأثيراته السيئة على العلاقات بين الدولة وبين التيار السلفي بوجه عام.

القضية الثانية: الخلاف حول شرعية مشاركة أتباع التيار السلفي الأردني في الحرب في سوريا ضد نظام بشار الأسد، حيث ترفض الحكومة مشاركة السلفيين في سوريا استنادا إلى إمكانية قيام نظام الأسد بعمليات انتقامية داخل الحدود الأردنية للرد على ذلك. بينما بدأت بعض القوى السلفية في التأكيد على وجود مائة من أنصار التيار يقاتلون تحت قيادة تنظيم جبهة نصرة أهل الشام في سوريا. وهو الأمر الذي أثر على طبيعة العلاقة بين الطرفين.

ولعل هذا التدهور الذي أصاب العلاقات بين النظام والجماعات السلفية قد أصبح حجر عثرة في مواجهة النظام الذي بدأت مختلف القوى السياسية تنفض من حوله، وتتركه منفردًا في مواجهة رياح التغيير العاتية التي ضربت أواصر المملكة الأردنية منذ قرابة عام ونصف.

خامسا: تعديلات قانون الإعلام والنشر

انفجرت موجةٌ جديدة من الاعتصامات إثر تصديق الملك عبد الله على تعديلات قانون الإعلام والنشر التي أقرها مجلس الأعيان، والذي فتح مجال الرفض لفكرة تقييد حرية الإعلام وتداول المعلومات؛ حيث أقر القانونُ ضرورةَ التزام المواقع الإلكترونية بالتسجيل في دائرة المطبوعات والنشر والحصول على ترخيص، ويشترط أن يرأس تحرير كل موقع إخباري عضو في نقابة الصحفيين؛ حيث زعمت الحكومةُ أن الهدفَ من القانون هو تعزيز المسئولية المهنية، ورفع مستوى الأداء الإعلامي بالمواقع الإلكترونية الإخبارية.

ولم يُقنع هذا التفسير الإعلاميين الذين دخلوا في اعتصام مفتوح اعتراضًا على القانون؛ إذ فسروه على أنه قانون مقيد لحرية الإعلام والتعبير، وأنه يأتي في إطار سياسة تكميم الأفواه وحجب المعلومات عن الشعب، لا سيما في الظروف التي تمرُّ بها البلاد من عدم استقرار، خاصة وأن الإعلام الإلكتروني قد لعب دورا محوريًّا في نشر الموجات الثورية في بلدان الربيع العربي، وبالتالي فإن الحكومة تسعى للسيطرة عليه لكي تأمن شره.

ولا تكمن الإشكالية الحقيقية في القانون ذاته؛ وإنما في استعداء النظام الأردني لفئة الإعلاميين، في الوقت الذي يحتاج فيه النظام إلى كل من يدعمه في مواجهة القوى السياسية المتربصة به، والتي تسعى بشتى الطرق لإحراجه. ويبدو أن هذا القانون قد ساهم بشكل ملحوظ في زيادة مستوى الاعتراض على السياسات الحكومية من فئة مؤثرة إلى حد كبير، نظرا لقدرتها على تشكيل الرأي العام الشعبي وتوجيهه.

الخلاصة أن النظام الأردني يواجه أزمات صعبة ، فإما أن ينجح في احتواء أثرها، وإما أن ينزلق بلا رجعة. ولعل كلمة السر في مسألة الاحتواء تكمن في مدى قدرة النظام على احتواء مطالب المواطن العادي غير المسيس في الشارع الأردني عبر وضع حلول جذرية للأزمات الاقتصادية المتواترة التي تؤثر على حياته اليومية بشكل مباشر، ولعل ثمة ميل لدى النظام الأردني لاستيعاب حركة الشارع وعدم الدخول في صدام مباشر معها، وبدا ذلك في تجميد قرار رفع أسعار المحروقات.

aymaan noor 24-09-2012 06:31 AM

الطائفية في العراق
 
الطائفية في العراق
فنر الحداد
[فنر الحداد باحث في معهد الشرق الاوسط في جامعة سنغافورة و باحث زائر في جامعة لندن.]
http://arabic.jadaliyya.com/content_...anismfanar.jpg
[غلاف كتاب فنر الحداد "الطائفية في العراق". الصورة من المؤلف]
- كيف تبلورت فكرة الكتاب وما الذي قادك نحو الموضوع؟

‪-‬ قبل الإجابة على هذا السؤال يجب النظر الى تطور الأحداث على مدى ستة عشر سنة، من 1991 ولغاية 2006 وما جرى خلالها. في الحقيقة كان البحث في بداية الأمر عن ذاكرة أحداث 1991: كيف لشعب أن يختلف هذا الإختلاف الجذري في الذاكرة بين التمجيد والتخوين؟ كيف لتمرد ضد نظام مستبد يفتقر لقاعدة شعبية (خاصة في آذار 91 بعد كوارث حرب الخليج) أن يولد انقساماً اجتماعياً بهذا العمق؟ وماذا كان أثر هذا الانقسام في الذاكرة على العلاقات الاجتماعية في ظل الحصار والتفتت الاجتماعي عامة في تلك الحقبة. عندما بدأت التطرق لهذه الاسئلة وجدت أن جوهر الموضوع هو الانقسام الطائفي والهوية الطائفية. أصبح البحث في ما يسمى "الطائفية"،وهو مصطلح مطاطي يكاد أن يخلو من أي معنى أو دقة علمية، أمراً ملحاً خاصة في عام 2006 والحرب الأهلية الطائفية مشتعلة في العراق.
باختصار، حاولت فهم الهوية الطائفية في العراق، وأهم من ذلك حاولت فهم ديناميكية العلاقات الطائفية، بمعنى آخر التفاعل الاجتماعي بين المكون السني والمكون الشيعي في المجتمع العراقي. اهتمامي ليس بالطائفية السياسية فحسب، وإنما بدور ومكان الهوية الطائفية في العلاقات الاجتماعية. من المشاكل العديدة التي ترافق الحديث عن الطائفية في العراق أن هذا الموضوع لا يزال يعاني من كونه نوعاً من التابو - خاصة في فترة ما قبل السقوط. الأمر الآخر والمنبثق من هذا الإشكال هو أن ندرة النقاش الجاد والمحايد في هذه الأمور خلق نوعاً من الجهل الذي جعل الكثيرين - ومنهم الباحثين - ينظرون إلى موضوع الطائفية من منظور المحصلة الصفرية: ففي غالب الاحيان إما ان نسمع الرأي الاختزالي الذي يكاد ينبثق عن وطنية عراقية أو تضامن مع الشعب العراقي والذي يشتهر بالمصطلح الاستهلاكي (كلنا إخوان) أو (إحنا ما عدنا شيعة وسنة)، خلاف ذلك الرأي نجد البعض الآخر، وخاصة في الغرب، يضخمون من شأن الهوية الطائفية في العراق تاريخياً واجتماعياً وسياسياً, بمعنى آخر يتصورون ويصورون كل ما هو عراقي على أنه طائفي. في ظل هذا الاستقطاب العاطفي في الآراء كان أملي بأن يكون كتابي خطوة نحو نقاش موضوعي بعيد عن التبسيطات المسيسة والعاطفية. موضوع الهوية الطائفية ليس موضوع صراع أزلي كما يروج دعاة التقسيم، و لا موضوع مؤامرات خارجية تمزق شعب متكاتفاً كما يؤمن بعض الوطنيين العراقيين والمتضامنين معهم، خاصة من اليسار.

- ماهي الأفكار والأطروحات الرئيسية التي يتضمنها الكتاب ؟

قبل الاجابة على هذا السؤال يجب أن نحذر من أن أي فكرة أو أطروحة عن أي هوية جامعة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار نقطتين أساسيتين. أولا: ما يقال عن الجماعة الفلانية مثلاً (الشيعة) أو (السنة) لا يمكن فعلاً أن يشمل جميع الشيعة ولا جميع السنة، وعلى المتابع أن يدرك دور المتغيرات العديدة المتعلقة بالهوية الطائفية (مثلا الطبقة، التحصيل الدراسي، درجة الايمان، المكان الجغرافي، من مكان الى آخر، وبين الريف والمدينة، البيئة السياسية, الوضع الاقتصادي. . . الخ). النقطة الثانية: هي أن الهوية (طائفية أم غيرها) ليست ثابتة لا من حيث المحتوى ولا من حيث الأهمية. لا يمكن الحديث بدقة أو عقلانية عن (شيعة) و (سنة) بشكل عابر للزمان والمكان، فأهمية هذه المسميات ومحتواها للفرد المنتمي إليهما في حالة تذبذب مستمر تجاوباً وبشكل يعكس السياق الاجتماعي والفكري في لحظة أو حقبة معينة. مثلاً، لا يمكن أن نمزج مضمون الهوية الشيعية العامة أو الوعي الجمعي السني أو حتى رسوخ الهوية الشيعية/السنية في المجتمع العراقي في ستينيات القرن الماضي مع الفترة الحالية. إن المزج بين الحقبتين يولد إشكالاً يتمثل في يتجاهل دور المحتوى السياسي المتغير في بروز هذه الهوية أو تلك. لذا نجد الكثير من العراقيين يصرون على عدم أهمية الهوية الطائفية في المجتمع العراقي بناء على ذكرياتهم من ستينيات أو سبعينيات القرن الماضي, ويتم هذا الإصرار بشكل مطلق وعابر للزمان والمكان والسياق ما يجعل من المستحيل فهم الهوية الطائفية من غير اللجوء إلى نظريات المؤامرة او صب اللوم على أيد خارجية. كذلك القطب المضاد والذي يصور الشيعة والسنة على أنهم في عداوة أزلية لا تسمح لأي حل غير إعادة رسم حدود العراق و المنطقة برمتها حيث لا يميزون بين فترة وأخرى مفترضين أن الهوية شيء ثابت وراسخ وما جرى بعد الـ2003 من تخندق واقتتال طائفي هو دليل على واقع العلاقات الطائفية الحقيقي الأبدي في العراق أو غيره!
حاولت في كتابي أن احلل المتغيرات المتعلقة بالهوية الطائفية لكي نفهم كيف تتقدم وتتراجع أهمية الهوية الطائفية بين فترة وأخرى. أو، بمعنى آخر، كيف لنا أن نفهم ما يبدو ظاهراً متناقضاً بين التزاوج والتعايش والحرب الاهلية؟ ومن هذه المتغيرات العوامل الاقتصادية والتأثيرات الخارجية ومنافسة الرموز ‪(‬symbols‪)‬ ومن خلالها النزاع حول تحديد الهوية الوطنية. وباعتقادي إن أكبر تعقيد في فهم الهوية الطائفية هو في علاقتها مع الهوية الوطنية حيث الرؤية الشائعة تصر على أن الهويتين، الطائفية والوطنية، متناقضتان وأن الهوية الطائفية تتسم بالتخلف والعداء والرجعية، وتدور في فلك مستقل عن الهوية الوطنية. وهذه النظرة تعزز المحصلة الصفرية التي تصر على أننا إما إخوان (وطنيون) او أعداء (طائفيون)! وهذا هو أحد أهم محاور الكتاب والذي يتلخص بعنوانه الفرعي: (رؤى مضادة للوحدة). النزاع الطائفي أو المنافسة الطائفية في العراق لا تجري على حساب الوطنية وإنما باسمها. المنافسة تتمحور حول الوطنية - وبمعنى أدق محتوى الوطنية - أكثر من الدين أو الخلافات الفقهية والفلسفية. ولذلك نجد أن هدف هذه النزاعات ليس تقسيم العراق ولا خلق دول (شيعية) و (سنية) كما يتوقع الكثير - (ومنهم نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن!). الهدف باختصار هو ترقية الرواية والرموز الخاصة بالطائفة إلى مستوى الرواية المركزية الوطنية، وبالتالي التأكيد على رؤية الجماعة - مثلا شيعية العراق وعراقية التشيع! لذلك فان الإشكال ليس في غياب الحس الوطني وإنما في تعدد الرؤى للوطنية الواحدة. في رأيي إن أسلم طريقة للتغلب على هذه النزعات هي من خلال إشاعة وطنية تتسم برمزية عابرة للطائفة. ومن خلال مثل هذه الوطنية يصبح من الممكن حصر رمزية الهوية الطائفية في المساحة الخاصة والمجال الديني. من مستلزمات هذه الفكرة أن تكون الدولة في نظر الشعب أقرب ما يمكن إلى الحياد الطائفي. ولكن للأسف فإن تاريخ العراق الحديث وحتى يومنا هذا يجعل من العراق نقيض الحياد الطائفي. والموضوع حقيقة لا يقتصر على السياسة بل يتعلق بتصورات الناس. مثال على ذلك: في الحقبة الصدامية عانى الشيعة، كما كل اطياف الشعب العراقي، ألوان الاستبداد والاضطهاد، ولكن كم من هذا الاضطهاد الذي عانى منه الشيعة كان مبنياً على الهوية الطائفية؟ هل كان العنصر الأساس في الحرمان والتمييز الهوية الطائفية أم الهوية المناطقية والعشائرية؟ وأيا كان السبب في ذلك فان الشيعة كانوا ينظرون إلى أنفسهم على أنهم ضحية الاضطهاد الطائفي، وبالتالي فهم معرضون للمبالغة في دور هويتهم الطائفية في الصعوبات التي واجهوها. وهذه الظاهرة ليست ذاتية فحسب، بل هي تعبر الذات وتؤثر في مفاهيم الآخر والمراقبين عامة. ولذلك يصبح التمرد في الجنوب (تمرداً شيعياً) ولكن تمرد الدليم بعد حادثة بيت مظلوم يسمى (تمرداً عشائرياً). أما اليوم فقد تبدلت الادوار بالكامل حيث السنة هم من يشعرون الآن بأنهم ضحية الاضطهاد الطائفي، وبناء عليه يرون عنصراً طائفياً في تقصيرات وتعسف الدولة. و في الحالتين - الشيعة بالأمس والسنة اليوم - توجد هناك مبررات عديدة للشعور بالاضطهاد الطائفي، ولكن في الحالتين يأخذ هذا التعليل للاضطهاد والتمييز صبغة شمولية وهذه ظاهرة شائعة بين كثير من الجماعات المهمشة عالمياً. اليوم الوضع في العراق يشجع مثل هذه النظرة نتيجة الدور المحوري للهوية الطائفية في تأسيس العراق الجديد وبالتالي مزج المصلحة السياسية مع الهوية الفرعية وأيضا نتيجة تبني الدولة الصريح للهوية الشيعية التي تعزز شعور السنة بالتهميش.
لتوضيح هذه الامور يركز الكتاب على فترة الحصار و ولادة العراق الجديد حتى نهاية الحرب الأهلية عام 2008. وخاتمة الكتاب تذكر بما أتى ذكره في المقدمة: حيث لا يوجد شيء ثابت في الهوية، و العلاقات الطائفية هي أقرب إلى عملية أو ديناميكية مستمرة ومضطربة تستجيب للتغيرات في المناخ الإجتماعي والإقتصادي والسياسي.

- ماهي التحديات التي جابهتك أثناء البحث والكتابة؟

- ثمة صعوبة في أي بحث يتعلق بالامور الحسية. فكيف لنا أن نقيس الانتماء أو المشاعر أو الهوية؟ لذلك أي حديث عن الهوية يجب أن يبدأ بالتاكيد على مطاطيتها. بخصوص الهوية الطائفية في العراق، وجدت أن الحساسيات والنرجسيات التي غالباً ما ترافق مواضيع الهوية مضاعفة نتيجة التسييس. وبينما هذا شئ طبيعي في العراق و العراقيين نتيجة مآسي السنين التسع الأخيرة والتي تتعلق بالهوية الطائفية، فإني وجدت نفسي أمام هذه التعقيدات ليس فقط في العراق، وإنما خارج العراق ومع غير العراقيين ايضاً. ومازلت إلى حد الآن أواجه اتهامات باني (طائفي) أو منحاز إلى هذه الطائفة أو تلك فقط لأني أبحث في موضوع الهوية الطائفية. مع العراقيين، ومع غيرهم من الذين يمكن وصفهم "الملكي أكثر من الملك" أجد أن الحديث عن انقسام طائفي بحد ذاته وبغض النظر عمّا إذا كان هذا الانقسام إيجابياً أو خبيثاً او متقلباً، يستفز البعض - ومن هناك تأتي الاتهامات بالطائفية أو حتى الاستشراق. برأيي أن هناك حساسية غير عقلانية مقابل أي حديث عن هويات فرعية عراقية وأعتقد بان هذا ناتج عن أمرين: أولاً: إرث النظام السابق الذي حارب التعبير عن الهويات الفرعية وبالتالي حولها إلى نوع من التابو, وثانياً: كردة فعل ضد بعض الأطراف، لا سيما الإدارة الأمريكية، التي ضخمت أهمية الهوية الطائفية وصورت العراقيين على أنهم شيعة وسنة فحسب. ورغم أني أؤكد على حماقة مثل هذا التبسيط لأي مجتمع، أرى في نفس الوقت أنه يتوجب علينا أن لا نرادف هذا التضخيم لمكان الهوية الطائفية في العراق بتبسيط قد يصل أحيانا إلى نفي وجود مسألة طائفية تستحق الدراسة والتحليل. في الحقيقة لا يوجد مجتمع في العالم متجانس كلياً، والبشر خبراء في التقسيم! فاذا تجانسنا مذهبياً، سنتعدد عرقياً، وإذا تجانسنا عرقياً، سنتعدد عشائرياً. . . إلخ. التعددية ليست مشكلة ولا تهديد بحد ذاتها، ماهية التعددية وكيف تنظم في الحياة العامة وما هي الانعكاسات السياسية للتعددية هي التي تحدد طبيعتها.

- كيف يتموضع هذا الكتاب في الحقل الفكري/ال*** الكتابي الخاص به وكيف سيتفاعل معه؟

- حاولت قدر الامكان أن أدخل قاعدة نظرية للحديث عن الهوية الطائفية. لا أعتقد أنه من الممكن معالجة هذا الموضوع فقط على أساس تاريخ العراق والتجربة الشخصية. لذلك اعتمدت على عدة نظريات من عدة فروع في العلوم الاجتماعية، منها الهوية، سيكولوجيا الجماعات، الوطنية، علوم سياسية وعلم الصراعات الإثنية. حاولت كذلك أن أقارب بين الحالة العراقية ودول أخرى واجهت صعوبات في التعامل مع التعددية فوجدت أن ديناميكيات نزاعات الجماعات من دولة إلى أخرى متشابهة رغم بعض الخصوصيات. بالنسبة إلى حقل دراسة العراق وتاريخه الاجتماعي أتمنى أن يكون الكتاب بداية نقاش موضوعي عن الهوية الطائفية بعيداً عن التخندق والنرجسيات الضيقة. كذلك بالنسبة إلى العلوم السياسية والهوية، آمل بأن أكون قد قدمت نظرة تحليلية وموضوعية للحالة العراقية قد يستفيد منها الباحث المختص بهذه الامور بغض النظر عن تركيزه الجغرافي.

- ماهو موقع هذا الكتاب في مسيرتك الفكرية؟

- إن هذا الكتاب يمثل لي خطوة على طريق ربما يكون طويلاً في دراسة مشاكل الهوية والتعددية بالرغم من تركيزه على الحالة العراقية التي وجدتها تصلح لتكون مثالاً لحالات تعاني منها شعوب أخرى.

- من هو الجمهور المفترض للكتاب وما الذي تأمل أن يصل إليه القراء؟

- طبعاً المختصون هم أول جمهور مفترض ولكن أتمنى أن يصل الكتاب إلى جمهور أوسع لا سيما إن موضوع الهوية الطائفية لا يزال يشغل حديث الناس ويثير جدالات حادة واحياناً غير عقلانية. بودي طبعاً أن يصل الكتاب إلى العراقيين ولذلك أتمنى أن يترجم الكتاب إلى العربية في المستقبل.
إذا كان لي أن أوصل نقطة (ربما تكون يتيمة) إلى القارئ فهي أن الهوية الطائفية ليست ثابتة، لا من حيث الأهمية ولا البروز ولا المحتوى ،و بناء على ذلك لا يجوز التعميم ولا يجوز الكلام عن (الشيعة) و (السنة) كأنهم ظاهرة ثابتة عابرة الزمان والمكان.

- ماهي مشاريعك الأخرى/المستقبلية؟

- أعمل حالياً على كتابي الثاني والذي سيتطرق إلى موضوع انقسام الذاكرة في العراق، وهو موضوع متعلق بالهوية. والكتاب سيعالج أحداث 1991 وتغيرات الخطاب الرسمي تجاه تلك الأحداث. وأتوقع أن يكون الكتاب جاهزاً للنشر في 2015. قبل ذلك سأستمر بالعمل في حقل الذاكرة والهوية، بالتحديد أتوقع نشر بحث قريباً عن ذاكرة الحرب الأهلية وآخر عن إصلاح المناهج الدراسية.

منقول

aymaan noor 24-09-2012 06:34 AM

التعددية الثقافية الطائفية في العراق
 
فصل من الكتاب
التعددية الثقافية الطائفية في العراق

فنر الحداد
[فنر الحداد باحث في معهد الشرق الاوسط في جامعة سنغافورة و باحث زائر في جامعة لندن.]
http://arabic.jadaliyya.com/content_...anismfanar.jpg
[غلاف كتاب فنر الحداد "الطائفية في العراق". الصورة من المؤلف]
ترجمة: رضا الطاهر


تشكل العلاقات الطائفية في العراق ميدان جدل مثير للنزاع والاستقطاب. فمنذ عام 2003 يغالي مؤيدو تقسيم العراق (والمتعصبون في كلا طرفي التقسيم الشيعي ـ السني) في التوترات بين السنة والشيعة العراقيين. وفي الطرف الآخر من الطيف يقلل الوطنيون والمدافعون عن وحدة العراق، داخل وخارج المؤسسة الأكاديمية، من أهمية الهوية الطائفية في العراق، ويصلون، في بعض الحالات، الى حد نكران وجودها قبل عام 2003. وربما نتيجة لذلك أصبح مصطلح الطائفية مصطلحاً مداناً وسلبياً على نحو يتعذر الغاؤه. وعندما يسألون العراقيون عن الطائفية في العراق فانهم غالباً ما ينتفضون وهم يردون بنكران دفاعي. وقد يكون هذا نتيجة سنوات من نكران وجود قضية طائفية في العراق علناً على الأقل. ومايزال التعامل مع الموضوع، باعتباره شيئاً محرماً من الأفضل تجنبه أو كشيء يجري التذمر بشأنه خلف أبواب مغلقة، سمة للنفسية العراقية. وفضلاً عن ذلك فان الأفكار التي يحملها مصطلح الطائفية قد تكون مرتبطة بالنتائج الكارثية للانفتاح المفاجيء وغير المسبوق الذي عومل به الموضوع في أعقاب حرب 2003 وتحديد الهوية الطائفية الصريح والمتحمس لأقسام كبيرة من سكان العراق في الفترة بين عام 2003 وعام 2009. وسيؤدي الى جدل مثمر بصورة أكبر اذا ما تخلينا عن مصطلح النزعة الطائفية لصالح العلاقات الطائفية. انه أكثر دقة، ذلك أنه يرغمنا على تصوير المسألة باعتبارها مسألة علاقات بين جماعات اجتماعية، وبالتالي تطبيق آلية متحركة بدلاً من آلية متصلة ساكنة. وعلاوة على ذلك فانه سيكون منطلقاً جيداً باتجاه تغيير تمس الحاجة اليه في مقاربتنا لموضوع النزعة الطائفية / العلاقات الطائفية في العراق. وفي دراسته للعلاقات بين الجماعات في حيدر آباد عبر سودهير كاكار عن أسفه لاعتماد المؤرخين وأخصائيي العلوم السياسية على "المعطيات التجريبية الموضوعية وليس الذاتية …". ولكن على الرغم من المخاطر المتأصلة فانه في الذاتي والتجريبي، على وجه الدقة، يتعين علينا أن نركز جهودنا، ذلك أن قضية العلاقات الطائفية مرتبطة، في الجوهر وعلى نحو وثيق، بادراكات المرء والآخر وبنية مركبات الأسطورة ـ الرمز المتنافسة التي غالباً ما تفصل عن الواقع التاريخي.
لقد عاش الشيعة والسنة في ما يعرف اليوم بالعراق لفترة زادت على ألف عام. وخلال أغلب تلك الفترة كانت الجماعات قادرة على أن تحيا بتعايش سلمي على الرغم من تفجر ال*** بين حين وآخر. والحقيقة أنه يجري الجدل بأن أحداث النزاع الطائفي الخطير لم تحصل الا في أعوام 1508 و1623 و1801، وكانت نتيجة مباشرة لعوامل اقليمية وليس عراقية. غير أننا عندما نقول هذا ربما ينبغي التأكيد على أن التعايش ليس مرادفاً للتسامح. فقد فند المؤرخ الأسباني جوزيف بيريز فكرة التسامح والتعايش الديني في أسبانيا العصور الوسطى: "التسامح يشترط غياب التمييز ضد الأقليات واحترام وجهات نظر الآخرين. وفي ايبيريا القرن الثامن حتى القرن الخامس عشر لم يكن لمثل هذا التسامح وجود". وفضلاً عن ذلك لم يكن التسامح، كما هو معرف أعلاه، متوفر في معظم تاريخ العراق. ومع ذلك يتعين التأكيد على أن هذا لا يستدعي بالضرورة مظهر ***. بل إن الدلالة تتمثل في أنه، بدون التسامح، يسهل تسييس واستغلال الانقسامات الطائفية كوسائل تعبئة عدوانية هجومية.
وفي العراق عاش الشيعة والسنة، على العموم، في سلام ولكن بدون تفكيك الحدود الطائفية. وعلى سبيل المثال فان الاندماج الاجتماعي والزواج المختلط بين السنة والشيعة، وهو ما يجري غالباً الثناء عليه باعتباره دليلاً على ضعف النزعة الطائفية في العراق، هو ظاهرة في القرنين العشرين والحادي والعشرين. وإذا ما اقتبسنا من تحليل كاكار للعلاقات بين الهندوس والمسلمين مرة أخرى، فقد كان السنة والشيعة في ما قبل القرن العشرين "أكثر من غرباء، ليسوا أعداء في الغالب، ولكنهم أقل من أصدقاء".
وفي الحقيقة فان بعض الأمثلة المستخدمة للتقليل من شأن الاختلافات الطائفية في العراق هي، في الواقع، مؤشر على هوة واسعة تفصل بين الاثنين. وغالباً ما يجري الاستشهاد بـ "التحالف" بين السنة والشيعة في الاعداد لثورة العشرين كدليل على النزعة الوطنية العراقية التي تتجاوز الاختلاف الطائفي. غير أنه بينما يمكن أن يكون هذا صحيحاً بالنسبة لأحداث أيار 1920، فان حقيقة أن الأحداث التي شكلت أساساً لتعليقات من المراقبين البريطانيين والعراقيين مؤشر على كونها شيئاً جديداً غير مألوف. وفي الواقع كانت نزعة وطنية عراقية متجاوزة للهوية المستندة الى الطائفة تولد وتستمر على الوجود في العراق. غير أنه اعتماداً على الظروف يمكن للنزعة الوطنية العراقية أن تتراجع ويجري تخطيها بأشكال أضيق معتمدة على الطائفة من تحديد هوية الجماعة كما كان جلياً في الكثير من عراق مابعد 2003. ويخطئ من يأخذ أحداث 1920 أساسا في تقييم التاريخ الأوسع للعلاقات الطائفية على انها مؤشر للوئام والاندماج بين الطائفتين، كذلك يخطئ من، على سبيل المثال، يأخذ التحذير الذي وجهه قسم من علماء السنة في بغداد الى السلطات العثمانية من تحول العشائر الجنوبية الى الاسلام الشيعي أ لرسم صورة للانقسام اليائس والعداوات الأبدية.
وربما أدت تجربة الدولة القومية العراقية الى مفاقمة مخاطر التوترات الطائفية. ويمكن أن تكون الحجة الأكثر بساطة متمثلة في أنه في عام 1921 أصبح العرب السنة والشيعة أصحاب حق أساسيين في العراق الجديد: وبالتالي فان توزيع الوظائف والموارد يمكن أن يؤثر، بل أثر بالفعل، على نظرات الناس الى أنفسهم والى الآخرين، وأضافت المعرفة السياسية والنضج السياسي حساً بالتأهيل بين الجماعتين، ساعد، في بعض الأحيان، على تعقيد العلاقات الطائفية في ظل غياب توزيع عادل لموارد الدولة. والأمثلة على حالات التفاوت الاقتصادي والسياسي (الفعلية أو المحسوسة) المرتبطة بالاختلاف الطائفي أمثلة وافرة: وعلى سبيل المثال أفاد القنصل العام البريطاني في تقرير له في شباط 1951 من البصرة بأن وجهاء السنة كانوا يتذمرون من أن الشيعة كانوا يعززون هيمنتهم على القطاعات الحيوية للدولة بينما السنة، كما تشكى أحد الوجهاء "منقسمون على نحو يبعث على اليأس ويتعين عليهم أن يراقبوا وثوب محدثي النعمة الشيعة الى المقدمة في جميع مجالات الادارة". وكان لمثل هذه المخاوف أن تبدو، بلا ريب، مضحكة بالنسبة للكثير من الشيعة الذين هم أنفسهم غالباً ما يتذمرون من كونهم محدودي التمثيل في ادارة الدولة. ويمكن رؤية هذا في ميثاق الشعب في آذار 1935: فهذه الوثيقة البالغة الأهمية، المقدمة الى الملك غازي، وقعت من جانب زعماء عشائريين ودينيين من الفرات الأوسط ومحامين شيعة في العاصمة، وطالبت بتمثيل أفضل للشيعة في الحكومة ودعت الى تمثيل التشريعات الشيعية في السلطة القضائية، اضافة الى الاصلاح الانتخابي والزراعي وحرية الصحافة. وعلاوة على ذلك فان "قضية النصولي" في عام 1927 تظهر كيف أنه من السهل اشعال المشاعر الطائفية عندما ينظر الى القصة التاريخية للطائفة باعتبارها تتعرض الى هجوم. وفي هذه الحالة نشر أنيس النصولي، وهو مدرس سوري يعمل في العراق، كتاباً اعتبر من جانب كثير من الشيعة هجوماً على آل بيت النبي.
ويمكن للأحداث التي وصفت أعلاه أن تستخدم لتأكيد الانقسام الطائفي في العراق وأهمية المشاعر الطائفية في تشكيل النفسية العراقية. غير أنه في جميع الأحداث التي ذكرت أعلاه، وأحداث أخرى غيرها لا تحصى، فان الثنائية الشيعية ـ السنية التبسيطية بعيدة عن أن تكون مقنعة. وعلى سبيل المثال فان ميثاق الشعب كان وثيقة مثيرة للخلاف بين شيعة الفرات الأوسط أنفسهم: فقد رفض جزء كبير من زعماء العشائر التوقيع على الوثيقة على أساس أنها تضع المصلحة الطائفية فوق المصلحة الوطنية. وإنهم، في الحقيقة، مضوا في توقيع وثيقة مضادة تدور حول ذلك الموضوع. كما أنه من الجدير بالذكر أن توقيع واحدة من الوثيقتين كان مرتبطاً، الى حد كبير، بعلاقة المرء بالحكومة القائمة وموقفه منها. أما بالنسبة لقضية النصولي فانه بينما استقطبت الرأي في أقسام من السكان العراقيين العرب، فان ايريك ديفيز استخدم هذا الحدث لتوضيح مخاطر اللجوء الى ثنائية شيعية ـ سنية أحادية البعد عبر لفت انتباهنا الى انقسام عام بين الوجهاء الذين عبأوا المواقف ضد النصولي والطلاب الذين أفلحوا في تجاوز الانقسام الطائفي وأعلنوا عن الدفاع عنه بغض النظر عن الطائفة. والشيء الذي يمكن استخلاصه من هذه الحالات هو، أولاً، أن المشاعر الطائفية موجودة، بالفعل، في العراق، ويمكن، في السياق المناسب، إثارتها بطريقة المجابهة. وهذا يتسم بامكانية التحول الى ***، وهو ما لم يتحقق الا نادراً لحسن الحظ. ومن ناحية ثانية فان نجاح التعبئة الطائفية يعتمد على جملة عوامل منفصلة عن العلاقات الطائفية. وهذا ما وصفه المنظرون، أساساً، بالطبيعة المتعددة المستويات للنزاع الأهلي: تحت "الانقسام الرئيسي"، وفي هذه الحالة التوتر الشيعي ـ السني، هناك مجموعة من العوامل المحلية الثانوية التي تؤثر على علاقات المرء أو الجماعة مع الطرف الآخر. وأخيراً فان الاستخدام السياسي للهوية الطائفية نفذ دائماً في اطار عراقي. فلا التعددية الطائفية للعراق ولا العراق ككيان سياسي جرى تحديه. بل إن تقاسم السلطة والتنافس من أجل الهيمنة داخل العراق هو أصل المشكلة.
ومما يثير الدهشة أن يأتي أحد التوصيفات الدقيقة للعلاقات الطائفية في العراق من السفير البريطاني في العراق عام 1950 السير هنري ماك. فقد تحدث السير هنري بتفصيل عن الطبيعة المتغيرة للعلاقة بين السنة والشيعة، وما رآه كتوترات ناشئة ارتباطاً بتحديات الشيعة لهمينة السنة غير المشكوك فيها حتى ذلك الحين. وقد أثار هذا، بالمقابل، المخاوف بين النخب السنية "من امكانية التفوق عليهم من جانب الأغلبية" مما يسبب "رد فعل بالقوة المتزايدة". وما هو جلي من رسالة السير هنري هو أنه في عام 1950 كان تسييس الهوية الطائفية قد تصاعد. ولا ينبغي أن يفسر هذه باعتباره حقيقة أبدية، ولا يشكل بالضرورة جزءاً من اتجاه متصاعد. بل إنه يجب أن ينظر اليه باعتباره تصويراً للوضع في عام 1950 حتى على الرغم من أن أحداثاً سابقة ربما تكون قد أثرت على الآليات التي جرى وصفها في الرسالة. وعندما تكون الهوية الطائفية وثيقة الصلة سياسياً بالموضوع، أو عندما تتصاعد التوترات الطائفية لأي سبب كان، تبرز المخاوف من الآخر والآراء السلبية المقولبة التي كانت ساكنة منذ زمن بعيد. ومن هنا التكرار، عبر قرون، للاتهامات ذاتها وقضايا الخلاف ذاتها بين الشيعة والسنة. ومن أجل توضيح الأمر يقدم السير هنري مثالاً على المخاوف السنية التي يمكن أن نجدها بسهولة على الانترنت في الوقت الحالي أو في محادثات غير رسمية:
جرى توضيح لاعقلانية موقفهم (السنة) بصورة مناسبة من جانب وكيل وزارة الخارجية (العراقية) عندما أبلغ أحد موظفينا من أن الشيعي لا يمكن الثقة به اطلاقاً لأن دينه يسمح له بالمراوغة مع الحقيقة (وهي اشارة الى ممارسة التقية).

إن بروز مثل هذه المشاعر بعيد عن أن يكون ثابتا أو مستمراً، ولكنها تشكل جزءاً من ذخيرة الأساطير المضادة التي يمكن الاستناد اليها في أوقات التوتر الطائفي المتصاعد. وكمثال على ذالك، فقد جرى ابلاغي، في مقابلة مع دبلوماسي سني عراقي سابق من عهد صدام، بأن "المشكلة" مع الشيعة هي أنهم يجدون من السهل جداً أن يكذبوا بسبب مبدئهم المسمى التقية. غير أن هذا لم يمنع من أجريت معه المقابلة من اقامة صداقات وعقد وزواج مختلط مع عوائل شيعية. فاحدى بناته متزوجة من شيعي. ومن الناحية الجوهرية فان ما قاله الرجل هو أن لدى الشيعة نزوعاً للخداع، ومع ذلك فان هذا لم يمنعه من تزويج ابنته من شيعي. والافتراض الطبيعي الذي يمكن للمرء اتخاذه هو أن مثل هذه المشاعر والآراء المقولبة السلبية هي، في العادة، معلقة وغير ذات صلة بموضوع العلاقات الشيعية ـ السنية ما لم تثرها الأحداث أو الظروف أو المؤسسة الأكاديمية الميالة للبحث والتحقيق. وهذا هو السبب الذي يجعل الرأي العراقي بشأن موضوع العلاقات الطائفية يكشف أحياناً عن ميول شيزوفرينية تقريباً: فالكثير من العراقيين يمكن أن يؤكدوا، على نحو متصلب، عدم ارتباط الهوية الطائفية في العراق بالموضوع، ومع ذلك فانهم يشاركون في أكثر النزاعات هجومية في ما يتعلق بالآخر.
ويتعين تحديد استثناءات بالنسبة للمتطرفين الطائفيين الذين لابد أن يفترض المرء أنهم يشكلون أقلية عددية. فالتاريخ العراقي يبلغنا أنه "في العادة"، وبالنسبة للأغلبية الساحقة من العراقيين العرب، تعتبر أهمية الهوية الطائفية ثانوية مقابل الأشكال الأخرى من تحديد هوية الجماعات، على الأقل النزعة الوطنية العراقية. ومن سوء الحظ فانه عندما تشتد التوترات الطائفية، لأي سبب كان، يمكن للمتطرفين الطائفيين كسب اتباع، وإن كانوا في الغالب أتباعاً مؤقتين. ويقدم السير هنري خلاصة لطبيعة العلاقات الشيعية ـ السنية في العراق ماتزال صحيحة على الرغم من الاستثناءات مثل عام 1991 او عام 2006 " ... يبقى الصراع (بين الطائفتين) مخفياً جزئياً، وهو ما يشعر كلا الطرفين بسببه بالخجل على نحو غامض ويود الطرفان رؤية حل له بدون صدام سياسي سافر".
وقبل الانتقال الى عراق مابعد 2003، لابد من الاشارة الى نقطة أخرى هامة بخصوص العلاقات الطائفية في العراق وهي ذات صلة بالطبقة. وغالبا ما يصاغ خطابنا حول الآليات الشيعية ـ السنية في العراق من جانب عراقيين من فئات اجتماعية ـ اقتصادية وثقافية معينة. وقد جرى تجاهل تأثير الطبقة، بدلالاتها الثقافية وكذلك الاقتصادية، على العلاقات الطائفية، الى حد كبير. وبينما يعتبر صحيحاً وجود أحياء بغدادية قليلة مكونة حصراً من طائفة واحدة، يمكن القول أن المناطق المختلطة الى حد كبير هي المناطق التي تسود فيها الطبقة الوسطى. وليس بعيداً عن المنطق أن نفترض علاقة سلبية بين الحراك الاجتماعي ـ الاقتصادي وتحديد الهوية الطائفية. ومن المألوف أن نسمع نكراناً للنزعة الطائفية من جانب عراقيين في كل مناحي الحياة. غير أنه بعيداً عن هذا الاعلان الدوغماتي عن الوحدة الشاملة، فانه من السليم الافتراض بأن الأواصر التي تربط الشيعة والسنة أقل بكثير في مناطق الطبقة العاملة منها في مناطق الطبقة الوسطى. وبالتالي فان سكان مناطق بغدادية مثل مدينة الصدر أو الشعلة أو الفضل أقل تجانساً بكثير من سكان مناطق ميسورة مثل زيونة أو الجادرية أو اليرموك. وتضم الكرادة، التي غالباً ما توصف باعتبارها شيعية، مناطق عدة بعضها أكثر تجانساً من الأخرى حيث نجد علاقة اجتماعية ـ اقتصادية جلية بين الطبقة والتجانس الطائفي. وهذا ليس خاصاً بالعراق أو القرن العشرين: ففي تعليقه على ال*** الطائفي في الولايات العربية للامبراطورية العثمانية في القرن التاسع عشر، يرى بروس ماسترز أن "... نخبة العرب المسلمين المدينية في ذلك الوقت ألقت باللوم على "الغرباء" ـ البدو، الأكراد، الفلاحين، والدروز ـ ذلك أنه لم يكن لرؤيتهم للعالم أن تعترف بأن مواطنيهم المدينيين الأفقر يمكن أن يرتكبوا مثل هذه الانتهاكات مهما كانت اثارة المسيحيين لهم كبيرة". والعجز نفسه عن ادراك العداء وال*** الطائفي جلي لدى كثير من العراقيين اليوم للأسباب نفسها. ففي صيف عام 2006، حيث استمر ال*** الشيعي ـ السني في بغداد على التفاقم على نحو منفلت، قال دبلوماسي عراقي سابق (شيعي هذه المرة) بابتسامة تنم عن دراية: "لابد أن يبدأ الأمر في غرفة النوم !" والتنويعات على هذا الموضوع التي تؤكد شيوع الزواج المختلط كمتراس ضد الحرب الأهلية تنويعات مألوفة، ولكنها تضع قيمة أكبر بكثير لممارسة مقيدة الى حد كبير بالطبقة والجغرافيا. وفي كل الأحوال فقد فشل الزواج المختلط في سياقات أخرى كما هو الحال في البلقان.
وهناك لازمة أخرى شائعة تتمثل في أن العراقيين كانوا، في الماضي، لا يعرفون من هو شيعي ومن هو سني، وفي بعض الحالات لا تفهم مصطلحات الشيعي والسني الا على نحو هزيل. وربما كان هناك شيء من الحقيقة في ذكريات عراق ماقبل 1990. ومع ذلك فان إحدى الموضوعات الرئيسية لهذا البحث تتمثل في أن بروز الهوية الطائفية يتغير اعتمادا على الظروف. غير أن مثل هذه الذكريات لا تعكس تجاوزاً للاختلاف الطائفي بقدر ما تعكس قلة الارتباط بموضوع الهوية الطائفية في فترة معينة من تاريخ العراق. إن تجاهل طائفة الآخر ليس رمزا للانسجام الطائفي، وانما يلقي ضوءاً على حقيقة أن القضية عوملت كشيء محرم من الأفضل تجنبه. وفي دراسته العميقة للهوية العراقية جادل سليم مطر بأن الحاح الدولة العراقية والشعب العراقي على المبالغة في تأكيد هوية العراق الموحد على حساب فهم الاختلافات الطائفية كان له تأثير ضار على التلاحم الاجتماعي. وكان الفهم الذي عوملت به المسائل الطائفية يعني أن القضايا الطائفية كانت تطرح في اطار طائفة وليس في اطار حوار شامل، ومن باب المفارقة أن هذا أدى الى تقوية نزعة الجماعات بدلا من تعزيز الوحدة. وهكذا فان المعرفة المحدودة التي كانت لدى العراقيين لفهم بعضهم بعضاً جرى الحصول عليها الى حد كبير عبر الحكمة الموروثة وليس عبر البحث المعرفي. ونتيجة لذلك فان الشكوك بين الجماعات موروثة من جيل الى جيل مع قليل من الفعل المضاد لتأثيرها في صياغة آراء الآخر. وفضلاً عن ذلك أود أن أضيف بأن وعي المرء بطائفته وطائفة الآخر والأهمية المعلقة على الاختلافات بينهما مرتبطة، على نحو وثيق، بالقدرة على استيعاب الظلم الاجتماعي. في عراق ماقبل 2003 كان الشيعة أكثر احتمالاً في الحديث عن قضية طائفية بالمقارنة مع مواطنيهم السنة، لأن كثيراً منهم كانوا يعتقدون بأن هناك آصرة مباشرة بين هويتهم الطائفية واضطهاد الدولة (الفعلي أو المحسوس). فالسنة لم يصوروا النزعة السنية / الهوية السنية كبؤرة هجوم من جانب الدولة أو أي شخص آخرـ وفي ذلك السياق، وفي انعكاس لما كان جار في ذالك الزمان، جرى تصور ايران باعتبارها تهديدا للنزعة القومية العربية أكثر منها تهديداً للاسلام السني. وشعر الشيعة، في الجانب الاخر، بأن حريتهم في التعبير عن هويتهم الشيعية كانت تواجه قمع الدولة، وأنه كان يجري التمييز ضدهم لصالح العراقيين السنة. ومن هنا فان العراقيين الشيعة أكثر احتمالاً بكثير في التعبير عن "قضية طائفية" في عراق ماقبل 2003. ولا حاجة بنا الى القول إن الأدوار انقلبت منذ عام 2003، حيث بات الشيعة أكثر احتمالاً لنسيان ونكران التمييز الطائفي الذي ترعاه الدولة. واذا ما أخذنا بالحسبان أن الهوية الطائفية جرت تغذيتها عبر الاضطهاد والتمييز المحسوس بين الشيعة لفترة أطول بكثير مما بين السنة، فان هذا المنطق يفرض أن الهوية الطائفية الشيعية ربما مصاغة على نحو أكثر تماسكاً وتتسم بهيكل أغنى من الرموز والأساطير ـ وبكلمات أخرى فان الهوية الشيعية العراقية تتسم بمركب أسطورة ـ رمز أكثر قوة بكثير من نظيرتها السنية.

aymaan noor 24-09-2012 09:10 AM

الدعوة السلفية بمصر و حزب النور في مواجهة النجاح
 
الدعوة السلفية بمصر و حزب النور في مواجهة النجاح
طارق عثمان
مقدمة
تعتبر القوى السلفية في مصر ، واحدة من أهم الحركات الاجتماعية الفاعلة ، في البيئة المابعد ثورية ، مجتمعيا عامة ( العمل الدعوي و العمل الخيري / الخدمي )، وسياسيا خاصة .

و تتشكل القوى السلفية ، من مروحة عريضة من الكيانات المنطلقة من الفكر السلفي كأيديولوجيا ، ولكن لا يجمعها كيان تنظيمي واحد ، تنتظم من خلاله ممارساتها المجتمعية و السياسية .

فثمة مفارقة تتمثل في عدم تشكل كيان سلفي واحد ،بالرغم من وحدة وصلابة المنطلق الفكري السلفي ، وذلك يرجع في جزء منه إلى طبيعة الفكر السلفي نفسه ، بينما الجزء الأكبر ، يرجع للشروط السوسيوتاريخية التي رافقت تشكل الظاهرة السلفية في مصر .

هذا وقد مثلت الثورة المصرية في 25 يناير 2011 ، تحديا كما مثلت فرصة للقوى السلفية ؛ أما عن الفرصة، فقد مكنتها من تحقيق درجة عالية من الحضور المجتمعي ؛ إذ انفتحت البيئة المابعد ثورية للسلفيين ، بعد حالة من الحظر الذي فرضه النظام السابق عليها ( وعلى باقي الحركات الإسلامية الفاعلة ضده أو قل التي لا تسانده صراحة ) ، فزاد حضورها الإعلامي بدرجة عالية ، و انفتحت على شرائح مجتمعية ، كانت منعزلة عنه فيما قبل الثورة ، وتوج هذا الحضور بالمشاركة السياسية ؛ إذ انخرطت القوى السلفية ، في المشهد السياسي بعمق ، وكونت عدة أحزاب سلفية ، خاضت أول انتخابات بعد الثورة ، لتحقق نجاحا مبهرا؛ إذ مثلت ثاني أكبر كتلة برلمانية ، بعد حزب " الحرية و العدالة " الذراع السياسي ، لجماعة الإخوان المسلمين . وذلك قبل حل مجلس الشعب ،بقرار من المحكمة الدستورية العليا في 2012
هذا النجاح الذي حققته القوى السلفية ، قد فرض عليها أيضا الكثير من التحديات ؛ و التي تدور في مجملها حول القدرة على التكيف ، مع البيئة الجديدة ، وتتوزع على مستويات فكرية ، و ممارسية. وتتعلق بالقدرة على بلورة خطاب ملائم لكل من الكيان السلفي نفسه ، و باقي مكونات المجتمع .

و بالتركيز على الداخل السلفي ، الذي يتشكل (كما أسلفنا) من كيانات سلفية متفرقة ، لا يجمعها تنظيم واحد ، و إنما تشترك في المنطلق الفكري السلفي ( مع بعض الخلاقات التفصيلية في حزمة من المسائل الشرعية ، ولكنها خلافات تظل داخل إطار الفكر السلفي ) ، نجد أن " الدعوة السلفية " هي الكيان السلفي الأكثر وضوحا وحضورا ، من بين باقي القوى السلفية ، قبل و بعد الثورة ، و إن كان هذا الحضور ، قد تُوج بتفوقها السياسي ، بعدما أسست حزب " النور " الذي يعتبر ثاني أكبر قوى سياسية ، بعد حزب " الحرية و العدالة" >

وفي خضم تطورات البيئة السياسية المصرية ، طفا على السطح بعض المؤشرات على وجود أزمة داخل حزب النور ؛ حيث قدم مسئولو الحزب ، بمحافظة الغربية استقالات جماعية ، وكذلك قدم أمين الحزب بالقاهرة استقالته ، في أغسطس 2012 ، تأتي هذه الاستقالات قبيل الانتخابات الداخلية للحزب ، وقبل الانتخابات البرلمانية الثانية ، المزمع إجراءها ،بعد الانتهاء من صياغة الدستور ، و الاستفتاء عليه ، في أواخر سبتمبر 2012 . والتي من المرجع أن تكون أكثر تعقيدا ، مقارنة بالانتخابات الأولى ، نظرا لعوامل كثيرة ، تتعلق بتغيرات تفاصيل المشهد السياسي ، وترتبط بممارسات القوى السياسية خلال الفترة المنصرمة . مما يشعر بوجود أزمة داخل حزب النور ، (والدعوة السلفية ) ، تمثل تحديا لها في الفترة المقبلة .
من هنا تأتي أهمية هذه الرؤية : إذ تحاول مقاربة هذه الظاهرة ، ببيان أسبابها ،و أثرها ومآلاتها على الحزب و الدعوة . محاولة أن تجيب عن السؤال المركب الآتي : ما هي المتغيرات التي دفعت إلى حصول هذه الظاهرة ، و ما مدى عمقها ، وحدود تأثيرها على الدعوة والحزب ؟ ويتفرع عن هذا السؤال الرئيس ، أسئلة فرعية لعل أهمها : ما هي الخصائص التي تتميز بها " الدعوة السلفية " عن غيرها من الكيانات السلفية ؟ و ما هي طبيعة العلاقة بين " الدعوة السلفية " و حزب " النور " ؟
وتنطلق المقالة من مقولة أساسية تمثل فرضية تحليلية ، يمكن صوغها كالآتي :
" بيئة مابعد الثورة أحدثت تغيرات مجتمعية عامة ، انعكست على داخل الحركات الإسلاموية ، لتحدث خلخلات فكرية ، وممارسية في بنيتها ، مما يتطلب السعي نحو التكيف مع هذه المتغيرات ، وبدون السعي نحو عملية التكيف هذه ، تحدث توترات في بنية هذه الحركات ، وظاهرة الانشقاقات ما هي إلا تمظهر لهذه التوترات "
أولا: الدعوة السلفية : سمات الخصوصية
في هذا القسم نبتغي توضيح أهم الخصائص التي تتسم بها الدعوة السلفية ، و تجعلها متميزة عن باقي الكيانات السلفية ،وتعطيها خصوصيتها كحركة مجتمعية سلفية ، وهذه الخصائص مرتبطة و متداخلة فيما بينها ، وأسهمت في بلورتها كحركة ، و أعطتها الكثير من الامتيازات ، كما تسبب بعضها في إصابتها ببعض السلبيات التي أثرت على فعلها المجتمعي ، لعل أهمها ما يلي :
1- سمة التنظيم :
الخصيصة الأبرز للدعوة السلفية ، تتمثل في كونها كيان منظم ، بدرجة عالية ، مقارنة بباقي القوى السلفية . ويرجع ذلك إلى تبني الدعوة السلفية لمبدأ العمل الجماعي التنظيمي ، منذ لحظة التأسيس ، مخالفة بذلك أغلب الكيانات السلفية . أثمرت هذه التنظيمية في بلورة كيان مجتمعي قوي، له أرضيته الصلبة بين المنتمين للفكر السلفي ، هذه التنظيمية هي من مكنت الدعوة السلفية من تحقيق حضور عالي ، في بيئة مابعد الثورة ، و مكنها أيضا من تأسيس حزب سياسي ، في وقت وجيز ، وبدرجة عالية (نسبيا ) من الكفاءة ، مقارنة بغيرها من الكيانات السلفية .
ولكن تنظيمية الدعوة السلفية ، تنظيمية ناقصة ؛ بمعنى أنها ليست تنظيما "صلبا "، كتنظيم جماعة "الإخوان المسلمين " ، له هيكلية شديدة الرسوخ ، ممتدة عبر المجتمع كله ، يتموضع فيها كل المنتمين للجماعة ، بطريقة محددة و واضحة ، تسمح للتنظيم أن يتحكم فيهم بدرجة عالية من الصرامة ، مما يضمن نوع من الوحدة الممارسية ، بين مكونات التنظيم ، كما يضمن الوحدة الفكرية بينها . هذا الشكل من التنظيم لا يتوفر في حالة الدعوة السلفية ؛ إذ يمثل تنظيما " لينا " ؛ حيث يتصف بالآتي :
- التنسيق و الترتيب لضبط العمل الدعوي ، يكون في أعلى درجاته بين الرموز و القيادات ، إذ يمثلون مركز الدعوة ، و مرجعيتها ، ومعهم طبقة عالية من التلاميذ القريبين منهم . ولكن هذا التنسيق و الترتيب ، يتضاءل كلما ابتعدنا ، عن هذا المركز الرمزي و القيادي ( المشايخ وطلابهم الكبار ) ، وكذلك المركز الجغرافي ( الإسكندرية ) .
- الارتباط بين رموز الدعوة ، والمنتمين لها ، ارتباط فكري في الأساس ، أكثر منه ارتباط تنظيمي ، بالمعنى الحرفي للتنظيم . وهذا الوضع يمثل ثغرة كبيرة ، داخل كيان الدعوة ؛ إذ حصول خلافات فكرية ، بين الرموز و الأتباع ، أمر وارد في ظل بيئة متغيره و متقلبة ، مما يضعف من تنظيمية كيان الدعوة ، ويهدده بالتفكك كلما زادت هذه الخلافات .
2- تبلور المرجعية :
ممارسة العمل الدعوي بطريقة منظمة ،على مدار فترات طويلة ، يثمر بفضل التراكمية ، تبلور لمرجعية الرموز الدعوية ؛ فمذ تأسست المدرسة السلفية في الجامعة و إلى الوقت الراهن ، ورموز الدعوة تمارس عملها التعليمي و التربوي ، بدرجة من التنسيق و الترتيب ، أثمر مع الوقت تشكيل مرجعية هذه الرموز ، داخل التيار السلفي عامة ، حيث تراكم نتاجها العلمي ، و خرجت من تحت أيديها طبقة من التلاميذ، مرتبطين بتلك الرموز .

فالدعوة السلفية من بين الكيانات السلفية ، التي يشار إلى رموزها ككتلة واحدة ، معروفة و محددة ، باسم شيوخ الدعوة السلفية ( محمد إسماعيل ، ياسر برهامي ، سعيد عبد العظيم ، و أحمد فريد ) مما أسهم في امتياز الدعوة السلفية ، عن غيرها من الكيانات السلفية ، ببلورة مرجعية خاصة بها ، تنعم بالتقدير داخل الدعوة السلفية خاصة ، وتمد للحركة السلفية عامة .

3- توازن الخطاب الدعوي :
امتاز الخطاب الدعوي للدعوة السلفية ،عن غيره من الخطابات الدعوية السلفية ، بكونه خطابا متوازنا ؛ وتتبدى هذه السمة في أكثر من مستوى ؛ فمن حيث المضمون يراعي الخطاب الجانب العلمي ( طلب العلم الشرعي ) ، مع الجانب التربوي ( التذكية ) .

كذلك يمتاز هذا الخطاب بكونه يتعرض للقضايا المجتمعية ، التي تشغل الرأي العام ، إذ تبدي رأيها في كل المجريات ، و تتفاعل مع قضايا الأمة بوجه عام .

أيضا امتاز هذا الخطاب بالتوازن في تناول النظام السابق بالنقد ؛ فلم يقف في أقصى اليمين المؤيد للنظام ، كحال التيار القوصي ، و لم يقف في أقصى اليسار المعارض للنظام السابق ، كحال جماعة الإخوان و التيار الحركي من السلفيين

4- المركزية الجغرافية :
تتسم الدعوة السلفية ، بكونها متركزة في محافظة الإسكندرية ، حيث المنشأ و التطور ، فكل رموز الدعوة يعيشون فيها ، حيث يلقون دروسهم العلمية ، و يتواصلون مع طلابهم .
وثمة سبب آخر غير كون الإسكندرية ، هي موطن النشأة ، والرموز ، تسبب في إنتاج هذه المركزية ؛ تمثل في تضييق النظام السابق على حركة الرموز الدعوية ، خارج الإسكندرية .
تسببت هذه المركزية في ، ضعف حضور الدعوة السلفية خارج محافظة الإسكندرية ( يتفاوت هذا الحضور من محافظة لأخرى ) ، وحتى هذا الحضور الضعيف ، لا يتسم بارتباط وثيق وقوي ، مع المركز في الإسكندرية ،بدرجة كافية لضبط التنظيم السلفي .
تناولنا أبرز الخصائص ، التي أسهمت في تشكل كيان الدعوة السلفية ، ومكنتها من بناء أرضية مجتمعية قوية ، ساعدها على الحضور بدرجة عالية ، في البيئة المابعد ثورية . وعليه ننتقل لدراسة علاقة الدعوة بحزب النور .
ثانيا : الدعوة و الحزب : طبيعة العلاقة
نبتغي في هذا القسم أن نرصد طبيعة العلاقة بين الدعوة السلفية ، وذراعها السياسي حزب النور ، من خلال المحاور التالية :
1- الدعوة السلفية و المتغيرات : مسار التفاعل
فيما قبل الثورة ، تبنت الدعوة السلفية ، موقفا رافضا للمشاركة السياسية ( كباقي القوى السلفية ) وذلك من منطلقين : الأول يتعلق بأبعاد عقدية ؛ حيث تعتبر رموز الدعوة أن الديمقراطية ، كفلسفة حكم ، تتعارض مع مبدأ حاكمية الشريعة .

أما الثاني فينصرف إلى كون الدعوة السلفية ، لم تكن ترى في المشاركة السياسية في ظل النظام السابق ، سبيلا ناجعا للإصلاح المجتمعي ، حيث أن هذه المشاركة ستدفعهم للتنازل عن الكثير من الثوابت التي لا يسوغ التنازل عنها ( قضايا المرأة ، و الأقباط كمثال ) ، وفي نفس الوقت لن تُحصِل منها أية مصالح سياسية ، أو دعوية ، حيث أن النظام السابق يقوم بتزوير الانتخابات ومن ثم كانت تعزف عن المشاركة السياسية .

عندما اندلعت ثورة 25 يناير 2011 ، لم تعلن الدعوة السلفية عن مشاركتها فيها في البداية ، و إنما تفاعلت معها بإصدار البيانات ، التي تدعوا لحفظ الدماء و الأمن ، و دعت شباب الدعوة ، إلى حماية المنشئات العامة . ولكنها لم تدع إلى النزول إلى الميادين ، و المشاركة الصريحة في الثورة .
ثم مع تطور الاحداث وبداية سقوط نظام مبارك ، لم يسع الدعوة ، غير تأييد الثورة ( كحال أغلب المجتمع ) ، إذ كان المجال العام مزاجه ثوري بامتياز .

و وجدت الدعوة نفسها ، في وسط بيئة مجتمعية جديدة ، تسمح لها أن تنخرط فيها بحرية ، و أمان ، فوسعت حضورها الدعوي ، منطلقة من المركز ( الإسكندرية ) إلى باقي محافظات مصر ، حيث عقدت مؤتمرات شعبية لرموزها ، في معظم محافظات مصر ، تعلق فيها على الأحداث ، وتبدي رأيها في تطورات المشهد السياسي و المجتمعي .

كان أمام الدعوة ، في ظل هذه التغيرات ، تحدي الجواب عن سؤال الممارسة السياسية ؛ هل ستشارك في العملية السياسية أم لا ؟ و لو قررت المشاركة هل ستكتفي بالوقوف خلف الإخوان المسلمين ، وحزبهم السياسي ، أم ستؤسس حزبا سياسيا ؟
كان جواب هذا السؤال ، أن قررت الدعوة ، الانخراط بعمق ، في العملية السياسية ، وأسست حزب " النور " وتبعها في ذلك القرار ، أغلب الكيانات السلفية الأخرى ، وكونت أحزاب سياسية ( الأصالة – البناء و التنمية -...) .
ولكن هذا القرار ، لم يكن مدعوما بتغطية تنظيرية كافية ، لتبرير عملية التحول الحاد هذه في الموقف من المشاركة السياسية ، مما أثار بعض التوترات بين المنتمين للمنهج السلفي عموما ، ولكن سرعة الأحداث ، وتطورات المشهد السياسي ، دفعت لتأجيل علاج هذه المشكلة ، في مقابل التفاعل مع التطورات ، التي فرضت الكثير من التحديات عليها.

2- الدعوة و الحزب : الأصل و الرافد
لفهم علاقة الدعوة بحزب النور ، يلزم فهم رؤيتها للعمل السياسي . ترى الدعوة السلفية ، أن مشروع الإصلاح المجتمعي الصحيح ، ينطلق من كون إصلاح الفرد ( ثم المجتمع ثم الأمة ) ، يكون بضبط اعتقاده و عبادته و ممارساته ، بالمنهج الشرعي ، هو أساس الإصلاح ، و أية مناهج إصلاحية ، لا تراعي هذا المنطلق ، تكون مناهج ناقصة . و عليه تكون الدعوة (بوصفها ممارسة رسالية وتربوية وتعليمية ، عبر الانخراط المجتمعي للدعاة / العلماء ، بين الناس بمختلف الآليات من دروس في المساجد ، وندوات ، و التوجيه عبر الوسائل الإعلامية المختلفة ) هي الأصل في الإصلاح . ومن ثم لابد أن تكون أية وسيلة إصلاحية ، تخدم هذا المنطلق و تتساوق معه .
و الممارسة السياسية (في نظر الدعوة) ، لا تخرج عن هذا السياق ؛ بمعنى أنها تمثل أداة من أدوات الإصلاح، فهي فرع / رافد من المنطلق الأساسي المتمثل في الدعوة . ومن ثم يجب أن تكون هذه الأداة خادمة للدعوة ، وتنعكس مخرجاتها إيجابيا على الدعوة ، و إلا تفقد مشروعيتها الإصلاحية ( هذا يفسر جزئيا الإعراض عن السياسية قبل الثورة ) .
رؤية الدعوة هذه للعملية السياسية ، تفسر طبيعة علاقتها بالحزب ؛ فالحزب جزء لا يتجزأ عن الدعوة السلفية ، و أداة من أدواتها الإصلاحية ، ومن ثم فطرح الانفصال بين الحزب و الدعوة ، طرح لا يمكن تحققه .
وقد تمظهرت هذه العلاقة في بنية الحزب ، و ممارساته المجتمعية كالآتي :
- تركيبة الحزب ، وبنيته الهيكلية ،وكوادره ، من داخل الدعوة السلفية . وهذا أمر لم يكن منه مفر ؛ فلولا الأرضية المجتمعية، التي وفرتها الدعوة للحزب ، ما كان له أن يتأسس أصلا .

و لم يكن هناك كوادر سياسية مجهزة خصيصا للعمل السياسي ، بعيدا عن العمل الدعوي ، إذ لم تكن المشاركة السياسية ، مطروحة قبل الثورة

- رموز الدعوة و مراجعها ، هم من روجوا وسوقوا للحزب ( بحضور مؤتمراته في كل المحافظات ) . و أعطته الشرعية بين المنتمين للدعوة السلفية ، كما شجعت من ليس لهم ارتباط تنظيمي بالدعوة السلفية من السلفيين عموما ، أن يشاركوا في الحزب .
- خطاب الحزب ( في مراحله الأولى ) كان دعويا، أكثر منه سياسيا ؛ إذ كان يركز على مسائل تخص هوية مصر الإسلامية ، و وضعية الشريعة الإسلامية في دستور مصر .
هذه هي علاقة الحزب بالدعوة السلفية ، الحزب جزء من الدعوة ، لا يمكنه أن يعيش بدونها ، فهي تمثل قاعدته المجتمعية ، وتعطيه المشروعية .

وعليه فأطروحات مثل الفصل أو التمييز بين الدعوي و السياسي ، في ممارسات الدعوة السلفية ، أطروحات من العسير التعاطي معها . ولكن متغيرات البيئة المجتمعية فيما بعد الثورة عامة ، و التي انعكست على داخل القوى السلفية خاصة ، قد تُجبر الدعوة على التعاطي مع هكذا أطروحات .

ثالثا : انشقاقات داخل الحزب : الأسباب و المآلات
نبتغي هنا أن نحلل المتغيرات ،التي أنتجت ظاهرة الانشقاقات داخل الحزب و مآلاتها .
1- في الأسباب :
كيف يمكن مقاربة هذه الظاهرة ؟ هل يمكن اعتبارها نتاج خلافات شخصية بينية ،كتلك المعرض لها أي حزب سياسي ؟

يبدو للباحث أن هذه المقاربة قاصرة عن التحليل ؛ إذ أن مادة هذه الخلافات تكون في الغالب ، الصراع على السلطة ، و الخلافات الفكرية ، تلك المادة متضائلة جدا في حالة حزب النور ؛ لكون حزب النور ، بوصفه حزب منطلق من المرجعية الإسلامية ، يضمن بدرجة عالية غياب هذه المادة ؛ فالمنخرطين فيه لم يتقصدوا من المشاركة السياسية ، محض الوصول إلى المناصب السياسية ، و إنما المشاركة السياسية وسيلة للإصلاح ، و صورة أخرى من صور الدعوة ( في صورتها الشاملة ) .

و أيضا المرجعية الإسلامية ،تقلل من احتمالات حدوث خلافات فكرية . ومن ثم فإن مادة نشوب النزاعات الشخصية البينية ، ضئيلة بدرجة كافية لعدم الاكتفاء علي هذه المقاربة ( السطحية ) في تحليل هذه الظاهرة ، قد تكون موجودة بدرجة ما ، ولكن لا تعطي التحليل الكامل ، ومن ثم ينبغي تقديم مقاربة أكثر عمقا ، تفسر هذه الظاهرة .

يجادل الباحث بأن المقاربة الأعمق لتفسير هذه الظاهرة ، لابد أن تأخذ في الاعتبار ، التغيرات السوسيولوجية التي أحدثتها الثورة على الحالة السلفية عموما ( و الدعوة السلفية محل الدراسة خاصة ) ؛ فوجود الدعوة السلفية ، في بيئة سياسية ، على هذه الدرجة من التشابك و التعقيد ( لكونها بيئة ثورية ) بهذا الحضور العميق ، بعد حالة من القطيعة ، مع المجال السياسي العام ، سينعكس على البنية الفكرية ، و الممارسية للمنخرطين منها في هذه البيئة . ويضاف إلى هذا الاعتبار ، الطبيعة التكوينية للدعوة السلفية ، هذين الاعتبارين يمثلان مركبا يفسر هذه الظاهرة بدرجة أكثر عمقا كالآتي :

1-الروح الثورية : النزوع الاستقلالي و أولوية السياسي
بالرغم أن كوادر الدعوة السلفية ، لم تشارك في الفعل الثوري في 25 يناير ( في المجمل ، ولا ينفي هذا وجود بعض المشاركات الفردية ) ، إلا أن المزاج الثوري الذي ساد الفضاء المجتمعي العام ، منذ الثورة و إلى الراهن ، قد انتقل إلى داخل التيار السلفي عامة ، و أحدث تغيرات في سلوكها ، لعل الآتي هو أهم تمظهراتها :
أ‌-النزعة الاستقلالية :
انخراط الرموز الدعوية ، في العمل السياسي ، و اشتباكها مع الأحداث ، قد نتج عنه ( وهذا طبيعي ) وقوعها في اتخاذ قرارات و مواقف سياسية ، يمكن اعتبارها " مثيرة للجدل سياسيا " . ترتب على ذلك نزع " هالة القداسة " عن هذه الرموز ، و التي اكتسبتها من العمل الدعوي . فبالنسبة للشباب السلفي ، المجال الدعوي يختلف تماما عن المجال السياسي ؛ فالرموز لهم التقدير ، و المرجعية في الشأن الدعوي و الشرعي ، بوصفهم علماء شرعيين ، ولهم خبرة دعوية انبنت عبر السنين الطويلة .

أما في المجال السياسي فالأمر مختلف ؛ فالرموز و المرجعيات لا تملك هذه الخبرة ،التي توفرت لهم في المجال الدعوي ، بل على العكس قد يكون الشباب ، أكثر انخراطا بالواقع وتفاعلا مع المشهد السياسي ، من الرموز الدعوية ، ومن ثم لا مبررات لتقديس آراء الرموز السياسية ، كما هو الحال في الآراء الدعوية .

هذه الحالة نتج عنها نزعة استقلالية ، عند المنتمين للدعوة السلفية ، تمظهرت في صور عدة ؛ أهمها : الاعتراض على الكثير من مواقف الدعوة السياسية ، خلال الفترة الانتقالية . هذا المتغير ( النزوع الاستقلالي ) ، يمثل عاملا مفسرا أساسيا لظاهرة الانشقاقات في الحزب ؛ إذ أعطت هذه النزعة المنتمين للحزب ، دفعة نفسية ،تمكنهم من إعلان استقالتهم ،بكل جرأة و وضوح ، عندما توفرت لديهم ما يعتبروه مسوغا لها . وزرعت بداخلهم الرغبة في الحصول على درجة عالية من الحضور و التمثيل الشخصي .

ب‌- أولوية السياسي على الدعوي :
البيئة المابعد ثورية ، بيئة ذات مزاج سياسي بامتياز ؛ حيث تتفاعل كل شرائح المجتمع ، مع المشهد السياسي ، ومنها الشريحة السلفية ، والتي حققت نجاحا كبيرا ، في مستوى الحضور السياسي ؛ فهي بمثابة الفاعل السياسي الأهم ، بعد جماعة الإخوان المسلمين ، و منخرطة في أجهزة الدولة التشريعية ( تم حل مجلس الشعب ) و التنفيذية ( رفضت المشاركة في حكومة ، هشام قنديل ، ولكن رئيس حزب النور يشغل منصب مساعد رئيس الجمهورية " محمد مرسي" ) هذا التمثيل السياسي الكبير ، للدعوة السلفية ، وفي ظل عدم الفصل بين العمل الدعوي و العمل السياسي ، يجعل الأولوية للعمل السياسي ، على حساب العمل الدعوي ، بحكم الواقع . و يجعل الدعوة السلفية تُعرف بوصفها حركة سياسية أكثر من كونها حركة دعوية .
هذه الأولوية السياسية ،تجعل حسابات المشتغلين ، بالعمل السياسي داخل الدعوة ، سياسية أكثر منها دعوية ، وهنا تتسع الفرصة لاختلاف الآراء و المواقف السياسية .

ومع النزعة الاستقلالية ، يسهل على المنتمين للحزب أن ينشقوا عنه ، حال توفرت المسوغات لذلك .

هذان الانعكاسان للحالة الثورية العامة ، على الداخل السلفي ( الدعوة السلفية حالة الدراسة ) يمكنهما أن يفسرا جزئيا ظاهرة الانشقاقات داخل الحزب . ولكن كما أسلفنا ، أن مقاربتنا مركبة ، تأخذ في الاعتبار بالإضافة إلى هذا المتغير العام ، طبيعة الدعوة السلفية كتنظيم كالآتي :
1-2- طبيعة التنظيم و العلاقة بالحزب
السبب الثاني الذي يمكنه تفسير ظاهرة الانشقاقات ( بالإضافة لمتغير الروح الثوري ) ، يتمثل في طبيعة تنظيم الدعوة السلفية ، و علاقتها بحزب النور ، كما فصلناه سابقا ، في المحاور السابقة من المقالة ، وهنا نبين كيف أن طبيعة التنظيم و علاقته مع الحزب ، تسهم في تفسير ظاهرة الانشقاقات كالتالي :
أ‌- طبيعة التنظيم :
ثمة أوصاف لتنظيم الدعوة السلفية سوغت حصول هذه الانشقاقات ، لعل أهمها :
- مركزية التنظيم :
تمركز التنظيم الجغرافي ، و الرمزي ، في محافظة الإسكندرية ، يجعل من المناطق الهامشية ( ما سوى الإسكندرية ) ، و التي يضعف بها الارتباط بالمركز ، حيث الرموز و منشأ الدعوة ، أكثر عرضة للانشقاقات ؛ إذ تشعر مكونات الدعوة/ الحزب ، في مناطق الهامش ، أنها شبه منفصلة عن المركز ، و أن قيادات الحزب ( و الدعوة ) و مسئوليه الكبار من المركز وليس الهامش ، مما ينمي شعور التهميش عند هذه المكونات ، و مع توفر الخلافات ( أمر لا مفر من حصوله ) تقبل هذه المكونات على الانشقاق ، ويساعدها على ذلك النزعة الاستقلالية كما أسلفنا .
مما يزيد الأمر تعقيدا كون الدعوة السلفية و الحزب ، في محاولة الحفاظ على النجاحات التي حققتها ، تود أن تضمن ولاء و تبعية مسئولي الحزب/ الدعوة ، في مناطق الهامش لها ، ومن ثم تختار أشخاص بعينها ( على مقربة من الرموز المرجعية في الإسكندرية ) توليهم المسئولة ، وتهمش آخرين ، ذاك الذي يغذي دوافع الانشقاق .
- ليونة التنظيم
كون تنظيم الدعوة السلفية ، كما أسلفنا ليس بهذه الدرجة من الصلابة ، التي يجعل من التنظيم هيكلا محكما عبر المجتمع كله ، يُمكن المركز من التحكم في الهوامش بدرجة صارمة ، جعل من حصول هذه الانشقاقات ، أمر ممكن .
ب‌-العلاقة مع الحزب
غياب أية فواصل للتمييز بين الدعوة و الحزب ، جعل مشاكل كل منهما ينتقل للآخر ؛ فمن يتولى المسئولية الحزبية ، في منطقة ما ، هم من يتولى الدعوة فيها .

و هذا أمر لم يكن منه مفر ، لكون المسألة السياسية لم تكن مطروحة من الأساس ،قبل الثورة ، ومن ثم لم تتمكن الدعوة من بلورة كوادر سياسية تابعة لها ، تختص بالعمل السياسي ، دون الدعوي ( قارن بالوضع في جماعة الإخوان المسلمين ) . هذه العلاقة توفر بيئة خصبة لحصول مشاكل ، مع تعقد المشهد السياسي ، مما يساعد على حصول ظاهرة الانشقاقات .

2- في المآلات :
هل ننظر لظاهرة الاستقالات هذه ،على أنها حدث طبيعي ،في الممارسة السياسية الحزبية أخذ أكثر مما يستحق من اهتمام ؟ أم أنها بمثابة بداية لانهيار الحزب ؟ الحقيقة أن كلا النظرتين فيهما نوع مبالغة غير واقعية .

و الذي تجادل به هذه المقالة أن ظاهرة الانشقاقات هذه عبارة عن انعكاس لمتغيرات، أنتجتها البيئة الثورية و السياسية التي تعيش فيها الدعوة / الحزب ، ساعد عليها طبيعة البنية التنظيمية للدعوة السلفية ، وكذلك علاقتها بالحزب . وهي بمثابة إنذار سياسي للدعوة و الحزب على السواء ، يتطلب التفاعل معه و السعي بجدية لمعالجته .

أما عن مستقبل الظاهرة فبطريقة كلاسيكية ،يمكن سرد ثلاث مآلات لظاهرة الانشقاقات :
- أن يتم احتواء هذه الانشقاقات ، و عودة المستقيلين للحزب
- عجز الحزب عن احتواء هذه الاستقالات ، ومن ثم تؤثر على حضور الحزب في أماكن الاستقالات ، مما يضعف الحزب عامة .ولكن لا تمتد هذه الظاهرة لأماكن أخرى
- أن تتطور الانشقاقات ، لتمتد إلى مناطق الهامش كلها ( ما سوى الإسكندرية ) ، مما يهدد كيان الحزب برمته .
وما يعنينا هنا ليس تحديد الحجم الحقيقي لهذه الظاهرة ، ولا الجزم بمآل محدد ستصير إليه ، بقدر ما نريد أن نسوق أهم الخطوات ،اللازم خطوها من قِبل الدعوة و الحزب لعلاج الظاهرة ، بغض النظر عن حجمها و مآلها ،
ولعل أهمها ما يلي :
1- على الدعوة السلفية أن تعالج مكامن الخلل في طبيعتها التنظيمية ، و المتمثلة في : مركزية التنظيم و ليونته ؛ ويبدو أن سبيل معالجة هذا الخلل يتمثل في : تكوين هيكل تنظيمي صارم ( مثل جماعة الإخوان المسلمين ) إذ هو القادر على تجاوز هذا الخلل.
2- على الدعوة السلفية أن تسعى إلى الفصل بين الكيان الدعوي و الكيان السياسي ، المتمثل في الحزب ، على كل المستويات التنظيمية و الخطابية و القيادية ، وبدون هذا الفصل يُرجح أن تسوء الأمور ، وينبغي التنبيه أن محاولة علاج الأزمة بطريقة معاكسة لمبدإ الفصل هذا ؛ أي بمحاولة الدعوة السلفية أن تفرض سيطرتها على الحزب ، ظنا منها أن هذا سيزيد من درجة التماسك في كليهما ، هو خروج من الأزمة إلى أزمات أشد ،بله كونه يسهم في الحل !
3- على الدعوة السلفية أن تدرك حجم التغيرات، التي انعكست على المنتمين لها ( والسلفيين عامة ) ،بسبب الانخراط في العمل السياسي ، و أن بيئة ماقبل الثورة ، مختلفة تماما عن بيئة مابعد الثورة ، ومن ثم عليها أن تطور آليات تواصل وتفاعل مع المنتمين للدعوة ( خاصة الشباب ) ، تتلاءم مع حجم هذه التغيرات ، لحفظ كيان الدعوة و كيان الحزب .

خاتمة
حاولت هذه المقالة ، أن تقدم مقاربة تحليلية لظاهرة الاستقالات الجماعية ، من حزب النور .

فانشغلت في القسم الأول ببيان الخصائص التي تميز الدعوة السلفية ، عن غيرها من الكيانات السلفية الفاعلة مجتمعيا . وفي القسم الثاني حاولت أن ترصد طبيعة العلاقة بين الدعوة السلفية ، وحزب النور . بينما في القسم الأخير قدمت تحليلا لأسباب و مآلات الظاهرة . وثمة نتائج خلصت بها المقالة لعل أهمها ما يلي :

- تعتبر الدعوة السلفية ، الكيان الأكثر حضورا ، في بيئة مابعد الثورة ، من بين باقي الكيانات السلفية . يرجع ذلك إلى امتياز الدعوة السلفية ، بعدد من السمات التي أهلتها لذلك ، لعل أهمها : التنظيمية ، و تبلور المرجعية ، و اتزان الخطاب الدعوي .
- العلاقة التنظيمية بين الدعوة السلفية ، وحزب النور ، شديدة التداخل و الاشتباك ، مما أثمر بيئة خصبة لظهور كثير من التوترات ، داخل كل منهما من ناحية ، وبينهما من ناحية أخرى .
- البيئة الثورية ، التي تعيش فيه الدعوة السلفية ( والسلفيين عامة ) ، و الانخراط في مشهد سياسي بالغ التعقيد ، طوال الفترة الانتقالية ، أنتج الكثير من التغيرات الفكرية ، و الممارسية داخل الكيانات السلفية . لعل أهمها تنمية النزوع الاستقلالي عند المنتمين للتيار السلفي ، عن الرموز و المرجعيات الدعوية ، و إعطاء الاهتمام للعمل السياسي ، أكثر من الدعوي .
- ثمة سمات في تنظيمية كيان الدعوة السلفية ، ساعدت على تعرضها ، لظاهرة الاستقالات ، لعل أهمها ليونة التنظيم ، و مركزيته .
- ستمثل الانتخابات القادمة ، اختبارا شديد الحساسية ، للدعوة السلفية ، وحزب النور ؛ حيث ستزداد خريطة القوى السياسية المنطلقة من المرجعية الإسلامية عامة ، و السلفية خاصة ، تعقيدا ، مما سيؤثر على القاعدة المجتمعية ، التي بنت عليها الدعوة السلفية نجاحها ، في الانتخابات السابقة . أيضا الفترة السابقة وما تضمنته من أداء سياسي لحزب النور والدعوة السلفية ، ستكون محل تقييم و نقد ، من قبل المجتمع عامة و السلفيين خاصة ، مما سيؤثر في التفضيلات و الاختيارات السياسية للمجتمع و السلفيين .
- كان حزب النور ، في الفترة السابقة ، بمثابة المعبر الأكثر حضورا ، عن الفاعل السياسي السلفي ، ولكن في الفترة المقبلة لن يعود حزب النور ، وحده في المشهد ، و إنما سيزداد حضور الفواعل السياسية السلفية الموجودة أصلا و ستتشكل فواعل جديدة ( لعل أهمها سيكون حزب الشيخ حازم أبو إسماعيل ) . مما سيعدد من الاختيارات أمام القاعدة السلفية ، ولن يكون الاختيار محصورا في حزب النور .
- الانتخابات الداخلية للحزب المزمع إجراءها ، ستمثل تحد للدعوة و الحزب ، لتنظيم العلاقة بينهما ، هل ستسيطر الدعوة على الحزب ( المرجح حدوثه ) ، أم ستسعى في سبيل ترسيخ مبدأ الفصل بين التنظيم الدعوى والسياسي ، مما سينعكس على أداء الدعة والحزب ، في الفترة المقبلة .
- من المرجح ألا تمثل ظاهرة الاستقالات ،أزمة خطيرة على كيان الحزب و الدعوة في المدى القريب . ولكن خطورتها فيما تمثله من تمظهر لأزمات بنيوية في تركيبة وممارسة الحزب و الدعوة .

جمعه النفرى 24-09-2012 09:41 AM

أسأل الله عز وجل أن يمكن لدينه وهو ولى ذلك والقادر عليه


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:35 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.