![]() |
حكم الوضوء من أكل لحوم الإبل قال المؤلف رحمه الله: [ عن جابر بن سمرة رضي الله عنه : (أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم : أتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت. قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم) أخرجه مسلم ].في نهاية باب نواقض الوضوء، وقبل أن يتكلم المؤلف على أحكام أخرى غير أحكام الوضوء جاء بهذه المسألة، وهي من أشد المسائل خلافاً في نواقض الوضوء، وللناس فيها آراء متعددة، ألا وهي: الوضوء من لحوم الإبل.قوله: عن جابر رضي الله تعالى عنه: (أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم).قوله: (رجلاً) نكرة، غير مسمى، وهذا لا يضر في الإسناد؛ لأن هذا النكرة سأل رسول الله، يعني: أنه مسلم رأى رسول الله، فهو صحابي، والصحابي لا يفتش عنه؛ لأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كلهم عدول؛ ولذا فإن المرسل إذا كان الذي لم يُسم فيه صحابياً فقط فإنه صحيح ويعمل به.قوله: (أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم) ومقتضى هذا السؤال ما حاك عنده: هل هناك فارق بين لحم الإبل ولحم الغنم أو لا؟ أأتوضأ من لحوم الإبل؟ أأتوضأ من لحوم الغنم؟ فلما سأل عن لحوم الغنم قال له صلى الله عليه وسلم: (إن شئت) وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن شئت) بدل (نعم) أو (لا) أخذ منه العلماء جواز الوضوء للمتوضئ؛ لأنه إذا لم يكن متوضئاً فليس أمر الوضوء متروكاً إلى مشيئته، بل يتعين عليه أن يتوضأ؛ لأنه غير متوضئ، ولكن معنى السؤال: المتوضئ الذي يأكل لحم الغنم هل يتوضأ بسبب ذلك أو لا؟ فكان الجواب في حق لحوم الغنم: (إن شئت) يعني: إن شئت توضأت، وإن شئت اكتفيت بالوضوء الذي كان قبل أكلك لحم الغنم، وبالتالي يكون أكل لحم الغنم ليس ناقضاً للوضوء.قوله: (أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم) هناك فرقٌ بين (نعم) وبين الجواب الذي يتضمن صيغة السؤال، وقوله (نعم) أي: توضأ من أكل لحوم الإبل.وهنا وجدنا فرقاً بين لحوم الغنم ولحوم الإبل في أن الأولى لا توجب الوضوء، والثانية توجب الوضوء، وجاء حديث آخر عام بلفظ: (توضئوا -بصيغة الأمر- من لحوم الإبل) وجاء أيضاً: (صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في معاطن الإبل) في هذا الحديث وذاك أمر منه صلى الله عليه وسلم بعدم المقارنة، فهذه بهيمة أنعام وتلك بهيمة أنعام، وكلاهما حلال الأكل، فيأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء من لحوم الإبل، ويخير الإنسان في الوضوء من لحوم الغنم، والنتيجة: أن لحوم الغنم ليست ناقضة، ولحوم الإبل ناقضة. ...... http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif |
مشروعية الوضوء من أكل لحوم الإبل دون غيرها قبل الدخول في التفصيل في أقوال الأئمة رحمهم الله نقول: هناك أشخاص دخلهم الشك، وأرادوا أن يشككوا غيرهم في التشريع الإسلامي، وأعداء الإسلام يتتبعون الشبه، يقولون: كيف يفرق الدين الإسلامي بين متماثلين، فهذا لحم وهذا لحم، وهذا ينقض وهذا لا ينقض؟! وهذا في حسبانهم تناقض، وكذلك قالوا في الحديث الآخر -حديث أبي السمح -: (يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام) قالوا: كيف فرقتم بين بول البنت وبول الولد وهما متماثلان أي: قبل أن يأكلا الطعام؟!فنقول لهؤلاء: نحن أولاً وقبل كل شيء التزمنا باتباع رسول الله كما التزمنا بوحدانية الله، ولا يتم إسلام إنسان إلا بهذا الالتزام، ولا يدخل الإنسان في الإسلام إلا إذا أعلن أن "لا إله إلا الله" فإذا ما اعتقد ألوهية غير الله نقض "لا إله إلا الله"، وكذلك "محمد رسول الله" فإذا ما اتبع غير محمد نقض أن محمداً رسول الله، وإذا التزم بأن محمداً رسول الله الذي اعترف برسالته لزمه أن يأخذ كل ما جاءه به محمد صلى الله عليه وسلم، وإذا ردّ شيئاً يكون قد نقض قوله: "محمد رسول الله".ونحن هنا نقول: لو أن إنساناً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفرق له بين المتماثلين، هل يملك أن يقول: لماذا يا رسول الله! فعلت ذلك؟ ولو أن رسول الله جاء إلى إنسان عنده، وأخذ رطبتين من طبق، وقال: هذه حلال لك فكلها، وهذه حرام عليك لا تأكلها. هل من حقه أن يقول: لماذا لا آكلها يا رسول الله؟! أو يتعين عليه ألا يأكلها؟ الجواب: يتعين عليه أن لا يأكلها ولو أكلها مع كونها رطباً جنياً لكان عاصياً، ولذا أجمع الأصوليون على أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الأمور المباحة العادية، لو توجه إلى إنسان بعينه يصير فرضاً عينياً عليه، ولا يجزئ عنه إلا هو.وقالوا: لو ركب صلى الله عليه وسلم ناقته، وسقط السوط من يده، وعنده عشرة أشخاص، وقال لواحد منهم: يا فلان! ناولني السوط. فهذا المسمى تعين عليه فرضاً عينياً كفرض الصلاة أن يناول السوط لرسول الله، ولا يحق له أن يقول: يا فلان! ناول رسول الله، أو أنت قريب من الناقة ناول رسول الله؛ لأن الأمر توجه إليه بشخصه.إذاً: لا يمكن أبداً لإنسان مسلم أن يحكِّم العقل في ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا ثبت الأمر من رسول الله فالعبرة حينئذ بالثبوت، ونحن نقول أيضاً: لو جاءك رسول الله بكأسين من الماء، وقال: اشرب هذا، ولا تشرب هذا. فهل تملك أنت أن تشرب الذي قال لك: لا تشربه؟ الجواب: لا تملك ذلك.فأقول: بهذه المناسبة، أنا أريد أن أطيل في هذه المسألة بالذات، لما فيها من الشبه، ولما فيها من توقف العقل: فهذا حدث وقع بين يدي أحد الملوك العرب في الجزيرة العربية: وهو أنه كان له وزير، وكان يتحرز منه، وكان الملك له أخت دونه في السن ذات عقل، وكانت تجالسه، ولما كبر وبلغ الستين كان يحضرها معه إلى المجلس؛ مخافة أن يكون منه خطأ أو زلل أو شيء هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كنوع حراسة له من كيد الوزير.وحدث ذات مرة أن جاء الساقي بعدة كئوس للحاضرين -قد تكون عشرة- فيها شراب، وجاء بكأس واحد فارغ فوضعه أمام الملك، وجاء بزجاجة الشراب -وكانت مختومة- ففكها أمامهم وصب في الكأس الخالي وقدمه للملك، فإذا بأخته الفطنة حينما مد الملك يده إلى الكأس أمسكتها وقالت: لا تأخذها، فشرب الحاضرون من كئوسهم، ثم استدعت الطبيب وقالت له: انظر إلى هذا الشراب في هذا الكأس. فأخذه فبهت! لأن فيه سماً زعافاً، فقالت له: انظر إلى هذه الزجاجة التي صب منها، فأخذها وقال: لا شيء فيها. وهنا يأتي دور العقل! الزجاجة ليس فيها شيء، وفتحت وصب منها في كأس خال، وصار الشراب في الكأس سماً، فمن أين جاء السم؟ وهنا إما أن يقول: الزجاجة كانت خالية من السم، والكأس كانت خالية فلا سم فيحكم العقل ويكذب الطبيب فيشرب فيموت، وهذا بسبب تحكيم العقل، وإما أن يصدق الطبيب فيسلم.وهنا تعجب الحاضرون! فسألها أخوها: كيف عرفت فيه السم؟ وكيف فطنتِ لذلك؟ قالت: لأن الساقي كان في السابق يأتي بالكئوس كلها مصبوبة ويبدأ باليمين، ويأتي إلى الملك فيأخذ إحدى الكئوس، وفي هذه المرة عين الكأس الذي سيشربه الملك، والكأس قد طلي بمادة سامة لا يظهر لونها، وهي شديدة الفاعلية، وفي النظر أنه زجاج صاف رائق لا شيء فيه، ولما صب الشراب على السم الذي صبغ ودهن في الكأس تحلل مع الشراب، وأصبح قاتلاً.وهذه واقعة وقعت فعلاً، ولا أريد أن أسمي البلد ولا الملك وهو معروف، فالعقل هنا يقول: الكأس أبيض صقيل نظيف، والزجاجة التي صب منها الشراب ليس فيها سم، إذاً: الإنسان بين أحد أمرين: إما أن يحكم العقل ويقول: الزجاجة سليمة، والكأس نظيف، فلا سم فيشرب، وإما أن يصدق الطبيب فيسلم.وهكذا أيها الإخوة! فإن المسلم إذا سمع عن رسول الله خبراً ثابتاً -وهنا الحديث رواه مسلم ، ولا مطعن فيه لأي مخلوق- فهو بين أحد أمرين: إما أن يقول: سمعاً وطاعة فيمتثل الأمر ولو لم يعلم ما وراء ذلك، وإما أن يحكم العقل وقد يورده المهالك، وقد وجدنا في الشرع الحكيم في نص القرآن الكريم أن الشيء الواحد قد يختلف حكمه باختلاف الحالات ابتلاءً وامتحاناً، يقول سبحانه وتعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifلا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[المائدة:95] ويقول: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[المائدة:2] يعني: الصيد حين الإحرام حرام، وبعد الانتهاء من الإحرام الصيد حلال، فهل تغير الصيد؟ وهل تغير الإنسان؟ الجواب: لا، فكيف حرم الصيد وهو أحل الحلال على المحرم الذي توجه إلى الله يلبي، وهو حلال للبدوي الذي يسوق البعير، أو للسائق الذي هو غير محرم، يغني في الهواء ويقتل الصيد ويأكل؟! بين سبحانه الحكمة من ذلك فقال: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifلَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[المائدة:94] لماذا؟ http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[المائدة:94] إذاً: تحريم الصيد ليس شحاً بالصيد ولا امتهاناً للمحرم، ولكن ابتلاء، ليرى هل المحرم صادق في إحرامه، وصادق في إيمانه أو لا؟ وقد وجد هذا الامتحان في غير ذلك، ومن أمثلة ذلك قصة طالوت وجنوده الذين معه قال تعالى حاكياً قوله لجنوده: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifإِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:249] أي: نهر يجري، وقال: الذي يشرب منه فليس مني إلا من اغترف غرفة بيده لماذا؟ الجواب: لأنه يريد أن يمتحن هؤلاء؛ لأنهم اعترضوا على تنصيبه ملكاً عليهم كما قال الله عنهم: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifأَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:247] لأن عندهم مقاييس متغايرة فقال الله: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifإِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:247] وزاده مكونات الملك: العلم والجسم، العلم في العقل والتفكير والتدبير، والقوة في الجسم للتنفيذ، وهذه هي مقومات الملك.إذاً: الشرع يأتي بأمور معقولة قد يدرك العقل الحكمة من ورائها، وقد يأتي بما لا يدركه العقل -أي: أنه يتقاصر في قواه وإدراكه عما وراء ذلك- فإن كان الإنسان مؤمناً صادقاً فسيقول: سمعاً وطاعة.وهذه أيها الإخوة! مقدمة بين يدي هذا الحديث وهذه المسألة التي هي في قوله صلى الله عليه وسلم: (توضئوا من لحوم الإبل) والتخيير في الوضوء من لحوم الغنم، فلا يقف العقل ويتطاول ويتساءل: لماذا فرق بين هذا وبين ذاك؟ بل نقول: إن لم تظهر لنا حكمة سكتنا وسلمنا ونحن على حق، وإن ظهرت لنا ازددنا إيماناً ويقيناً كما قال الله: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:260]. http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif |
مشروعية الوضوء من أكل لحوم الإبل دون غيرها قبل الدخول في التفصيل في أقوال الأئمة رحمهم الله نقول: هناك أشخاص دخلهم الشك، وأرادوا أن يشككوا غيرهم في التشريع الإسلامي، وأعداء الإسلام يتتبعون الشبه، يقولون: كيف يفرق الدين الإسلامي بين متماثلين، فهذا لحم وهذا لحم، وهذا ينقض وهذا لا ينقض؟! وهذا في حسبانهم تناقض، وكذلك قالوا في الحديث الآخر -حديث أبي السمح -: (يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام) قالوا: كيف فرقتم بين بول البنت وبول الولد وهما متماثلان أي: قبل أن يأكلا الطعام؟!فنقول لهؤلاء: نحن أولاً وقبل كل شيء التزمنا باتباع رسول الله كما التزمنا بوحدانية الله، ولا يتم إسلام إنسان إلا بهذا الالتزام، ولا يدخل الإنسان في الإسلام إلا إذا أعلن أن "لا إله إلا الله" فإذا ما اعتقد ألوهية غير الله نقض "لا إله إلا الله"، وكذلك "محمد رسول الله" فإذا ما اتبع غير محمد نقض أن محمداً رسول الله، وإذا التزم بأن محمداً رسول الله الذي اعترف برسالته لزمه أن يأخذ كل ما جاءه به محمد صلى الله عليه وسلم، وإذا ردّ شيئاً يكون قد نقض قوله: "محمد رسول الله".ونحن هنا نقول: لو أن إنساناً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفرق له بين المتماثلين، هل يملك أن يقول: لماذا يا رسول الله! فعلت ذلك؟ ولو أن رسول الله جاء إلى إنسان عنده، وأخذ رطبتين من طبق، وقال: هذه حلال لك فكلها، وهذه حرام عليك لا تأكلها. هل من حقه أن يقول: لماذا لا آكلها يا رسول الله؟! أو يتعين عليه ألا يأكلها؟ الجواب: يتعين عليه أن لا يأكلها ولو أكلها مع كونها رطباً جنياً لكان عاصياً، ولذا أجمع الأصوليون على أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الأمور المباحة العادية، لو توجه إلى إنسان بعينه يصير فرضاً عينياً عليه، ولا يجزئ عنه إلا هو.وقالوا: لو ركب صلى الله عليه وسلم ناقته، وسقط السوط من يده، وعنده عشرة أشخاص، وقال لواحد منهم: يا فلان! ناولني السوط. فهذا المسمى تعين عليه فرضاً عينياً كفرض الصلاة أن يناول السوط لرسول الله، ولا يحق له أن يقول: يا فلان! ناول رسول الله، أو أنت قريب من الناقة ناول رسول الله؛ لأن الأمر توجه إليه بشخصه.إذاً: لا يمكن أبداً لإنسان مسلم أن يحكِّم العقل في ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا ثبت الأمر من رسول الله فالعبرة حينئذ بالثبوت، ونحن نقول أيضاً: لو جاءك رسول الله بكأسين من الماء، وقال: اشرب هذا، ولا تشرب هذا. فهل تملك أنت أن تشرب الذي قال لك: لا تشربه؟ الجواب: لا تملك ذلك.فأقول: بهذه المناسبة، أنا أريد أن أطيل في هذه المسألة بالذات، لما فيها من الشبه، ولما فيها من توقف العقل: فهذا حدث وقع بين يدي أحد الملوك العرب في الجزيرة العربية: وهو أنه كان له وزير، وكان يتحرز منه، وكان الملك له أخت دونه في السن ذات عقل، وكانت تجالسه، ولما كبر وبلغ الستين كان يحضرها معه إلى المجلس؛ مخافة أن يكون منه خطأ أو زلل أو شيء هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كنوع حراسة له من كيد الوزير.وحدث ذات مرة أن جاء الساقي بعدة كئوس للحاضرين -قد تكون عشرة- فيها شراب، وجاء بكأس واحد فارغ فوضعه أمام الملك، وجاء بزجاجة الشراب -وكانت مختومة- ففكها أمامهم وصب في الكأس الخالي وقدمه للملك، فإذا بأخته الفطنة حينما مد الملك يده إلى الكأس أمسكتها وقالت: لا تأخذها، فشرب الحاضرون من كئوسهم، ثم استدعت الطبيب وقالت له: انظر إلى هذا الشراب في هذا الكأس. فأخذه فبهت! لأن فيه سماً زعافاً، فقالت له: انظر إلى هذه الزجاجة التي صب منها، فأخذها وقال: لا شيء فيها. وهنا يأتي دور العقل! الزجاجة ليس فيها شيء، وفتحت وصب منها في كأس خال، وصار الشراب في الكأس سماً، فمن أين جاء السم؟ وهنا إما أن يقول: الزجاجة كانت خالية من السم، والكأس كانت خالية فلا سم فيحكم العقل ويكذب الطبيب فيشرب فيموت، وهذا بسبب تحكيم العقل، وإما أن يصدق الطبيب فيسلم.وهنا تعجب الحاضرون! فسألها أخوها: كيف عرفت فيه السم؟ وكيف فطنتِ لذلك؟ قالت: لأن الساقي كان في السابق يأتي بالكئوس كلها مصبوبة ويبدأ باليمين، ويأتي إلى الملك فيأخذ إحدى الكئوس، وفي هذه المرة عين الكأس الذي سيشربه الملك، والكأس قد طلي بمادة سامة لا يظهر لونها، وهي شديدة الفاعلية، وفي النظر أنه زجاج صاف رائق لا شيء فيه، ولما صب الشراب على السم الذي صبغ ودهن في الكأس تحلل مع الشراب، وأصبح قاتلاً.وهذه واقعة وقعت فعلاً، ولا أريد أن أسمي البلد ولا الملك وهو معروف، فالعقل هنا يقول: الكأس أبيض صقيل نظيف، والزجاجة التي صب منها الشراب ليس فيها سم، إذاً: الإنسان بين أحد أمرين: إما أن يحكم العقل ويقول: الزجاجة سليمة، والكأس نظيف، فلا سم فيشرب، وإما أن يصدق الطبيب فيسلم.وهكذا أيها الإخوة! فإن المسلم إذا سمع عن رسول الله خبراً ثابتاً -وهنا الحديث رواه مسلم ، ولا مطعن فيه لأي مخلوق- فهو بين أحد أمرين: إما أن يقول: سمعاً وطاعة فيمتثل الأمر ولو لم يعلم ما وراء ذلك، وإما أن يحكم العقل وقد يورده المهالك، وقد وجدنا في الشرع الحكيم في نص القرآن الكريم أن الشيء الواحد قد يختلف حكمه باختلاف الحالات ابتلاءً وامتحاناً، يقول سبحانه وتعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifلا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[المائدة:95] ويقول: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[المائدة:2] يعني: الصيد حين الإحرام حرام، وبعد الانتهاء من الإحرام الصيد حلال، فهل تغير الصيد؟ وهل تغير الإنسان؟ الجواب: لا، فكيف حرم الصيد وهو أحل الحلال على المحرم الذي توجه إلى الله يلبي، وهو حلال للبدوي الذي يسوق البعير، أو للسائق الذي هو غير محرم، يغني في الهواء ويقتل الصيد ويأكل؟! بين سبحانه الحكمة من ذلك فقال: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifلَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[المائدة:94] لماذا؟ http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[المائدة:94] إذاً: تحريم الصيد ليس شحاً بالصيد ولا امتهاناً للمحرم، ولكن ابتلاء، ليرى هل المحرم صادق في إحرامه، وصادق في إيمانه أو لا؟ وقد وجد هذا الامتحان في غير ذلك، ومن أمثلة ذلك قصة طالوت وجنوده الذين معه قال تعالى حاكياً قوله لجنوده: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifإِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:249] أي: نهر يجري، وقال: الذي يشرب منه فليس مني إلا من اغترف غرفة بيده لماذا؟ الجواب: لأنه يريد أن يمتحن هؤلاء؛ لأنهم اعترضوا على تنصيبه ملكاً عليهم كما قال الله عنهم: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifأَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:247] لأن عندهم مقاييس متغايرة فقال الله: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifإِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:247] وزاده مكونات الملك: العلم والجسم، العلم في العقل والتفكير والتدبير، والقوة في الجسم للتنفيذ، وهذه هي مقومات الملك.إذاً: الشرع يأتي بأمور معقولة قد يدرك العقل الحكمة من ورائها، وقد يأتي بما لا يدركه العقل -أي: أنه يتقاصر في قواه وإدراكه عما وراء ذلك- فإن كان الإنسان مؤمناً صادقاً فسيقول: سمعاً وطاعة.وهذه أيها الإخوة! مقدمة بين يدي هذا الحديث وهذه المسألة التي هي في قوله صلى الله عليه وسلم: (توضئوا من لحوم الإبل) والتخيير في الوضوء من لحوم الغنم، فلا يقف العقل ويتطاول ويتساءل: لماذا فرق بين هذا وبين ذاك؟ بل نقول: إن لم تظهر لنا حكمة سكتنا وسلمنا ونحن على حق، وإن ظهرت لنا ازددنا إيماناً ويقيناً كما قال الله: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:260]. http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif |
صفة الوضوء والغسل الصلاة عمود الدين وثاني أركانه بعد الشهادتين، ولا يتم إسلام المرء إلا بتأديتها، وقد جعل الشارع الوضوء والغسل شرطاً لصحتها، وأمر الله تعالى عباده إذا أرادوا الصلاة أن يأتوا إليها متطهرين من الحدثين الأصغر والأكبر، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم بيان الصفة الكاملة لهاتين الطهارتين كما في حديث عائشة وعثمان، وفيهما بيان فضيلة هذه الأمة بالغرة والتحجيل. فالواجب علينا تعلم أحكام الشرع والتفقه في الدين. صفة الوضوء إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل وهو الذي لا ينطق عن الهوى: {الطهور شطر الإيمان } اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن اقتدى بهديهم إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: أيها الناس: اتقوا الله عز وجل؛ وأطيعوا الله فيما أمركم به، وانتهوا عما ينهاكم عنه، فإنه ما أمر بشيءٍ إلا وفيه مصلحة ومنفعة، ولا نهى عن شيء إلا وفيه مضرة ومفسدة. عباد الله: يقول الله عز وجل بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [المائدة:6] هذا أمرٌ من الله عز وجل لعبده المؤمن، إذا أراد أن يؤدي الصلاة التي فرض الله عليه، أو أراد أن يؤدي نافلة سنها له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقف بين يدي الله عز وجل طاهراً متطهراً....... |
الطهارة شرط لصحة الصلاة والطهارة شرطٌ لصحة الصلاة، فمن صلَّى بغير وضوءٍ والماء عنده وهو قادرٌ على استعمال الماء وصلى بدون طهارة فصلاته باطلة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ } والحدث نوعان: حدث أكبر، وحدث أصغر. فالأكبر: يرتفع بالغسل. والأصغر: يرتفع بالوضوء. |
الفرق بين الوضوء والاستجمار قبل أن نبدأ بصفة الوضوء، يجب علينا أن نفرق بين الوضوء والاستجمار. أما الاستجمار: فهو: قطع الأذى بالحجارة أو بشيءٍ طاهر من الورق والخرق، أو هو غسل القبل والدبر، يعني: تنقيتهما من الغائط والبول، إما بالحجارة أو بالخرق أو بالأوراق النظيفة أو بالماء، أو يجمع بينهما وهو أفضل. ثم بعد ذلك الوضوء؛ وبعض الناس يجمع بين الاستجمار والوضوء ويقول: أتجدد، ويريد بذلك الوضوء، والتجدد هو: إذا كنت على وضوء ثم أردت أن تجدد وضوءك وأنت على وضوء، وقد ورد في ذلك ترغيب. هذا هو (الجدود) الذي نسمعه كثيراً من إخواننا، أما الوضوء فهو غسل الأطراف الأربعة والصلاة لا تصح بدونه. |
صفة الوضوء الكامل وصفة الوضوء عند الحدث الأصغر هي كما وصفه عثمان بن عفان رضي الله عنه: فإنه دعا بالماء الذي يتوضأ به، فأفرغ على يديه من الإناء فغسلهما ثلاث مرات، ثم أدخل يمينه في الإناء ثم تمضمض واستنشق واستنثر -أي: نثر الماء من فمه ومن خياشيمه- ثم غسل وجهه ثلاثاً، ويديه إلى المرفقين ثلاثاً، ثم مسح رأسه مرة واحدة، ثم غسل رجليه ثلاثاً، ثم قال: { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا، وقال: من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلىَّ ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه } حديث صحيح متفقٌ على صحته. فهذا يسميه العلماء الوضوء الكامل؛ لأنه غسل كل عضو ثلاث مرات، أما الوضوء الواجب فهو أن يغسل كل عضو مرةً واحدة، يفرغ على يديه مرةً واحدة، ويتمضمض ويستنشق مرةً واحدة، ويغسل وجهه مرة واحدة ويديه إلى المرفقين مرة واحدة، ثم يمسح برأسه، ثم يغسل رجليه مرة واحدة، هذا هو الوضوء الواجب أما الثنتين والثلاث فهو سنة، والزيادة على الثلاث بدعة وإسراف، إلا إذا أحتاج إلى إزالة نجس أو غيره حتى لو زاد على سبعٍ أو على خمسٍ فلا بأس. عباد الله: اشتمل هذا الحديث الذي ذكره الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه على الصفة الكاملة لوضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وعثمان رضي الله عنه من حسن تعليمه وتفهيمه؛ ولأنهم تعلموا في مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقٌ عليهم أن يبلغوا هذا العلم إلى الناس فهو رضي الله عنه وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم بطريقٍ عملي؛ ليكون أبلغ تفهماً وأتم تصوراً في أذهان الحاضرين، فإنه رضي الله عنه دعا بإناء فيه ماء وصب على يديه منه ثلاث مرات، وذلك قبل إدخالهما في الإناء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الإنسان لا يدري أين تبيت يده إذا نام، فأمرنا صلى الله عليه وسلم إذا انتبهنا من النوم أن نغسل أيدينا ثلاث مرات قبل أن ندخلهما في الإناء، وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتسمية عند الوضوء يقول: (بسم الله) ومن ترك التسمية عناداً فلا وضوء له، أما إذا تركها ناسياً أو سهواً فلا إثم عليه ووضوؤه صحيح إن شاء الله، ثم بعد ذلك يأخذ ماء ويتمضمض ويستنشق ثلاث مرات، ثم يغسل وجهه ثلاث مرات، ثم يغسل يديه إلى المرفقين ثلاث مرات، ثم يمسح جميع رأسه مرة واحدة يدبر بيديه ويقبل بهما، ثم يغسل رجليه مع الكعبين ثلاث مرات، هكذا صفة الوضوء الكامل. |
صفة الغسل الكامل عباد الله: لقد سمعتم صفة الوضوء أما صفة الغسل من الحدث الأكبر مثل الجنابة للرجال والنساء، ومثل الحيض والنفاس للنساء، فعن عائشة رضي الله عنها تصف لنا الغسل قالت: {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر، حتى إذا رأى أنه قد استبرأ، حفن على رأسه ثلاث حفنات، ثم أفاض على سائر جسده ثم غسل رجليه }. هكذا تصف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها صفة الغسل من الجنابة، للمرأة والرجال، والمرأة كذلك إذا كان رأسها مظفر فلا يجب أن تنقضه، بل يكفيها أن ترويه من الماء وهذا هو الغسل الذي وصفته عائشة رضي الله عنها؛ لأنها كانت تغتسل هي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في إناء واحد. وفي رواية ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها: {أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من الغسل تنحى فغسل رجليه } أي: أبعد عن مكان الغسل وغسل رجليه لأنه كان متوضأ قبل الغسل ولم يبقِ إلا رجليه، هكذا الغسل يا عباد الله....... |
استحباب الدعاء عقب الوضوء يا عباد الله: إذا انتهى المتوضأ وخرج من محل الوضوء ومن دورة المياه يسن له أن يستقبل القبلة، ويقول كما ورد في الحديث الذي رواه لنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعاً، قال: {ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء} حديث رواه الإمام أحمد ومسلم والترمذي ، وزاد الترمذي أن يقول بعد هذا التشهد: {اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين }. وبعض الناس يقول: وهل للوضوء دعاء؟ نقوله له: اتقِ الله يا أخي! الدعاء عبادة، والعبادة لا تنبغي في دورة المياه، فلا تدعو وأنت في دورة المياه، وادعو الله وأنت واقف بين يديه خاشعاً متخشعاً، أما الوضوء فلم يذكر له إلا أن تقول: (بسم الله) عند بداية الوضوء، وتمسك عن الكلام حتى تخرج من دورة المياه، اللهم اجعلنا هداةً مهتدين. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولجميع المسلمين من كل ذنب، وأسأله بمنه وكرمه أن يرزقنا التفقه في الدين، اللهم ارزقنا التفقه في الدين، واجعلنا على منهج رسول الله سائرين، ولا تجعلنا من المبتدعين، اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
شروط التيمم وصاحب الجبيرة الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: فيا عباد الله! اتقوا الله عز وجل واعرفوا ما أوجبه الله عليكم من أحكام دينكم، فإنه لا قوام للآخرة، بل ولا للدنيا إلا بالتمسك بدين الله والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم. البعض من الناس لبعدهم عن تعاليم الدين -نسأل الله العفو والعافية- تجده في الأسواق العامة، فإذا حان وقت الصلاة تيمم ودخل إلى المسجد وقال: هذا يكفيني، فمن أين له هذه الفتوى؟! ومن أين له هذا الوحي الشيطاني الذي جرأه على ذلك؟ والله لا تقبل له صلاة حتى يتوضأ، حتى حراج ابن القاسم إذا حان وقت الصلاة، وقال رجال الهيئة الصلاة، ضرب البعض الأرض بيده ومسح بهما وجهه ودخل المسجد، وهو في داخل البلد، والماء موجود ولا عذر له في ذلك، فأخبروا من رأيتم يفعل ذلك أن صلاته باطلة، وأن صلاته مردودة عليه. فإنه لا يعدل إلى التيمم إلا إذا عدم الماء، وكيف يعدل إلى التيمم وهو في بلاد واسعة الأرجاء والماء موجودٌ ولله الحمد، وكذلك الذين يذهبون إلى الرحلات في البر، تجد الماء معهم كثير، ويعدلون إلى التيمم وهذا لا ينبغي، فلا يعدل إلى التيمم إلا من كان في حاجةٍ ماسة إلى الماء، أو كان الماء لا يكفيه إلا لطعامه وشرابه، أما إذا كان معه (وايت) من الماء ثم يعدل إلى التيمم وإذا انتهى من رحلته فتح الماء وأضاعه في الأرض، فهذا من التهاون في الدين وعدم المبالاة في أمر الله، فاحذروا -يا عباد الله- أن تتهاونوا في أمر الله فتسقطوا من عين الله، تعلموا أحكام دينكم، تفقهوا في دين الله، اقتربوا من حِلق الذكر، اقتربوا من مجالس العلماء، حتى تكونوا على بصيرة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قيل وما رياض الجنة؟ قال: حِلق الذِّكر }. أوجب الله عليكم الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، إذا أردتم القيام إلى الصلاة فمن أراد منكم أن يصلي فليتوضأ كما أمره الله، وصفة ذلك: أن ينوي، ثم يذكر اسم الله، ثم يغسل كفيه ثلاث مرات، ثم يتمضمض ويستنشق ثلاث مرات، ثم يغسل وجهه كله من منابت شعر الرأس إلى الذقن، ثم يغسل يديه إلى المرفقين ثلاث مرات، ثم يمسح رأسه كله من مقدمه إلى قفاه، ومنه الأذنان، ثم يغسل رجليه ثلاثاً مع الكعبين -انتبهوا إلى هذه العبارة - ومن كان لديه في عضوٌ من أعضاء الوضوء جرح يضره الغسل فلا يغسله، فإن وضع عليه رباطٌ أو غيره فيجب أن يكون بقدر الحاجة لا يتعدى موضع الجرح، ثم يمسح على المحل المربوط عند الوضوء، ولا يحتاج إلى تيمم بعد ذلك. اللهم ارزقنا التفقه في ديننا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا واجعلنا هداةً مهتدين. عباد الله: صلوا وسلموا على رسول الله امتثالاً لأمر الله http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماًhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [الأحزاب:56] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاة صلىَّ الله عليه بها عشراً }. اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك إلى يوم الدين. اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين آجلاً غير عاجل، اللهم يا واحدٌ أحد! يا فرد يا صمد! يا حي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام! أذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله في نفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً له يا سميع الدعاء! حسبنا الله ونعم الوكيل. اللهم انصر من نصر الإسلام، اللهم انصر من نصر الإسلام، في كل مكان يا رب العالمين! اللهم انصر من نصر الإسلام في كل مكان واجعل له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاءً عافية، ويسر أمره حيث ما كان يا رب العالمين. اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم ارزقهم الجلساء الصالحين الناصحين، اللهم وفقهم إلى الجلساء الصالحين الناصحين الذين يذكِّرونهم إذا نسوا ويعينونهم إذا ذكروا. اللهم أصلحنا وأصلح لنا، وأصلح بنا واجعلنا هداةً مهتدين، اللهم أصلح أولادنا ونساءنا، اللهم أصلح أولادنا ونساءنا، اللهم أصلح أولادنا ونساءنا، واجعلهم قرة أعينٌ لنا يا رب العالمين. اللهم اجمعنا ووالدينا ووالد والدينا وجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات في مستقر رحمتك يا رب العالمين! وأظلنا تحت ظل عرشك، يوم لا ظل إلا ظلك، اللهم اسقنا من حوض نبيك صلى الله عليه وسلم شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبداً. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا واللواط والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عنا وعن جميع المسلمين عامةً يا رب العالمين. عباد الله: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifإِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَاhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [النحل:90-91] واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون....... |
سلسلة هي والفتاوى - الطهارة والحيض معنى حديث: (النساء شقائق الرجال) وحكمه وسبب وروده باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:فهذه طائفة من الأسئلة المتعلقة بالنساء وما يحتجن إليه من فقه، نستهلها بالجواب عن سؤال قدم عليَّ عن حديث: (النساء شقائق الرجال) ، هل ثبت هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل له سبب ورود؟ وهل معناه يطرد أم لا؟ الجواب: نقول -والله والموفق والهادي إلى سواء السبيل-: أما هذا الحديث: (النساء شقائق الرجال) فيحسن بمجموع طرقه، ويعمل به. أما بالنسبة لسبب وروده فحاصله: أن أم سليم رضي الله تعالى عنها سألت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت: (يا رسول الله! المرأة ترى أن قد احتلمت -وفي رواية: إذا رأت المرأة في المنام أن زوجها يجامعها- أتغتسل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم؛ إذا رأت الماء) ، هذا هو متن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.أما عن اطراد معناه فإنه يطرد في كل ما لم يرد فيه نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.أما المسائل التي وردت فيها نصوص من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفرق فيها بين الرجال والنساء، فنحن نتبع هذه النصوص وتكون مستثناة من حديث: (النساء شقائق الرجال) فعلى سبيل المثال ورد في كتاب ربنا ما حاصله: أن شهادة المرأة تعدل نصف شهادة الرجل، إذ الله تبارك وتعالى قال في كتابه الكريم: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifفَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:282] ، وكذا قال الله سبحانه وتعالى في أبواب المواريث: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[النساء:11] ، فهذه مسائل وردت فيها نصوص فتستثنى من عموم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (النساء شقائق الرجال) . والله سبحانه وتعالى أعلم. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم. ...... |
حكم وضوء الرجل مع امرأته أو أمه أو ابنته من إناء واحد السؤال: هل يجوز للرجل أن يتوضأ مع امرأته أو أمه أو ابنته من إناء واحد؟ الجواب: نعم يجوز ذلك، إذ لا مانع منه ابتداءً، ثم إنه قد أخرج البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كان الرجال والنساء يتوضئون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعاً) ، وهذا محمول على أنه كان قبل نزول آية الحجاب، أو على أنه مختص بالمحارم. فعليه: يجوز أن يتوضأ الرجل مع ابنته من إناء واحد، إذ لم يرد دليل صحيح صريح يمنع من ذلك. والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ...... حكم اغتسال الرجل مع زوجته من الجنابة السؤال: هل يجوز للرجل أن يغتسل مع زوجته من الجنابة؟ الجواب: نعم يجوز للرجل أن يغتسل مع زوجته من الجنابة؛ وذلك لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها الذي أخرجه البخاري في صحيحه قالت: (كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من إناء واحد كلانا جنب) وفي رواية عند مسلم في صحيحه: (كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد، فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي. قالت: وهما جنبان) . وقد قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح هذا الحديث: وأما تطهر الرجل والمرأة من إناء واحد فهو جائز بإجماع المسلمين؛ لهذه الأحاديث التي في الباب، والله أعلم. ...... حكم اغتسال الرجل مع زوجته عند اغتسالها من الحيض السؤال: هل يجوز للرجل أن يغتسل مع امرأته عند غسلها من المحيض؟ الجواب: الذي يبدو والله تعالى أعلم أن ذلك يكره؛ وذلك لأن المرأة تحتاج في غسلها من المحيض إلى تتبع أثر الدم، وفعلها أشياء قد يتأذى الزوج بها. والله تبارك وتعالى أعلم. وعليه: فالأولى أن تغتسل المرأة من محيضها بعيداً عن زوجها؛ حتى لا يرى الزوج ما يكرهه منها، وقد يكون سبباً في نفرته عنها. والله تعالى أعلم. ...... |
حكم مسح المرأة على الخمار أثناء الوضوء السؤال: هل يجوز للمرأة أن تمسح على الخمار أثناء الوضوء؟ الجواب: يعني هذا السائل: أن بعض أهل العلم قد جوز للرجل أن يمسح على العمامة، فهل يجوز للمرأة أن تمسح على الخمار هي الأخرى؟ فهذا حاصل السؤال. فجوابه وبالله التوفيق: نعم، يجوز للمرأة أن تمسح على خمارها قياساً على مسح الرجل على عمامته، وقد ثبت في صحيح مسلم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح على الخفين ومقدم رأسه وعمامته) ، وثبت عند البخاري من طريق جعفر بن عمرو عن أبيه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته وخفيه) فعلى ذلك يجوز للمرأة أن تمسح على خمارها، لكن يستحب لها أن تمسح على شيء من مقدم ناصيتها ثم تتم المسح على الخمار خورجاً من الخلاف. والله تبارك وتعالى أعلم؛ وذلك لأن هناك خلافاً في مسح الرجل على عمامته، وقد رأى بعض أهل العلم في زيادة: ( عمامته) في حديث البخاري أن فيها بعض الكلام، فعليه يستحب للمرأة خروجاً من أية خلاف، إذا لم ترد أن تنزع خمارها عن رأسها أن تمسح على مقدم ناصيتها، ثم تتم المسح على الخمار. والله تعالى أعلم. ...... حكم مس المرأة لفرجها وهي متوضئة السؤال: إذا مست المرأة فرجها وكانت على وضوء فهل ينتقض وضوءها بذلك، أم لا ينتقض؟ الجواب: يجب على المرأة أن تتوضأ من مس فرجها، وهذا على الراجح من أقوال أهل العلم في هذا الباب؛ وذلك لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يصح بمجموع طرقه وبشواهده: (من مس ذكره فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ) . ...... حكم مس المرأة ذكر طفلها وهي متوضئة السؤال: هل مس المرأة ذكر طفلها ينقض وضوءها؟ الجواب: مس المرأة ذكر طفلها لا ينقض وضوءها إذ لم يرد دليل صريح في ذلك، والطفل يختلف عن الرجل الكبير، وأيضاً قد كانت النسوة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يحملن الأطفال ويغسلن الأطفال وينظفن الأطفال، فلم يرد في حديث واحد أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر امرأة مست ذكر طفلها أن تتوضأ من مس هذا الذكر. والله تبارك وتعالى أعلم. ...... حكم مس المرأة دبرها وهي متوضئة السؤال: هل مس المرأة دبرها ينقض وضوءها؟ الجواب: لا ينقض الوضوء إذ لا دليل على ذلك، وإنما تغسل يديها لما عساه أن يكون قد لحقها من الأذى. والله تبارك وتعالى أعلم. ...... |
حكم مس المرأة للمتوضئ السؤال: هل مس الرجل للمرأة -ولا أعني بالمس الجماع هاهنا، إنما أعني المصافحة والقبلة ونحو ذلك- هل هذا المس ينقض وضوء الرجل؟ وهل ينقض وضوء المرأة؟ الجواب: الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifأَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[النساء:43] اختلف أهل العلم على قولين في تأويل قوله تعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifأَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[النساء:43]: فذهب فريق منهم إلى أن الملامسة هاهنا المراد بها الجماع، وحجتهم أن إطلاق المس في كتاب الله سبحانه وتعالى أغلبه منزل على الجماع، فمن ذلك قول الله تبارك وتعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:237] فالمس هنا المراد به الجماع، وكذا قوله تعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifأَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[النساء:43] فقد اختار ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن المراد به الجماع، وكذا قول الله سبحانه وتعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifمِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّاhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[المجادلة:3] في آية الظهار فالمراد به الجماع. وعليه فإن بعض أهل العلم منهم: الحبر الكريم عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما رأى أن مس المرأة بما دون الجماع لا ينقض وضوء الرجل، وأيضاً هو لا ينقض وضوء المرأة.بينما ذهب فريق آخر من أهل العلم، منهم: عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه وآخرون من أهل العلم إلى أن مس المرأة ينقض وضوء الرجل، وحملوا قوله تعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifمِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[المجادلة:3] على عمومه. أما وجهة ترجيح القول الأول: قول عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما؛ فبسبب ما أخرجه مسلم رضي الله تعالى عنه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول: اللهم! إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك) فالشاهد منه: قول أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها: ( فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه ) فلو كان مسح عائشة رضي الله عنها لبطن قدم النبي صلى الله عليه وسلم ناقضاً لخرج النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته، وفي البخاري ومسلم أيضاً من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتهما) فإذا كان المس ينقض الوضوء على عمومه لخرج النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته. والذي يظهر ويترجح بالأدلة والله تعالى أعلم أن مس المرأة لا ينقض الوضوء، ما لم يكن جماعاً، وهذا القول قول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وهو الحافظ الكريم الذي دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقه في الدين وتعلم التأويل. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: قد كان المسلمون دائماً يلمسون نساءهم، وما نقل مسلم واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر أحداً بالوضوء من مس النساء، والله تبارك وتعالى أعلم، وهذا أيضاً رأي الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى.هذا وقد ورد في هذا الباب حديث فيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل نساءه ثم يخرج إلى الصلاة ولا يتوضأ)، وهذا الحديث ضعيف لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وفيما ذكرنا كفاية. ...... |
حكم غسل الجمعة بالنسبة للمرأة السؤال: سائل يسأل عن غسل الجمعة: هل يجب على المرأة أن تغتسل يوم الجمعة؟ الجواب: المرأة لا يجب عليها أن تغتسل يوم الجمعة؛ وذلك لأن الغسل عند أكثر العلماء إنما هو للصلاة، والمرأة لا يجب عليها أن تشهد الجمعة، فلما لم تجب عليها صلاة الجمعة لم يجب عليها الغسل ليوم الجمعة. والله تعالى أعلم. ولكن يبقى سؤال: هل يستحب لها ذلك، أم أنه لا يستحب؟ فنقول وبالله التوفيق: نعم يستحب لها ذلك، فالله تبارك وتعالى يقول: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:222] ، ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم يقول -كما في الحديث الذي أخرجه البخاري ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه- : (حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً يغسل فيه رأسه وجسده). والله تبارك وتعالى أعلم. ...... حكم بول الغلام والجارية السؤال: ما حكم بول الغلام والجارية؟ الجواب: بول الغلام الذي لم يأكل الطعام يرش موضعه، أما الجارية: سواء أكلت الطعام أم لم تأكل الطعام فبولها يغسل موضعه، وبالله تبارك وتعالى التوفيق.ومما يدل على ذلك ما أخرجه أبو داود رحمه الله تعالى، من حديث أبي السمح رضي الله عنه، قال: (كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أراد أن يغتسل قال: ولني قفاك، فأوليه قفاي فأستره به، فأتي بـحسن أو حسين رضي الله تعالى عنهما، فبال على صدره، فجئت أغسله فقال: يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام) والله تعالى أعلم. ...... |
حكم ذيل المرأة الذي أصابه الأذى السؤال: ما الحكم في ذيل المرأة يصيبه الأذى؟ الجواب: قبل الجواب عن هذا السؤال: فنحب أن ندفع شبهة قد وقعت فيها أخوات كثيرات في فهمهن لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يرخينه شبراً -ثم لما قالت النساء-: يا رسول الله! إذن تنكشف صدور أقدامهن، فقال: يرخينه ذراعاً ولا يزدن على ذلك) اللفتة التي أحببنا النظر إليها، من أين يقاس الشبر؟ أو من أين يقاس الذراع؟ فبعض الفضليات ترى أن الشبر أو الذراع يقاس من الكعب إلى أسفل! وهذا الفهم ليس بصحيح، ولو كان ذلك ما قالت النساء: إذن تنكشف صدور أقدامهن، وإنما القياس يكون من منتصف الساق أي: من منتصف المسافة بين الركبة إلى الكعبين، فهذا هو الذي عليه كثير من أهل العلم. فلنرجع من ثم إلى سؤالنا عن الحكم في ذيل المرأة يصيبه الأذى، فإن المرأة تمشي وثوبها طويل يجر على الأرض فيصيبه الأذى أحياناً، فجواب هذا السؤال: أن المرأة إذا وطأت المكان القذر ثم وطأت الأرض اليابسة النظيفة فإن اليابسة النظيفة تطهر ما أصاب الثوب من المكان القذر؛ وذلك لما أخرجه أبو داود من حديث أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: (أن امرأة سألتها قالت: إني أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر؟ فقالت أم سلمة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطهره ما بعده) هذا إذا كان المكان القذر يابساً لا يعلق منه بالثوب شيء، أما إذا كان رطباً فيلزم حينئذٍ الغسل، وقد نقل الخطابي عن مالك رحمه الله تعالى قوله: إن الأرض يطهر بعضها بعضاً إنما هو أن يطأ الأرض القذرة، ثم يطأ الأرض اليابسة النظيفة، فإن بعضها يطهر بعضاً، فأما النجاسة مثل: البول يصيب الثوب أو بعض الجسد فإن ذلك لا يطهره إلا الغسل. ونقل الخطابي عن الشافعي رحمه الله في هذا المعنى أيضاً: إنما هو فيما جر على ما كان يابساً لا يعلق بالثوب منه شيء، فأما إذا جر على رطب فلا يطهر إلا بالغسل. ثم قال الخطابي : وهذا إجماع الأمة. ...... |
حكم سقوط اللبن من ثدي المرأة عليها السؤال: سائل يسأل عن لبن الرضاعة يسقط على الأم من ثديها أثناء إرضاعها لطفلها، هل يلزم غسله؟ الجواب: هذا اللبن ليس بنجس، ومن ثم لا يلزم غسله، وكانت النسوة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يرضعن أطفالهن، ولم يرد أي دليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة أن تغسل لبنها الذي سقط على ثوبها، أو الذي سقط من فم ولدها، والله تبارك وتعالى أعلم. ...... حكم المذي الذي يخرج من المرأة عند الملاعبة وصفته السؤال: ما حكم المذي الذي يخرج من المرأة عند ملاعبة زوجها لها؟ وما صفة هذا المذي؟ الجواب: المذي الذي يخرج من المرأة عند ملاعبة زوجها ينقض الوضوء، فيجب على المرأة أن تتوضأ منه إذا أرادت الصلاة، وهناك إجماع من أهل العلم على ذلك، أما من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالدليل على ذلك حديث علي رضي الله عنه حيث قال: (كنت رجلاً مذاءً -أي: كثير المذي- فأمرت رجلاً أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، قال: توضأ واغسل ذكرك) فلهذا الحديث مع الإجماع المنقول مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (النساء شقائق الرجال) يجب على المرأة إذا خرج منها هذا المذي أن تتوضأ.هذا ونلفت النظر هنا إلى شيء عارض: ألا وهو قول علي رضي الله تعالى عنه: (كنت رجلاً مذاءً فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته) ذكر بعض الفضلاء من أهل الفقه: أنه يكره للرجل أن يتحدث عن شئون الجماع أمام محارم امرأته، لما في ذلك من خدش لحيائهم، وهذا استنباط حسن وجيد، وأدب ينبغي أن نتأدب به.أما عن صفة المذي: فقد قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: المذي ماء رقيق لزج يخرج عند شهوة لا بدفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، ويكون ذلك للرجل والمرأة، وهو في النساء أكثر منه في الرجال. والله أعلم. أما الحافظ ابن حجر فقال: هو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند الملاعبة أو تذكر الجماع أو إرادة الجماع، وقد لا يحس بخروجه. وكإيضاح لما ذكره العالمان الجليلان: النووي ، وابن حجر أقول وبالله التوفيق: إن هذا المذي يكاد يشبه الصمغ الذي نستعمله في لصق ورقة بورقة أخرى. والله تبارك وتعالى أعلم. ...... حكم الرطوبة التي تخرج من فرج المرأة السؤال: سائلة تسأل عن رطوبة فرج المرأة: هل الرطوبة التي تخرج من فرج المرأة نجسة، أم طاهرة؟ الجواب: ابتداءً لم أقف على دليل صريح صحيح يدل على أن رطوبة فرج المرأة نجسة، أما ما أخرجه البخاري رحمه الله تعالى من حديث عثمان رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع امرأته ولم يمن، قال: (يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره) فليس بصريح في أن غسل الذكر إنما هو للإفرازات التي تخرج من المرأة، ولكنه يحتمل أن يكون إنما أمر بغسل الذكر نتيجة المذي الذي خرج منه، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم المقداد لما سأله عن المذي فقال: (توضأ واغسل ذكرك) فعلى هذا لما لم يرد دليل صحيح صريح يثبت أن رطوبة فرج المرأة نجسة بقينا مع الأصل، ألا وهو أنها طاهرة، وهذا قول عدد كبير من أهل العلم؛ نقله عنهم الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتابه: المجموع، وهو كتاب يمثل الفقه الشافعي، وينقل مؤلفه عدداً من آراء المذاهب فيه. والله تعالى أعلم.أما بالنسبة لحكم هذه الإفرازات التي تخرج من فرج المرأة، فهل هي ناقضة للوضوء، أو ليست بناقضة للوضوء؟ فأيضاً لم يرد دليل صحيح صريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفيد أنها تنقض الوضوء، فلما لم يرد دليل صحيح صريح على أن تلك الإفرازات التي تخرج من النسوة الحوامل أكثر ما تخرج، وتخرج من غيرهن من النسوة عند عطاس على سبيل المثال، وليس مخرجها من مخرج البول، فليس هناك دليل صريح صحيح يفيد أنها تنقض الوضوء، هذا على وجه الإجمال وقد قال بذلك عدد من أهل العلم، وكمزيد تفصيل فإن هذه المسألة لها أهميتها فنقول ابتداءً: إنه عند التنازع يلزم الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلا والسلام، وإذا كان ثمة إجماعات نقلت، فالله تبارك وتعالى يقول: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifاتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الأعراف:3]، ويقول: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[النساء:59] هذا ابتداءً.ثم هناك تنبيه آخر ألا وهو: أن قول القائل: بأن كل ما خرج من السبيلين ينقض الوضوء، ليس بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينعقد عليه أيضاً إجماع الأمة، وإنما أخذ هذا القول من جملة أدلة وردت وبينت أن كثيراً مما خرج من السبيلين ينقض، أما كحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فليس هذا بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، صحيح أن أغلب ما خرج من السبيلين ينقض كالريح، والغائط، ودم الحيض، ودم النفاس، وكذلك المني، والمذي، كل ذلك ينقض الوضوء وهناك أدلة تدل على نقضه للوضوء.لكن ثم أمور أخر كدم الاستحاضة، والاستحاضة غير الحيض كما هو معلوم، الاستحاضة: عرق انقطع فنزف دماً، وهذا يختلف عن دم الحيض -الذي يأتي المرأة في زمن من الشهر- في لونه وفي قدره وفي زمانه، فدم الاستحاضة كانت من النسوة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعتكف وهي مستحاضة، فربما وضعت الإناء تحتها وهي تصلي.على ذلك نعود فنقول: ليس هناك دليل صريح عن رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام، يفيد أن الإفرازات التي تخرج من فرج المرأة تنقض الوضوء، فلما لم يرد لنا هذا الدليل بقينا مع الأصل، ونحترز فنقول: إن الإفرازات تختلف عن المذي، فالمذي شيء والإفرازات شيء آخر، المذي: هو الذي يخرج من المرأة عند ملاعبة زوجها، فيخرج ولا تشعر المرأة أن شهوتها قد انقضت، إنما يخرج سائل يشبه الصمغ على ما فصلنا وذكرنا من أقوال العلماء، والله تعالى أعلم. وبالنسبة للإفرازات، هل هي ناقضة للوضوء، أم ليست بناقضة للوضوء؟ فالقول فيها ليس بقول واحد، إنما ذكرت ما ترجح لي، فإن كنت مصيباً فمن الله سبحانه الصواب، وإن كنت مخطئاً فمن نفسي ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان من ذلك. والله تعالى أعلم. ...... |
حكم الغسل على المرأة عند الاحتلام السؤال: هل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ الجواب: نعم، يجب عليها الغسل بالإجماع إذا خرج منها المني، سواء كان هذا الخروج في منامها أو في يقظتها، فإذا رأت المرأة أنها تجامع ولم تر الماء فلا غسل عليها، أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما، من حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: (جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله: إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم؛ إذا رأت الماء)، وعند مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل في منامه؟ فقال: إذا كان منها ما يكون من الرجل فلتغتسل) قال النووي رحمه الله تعالى: أجمع العلماء على وجوب الغسل بخروج المني، ولا فرق عندنا بين خروجه بجماع أو احتلام أو استمناء أو نظر أو بغير سبب، سواء خرج بشهوة أم بغيرها، وسواء تلذذ بخروجه أم لا. والله تبارك وتعالى أعلم. ...... حكم من جامعها زوجها ثم خرج منها مني زوجها بعد اغتسالها السؤال: ما الحكم في امرأة جامعها زوجها ثم اغتسلت، ثم خرج منها مني زوجها بعد أن اغتسلت؟ الجواب: أكثر أهل العلم ذهبوا إلى أن المرأة لا غسل عليها إذا جامعها زوجها ثم اغتسلت ثم خرج منها مني الزوج بعد الغسل، أي: أن المرأة إذا جامعها الزوج واغتسلت، ثم خرج منها مني الزوج بعد الغسل فلا يجب عليها أن تغتسل مرة ثانية، ولكنها تتوضأ فقط. والله تبارك وتعالى أعلم. ...... حكم جماع الرجل للمرأة إذا لم ينزلا |
حكم من مس بذكره فرج المرأة دون إيلاج ودون إنزال السؤال: إذا مس ذكر الرجل فرج المرأة من الخارج، ولم يولج ولم ينزل، أي: لم يحدث غياب للذكر في الفرج، ولا غياب لما يسميه العلماء: المدورة، إنما هو مساس من الخارج دون إيلاج ولا إنزال، فهل هذا يستوجب غسلاً؟ الجواب: لا يستوجب هذا غسلاً بالإجماع، فإذا مس ذكر الرجل فرج المرأة من الخارج، ولم يولج الحشفة في الفرج ولم ينزل فلا غسل عليهما، وقد نقل غير واحد من العلماء الإجماع على ذلك. ...... حكم من باشرها زوجها دون إيلاج فأنزل ولم تنزل وتسرب إلى فرجها السؤال: إذا أصاب الرجل امرأته في غير الفرج فأنزل منيه خارج الفرج وهي لم تنزل منيها، فهل عليها غسل؟ الجواب: لا يجب عليها غسل؛ وذلك لأن المرأة لم تنزل ولم يحصل التقاء للختانين، فمادامت لم تنزل المني ولم يحصل التقاء للختانين فلا يجب عليها الغسل.وقد صح عن إبراهيم النخعي أنه سئل عن الرجل يجامع امرأته في غير الفرج فينزل المني؟ قال: يغتسل هو ولا تغتسل هي، ولكن تغسل ما أصاب منها، أي: تغسل الموضع الذي جاء فيه مني الرجل، هذا يدل على أنه يرى رأياً في طاهرة المني غير ما يراه العلماء الآخرون. وصح عن الحسن البصري أنه سئل عن الرجل يصيب المرأة في غير فرجها؟ قال: إن هي أنزلت اغتسلت، وإن هي لم تنزل توضأت وغسلت ما أصاب من جسدها من ماء الرجل. والله تعالى أعلم.أيضاً قد يرد سؤال هنا: إذا جامع الرجل امرأته بين فخذيها، فتدفق هذا الماء منه فتسرب إلى الفرج بدون إيلاج، ولم تنزل منياً، فلا يجب عليها غسل عند جمهور العلماء، قال النووي في المجموع: إذا استدخلت المرأة المني في فرجها أو دبرها ثم خرج منها لم يلزمها الغسل، هذا هو الصواب الذي قطع به الجمهور. ليس معنى قول النووي : إذا أدخلت الماء في دبرها أنه يجوز الجماع في الدبر، فهذه كبيرة من أبشع الكبائر فلتنتبه له النسوة، فيحرم ثم يحرم الجماع في الدبر. والله تعالى أعلم. ...... حكم امتناع المرأة من زوجها إذا عدم الماء السؤال: المرأة يطلبها زوجها للجماع وليس هناك ماء تغتسل به، هل لها أن تتعلل وتمتنع من الجماع بسبب عدم وجود ماء للغسل، أم أن هذا ليس لها؟ الجواب: المرأة ليس لها أن تمنع نفسها من زوجها إذا دعاها لفراشه وإن لم يوجد الماء؛ وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال محذراً: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح) فيلزمها أن تجيب زوجها، أما عن عدم وجود الماء فهنالك التيمم يقوم مقام الماء عند فقدانه، وعند كثير من العلماء: أن التيمم يرفع الحدث الأكبر أيضاً، فعلى المرأة أن تمتثل في هذا الباب.هذا وقد ورد عن عطاء يرحمه الله أنه قال: إذا طهرت الحائض فلم تجد ماءً تتيمم ويأتيها زوجها، هذا وثم آثار أخر في هذا الباب عن التابعين يرحمهم الله. والله أعلم. ...... |
حكم استعمال المرأة لمانع الحمل لغرض إتمام الرضاعة وغيره السؤال: سائلة تسأل عن حكم استعمال المرأة لمانع من موانع الحمل أثناء فترة الرضاعة، وذلك حتى تتمكن من إتمام الحولين لإرضاع ولدها؟ الجواب: إن الله تبارك وتعالى قال: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:233] فعلى ذلك: للمرأة أن تتناول وسيلة تمنعها من الحمل لإتمام الرضاعة، ما لم تكن هذه الوسيلة مضرة بجسمها قياساً على العزل، وقد صح عن جابر رضي الله عنه أنه قال: (كنا نعزل والقرآن ينزل) ومعنى العزل: أن يجامع الرجل زوجته، فإذا أراد أن يقذف المني أخرج ذكره منها وقذف المني خارج الفرج، فقياساً على العزل يجوز استخدام وسيلة لإتمام الرضاعة.هذا ما لم تكن هذه الوسيلة مضرة بالجسم؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار). وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن امرأة تضع معها دواءً وقت المجامعة، تمنع بذلك نفوذ المني في مجاري الحبل، هل ذلك جائز وحلال أم لا؟ وهل إذا بقي ذلك الدواء معها بعد الجماع ولم يخرج يجوز لها الصلاة والصوم بعد الغسل أم لا؟ فأجاب رحمه الله تعالى بما حاصله: أما صومها وصلاتها فصحيحة وإن كان ذلك الدواء في جوفها، وأما جواز ذلك ففيه نزاع بين العلماء، والأحوط أنه لا يفعل. والله تبارك وتعالى أعلم. أما بالنسبة للعزل أو لاستعمال وسيلة لغير هذه العلة المذكورة وهي إتمام الرضاعة، فالحكم فيها يختلف بالحامل على هذه الوسيلة، فإن كانت المرأة مريضة وشهد الأطباء الثقاة لها بأنها لا تتحمل الحمل، فحينئذ لا ضرر ولا ضرار، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، أما إذا تسرب إليها ما يتسرب إلى ضعاف الإيمان الذين يخشون من قلة الأرزاق فهذا يكره كراهية شديدة، يكره للمرأة أن تعزل أو أن تستعمل وسيلة لمنع الحمل؛ خوفاً من فوات الرزق كراهية شديدة جداً، بل إذا صاحبها هذا المعتقد فقد يصل الأمر معها إلى التحريم. أما ما يدعيه الناس من أن طفلين أفضل من ثلاثة أطفال، وأن ثلاثة أفضل من أربعة، فهذا يدفعه قول النبي عليه الصلاة والسلام: (تناكحوا تناسلوا فإني مباهٍ بكم الأمم)، والله سبحانه وتعالى يقول ممتناً على بني إسرائيل: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًاhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الإسراء:6]، ونبي الله نوح عليه الصلاة والسلام يقول لقومه: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًاhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[نوح:10-12]، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث -وذكر منها-: ولداً صالحاً يدعو له). وقد يرد سؤال آخر: ما الحكم فيما إذا فعلت المرأة ذلك؟ أي: أنها استعملت وسيلة لا لغرض إتمام الرضاع، ولا لضرر لحق بها، ولا لخوف من فوات الرزق، وإنما لاستمتاع زوجها بها؟ فالجواب والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب: أن ذلك يكره لها؛ لأن الشخص كونه يرزق بالولد أولى من استمتاعه بامرأته؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تكاثروا فإني مباهٍ بكم الأمم)، لكن إن فعلت المرأة ذلك، واستعملت وسيلة كي يستمتع بها زوجها لم يحرم، لكن الأولى الإكثار من الذرية. والله أعلم. ...... حكم من نام مع زوجته في فراش واحد قبل أن تغتسل وهو متطهر السؤال: إذا جامع الرجل أهله ثم اغتسل ولم تغتسل، هل يجوز له أن ينام معها في فراش واحد ويحتضنها؟ الجواب: لا بأس بذلك، فلم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء يمنع ذلك، وقد قال سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى: يباشرها وليس عليه وضوء، والمراد بذلك: أنه إن مسها ليس عليه وضوء. والله تبارك وتعالى أعلم.وعلى هذا الذي ذكرناه أكثر أهل العلم، أي: أن الرجل إذا جامع زوجته ثم اغتسل وما زالت على جنابة لم تغتسل فيجوز له أن يستدفئ بها وينام معها في الفراش. والله تعالى أعلم. ...... |
كيفية غسل المرأة من الجنابة السؤال: سؤال مهم يتعلق بكيفية غسل المرأة من الجنابة؟ الجواب: أما صورة اغتسال المرأة من الجنابة فتتلخص بالآتي: تبدأ المرأة بغسل فرجها غسلاً جيداً، ثم تغسل يديها بعد غسل فرجها غسلاً جيداً أيضاً، ثم تتوضأ وضوءها للصلاة، بمعنى: أنها تتمضمض وتستنثر أي: تدخل الماء في أنفها ثم تنثره، ثم تغسل وجهها ثلاثاً أو مرتين أو مرة، ثم تغسل يديها إلى المرفقين ثلاثاً أو مرتين أو مرة، فكل ذلك جائز، ثم تمسح على رأسها وتؤخر غسل رجليها، ثم بعد ذلك تغسل شقها الأيمن، ثم تغسل شقها الأيسر، ثم تصب الماء على سائر جسدها.ويستحب لها قبل بداية الغسل -أي: بعد الوضوء مباشرة- أن تدلك رأسها تدليكاً شديداً حتى يصل الماء إلى أصل رأسها، ثم تفعل ما ذكرناه من غسل شقها الأيمن، ثم تتبع الأيسر، ثم تتنحى فتغسل رجليها، وهذا الذي ذكرناه ليس عليها بواجب إنما هو مستحب، بمعنى: أن المرأة إذا دخلت تحت (الدش) مباشرة وعممت جسمها بالماء مع رأسها أجزأ ذلك عنها، أي: كفاها وأزال عنها جنابتها مادامت نوت رفع الجنابة بذلك؛ وهذا لأنه قد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه صلى فلما انقضت صلاته رأى رجلاً معتزلاً قال: ما لك يا فلان! لم تصل معنا؟ قال: يا رسول الله! أصابتني جنابة ولا ماء، فقال عليه الصلاة والسلام: إنما كان يكفيك التيمم، ثم لما جاء ماء إلى النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ذنوباً من ماء -أي: دلواً من ماء- فقال: خذه فأفرغه على نفسك) ولم يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ. فعلى هذا نقول: إن وضوء المرأة قبل غسلها من الجنابة ليس بواجب عليها، إنما هو مستحب إن فعلته أثابها الله سبحانه وتعالى وأعطاها على ذلك حسنات، وإن لم تفعله فليست بآثمة، وغسلها كاف ومجزئ مادامت عممت الرأس والجسم بالماء.هذا ولا يلزم أن تنقض المرأة ضفائرها عند غسلها من الجنابة؛ وذلك لما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: (قلت: يا رسول الله! إني امرأة أشد ضفر رأسي فأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: لا؛ إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين)، ولحديث عائشة رضي الله تعالى عنها أيضاً الذي أخرجه مسلم في صحيحه: (أن عائشة بلغها أن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما يأمرالنساء إذا اغتسلن أن ينقضن رءوسهن -تعني: ينقضن ظفائر الرءوس- فقالت -وكانت رضي الله تعالى عنها شديدة الإنكار لمثل هذه المسائل على من خالفها- فقالت: يا عجباً لـابن عمرو هذا! يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رءوسهن! أفلا يأمرهن أن يحلقن رءوسهن! لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ولا أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات) تعني: أنها لم تكن تنقض ضفائر رأسها عند الاغتسال من الجنابة رضي الله تعالى عنها. فعلى ذلك: لغسل الجنابة سنن مستحبة، وإن لم تفعل هذه السنن وعممت الجسم كله بالماء مع الرأس والرجلين صح الاغتسال، ولا يلزم المرأة أن تفعل ما تفعله النسوة الموسوسات من إدخال الأصبع في المحل -أعني: في الفرج- عند الغسل أو الوضوء؛ إذ لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل يلزم بذلك. والله تعالى أعلم. ...... كيفية غسل المرأة من المحيض السؤال: سؤال عن الغسل من المحيض وكيفيته؟ الجواب: انقضاء حيضة المرأة يعرف بأمرين: شيء يسمى: القصة البيضاء، تعرفه النساء يخرج من المرأة بعد انقضاء زمن الحيض، أو شيء آخر يسمونه: بالجفوف، ومعناه: أن تدخل المرأة قطنة في فرجها بعد انقضاء زمن الحيض فتخرج جافة، فيعرف انقضاء الحيض إما بالقصة البيضاء، وسيأتي لها تفصيل إن شاء الله في سؤال مستقل، أو بالجفوف، إذا رأت المرأة شيئاً من ذلك وجب عليها الغسل من المحيض، فتغسل فرجها غسلاً جيداً بالماء وبشيء مع الماء كالصابون على سبيل المثال، فقد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعمل السدر، ففي زماننا يستعمل الصابون أو ما يقوم مقام الصابون (كالشامبوهات) ونحو ذلك، فتغسل المرأة فرجها غسلاً جيداً، ثم تتوضأ وضوءها للصلاة وتؤخر غسل رجليها، وتدلك رأسها دلكاً شديداً حتى يصل الماء إلى أصل رأسها، وإن كان الماء لا يصل إلا بنقض الضفائر في حالة الغسل من المحيض نقضتها؛ حتى تتأكد من وصول الماء إلى أصل رأسها.ثم بعد ذلك تغسل شقها الأيمن، ثم تغسل شقها الأيسر، ثم سائر الجسد، ويستحب لها أن تضع شيئاً من الطيب في مكان الدم الذي كان ينزل، فتطيب فخذيها وحول فرجها بمسك أو غيره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمرأة التي جاءت تسأله عن غسل المحيض: (خذي فرصة ممسكة -أي قطعة قطن أو قطعة قماش عليها مسك- فتتبعي بها أثر الدم)، ثم بعد ذلك تتنحى المرأة فتغسل رجليها.وهذا باختصار وصف غسل المرأة من المحيض، وهو كما بينا على الاستحباب، فلو دخلت المرأة تحت الدش وغسلت كل جسمها بالماء ونوت بذلك رفع الحيضة أجزأ ذلك عنها إذا وصل الماء إلى الجسم كله، ولكن إن فعلت سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهو أفضل لها لها عند الله سبحانه، وقد أثنى الله على المؤمنات والمؤمنين بقوله: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifالَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الزمر:18] والله تعالى أعلم....... |
حكم من اجتمع عليها موجبان للغسل السؤال: إذا اجتمع على المرأة شيئان كل منهما يوجب الغسل، بمعنى: أن هذه المرأة جامعها زوجها، وقبل أن تغتسل من الجنابة حاضت، أو صورة أخرى: امرأة حائض لعب معها زوجها، وباشرها زوجها فيما دون الفرج أي: احتضنها وقبلها زوجها إلى أن وصل بها إلى أن أنزلت المني وهي حائض، فاجتمع الآن بها أمران:أولاً: أنها حائض. ثانياً: أنها أصبحت جنباً، فهل يلزمها أن تغتسل من الجنابة، أم أنه يجوز لها أن تترك الغسل من الجنابة، إلى أن تغتسل من الجنابة والحيض معاً؟ الجواب: فريق من العلماء يقولون: تغتسل من الجنابة، ثم إذا أتى وقت انقضاء الحيض اغتسلت من الحيض، لكن أكثر العلماء على أنه لا يجب عليها أن تغتسل من الجنابة إذا كانت حائضاً، فإذا انقضت الحيضة اغتسلت غسلاً عاماً يجزئ عن الأمرين معاً؛ وذلك لأنهم قالوا: إن الغسل إنما هو لاستباحة الصلاة، وقد كان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يجامع نساءه، وكان يؤخر الغسل عليه الصلاة والسلام أحياناً إلى أن يقوم من النوم، لكنه كان يتوضأ قبل أن ينام في مثل هذه الحالة، ويؤجل الغسل إلى الاستيقاظ. فعلى ذلك: إذا كانت المرأة حائضاً ولعب معها زوجها فأنزلت المني وهي حائض فإنه لا يجب عليها أن تغتسل من الجنابة وهي حائض، فإن أخرت الاغتسال حتى يكون مع غسلها من المحيض فلا بأس بذلك، وقد سئلت عائشة رضي الله عنها: (هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام قبل أن يغتسل، أم يغتسل قبل أن ينام -يعني: وهو جنب- ؟ قالت: ربما فعل هذا، وربما فعل هذا) فقال السائل: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة. وهذا كما بينا رأي كثير من أهل العلم: إذا اجتمع على المرأة غسلان أجزأ أن تغتسل عنهما غسلاً واحداً. والله أعلم....... أنواع وأقسام الدماء وصفاتها وحكمها السؤال: سائلة تسأل عن أنواع الدماء التي تخرج من فرج المرأة؟ الجواب: الدماء التي تخرج من فرج المرأة يقسمها كثير من العلماء إلى ثلاثة أقسام -ومن العلماء من يدخل قسماً رابعاً:أما النوع الأول من الدماء التي تخرج من فرج المرأة: فهو دم الحيض، وهو: دم قريب من السواد، غليظ كريه الرائحة، ينزل هذا الدم في أوقات معلومة لدى المرأة، وهي التي يسميها النساء: العادة الشهرية، فإذا نزل هذا الدم في زمن الحيض المعهود فإن المرأة تترك الصلاة وتترك الصيام، ولا يجوز لزوجها أن يقربها بجماع، فهذا بالنسبة لدم الحيض، والعلماء متفقون على أن دم الحيض دم نجس، والله تعالى أعلم، فهذا هو النوع الأول من أنواع الدماء.أما النوع الثاني فهو دم النفاس، وهو الذي يخرج من المرأة عقب الولادة، وحكمه حكم دم الحيض سواءً بسواء. أما الدم الثالث الذي يخرج من المرأة: فهو دم الاستحاضة، وحاصل القول في دم الاستحاضة: أنه دم يخرج من عرق قد انقطع، فيحدُثُ نزيف شديد من المرأة يستمر زمناً طويلاً مع بعض النساء قد يستمر سنوات، وقد يستمر شهوراً، وقد يستمر أياماً، يختلف في لونه عن لون دم الحيض، فهذا لونه أحمر قاني كسائر دماء الجروح، وأيضاً دم الاستحاضة مادام لم ينزل في زمن الدورة الشهرية، فلا يمنع المرأة من صلاة ولا يمنعها من صيام ولا يمنعها من جماع، فهذا بالنسبة لدم الاستحاضة.وهناك نوع رابع يذكره بعض العلماء ويسمونه: دم فساد، فينزل دم الفساد أحياناً في غير وقت الحيض، ولا يشبه لونه لون دم الحيض، وليس هو باستحاضة، فمن العلماء من يمثل له بقطرات دم تنزل من المرأة الحامل قبل الولادة. والله تعالى أعلم. ...... |
حكم صيام من طهرت من الحيض في الليل ولم تغتسل إلا بعد الفجر السؤال: إذا كانت المرأة حائضاً لكنها قد رأت الطهر قبل طلوع الفجر هل يجوز لها أن تصوم ذلك اليوم، أم أنه لا يجوز لها أن تصوم؟ الجواب: يجوز لها أن تصوم ذلك اليوم؛ لأن الصوم لا يستلزم الاغتسال، ومما يدل على ذلك: حديث عائشة رضي الله عنها، وكذا حديث أم سلمة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب، ثم يغتسل ويصوم)، وفي رواية: (وهو جنب من أهله، ثم يغتسل ويصوم).فعليه إذا كانت المرأة حائضاً ورأت الطهر في الليل، يفترض أنها تغتسل، لكنها إذا أخرت الغسل وأذن للفجر قبل أن تغتسل فإنه يجوز لها أن تنوي الصيام وتصوم. والله تبارك وتعالى أعلم. ...... دليل ترك المرأة للصلاة والصوم أثناء حيضها السؤال: إحدى السائلات تسأل عن الدليل على أن الحائض تدع الصلاة والصيام؟ الجواب: إن النبي صلى الله عليه وسلم لما بين نقصان عقل المرأة ونقصان دينها، قامت امرأة تسأل وتقول: (وما نقصان ديننا يا رسول الله؟ قال: أليس إحداكن إذا حاضت لم تصل ولم تصم، قالت: بلى يا رسول الله، قال: فذلك من نقصان دينها) وقد انعقد الإجماع على ذلك، والله تبارك وتعالى أعلم. ...... جواز سجود المرأة الحائض سجدة التلاوة السؤال: إذا سمعت المرأة الحائض آية فيها سجدة تلاوة، هل لها أن تسجد؟ الجواب: ذهب فريق من أهل العلم إلى جواز ذلك، واستدل: بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا على أصحابه وعلى المشركين سورة النجم حتى بلغ قوله تعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifأَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُواhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[النجم:29-62] فسجد الجميع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا رجلاً كافراً كان ضخماً لم يستطع السجود فأخذ كفاً من الحصى فسجد عليه) ووجه الدلالة: أنه يصعب أن يقال: إن الجميع كانوا على وضوء، فهذا وجه الاستدلال والله تعالى أعلم.بيد أن من العلماء من يمنع أيضاً، لكن هذا اختيارنا ألا وهو جواز سجدة التلاوة من المرأة الحائض، والله تعالى أعلم. ...... حكم دخول المرأة الحائض المسجد السؤال: وهذا سؤال من الأهمية بمكان كبير ألا وهو: هل يجوز للحائض أن تدخل المسجد، أو لا يجوز لها ذلك؟ الجواب: ذهب فريق من أهل العلم إلى أنه لا يجوز للمرأة الحائض أن تدخل، واستدلوا بجملة من الأدلة منها: ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إني لا أحلُّ المسجد لجنب ولا لحائض)، وهذا الحديث لو ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان فاصلاً في المسألة فهو صريح الدلالة، إلا أنه لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فسنده ضعيف. الدليل الثاني الذي استدل به المانعون من دخول المرأة المسجد: هو قول الله تبارك وتعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifلا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[النساء:43] قالوا: والمراد بالصلاة هاهنا: مواضع الصلاة.أما الدليل الثالث: فهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدني رأسه لـعائشة رضي الله عنها وهو في المسجد، فأنتم تعرفون أن غرف رسول الله كانت لها أبوب إلى المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكون في المسجد فيدني رأسه لـعائشة رضي الله تعالى عنها وهي في غرفتها، حتى ترجله وهي حائض، فقالوا: لو كان دخول الحائض المسجد جائزاً لدخلت عائشة رضي الله تعالى عنها المسجد، ورجلت رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد.أما معنى ترجيل الشعر: فهو تمشيط الشعر، فكانت عائشة رضي الله تعالى عنها تمشط شعر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فليت النسوة يفعلن ذلك مع رجالهن، فهذه تكاد أن تكون سنة.أيضاً استدل المانعون بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج الحيض إلى صلاة العيد، قال صلى الله عليه وسلم: (ويعتزل الحيض المصلى) فهذه أدلة المانعين من دخول الحائض المسجد.أما الذين جوزوا للمرأة الحائض أن تدخل المسجد فمن أدلتهم ما يلي: أولاً: قالوا: إنه لم يرد خبر صحيح صريح يمنع الحائض من دخول المسجد، قالوا: والخبر الصريح في ذلك: (إني لا أحل المسجد لجنب ولا لحائض) وهو ضعيف الإسناد. وأجابوا عن الآية الكريمة: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُواhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[النساء:43] قال بعض المالكية: نحن نفرق بين الجنب والحائض من ناحية أن الجنب أمره بيده، فإذا منع من شي ء قد يبادر إلى الاغتسال كي يفعل هذا الشيء، أما المرأة الحائض فلا يمكنها ذلك. الشيء الثاني الذي أجابوا به على ما ذكر: ذكروا من قوله صلى الله عليه وسلم: (ويعتزل الحيض المصلى) قالوا: إن المراد بالمصلى: الصلاة؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي العيد في المسجد، إنما كان يصليه في الفضاء، فقالوا: إن قوله: (ويعتزل الحيض المصلى) أي: ويعتزل الحيض الصلاة.فأول ما استدل به المجيزون ألا وهو البراءة الأصلية، فقالوا: إن الوارد في هذا الباب الصحيح منه ليس بصريح، والصريح منه ليس بصحيح. وقالوا أيضاً: ومما يستدل به على جواز دخول الحائض المسجد: أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد -أي: كانت تجمع القمامة من المسجد- على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تترك خدمة المسجد وقت حيضتها.الدليل الثالث الذي استدل به القائلون بجواز دخول الحائض المسجد مادام المسجد لم يتلوث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـعائشة -لما حاضت وكانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحج-: (افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت) قالوا: والحاج من النساء لها أن تدخل المسجد، ولكن لا تطوف؛ لأن الطواف بمثابة الصلاة مع الفروق الواردة في محلها. استدلوا أيضاً بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن المؤمن لا ينجس) فهذا دليل استدلوا به أيضاً.واستدلوا كذلك بأن عطاء بن يسار قال: رأيت رجالاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضئوا وضوء الصلاة، ومن ناحية الإسناد إسناده حسن. فهذه بعض استدلالات الفريقين، والذي يبدو والله أعلم: أن المانعين ليست لهم حجة قوية صريحة، والذي يبدو أن المسجد إذا أمن من التلوث فإنه يجوز للحائض دخوله، والله تبارك وتعالى أعلم. فنسأل الله أن يغفر لنا إذا كنا قد أخطأنا في هذه المسألة، والموفق لكل صواب هو الله سبحانه وتعالى. ...... |
حكم الذكر وقراءة القرآن للمرأة الحائض السؤال: هل يجوز للحائض أن تذكر الله، وأن تقرأ القرآن؟ الجواب: نعم يجوز لها ذلك؛ وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لـعائشة رضي الله عنها لما حاضت: (افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت) والحاج يستحب له أن يلبي، وأن يحمد الله، وأن يكبره وأن يهلله، وأن يقرأ القرآن، فعلى ذلك: يجوز للحائض أن تفعل ذلك. ثم أيضاً صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.والمانعون لم يمنعوا من الذكر إنما منعوا من تلاوة القرآن، واستدلوا بحديث علي رضي الله عنه وفيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقضي حاجته، ثم يخرج فيقرأ القرآن ويأكل معنا اللحم، ولا يحجبه من القرآن شيء إلا الجنابة) وهذا الحديث لو صح لالتزمنا العمل به، لكنه ضعيف الإسناد ولا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحوه حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئاً من القرآن) وهذا الخبر لو ثبت لكان فاصلاً، لكنها أخبار ضعيفة لا تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.ثم هناك فرق بين قراءة القرآن ومس المصحف، وقد ذهب أكثر العلماء إلى منع المرأة من مس المصحف، واستدلوا بدليلين: الدليل الأول: قول الله تبارك وتعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifلا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الواقعة:79].الدليل الثاني: ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول: (لا يمس القرآن إلا طاهر) فهذان الدليلان استدل بهما كثير جداً من أهل العلم على منع الحائض من مس المصحف، وعارض في ذلك آخرون كـأبي محمد ابن حزم رحمه الله تعالى؛ فجوز للمرأة مس المصحف، وأجيب على الاستدلال بالآية على النحو التالي: قالوا -أعني: الذين جوزوا للحائض أن تمس المصحف-: إن الله قال: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifإِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الواقعة:77-79] قالوا: فقوله تعالى: ( لا يمسه ) عائد على الكتاب المكنون، والمطهرون هم: الملائكة، قالوا: ومما يدل على ذلك قوله تعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifفِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[عبس:13-16] والسفرة هم: الملائكة، قالوا: فالكتاب المكنون هو المعني بقوله تعالى: ( لا يمسه ) والمطهرون هم: الملائكة. وأجاب المجيزون لمس المصحف على حديث: (لا يمس القرآن إلا طاهر): بأن هذا الحديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل الطرق، هذا وجه جوازه، ولكن من باب الاحتياط نقول: إذا أرادت المرأة أن تمس المصحف فلتمسه بقفاز وهذا أبعد عن النزاع. والله تبارك وتعالى أعلم. ...... سبب نزول قوله تعالى: (ويسألونك عن المحيض) السؤال: سائلة من الأخوات الفضليات تسأل عن سبب نزول قول الله تبارك وتعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:222] وعن معنى الآية الكريمة؟ الجواب: إن سبب نزول هذه الآية الكريمة ما أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها -أي: لم يجلسوا للأكل معها- ولم يجامعوهن في البيوت، فكانت اليهود إذا حاضت المرأة أخرجوها من البيت، فسأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله تعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:222] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) فأصبح المحذور هو النكاح.قوله تعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:222] المراد بالاعتزال: اعتزال الجماع في الفرج؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه. أي: أن محمداً عليه الصلاة والسلام كلما سمع أننا نفعل شيئاً خالفنا وفعل شيئاً آخر. فجاءه أسيد بن حضير وعباد بن بشر وهما صحابيان جليلان فقالا: (يا رسول الله! إن اليهود يقولون كذا وكذا فلا نجامعهن في البيوت فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعني: أنه لم يرض أبداً بالكلام الذي جاء به أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله تعالى عنهما.والمعنى: أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل الذي حرم فقط من المرأة الحائض هو الجماع بالفرج، أما ما سوى ذلك من مساكنتهن في البيوت، ومن المباشرة فيما دون الفرج، فكل ذلك جائز وكل ذلك قد ثبت عليه الأدلة، فالمراد بالاعتزال: اعتزال النكاح في الفرج وعلى هذا كثير من أهل العلم؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح)، ولحديث بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد من الحائض شيئاً -أي أن يستمتع منها بشيء- ألقى على فرجها شيئاً) أي: جعل هذا الشيء على الفرج كالحائل بينه وبين الإيلاج، ويستمتع بما فوق هذا الشيء الذي وضع على الفرج، أي: أنه يستمتع بكل شيء من زوجته إلا الإيلاج في الفرج.وأيضاً ورد في هذا عند ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى بسند صحيح، عن عائشة رضي الله تعالى عنها: جاءها مسروق فدخل عليها فقال: السلام على النبي وعلى أهل بيته، فقالت عائشة: أبو عائشة ؟ -أي: أنت أبو عائشة ، فـمسروق له بنت اسمها: عائشة- مرحباً، فأذنوا له فدخل فقال: إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحي، فقالت: إنما أنا أمك -تعني أن الله قال: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الأحزاب:6] وأنت ابني، فقال: ما للرجل من امرأته وهي حائض؟ قالت: له كل شيء إلا الفرج. ثم إن عائشة رضي الله تعالى عنها من أعلم النساء بذلك؛ إذ هي زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومثل هذه المسألة الدقيقة هي أعلم بها بلا شك من غيرها.هذا ومن العلماء من قال: إن المراد من قوله تعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifفَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif: اعتزال ما بين السرة إلى الركبة، قالوا: فيجوز للرجل أن يفعل أي شيء مع امرأته إلا في المنطقة ما بين السرة إلى الركبة، قالوا: والدليل على هذا: ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهي حائض).أجاب الأولون على ذلك: بأن هذا يفعل أحياناً، وما ذكر أولاً من وضع شيء على الفرج فقط يفعل أحياناً، أو من خيف عليه أن يقع في المحذور، فله حينئذ أن يأمر امرأته أن تضع شيئاً من سرتها إلى ركبتها تأتزر به؛ حتى لا يقع في جماع المرأة وهي حائض. والله تبارك وتعالى أعلم.أيضاً استدلوا على ذلك: بأن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد كلانا جنب، وكان يأمرني فأتز فيباشرني وأنا حائض)، وأيضاً صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل: (ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: لك ما فوق الإزار) وهذا لا اختلاف بينه وبين القول؟ فوجه الجمع كما قدمناه. والله تبارك وتعالى أعلم. ...... |
حكم تغسيل الحائض لامرأة ميتة السؤال: كثير من النسوة يسألن: هل يجوز للمرأة الحائض أن تغسل امرأة قد ماتت؟ الجواب: لا مانع من ذلك، ولم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل يمنع من ذلك. والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
الخشوع من القرآن السؤال: فضيلة الشيخ! نقرأ من حياة الصحابة والتابعين أنهم كانوا يخشعون عند سماع القرآن، ويبكون عند تلاوته، ولكني لا أستطيع ذلك، فما السبب الذي يجعلهم يخشعون ويجعلنا أقل خشوعاً؟ وما هو الطريق إلى التأثر عند سماع أو تلاوة القرآن الكريم؟ الجواب: الخشوع عند قراءة القرآن والتأثر والبكاء قد مدح الله به المؤمنين، وله أسباب، وكلما عظم إيمان العبد كان أكثر خشية الله عز وجل، ولذلك ذكر الله العلماء ووصفهم بوصف، فقال: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifإِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [فاطر:28] فمن لم يخش الله عز وجل فليس بعالم، ولو حفظ النصوص واستحضر الأدلة؛ لأن المسألة مسألة خشية، ولذلك قال مطرف بن عبد الله بن الشخير : "ما فاقهم -يقصد الصحابة- أبو بكر بكثرة صيام ولا صلاة ولا صدقة، ولكن بإيمان وقر في قلبه". وعن الحسن البصري أنه قال: ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل. حتى تقول عائشة كما في الصحيحين{إن أبا بكر رجل أسيف } أي: كثير البكاء، وكثير الحزن، وكذلك كان عمر رضي الله عنه وكان إذا قام في صلاة الفجر قرأ سورة يوسف فما يبلغ قوله: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [يوسف:84] إلا وينهدُّ باكياً، وينهد المسجد معه من البكاء. وروى الإمام أحمد في كتاب الزهد ، أن أبا بكر دخل مزرعة رجل من الأنصار؛ فرأى طائراً يطير من شجرة إلى شجرة، فبكى وقال: [[طوبى لك أيها الطائر! ترد الماء وترعى الشجر، ثم تموت لا حساب ولا عقاب، يا ليتني كنت طائراً ]] وهذا من خوفه لله عز وجل. أما الأمور التي يحصل بها الخشية -إن شاء الله- فهي: أولاً: الصدق والإخلاص، أن تصدق في نيتك وفي إخلاصك في تلاوة كتاب ربك تبارك وتعالى، فلا تقصد به الناس، ولا ثناءهم ولا مدحهم. ثانياً: أن تتدبر ما تقرأ، وأن تقف مع عجائب القرآن، ومع غرائبه، وأن تستحضر أن الذي يتكلم به هو رب العالمين حقيقة سُبحَانَهُ وَتَعَالى، وأنزله على قلب الرسول عليه الصلاة والسلام. ثالثاً: أن تحزن صوتك بالقراءة؛ تحزن صوتك وتنغم صوتك، علك أن تحزن وأن تخشع. رابعاً: وقد سئل فيه الإمام أحمد ، وهو أن تختار لنفسك وقت الراحة، فالشبع الكثير لا يناسب الرقة في القراءة، أو التعب الكثير أو النعاس، وقد ورد فيها آثار، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قال عمن قام يصلي وهو ينعس: {فليرقد، لعله أن يستغفر فيسب نفسه } فمن باب أولى قراءة القرآن، فتختار الوقت المناسب لقراءته. خامساً: أن تستشعر قلة المقام بهذه الدار، وأنه كتاب الرحيل، وأنه زاد إلى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى. فإذا تم ذلك، وإلا فادع الله، وراجع فتح الباب من الاستغفار والتوبة والإنابة إلى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، نسأل الله أن يتقبل منا، ومنك، ومن كل مسلم....... |
حكم تارك الصلاة.. وماذا يفعل المذنب السؤال: فضيلة الشيخ، السلام عليكم، أنا شاب حائر أحاول أن أغير من وضعي السيء، فأنا أترك الصلاة أحياناً، وأعمل بعض الأعمال السيئة، ولكني لم أستطع، كلما تركت المعصية راودتني نفسي بالرجوع إليها، فما الذي ترشدني إليه حفظك الله؟ الجواب: نسأل الله أن يتوب علينا وعليك، وكفى بترك الصلاة معصية! فإن من ترك صلاة واحدة عامداً متعمداً فقد كفر، وسماحة الشيخ ابن باز يرى أن من ترك الصلاة عامداً حتى انتهى وقتها فقد كفر، فلا يقضيها بعد الوقت؛ لأنه في تلك الفترة قد كفر بالله العظيم، وليس له أن يقضيها؛ بل عليه أن يعود إلى الإسلام، ويعود من جديد، ويتوب إلى الله، ويدخل في الدين. فتركك لبعض الصلوات أو لصلاة واحدة، معناه الكفر نسأل الله العافية، حتى قال بعض أهل العلم من المحدثين: ليس بصحيح تقسيم تارك الصلاة إلى متهاون وجاحد، بل من ترك الصلاة بلا عذر فقد كفر، فعليك أن تتقي الله، كل شيء إلا ترك الصلاة فإنه الكفر. يقول عليه الصلاة والسلام: كما في حديث جابر عند مسلم{بين المسلم والكافر ترك الصلاة } وعند أبي داود من حديث بريدة بن الحصيب : {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر } فنعوذ بالله من التاركين للصلاة، ونسأل الله أن يهدي شباب الإسلام، فإذا اهتديت وواظبت على الصلاة، فسوف يهديك الله سواء السبيل، وأرشدك إلى أن تصلي الخمس في جماعة وتحافظ عليها ظاهراً وباطناً، وتحسن خضوعها وركوعها وخشوعها، فإنك إن فعلت ذلك فسوف تهتدي بإذن الله، ولا تنس الدعاء، أما بقية المعاصي فلم يسلم منها أحد. لكن أرشدك إلى أن تعزم على التوبة، وإذا وقعت في ذنب فاستغفر وتب، وأن تفعل من الحسنات ما يمحو السيئات، والله معك....... |
وصية للشباب المسلم السؤال: فضيلة الشيخ، الشباب المسلم يتألم حين يرى الواقع السيء الذي تعيشه الأمة، وقد يئس من عودة العزة والنصر للمسلمين، فما الذي توجهون به الشباب الذين يعيشون مثل هذا التصور؟ الجواب: الحل بأيدي الشباب المسلم، إذا استطاعوا وإذا علموا ذلك، فالحل أن ننطلق بالدعوة، والتوجيه، والتوعية لوجه الله عز وجل، والحل أن نصدق مع الله عز وجل، وأن نبذل مثل ما يبذل غيرنا، أو عشر ما يبذل أعداؤنا، فأنتم ترون بعض الدعوات المغرضة البدعية الشركية كم يبذل دعاتها والقائمون عليها من الجهود، ومن التضحية، ومن الإعلام، ومن المؤلفات، ومن الصحف، والمجلات... فما هي مسئوليتنا نحن؟ أم أن ننتظر ونتمسكن ونقول: نفسي نفسي، ونتخشع في بيوتنا فليس هذا بحل، بل نزيد الأمة وهناً إلى وهن، وهزيمة إلى هزيمة، والحق أن ندعو ونوجه بالحكمة وبالتي هي أحسن، ونقود الناس إلى صراط مستقيم. فلو أن كل شاب اهتدى حاول أن يهدي معه شاباً آخر لهداه الله سواء السبيل: {لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم} لكن تجد كثيراً من الشباب المستقيم ركن وانزوى عن المنابر، فلا يخطب، ويخاف على نفسه من الشهرة والرياء، وهذا مدخل عجيب للشيطان، فالشيطان يأتيه من هذا المدخل ليعطله عن الدعوة إلى الله، ويأتي الشباب المتعلم الذي عنده خير كثير من العلم، فيقول: لا تجلس إلى الناس، حتى تتمكن في العلم، ويرسخ قدمك.. فيظل لا يدعو حتى يموت. ويأتي للآخر الكاتب فيقول: لا تكتب، فإن الكتابة شهرة، ومن هذا القبيل.. فضربنا الشيطان وشتتنا، مع أن الحل بأيدينا إذا صدقنا مع الله وعز وجل، والناس الآن يعيشون في صحوة والحمد لله، وكم في هذه الصحوة من طالب علم، وخطيب، ولبق، وكاتب مبدع، وإذا استطاع أن يوجه قدراته لخدمة الإسلام فسوف ينصر الله هذا الدين لا محالة....... |
صلاة الجماعة إن الصلاة هي الركن الثاني لهذا الدين، وهي صِلَة بين العبد وربه، وهي برهان على إيمانه وصدق إسلامه. ولقد أوجب الله تعالى على عباده أداء هذه العبادة الجليلة، والشعيرة العظيمة في جماعة، ولم يعذر أحداً في التخلف عنها لا في حال السلم ولا في الحرب. منزلة الصلاة في الإسلام الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام، والحمد الله الذي أعزَّ بالإسلام من تمسك به، وذلَّ وخذل من ابتغى غير الإسلام ديناً، أحمده سبحانه وأشكره، بنى هذا الدين على أركان وأسس متينة، ومن أهمها بعد التوحيد: الصلاة. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، المبلِّغ عن ربه دين الإسلام، وما مات حتى أكمل الله به الرسالة، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلِّم تسليماً كثيراً. أما بعد: فيا عباد الله! اتقوا الله حق تقاته وتمسكوا بأهداب دينه القويم. عباد الله! يقول الله جل وعلا: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifإِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [العنكبوت:45]. إن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي تأخذ بيد المسلم المنقاد لله رب العالمين، فتوصله إلى الغاية الحميدة، ويأمن بها من العثرة، ومن الفزع يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم. نعم يأمن المسلم بهذه الصلاة حين يخاف الناس، ثم هي للمسلم برهاناً على إيمانه وصدق إسلامه، وفي النهاية تكون له نجاة من النار، وما ذاك -يا عباد الله- إلا لعظم منزلة الصلاة من الدين القويم، ولأن الصلاة عمود الإسلام. أمة الإسلام! الصلاة هي الصِّلة الوثيقة بين العبد وبين خالقه وموجده، بينه وبين ربِّ العالمين، فإذا قطع العبد تلك الصلة، ونسي الله وترك الصلاة؛ قطع الله عونه ووكله إلى نفسه، ونسيه الله عند ذلك، فيتولاه الشيطان، ويكون من حزبه، فتقذفه المحن، وتتسلط عليه المصائب، وهيهات أن يُفلح عبدٌ تخلَّى عنه رب العالمين، وتولَّاه الشيطان الرجيم، إنه صار بترك الصلاة كافراً -والعياذ الله- برئت منه ذمة الله....... |
وجوب الصلاة جماعة ولقد أكثر الله -سبحانه- من ذكر الصلاة في كتابه الكريم، وعظَّم شأنها، وأمر بالمحافظة عليها، وأمر بأدائها مع جماعة المسلمين في بيوت الله، وحذَّر من التهاون بها، والتكاسل عنها، وبيَّن أن ذلك من صفات المنافقين الذين قال الله عنهم: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاًhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [النساء:142]. ومآل المنافقين في الدرك الأسفل من النار. ولقد أمر الله بالمحافظة على الصلاة في كتابه الكريم، فقال جلَّ من قائل: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifحَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [البقرة:238]. أجل يا عباد الله! إن الذي يتخلف عن أدائها مع الجماعة بدون عذر شرعي يكون عاصياً لله، ومرتكباً كبيرة من كبائر الذنوب، وسوف يَصْلَى وادٍ في جهنم http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifفَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [الماعون:4-5]. ويقول جلَّ وعلا: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [البقرة:43] فهذه الآية نص في وجوب الصلاة في جماعة، ولو كان المقصود: هو إقامتها -فقط- لم تظهر مناسبة واضحة في ختم الآية بقوله تعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [البقرة:43] لكونه قد أمر بإقامتها في أول الآية. ولقد أوجب الله -سبحانه وتعالى- الصلاة في جماعة في حال الحرب فكيف بحال السلم؟! أجل يا عباد الله! لو كان يُسامح أحدٌ في ترك الصلاة في جماعة لكان المُصَّافون للعدو، المهددون بهجومه عليهم أولى بأن يسمح لهم في ترك الجماعة، فلمَّا لم يقع ذلك؛ عُلِمَ أن أداء الصلاة في جماعة من أهم الواجبات، وأنه لا ينبغي لأحدٍ التخلفَ عنها. وجاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في بيان وجوب الصلاة مع الجماعة، حيث يقول أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: {لقد هممتُ أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً أن يصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة؛ فأحرق عليهم بيوتهم... } الحديث. أمة الإسلام! عجباً لمن عرف الدليل وحاد عن الجادة! عجباً لمن يسمع: قال الله وقال رسوله، ويقول: أنا آخذ بكلام فلان وفلان وعلان! لو فكر هذا المسكين المعاند من أُمِر أن يتبع؟ هل أُمِرَ أن يتبع ويقتدي بفلان وفلان، أو أُمِرَ أن يقتدي ويتبع من جاء بالهدى والنور، الذي جاء بالشرع الحكيم، والذي يهدي إلى صراط الله المستقيم، الذي قال الله فيه: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifلَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [الأحزاب:21]؟ إنه الشرع القويم الذي جاء به محمدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم. أمة الإسلام! متى ظهر الحق واتضحت أدلته؛ فلا يجوز لأحد أن يحيد عنه لقول فلان وفلان؛ لأن الله عز وجل يقول: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifفَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاًhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [النساء:59]....... |
الأدلة على وجوب الصلاة جماعة عباد الله! إن الأدلة في كتاب الله وفي سنة رسول الله على وجوب الصلاة في الجماعة، وإقامتها في بيوت الله كثيرة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه {أن رجلاً أعمى قال: يا رسول الله! إنه ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد؛ فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ -ماذا رد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم؟- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب }. أجل -يا عباد الله- إن مكبرات الصوت -أي: الميكرفونات- حجة عليكم؛ إنها ليست تسمع فحسب! بل هي تهزُّ البيوت، ولكن -مع الأسف الشديد والحزن المرير- أكثر المجاورين لبيوت الله لا يحضرون الصلاة مع الجماعة في المساجد، إنها المصيبة العظمى، إنه الخطأ الكبير؛ الذي يشعر أن الكثير من المسلمين تخلوا عن دينهم، إنه الخطر الجسيم الذي يشعر أن الكثير من المسلمين ابتعدوا عن أهم موقف يقف فيه العبد بين يدي رب العالمين، إنه الإعلان -من كثير من المسلمين- بترك عمود الإسلام علانية، وبدون خوف من الواحد القهار، كيف وبعض المتخلفين عن الصلاة يستترون حتى تُقضى تلك الفريضة؟ يختفون في محلاتهم، أو يغلقونها ويقفون أمامها أمثال الشياطين، وبدون خوف من الله الذي يعلم السر وأخفى. |
عناية الإسلام بالأمر بالصلاة الحمد لله القائل: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [البقرة:43] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمر ألا تعبدوا إلا إياه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، مُعلِّم الخير والهدى، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بتمام الهدى، وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: فيا عباد الله! اتقوا الله عَزَّ وَجَلّ. أمة الإسلام! اعلموا أن شأن الصلاة عظيم، وقد بلغ من عناية الإسلام بالأمر بالصلاة بأن تقام في الحضر والسفر، في السلم والحرب، ولم يرخص في تركها للمريض، فقال صلى الله عليه وسلم للمريض: {صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب } هذا في حق المريض، ومع الأسف الشديد! فبعض المرضى يدخل أحدهم في المستشفى ويخرج ولم يصلِّ فرضاً واحداً، يقول: أجمعها جميعاً، وهل تدري يا مسكين! هل تخرج معافى أم تخرج جنازة؟ ثم تبقى عليك هذه الفرائض دينٌ عليك تحاسب بها؛ لأنها حقٌ من حقوق الله....... |
عدم سقوط الصلاة بأي حال من الأحوال الإسلام دين يسر، دين الكرامة والعزة {صلِّ قائماً؛ فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب } هكذا دين الإسلام يدعو إلى السهولة واليسر، دين يدعو إلى العزة والمفخرة العظمى لأهل الإسلام؛ الذين تمسكوا به وأقاموه، وقاموا بواجباته على نور من الله وبرهان، وعلى رأس ذلك وفي مقدمات الدين الإسلامي: الصلاة التي هي الركن العظيم من أركان الإسلام، ومبانيه الذي لا يقوم إلا عليها، فمتى حافظ عليها العبد فإنها تهديه بنورها إلى الطريق السوي، ويبدو أثر ذلك في سلوكه واتجاهه نحو الخير وبعده عن الإثم والرذيلة. يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إن العبد إذا صلَّى فأحسن الصلاة صعدت ولها نور، وإذا انتهت إلى أبواب السماء فتحت أبواب السماء لها، وتشفع لصاحبها، وتقول: حفظك الله كما حفظتني، وإذا أساء في صلاته فلم يتم ركوعها ولا سجودها ولا حدودها صعدت ولها ظلمة، وتقول: ضيعك الله كما ضيعتني، فإذا انتهت إلى أبواب السماء غلقت دونها، ثم لفت كما يُلف الثوب الخلق، فيضرب بها وجه صاحبها } أو كما قال. |
وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بالصلاة فاتقوا الله -عباد الله- وأقيموا فرائض الله وفي طليعتها: الصلاة، التي كان يُوصي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلفظ آخر أنفاس الموت. الصلاة الصلاة يا أمة الإسلام! لا يشغلنَّكم عنها، أو يحملكم على التهاون بأدائها في وقتها أي شاغل؛ من وظيفة أو رئاسة، أو ندوة أو بيع أو شراء، أو حرفة أو لهو أو غير ذلك؛ فإن في ترك فريضة رب العالمين غبناً يا له من غبن! ويا له من خسارة! مروا أبناءكم بالصلاة وحثوهم عليها وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم إذا تركوها وهم أبناء عشر سنين؛ هكذا حثكم الناصح الأمين. وصلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [الأحزاب:56] وهو القائل: {من صلّى عليَّ صلاة صلَّى الله عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم دمَّر أعداء الدين، الذين يُفسدون في الأرض ولا يصلحون، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين وأبناء المسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميره يا سميع الدعاء! اللهم أنت حسبنا ونعم الوكيل، اللهم من أتى ليعلِّم أولاد المسلمين الخير فزده أجراً ومثوبة يا رب العالمين! ومن جاء ليعلم أولاد المسلمين الشر فأخرس لسانه واشدد على قلبه وأهلكه عاجلاً غير آجل يا رب العالمين. اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلنا وإياهم هداة مهتدين، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والربا، والزنا، واللواط، والزلازل والمحن وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن جميع بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين! رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. اللهم اجعل ما أنزلته لنا معونة على طاعتك، ومتاعاً إلى حين، اللهم اجعل ما أنزلته علينا من الغيث معونة لنا على طاعتك ومتاعاً إلى حين، واجعله يا رب العالمين يا قادر يا كريم، اجعله سُقيا رحمة ولا سقيا عذاب، ولا هدم ولا بلاء ولا غرق، اللهم اجعله معونة على طاعتك ولا تجعله استدراجاً إلى معاصيك يا رب العالمين. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. عباد الله! إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون. |
علاقة زيادة الإيمان بالصلاة بماذا يزيد الإيمان يا إخواني؟ يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان، وأول طاعة يتقرب بها العبد إلى الله بعد التوحيد ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي الصلاة، فالصلاة.. الصلاة يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم. واسمعوا إلى هدي الرسول صلى الله عليه وسلم! ماذا كان يقول لـبلال يقول: {يا بلال ! أرحنا بالصلاة } بعكس حال بعض الناس؛ كأنهم يقولون: أريحونا من الصلاة؛ بل -والله- إننا نرى أحياناً بعض الناس في صلاة العشاء إذا طال الحديث تجده يتسلل ويخرج من المسجد لماذا؟ ليس عنده استطاعة أن يجلس في المسجد، ولذلك مثل المؤمن في المسجد كالسمكة في الماء، ومثل المنافق في المسجد كالطير في القفص، نسأل الله العفو والعافية، ماذا كان يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذه الصلاة؟ يقول: {وجعلت قرة عيني في الصلاة} كان النبي صلى الله عليه وسلم يشتاق إلى الصلاة، وتتوق نفسه إليها، والمحافظ على الصلاة يحشر يوم القيامة مع السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، واسمعوا إلى تمام الحديث الذي أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم: {سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في طاعة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه } هؤلاء السبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم: رجل قلبه معلق في المساجد. إخواني في الله! والله إننا كنا نرى قبل سنين قبل وقت الأذان تجد في الصف من يذكر الله، ومن يقرأ قرآن، ومن يقرأ الأذكار في الصباح أو في المساء، والآن مع الأسف الشديد! بعض المساجد يُؤذن المؤذن ويجلس عشر دقائق أو ربع ساعة ولا ترى في المسجد إلا المؤذن، لماذا زهد الناس في هذا الفضل يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟! لو يعلمون ما في التبكير لاستهموا عليه {لو يعلمون ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا } لو يعلمون ما فيه من الأجر العظيم لضربوا عليه القرعة ولتزاحموا على هذا الفضل العظيم، ولكن هذا أمر غيبه الله جل وعلا، متى يعلمون ذلك؟ http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifيَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [الشعراء:88-89]....... |
وقفات مع تارك الصلاة فيا إخواني في الله! نقف وقفات يسيرة مع تارك الصلاة، وما أكثرهم! اسمع إلى هذه الموعظة! قال قائل: يا تارك الصلاة! كيف حالك إذا نزل بك هادم اللذات؟ بل كيف حالك إذا حلَّت بك السكرات؟ ثم كيف حالك إذا فارقت المساكن والدور، وسكنت في لحدٍ ضيق يضيق لضيقه صابر الحيوان؟ ثم كيف حالك إذا جاورت الديدان؟ ثم كيف حالك عند سؤال الملكان وقد أضعت الصلاة؟ كيف حالك إذا واجهت الحساب وقد قمت من قبرك حافي القدمين.. حاسر الرأس.. عاري الجسم؟ كيف حالك إذا قمت وقد نُودي باسمك على رءوس الأشهاد: أين فلان بن فلان في يوم تشيب فيه الولدان؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر: {أول ما يحاسب به العبد من عمله الصلاة } لا إله إلا الله! أين فلان بن فلان! في يوم تشيب فيه الولدان، وتتشقق السماء بالغمام، في يومٍ طال فيه القيام، واشتبكت الأقدام، وتغيرت الأحوال. كيف حالك يا تارك الصلاة! في ذلك الموقف العظيم.. لا نوم، ولا راحة، ولا أكل، ولا شرب، وقد أُدنيت الشمس من رءوس الناس مقدار ميل، واشتد حرها، وذهب العرق في الأرض سبعين ذراعاً من طول القيام. فيكف حالك يا تارك الصلاة، في ذلك اليوم العظيم، وقد عرضت على جبار الأرض والسموات؟ فيا ليت شعري هل تأخذ كتابك باليمين؟ أم تعطاه بالشمال؟ يا تارك الصلاة! كيف حالك إذا سقت إلى سقر؟: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ* لا تُبْقِي وَلا تَذَرُhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [المدثر:27-28]. يا تارك الصلاة! كيف حالك في غي؛ وادٍ في جهنم بعيدٌ قعره، شديدٌ حره، منتن ريحه؟ يا تارك الصلاة! كيف حالك إذا وضعت في ويل؛ {واد في جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت من شدت حره }؟ اللهم ردنا إليك رداً جميلاً! إخواني! الأمر جد خطير، ولكن -مع الأسف الشديد- تنظر في وسط المجتمع تجد أولاد المسلمين.. أناس يُجاورون المساجد ولا تراهم في الصلاة، إنا لله وإنا إليه راجعون! نسأل الله -جل وعلا- أن يلطف بنا بلطفه، إنه على كل شيء قدير، اللهم ردنا إليك رداً جميلاً....... |
خصائص الصلاة وأهميتها أما الموضوع الذي اخترته للحديث اليوم فهو مهم جداً، وذو علاقة وأهمية بالغة؛ لأنه يتعلق بكل مسلم بعينه؛ ولأنه العبادة العظيمة الذي تعبد الله بها أهل الأرض وأهل السماء ألا وهي: الصلاة.والصلاة التي نعنيها هي الصلاة التي أمرنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بأدائها كما يجب إذ قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح في صحيح البخاري وصحيح مسلم عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي). والصلاة: هي أقوال وأعمال ظاهرةٌ تبدأ بالتكبير وتختم بالتسليم، شرعها الله تبارك وتعالى وتعبد الناس بها وفرضها عليهم وسماها صلاة بمعنى: صلة بينه وبين عباده....... http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif |
أنها من أول ما شرع وكونها شرعت في السماء إن المتأمل في فرضية الصلاة يجد أن هناك خصائص اختصت بها الصلاة: أولاً: كونها من أول ما شرع بعد التوحيد، وبعد تثبيت العقيدة جاء الأمر بالصلاة. ثانياً: أن جميع عبادات الإسلام كلها شرعت والنبي صلى الله عليه وسلم في الأرض يتلقى تشريعها من الله عن طريق الوحي إلا الصلاة؛ فإن الصلاة لما أراد الله أن يشرعها أسرى بنبيه صلى الله عليه وسلم، وما ذاك إلا لعظمها ولجلالة قدرها، قال عز وجل: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifسُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الإسراء:1] أسرى الله برسوله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم عرج به من المسجد الأقصى إلى السماء حتى بلغ سدرة المنتهى. ثم شرع الله له الصلاة وأمره بها وفرضها خمسين صلاة، بمعنى: أنها لو بقيت على الفرض الذي فرضه الله لكنا مأمورين أن نصلي في كل (نصف ساعة) صلاة، ولكن بفضل الله ورحمته وبشفقة هذا النبي صلوات الله وسلامه عليه طلب من ربه التخفيف، بعد أن شاور موسى وأخبره وقال: (إن الله قد فرض عليَّ خمسين صلاة، قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فرجع فخفف الله خمساً ثم خمساً ثم خمساً حتى بقيت خمساً، وخفف خمساً وأربعين صلاة؛ فلما وصل إلى موسى قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، قال: يا موسى! قد سألت حتى استحييت من ربي، قال الله عز وجل: إني قضيت وقضائي لا يرد هي خمسٌ في العدد وخمسون في الأجر).اللهم لك الحمد يا ربي، أي: كان المنطق أنه إذا خفف خمساً وأربعين أو بقى خمساً رحمة من الله يعطينا أجر الخمس وكَثُرَ خير الله وطاب، ولكن الله عز وجل كريم فقد حذف خمساً وأربعين وجعل ثوابها قائماً مع ثواب الخمس وأصبح لك مع الخمس خمسين صلاة، كأنك إذا صليت خمس صلوات تصلي خمسين صلاة.ففرضها الله عز وجل في السماء وهي خاصية لها تميزت بها عن جميع شرائع الإسلام. http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif |
السؤال ما الفرق بين الشريعة والفقه؟ وهل صحيح أن الشريعة هي من عند الله وأن الفقه هو اجتهادات العلماء؟ أشكركم الشكر الجزيل وبارك الله فيكم. الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالشريعة في لغة العرب هي: الطريقة المستقيمة، ومورد الماء الذي يقصد للشرب يسمى: شرعة، وشرع لهم كذا أي: سن لهم كذا. وأما في الاصطلاح فالمقصود بالشريعة: ما شرع الله لعباده من الدين، وبين لهم من الأحكام المختلفة. وسميت شريعة لاستقامتها وشبهها بمورد الماء، لأن بها حياة النفوس والعقول، كما أن في مورد الماء حياة الأبدان. فالشريعة إذن تشمل العقائد والعبادات والمعاملات والسياسات والعادات، وغير ذلك من مجالات الحياة، فما من جانب من جوانب الحياة إلاَّ وقد بين الله لنا فيه ما يحل ويحرم، إما تفصيلاً بذكره والتنصيص عليه، وإما بإرجاعه إلى القواعد الكلية التي عليها مبنى الشريعة. وأما الفقه: فمعناه عند العلماء: معرفة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية. فالفقيه مهمته استخراج الأحكام الشرعية العملية من أدلة الشريعة (القرآن والسنة)، أو المصادر التي شهدت لها الشريعة بالصحة والاعتبار (كالإجماع والقياس الصحيح). فالفقه يختص بالبحث عن الأحكام العملية، ولا يبحث عن الأمور العقدية، فهو جزء من الشرعية، والشريعة أعم منه. وعليه، فنقول: من فرق بين الشريعة والفقه بهذا الاعتبار، فتفريقه تفريق صحيح. وأما من أراد من التفريق أن يقول بأن الشريعة هي: ما ينظم علاقة العبد بالله، وهي منزلة من عند الله. والفقه هو: استنباط الفقهاء، فلهم أن يستنبطوا من الأحكام، ويُعملوا عقولهم دون التقيد بنصوص الشريعة والمصادر التي اعتمدتها، فهذه دعوى العلمانيين الذين يريدون زحزحة الدين عن مجالات الحياة المختلفة، وحصره في جانب العقائد والعبادات. ثم يتولى الناس التشريع لأنفسهم، فيشرعون ما شاءوا، وهذا كفر بالله تعالى مخرج من ملة الإسلام. نسأل الله العافية. والله أعلم. |
عقوبة تارك الصلاة للصلاة مكانة عظيمة في هذا الدين، فقد اختصت بخصائص عن سائر العبادات، وكان من أهمها أنها شرعت في السماء وأنها لا تسقط عن العبد بأي حال من الأحوال.وهي أبرز صفات المؤمنين كما بين الله ذلك في كتابه، ولذا كان لتارك الصلاة أحكاماً في الدنيا قبل الآخرة، من أهمها أنه يقتل ردة بعد استتابته. وقد تطرق الشيخ في محاضرته إلى التحدث عن نعم الله وكيفية شكرها، مبيناً أن المعاصي هي السبب في زوالها، مع ضرب أمثلة من الأمم السابقة ممن كفروا بنعم الله، خاتماً ذلك بوصية بالمحافظة على مجالس العلم الشرعي. |
الصلاة فرض على الأمم من قبلنا هذه الصلاة هي التي تعبد الله بها كل الأديان والأمم، وشرعت في كل الأديان، والذي يستقرئ القرآن يجد أنه ما من قوم بعث الله عز وجل فيه رسولاً وأنزل فيه كتاباً إلا وأمرهم بالصلاة كما أمرهم بالتوحيد وإن اختلفت الصلاة بكيفيتها وتشريعها عن بقية الأديان إلا إنها متفقة أنها صلاة. فإبراهيم عليه السلام لما أتى بإسماعيل وأمه إلى مكة قال: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifرَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[إبراهيم:37] وكان يدعو ويقول: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifرَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[إبراهيم:40]. وموسى عليه السلام لما كان في الليلة التي كان فيها مسافراً وعائداً من أرض مدين إلى أرض مصر، وكان في الطور ومعه زوجته وكانت حاملاً، وفي ساعات المخاض أي: النفاس وكانت ليلةً باردةً مطيرةً مظلمة، أي: في حالة لا يعلمها إلا الله: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifآنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَاراً http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[القصص:29] أي: من جنب الجبل وجد ناراً: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifفَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[طه:10] يريد أن يدفئ أهله: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifلَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[النمل:7].. http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifفَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِيhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[طه:11-14].أول شيء: اعبدني وأقم الصلاة، ذكر الصلاة مع العبادة مع الأمر بالتوحيد: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifفَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي * إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[طه:14-15] وفي سورة يونس يقول الله عز وجل: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[يونس:87] أوحى الله إليهم إذا بنوا بيوتهم في مصر أن يجعلوا بيوتهم إلى القبلة، أي: إلى بيت المقدس ، وماذا؟! وأقيموا الصلاة، اجعل بيتك إلى القبلة وأقم الصلاة....... http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif |
الصلاة وصية الله لعيسى ابن مريم
|
منزلة الصلاة في الإسلام يقول الله سبحانه وتعالى في شريعة الإسلام بالشريعة الخاتمة المهيمنة المسيطرة التي هي آخر الرسالات والتي رسولها آخر الرسل، قال الله عزوجل فيها: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[آل عمران:85] فكانت الصلاة قطب هذا الدين وعمود هذا الإسلام. وفي حديث معاذ بن جبل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار؟ قال: تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت الحرام إن استطعت إليه سبيلا، ثم قال: ألا أدلك على رأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: الصوم جنة) الصوم وقاية؛ لأنه يحفظك من كل معصية، والصائم يحفظ من معصية الله، فكيف يخرب ويبني في نفس الوقت. (الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل ثم قرأ: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifتَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[السجدة:16-17] ثم قال: ألا أدلك على ملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: كف عليك هذا، قال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! قال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) فلا يكب الواحد في النار إلا لسانه، اللسان هو وسيلة النجاة وهو وسيلة الهلاك. لا حول ولا قوة إلا بالله!فجاءت الصلاة لتكون ذات منزلة عظيمة في دين الله حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وجعلت قرة عيني في الصلاة) قال: (حبب إليَّ من دنياكم الطيب) صلوات الله وسلامه عليه؛ لأنه طيب. والطيب يرفع النفس ويبارك الروح، ولذا قال أهل العلم: لو أنفقت ثلث مالك في الطيب لم تعد مسرفاً، أي: لو أن راتبك (ستة آلاف ريال) وأنت شهرياً تصرف (ألفي ريال) في الطيب لم تعد مسرفاً، لماذا؟ لأن الطيب يحبه الله تبارك وتعالى، والملائكة تحب الطيب، والناس يحبون الطيب، فمن كان طيباًَ في ريحه فهو طيب عند الله في كل أموره.لكن اليوم أكثر ما ينفق الناس أموالهم في الدخان في طيب الشيطان، ولا يمكن أن يغلق الباكت إلا والباكت وراءه، بل بعضهم يشتري (كراتين) لأنه يخاف أن تأتي حروب وتصير أزمة في الدخان، فهو يكنزه مثلما يكنز البر والحب -لا حول ولا قوة إلا بالله!- ولو حسب كم يشتري كل يوم يشرب علبتين، والعلبتان (بثمانية ريالات) أو (بعشرة ريالات) بحسب نوعية الدخان، أي: يشتري في الشهر (بثلاثمائة ريال) أي: في السنة (ثلاثة آلاف وستمائة ريال) في الدخان، ويقول بعضهم: إن ريال الدخان معوض، فلو جاءه فقير عند الباب في الصباح وأعطاه ريالاً قلنا: كثر الله خيرك، لكن لو جاءه في اليوم الثاني: ويريد ريالاً، قال: ماذا أتى بك؟ فبالأمس أعطيتك ريالاً وتمر عليَّ كل يوم، ولكن الدخان كل يوم (عشرة) وليس فيها كلام ولا تبرم أبداً ولا ضجر، لماذا؟! لأنها طاعة للشيطان ومعصية لله تبارك وتعالى.بينما كم ينفق الإنسان في العود؟ كم ينفق الإنسان في الطيب؟ قليل جداً، فرسول الله صلى الله عليه وسلم طيب ويحب الطيب يقول: (حبب إليَّ من دنياكم الطيب والنساء -أي: الحلال-، وجعلت قرة عيني في الصلاة) صلوات الله وسلامه عليه، ويقول وهو يلفظ أنفاسه في آخر لحظة من لحظات حياته: (الله الله في الصلاة، الله الله في الصلاة، الله الله في الصلاة، وما ملكت أيمانكم) ولما نزل قول الله عز وجل: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifفَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[مريم:59] خلف أي: نشء جديد، أي: أناس يأتون وأبرز صفاتهم أنهم لا يحبون الصلاة، وهذا موجود الآن، إلا من رحم الله.ما من بيت إلا وفيه معركة بين الأب وبين الأولاد في الصلاة، الأب يريد طاعة الله والأولاد لا يريدونها أبداً، إذا دعاهم إلى الصلاة كأنه يضرب وجوههم بحديد، فلا يريدون الصلاة: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifفَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[مريم:59] أما المباراة يذهب من قبل العصر ينتظرها يأتي لكي يلعب كرة، والكرة أتعب من الصلاة، لكنها صلاة إبليس وطاعة للشيطان، لكن الصلاة ثقيلة عندهم: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاًhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[مريم:59] لما نزلت هذه الآية قال محمد صلى الله عليه وسلم لجبريل: (أو تضيع أمتي من بعدي الصلاة؟!) أيعقل أن يُضيع مسلم الصلاة؟ (قال: يأتي أقوام في آخر الزمان يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا، درهم عنده خير من صلاة)، فالآن تركوها بلا درهم ولا ريال ولا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون! |
هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة (صفة الصلاة) استقبال القبلة جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمسيء في صلاته: {إذا أردت الصلاة فتوضأ وأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة } قال سبحانه: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [البقرة:144] قال الشافعي : من كان في الحرم فعليه أن يستقبل الكعبة، ومن كان في مكة فعليه أن يستقبل الحرم، ومن كان في الآفاق فعليه أن يستقبل مكة . وهذا شيءٌ عجيب وفقهٌ طيب، يقبل ولا يعارض النصوص. فاستقبال القبلة شرط إلا في صلاة النافلة على الراحلة في السفر، فتستقبل القبلة عند التكبير ثم لا يهمك أين توجهت بك راحلتك. واستقبال القبلة يسقط إذا اجتهد العبد فصلى إلى غير القبلة، ثم بانَ له أنه صلى إلى غير القبلة، كأن يصلي في ظلمة، أو في صحراء، أو في سفر، لقول عقبة بن عامر : {صلينا مع الرسول عليه الصلاة والسلام، فلما أصبح الصباح رأينا أنا صلينا إلى غير القبلة، فأنزل الله: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifفَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [البقرة:115] فلم نعد الصلاة } وهذا حديثٌ صحيح. فاستقبال القبلة وارد مع القدرة، إلا من كان مريضاً لا يستطيع استقبال القبلة فهذا معذور، قال الله تعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifفَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [التغابن:16] وقال عليه الصلاة والسلام: {إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم }....... تكبيرة الإحرام التكبير عند أهل العلم هو الوارد وهو السنة، ولم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم في بداية الصلاة إلا (الله أكبر) لم يقل: الله أكبر كبيراً، ولم يقل: كبرتُ لله، ولم يبدأ بكلمة أخرى غير التكبير، فلم يقل الحمد لله، ولا سبحان الله، ولا لا إله إلا الله، وإنما قال الراوي: {ثم كبر } وكان يقول: الله أكبر، وقد ذهب الجمهور إلى أنه لا يجزئ إلا (الله أكبر) وذهب أبو حنيفة إلى أنه يجزئك أن تقول أي ذكر، كأن تقول: سبحان الله، أو الحمد لله، لا إله إلا الله، أو أستغفر الله فإذا قلت ذلك انعقدت صلاتك، بل زاد في روايةٍ -رحمه الله- أن قال: لو كبر بالعجمية لأجزأه ذلك، كأن يقول: اشكمدرت، ونحوها. وهذا مخالفٌ للنصوص، وقد نص المحدثون على أنه لا يصح هذا القول، وأنه مجانبٌ للصواب، ولا يجوز الأخذ به، وذلك لعموم أمره صلى الله عليه وسلم بالتكبير، وكان إذا كبر صلى الله عليه وسلم رفع يديه وقال: {الله أكبر } ولم يكن يضم أصابعه أو يفرجها، وإنما كان يجعلها على هيئتها وعادتها. وأما رفع اليدين، فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي حميد{أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفعهما إلى فروع أذنيه أو حذو منكبيه } وجاء عند البخاري ومسلم من حديث وائل بن حجر{أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفعهما إلى فروع أذنيه } فكيف نجمع بينهما؟ قال بعض العلماء: أما أواخر الكفين فعند المنكبين؛ لحديث أبي حميد ، وأما أطراف الأصابع فعند فروع الأذنين؛ لحديث وائل بن حجر . فمن جعلها عند فروع الأذنين أجزأه، ومن جعلهما حذو منكبيه أجزأه، ومن رفعهما بين الأذنين والمنكبين أجزأه كذلك. وهنا مسألة ذكرها ابن قدامة ، وهي: هل تكبر مع الرفع؟ أو بعد الرفع؟ أو قبل الرفع؟ أصوبها أن تكبر مع رفع اليدين، وإن رفعت قبل التكبير جاز، وإن رفعت بعد التكبير جاز، ولكن مع التكبير هو الأصوب والأحسن، وهو هديه عليه الصلاة والسلام....... كيفية وضع اليدين على الصدر جاء من حديث وائل بن حجر : {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر وضع يديه على صدره } ولفظه عند ابن خزيمة بسندٍ صحيح: {يضع اليمنى على اليسرى على صدره } وأصله في البخاري ، ولكن ليس في البخاري بلفظ: أنه كان يضع اليمنى على اليسرى على صدره، وأما حديث علي عند أبي داود : [[من السنة وضع اليمنى على اليسرى تحت السرة ]] فهو حديثٌ ضعيف، وهو رواية للحنابلة عملوا بها، والصحيح أنه ضعيف، والأصل أن توضع على الصدر، ولا ترفع رفعاً كما يفعل بعض الناس؛ لأن بعض الناس يحملهم التشدد في السنة إلى أن يخرجوا من السنة، حتى يقول ابن تيمية : بعض الناس هربوا من طرفٍ مجانب للسنة، فخرجوا من الطرف الآخر، المرجئة خافوا من مذهب الخوارج ، فذهبوا فخرجوا من مذهب السنة إلى الإرجاء، والخوارج خافوا من مذهب المرجئة ، فخرجوا من السنة وأهل السنة توسطوا، فلا تجعل يديك فوق الصدر ولا تحته، ولكن اجعلهما على الصدر، وسنة محمد صلى الله عليه وسلم هي الأصل....... الاستفتاح صح عنه صلى الله عليه وسلم في الاستفتاح أحاديث، ومن استفتح بشيءٍ منها صحت صلاته، منها: حديث أبي هريرة في الصحيحين قال: {يا رسول الله! سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول؟ } وفي رواية أخرى: {يا رسول الله! بأبي أنت وأمي } أي: فديتك بأبي وأمي، وهو يستحق أن نفديه عليه الصلاة والسلام، وهو أسلوبٌ يستخدمه الصحابة للمصطفى عليه الصلاة والسلام، وقد قالها عمر لـأبي بكر ، كان يقول له: فداك أبي وأمي، والجاهليون كان يقول أحدهم للزعيم أو للسلطان: أبيت اللعن، أي أعوذُ أن أستجلب أمراً يوجب اللعن، أو أن أكرهك أو أغضبك، فاستبدلها المسلمون بكلمةٍ أطيب فقالوا: فديتك بأبي وأمي، وكان الجاهليون يقول أحدهم: عمت صباحاً، فاستبدلناها بقولنا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يقول النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر : أتاني أبيت اللعن أنك لمتني وتلك التي منهن قد كنتُ أنصبُ فإنك شمسُ والملوك كواكبٌ إذا ظهرت لم يبد منهن كوكبُ قال أبو هريرة : {فديتك يا رسول الله بأبي وأمي، ماذا تقول في سكوتك بين التكبير والقراءة؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد } وهذا هو أصح حديث في الاستفتاح، ويستفتح به المحدثون. ويرى ابن تيمية وابن القيم أن أحسن استفتاح: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك؛ لأنه جمع تنزيهاً وتوحيداً وتسبيحاً وتحميداً. ومن استفتح بهذا أو بذاك فقد أصاب، والأول جاء في الصحيحين ، وأما الثاني فقد رواه مسلم بسندٍ منقطع، قاله الدارقطني وغيره، وقد وصله الدار قطني بسندٍ موصول، وهو صحيح. وجاء عند مسلم من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: {أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان إذا استفتح الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرتُ وأنا أول المسلمين } قال أهل العلم: قال عليه الصلاة والسلام وأنا أول المسلمين، لأنه أول المسلمين، وأما نحن فنقول: وأنا من المسلمين. وقد أورد ابن القيم في زاد المعاد استفتاحات أخرى، لكن هذه ثلاثة استفتاحات، حديث أبي هريرة في الصحيحين ، وحديث عمر في مسلم ، وحديث علي : {وجهت وجهيَ للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين } والرابع أورده ابن القيم في صلاة الليل، قال: {كان يسبح عشراً، ويحمدُ عشراً، ويكبر عشراً، ويهلل عشراً، ويستغفر عشراً } إلخ. ومن صلى بلا استفتاح صحت صلاته، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: {أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه } فالاستعاذة واردة في حديث أبي سعيد الصحيح، وقالوا: النفث هو الشعر، والنفخ هو الكبر، والهمز هو الموتة، أي: الجنون قاله أبو عمر أحد الرواة....... |
قراءة الفاتحة صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال للأعرابي: {واقرأ ما تيسر معك من القرآن } أخذ بهذا الجمهور وقالوا: لا يجزئ إلا قراءة الفاتحة، وقال الأحناف: لو قرأ بأي شيءٍ من القرآن لأجزأه ذلك، والصحيح أنه لابد من الفاتحة، لحديث عبادة بن الصامت في الصحيحين :{لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب } وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {صلاةٌ لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداجٌ.. خداجٌ.. خداج } أي باطلة، وعند ابن حبان مصححاً وأبي داود والترمذي ، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال للصحابة: {لعلكم تقرءون خلف إمامكم. قالوا: نعم، قال: لا تقرءوا إلا بأم الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب } وهل تقرأ وراء الإمام في الجهرية؟ لأهل العلم ثلاثة أقوال: القول الأول: لابد من قراءتها في السرية والجهرية وهو قول جمهور المحدثين. القول الثاني: تُقرأ في السرية ولا تُقرأ في الجهرية خلف الإمام، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية . القول الثالث: يكفيك قراءة الإمام في السرية والجهرية، وهو مذهب الأحناف. والقول الأول هو الصحيح، أنك تقرأ بها في السرية والجهرية، فلا تسقط عنك الفاتحة على الصحيح، ولو قرأ الإمام، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: {لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب } ولقوله: {فاقرءوا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب }....... قراءة ما تيسر بعدها وما تيسر من القرآن إما آية أو سورة أو الجمع بين سورتين، أو الأخذ من سور متفرقة من القرآن وقد توقفوا في هذا، وقد فعله بلال ، وأقره عليه الصلاة والسلام في حديثٍ يقبل التحسين، كما ذكره الذهبي ، أنه قال: {كلٌ كثيرٌ طيب } وكان يفعله خالد بن الوليد يوم صلَّى بالناس في غزوة، فقد قرأ بعض الآيات من سورة وبعضها من سورة وبعضها من سورة، وهذا خلاف الأولى لكنه صحيح مجزئ. وهل لك أن تقدم بعض السور على بعض؟ كأن تقرأ -مثلاً- في الأولى (عمَّ) وفي الثانية (تبارك)؟ قالوا: هذا من تنكيس القرآن، وقد كرهه الأحناف، والصحيح عند المحدثين أنه جائز، وقد روى البخاري في الصحيح عن عمر أنه قرأ في الركعة الأولى سورة يوسف وقرأ في الثانية سورة يونس، وقد قال البخاري : من عاد إليه وجد ذلك. فهو مجزئ، بشرط أن تكون الأولى أطول من الثانية....... الركوع قبل هذا اعلموا أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يرفع يديه في أربعة مواطن في الصلاة: الأول: عند تكبيرة الإحرام. الثاني: عند الركوع. الثالث: عند الرفع من الركوع. لحديث ابن عمر في الصحيحين{أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه } هذه ثلاثة مواطن. الموطن الرابع جاء عند أبي داود ، وهو عند القيام من التشهد الأول للركعة الثالثة، فهي أربعة مواطن. والأحناف قالوا برفعٍ واحد وهو عند تكبيرة الإحرام، ولذلك صلى أبو حنيفة إماماً بـابن المبارك المحدث، فكبر أبو حنيفة فكبر ابن المبارك ورفع يديه، فكبر ليركع فرفع ابن المبارك يديه، ولم يرفع أبو حنيفة ، فلما سلم قال أبو حنيفة لـابن المبارك : خفتُ أن تطير بجانبي من كثرة ما رفعت يدك. فقال ابن المبارك : لو أردت أن أطير لطرتُ في الأولى. قال علي بن المديني : شيخ البخاري المحدث الكبير: من لم يرفع يديه عند الركوع والرفع منه، فقد أزرى بالصحابة. وقال المروزي : رفع اليدين ثابتٌ عن الأئمة مجمعٌ عليه. وكأن المروزي ما التفت إلى خلاف أبي حنيفة ، والأمر ليس مجمعاً عليه؛ لأن أبا حنيفة يقول: الرفع عند تكبيرة الإحرام فقط. فكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد الركوع قال: الله أكبر ثم ركع، فهصر ظهره، كما جاء في حديث أبي حميد في الصحيحين ، برأسه عليه الصلاة والسلام، حتى لو وضع إناءٌ من ماء ما سقط منه شيء. وكان يجعل يديه كالقابض على ركبتيه، ويقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، وورد عند أحمد-وقد ضعفها أحمد- زيادة (وبحمده) والصحيح أنها زيادة صحيحة، فقد صححها بعض المتأخرين. وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: {سبوحٌ قدوس، رب الملائكة والروح } في الركوع والسجود، وكان يقول في الركوع والسجود كما في الحديث الصحيح عن عائشة : {سبحانك اللهم وبحمدك، رب اغفرلي } يتأول القرآن، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إني نهيت أن أقرأ القرآن وأنا راكع، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمنٌ أن يستجاب لكم } وهذا أمر معلوم، لكن لابد أن يتدارس وأن يتفقه فيه، ولعل الله أن ينفع من سمعه، لأن في بعض البيوت من لا يحسن الصلاة، وبعض العجائز تصلي جالسة، وبعض الناس لا يعرف الصلاة إلا تقليداً، من فاتته الصلاة فقد فاته الإسلام. وهل يقول: سبحان ربي العظيم مرة واحدة؟ قال بعض الفقهاء: يجزئ مرة واحدة، وقال بعضهم: لا يجزئ إلا ثلاثاً. والصحيح أنه يقولها المصلي ما استطاع، أو ما يقارب العشر مرات لحديث حذيفة : {كان يقولها صلى الله عليه وسلم عشر مرات } وصلى أنس وراء عمر بن عبد العزيز ، فكان يقول (سبحان ربي العظيم) عشراً، فقال أنس : [[ما صليت وراء أحدٍ أشبه صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا ]] يعني عمر بن عبد العزيز ....... الرفع من الركوع أما الرفع فكان صلى الله عليه وسلم يقول: (سمع الله لمن حمده) ويرفع يديه، ثم يقول: (ربنا ولك الحمد). قال ابن القيم : وردت (ربنا ولك الحمد) ووردت (اللهم ربنا لك الحمد) ولم ترد (ربنا لك الحمد). والصحيح أنها وردت، وقد رد المحدثون على ابن القيم رحمه الله وقالوا: بل وردت أربع صيغ، ربنا ولك الحمد، ربنا لك الحمد، اللهم ربنا ولك الحمد، اللهم ربنا لك الحمد، فمن قال واحدةً منها فقد أصاب. وقد ذكرنا أن من البدع المخالفة قول بعضهم: من قال: (ربنا ولك الحمد والشكر) فاعترض بعض المعترضين وقالوا: سبحان الله! كيف يعترض على أن نقول لله الشكر؟ أما أنعم الله علينا؟! كيف لا نشكر الله؟! ونقول: هذا رجلٌ جاهلٌ عارض الشرعية برأيه، والشريعة لم تأت بالآراء، قال علي رضي الله عنه: [[لو كان الدين بالرأي، لكان باطنٌ الخف أولى بالمسح من ظاهره ]] إذاً الدين نقل، الدين من المعصوم صلى الله عليه وسلم: {من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد } أقول: صحيح أن الله هو الذي أنعم علينا، والشكر هو لله تعالى، لكن لماذا تأتي بكلمة ما أتى بها محمد صلى الله عليه وسلم؟ من الذي علمنا السنة إلا محمد عليه الصلاة والسلام! إذاً قف حيث وقف القوم، وسر حيث ساروا، مع سيد القوم صلى الله عليه وسلم. أما المأموم فإذا سمع الإمام يقول: (سمع الله لمن حمده) قال: (ربنا ولك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيءٍ بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يوماً يقولها، فقال: {من قال هذا؟ فقال أحد الصحابة: أنا يا رسول الله! فقال صلى الله عليه وسلم: لقد رأيتها ابتدرها ثلاثون من الملائكة يكتبونها } وفي بعض الروايات أنها عضلت ببضعة عشر ما استطاعوا رفعها http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifإِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [فاطر:10]. إذا رفع المسلمُ من الركوع فهل يعيد يديه إلى صدره، أم يرسلها، أم ماذا؟ وقد نشر في بعض الصحف الإسلامية والجرائد كلام لعالمين محدثين كبيرين، أحدهما يقول: لا يضم يده اليمنى على اليسرى لأنه مخالف للأصول، ويسميها بدعةً حجازية، والعالم الآخر الجليل يقول: الضم بعد الركوع سنة، وذلك إلحاقاً بهيئة القيام بالفاتحة، لأن لكل هيئةٍ هيئةً منه صلى الله عليه وسلم، فالأقرب أن يجعل اليمنى على اليسرى، وقد أصاب من قال هذا القول الأخير، فالأحسن أن يضم يده اليمنى على اليسرى على صدره، إلحاقاً بهيئة القيام بالفاتحة التي فعلها عليه الصلاة والسلام....... |
السجود أما السجود فكان عليه الصلاة والسلام، إذا أراد أن يسجد لم يرفع يديه، بل يقول: الله أكبر، ويبدأ بركبتيه ثم يديه، ثم ما ولي من جسمه، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال -كما في الصحيحين-: {أمرتُ أن أسجد على سبعة أعظم، على الجبهة وأشار إلى أنفه، وعلى اليدين، وعلى الركبتين، وعلى الرجلين } فهذه سبعة أعظم لابد من السجود عليها، قال بعض العلماء -وأصاب-: لو سجد على أنفه ولم يسجد على جبهته، فقد أخطأ وما سجد، ولو سجد على جبهته ولم يسجد على أنفه فقد أجزأته صلاته، والكامل والأولى أن يسجد على الأنف والجبهة لفعله عليه الصلاة والسلام. وكان صلى الله عليه وسلم إذا سجد أمكن يديه من الأرض، وجافى يديه عن عضديه، واستقبل بأطراف أصابعه القبلة، وبعض الناس يجافي ولا يستقبل بيديه ولا رجليه القبلة، وهذا أخطأ، فقد كان صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي حميد : {يستقبل بأطراف أصابعه القبلة } وهو في الصحيحين . وجاء عن البراء بن عازب ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: {ضع يديك وارفع مرفقيك } أي لا تفترش المرفقين، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يفترش الرجل يديه كافتراش السبع. قال الصنعاني في سبل السلام : نهينا عن هيئات، منها: هيئة الغراب، وهو نقر الصلاة كالغراب، ومنها: الالتفات كالتفات الثعلب، ومنها: البروك كبروك البعير، ومنها: تحريك اليدين بعد السلام كأذناب خيلٍ شمس، ومنها: افتراش اليدين كافتراش الكلب أو السبع، فلا يفترشها المسلم، بل يفعل كما فعل عليه الصلاة والسلام. وكان صلى الله عليه وسلم إذا سجد قال: {سبحان ربي الأعلى وبحمده، رب اغفر لي } ودعا، وربما قال: {سبوحٌ قدوس رب الملائكة والروح } وربما قال: {سبحانك اللهم وبحمدك، رب اغفر لي } وكان يدعو كثيراً في السجود، كما في حديث عائشة عند مسلم ، هذه أحواله صلى الله عليه وسلم في السجود التي نقلت إلينا، وقد جاء عند النسائي من حديث أبي ذر الغفاري بسندٍ جيد: {>أن الحسن امتطى على ظهر الرسول عليه الصلاة والسلام } وهذا يستدل به بعض المحدثين على أنه يجوز أن يطول بعض السجود على بعض {فارتقى الحسن فطول عليه الصلاة والسلام في السجود، فلما سلم سألوه فقال: إن ابني ارتحلني فخشيت أن أرفع فأؤذيه، فمكثتُ حتى نزل } أو كما قال عليه الصلاة والسلام. وأيهما أفضل النـزول على الركبتين أم على اليدين؟ يقول: ابن القيم رحمه الله في حديث أبي هريرة ، الذي هو حسن على الصحيح ولو أن بعض أهل العلم اتهم السند: {إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليقدم يديه قبل ركبتيه } قال ابن القيم : في الحديث قلب في قوله: {وليقدم يديه قبل ركبتيه} ولكن قد جاء عند الحاكم من حديث وائل بن حجر ، وقد ذكره شعيب الأرنؤوط : {أن الرسول صلى الله عليه وسلم ربما قدم يديه قبل ركبته } فما موقفنا من ذلك؟ الأصوب أن تقدم الركبتين قبل اليدين، لحديث وائل وغيره من الأحاديث، والأصل في ذلك أن يبدأ الإنسان بالأقرب فالأقرب إلى الأرض، وأما حديث الحاكم فسنده صحيح، وربما فعله صلى الله عليه وسلم مرة من المرات، لكن تقديم اليدين قبل الركبتين فيه نكارة في الهيئة، وليس بصحيح. إذاً نقول: الصحيح والذي تطمئن إليه النفس هو تقديم الركبتين على اليدين عند النـزول، وهو فعل الرسول عليه الصلاة والسلام غالباً، أما ما ورد عند الحاكم فهو نادر. وقول ابن القيم أنه لم يقل به أحد من أهل العلم. غير صحيح بل قال به الأوزاعي والبغوي ، وجمٌ غفيرٌ من المحدثين، وكان ابن عمر رضي الله عنه يقدم يديه قبل ركبتيه. فالخلاف في المسألة مشهور بين العلماء. خلاصة المسألة: أن الأصوب والأولى تقديم الركبتين، ومن بدأ بيديه فقد أجزأته صلاته، وما ارتكب أمراً محرماً، والمسألة أسهل من ذلك، أن يختلف فيها المحدثون كثيراً، أو يكثر فيها الخلاف، كالجهر بالبسملة، وضم اليدين بعد الركوع، هذه من المسائل التي يتنازع فيها الأئمة، والأمر كما يقول ابن تيمية في أصول الفقه: ما ينبغي أن يعنف على المخالف فيها. فالمسألة أوسع من ذلك....... الجلوس بين السجدتين أما الجلوس بين السجدتين فقد كان عليه الصلاة والسلام يقول: الله أكبر، ويجلس، وقال للمسيء في صلاته: {ثم اجلس حتى تطمئن جالساً } وما أعرف أنه يصح في الدعاء بين السجدتين إلا حديثان اثنان: الأول حديث حذيفة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: {رب اغفر لي.. رب اغفر لي.. رب اغفر لي.. } والثاني: حديث ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم، كان يقول: {رب اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني } وفي بعض الألفاظ {واجبرني } ولا أعلم ألفاظاً أخرى صحت. وبعضهم يقول: اغفر لي ولوالدي والمسلمين أجمعين، هذا لا بأس به لكنه لم يرد في هذا الموضع، وبعضهم يقول: رب اغفر لي، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، هذا الدعاء يكون خارج الصلاة، أما داخل الصلاة فلم يصح إلا حديثان اثنان: حديث ابن عباس وحديث حذيفة . أما الإشارة بالسبابة، بين السجدتين، فقد قال بها بعض العلماء المتأخرين؛ وذلك إلحاقاً لها بالتشهد. وقال بعض العلماء من أهل الحديث الأثريين: الإشارة بالسبابة بين السجدتين روايةٌ شاذة، لأن الإشارة بالسبابة عند الدعاء في التشهد، أو عند التشهد في التحيات فقط. والذي أرى -والله أعلم- أن الإشارة بالسبابة بين السجدتين غير صحيحة، ومن أشار فله ذلك، ولكن السنة أن يمد أصابعه ويستقبل بها القبلة، ويقول: رب اغفر لي.. رب اغفر لي.. رب اغفر لي.. لحديث حذيفة ، أو رب اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني، أو واجبرني، لحديث ابن عباس الصحيح. والبغوي يرى أنها سنة، وقد ذكرها في الجزء الأول من حديث وائل بن حجر وهذا هو الكلام الذي أتى به الألباني وغيره من أهل العلم، لكن قال العلماء: السنة ما نقلت إلا في هذا النقل من حديث وائل ، بينما الأحاديث العامة الواردة في صفة صلاته عليه الصلاة والسلام لم ترد بهذا. على كل حال أقول: الذي يظهر لي حسب ما راجعتُ وما رأيتُ أن الإشارة بين السجدتين غير صحيحة، وهذا هو الأقرب -إن شاء الله- للأحاديث، كحديث أبي حميد الساعدي ، وحديث أبي هريرة ، ولكن لا يعنف على من أشار، وكما قال بعض العلماء: إن الإشارة منه صلى الله عليه وسلم عند التشهد، ولا تشهد بين السجدتين. الأمر الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم كان يشير بأصبعه في التشهد، وجاء عند الترمذي بسند حسن عن سعد أنه كان يشير في التشهد بأصبعين فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: {أحدٌ يا سعد} ولو لم يكن فيها خلاف ما أوردتها....... التشهد الأول كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يتشهد التشهد الأول المعلوم لديكم، وهو: (التحيات لله والصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله). بعض المحدثين يكتفي بهذا القدر، وبعضهم يرى الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول، والأحسن أن يصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم باختصار، فيقول: وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ثم ينهض. وفي السنن أنه صلى الله عليه وسلم كان في التشهد الأول مسرعاً مستعجلاً كأنه كان على الرضف، ثم يقوم ناهضاً وكان عليه الصلاة والسلام يشير بأصبعه في التشهد. وهل يحرك إصبعه عند الإشارة بها في التشهد أو لا يحركها؟ لأهل العلم في ذلك ثلاثة أقوال: القول الأول: يشير بها ولا يحركها في التحيات جميعاً. القول الثاني: يحركها عند التشهد. القول الثالث: بعضهم يحركها عند الدعاء، والأقرب أنه يحركها عند التشهد لأنها علامة الوحدانية، لحديث سعد أنه كان يشير بالإصبعين، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: {أحد يا سعد} وكان صلى الله عليه وسلم إذا تشهد أشار بأصبعه. وأما قول الفقهاء لا يحركها روايةٌ منكرة، ليست بصحيحة، بل قال المحدثون: يشير بها إذا أراد أن يتشهد ويحركها، كما كان يفعل عليه الصلاة والسلام، وينظر إليها. والأمر أهون من أن يختلف عليها، فإن البعض قد يعنف على الآخر ويقول: لابد أن تحركها كل التحيات. والأمر أهون من ذلك، وهذه المسائل خلافية لا ينازع ولا يعنف عليها....... جلسة الاستراحة جاء في حديث مالك بن الحويرث في الصحيح: {أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا كان في وترٍ من صلاته، لا ينهض حتى يستوي جالساً } فما موقفنا من جلسة الاستراحة؟ هل هي سنة أم لا؟ وقد سألتُ سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عن هذه المسألة، وذلك لأن ابن القيم تحدث عنها بكلام طيب، وهي أن للعلماء فيها ثلاثة أقوال: منهم من قال ببدعيتها، وقد أخطأ، ومنهم من قال: إنها سنة في كل صلاة، ومنهم من قال: تفعل أحياناً. قال الشيخ ابن باز : تفعل أحياناً. وهذا هو الأقرب، فتفعلها أحياناً، وتتركها أحياناً، ولا تلزم الناس أن يفعلوها. وقد جاء في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينهض للثانية أو الرابعة، جلس جلسةً خفيفة ثم نهض أما من قال ببدعيتها فهو المبتدع، ومن قال: تفعل في كل صلاة، فليس بصحيح ولكن الأقرب والأوسط أن تفعل أحياناً لهذا الحديث، وهو خلاصة جلسة الاستراحة. وأنا أعرف أن بعض المحدثين يقولون بفعلها دائماً، ونقول لهم: افعلوا ما شئتم. خذا جنب هرشى أو قفاها فإنه كلا جانبي هرشى لهن طريقُ والأمر أوسع من ذلك....... |
الدعاء في السجود ومعنا حديث ابن عباس الصحيح أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: {إني نهيت أن أقرأ القرآن وأنا راكع، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمنٌ أن يستجاب لكم } أي: حريٌ وقريبٌ أن يستجاب لكم وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد، فاجتهدوا في الدعاء، فقمنٌ أن يستجاب لكم }....... الدعاء قبل السلام وهذه المسألة قد بحثها بعض العلماء وقالوا: هل تدعو بما ورد أم لك أن تدعو بما شئت؟ هل لك أن تقول قبل السلام -مثلاً-: اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين أجمعين، اللهم ارزقني رزقاً حلالاً، ونجح أبنائي في الدارسة واغفر لهم، أم أنه لابد أن تتقيد بالدعاء الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس ،وسهل وأبي هريرة وعائشة : {اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وعذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات } وغيرها من الأدعية؟ قال بعضهم: لك أن تدعو بما شئت. وهذا هو الصحيح إن شاء الله، لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين ، في حديث ابن مسعود : {ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فليدعُ } قالوا: أعجبه: أي أقربه وأحسنه، ولحديث أبي هريرة في الصحيح {أن رجلاً أتى إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، فسأله الرسول عليه الصلاة والسلام بم يدعو، فقال: أسأل الله الجنة، وأستعيذ به من النار، أما دندنتك ودندنة معاذ فلا أحسنها. فقال: حولهما ندندن } يعني حول هذا الكلام ندور. فأقره عليه الصلاة والسلام على ذلك، ولو قلنا: إنه لابد أن يقيد بالألفاظ التي أتت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، لأفسدنا صلاة الناس، لأن أكثر الناس يدعون بأدعية من عند أنفسهم لم ترد نصاً عن النبي صلى الله عليه وسلم. وورد في الحديث الصحيح: أن ذا الخويصرة الأعرابي أتى إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، فصلى معه، فلما انتهى من الصلاة وأراد أن يسلم، قال ذو الخويصرة : اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً، ثم سلم، فقال صلى الله عليه وسلم: من الداعي آنفاً؟ والرسول صلى الله عليه وسلم يعرفه غالباً، لكن لم يكن يتعمد أن يشهر بالناس، بل كان يوري، فقال: أنا يا رسول الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: {لقد حجرت واسعاً } أي: إن رحمة الله وسعت كل شيء، ثم قام هذا الأعرابي فما لبث أن بال في المسجد!! في قصة طويلة. فالمقصود أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنكر عليه تحجيره للرحمة، ولم ينكر عليه الدعاء من حيث هو، ما قال له: لقد استحدثت دعاءً وإنما قال: تحجرت رحمة الله، وكان السلف يدعون في صلاتهم بأمور لم تأتِ عن الرسول صلى الله عليه وسلم كأن يدعو الإنسان بتسهيل أموره، أو برزقٍ حلالٍ أو مباح على كل حال، فليتخير من الدعاء أعجبه إليه فليدعُ وحولهما ندندن، هذا هو الأصل في المسألة، إلا بقطيعة رحم والعياذ بالله، أو بتعدٍ في الدعاء، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم في حديث سعد : {إن أقواماً يعتدون في الدعاء والوضوء } فلا يعتد الإنسان في الدعاء، كقول بعضهم: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة. ولا بقطعية رحم، كأن يقول: اللهم عذب فلاناً من أقاربه، ولا بإثم كأن يقول: اللهم دمر المسلمين، أو افعل بهم، نعوذ بالله من ذلك....... السكتات في الصلاة هناك سكتةٌ صحت عند البخاري ومسلم ، وهي في حديث أبي هريرة : {بأبي أنت وأمي يا رسول الله؛ أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة } هذه هي أصح السكتات. السكتة الثانية: قبل الركوع. فقد جاء عن جابر بن سمرة رضي الله عنه: {حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين: إذا استفتح القراءة قبل أن يقرأ، وقبل أن يركع إذا انتهى من القراءة } قال بعض المحدثين، ومنهم الشيخ الألباني : هذا حديث مضطرب، وبعض المحدثين يحسنه، والأقرب أنه حديثٌ حسن، فالسكتات إذاً سكتتان. أما السكتة الثالثة التي ناقش عليها الفقهاء، ولم ترد في الحديث، فهي التي ذكرها ابن القيم في زاد المعاد ، وهي بعد أن ينتهي الإمام من قراءة الفاتحة، فيسكت سكتة خفيفة حتى يقرأ المأموم الفاتحة. والصحيح أن هذه ما ورد فيها نص من المعصوم عليه الصلاة والسلام، وإن سكت الإمام فهو الأقرب، وذلك ليقرأ المأموم سورة الفاتحة، لكني ما أعرف حديثاً صحيحاً ينص على أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يسكت بعد قوله: ولا الضالين آمين، حتى يقرأ المأموم الفاتحة، ومن يعرف في ذلك دليلاً فليخبرنا به، وليفدنا به لنستفيد جميعاً، إنما المعروف الذي ناقش عليه العلماء هو في بداية الصلاة، وفي نهاية القراءة قبل الركوع، وابن القيم لما قال: لعله يسكت ليقرأ المأموم؛ لم يأت بحديثٍ في ذلك. وأما السكتة الثانية، التي قبل الركوع وبعد الانتهاء من القراءة، فهي سكتةٌ سهلة لترداد النفس....... السلام من الصلاة كان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا انتهى من الصلاة أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وقد قال بعض الفقهاء لا يقول وبركاته، ولكن قد صح عند أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: وبركاته، وربما قال: السلام عليكم ورحمة الله فحسب، وربما قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مرةً ويتركها مرة. وهي زيادةٌ صحيحة ثابتة، قال بها المحدثون. وربما اكتفى صلى الله عليه وسلم بتسليمةٍ واحدة، لكن الذي أعلم أن ذلك في النوافل وقيام الليل، وقد صلى بعض المشايخ ببعض الناس -كما سمعنا من بعض العلماء- في فريضة، فسلم تسليمةً واحدة ثم سكت، فلاموه، قال: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سلم تسليمة واحدة، لكن الذي نعرفه أن هذا في النافلة، ولا ينبغي التلبيس على الناس في مثل هذه الأمور التي ما عرفوها، وقد قال المحدثون: الواحب تسليمة واحدة، والثانية سنة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم، عند أبي داود بسندٍ صحيح: {مفتاحها الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم } فلا بد من تسليمة وجوباً، والثانية سنة....... |
الذكر بعد السلام لم يكن من هديه عليه الصلاة والسلام إذا سلم أن يقول بعد السلام مباشرة: الله أكبر...، مع أنه قد قال بهذا بعض المشايخ، وكتب لي بعضهم رسالة يعنفني، وهو أجل وأعلم مني وأفضل، لكن كلٌ يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب ذاك القبر عليه الصلاة والسلام، فإنه المعصوم، ولا يمكن أن نسمع لقول أحد إلا من يأتينا بآية أو حديث. يقول هذا الشيخ الفاضل العلامة: يقال بعد السلام: الله أكبر. والصحيح -إن شاء الله- أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم قال: أستغفر الله.. أستغفر الله.. أستغفر الله.. وهو مستقبل القبلة، ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم يلتفت إلى الناس عن يمينه وربما يلتفت عن يساره، قال ابن مسعود : [[لا يجعل أحدكم حظاً للشيطان من صلاته، يرى أنه لا يلتفت إلا على اليمين، لقد رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يلتفت كثيراً -أو كما قال- عن يساره ]] ويقول أنس بن مالك : [[أكثر ما كان يلتفت الرسول صلى الله عليه وسلم عن يمينه ]] فإذا قابل الناس أتى بالدعاء المأثور والأذكار، ومنها: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، اللهم لا مانع إلا لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. وحديث أبي هريرة الصحيح المعروف {وتسبح ثلاثاً وثلاثين، وتكبر ثلاثاً وثلاثين، وتحمد ثلاثين وثلاثين } وأما قوله: {وتكبر أربعاً وثلاثين } فقد جاء عند الترمذي عن علي ، لما علمه النبي صلى الله عليه وسلم هو وفاطمة الذكر عند النوم. أمَّا بَعْد الصلاة فيقول: لا إله إلا الله، تتمة المائة، أما قراءة آية الكرسي بعد الذكر فقد أوردها ابن القيم ، وقد روى النسائي في السنن الكبرى بسندٍ فيه ضعف، عن أبي أمامة أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: {من قرأ آية الكرسي بعد كل صلاة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت }. قال ابن القيم وقد تكلم عن ضعف الحديث: ورأيت شيخنا ابن تيمية يقرأ آية الكرسي. وقد سألت سماحة الشيخ الوالد ابن باز ، فقال: يقرأ آية الكرسي بعد كل صلاة. وأما ضعف الحديث فهو من فضائل الأعمال، وقد ذكره ابن تيمية في المجلد الثامن عشر من الفتاوى ، قال الإمام أحمد : إذا أتى الحديث في الحلال والحرام تشددنا، وإذا أتى في الحلال تساهلنا. والتساهل في الحديث الضعيف يكون بثلاثة شروط: الأول: ألا تعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله. الثاني: ألا يكون شديد الضعف. الثالث: أن تؤيده قواعد وأصول الإسلام. فهذا الحديث تؤيده قواعد؛ لأن آية الكرسي من الذكر، ومن فضائل الأعمال، وليس بضعيف شديد الضعف، إن شاء الله. وقراءة http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [الإخلاص:1] وhttp://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [الفلق:1] وhttp://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِhttp://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [الناس:1] بعد كل صلاة، رواه الطبراني كما أورده ابن حجر في بلوغ المرام ، ولكنه حديثٌ ضعيف، ومن قرأها فلا بأس إن شاء الله....... رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة وقد أثيرت هذه المسألة كثيراً، ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم أن يرفع يديه في الدعاء بعد الصلاة، فلم يفعله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه الأخيار، قال ابن القيم : من داوم على ذلك فقد ابتدع، و{من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد } بل كان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه الدعاء بعد الصلاة، فقد جاء في سنن أبي داود بسندٍ صحيح: {يا معاذ إني لأحبك، لا تدع في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك } قال ابن تيمية : الدبر قبل السلام، ودبر الشيء منه، ودبر الحمار فيه. وقال ابن حجر في الفتح : أخطأ ابن تيمية لما قال: دبر الصلاة قبل السلام، بل الصحيح أنه بعد السلام. والحق مع ابن حجر ، والله أعلم. ولو أن محبة ابن تيمية أكثر من ابن حجر !! لماذا؟ أولاً: حب من الله لمنـزلته في الإسلام. الأمر الثاني: أن ابن تيمية سلفي العقيدة، وابن حجر كان يؤول بعض الصفات، ويجب أن ننزل الناس منازلهم، فنترحم على ابن تيمية ونترحم على ابن حجر ، ونسأل الله أن يجمعنا بابن تيمية وبـابن حجر في دار الكرامة، لكن الحق -إن شاء الله- في هذه المسألة مع ابن حجر ؛لأن الدبر خارج الصلاة، ومن دعا قبل السلام فقد أصاب، ومن دعا بعد السلام فقد أصاب، والمسألة سهلة. وقد انتقد ابن حجر على ابن تيمية ثلاث مسائل فأصاب فيها: منها هذه المسألة والمسألة الثانية: يقول ابن تيمية : لم يؤاخِ الرسول صلى الله عليه وسلم بين الصحابة إلا في المدينة . وقد آخى بين بعضهم في حديثٍ صحيح في مكة . المسألة الثالثة: قال ابن تيمية : لم يأتِ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال في التشهد: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنما كان يقول: اللهم صلِّ على محمد يقول: وبارك على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وإذا قال وعلى آل محمد ما يأتي بالأخرى. قال ابن حجر : بل أتت في الطبراني ، وساق الأحاديث بالأسانيد الصحيحة، فصح كلامه. وربما أتى المفضول بشيءٍ أعظم مما يأتي به الفاضل، وذهب الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى بالكمال، وإنما تأتي هذه الأمور من العلماء ليظهر الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى بها كماله عز وجل. ولا تتعجبوا أن يختلف بعض طلبة العلم من المبتدئين من أمثالنا والمقصرين، فقد اختلف الأئمة، كالإمام مالك وأحمد والشافعي وأبي حنيفة ، ولـابن تيمية رسالة اسمها: رفع الملام عن الأئمة الأعلام . وقد اعتذر فيها للأئمة الأربعة لما اختلفوا في بعض المسائل ولغيرهم، وأتى من الأعذار أن بعضهم بلغه الحديث وبعضهم لم يبلغه، وبعضهم يكون الحديث عنده منسوخاً، وبعضهم يكون عنده ثابتاً، وبعضهم يصح عندهم الحديث وبعضهم لا يصح، وبعضهم يفهم غير الفهم الذي فهمه ذاك، وغيرها من الأعذار. فأقول: قد يكون كثير منكم من يخالف في المسائل التي ذهبت إليها، فلا يعنف أحد على أحد، وله أن يذهب إلى ما رأى وربما يكون قوله هو الأصوب، وقد قيل لـابن تيمية : لماذا لم تؤلف في الفرعيات؟ فقال: الفروع سهلة، وأي رجلٍ عمل بما قاله بعض أهل العلم فقد أصاب. ولكن الأصول هي المهمة، وهي العقائد....... |
حكم سنة الفجر السؤال: بعض الناس من أهل القرى يصلون أكثر من ركعتين بعد أذان الفجر، فما نصيحتكم؟ الجواب: السنة إذا طلع الفجر ألا تصلي إلا ركعتين، فقد جاء في الحديث: {إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتي الفجر } أورده عبد الرزاق في المصنف ، وذكره ابن حجر في بلوغ المرام ، فالسنة إذا طلع الفجر ألا تصلي إلا ركعتين ثم الفريضة، أما قول ابن حجر : يصلي ركعتين تحية المسجد، وركعتين سنة. فقد خالف المحدثين في ذلك، وأخذ بالظاهر، وهذا خلاف السنة، فالسنة أن تصلي ركعتين فحسب، وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [الكافرون:1] في الركعة الأولى بعد الفاتحة، وhttp://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [الإخلاص:1] في الركعة الثانية بعد الفاتحة، هذا هو الصحيح. حكم من فاتته ركعتا الفجر السؤال: من فاتته الركعتان اللتان قبل الفجر، فماذا يفعل؟ الجواب: لأهل العلم قولان: قالت المالكية: يصليها بعد طلوع الشمس، لحديث الترمذي{من فاتته الركعتان فليصلهما بعد أن تطلع الشمس } وهو حديثٌ ضعيف لا يستدل به، والرأي الصحيح، أن يصليها بعد صلاة الفجر مباشرة، لحديث قيس بن عمر .. ويسمى قيس بن فهد قال: {صليتُ مع الرسول صلى الله عليه وسلم ولم أصل قبل صلاة الفجر ركعتين، فلما صلَّى قمتُ لأقضي الركعتين، فرآني وقد لاث به الناس، فقال لي: {آلصبح أربعاً؟ قلت: يا رسول الله! إني ما صليت الركعتين قبل الفجر، قال: فنعم إذاً } فأقره على قضائها بعد الفجر. وقد أورد الشيخ الألباني رحمه الله في إرواء الغليل ، أن رجلاً من العوام دخل في عهد سعيد بن المسيب إمام التابعين، إلى المسجد بعد أذان الفجر، فكان يصلي ركعتين ويسلم، ثم يزيد ركعتين وهكذا، فقال له سعيد بن المسيب : اتق الله، خالفت السنة. فقال الرجل: لا يعذبني الله لأني أصلي له. يريد أن يعارض برأيه، فقال ابن المسيب : لا يعذبك الله لأنك تصلي، ولكن والله ليعذبنك الله لأنك خالفت السنة!! الأمر ليس مزايدة، ولا مناهبة، الأمر سنة، ركعتان فقط. |
خطر الاستهزاء بالعلماء والدعاة السؤال: ما رأيكم فيمن كذب العلماء، واستهزأ بهم، ولم يعترف بهم؟ الجواب: هذ الأمر يوجد عند بعض الناس الذين في قلوبهم نفاق، وهؤلاء من أهل الشبهات والشهوات، يتهجم على العلماء وطلبة العلم! وقد يصل ببعضهم إن كان يقصد الدين والكتاب والسنة إلى الكفر: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifقُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif [التوبة:65-66] فمثل هذا يصل به إلى درجة الكفر، إذا استهزأ بالعلماء بسبب أنهم يحملون الشريعة والكتاب والسنة. وأنا أقول لهؤلاء المستهزئين المستهترين: اتقوا الله، ويلكم من الله: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ* اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِين http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:14-16]. فوصيتي باحترام العلماء والمشايخ ومعرفة قدرهم، وأنت يا مستهزئ اعلم أنك لا تزال في الحضيض، حتى تعرف قدر العلماء وطلبة العلم، وهم ليسوا بمعصومين، وربما أخطئوا وأذنبوا، فأحسن من ذلك أن تناصحهم أو تكتب إليهم أو تسألهم، ولحوم العلماء مسمومة. غفر الله لي ولكم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 04:21 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.