![]() |
|
|
|
|
القيم الاسلامية الجمال 1/ تعريفه : الجمال ضد القبح ،و هو الحسن و الزينة ،و منه الحديث : (إن الله جميل يحب الجمال) أي حسن الأفعال ، كامل الأوصاف واصطلاحا :حسن الشيء و نضرته و كماله على وجه يليق به ومعنى ذلك ،أن كل شيء جماله وحسنه كامن في كماله اللائق به ،الممكن له ،فإذا كان جميع كمالاته الممكنة حاضرة فهو في غاية الجمال، و إن كان الحاضر بعضهافله من الحسن و الجمال بقدر ما حضر. فالفرس الجميل هو الذي جمع كل ما يليق بالفرس الكامل، من هيئة وشكل ولون وحسن عدو ،وتيسر كر و فر عليه. و الخط الجميل هو الذي جمع ما يليق بالخط ،من تناسب الحروف و توازيها ، و استقامة ترتيبها ،و حسن انتظامها ،فلا يجمل الإنسان بما يجمل به الحيوان مما هو من خصوصيته ،و لا يجمل الخط بما يجمل به الصوت تخصيصا ،و لا تجمل الأواني بما تجمل به الثياب خاصة ،و هكذا سائر الأشياء 2/ أهميته : الجمال سمة واضحة في الصنعة الإلهيه ،و حيثما اتجه الإنسان ببصره، يجد من صنع الله ما يجذبه بلونه، أو يستهويه بصوته، أو يتملك فؤاده بدقته المتناهية وصنعته المحكمة، فهو –أي الجمال – بعض آيات الله، التي أودعها في خلقه، وطلب الإنسان أن ينظر فيه، ويستجلى أسراره، ويستقبل تأثيراته، و يعتبر بعبرته قال تعالى : ((هو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء، فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا، و من النخل من طلعها قنوان دانية و جنات من أعناب، و الزيتون و الرمان مشتبها و غير متشابه، انظروا إلى ثمره إذا أثمر و ينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون)) فقد تضمنت الآية جمالا من الطبيعة و مظاهرها ،ما يدعو المرء إلى النظر و التأمل فيها ، بل إن هذا الجمال ما ذكر هنا ليحفظ و يعلم فحسب ،و لكنه ذكر أيضا كي يستمتع به الإنسان ،لأن المنفعة المادية ، ليست وحدها هي الغاية من خلق هذه المخلوقات ، على هذا الوجه، و لكن ((الجمال ))كذلك منفعة معنوية ، لأنه مما يستمتع به الإنسان لذلك قال الله تعالى في الأنعام (( و الأنعام خلقها لكم فيها دفء و منافع و منها تأكلون و لكم فيها جمال حين تريحون و حين تسرحون )) فذكر الله تعالى المنافع المادية و أعقبها بالمنافع المعنوية و المتمثلة في الناحية الجمالية التي تحدثها في نفس صاحب الأنعام أو غيره. 3/ مقومات الجمال : و لكي يكون الشيء جميلا ، لا بد أن يتضمن الأمور الآتية: أ-السلامة من العيوب : فكل شيء جميل ،يدرك جماله و حسنه بسلامته من العيوب ،و خلوه من أي خلل و نقص . و قد لفت القرآن الكريم النظر إلى التأكد من وجود هذه السمة في الجمال ،و ذلك بعد تسجيله بعض مظاهر الجمال في الكون ، ففي الحديث عن جمال السماء، قال تعالى : ((أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها و زيناها و مالها من فروج)) فقد نصت الآية على جمال السماء و زينتها ،و أنها سالمة من الشقوق. و ما ذلك إلا نفيا للعيوب عنها ،وتأكيدا على جمالها. ب-التناسق و التنظيم: و هو سمة أخرى للجمال تقوم أساسا على التقدير و الضبط و الإحكام و تحديد نسب الأشياء بعضها إلى بعض ، في الحجم والشكل واللون والحركة والصوت، وقد تحدث القرآن الكريم عن هذه السمة، مقررا اعتبارها في أصل الخلقة والتكوين ،قال تعالى: ((و خلق كل شيء فقدره تقديرا )) سواء كان صغيرا أو كبيرا، ناطقا أو صامتا ، متحركا أو ساكنا. إننا لو ألقينا نظرة فاحصة على الإنسان ، لأدركنا التناسق الذي يتجمل به هذا المخلوق الصغير ،و لعل قوله تعالى : ((يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ، الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك )) إضافة إلى دلالته على الإحكام و التقدير و التسوية و التعديل، فانه يشير إلى دقة التناسق بين عقل الإنسان و روحه وجسده ،و التناسق بين أعضاء جسمه وبين الأعضاء الأخرى، و التناسق بين أجهزة عضو من أعضائه ،و بين سائر الأجهزة ج-النص و التعيين : ليس كل جمال في هذا الكون الفسيح ، مما يدركه الإنسان ، دون أن يساعده في تعينه وحي من السماء ، فإن الكون أوسع من أن يحيطه الإنسان بعقله المحدود، و قد يخفي عليه وجه الجمال في شيء من الأشياء لا لخلل يرجع إلى الشيء نفسه، أو كونه فاقدا للتناسق و التنظيم، و لكن لكون الإنسان عاجزا عن إدراكه، و قاصرا عن الإحاطة به، و لعل مجال الجمال المعنوي أكبر دليل على ذلك، إذ لو لم يتم النص عليه و التعيين له بالوحي، لما أدركه الإنسان، و لظل جاهلا دهرا طويلا بمجال رحب للجمال الذي لا غنى له عنه .وسيأتي تفصيل ذلك في الفقرة التالية: 4/ أنواع الجمال : الأشياء التي تنتظم هذا الكون الفسيح ، إما أن تكون أجساما ، لها طول و عرض و عمق كالإنسان و الحيوان ، و السمماء و الأرض ، و الشمس و القمر ، و نحوها ، و إما أن تكون معان ، كالأقوال و الأفعال و الأسماء و الصفات و نحوها و على هذا ، يمكن تقسيم الجمال إلى قسمين:- أ-جمال حسي: و هو الذي يدرك بالحس، كجمال الطبيعة في سمائها وأرضها و شمسها وقمرها و ليلها ونهارها وبرها وبحرها ، وكجمال الإنسان من حيث تكوينه، وقد ذكر القرآن الكريم كثيرا من مظاهر الكون مشيرا إلى جمالها الحسي، كي ينتفع به الإنسان، ويشكر ربه الذي سخر له الكون وما فيه، قال تعالى عن الأنعام : ((و الأنعام خلقها لكم فيها دفء و منافع كثيرة و منها تأكلون ، و لكم فيها جمال حين تريحون و حين تسرحون ، و تحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم، و الخيل و البغال و الحمير لتركبوها و زينة و يخلق ما لا تعلمون)) و قال تعالى عن الإنسان : ((لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)) ثم فسر قوله ((أحسن تقويم )) بقوله تعالى : ((يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك )) فهذه الآية و تلك ، تعبران عن الهيكل الجمالي الذي بني عليه الإنسان. فالجمال سمة بارزه في الإنسان ، مثلما هو مبثوت في الأعيان الأخرى ، و هو في الحقيقة آية عظيمة ، تدل على قدرة الخالق سبحانه و تعالى و إبداعه ، إذ إنه لم يخلق الخلق فحسب ، و لكنه خلق فأحكم ، و برأ فأبدع ، و صبغ فأحسن ، و لا يستطيع أحد – و لو أعانه أهل الأرض جميعا – أن يأتي بمثل خلقه في الجمال و الإبداع. ب – جمال معنوي : و يتمثل في أمور كثيرة ، لا تدرك بالحس و الرؤية ، و لكنها تدرك بالعقل الواعي ، و البصيرة المفتوحة . و يمكن تصنيفها كالأتي:- - الأقوال : فالجمال المعنوي موجود في الأقوال الحسنة ، و الألفاظ الطيبة، قال تعالى : (( و من أحسن قولا ممن دعا الى الله و عمل صالحا و قال إنني من المسلمين )) فقد جعل الله الدعوة إلى الإسلام ، و النطق بكلمة الشهادة من أحسن الأقوال و أجملها ، فدل ذلك على أن الجمال موجود في الأقوال التي يقولها الناس ، و في الألفاظ التي ينطقونها لا من حيث تركيبها اللفظي و صياغتها البلاغية، و لكن بالنظر إلى ما تحمله من المعاني و المدلولات. - الأفعال : و الفعل قرين القول ، بل إن القول إذا لم يقترن بالفعل ، لا يبلغ الكمال في الحسن ، و لهذا ذكر الله تعالى في الآية السابقة قوله : (( و عمل صالحا )) ، إذ القول وحده – مهما كان جميلا – لا يكفي صاحبه ، لاعتباره مسلما ، ما لم ينضم إليه فعل و لهذا أورد أهل العلم تعريفا جميلا عن الإيمان فقالوا : (( هو نطق باللسان ، و عمل بالأركان ، و تصديق بالجنان)) و على العموم ، فان الجمال يوجد في الفعل كما يوجد في القول. |
5/ ميادين الجمال : من خلال ما سبق ذكره من تقسيم الجمال إلى حسّي و معنوي ، نستطيع أن ننطلق منه ، لمعرفة ميادين الجمال ومجالاته وهي:- أ-الطبيعة : فالطبيعة بكل ما تحتويه من أرض وسماء ، وإنسان وحيوان ، ونبات وجماد ، تصلح ميدانا" رحبا" ، ومجالا" فسيحا" للجمال ، والقرآن الكريم حين تناول "الطبيعة" لفت الإنسان إلى كثير من دقائقها. و أسلوب القرآن في عرض مشاهد الجمال من الطبيعة على نوعين: - نوع إجمالي : وذلك أن يتناول الأشياء الكلية على وجه الإجمال ، ثم يحوّل النظر إليها ، كي يعيش المرء معها بعمق وتمعن ، ويستخرج منها نتائج وأسرارا" . قال تعالى (( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون )) فهذا المشهد العظيم لوحة من الطبيعة ، التي لا تحدها الأبعاد والأنظار ، يسرح فيها العقل والبصر ، ليستنتج منها نتائج معينة ، الجمال ليس بآخرها - نوع تفصيلي : و ذلك أن يتناول جزءا من أجزاء الطبيعة ، و مظهرا من مظاهرها ، و يرشد الى الجمال فيه ، بالتصريح أو بالتلميح . قال تعالى : (( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها و زيناها و مالها من فروج )) ب-الإنسان : الإنسان ميدان آخر للجمال، يتخلله الجمال منذ مرحلة تكوينه ونشأته، إلى مرحلة نضجه وتكامله، بل إن الجمال من أبرز سمات الإنسان التي نوه بها القرآن الكريم، للدلالة على قدرة الله تعالى و إبداعه، يمتن الله به على عباده، فيقول تعالى : (( خلق السموات و الأرض بالحق و صوركم فأحسن صوركم و إليه المصير)) وقال جل وعلا: (( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )) وقال عز سبحانه: (( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك )) فالتسوية التامة للإنسان، هي النقطة الأساسية، التي ينطلق منها جمال الإنسان، لأن عدم الخلل و النقص في بنيته، دليل على جماله و قد خلق الله الإنسان فبلغ به من الإحسان و الإتقان ما بلغه. ج-الفن : و الفن نتاج إنساني، استفاده من الطبيعة التي سخرها الله له، و من عقله الذي و هبه إياه، و الإسلام قائم على أساس العقيدة، ذات التصور الشامل عن الكون و الحياة و الإنسان، و لهذا فلا مجال فيه للباطل من الأوهام والخرافات، و الأصنام و الأوثان. و يعد الفن مجالا خصبا للجمال لا ينضب ما دام الإنسان قائما على وجه الأرض، و قد تمثل الجمال الفني في الإسلام في أمور كثيرة، أهمها ما يلي: * النقش و الزخرفة: عرف المسلمون قديما بهذا الفن الجمالي ، حتى قيل : إن الفن الإسلامي فن زخرفي، ذلك أنه لا يكاد يخلو أثر إسلامي، بدءا بالخاتم و مرورا بالأواني، و انتهاء بالبناء الضخم و قد قامت الزخرفة على نمطين: - نمط نباتي أو ورقي : و هو الذي أبرز بأساليب متعددة ، من إفراد و مزاوجة ، و تقابل و تعانق ، و في مجالات متنوعة ، من جدران و قباب ، و تحف نحاسية و زجاجية ، و صفحات الكتب و أغلفتها ، و نحو ذلك. - نمط هندسي : و ذلك باستعمال الخطوط الهندسية و صياغتها في أشكال فنية رائعة ، على شكل نجوم أو دوائر متداخلة ، أو نحو ذلك ، و قد زينت بهذا النوع من الزخرفة المباني و التحف الخشبية و النحاسية ، و الأبواب و السقوف ، و نحو ذلك * الكتابة و الخط : كانت ((الكلمة)) و لا زالت، ميدانا رحبا للجمال الفني، سواء كانت نثرا أو شعرا، و لقد تبوأ الخط و الكتابة مكانة عظيمة، منذ بدء الوحي حيث اتخذ الرسول صلى الله عليه و سلم كتابا للوحي ، يكتبون كل ما ينزل من القرآن، فكتب على جريد النخل، و صفائح الحجارة، و جلود الأنعام، و الأخشاب كما نقل من ذلك و كتب في مصحف واحد في عهد أبي بكر الصديق عندما خشي ضياعه بذهاب القراء في الجهاد. و لقد برع الكتاب براعة عظيمة، عندما أصبح الخلفاء و الأمراء و الخطباء و العلماء، و الشعراء و غيرهم من صناع الكلمة و مصدرها، ذوي منزلة في المجتمع، و أصحاب الشأن في الدولة ، فبلغ الخط و الكتابة شأوا بعيدا، و حظي بعناية فائقة من المسلمين ، و تفنن الناس فيه ، حين صار أداة ضرورية للمعرفة ، فأكسبوه ألوانا و أشكالا ، فوجد الخط الكوفي ، و الفارسي ، و النسخي و الرقعي ، و المغربي و الديوانى و الثلث ، كما فّرعوا عليها فروعا كثيرة ، لا يسع المجال لذكرها * العمارة و التخطيط : و العمارة قديمة قدم الإنسان، و تتطور كلما طوّرت و سائلها عبر القرون و الأجيال ، إلا أنها في الإسلام ، أحدث فيها ما لم يكن موجودا من قبل، و وضعت أمام معطيات منهجية تجعلها تؤدي وظيفتها، بطريقة جمالية مضبوطة، و قد تركز هذا الفن الجمالي على شيئين بارزين، هما : 1/ المساجد و دور العبادة : لقد قطع الفن المعماري أشواطا بعيدة ، حقق فيها التنوع الرائع ، و الانسجام الجميل ، إذ ظل المسجد ، ذا طابع خاص ، و شكل مميز ، إضافة إلى العناصر الأخرى التي تؤكد ذلك التميز. 2/ المساكن و البيوت : كان للإسلام أيضا تأثيره على الفن المعماري للبيوت و المساكن التي يسكنها كثير من الناس ، و القصور التي يسكنها الخلفاء و الأمراء ، و أصحاب الجاه و المال ، و قد شهد لهذا التأثير ، عالم غربي ، هو ((ج . مارسيه )) حين قال لقد تغلغل الإسلام في الحياة البيتية ، كما دخل حياة المجتمع ، و صاغت الطبائع التي نشرها ، شكل البيوت و النفوس) و إنما تميز البيت المسلم عن غيره ، لارتباطه بالكثير من الشئون الاجتماعية ، التي صاغها الإسلام صياغة جيدة ، ونظمها تنظيما رائعا و التي ينبغي مراعاتها في البيوت الإسلامية ، ومن تلك الأمور: - الحجاب ، الذي يفصل الرجال عن النساء. - الاستئذان خارج البيت ، للدخول فيه. - الاستئذان داخل البيت ، للدخول في غرفه ، و نحو ذلك. وقد بقي من القصور القديمة، في الأندلس (أسبانيا الآن ) بقية، يعد ((قصر الحمراء )) في غرناطه من أهمها، أما القصور الحديثة فكثيرة و متعددة، لا يحصيها العد كثرة، يراها كل الناس في البلاد التي يقطنها المسلمون، و ستبقى كل من البيوت و القصور، تحكي ما وصل إليه المعماريون المسلمون من فن و عبقرية، و علم عميق بالهندسة. على أن عمارة البيوت و القصور، و العناية بنقشها و زخرفتها، يجب أن يكون في حدود المنهج الإسلامي، الذي لا يسمح بالإسراف و التبذير ولا يرضي بالشح و التقتير ، و لكنه بالتوسط و الاعتدال، و لا ينسين المرء الجمال المادي ما حققه الإسلام من الجمال المعنوي، الذي يجعل كل إنسان ، يهتم بالأمور الضرورية التي هي أكثر أهمية من غيرها ، فجمال القاضي بعدله و إنصافه ، وجمال الحاكم باهتمامه بشئون رعيته ، و سهره لأمنهم و راحتهم ، و جمال الغني بصدقته و إنفاقه ، و جمال الفقير بكده و عمله لذا قال الله تعالى: ((يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم و ريشا و لباس التقوى ذلك خير)) و قال تعالى: ((يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد)) |
القيم الاسلامية الإخاء ليس من الفطرة أن يعيش الناس على هذا الكوكب في تشتت و تمزق ،و لا من العقل و المنطق أن يتنافر البشر ويتناطحوا ،و قد أوجدهم الله تعالى من مصدر واحد ،و أصل واحد ،خلقهم جميعا من آدم و حواء ،أبيضهم و أسودهم ،عربيهم و عجميهم ،سيدهم و مسودهم غنيهم و فقيرهم ،بل إن أشد ما يتنافى مع الفطرة ،و يتعارض مع العقل ، أن يوحد الله عباده في المنشأ و المصدر ،ثم يتفرقون في المرجع و المصير . و لأجل هذا اتخذ الإسلام كل أساس و قاعدة تحمي هذا الكيان من الانشقاق و التصدع ،و تمكنه من أداء مهمته على الوجه الأمثل و من بين تلك القواعد : ((الإخاء)) الذي امحي أمامه جميع فوارق أفراد هذا الكيان ،و امتيازاتهم من نسب عريق ،و مال غفير ،و جاه عريض ،و كل ما درج الناس على اعتباره مميزا بعضهم عن بعض إذن ما هو ((الإخاء )) و ما مقوماته ،وما ثمرته ،و كيف حققه الإسلام بين الناس ؟ هذا ما سيأتي تفصيله في الفقرات التالية: 1/ مفهوم الإخاء : الأصل في الإخاء انه اشتراك الطرفين في الولادة القريبة أو البعيدة . أما القريبة فمثل موسى و هارون عليهما السلام ، فقد كان بينهما إخاء في الأب و الأم قال تعالى مخبرا عنهما : ((و ألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني ))قال القرطبي في تفسير قوله تعالى : ((قال ابن أم )) كان ابن أمه و أبيه و قال ابن كثير :شقيقه لأبيه و أمه و هذا هو الإخاء في النسب القريب .و أما البعيد فمثل عاد و هود ،قال تعالى : ((و إلى عاد أخاهم هودا ))قيل :أخوهم في القبيلة ،و قيل:بشر من بني أبيهم آدم و المراد بالإخاء هنا ، الإخاء في الدين و الحرمة ،و هو أن يتآخى مجموعة من الناس في العقيدة ،و يشتركوا في الدين ، قال تعالى : ((و ألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم)) و قد وصف الله المؤمنين بأنهم إخوة ، قال تعالى : ((إنما المؤمنين اخوة )) و إنما وصفهم بالاخوة ،لأن كل واحد منهم يتوخى مذهب أخيه و يقصده فلا يفارقه اعتقادا ،و عملا ،و سلوكا. و نحن إذا دققنا النظر في مسمى ((الإخاء )) و مدلوله اللغوي و الشرعي ،و جدنا أنه تنتظمه ثلاثة أنواع : أ-أخوة في النسب و القرابة ،و هي المراد في باب المواريث ،مثل قوله تعالى : ((و لأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد و ورثه أبوه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس ))و كل إنسان يولد مزودا بها . ب-أخوة في الآدمية و الإنسانية ،و هي المراد في مطلق الإنسان ، أو بني آدم ، أو النوع قال تعالى (و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا )) قال ابن كثير :استدل بهذه الآية الكريمة على أفضلية *** البشر على *** الملائكة أي استدل بها من قال بأن بني آدم –و هم *** البشر –أفضل من الملائكة. و قال تعالى : ((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا )) أي جميع الناس مؤمنهم و كافرهم ،نسيبهم و دعيهم، قريبهم و بعيدهم، حاضرهم و غائبهم. ج-أخوة في الدين و العقيدة ،و هذه هي المرادة في باب الإيمان و فروعه ،كقوله تعالى: ((إنما المؤمنون إخوة ))و قوله تعالى : ((فأصبحتم بنعمته إخوانا )) أي أصبحتم بالإسلام إخوانا متحابين بجلال الله تعالى ،متواصلين في ذات الله ،متعاونين على البر و التقوى و في الحديث : (المسلم أخو المسلم ،لا يظلمه و لا يخذله و لا يحقره) و غير ذلك من الآيات و الأحاديث الدالة على هذا النوع من الأخوة. لماذا بني الإسلام الأخوة على أساس الإيمان دون النسب و ال*** ؟ إن الإسلام لم يبن الأخوة على النسب و ال*** لكونهما مبنيين على الالتقاء الجسدي المادي و هو لا يكون جماعة قوية متماسكة ،تصمد لعواصف التمزق و التفرق ،و رياح الاختلاف و التنازع ،لا سيما إذا كان الاختلاف في الفكر و التصور ،و العقيدة و المنهج ،و من المشاهد المتكررة ، إن أبناء النسب يتقاتلون متى اختلفت عقائدهم و أهدافهم ،و تضاربت أفكارهم و مذاهبهم ،بينما يتعامل أبناء الدين و العقيدة ،و يتعاونون فيما بينهم و إن اختلفت أنسابهم و ألوانهم ،و تغايرت أوطانهم و لغاتهم. و لأجل هذا أقام الإسلام أخوة البشر على الإيمان ،لأن الإيمان رابطة قوية ،تستولي على الروح و الضمير ،فتجعله خاضعا لصوتها، أضف إلى ذلك ، أنها لا تحد بالحدود النسبية و اللونية ، و لا بالحدود القومية و الوطنية ، و لا بالحدود الإقليمية و الجغرافية ،و إنما تتجاوزها بحذافيرها و تشمل أقطار الأرض كلها ، لأنها تهدف إلى إقامة مجتمع بشري عالمي ،يسوده الإخاء و المودة. |
2/ مقومات الأخوة الإسلامية : إذا كان العمران بلا عمود ينهد ،فكذلك الأخوة الإسلامية تصاب بالخروق إذا فقدت الأساس الذي تقوم عليه ،و الذي يمدها بالثبات و الاستقرار،و لو ذهبنا نعدد مقومات هذه الأخوة ،لا نحصيها كثرة ،و لكن سنوجزها في الآتي: أ-المحبة و الولاء: لا يمكن أن تتحقق أخوة الإسلام إلا إذا أحب المسلم أخاه المسلم محبة صادقة تصدر من القلب و الضمير ، فتترجمها الجوارح و الأعضاء ،يسلم عليه إذا لقيه ،و يساعده إذا احتاج إليه ،و يكرمه إذا نزل عنده و يجلب إليه الخير كله ،و يدفع عنه الشر كله ،حتى انه من كثرة حبه له ينزله منزله نفسه ، أو أقرب الناس إليه. الأمثلة على ذلك: مثال من القرآن الكريم ، قوله تعالى : واصفا حال الأنصار مع من هاجر إليهم من مؤمني مكة ((و الذين تبوؤا الدار و الإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم و لا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا و يؤثرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصة)) روى عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه – قال : (لما قدمنا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه و سلم بيني و بين سعد بن الربيع ، فقال سعد لي : أي أخي أنا أكثر أهل المدينة مالا ،فانظر شطر مالي فخذه ،و تحتي امرأتان ، فانظر أيهما أعجب إليك حتى أطلقها ) أي حب أعظم من هذا ، أن يطلق لك أخوك زوجته ، و كريمته حتى تتزوجها و أي إخاء أمتن من أن يشاطرك أخوك ماله و جهده ب -الصبر و احتمال الأذى : المؤمن يصبر محتسبا لما يجده من إخوانه من جفاء و غلظة ،و يتحمل كل ما يلقاه منهم من إساءة و أذى قولي أو فعلي ، حفاظا على الأخوة ، و حرصا على بقائها و استمرارها، فلو ذهب ينتقم من كل من أساء إليه ،ويدفع سيئته بمثلها، ربما لا ينتهي الدور ،خصوصا إذا كان المنتقم ، أضعف من المنتقم منه ، و لا أحد يعينه على قضاء وطره منه ، فيصبح الناس في دوامة العنف و البطش ،و هذا أشد خطورة من مصلحة الانتقام. قال تعالى عن هذا (و لا تستوي الحسنة و لا السيئة ادفع بالتي هي أحسن ، فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه و لي حميم ، و ما يلقاها إلا الذين صبروا و ما يلقاها إلا ذو حظ عظيم)) ج- حفظ السر و ترك الفضيحة ،و المؤمن ستار لعيوب أخيه ،مهما بلغت من الخطورة غايتها ،ما لم يكن مجاهرا بها ،مفتخرا بالتلبس بها ،حتى يصون كرامة أخيه ،و يمنعها من التردي و الانحطاط لو افتضح أمام الناس ، و لذلك قال تعالى : ((إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا و الآخرة و الله يعلم و أنتم لا تعلمون)) و قال صلى الله عليه وسلم : (لا يستر عبد عبدا في الدنيا ، إلا ستره الله يوم القيامة ) ما السر في منع الإسلام إعلان العيوب و إشهارها ؟ لقد منع الإسلام إعلان العيوب و إشهارها ،و اعتبر الإعلان نفسه جريمة أخرى ، منفصلة عن جريمة مرتكب المعايب و الذنوب لأمرين: أ-إتاحة الفرصة للمذنب أن يراجع نفسه و يتوب إلى الله ، فلو افتضح أمره ،و انكشف ذنبه ،فقد ضاع الحياء من وجهه ، و ربما أغراه الافتضاح و التشهير على السير قدما في المعايب و الرذائل. أما لو ظل عيبه مستورا ،فإن الاحتفاظ بسمعته ،و سيرته يبقى قائما لديه ،و لذلك نصح الإسلام بعدم كشف العيب ،فقد روى معاوية –رضي الله عنه –قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : (انك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم ) و روى عقبة ابن عامر –رضي الله عنه –مرفوعا (من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موؤودة ) ب-منع انتشار الفساد في الأرض ، فإعلان العيوب و العورات دون أن يصحبه العقاب ،يفسد الجو الاجتماعي ،و يغري الناس بارتكابها ،و كان ذلك الإعلان بمثابة تنبيه و تعليم للأشرار و كثيرا ما يصرح الفساق بأن ما ارتكبوه من الذنوب ،لم يكن إلا نتيجة لما تعلموه من خلال خبر كتبته صحيفة ، أو بثته إذاعة ، أو عرضه تلفاز ، أو تناقلته ألسنة الناس. حالات يجب ستر العورة فيها ، أوجب الإسلام ستر العورة و العيب في الحالات التالية: أ- الزنا الذي لم يبلغ نصاب الشهود فيه أربعة أشخاص. ب-أن يكون الذنب –من حيث أثره –يخص المذنب و لا يتعداه إلى غيره. ج-أن يكون الإعلان له يؤدي إلى فساد أكبر ،و ضرر أوسع. د-أن يكون الإعلان سببا لإسقاط ثقة الإنسان ،الذي ينتفع الناس بثقته. ه-أن يكون المذنب مستفتيا ،يبحث عن حكم الشرع في ذنبه ،و طريق التوبة منه حالات يجب كشف العورة فيها: و يجب كشف العورة فيما عدا الحالات السابقة و خاصة إذا كان المذنب مجاهرا بذنبه ،عارفا لحكم الله ،و يعقاب عليه حتى لا يتشجع الناس على اقترافه. تميز رابطة الأخوة الإسلامية على غيرها من الروابط: إن رابطة الأخوة الإسلامية عميقة الأثر في كيان الجماعة ، لا تعدلها رابطة أخرى من ال*** أو اللغة أو الوطن ، أو الجوار أو المصلحة المادية المشتركة ، بل إن هذه الروابط مجتمعة ،مهما يكن أثرها الظاهري من كف الأذى ،و بذل المعروف ، تظل روابط سطحية ، لا تزال تتخللها الفجوات و الثغرات ، حتى تشدها رابطة الأخوة الروحية ،و القيم العليا ، فهنا تعود الكثرة وحدة. |
3/ ثمرة الإخاء ، و يمكن تقسيمها إلى قسمين: أ-ثمرة في الدنيا : و هي كالآتي : - الوحدة و الجماعة: فالمسلمون يتحدون بالأخوة ، و يجتمعون عليها ، فهم حقا يتمثل فيهم قوله صلى الله عليه و سلم : (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) - إزالة الفوارق الطبقية و الاجتماعية: فالاخوة الإسلامية تذيب الفوارق النسبية و الامتيازات الطبقية ،لا يفضل أحدهم على آخر إلا بالجد و العمل ، كلهم متساوون في الحقوق و الواجبات ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم )) - النصح و الإرشاد: فالمسلمون إخوة ، يتناصحون فيما يهمهم من أمور الدنيا و الآخرة ،هذا التناصح الذي لم يكن ليحصل ، لولا امتلاء قلوبهم بالحب الصادق لأخوتهم ،و رغبتهم الملحة لجلب المعروف إلى ساحتهم ، و إبعاد المنكر عنها. - تقدم المسلمين في كل مجال وميدان: فإن لهذه الأخوة أثرا كبيرا في نشأة الحضارة، لأنه ما من مجتمع يتفرق أفراده،إلا ويتخلف عن ركب الحضارة تضرب عليه الذلة و المسكنة لعدم التآخي فيه، و بقدر تباعد أفراده و اختلافهم وعدم اتحادهم، يتسرب إليهم الضعف والوهن ،فتذوب قوتهم وتذهب ريحهم، ويصبحون أذلة بعد عزة ب-ثمرته في الآخرة : و هي كالآتي : - الحصول على مرضاة الله بدخول الجنة: فإن المؤمن إذا آخى مؤمنا ،و أحبه ،أدخله الله الجنة لأنه آخى من أمر الله بمؤاخاته ،و أحب من أمر الله بحبه ،و في الحديث : (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ،و لا تؤمنوا حتى تحابوا ،أولا أدلكم على شيء لو فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم ) - الأمن من شدائد يوم القيامة وأهواله: فقد ذكر النبي صلى الله عليه و سلم سبعة أصناف يظلهم الله في ظله ،يوم لا ظل إلا ظله ،و فيه : (و رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه ،و تفرقا عليه ) و المراد بالتظليل ،هو النجاة من دنو الشمس و شدة حرها ،و هذا لا يحصل إلا للإخوة المتحابين. - الفوز بدعوة المؤمنين الصالحين قبل و بعد الموت: و ذلك أن كل مصل ،يدعو في تشهده بهذا الدعاء : (السلام علينا و على عباد الله الصالحين ) و هو دعاء عام ،يصيب كل عبد صالح في السماء و الأرض و الصلاح يتحقق بإتيان كل معروف شرعه الله ،و اجتناب كل منكر نها الله عنه،و من المعروف : أن تحب من وافقك في القصد و التوجه ،و تؤاخي من شاركك في العمل و الأداء. |
المخالفات
الشـــــبكة الاسلامية - قـيم إســلامية الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد .. شرع الله الشرائع وحد الحدود لما فيه سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، وفي التزام حدود الله وعدم تعديها الفضيلة والطهر والعفاف وسمو النفس الإنسانية والترفع عن الرذائل وتجنب الشرور والفساد والأثام، والله تعالى يقول : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) . وفي هذه الرسالة : صور من المخالفات التي ظهرت بين النساء، ولعظم شأن المراء في المجتمع المسلم وحرصا على سلامة الأخت المسلمة من الوقوع فيها أحببنا أن ننبه عليها لتحذرها وتقلع عنها وتتوب إلى الله إذا كانت واقعة في شيء منها، ثم تحذر أخواتها،وتنكر على من تأتي شيئا منها. والله نسأل أن يصلح نيتنا وأعمالنا . مخالفات العقيدة الذهاب إلى السحرة والمشعوذين والكهنة، لمرض أو عين أو فك سحر أو عمل: والرسول صلى الله عليه وسلم حذر من إتيانهم فقال: (من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) السنن الأربع ، بل إن تصديقهم كفر، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، مسلم. زيارة المقابر وشد الرحال لها وخاصة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (لعن الله زورات القبور) مسند أحمد النياحة وضرب الوجوه وشق الجيوب على الأموات، قال : صلى الله عليه وسلم (ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية) متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم (النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب) مسلم. إلحاح بعض النساء على الأزواج لاستقدام خادمة أو مربية غير مسلمة، بل قد يشترطن ذلك عند عقد النكاح، ثم يلقين إليهن مهمة تربية الأطفال، وفي ذلك من العواقب الوخيمة على عقيدة وأخلاق الأطفال ما لا يخفى على ذي عقل. جزع بعض النساء لضر نزل بهن والدعاء على أنفسهن بالموت، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لابد متمنياً ، فليقل: الهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي) متفق عليه. |
مخالفات أركان الإسلام تأخر الصلوات عن أوقاتها، خصوصا عند الخروج والسهر والتأخر في النوم، لما يصحب ذلك من تأخير صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، وقد قال: صلى الله عليه وسلم (إنه أتاني الليلة آتيان، وإنهما ابتعثماني، وإنهما قالا لي: انطلق، وإني انطلقت معهما، وأن أتينا على رجل مضطجع ورجل قائم على رأسه بيده صخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر ها هنا فيتبع الحجر فيأخذه ، فلا يرجع إليه حتى يصبح رأسه كما كان، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى، قال : قلت لهما: سبحان الله ما هذان؟ قالا لي: أما أنا سنخبرك، أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة) البخاري. عدم الاهتمام بإخراج زكاة المال والحلي التي تملكها المرأة وحال عليها الحول وقد بلغت النصاب، والله تعالى يقول: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم، يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كمتم تكنزون) إهمال بعض النساء للزوج والأولاد - بنين وبنات - فيما يقصرون فيه من أداء الفرائض، وعدم النصح لهم والإنكار عليهم، كإهمال الزوج والبنين لأداء الفرائض في المسجد، وكإهمال البنات إذا بلغن المحيض لأداء الفرائض والصيام وغيرها من الواجبات. تخصيص لون معين للإحرام للحج أو العمرة كالأخضر وغيره، وكذلك لبس النقاب والقفازين أثناء الإحرام، قال صلى الله عليه وسلم (لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين) البخاري. مخالفات اللباس والحجاب عدم الالتزام بالحجاب الشرعي الساتر عند الخروج من البيت، ككشف الوجه أو تغطيته بغطاء شفاف، ولبس الملابس الضيقة والقصيرة والمفتوحة، ولبس النقاب والبرقع الذي يظهر منه الحاجب والعينان وبعض الخدين ويظهر زينتها. متابعة الموضة في اللباس والتسريحات وأدوات التجميل، والاهتمامات النسائية، وفي هذا فقدان لهوية المرأة المسلمة وضعف لشخصيتها. مخالفات البيوت والعشرة بين الزوجين استعمال آنية الذهب والفضة، والأكل والشرب فيهما، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما، فإنهما لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) متفق عليه. وذلك لما فيها من الفخر والإسراف وكسر قلوب الفقراء . وضع الصور المجسمة وغير المجسمة على الأرفف والجدران . الاعتراض على تعدد الزوجات ومحاربته، والله تعالى يقول: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمر أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضللا مبينا) . عدم طاعة الزوج والرد عليه بقوة ورفع الصوت في وجه وجحد جميله ومعروفه والشكاية منه دائما بسبب أو بدون سبب، عن عمة حصين بن محصن قالت: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة، فقال: أي هذه! أذات بعل؟ قلت: نعم،قال كيف أنت له؟ قالت ما آلوه، إلا ما عجزت عنه، قال: أين أنت منه؟فإنما هو جنتك ونارك) النسائي . وقال صلى الله عليه وسلم ( لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) . الترمذي وأحمد . تحديد النسل وتقليل الإنجاب لغير ضرورة، مما يؤدي إلى نقص الأمة الإسلامية، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم) أبو داود والنسائي. عدم الاهتمام بتربية الأولاد تربية إسلامية سليمة من الشوائب، كأعياد الميلاد، والملابس التي عليها الصور أو الصلبان، وتعليم الأطفال الموسيقى، وفي الجانب الآخر عدم الحث على الصلوات في المساجد وحفظ القرآن وربط هممهم بنصرة الإسلام. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (… والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها) . إهمال بعض النساء لإدارة شؤون المنزل من نظافة وغسيل وطهي، وإهمال حقوق الزوج من التجمل والتزين والتهيؤ له. طلب الطلاق من الزوج من غير بأس، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة) أبو داود وابن ماجة. تكليف الزوج شراء ما لا يطيق من كماليات وملابس وهدايا لا تلزم . نشر ما يدور بين الزوجين من أحاديث وخلافات وأسرار، خصوصا المتعلقة بالمعاشرة. صيام التطوع دون إذن الزوج، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، أو أن تأذن في بيته إلا بإذنه) البخاري مخالفات الأفراح العزوف عن الزواج للدراسة وغيرها حتى تتأخر ثم تجد نفسها وحيدة لا تجد من يرغب في الزواج منها لكبر سنها. التساهل في اختيار الزوج بغير اعتبار للدين أو الخلق، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه) إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) الترمذي . المغالاة في المهور، وفي الحديث: (خير الصدق أيسره) الحاكم، وأكثر النكاح بركة أيسره مؤونة. الوقوع في البدع المستحدثة في هذا العصر، كإلزام الزوج بما يسمى الشبكة، أو لبس الدبلة المنقوش عليها اسم الزوج، وكذلك تقليد الكفرة فيما يسمى بالتشريعة وهي الثياب البيضاء الطويلة والقفازات، والجوارب البيضاء. ذهاب المرأة للكوفيرات لتزيل شع جسمها حتى وصل الحال إلى كشف أماكم من الجسم لا يحل لأحد أن ينظر لها سوى الزوج . الإصرار على إقامة حفلات الزواج في القصور والفنادق وإنفاق الأموال الكثيرة إلى درجة الإسراف، وإحضار المطربين والمطربات ورفع الصوت بالغناء والموسيقى والصيحات. وضع منصة للعروسين (الكوشة أو المنصة) وظهور الزوج والزوجة أمام غير المحارم من الأقارب رجل ونساء وتهنئتهما بالمصافحة وما يكون من الرقص والتصوير الفوتوغرافي أو بكاميرات الفيديو . مخالفات الخروج والسفر والاختلاط وضع الطيب أو العطر أو البخور الذي يشمه الرجال عند خروجها،والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (أيهما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية) أبو داود والنسائي. ركوب المرأة مع السائق الأجنبي (غير المحرم) والخلوة معه وعدم التحجب عنه وكأ،ه من محارمها، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلوه أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم) متفق عليه. كثرة الخروج من البيت والذهاب إلى الأسواق ، والله تعال يقول: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) . الاختلاط بالرجال الأجانب من أقارب المرأة أو أقارب الزوج أو غيرهم، والتساهل بالمزاح معهم ومصافحتهم، وإظهار الزينة أمامهم، وعدم التستر عندهم قال: صلى الله عليه وسلم (إياكم والدخول على النساء) فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو يا رسول الله ، قال: (الحمو الموت) متفق عليه. تساهل بعض النساء ف العلاج عند الأطباء وكشف ما لا يجوز بغير ضرورة قصوى لذلك. سفر المرأة بدون محرم سواء بالسيارة أو الطائرة أو غيرهما، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم) متفق عليه. خروج بعض النساء للعمل الذي يفضي إلى محرم كإهمال الزوج والأبناء أو ترك الفرائض أو الاختلاط أو إهمال الخادمة . مخالفات عامة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتنا صح في الأوساط النسائية، والله تعالى يقول: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم) عقوق الوالدين برفع الصوت عليهما أو نهرهما وعدم طاعتهما، والله تعالى يقول: (فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما) انتشار آفات اللسان من غيبة ونميمة وغيرهما. إهمال غض البصر، وكأن الله أمر به الرجل دون النساء، وقد قال تعال: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصرهن ويحفظن فروجهن) وإطلاق العنان للنظر للأجانب وخصوصا على شاشات التلفاز وغيرها مما يسبب الفتنة. أن تنظر المرأة إلى المرأة فتصفها لأحد محارمها بغير غرض شرعي كالنكاح، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تباشر المرأة المرأة فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها) متفق عليه . فعل بعض المحرمات التي تؤدي إلى اللعن من الله، قال صلى الله عليه وسلم (لعن اله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله) متفق عليه وقال صلى الله عليه وسلم (لعن الله الواصلة والمستوصلة) . الخضوع بالقول، ولين الكلام مع الرجال الأجانب، وهذا حرام ويكثر هذا عند الكلام بالهاتف مما يؤدي إلى المعاكسات ووقوع الساذجات فريسة سهلة للذئاب البشرية. غرور وكبر بعض النساء لحسن منظرهن أو لارتدائهن للملابس أو الحلي غالية الثمن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) مسلم. عدم التزود من الطاعات فبعض النساء هداهن الله لا يعرفن القرآن إلا في رمضان وبعضهن لا يعرفن صلاة الوتر وصلاة الضحى ولا يحافظن على السنن الرواتب. بعض النساء هداهن الله قد يقمن بصبغ شعرهن بالسواد وتغيير الشيب به بدلا من الحناء والكتم، وقد قال: صلى الله عليه وسلم (يكون في آخر الزمان قوم يخضيون بالسواد، كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة) أبو داود والنسائي. مخالفة سنة من سنن الفطرة وهي تقليم الأظافر فتجد إحداهن تطيل أظافرها ثم تضع عليها صبغا يعرف باسم (المناكير) وهذا الصبغ يمنع وصول الماء إلى الأظافر ثم تأتي من وضعته لتتوضأ وتصلي فتبطل صلاتها لأن وضوءها غير صحيح حيث إن الماء لم يصل إلى الأظافر، فإن كان لابد من وضعه فيجب على المرأة أن تزيله قبل الوضوء. اتخاذ المرأة صديقات سوء يحثونا على التساهل في حقوق الله عليها والتفريط في المحافظة على شرفها وكرامتها وإيقاعها فيما لا تحمد عقباه.. تجاوز مدة الحداد على الميت أكثر من ثلاث ليال ما لم يكن المتوفى هو زوجها، قال: صلى الله عليه وسلم (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا) متفق عليه. عدم التقيد بشروط الحداد وتجنب لبس الزينة والحلي والخضاب والكحل والطيب ونحو ذلك وأن لا تخرج من بيتها إلا لضرورة، ولا يشترط عليها لبس السواد فإن ذلك لا أصل له وهو أمر باطل ومذموم. |
الشـــــبكة الاسلامية - قـيم إســلامية التفكر تفكر ساعة أفضل من عبادة سنة عن عطاء بن رباح قال: دخلت مع ابن عمر وعبيد بن عمير على عائشة رضي اللَّه تعالى عنها فسلمنا عليها فقال ابن عمر : حدثينا بأعجب ما رأيت من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؟ فقالت:كل أمره عجيب غير أنه أتاني في ليلتي فدخل معي في فراشي حتى ألصق جلده بجلدي فقال يا عائشة : أتأذنين لي أن أتعبد ربي؟ قلت والله إني لأحب قربك ولأحب هواك فقام إلى قربة فتوضأ منها ثم قام فبكى وهو قائم حتى بلغت الدموع حجره، ثم اتكأ على شقه الأيمن ووضع يده اليمنى تحت خده الأيمن فبكى حتى رأيت الدموع بلغت الأرض ثم أتاه بلال بعد ما أذن الفجر فلما رآه يبكي قال : لم تبكي يا رسول اللَّه وقد غفر اللَّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال يا بلال : أفلا أكون عبداً شكورا ومالي لا أبكي وقد نزلت عليّ الليلة -{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} - إلى قوله -{فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}- ثم قال: ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها" وروى عن عامر بن قيس أنه قال: أكثر الناس فرحاً في الآخرة أطولها حزناً في الدنيا، وأكثر الناس ضحكاً في الآخرة أكثرهم بكاء في الدنيا، وأخلص الناس إيماناً يوم القيامة أكثرهم تفكراً في الدنيا. و روى هذا الخبر أيضاً مرفوعاً عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشرّ ولهم بذلك أجر، ومن الناس ناساً مفاتيحاً للشر مغاليق للخير وعليهم بذلك إصر - يعني إثم كبير- طوبى لمن جعل مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، وتفكر ساعة لي خير من قيام ليلة" وروى الأعمش عن عمرو بن مرة "أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مرّ بقوم يتفكرون فقال لهم: تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق". وروى هشام ابن عروة عن أبيه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال " إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول من خلق السموات؟ فيقول اللَّه تعالى، فيقول من خلق الأرض؟ فيقول اللَّه تعالى، فيقول من خلق الله؟ فإذا أحس أحدكم من ذلك شيئاً فليقل آمنت بالله وبرسوله" وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "تفكر ساعة أفضل من عبادة سنة". وقال مكحول الشامي رحمه الله: من أوى إلى فراشه ينبغي أن يتفكر فيما صنع في يومه ذلك فإن كان عمل فيه خيرا يحمد اللَّه تعالى على ذلك وإن عمل ذنبا استغفر اللَّه منه ورجع عن قريب، فإن لم يفعل كان كمثل التاجر الذي ينفق ولا يحسب حتى يفلس ولا يشعر. جماعة من العلماء رفعوا الحديث إلى خالد بن معدان قال "قلت لمعاذ بن جبل حدثني بحديث سمعته عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثم حفظته وذكرته كل يوم من وقت ما حدثك به، فبكى معاذ رضي اللَّه تعالى عنه حتى قلت إنه لا يسكت، ثم سكت ثم قال: فداك أبي وأمي يا رسول الله، حدثني وأنا رديفه فرفع بصره إلى السماء فقال الحمد لله الذي يقضي في خلقه بما أحب، ثم قال: يا معاذ قلت لبيك يا رسول اللَّه إمام الخير ونبي الرحمة، فقال أحدثك حديثاً ما حدث به نبي أمته إن حفظته نفعك وإن سمعته ولم تحفظه انقطعت حجتك عند اللَّه يوم القيامة ثم قال: إن اللَّه تعالى خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السموات والأرض لكل سماء ملك وجعل لكل باب منها بواباً منهم فتكتب الحفظة عمل العبد من حين يصبح حتى يمسيثم يرفع وله نور كنور الشمس حتى إذا بلغ سماء الدنيا فيزكيه ويكثره فيقول الملك: قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه وقل له لا غفر اللَّه لك أنا صاحب الغيبة وهو يغتاب المسلمين ولا أدع عمله أن يجاوزني إلى غيري قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد وله نور وضوء حتى ينتهي به إلى السماء الثانية فيقول الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه وقل له لا غفر اللَّه لك إنه أراد بهذا العمل غرض الدنيا وأنا صاحب عمل الدنيا لا أدع عمله أن يجاوزني إلى غيري. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجاً به بصدقة وصلاة كثيرة فتعجب الحفظة فيتجاوزون إلى السماء الثالثة فيقول الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه وقل له لا غفر اللَّه لك أنا صاحب الكبر إنه من عمل وتكبر على الناس في مجلسهم فقد أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد وهو يزهو كما تزهو النجوم بتسبيح وصوم فتمرّ به إلى السماء الرابعة فيقول له الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه وقل له لا غفر اللَّه لك أنا ملك صاحب العجب بنفسه إنه من عمل عملاً وأدخل فيه العجب فقد أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري فيضرب بالعمل وجهه فيلعنه ثلاثة أيام. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد مع الملائكة كالعروس المرفوقة إلى زوجها فتمرّ به إلى ملك السماء الخامسة بالجهاد والصلاة بين الصلاتين فيقول الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه واحمله على عاتقه إنه كان يحسد من يتعلم ويعمل لله فهو يحسدهم ويقع فيهم فيحمله على عاتقه وتلعنه حفظته ما دام هو في الحياة. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد بوضوء تام وقيام ليل وصلاة كثيرة فيمر إلى السماء السادسة فيقول الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه أنا ملك صاحب الرحمة إن صاحبك لم يرحم شيئاً فإذا أصاب عبد من عباد اللَّه ذنباً أو ضراً شمت به وقد أمرني ربي أن لا يجاوزني عمله إلى غيري. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد بصدق واجتهاد وورع له ضوء كضوء البرق فتمرّ به إلى ملك السماء السابعة فيقول الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه واقفل عليه قلبه أنا ملك الحجاب أحجب كل عمل ليس لله تعالى وأنه أراد به الرفعة وذكرا في المجالس وصيتاً في المدائن وقد أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به من خلق حسن وصمت وذكر كثير، وتشبعه ملائكة السموات حتى ينتهوا إلى تحت العرش فيشهدون له فيقول اللَّه تعالى: أنتم الحفظة على عمل عبدي وأنا الرقيب على ما في نفسه إنه لم يرد بهذا العمل وجهي وأراد غيري فعليه لعنتي فتقول الملائكة كلهم عليه لعنتك ولعنتنا، وتقول أهل السماء عليه لعنة اللَّه ولعنة سبع سموات وأرضين ولعنتنا، ثم بكى معاذ رضي اللَّه تعالى عنه وقال: قلت يا رسول اللَّه ما أعمل؟ قال : اقتد بنبيك يا معاذ وعليك باليقين وإن كان في عملك تقصير، واقطع لسانك عن إخوانك، ولتكن ذنوبك عليك ولا تحملها على إخوانك ولا تزك نفسك بتذميم إخوانك، ولا ترفع نفسك بوضع إخوانك، ولا تراء بعملك الناس" والله الموفق. |
الشـــــبكة الاسلامية - قـيم إســلامية النهى عن الربا يأتي على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "ليلة أسرى بي سمعت في السماء السابعة فوق رأسي رعدا وصواعق وسمعت برقا، ورأيت رجالا بطونهم بين أيديهم كالبيوت فيها حيات ترى من ظاهر بطونهم فقلت يا جبريل من هؤلاء؟ فقال أكلة الربا. وروى عن عطاء الخراساني أن عبد اللَّه بن سلام قال: الربا اثنا وسبعون حوباً: يعني إثماً، وأصغرها حوبا كمن أتى أمه في الإسلام، ودرهم من الربا شر من بضع وثلاثين زنية. قال: ويأذن اللَّه تعالى بالقيام للبر والفاجر يوم القيامة إلا آكل الربا فإنه لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس: يعني كالمجنون كلما قام سقط. وعن الحارث عن عليّ رضي اللَّه تعالى عنهما أنه قال "لعن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه، والواشمة والمستوشمة، والمحلل والمحلل له، ومانع الصدقة". وروى عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ما يكسب العبد مالا من الحرام فيتصدق به فلا يؤجر عليه ولا ينفق منه فلا يبارك له فيه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار". وعن أبي رافع قال: بعث خلخال فضة من أبي بكر الصديق رضي اللَّه تعالى فوضع الخلخال في كفة والدراهم في كفة فكان الخلخال أثقل منها يسيرا فأخذ مقراضا فقال الزيادة لك يا خليفة رسول اللَّه قال: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول "الزائد والمستزيد في النار". وروى أبو سعيد الخدري وعبادة بن الصامت وأبو هريرة وغيرهم عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "الفضة بالفضة مثلا بمثل والفضل ربا، والحنطة بالحنطة مثل بمثل والفضل ربا،وذكر الشعير والتمر والملح ثم قال: فمن زاد أو استزاد فقد أربى". وعن ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه قال:كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الربا. ويقال ما ظهر الزنى وأكل الربا في بلد إلا خرب. وعن علي بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: من اتجر قبل أن يتفقه في الدين فقد ارتطم بالربا ثم ارتطم ثم ارتطم: يعني غرق فيه. قال عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه: لا يبيعن في أسواقنا هذه قوم لم يتفقهوا في الدين ولم يوفوا الكيل والميزان وعن ليث عن عبد الرحمن بن سابط قال: إنما يؤذن في هلاك القرن إذا استحلوا أربعا: إذا نقصوا الميزان، وبخسوا المكيال، وأظهروا الزنى، وأكلوا الربا، لأنهم إذا أظهروا الزنى أصابهم الوباء، وإذا نقصوا الميزان وبخسوا المكيال منعوا القطر، وإذا أكلوا الربا جرد عليهم السيف. وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "يأتي على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا، قيل يا رسول اللَّه كلهم يأكلون الربا؟ قال من لم يأكل منه يصيبه من غباره" يعني يصيبه من إثمه لأنه يعين على ذلك فيكون شاهدا أو كاتباً أو راضياً بفعله فله حظ من الفعل فينبغي للتاجر أن يتعلم من العلم مقدار ما يحتاج إليه لتجارته لكيلا يأكل الربا، وينبغي أن يجتهد في الكيل والوزن لأن اللَّه تعالى شدد في أمر الكيل والوزن، وأوعد الوعيد الشديد فقال تعالى {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} يعني الشدة من العذاب، ويقال ويل واد في جهنم للذين ينقصون ويخونون في الكيل والوزن {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} - يعني يكتالون من الناس يستوفون - يعني حقهم تاما {وَإِذَا كَالُوهُمْ} يعني إذا كالوا الناس {أَوْ وَزَنُوهُمْ} يعني لهم {يُخْسِرُونَ} يعني ينقصون، ثم قال تعالى {أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ} يعني ألا يعلم هؤلاء الذين يخونون في الكيل والوزن {أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ} ليوم القيامة {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} يعني هوله عظيم. فاعتبر يا ابن آدم فإن اليوم الذي سماه اللَّه عظيما كيف يكون حاله أي يكون وأي هيبة وأي خوف أعظم منه {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ} يعني يقفون بين يدي اللَّه تعالى ويسألهم عن قليل وكثير ويقرأ في كتابه - ووجدوا ما عملوا حاضرا بين يدي اللَّه تعالى ويسألهم عن قليل وكثير ويقرأ في كتابه {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} فطوبى لمن عدل في الدنيا في حقوق الناس وويل لمن لم يعدل في حقوق الناس. وروى عن عمر رضي اللَّه تعالى عنه أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال "إن العدل ميزان اللَّه تعالى في الأرض فمن أخذه قاده إلى الجنة، ومن تركه ساقه إلى النار " واعلم أن العدل يكون من السلطان في رعيته ويكون من الرعية فيما بينهم، فعليكم بالعدل لتنجوا من العذاب الأليم. |
الشـــــبكة الاسلامية - قـيم إســلامية النفقة على العيال من سعى على عياله ليعفهم فهو في سبيل الله عن أيوب قال "نبئت أن أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم كانوا في منزل لهم فأشرف عليهم رجل فأعجبهم شبابه وقوّته فقالوا لو أن هذا جعل شبابه وقوّته في سبيل اللَّه تعالى فسمع بذلك النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال: أو ما في سبيل اللَّه إلا كل من قاتل أو غزا؟ من سعى على نفسه ليعفها فهو في سبيل الله ومن سعى على والديه ليعفهما فهو في سبيل الله ومن سعى على عياله ليعفهم فهو في سبيل الله ومن سعى مكاثراً فهو في سبيل الشيطان". عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "أفضل الدينار دينار ينفقه الرجل على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله" قال أبو قلابة: بدأ بالعيال وأي رجل أعظم أجراً من رجل يسعى على عياله الصغار. وعن أبي سلمة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "إنما الصدقة عن ظهر غني، واليد العليا خير من اليد السفلى وأبدأ بمن تعول". عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنهما فذكر أنه سمع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول "إن اللَّه عز وجل قد ضمن دين العبد إذا استدان في ثلاثة: أحدها من قبل النكاح مخافة الفجور ثم لم يقدر على قضائها حتى مات فقد ضمن اللَّه دينه أن يقضى عنه يوم القيامة والثاني دينه لإعانة المسلمين ليخرج إلى الغزو والثالث إذا استدان لكفن الميت فإن اللَّه تعالى يرضى خصماءه يوم القيامة" و أضاف الحسن البصري رحمه اللَّه تعالى ضمن اللَّه تعالى مع هؤلاء رجلاً استدان لينفق على عياله واجتهد على قضائه فلم يبلغ حتى مات لم يكن بين خصمائه وبينه خصومة يوم القيامة. وروى أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: إن في السماء ملكين ما لهما عمل إلا يقول أحدهما: " اللهم أعط لمنفق خلفا "، ويقول الآخر: " اللهم عجل لممسك تلفا" وروى مكحول رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "من طلب الدنيا حلالا استعفافا عن المسألة وسعياً على عياله وتعطفا على جاره جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر، ومن طلب الدنيا حلالا مكاثرا مفاخرا مرائياً لقي اللَّه يوم القيامة وهو عليه غضبان". عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه قال " قلت يا رسول اللَّه رغيف أتصدق به أحب إليك أم مائة ركعة تطوّعا؟ قال رغيف تتصدق به أحب إلي من مائتي ركعة تطوعا، قلت يا رسول اللَّه قضاء حاجة المسلم أحب إليك أم مائة ركعة تطوّعا؟ قال قضاء حاجة المسلم أحب إليّ من ألف ركعة تطوّعا. قال: قلت: قلت ترك لقمة من الحرام أحب إليك أم ألف ركعة تطوّعا قال ترك لقمة من حرام أحب إليّ من ألفي ركعة تطوّعا. قال: قلت يا رسول اللَّه ترك الغيبة أحب إليك أم ألف ركعة تطوّعا؟ قال ترك الغيبة أحب إليّ من عشرة آلاف ركعة تطوّعا؟ قال: قلت يا رسول اللَّه قضاء حاجة الأرملة أحب إليك أم عشرة آلاف ركعة تطوّعا؟ قال قضاء حاجة الأرملة أحب إليّ من ثلاثين ألف ركعة تطوّعا. قال: قلت يا رسول اللَّه الجلوس مع العيال أحب إليك أم الجلوس في المسجد، قال الجلوس ساعة عند العيال أحب إليّ من الاعتكاف في مسجدي هذا. قال: قلت يا رسول اللَّه النفقة على العيال أحب إليك أم النفقة في سبيل الله؟ قال درهم ينفقه الرجل على العيال أحبّ إليّ من ألف دينار ينفقه في سبيل الله. قال: قلت يا رسول اللَّه برّ الوالدين أحب إليك أن عبادة ألف سنة؟ قال يا أنس جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا فبرّ الوالدين أحب إليّ من عبادة ألفي ألف سنة". عن أبي كبشة الأنماري قال (ضرب لنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مثل الدنيا كمثل أربعة رجال : رجل أتاه اللَّه علماً وأتاه مالاً فهو يعمل بعلمه في ماله، ورجل آتاه اللَّه علماً ولم يؤته مالاً فيقول لو أن اللَّه تعالى آتاني مثلما آتى فلاناً لفعلت فيه مثلما يفعل فهما في الأجر سواء، ورجل آتاه اللَّه مالاً ولم يؤته علماً فهو يمنعه من حقه وينفقه في الباطل، ورجل لم يؤتيه مالاً ولم يؤته علماً فيقول لو أن اللَّه تعالى آتاني مثلما آتى فلاناً لفعلت فيه مثلما يفعل، فهما في الوزر سواء). عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "إن في الجنة لغرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها قيل ومن سكانها يا رسول الله؟ قال الذين يطعمون الطعام ويطيبون الكلام ويديمون الصيام ويفشون السلام ويصلون بالليل والناس نيام، قالوا يا رسول اللَّه إن هؤلاء أهل لذلك، ومن يطيق ذلك؟ قال فمن قال سبحان اللَّه والحمد لله ولا إله إلا اللَّه والله أكبر فقد أطاب الكلام، ومن أطعم أهله فقد أطعم الطعام، ومن صام رمضان فقد أدام الصيام، ومن لقى أخاه فسلم عليه فقد أفشى السلام، ومن صلى العشاء الآخرة والفجر فقد صلى بالليل والناس نيام" والله سبحانه تعالى أعلم. |
قـيم إســلامية الطهارة و النظافة فيه رجال يحبون أن يتطهروا، والله يحب المطهرين قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "عليكم بالسواك فإن فيه عشر خصال: مطهرة للفم ومرضاة للرب ومفرحة للملائكة ومجلاة للبصر ويبيض الأسنان ويشدّ اللثة ويذهب الحفر ويهضم الطعام ويقطع البلغم وتضاعف به الصلوات ويطيب النكهة، وهو طريق القرآن" و عن النبى صلى الله عليه و سلم قال "الوضوء شطر الإيمان والسواك شطر الوضوء ولولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، وركعتان يستاك فيهما العبد أفضل من سبعين ركعة لا يستاك فيها". عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "خمس من الفطرة: قص الشارب وتقليم الأظافر وحلق العانة ونتف الإبط والسواك". قال ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما: السواك بعد الطعام أفضل من وصيفتين وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "لا يزال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه، ولا يزال يوصيني بالمماليك حتى ظننت أنه يجعل لعتقهم وقتا، ولا يزال يوصيني بالسواك حتى ظننت أنه يدردني: يعني يذهب اللثة، ولا يزال يوصيني بالنساء حتى ظننت أنه يحرم الطلاق، ولا يزال يوصيني بصلاة الليل حتى ظننت أن خيار أمتي لا ينامون بالليل". وروى عن الأعمش عن مجاهد قال "أبطأ جبريل على النبي صلى اللَّه عليه وسلم ثم أتاه فقال ما حبسك يا جبريل؟ قال وكيف نأتيكم وأنتم لا تقلمون أظفاركم ولا تأخذون من شواربكم ولا تنقون براجمكم ولا تستاكون ثم قال: وما نتنزل إلا بأمر ربك". وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "حق على كل مسلم الغسل يوم الجمعة والسواك والطيب" وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "أنه لما دخل الجنة ليلة أسرى به إلى السماء استقبله الحور العين فقلن يا محمد قل لأمتك حتى يستاكوا فكلما استاكوا ازددنا حسناً". وروى ابن شهاب عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "من قلم أظفاره يوم الجمعة كان له أماناً من الجذام". وروى في بعض الأخبار أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم وقت في كل أربعين يوماً حلق العانة وفي كل جمعة قص الأظفار" وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "طيبوا أفواهكم فإن أفواهكم طرق القرآن". و قيل ان السواك على ثلاثة أوجه: إما أن يريد به وجه اللَّه تعالى وإقامة السنة، وإما أن يريد به نفع نفسه، وإما أن يريد به وجه الناس، فإن أراد به وجه اللَّه تعالى وإقامة السنة فهو مأجور وكل صلاة تعدل سبعين كما جاء في الخبر وإن أراد به منفعة نفسه فلا أجر له وهو محاسب به وإن أراد به الرياء فهو محاسب به آثم وعن طاوس عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما في قوله تعالى {وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} قال: ابتلاه بطهارة خمس في الرأس وخمس في الجسد فأما التي في الرأس: فقص الشارب والمضمضمة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس . وأما التى في الجسد: تقليم الأظافر والختان ونتف الإبط وحلق العانة والاستنجاء بالماء. |
قـيم إســلامية الصدق ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّه وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) عن عبد اللَّه ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال"عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند اللَّه صديقاً، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند اللَّه كذابا" عن أبي هريرةَ رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خانَ" زاد في رواية "وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أنَّهُ مُسْلِمٌ" قال عبد اللَّه رضي اللَّه تعالى عنه: وأنزل اللَّه تعالى تصديق ذلك في كتابه قوله تعالى {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّه لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ} إلى قوله: {وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} عن مالك عن صفوان بن سليم أنه قال " قيل يا رسول اللَّه : أيكون المؤمن جبانا؟ قال : نعم فقيل له : أيكون المؤمن بخيلا؟ قال : نعم قيل له : أيكون المؤمن كذابا؟ قال لا " عن عبادة ابن الصامت رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال"أضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم". و قد جمع النبي صلى اللَّه عليه وسلم جميع الخيرات في هذه الأشياء وهي ستة. وروى عن حذيفة بن اليمان رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: إن الرجل كان يتكلم بالكلمة على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فيصير بها منافقا، وإني لأسمعها من أحدكم في اليوم عشر مرات: يعني الرجل إذا كان يكذب كان ذلك دليلاً على نفاقه. فالواجب على المسلم أن يمنع نفعه من علامات المنافقين، فإن الرجل إذا تعوّد الكذب يكتب عند اللَّه منافقا ويكون عليه وزره ووزر من اقتدى به. عن سمرة بن جندب قال "كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا صلى الغداة أقبل علينا بوجهه فقال لأصحابه: هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا فيقص عليه ما شاء اللَّه أن يقص رؤياه عليه، وإنه قال لنا ذات غداة: هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا؟ فقلنا لا قال لكني أنا رأيت الليلة: إنه أتاني اثنان وإنهما أخذا بيدي فقالا لي انطلق، فانطلقت معهما فأخرجاني إلى أرض مستوية فأتينا على رجل مضطجع وآخر قائم عليه بصخرة فإذا هو يهوي بالصخرة على رأسه فيثلغ بها رأسه فيتدهده الحجر، فيتبعه ويأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان فيعود عليه بمثل ذلك، فقلت سبحان اللَّه ما هذا؟ فقالا لي انطلق، فانطلقت معهما حتى أتينا على رجل مستلق على قفاه وإذا آخر قائم عليه بكلّوب من حديد فإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشق شدقه حتى يبلغ إلى قفاه ومنخره، ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ذلك فلا يفرغ منه حتى يصح الجانب الأوّل كما كان فيعود إليه فيفعل به مثل ذلك. قال: قلت سبحان اللَّه ما هذا؟ قالا لي انطلق، فانطلقت حتى انتهينا على بناء رأسه مثل التنور وأسفله واسع. قال: فاطلعت فإذا فيه رجال ونساء عراة فإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أوقد ارتفعوا حتى يكادوا أن يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها فلما جاءهم ذلك اللهب صوّتوا: يعني صاحوا، فقلت سبحان اللَّه ما هؤلاء؟ قالا لي انطلق فانطلقنا حتى أتينا على نهر معترض فيه ماء أحمر مثل الدم فإذا فيه رجل يسبح وإذا على شاطئ النهر رجل قد جمع حجارة كثيرة قال فيأتيه السابح فيفغر: "أي يفتح" له فاه فيلقمه حجرا. قال: قلت سبحان اللَّه ما هذا؟ فقالا لي انطلق، فأتينا على رجل فإذا هو حوله نار عظيمة يهشها ويسعى حولها فقلت سبحان اللَّه ما هذا؟ فقالا لي انطلق، فانطلقنا فأتينا على روضة فيها من كل نَور الربيع فإذا بين ظهرني الروضة رجل طويل وإذا حول ذلك الرجل ولدن كثيرة من أكثر ما رأيتم قط فقلت سبحان اللَّه ما هذا؟ قالا لي انطلق، فانطلقنا حتى انتهينا إلى دوحة عظيمة لم أر دوحة أعظم ولا أحسن منها فارتقينا فيها فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن من ذهب ولبن من فضة، فاستفتحنا باب المدينة ففتح لنا فدخلنا فيها فأخرجاني منها فأدخلاني دارا هي أحسن منها وأفضل، فبينما اصعّد بصري فإذا قصر أبيض كأنه ربابة بيضاء . قالا: ذلك منزلك. قلت ألا أدخله؟ قالا: أما الآن فلا وأنت داخله ثم قلت إني رأيت هذه الليلة عجبا فما الذي رأيته؟ قالا: أمّا الأول الذي رأيته يثلغ رأسه بالحجر فإنه رجل يأخذ القرآن ثم يرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة وأمّا الذي يشق شدقه إلى قفاه فإنه رجل يخرج من بيته فيكذب الكذبة فتبلغ الآفاق. وأمّا الذي رأيته مثل التنور فإنهم الزناة والزواني. وأما الذي يسبح في البحر فهو آكل الربا. وأما الذي يسعى حول النار فإنه مالك خازن النار "أي جهنم" وأما الرجل الطويل الذي رأيته في الروضة فإنه إبراهيم عليه السلام: وأما الولدان الذين حوله فكل مولود ولد على الفطرة وأما الدار التي دخلت أوّلا فدار عامة المؤمنين. وأما الدار الأخرى فدار الشهداء وأنا جبريل وهذا ميكائيل، فقال رجل : وأولاد المشركين؟ قال وأولاد المشركين أيضاً يكونون عند إبراهيم عليه الصلاة والسلام" وقد جاء في أطفال المشركين أخبار مختلفة. قال بعضهم: يكونون خدماً لأهل الجنة، وبعضهم من أهل النار والله تعالى أعلم. و قد ذكر ناس من أصحاب عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: "أصدق الحديث كلام الله، وأشرف الحديث ذكر الله، وشر العمى عمى القلب، وما قلّ وكفى خير مما أكثر وألهى، وشر الندامة ندامة يوم القيامة، وخير الغنى عنى النفس، وخير الزاد التقوى، والخمر جماع الإثم، والنساء حبائل الشيطان، والشباب شعبة من الجنون، وشر المكاسب كسب الربا، وأعظم الخطايا اللسان الكذوب". و عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: "الكذب لا يصلح إلا في ثلاث: في الحرب لأن الحرب خدعة. والرجل يصلح به بين اثنين، والرجل يصلح به بينه وبين امرأته". وروى عن بعض التابعين أنه قال: أعلم أن الصدق زين الأولياء، وأن الكذب علامة الاشقياء كما بين اللَّه تعالى في كتابه قال اللَّه تعالى {هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّه وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ. وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ المُتَّقُونَ. لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} وقد ذم الكاذبين ولعنهم فقال عز من قائل {قُتِلَ الخَرَّاصُونَ} يعني لعن الكذابون {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّه الكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ}. |
قـيم إســلامية الصبر على البلاء و الشدة ما يصيب المؤمن مصيبة حتى شوكة فما فوقها إلا حط اللَّه عنه بها خطيئة عن عبد الله بن عباس، انه حدثه انه، ركب خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا غلام اني معلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك واذا سألت فلتسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله واعلم ان الامة لو اجتمعوا على ان ينفعوك لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على ان يضروك لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الاقلام وجفت الصحف " و عن علي كرم اللَّه وجهه أنه قال: أيها الناس احفظوا عني خمساً، احفظوا عني اثنتين واثنتين وواحدة. ألا لا يخافنّ أحد منكم إلا ذنبه ولا يرجو إلا ربه، ولا يستحي منكم أحد إذا لم يعلم أن يتعلم ولا يستحي أحد منكم إن سئل وهو لا يعلم أن يقول لا أعلم. واعلموا أن الصبر من الأمور بمنزلة الرأس من الجسد فإذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد وإذا فارق الصبر الأمور فسدت الأمور ثم قال رضي اللَّه تعالى عنه: ألا أدلكم على الفقيه كل الفقيه؟ قالوا بلى يا أمير المؤمنين قال من لم يؤيس الناس من روح الله، ومن لم يقنط الناس من رحمة اللَّه تعالى، ومن لم يؤمن الناس من مكر الله، ومن لم يزين للناس معاصي الله، ولا ينزل العارفين الموحدين الجنة، ولا ينزل العاصين المذنبين النار حتى يكون الرب هو الذي يقضي بينهم، لا يأمنن خير هذه الأمة من عذاب الله، والله سبحانه وتعالى يقول: {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّه إِلاَّ القَوْمُ الخَاسِرُونَ} ولا ييأس شرّ هذه الأمة من روح الله، والله عز وجل يقول: {إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّه إِلاَّ القَوْمُ الكَافِرُونَ}. عن يزيد الرقاشي قال: إذا دخل الرجل القبر قامت الصلاة عن يمينه والزكاة عن شماله والبرّ يطل عليه، والصبر يحاجّ عنه يقول: دونكم صاحبكم فإن حججتم وإلا فأنا من ورائه: يعني إن استطعتم أن تدفعوا عنه العذاب وإلا أنا أكفيكم ذلك وادفع عنه العذاب، ففي هذه الأخبار دليل على أن الصبر أفضل الأعمال والله تعالى يقول {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} وروى عن أبي ورّاد عن محمد بن مسلمة يرفعه إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم " أن رجلاً قال يا رسول اللَّه : ذهب مالي وسقم جسمي، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم "لا خير في عبد لا يذهب ماله ولا يسقم جسمه إن اللَّه إذا أحب عبداً ابتلاه وإذا ابتلاه صبره" وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "إن الرجل لتكون له الدرجة عند اللَّه لا يبلغها بعمله حتى يبتلى ببلاء في جسمه فيبلغها بذلك". وروى في الخبر "أنه لما نزل قوله تعالى {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} قال أبو بكر رضي اللَّه تعالى عنه: يا رسول اللَّه كيف الفرح بعد هذه الآية؟ فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم:غفر اللَّه لك يا أبا بكر، ألست تمرض، أليس يصيبك الأذى أليس تنصب أليس تحزن؟فهذا مما تجزون به" يعني أن جميع ما يصيبك يكون كفارة لذنوبك. وروى عن علي بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: لما نزلت هذه الآية خرج علينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وقال: قد أنزلت علي آية هي خير لأمتي من الدنيا وما فيها، ثم قرأ هذه الآية {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} ثم قال: إن العبد إذا أذنب ذنباً فتصيبه شدة أو بلاء في الدنيا فالله أكرم من أن يعذبه تاليا". و اعلم أخى الكريم أن العبد لا يدرك منزلة الأخيار، إلا بالصبر على الشدة والأذى، وقد أمر اللَّه تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام بالصبر فقال {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا العَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ} وروى عن خباب بن الأرتّ رضي اللَّه تعالى عنه قال" أتينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو متوسد بردائه في ظل الكعبة فشكونا إليه.. فقلنا يا رسول اللَّه ألا تدعو اللَّه ألا تستنصر اللَّه لنا
وروى عن حميد عن أنس رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل الأرض فيغمس في النار غمسةً فيخرج أسود محترقاً فيقال له: هل مرّ بك نعيم قط إذ كنت فيها؟ فيقول لا لم أزل في هذا البلاء منذ خلقني، ويؤتى بأشد أهل الدنيا بلاء فيغمس في الجنة غمسه: يعني يدخل فيها ساعة، فيخرج كأنه القمر ليلة البدر، فيقال له هل مر بك شدة قط فيقول لا لم أزل في هذا النعيم منذ خلقني". وروى عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "أوّل من يدعى إلى الجنة الحمادون الذين يحمدون اللَّه على السراء والضراء". فالواجب على العبد أن يصبر على ما يصيبه من الشدة ويعلم أن ما دفع اللَّه عنه من البلاء أكثر مما أصابه ويحمد اللَّه تعالى على ذلك، وينبغي للعبد أن يقتدي بنبيه صلى اللَّه عليه وسلم وينظر إلى صبره على أذى المشركين عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما قال: "شكا نبيٌ من الأنبياء إلى ربه فقال : يا رب العبد المؤمن يطيعك ويجتنب معاصيك تزوى عنه الدنيا وتعرض له البلاء، ويكون العبد الكافر لا يطيعك ويجترئ على معاصيك تزوى عنه البلاء وتبسط له الدنيا؟ فأوحى اللَّه تعالى إليه : إن العباد لي والبلاء لي وكل يسبح بحمدي، فيكون المؤمن عليه من الذنوب فأزوى عنه الدنيا وأعرض له البلاء فيكون كفارة لذنوبه حتى يلقاني فأجزيه بحسناته، ويكون الكافر له السيئات فأبسط له في الرزق فأزوى عنه البلاء حتى يلقاني فأجزيه بحسناته، ويكون الكافر له السيئات فأبسط له في الرزق فأزوى عنه البلاء حتى يلقاني فأجزيه بسيئاته". عن أنس بن مالك قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "إذا أراد اللَّه بعبد خيراً أو أراد أن يصافيه صب عليه البلاء صباً، وثجه عليه ثجاً، وإذا دعاه قالت الملائكة : يا رب صوت معروف، فإذا دعاه الثانية فقال : يا رب قال اللَّه تعالى - لبيك وسعديك لا تسألني شيئاً ألا أعطيتك أو دفعت عنك ما هو شر وادّخرت عندي لك ما هو أفضل منه، فإذا كان يوم القيامة جيء بأهل الأعمال فوفوا أعمالهم بالميزان أهل الصلاة والصيام والصدقة والحج، ثم يؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم الميزان ولا ينشر لهم الديوان ويصب عليهم الأجر صبا كما يصب عليهم البلاء، فيودّ أهل العافية في الدنيا لو أنهم كانت تقرض أجسادهم بالمقاريض لما يرون مما يذهب به أهل البلاء من الثواب فذلك قوله تعالى {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ". ويقال إن اللَّه تعالى يحتج يوم القيامة بأربعة على أربعة أجناس: يحتج على الأغنياء بسليمان ابن داود عليهما السلام فإذا قال الغنيّ الغنى شغلني عن عبادتك يحتج عليه بسليمان ويقول له لم تكن أغنى من سليمان فلم يمنعه غناه عن عبادتي، ويحتج على العبيد بيوسف عليه الصلاة والسلام فيقول العبد كنت عبداً والرق منعني عن عبادتك فيقول له إن يوسف عليه السلام لم يمنعه رقه عن عبادتي، وعلى الفقراء بعيسى عليه الصلاة والسلام فيقول الفقير إن حاجتي منعتني عن عبادتك فيقول أنت كنت أحوج أم عيسى وعيسى لم يمنعه فقره عن عبادتي، وعلى المرضى بأيوب عليه السلام فيقول المريض منعني المريض عن عبادتك فيقول مرضك كان أشد أم مرض أيوب عليه السلام فلم يمنعه مرضه عن عبادتي، فلا يكون لأحد عند اللَّه عذر يوم القيامة وكان الصالحون رحمهم اللَّه تعالى يفرحون بالمرض والشدة لأجل أن فيه كفارة للذنوب. وذكر عن أبي الدرداء رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: الناس يكرهون الفقر وأنا أحبه، ويكرهون الموت وأنا أحبه، ويكرهون السقم وأنا أحب السقم تكفيراً لخطاياي، وأحب الفقر تواضعاً لربي، وأحب الموت اشتياقاً إلى ربي. وروى عن ابن مسعود عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "ثلاث من رزقهن فقد رزق خيري الدنيا والآخرة: الرضا بالقضاء، والصبر على البلاء، والدعاء عند الرخاء" عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه قال: "جاء رجل إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو مستلق، فقال: من أي شيء تشتكي؟ قال رسول الله : الخمص. يعني الجوع، فبكى الرجل ثم ذهب يعمل فاستقى لرجل دلاء كل دلو بتمرة، ثم جاء إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم بشيء من تمر فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم له: ما أراك فعلت هذا إلا وأنت تحبني قال: إي والله إني لأحبك قال : إن كنت صادقاً فأعد للبلاء جلباباً، فو اللَّه للبلاء أسرع إلى من يحبني من السيل، من أعلى الجبل إلى الحضيض" وعن عقبة بن عامر رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "إذا رأيتم الرجل يعطيه اللَّه تعالى ما يحب وهو مقيم على معصيته فاعلموا أن ذلك استدراج، ثم قرأ قول اللَّه عز وجل {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} " يعني لما تركوا ما أمروا به فتحنا عليهم أبواب الخير {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا} يعني بما أعطوا من الخير {أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} يعني فجأة {فَإِذَا مُبْلِسُونَ} يعني آيسين من كل خير. وروى أبو هريرة عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم "أنه سُئل : أي الناس أشد بلاء؟ قال الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل" وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من قلّ ماله وكثر عياله وحسنت صلاته ولم يغتب المسلمين جاء معي يوم القيامة هكذا وجمع أصبعيه" وقد كان أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في شدة من أذى الكفار ومن الجوع، فصبروا على ذلك حتى فرج اللَّه عنهم، وكل من صبر فرج اللَّه عنهم فإن الفرج مع الصبر وإن مع العسر يسرا، وكان الصالحون رحمهم اللَّه يفرحون بالشدة لما يرجون من ثوابها. وروى الحسن البصري رحمه اللَّه تعالى أن رجلاً من الصحابة رأى امرأة كان يعرفها في الجاهلية فكلمها ثم تركها، فجعل الرجل يلتفت وهي تمشي فصدمه حائط فأثر في وجهه فأتى النبي فأخبره فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم " إذا أراد اللَّه بعبد خيراً عجل عقوبته في الدنيا" وعن علي بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: ألا أخبركم بأرجى آية في كتاب اللَّه تعالى؟ قالوا بلى فقرأ عليهم : {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} فالمصائب في الدنيا بكسب الأوزار فإذا عاقبه اللَّه في الدنيا فالله أكرم من أن يعذبه ثانياً، إذا عفا عنه في الدنيا فهو أكرم من أن يعذبه يوم القيامة. وروت عائشة رضي اللَّه تعالى عنها عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ما يصيب المؤمن مصيبة حتى شوكة فما فوقها إلا حط اللَّه عنه بها خطيئة". |
قـيم إســلامية الظلم ( اني حرمت على نفسي الظلم وعلى عبادي فلا تظالموا ) عن ابي ذر،قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى"اني حرمت على نفسي الظلم وعلى عبادي فلاتظالموا". عن جابربن عبدالله،ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال"اتقواالظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة واتقواالشح فان الشح اهلك من كان قبلكم حملهم على ان سفكوا دماءهم واستحلوامحارمهم" عن أبي موسى الأشعري رضي اللَّه تعالى عنه قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "إن اللَّه تعالى يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته" يعني لا ينجو، "ثم قرأ : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد )" عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "من كانت لأخيه عنده مظلمة من عرض أو مال فليتحلله اليوم قبل أن يؤخذ منه يوم لا دينار ولا درهم، فإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر عمل مظلمته، وإنه لم يكن له عمل أخذ من سيئاته فحملت عليه" عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال "أتدرون من المفلس؟ قالوا له المفلس من لا درهم له ولا دينار ولا متاع، قال فإن المفلس من أمتي الذي يأتي يوم القيامة بصلاته وزكاته وصيامه، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم وطرحت عليه ثم طرح في النار". وذكر عن أبي ميسرة قال: أتي بسوط إلى رجل في قبره بعد ما دفن فجا آه يعني منكرا ونكيرا فقالا له إنا ضارباك مائة سوط فقال الميت إني كنت كذا وكذا فتشفع حتى حطا عنه عشرا ثم لم يزل بهما حتى صار إلى ضربة واحدة فقالا إنا ضارباك ضربة واحدة فالتهب القبر نارا فقال لم ضربتماني فقالا مررت برجل مظلوم فاستغاث بك فلم تغثه، فهذا حال الذي لم يغث المظلوم فكيف يكون حال الظالم. قال ميمون بن مهران: إن الرجل يقرأ القرآن وهو يلعن نفسه قيل له وكيف يلعن نفسه قال يقول { ألا لعنة اللَّه على الظالمين} وهو ظالم. ليس شيء من الذنوب أعظّم من الظلم لأن الذنب إذا كان بينك وبين اللَّه تعالى كريم يتجاوز عنك - فإذا كان الذنب بينك وبين العباد فلا حيلة لك سوى رضا الخصم، فينبغي للظالم أن يتوب عن الظلم ويتحلل من المظلوم في الدنيا، فإذا لم يقدر عليه فينبغي أن يستغفر ويدعو فإنه يرجى أن بحلله بذلك. قال ميمون بن مهران: إن الرجل إذا ظلم إنساناً فأراد أن يتحلل منه ففاته ولم يقدر عليه فاستغفر اللَّه تعالى له في دبر صلاته خرج من مظلمته. وعن ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه قال: من أعان ظالماً على ظلمه أو لقنه حجة يدحض بها حق امرئ مسلم فقد جاء بغضب من اللَّه وعليه وزرها. عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه تعالى عنه قال "كان رجل من المهاجرين له حاجة إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فأراد أن يلقاه على خلاء فيبدي له حاجته، وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في العسكر بالبطحاء، وكان يجيء من الليل فيطوف حتى إذا كان في وجه الصبح رجع فصلى صلاة الغداة. قال: فحبسه الطواف ذات ليلة حتى أصبح، فلما استوى على راحلته عرض له الرجل فأخذ بخطام ناقته فقال يا رسول اللَّه لي إليك حاجة؟ قال دعني فإنك ستدرك حاجتك فأبى، فلما خشى أن يحبسه خفقه بالسوط خفقا ثم مضى فصلى صلاة الغداة، فلما انفتل أقبل يوجهه على القوم واجتمع القوم حوله فقال أين الذي جلدته آنفا فأعادها إن كان في القوم فليقم فجعل الرجل يقول أعوذ بالله تعالى ثم برسوله، وجعل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول ادن ادن مني حتى دنا منه فجلس رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بين يديه وناوله السوط وقال خذ بجلدتك فاقتص مني فقال أعوذ بالله أن أجلد نبيه قال خذ بجلدتك فاقتص لا بأس فقال أعوذ بالله أن أجلد نبيه قال لا إلا أن تعفو فألقى السوط وقال قد عفوت يا رسول الله، ثم قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يا أيها الناس اتقوا ربكم ولا يظلم أحد منكم مؤمنا إلا انتقم اللَّه منه يوم القيامة". وعنه أيضاً"إن المظلومين هم المفلحون يوم القيامة". وعن سفيان الثوري رحمة اللَّه عليه أنه قال: إن لقيت اللَّه تعالى بسبعين ذنبا فيما بينك وبين اللَّه تعالى أهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد. وذكر عن أبي بكر الوراق أنه قال: أكثر ما ينزع من القلب الإيمان ظلم العبد وعن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "ينادي مناد من تحت العرش يوم القيامة يا أمة محمد ما كان لي قبلكم فقد وهبته لكم، وبقيت التبعات فتواهبوها وادخلوا الجنة برحمتي". |
قـيم إســلامية الكبر ما تواضع رجل لله تعالى إلا رفعه وروى أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "قال تعالى: العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني في واحد منهما ألقيته في النار". و معنى "العظمة إزاري. والكبرياء ردائي" يعني أنهما من صفاتي كما في القرآن العزيز الجبار المتكبر - فهما صفتان من صفات اللَّه تعالى فلا ينبغي للعبد الضعيف أن يتكبر. وروى أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ما تواضع رجل لله إلاّ رفعه اللَّه تعالى". عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ثلاثة لا يكلمهم اللَّه يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم، أوّلهم شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر" يعني الفقير المستكبر. عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "عرض عليّ أوّل ثلاثة يدخلون الجنة وأوّل ثلاثة يدخلون النار. فأما أوّل ثلاثة يدخلون الجنة: فالشهيد وعبد مملوك لم يشغله رق الدنيا عن طاعة ربه وفقير ضعيف ذو عيال، وأما أوّل ثلاثة يدخلون النار: فأمير مسلِّط وذو ثروة من المال لا يؤتي الزكاة وفقير فخور. وقال إن اللَّه تعالى يبغض ثلاثة نفر وبغضه لثلاثة منهم أشد. أوّلها يبغض الفساق وبغضه للشيخ الفاسق أشد. والثاني يبغض البخلاء وبغضه للغني البخيل اشد. والثالث يبغض المتكبرين وبغضه للفقير المتكبر أشد، ويحب ثلاثة نفر وحبه لثلاثة منهم أشد، يحب المتقين وحبه للشاب التقي أشد. والثاني يحب الأسخياء ويحب الاسخياء وحبه للفقير السخي أشد. والثالث يحب المتواضعين وحبه للمتواضع الغني أشد. وروى أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر. قال رجل يا رسول اللَّه إني ليعجبني نقاء ثوبي وشراك نعلي وعلاقة سوطي أفهذا من الكبر؟ فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم إن اللَّه تعالى جميل يحب الجمال ويحب إذا أنعم على عبده نعمة أن يرى أثرها عليه، ويبغض البؤس والتباؤس، ولكن الكبر أن يسفِّه الحق ويغمص الخلق". وروي عن الحسن عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال"من خفف نعله ورفع ثوبه وعفر وجهه لله في السجود فقد برىء من الكبر" وروي عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من لبس الصوف وانتعل المخصوف وركب حماره وحلب شاته وأكل مع عياله وجالس المساكين فقد محاصيل اللَّه تعالى عنه الكبر". وروى الحسن عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "أوتيت مفاتيح الأرض فخيرت بين أن أكون عبدا نبياً أو نبياً مَلِكاً فأومأ إليّ جبريل أن تواضع وكن عبدا فاخترت أن أكون عبدا نبيا فأوتيت ذلك، وإني أوّل من ينشق عنه الأرض وأوّل شافع" قال ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه: من تواضع تخشعاً رفعه اللَّه تعالى يوم القيامة ومن تطاول تعظما وضعه اللَّه تعالى يوم القيامة. وذكر أن موسى صلوات اللَّه وسلامه عليه ناجى اللَّه تعالى فقال: يا رب من أبغض خلقك إليك؟ قال يا موسى من تكبر قلبه وغلظ لسانه وضعف يقينه وبخلت يده. وروي عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "أنه كان في بيت عائشة رضي اللَّه تعالى عنها وبين يديه طبق فيه قديد وهو جاث على ركبتيه يأكل فأتت امرأة بذية ما تبالي لقيت رجلا أو امرأة، فنظرت إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقالت انظروا إليه يجلس كما يجلس العبد فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: أنا عبد أجلس كما يجلس العبد وأكل كما يأكل العبد وقال لها: كلي فقالت : لا، إلاّ أن تطعمني بيدك فأطعمها، فقالت : لا حتى تطعمني من فيك، وكان في فم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قديدة فيها عصب قد مضغها فأخرجها فأعطاها إياها قال فأخذتها ومضغتها فما هي أن وقعت في بطنها، فغشيها من الحياء حتى ما كانت تستطيع النظر إلى أحد قال، فما سُـمع منها بعد يومها ذلك بباطل حتى لحقت بالله تعالى". وذكر أن المهلب بن أبي صفرة كان صاحب جيش الحجاج، فمرّ على مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير وهو يتبختر في حلة خز فقال له مطرف: يا عبد اللَّه هذه مشية يبغضها اللَّه ورسوله، فقال المهلب أما تعرفني؟ فقال بلى أعرفك أوّلك نطفة مذرة وآخرك جيفة قذرة وأنت تحمل فيما بين ذلك العذرة، فترك المهلب مشيته تلك. وقال بعض الحكماء: افتخار العبد المؤمن بربه وعزه بدينه، وافتخار المنافق بحسبه وعزه بماله. وروي عن ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "إذا رأيتم المتواضعين فتواضعوا لهم وإذا رأيتم المتكبرين فتكبروا عليهم، فإن ذلك لهم صغار ومذلة، ولكم بذلك صدقة". و اعلم اخى الكريم أن الكبر من أخلاق الكفار والفراعنة والتواضع من أخلاق الأنبياء والصالحين لأن اللَّه تعالى وصف الكفار بالكبر فقال {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه يَسْتَكْبِرُونَ} وقال {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ} وقال {الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} وقال {ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى المُتَكَبِّرِينَ} وقال {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسْتَكْبِرِينَ} وقد مدح اللَّه عباده المؤمنين بالتواضع فقال {وَعِبَادُ الرَّحْمَانِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً} يعني، متواضعين، ومدحهم بتواضعهم وأمر نبيه صلى اللَّه عليه وسلم بالتواضع فقال {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ المُؤْمِنِينَ} وروي أن عمر رضي اللَّه تعالى عنه : جعل بينه وبين غلامه مناوبة فكان يركب الناقة ويأخذ الغلام بزمام الناقة ويسير مقدار فرسخ ثم ينزل ويركب الغلام ويأخذ عمر بزمام الناقة ويسير مقدار فرسخ فلما قربا من الشام كانت نوبة ركوب الغلام فركب الغلام وأخذ عمر بزمام الناقة فاستقبله الماء في الطريق فجعل عمر يخوض في الماء ونعله تحت إبطه اليسرى وهو آخذ بزمام الناقة، فخرج أبو عبيدة ابن الجراح وكان أميرا على الشام وقال يا أمير المؤمنين إن عظماء الشام يخرجون إليك فلا يحسن أن يروك على هذه الحالة، فقال عمر رضي اللَّه تعالى عنه: إنما أعزنا اللَّه تعالى بالإسلام فلا نبالي من مقالة الناس. وروى أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "ما نقص مال من صدقة وما عفا رجل عن مظلمة إلاّ زاده اللَّه تعالى عزا". وذكر عن قتادة رحمه اللَّه تعالى أنه قال: ذكر لنا أن نبي اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان يقول: "من فارقت روحه جسده" وفي رواية أخرى "من فارق الدنيا وهو بريء من ثلاث دخل الجنة: من الكبر والخيانة والدّين". عن أبي عبد اللَّه بن أبي جعفر قال: دخل علي بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه السوق فاشترى قميصين من هذه الكرابيس بستة دراهم، ثم قال لغلامه : يا أسود، اختر أيهما شئت؟ فاختار الغلام خيرهما ، ولبس عليّ كرم اللَّه وجهه الآخر، ففضل كماه على أطرافه فدعا بالشفرة فقطع كميه وخطب بالناس يوم الجمعة ونحن ننظر إلى تلك الهدب على ظهر كفيه. |
قـيم إســلامية حسن معاملة الخدم الله الله فيما ملكت أيمانكم عن عطاء بن يسار "أن أبا ذر رضي اللَّه تعالى عنه ضرب وجه غلام له فاستدعى عليه إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم لا تضربوا وجوه المصلين وأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون فإن رابوكم فبيعوهم". عن عامر الشعبي رضي اللَّه تعالى عنه قال "استسقى رجل من أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم من أهل بيت فدعت المرأة خادمتها فأبطأت عليها فقذفتها فقال أما أنك ستحدين يوم القيامة لها أو تقيمين أربعة يشهدون إنها كما قلت فأعتقتها فقال لها عسى أن يكفر هذا عنك". وروى أبو ذر رضي اللَّه تعالى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "إخوانكم خولكم جعلهم اللَّه تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ويلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم فوق طاقتهم فيما تستعملونهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم" وروى أبو بكر الصديق رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "لا يدخل الجنة سيء الملكة أكرموهم إكرامكم أولادكم وأطعموهم مما تأكلون. قلت يا رسول اللَّه ما ينفعنا من الدنيا؟ قال فرس تربطه تقاتل عليه في سبيل اللَّه ومملوك يكفيك، وإذا صلى فهو أخوك". وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أن رجلاً سأله فقال : كم نعفو عن الخادم قال كل يوم سبعين مرة" وعن قتادة رضي اللَّه تعالى عنه قال: كان من آخر كلام النبي صلى اللَّه عليه وسلم: "الصلاة وما ملكت أيمانكم" يعني عليكم بمحافظة الصلوات وتعاهد ما ملكت أيمانكم. وعن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "دخلت امرأة النار في هرة لها ربطتها في البيت لم تطعمها ولا تسقها ولم ترسلها فتأكل من خشاش الأرض حتى ماتت". وعن الحسن البصري رحمه اللَّه قال "مر النبي صلى اللَّه عليه وسلم ببعير معقول صدر النهار، فقضى حاجته ثم رجع البعير على حاله فقال لصاحبه: أما علفت البعير اليوم؟ قال : لا قال أما إنه ليحاجك يوم القيامة" يعني يخاصمك إلى اللَّه تعالى يوم القيامة. عن عليّ بن أبي طالب كرم اللَّه وجهه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال في خطبته"أيها الناس اللَّه الله فيما ملكت أيمانكم أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما لا يطيقون فإنهم لحم ودم وخلق أمثالكم ألا من ظلمهم فأنا خصمهم يوم القيامة والله حاكمهم". وروى عن عون بن عبد اللَّه أنه كان يقول لغلامه إذا عصاه ما أشبهك بسيدك. وروى أبو بردة بن أبي موسى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: ثلاثة كلهم لهم أجران: رجل كانت له جارية فأدّبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران ورجل كان من أهل الكتاب يؤمن بنبيه فأدرك النبي صلى اللَّه عليه وسلم فآمن به فله أجران ورجل له مملوك أدى حق اللَّه تعالى وحق مواليه فله أجران". وروى عن الحسن البصري رحمه اللَّه تعالى أنه سئل عن المملوك يرسله مولاه في الحاجة وتحضره صلاة الجماعة بأي ذلك يبدأ؟ قال بحاجة مولاه. يعني إذا كان معه في الوقت سعة ولا يخاف فوت الوقت، وأما إذا خاف ذهاب الوقت فلا يجوز له أن يؤخرها عن وقتها لأن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" ويستحب للرجل أن يتعاهد ما ملكت يمينه ولا يكلفه من العمل ما لا يطيق لأن اللَّه تعالى لم يكلف عباده ما لا يطيقون، وينبغي أن يحسن المعاشرة فإن حسن المعاشرة من أخلاق المؤمنين. وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "لا يدخل الجنة سيء الملكة أكرموهم إكرامكم أولادكم وأطعموهم مما تأكلون". وروى عن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما : أنه رأى كسرة خبز ملقاة فقال لغلامه ارفعها وأمط عنها الأذى، فلما أمسى وأراد أن يفطر قال لغلامه ما فعلت بالكسرة؟ , قال :أكلتها قال اذهب فأنت حر، سمعت النبي صلى اللَّه عليه وسلم يقول "من وجد كسرة فرفعها وأكلها لم تصل إلى جوفه حتى يغفر اللَّه له" فإني أكره أن أستعبد من قد غفر له. |
الأحاديث القدسية ماجاء فى الظلم و الكبرياء عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال "يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما. فلا تظالموا. يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته. فاستهدوني أهدكم. يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته. فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي! كلكم عار إلا من كسوته. فاستكسوني أكسكم. يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا. فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني. ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم. كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم. ما زاد ذلك في ملكي شيئا. يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم. وإنسكم وجنكم. كانوا على أفجر قلب رجل واحد. ما نقص ذلك من ملكي شيئا. يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم. وإنسكم وجنكم. قاموا في صعيد واحد فسألوني. فأعطيت كل إنسان مسألته. ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر. يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم. ثم أوفيكم إياها. فمن وجد خيرا فليحمد الله. ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه". عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قال الله عز وجل: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار". |
الأحاديث القدسية ما جاء فى الاخلاص و ذم الرياء و الشرك عن أنس بن مالك : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ (أَوْ تَلاَ) هذِهِ الآيَةَ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ. فَقَالَ: (قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا أَهْلٌ أَنْ أُتَّقَى، فَلاَ يُجْعَلَ مَعِي إِلهٌ لآخَرُ. فَمَنِ اتَّقَى أَنْ يَجْعَلَ مَعِي إِلهاً آخَرَ، فَأَنَا أَهْلٌ أَنْ أَغْفِرَ لَهُ). عن أنس بن مالك أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي هذِهِ الآيَة ( هُوَ أَهْلُ التَّقْوَىَ وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ.) قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (قَالَ رَبُّكُمْ: أَنَا أَهْلٌ أَنْ أُتَّقَى، فَلاَ يُشْرَكَ بِي غَيْرِي. وَأَنَا أَهْلٌ، لِمَنِ اتَّقَى أَنْ يُشْركَ بِي، أَنْ أَغْفِرَ لَهُ). و فى حديث قدسى آخر يقول الله تبارك و تعالى : ( إنى و الجن و الأنس فى نبأ عظيم : أخلُقُ و يـُعبد غيرى , و أرزُقُ و يـُشكر غيرى ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَة:َ أَنَّ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (قال اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ. فَمَنْ عَمِلَ لِي عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي. فَأَنَا مِنْهُ بَرِيٌ. وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ). في الزوائد: إسناده صحيح. رجاله ثقات. عَنْ أَبِي سَعْدِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا جَمَعَ اللهُ الأَوَّلِينَ وَالآْخِرِينَ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لِيَوْمٍ لاَرَيْبَ فِيهِ، نَادَى مُنَادٍ: مَنْ كَانَ أَشْرَكَ فِي عَمَلٍ لَهُ للهِ، فَلْيَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ. فَإِنَّ اللهَ أَغْنَى الشُّرَكَاءُ عَنِ الشِّرْكِ). عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك. من عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه". عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "إن اللّه تعالى قال: لقد خلقت خلقا ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر، فبي حلفت لأتيحنهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانا، فبي يغترون أم علي يجترئون". عن يحيى بن عبيد اللّه، قال سمعت أبي : يقول سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "يخرج في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، ألسنتهم أحلى من السكر وقلوبهم قلوب الذئاب. يقول اللّه أبي تغترون أم تجترئون؟ فبي حلفت لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانا". __________________ |
جزيت اخيرا اخى
|
اقتباس:
ورضى عنك |
مـا شاء الله لا قـوة إلا بالله بـآرك الله فيكم وجزآكـم عنا خيـر الجـزاء |
اقتباس:
|
قـيم إســلامية الرفق من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى خير الدنيا والآخرة عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها قالت : "استأذن نفر من اليهود على النبي صلى اللَّه عليه وسلم : فقالوا السام عليك، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : وعليكم فقالت عائشة رضي اللَّه تعالى عنها : وعليكم السام واللعنة فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : يا عائشة إن اللَّه يحب الرفق في الأمر كله قالت : ألم تسمع ما قالوا؟ قال : قد قلت وعليكم" عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال"يا عائشة من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى خير الدنيا والآخرة، ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من خير الدنيا والآخرة" عن سعيد بن المسيب رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال"رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس والتودّد إلى الناس" وما هلك رجل عن مشورة وما سعد رجل باستغنائه برأيه، وإذا أراد اللَّه أن يهلك عبداً كان أوّل ما يفسد منه رأيه، وإن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وإن أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة" وعن أبي هريرة عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "إن اللَّه تعالى رفيق يحب الرفق يعطي على الرفق ما لا يعطى على العنف" فالله تعالى رفيق في أفعاله حيث خلق المخلوقات كلها بالتدريج شيئا فشيئا بحسب حكمته ورفقه ، مع انه قادر على خلقها دفعة واحدة وفي لحظة واحدة وهو سبحانه رفيق في أمره ونهيه فلا يأخذ عباده بالتكاليف الشاقة مرة واحدة ، بل يتدرج معهم من حال إلى حال حتى تألفها نفوسهم وتأنس إليها طباعهم ، كما فعل ذلك سبحانه في فرضية الصيام وفي تحريم الخمر والربا ونحوهما فالمتأني الذي يأتي الأمور برفق وسكينة ، اتباعا لسنن الله في الكون واقتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تتيسر له الأمور وتذلل الصعاب , لا سيما إذا كان ممن يتصدى لدعوة الناس إلى الحق فانه مضطر إلى استشعار اللين والرفق كما قال تعالى : }ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم { وعن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "إذا أراد اللَّه تعالى بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق وإن الرفق لو كان خلقا لما رأى الناس خلقا أحسن منه، وإن العنف لو كان خلقا لما رأى الناس خلقاً أقبح منه" وعن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها قالت "كنت على بعير فيه صعوبة فجعلت أضربه فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم يا عائشة عليك بالرفق فإنه لم يكن في شيء إلا زانه ولا انتزع من شيء إلا شانه". |
قـيم إســلامية حق الزوج على زوجته لا يسجد أحد لأحد من الخلق، ولو كنت آمراً أحد بذلك لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها تعظيماً لحقه عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه قال "جاء إعرابي إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال إني أسلمت فأرني شيئاً أزداد به يقيناً. قال : ما تريد؟ قال : ادع تلك الشجرة فلتأتك، قال اذهب فادعها ، فذهب فقال أجيبي رسول اللَّه فمالت على جانب من جوانبها فقطعت عروقها ثم مالت على الجانب الآخر ثم أقبلت ثم أدبرت فقطعت عروقها ثم أقبلت تجر عروقها وفروعها حتى انتهت إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم وسلمت عليه فقال الأعرابي : حسبي حسبي فأمرها فرجعت فدلت عروقها في ذلك الموضع ثم استوت فقال الأعرابي : ائذن لي يا رسول اللَّه فأقبل رأسك ورجليك؟ فأذن له فقبل رأسه ورجليه فقال : أتأذن لي أن أسجد لك؟ قال لا تسجد لي ولا يسجد أحد لأحد من الخلق، ولو كنت آمراً أحد بذلك لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها تعظيماً لحقه" وروى عن عطاء عن ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهم قال "جاءت امرأة إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقالت يا رسول اللَّه ما حق الزوج على المرأة؟ قال أن لا تمنع نفسها ولو كانت على ظهر قتب ولا تصوم يوماً إلا بإذنه إلا رمضان فإن فعلت كان الأجر له والوزر عليها ولا تخرج إلا بإذنه فإن خرجت لنفسها لعنتها ملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع" وعن قتادة رضي اللَّه تعالى عنه قال: ذكر لنا أن كعباً قال: أول ما تسأل المرأة عنه يوم القيامة عن صلاتها ثمّ عن حق زوجها. وعن الحسن عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "إذا هربت المرأة من بيت زوجها لم تقبل لها صلاة حتى ترجع وتضع يدها في يده وتقول اصنع بي ما شئت، وإن المرأة إذا صلت ولم تدع لزوجها ردّت عليها صلاتها حتى تدعو لزوجها" وعن قتادة رضي اللَّه تعالى عنه قال "ذكر لنا أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال في خطبته وهو يومئذ بمنى أيها الناس إن لكم على نسائكم حقاً وإن لهن عليكم حقاً وإن من حقكم عليهن أن يحفظن فرشكم ولا يأذن في بيوتكم لأحد تكرهونه ولا يأتين بفاحشة مبينة فإن هنّ فعلن ذلك فقد أحلّ اللَّه لكم أن تضربوهن ضرباً غير مبرح، وإن من حقهن عليكم الكسوة والنفقة بالمعروف" وروى عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "إن المرأة إذا صلت خمسها وصامت شهرها وأحصنت فرجها وأطاعت بعلها فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت" وعنه أيضاً عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال لو أن الزوج سال من أحد منخريه دم ومن الآخر صديد فلحسته المرأة ما أدت حق زوجها". |
قـيم إســلامية الغيبة أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "أتدرون ما الغيبة؟ قالوا اللَّه ورسوله أعلم. قال إذا ذكرت أخاك بما يكره فقد اغتبته. قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته" يعني قلت فيه بهتانا. ذكر عن بعض المتقدمين أنه قال: لو قلت إن فلانا ثوبه قصير أو ثوبه طويل يكون غيبة فكيف إذا ذكرت عن نفسه و روى أن امرأة قصيرة دخلت على النبي صلى اللَّه عليه وسلم فلما خرجت , قالت عائشة رضي اللَّه تعالى عنها ما أقصرها فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم اغتبتيها. قالت عائشة ما قلت إلاّ ما فيها. قال: ذكرت أقبح ما فيها" عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: "ليلة أسرى بي إلى السماء مررت بقوم يقطع اللحم من جنوبهم ثم يلقمونه ثم يقال لهم كلوا ما كنتم تأكلون من لحم أخيكم، فقلت يا جبريل: من هؤلاء؟ قال : هؤلاء من أمتك الهمازون اللمازون" يعني المغتابين. "كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم في المنزل وأصحابه في المسجد من أهل الصُفَّة وزيد بن ثابت يحدثهم بما سمع من النبي صلى اللَّه عليه وسلم من الأحاديث فأتى النبي صلى اللَّه عليه وسلم بلحم فقالوا لزيد بن ثابت : ادخل على النبي صلى اللَّه عليه وسلم وقل إنا لم نأكل اللحم منذ كذا وكذا لكي يبعث إلينا بشيء من ذلك اللحم، فلما قام زيد بن ثابت من عندهم قالوا فيما بينهم : إن زيدا قد لقي النبي صلى اللَّه عليه وسلم مثل ما لقينا فكيف يجلس ويحدثنا؟ فلما دخل زيد على النبي صلى اللَّه عليه وسلم وأدّى الرسالة قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم قل لهم : قد أكلتم اللحم الآن، فرجع إليهم وأخبرهم به قالوا:والله ما أكلنا اللحم منذ كذا، فرجع إليه وأخبره فقال :إنهم قد أكلوا الآن فرجع إليهم وأخبرهم فقاموا فدخلوا على النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال لهم الآن قد أكلتم لحم أخيكم وأثر اللحم في أسنانكم فابزقوا حتى تروا حمرة اللحم، فبزقوا الدم فتابوا ورجعوا عن ذلك واعتذروا إليه". وروى جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه تعالى عنهما قال "هاجت ريح منتنة على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: إن ناسا من المنافقين قد اغتابوا أناسا من المسلمين فلذلك هاجت هذه الريح المنتنة". وروى أسباط عن السدي قال: "كان سلمان الفارسي في سفر مع أناس وفيهم عمر رضي اللَّه تعالى عنه فنزلوا منزلا فضربوا خيامهم وصنعوا طعامهم ونام سلمان، فقال بعض القوم : ما يريد هذا العبد إلاّ أن يجيء إلى خيام مضروبة وطعام مصنوع؟ ثم قالوا بعد ذلك لسلمان : انطلق إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فالتمس لنا إداما نأتدم به، فأتى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فأخبره فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: أخبرهم أنهم قد ائتدموا، فأخبرهم بذلك فقالوا:ما طعمنا بعد، وما كذب النبي صلى اللَّه عليه وسلم عليكم فأتوه؟ فقال لهم النبي صلى اللَّه عليه وسلم: قد ائتدمتم من صاحبكم حين قلتم ما قلتم وهو نائم ثم قرأ عليهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} يعني معصية. وروى عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما في هذه الآية {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} قال: نزلت في رجلين من أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وذلك أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم ضم مع كل رجلين غنيين في السفر رجلاً من أصحابه قليل الشيء ليصيب معهما من طعامهما ويتقدمهما في المنازل ويهيئ لهما المنزل وما يصلح لهما وقد كان ضم سلمان إلى رجلين، فنزل منزلا من المنازل ذات يوم ولم يهيئ لهما شيئاً فقالا له اذهب إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فسل لنا فضل إدام؟ فانطلق , فقال أحدهما لصاحبه حين غاب عنهما إنه لو انتهى إلى بئر كذا لقلّ الماء فلما انتهى إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وبلغه الرسالة قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: قل لهما قد أكلتما الإدام، فأتاهما فأخبرهما فأتياه فقالا ما أكلنا من إدام؟ فقال : إني لأرى حمرة اللحم في أفواهكما، فقالا : لم يكن عندنا شيء وما أكلنا لحما اليوم، فقال لهما: إنكما اغتبتما أخاكما، ثم قال لهما أتحبان أن تأكلا لحما ميتا؟ فقالا: لا، فقال لهما : فكما كرهتما أن تأكلا لحما ميتا فلا تغتابا فإنه من اغتاب أخاه فقد أكل لحمه فنزلت {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً}. وروى عن الحسن البصري أن رجلاً قال: إن فلانا قد اغتابك فبعث إليه طبقا من الرطب وقال بلغني أنك أهديت إليّ حسناتك فأردت أن أكافئك عليها فاعذرني فإني لا أقدر أن أكافئك بها على التمام. وذكر عن أبي أمامة الباهلي رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: إن العبد ليعطي كتابه يوم القيامة فيرى فيه حسنات لم يكن عملها فيقول يا رب : من أين لي هذا؟ فيقول هذا بما اغتابك الناس وأنت لا تشعر وروى أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "أربع يفطرن الصائم وينقضن الوضوء ويهدمن العمل: الغيبة، الكذب، والنميمة، والنظر إلى محاسن المرأة التي لا يحل له النظر اليها، وهن يسقين أصول الشر كما يسقي الماء أصول الشجر، وشرب الخمر يعلو الخطايا". قال سفيان بن الحصين: كنت جالسا عند إياس بن معاوية فمرّ رجل فنلت منه فقال : اسكت ثم قال لي سفيان هل غزوت الروم؟ قلت لا قال هل غزوت الترك؟ قلت لا قال سلم منك الروم وسلم منك الترك ولم يسلم منك أخوك المسلم. قال: فما عدت إلى ذلك بعد. وعن يحيى بن معاذ الرازي قال: ليكن حظ المؤمن منك ثلاث خصال لتكون من المحسنين: أحدهما أنك إن لم تنفعه فلا تضره. والثاني إن لم تسره فلا تغمه. والثالث إن لم تمدحه فلا تذمه. وذكر عن مجاهد أنه قال: إن لابن آدم جلساء من الملائكة، فإذا ذكر أحدهم أخاه بخير قالت الملائكة: له ولك مثله، وإذا ذكر أحدهم أخاه بسوء قالت الملائكة: يا ابن آدم كشفت المستور عليه عورته ارجع إلى نفسك واحمد اللَّه الذي ستر عليك عورتك. قال بعض الحكماء: إن ضعفت عن ثلاث فعليك بثلاث. إن ضعفت عن الخير فأمسك عن الشر. وإن كنت لا تستطيع أن تنفع الناس فأمسك عنهم ضرك، وإن كنت لا تستطيع أن تصوم فلا تأكل لحوم الناس. و قد تكلم العلماء في توبة المغتاب هل تجوز من غير أن يستحل من صاحبه! قال بعضهم يجوز، وقال بعضهم لا يجوز ما لم يستحل من صاحبه، وهو عندنا على وجهين: إن كان ذلك القول قد بلغ إلى الذي اغتابه:فتوبته أن يستحل منه وإن لم تبلغ إلى صاحبه تلك الغيبة:فتوبته أن يستغفر اللَّه تعالى ويتوب إليه ولا يخبر صاحبه فهو أحسن لكيلا يشتغل قلبه به ولو أنه قال بهتانا لم يكن ذلك فيه:فإنه يحتاج إلى التوبة في ثلاثة مواضع، أحدها أن يرجع إلى القوم الذين تكلم بالبهتان عندهم ويقول إني قد ذكرت عندكم فلانا بكذا وكذا فاعلموا أني كاذب في ذلك. والثاني أن يذهب إلى الذي قال عليه البهتان ويطلب منه أن يجعله في حل. والثالث أن يستغفر اللَّه تعالى ويتوب إليه فليس شيء من الذنوب أعظم من البهتان، فإن سائر الذنوب يحتاج إلى توبة واحدة وفي البهتان يحتاج إلى التوبة في ثلاثة مواضع، وقد قرن اللَّه تعالى البهتان بالكفر فقال تعالى {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} و يقال الغيبة على أربعة أوجه: في وجه هي كفر، وفي وجه هي نفاق، وفي وجه هي معصية، والرابع مباح وهو مأجور. فأما الوجه الذي هو كفر فهو أن يغتاب المسلم فيقال له لا تغتب فيقول ليس هذا غيبة وأنا صادق في ذلك فقد استحل ما حرم اللَّه تعالى ومن استحل ما حرم اللَّه تعالى صار كافرا نعوذ بالله. وأما الوجه الذي هو نفاق فهو أن يغتاب إنساناً فلا يسميه عند من يعرف أنه يريد منه فلانا فهو يغتابه ويرى من نفسه أنه متورع فهذا هو النفاق. وأما الذي هو معصية فهو أن يغتاب إنسانا ويسميه ويعلم أنها معصية فهو عاص وعليه التوبة. والرابع أن يغتاب فاسقا معلنا بفسقه أو صاحب بدعة فهو مأجور لأنهم يحذرون منه إذا عرفوا حاله. وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "اذكروا الفاجر بما فيه لكي يحذره الناس". والله تعالى أعلم. |
قـيم إســلامية حفظ اللسان من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت عن سفيان بن عبد الله الثقفي، قال قلت يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به . قال " قل ربي الله ثم استقم " . قلت يا رسول الله ما أكثر ما تخاف على فأخذ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بلسان نفسه ثم قال " هذا " . عن معاذ بن جبل، قال كنت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار . قال " لقد سألت عظيما وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت " . ثم قال " ألا أدلك على أبواب الجنة الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ النار الماء وصلاة الرجل في جوف الليل " . ثم قرأ }تتجافى جنوبهك عن المضاجع{ حتى بلغ }جزاء بما كانوا يعملون{ ثم قال " ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه الجهاد " . ثم قال " ألا أخبرك بملاك ذلك كله " . قلت بلى . فأخذ بلسانه فقال " تكف عليك هذا " . قلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به قال " ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم " . عن أبي هريرة، قال قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يرى بها بأسا فيهوي بها في نار جهنم سبعين خريفا " . عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه تعالى عنه قال "جاء رجل إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال يا رسول اللَّه أوصني؟ قال عليك بتقوى اللَّه فإنها جماع كل خير، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية المسلمين" أو قال - وعليك بذكر اللَّه تعالى وتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض وذكر لك في السماء، واخزن لسانك إلاّ من خير فإنك بذلك تغلب الشيطان". معنى قوله عليه الصلاة والسلام "عليك بتقوى اللَّه تعالى" فتقوى اللَّه أن يجتنب عما نهاه اللَّه عنه ويعمل بما أمره اللَّه تعالى به فإذا فعل ذلك فقد جمع جميع الخير وقوله عليه الصلاة والسلام "واخزن لسانك" يعني احفظ لسانك إلاّ من خير "يعني قل خيرا حتى تغنم" واسكت حتى تسلم فإن السلامة في السكوت، واعلم أن الإنسان لا يغلب الشيطان إلاّ بالسكوت، فينبغي للمسلم أن يكون حافظا للسانه حتى يكون في حرز من الشيطان ويستر اللَّه عليه عورته. عن عمر رضي اللَّه تعالى عنه قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "من لطم عبده كان كفارته عتقه، ومن ملك لسانه ستر اللَّه عليه عورته، ومن كظم غيظه وقاه اللَّه تعالى عذابه، ومن اعتذر إلى ربه قبل اللَّه معذرته" عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره وليكرم ضيفه وليقل خيرا أو ليسكت" و يروى بعض التابعين قال دخلنا على محمد بن سوقة الزاهد فقال ألا أحدثكم حديثا لعله ينفعكم فإنه قد نفعني؟ فقال لنا عطاء بن أبي رباح يا ابن أخي إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام وكانوا يعدون كل كلام فضولا ما عدا كتاب اللَّه تعالى أن يقرأه أحد أو أمرا بالمعروف أو نهيا عن المنكر أو تنطق بحاجتك في معيشتك التي لابد لك منها، ثم قال: أتنكرون قوله تعالى {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ. كِرَاماً كَاتِبِينَ} و{عَنْ اليَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ. مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} أو ما يستحيي أحدكم أن لو نشرت عليه صحيفته التي أملاها صدر نهاره وأكثر ما فيها ليس عن أمر دينه ولا دنياه. عن أنس بن مالك قال قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "أربع لا تصير إلاّ في مؤمن: الصمت وهو أول العبادة، والتواضع، وذكر اللَّه تعالى، وقلة الشر" روى أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" وذكر عن لقمان الحكيم أنه قيل له ما بلغ بك ما نرى؟ قال: صدق الحديث، وأداء الأمانة، وتركي ما لا يعنيني. وروى عن أبي بكر ابن عياش أنه قال: ثلاثة من الملوك تكلم كل واحد منهم بكلمة كأنها رمية رميت من قوس واحدة: قال كسرى لا أندم على ما لم أقل وقد أندم على ما قلت، وقال ملك الصين ما لم أتكلم بالكلمة فأنا أملكها فإن تكلمت بها ملكتني، وقال قيصر ملك الروم أنا على ردّ ما لم أقل أقدر مني على ردّ ما قلت وروى عن الربيع بن خيثم أنه كان إذا أصبح وضع قرطاسا وقلما ولا يتكلم بشيء إلاّ كتبه وحفظه ثم يحاسب نفسه عند المساء. و هكذا كان عمل الزهاد إنهم كانوا يتكلمون لحفظ اللسان ويحاسبون أنفسهم في الدنيا، وهكذا ينبغي للمسلم أن يحاسب نفسه في الدنيا قبل أن يحاسب في الآخرة، لأن حساب الدنيا أيسر من حساب الآخرة، وحفظ اللسان في الدنيا أيسر من ندامة الآخرة. وذكر عن الأوزاعي أنه قال: المؤمن يقلّ الكلام ويكثر العمل، والمنافق يكثر الكلام ويقل العمل. وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "خمس لا تكون في المنافق: الفقه في الدين، والورع باللسان، والتبسم في الوجه، والنور في القلب، والمودة في المسلمين" قال يحيى بن أكثم ما صلح منطق رجل إلاّ عرف ذلك في سائر عمله، ولا فسد منطق رجل إلاّ عرف ذلك في سائر عمله. وعن سنة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "طوبى لمن ملك لسانه، ووسعه بيته، وبكى على خطيئة" وبإسناد عن أبي ذر الغفاري أنه قال " قلت يا رسول اللَّه ما كان في صحف إبراهيم؟ قال كان فيها أمثال وعبر: ينبغي للعاقل ما لم يكن مغلوبا في عقله أن يكون حافظا للسانه عارفا بزمانه مقبلا على شانه، فإنه من حسب كلامه من عمله قلّ كلامه إلاّ فيما يعنيه عن عليّ بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول "ينبغي للعاقل أن لا يكون شاخصا إلاّ في ثلاث: مرمة لمعاشه، أو خلوة لمعاده، أو لذة في غير محرم" وقال "ينبغي للعاقل أن يكون له في النهار أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يأتي فيها أهل العلم الذين يبصرونه بأمر دينه ودنياه وينصحونه، وساعة يخلى بين نفسه ولذاتها فيما يحلّ ويجمل" وقال "ينبغي للعاقل أن ينظر في شأنه: ويعرف أهل زمانه، ويحفظ فرجه ولسانه". وذكر إن هذه الكلمات مكتوبة في حكمة آل داود عليه السلام. قال بعض الحكماء إن جسد ابن آدم ثلاثة أجزاء: فجزء منها قلبه، والثاني لسانه، والثالث الجوارح وقد أكرم اللَّه تعالى كل جزء بكرامة: فأكرم القلب بمعرفته وتوحيده وأكرم اللسان بشهادة أن لا إله إلاّ اللَّه وتلاوة كتابه، وأكرم الجوارح بالصلاة والصوم وسائر الطاعات، ووكل على كل جزء رقيبا وحفيظا: فتولى حفظ القلب بنفسه فلا يعلم ما في ضمير العبد إلاّ الله، ووكل على لسانه الحفظة قال اللَّه تعالى {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} وسلط على الجوارح الأمر والنهي وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "لما بعث معاذا إلى اليمن فقال يا نبي اللَّه أوصني؟ فأشار إلى لسانه يعني عليك بحفظ اللسان، فكأنه تهاون به، فقال يا نبي اللَّه أوصني؟ قال ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في نار جهنم إلاّ حصائد ألسنتهم" وقال الحسن البصري رحمه اللَّه تعالى: من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر ماله كثر إثمه، ومن ساء خلقه عذب نفسه. وروى عن سفيان الثوري أنه قال: لأن أرمي رجلاً بسهم أحب إليّ أن أرميه بلساني لأن رمي اللسان لا يخطئ ورمي السهم قد يخطئ. وروي عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: إذا أصبح ابن آدم سألت الأعضاء كلها اللسان وقلن يا لسان ننشدك اللَّه أن تستقيم فإنه إن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا.. وروى عن أبي ذر الغفاري رضي اللَّه تعالى عنه أنه قام عند الكعبة فقال: ألا من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة الغفاري "أبو ذر" هلموا إلى أخ ناصح شفيق عليكم فاجتمع الناس حوله فقال يا أيها الناس: من أراد منكم سفرا من أسفار الدنيا لا يفعل ذلك إلاّ بزاد فكيف من يريد سفر الآخرة بلا زاد؟، قالوا وما زادنا يا أبا ذر؟ قال صلاة ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور، وصوم في حرّ شديد ليوم النشور، وصدقة على المساكين لعلكم تنجون من عذاب يوم عسير، وحج لعظائم الأمور واجعلوا الدنيا مجلسين : مجلسا في طلب الدنيا ومجلسا في طلب الآخرة، والثالث يضر ولا ينفع واجعلوا الكلام كلمتين: كلمة نافعة في أمر دنياكم وكلمة باقية في أمر آخرتكم، الثالثة يضر ولا ينفع واجعلوا المال درهمين: درهماً أنفقه على عيالك ودرهماً قدمه لنفسك والثالث يضر ولا ينفع، ثم قال أَوّه قتلتني هم يوم لا أدركه قيل: وما ذاك قال إن أملي قد جاوز أجلي فقعدت عن عمل. قال بعض الصحابة إذا رأيت قساوة في قلبك ووهنا في بدنك وحرمانا في رزقك فاعلم أنك قد تكلمت بما لا يعنيك، والله الموفق. |
قـيم إســلامية اكرام الضيف و حسن الخلق إن من أحبكم إليّ وأدناكم مني مجلسا في الآخرة أحسنكم أخلاقا عن عطية العوفي قال: قال لي جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه تعالى عنهما يا عطية: احفظ وصيتي ما أراك بصاحبي غير سفري هذا أحب آل محمد وصحبه وأحب محبي آل محمد ولو وقعوا في الذنوب والخطايا وأبغض مبغضي آل محمد صلى اللَّه عليه وسلم ولو كانوا صواماً قواماً، وأطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام، فإني سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول (ما اتخذ اللَّه إبراهيم خليلاً إلا لإطعامه الطعام وإفشائه السلام وصلاته بالليل والناس نيام). عن أبي شريح الخزاعي قال: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته يوم وليلة والضيافة ثلاثة أيام فما كان بعد ذلك فهو صدقة" وعن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرم اللَّه وجهه أنه قال: لأن أجمع نفرا من إخواني على صاع أو صاعين أحبّ إليّ من أن أخرج إلى سوقكم هذا فأعتق نسمة. وعن ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما أنه كان إذا صنع طعاما فمرّ به رجل ذو هيئة لم يدعه، وإذا مرّ به مسكين دعاه وقال: أتدعون من لا يشتهي وتدعون من يشتهي. وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه سئل "ما أكثر ما يلج به الناس في الجنة؟ قال : تقوى اللَّه وحسن الخلق. فقلت : ما أكثر ما يلج به الناس في النار؟ قال : الأجوفان الفم والفرج وسوء الخلق" وعن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها وعن أبويها قالت : إن حسن الخلق وحسن الجوار وصلة الرحم يعمرن الديار ويزدن في الأعمار وإن كان القوم فجارا. عن ابن عمرو رضي اللَّه تعالى عنهما قال : "كنت عاشر عشرة رهط في مسجد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه فجاء فتى من الأنصار فسلم على النبي صلى اللَّه عليه وسلم ثم جلس فقال: "أيّ المؤمنين أفضل؟ قال : أحسنهم خلقا قال : فأيّ المؤمنين أكيس؟ قال : أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم له استعداد قبل أن ينزل به أولئك هم الأكياس، ثم سكت الفتى وأقبل علينا النبي صلى اللَّه عليه وسلم وقال: يا معشر المهاجرين والأنصار خمس خصال إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن فيما مضت من أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين: شدة المؤنة وجور السلطان عليهم. ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد اللَّه وعهد رسوله إلا سلط اللَّه عليهم عدّوهم من غيرهم، ما ترك أئمتهم الحكم بكتاب اللَّه تعالى إلا جعل بأسهم بينهم". وروى أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال " إنكم لا تسعون الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط وجه وحسن خلق" عن نوّاس بن سمعان الأنصاري رضي اللَّه تعالى عنه قال "سألت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن البرّ والإثم فقال: البرّ حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس" وروى أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "كرم المرء دينه، ومروءته عقله، وحسبه خلقه" وعن أبي ثعلبة الخشني عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: إن من أحبكم إليّ وأدناكم مني مجلسا في الآخرة أحسنكم أخلاقا، وإن من أبغضكم إليّ وأبعدكم مني مجلسا في الآخرة أسوؤكم أخلاقا" وعن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما قال: إن حسن الخلق يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد، وإن الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل. عن معاذ بن جبل رضي اللَّه تعالى عنه قال: كان آخر ما أوصاني به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حين جعلت رجلي في الغرز فقال "حسن خلقك مع الناس يا معاذ بن جبل" وروى جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "حسن الخلق زمام من رحمة اللَّه في أنف صاحبه، والزمام بيد الملك والملك يجره إلى الخير والخير يجره إلى الجنة، وسوء الخلق زمام من عذاب في أنف صاحبه والزمام بيد الشيطان والشيطان يجره إلى الشر والشر يجره إلى النار" وروى جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه تعالى عنهما عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال"إن هذا الدين هو الذي ارتضيته لنفسي ولا يصلحه إلا خصلتان: ا لسخاء وحسن الخلق، فأكرموه بهما ما صحبتموه" وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من أدى زكاة ماله وأقرى الضيف وأعطى قومه النائبة فقد وقى شح نفسه" |
قـيم إســلامية صلة الرحم اتقوا اللَّه وصلوا الرحم فإنه أبقى لكم في الدنيا وخير لكم في الآخر عن أبي أيوب رضي اللَّه تعالى عنه قال: "عرض أعرابي بالنبي صلى اللَّه عليه وسلم فأخذ بزمام ناقته أو خطامها ثم قال يا رسول اللَّه أخبرني بما يقربني من الجنة ويباعدني من النار؟ قال أن تعبد اللَّه ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم" عن عبد اللَّه بن أبي أوفى رضي اللَّه تعالى عنه قال "كنا جلوساً عشية عرفة عند رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم لا يجالسني من أمسى قاطع الرحم ليقم عنا فلم يقم أحد إلاّ رجل كان من أقصى الحلقة فمكث غير بعيد ثم جاء فقال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مالك لم يقم أحد من الحلقة غيرك؟ قال يا نبي اللَّه سمعت الذي قلت فأتيت خالة لي كانت تصارمني: أي تقاطعني، فقالت ما جاء بك ما هذا من دأبك فأخبرتها بالذي قلت فاستغفرت لي واستغفرت لها فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم أحسنت اجلس ألا إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم". وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ما من حسنة أعجل ثواباً من صلة الرحم، وما من ذنب أجدر أن يعجل اللَّه لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم". وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال "جاء رجل إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال: إن لي أرحاماً اصل ويقطعوني وأعفو ويظلموني وأحسن ويسيئوني أفأكافئهم؟ قال: لا إذن تشتركون جميعاً ولكن خذ بالفضل وصلهم فإنه لن يزال معك ظهير من الله ما كنت على ذلك". ويقال ثلاثة من أخلاق أهل الجنة لا توجد إلاّ في الكريم: الإحسان إلى المسيء، والعفو عمن ظلمه، والبذل لمن حرمه. وروى ثوبان عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "لا يردّ القدر إلاّ الدعاء، ولا يزيد في العمر إلاّ البرّ، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه". وعن ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما قال: من اتقى ربه ووصل رحمه أنسئ له في عمره يعني يزاد في عمره، وثرى له ماله يعني كثر، وأحبه أهله. وروى سعيد عن قتادة أنه قال: ذكر لنا أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "اتقوا اللَّه وصلوا الرحم فإنه أبقى لكم في الدنيا وخير لكم في الآخرة". وكان يقال: إذا كان لك قريب فلم تمش إليه برجلك ولم تعط من مالك فقد قطعته. وقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم " صلوا أرحامكم ولو بالسلام". وقال ميمون بن مهران ثلاثة أشياء الكافر والمسلم فيهن سواء: من عاهدته ثق له بعهدك مسلماً كان أو كافراً فإما العهد لله ومن كانت بينك وبينه قرابة فصله مسلماً كان أو كافراً ومن ائتمنك على أمانة فأدها له مسلماً كان أو كافراً. وقد أمر اللَّه تعالى بصلة الرحم في مواضع من كتابه فقال {وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} يعني اخشوا اللَّه الذي تساءلون به الحاجات والأرحام يعني اتقوا الأرحام فصلوها ولا تقطعوها وقال في آية أخرى {وَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ} يعني أعطه حقه من الصلة والبر. وقال في آية أخرى { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون {َ وروي عن عثمان بن مظعون رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم صديقاً لي وما أسلمت إلاّ حياء من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لأنه كان يدعوني إلى اللَّه فأسلمت ولم يكن يستقر الإسلام في قلبي فجلست عنده يوماً يحدثني إذ أعرض عني فكأنه يحدث أحداً بجنبه ثم أقبل عليّ فقال نزل عليّ جبريل عليه الصلاة والسلام فقرأ هذه الآية {إِنَّ اللَّه يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى} الآية فسررت بذلك واستقر الإسلام في قلبي فقمت من عنده وأتيت عمه أبا طالب فقلت : له كنت عند ابن أخيك فأنزلت عليه هذه الآية، فقال أبو طالب تابعوا محمداً تفلحوا وترشدوا، والله إن ابن أخي يأمر بمكارم الأخلاق لئن كان صادقاً أو كاذباً لا يدعوكم إلاّ إلى الخير، فبلغ ذلك النبي صلى اللَّه عليه وسلم فطمع في إسلامه فأتى إليه ودعاه إلى الإسلام فأبى أن يسلم فنزلت هذه الآية {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّه يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} فقد ذكر اللَّه عز وجل في هذه الآية صلة الرحم، وقال في آية أخرى {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ، أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّه فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} يعني الذين يقطعون الرحم، ويقال إن اللَّه تعالى لما خلق الرحم قال: أنا الرحمن وأنت الرحم أقطع من قطعك وأوصل من وصلك. وذكر أن الرحم معلق بالعرش ينادي الليل والنهار: يا رب صل من وصلني فيك واقطع من قطعني فيك. قال أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه: ثلاثة نفر في ظل عرش الرحمن يوم القيامة: واصل الرحم يمد له في عمره ويوسع له في قبره ورزقه وامرأة مات زوجها وترك يتامى فتقوم هي على الأيتام حتى يغنيهم اللَّه أو يموتوا والرجل اتخذ طعاماً فدعا إليه اليتامى والمساكين. وروى الحسن عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ما خطا عبد خطوتين أحب إلى اللَّه تعالى من الخطوة إلى صلاة الفريضة، وخطوة إلى ذي الرحم المحرم" |
قـيم إســلامية الأعمال بالنيات إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه عن صدقة بن عبد اللَّه عن المهاجر بن حبيب عن زيد بن ميسرة قال: يقول اللَّه تعالى "إني لست أقبل كلام كل حكيم ولكن أنظر إلى همه وهواه فإن كان همه وهواه إياي جعلت صمته تفكرا وكلامه ذكرا وإن لم يتكلم. عن إبراهيم النخعي قال : إن الرجل ليتكلم بالكلام وعلى كلامه المقت ينوى فيه الخير فيلق اللَّه له العذر في قلوب الناس حتى يقولوا ما أراد بكلامه هذا إلا الخير، وإن الرجل ليتكلم بكلام حسن لا ينوى فيه الخير فيلقيه اللَّه في قلوب الناس حتى يقولوا ما أراد بكلامه هذا خيرا. وعن عون بن عبد اللَّه رحمه الله : كان أهل الخير يكتب بعضهم إلى بعض ثلاث كلمات: من عمل لآخرته كفاه اللَّه أمر دنياه ومن أصلح سريرته أصلح اللَّه علانيته ومن أصلح فيما بينه وبين اللَّه أصلح اللَّه فيما بينه وبين الناس. وعن الحسن رحمه اللَّه : في قوله عزّ وجل{قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} يعني على نيته يعني صحة العمل بالنية. قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : "نية المؤمن خير من عمله" قال بعض أهل العلم : إنما كان كذلك لأنه قد يثاب على نية الخير وإن لم يعمل ولا يثاب على عمله بلا نية. وقال بعضهم : نية المؤمن خير من عمله لطول نيته وقصر عمله، لأنه ينوي أن يعمل الخير ما بقي ولا يستطيع أن يعمل الخير ما بقي. وقال بعضهم : لأن النية عمل القلب والقلب معدن المعرفة وما كان من معدن المعرفة كان أفضل من غيره. وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال : "يؤتى بالعبد يوم القيامة ومعه من الحسنات أمثال الجبال الرواسي فينادي مناد من كان له على فلان مظلمة فليجئ فليأخذها فيجيء أناس فيأخذون من حسناته حتى لا يبقى له من الحسنات شيء ويبقى العبد حيران فيقول له ربه : إن لك عندي كنزا لم أطلع عليه ملائكتي ولا أحدا من خلقي فيقول يا رب ما هو؟ فيقول بنيتك التي كنت تنوي من الخير كتبتها لك سبعين ضعفا" وروى في الخبر : أن عابدا من عباد بني إسرائيل مر بكثيب من الرمل فتمنى في نفسه لو كان دقيقا فأشبع به بني إسرائيل في مجاعة أصابتهم فأوحى اللَّه تعالى إلى نبي فيهم : قل لهذا العابد أن اللَّه تعالى يقول: إني قد أوجبت لك من الأجر ما لو كان دقيقا فتصدقت به. وروى في الخبر : "أنه يؤتى بالعبد يوم القيامة فيعطى كتابه بيمينه فيرى فيه الحج والعمرة والجهاد والزكاة والصدقة فيقول العبد في نفسه : ما عملت من هذا شيئا وليس هذا كتابي فيقول اللَّه تعالى اقرأ فإنه كتابك عشت دهرا وأنت تقول لو كان لي مال لحججت ولو كان لي مال لجاهدت وعرفت من نيتك أنك صادق فأعطيتك ثواب ذلك كله. إنما يظهر صدق نيته إذ لم يبخل بالقليل الذي عنده، فلو رأى حاجا منقطعا فيقول في نفسه لو كان لي مال لحججت فلما لم يكن لي طاقة إلا هذين الدرهمين دفعتهما إلى هذا، وإذا رأى غازيا منقطعا يقول لو كان لي مال لغزوت فلما لم يكن لي طاقة إلا هذه الدراهم دفعتها إلى هذا الغازي المحتاج أو إلى مسكين بجواره، وأما إذا بخل بالقليل الذي عنده فيعلم اللَّه تعالى أنه لو كان عنده أكثر من ذلك لكان يبخل بالكثير كما يبخل بالقليل فلا ثواب له في نيته، وكذلك الذي يقول لو كنت حفظت القرآن لقرأته أناء الليل والنهار فإذا كان يقرأ السورة التي يحفظها فيعلم اللَّه أنه لو كان يحفظ الباقي منه لكان يقرأ فيعطيه اللَّه تعالى فضل الذي يحفظ القرآن كله وإن لم يقرأ ما عنده علم اللَّه منه أن نيته غير صالحة. وروى سهل بن سعد الساعديّ عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "نية المؤمن خير من عمله، وعمل المنافق خير من نيته، وكل يعمل على نيته" وروى محمد بن عليّ عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من أحب رجلا في اللَّه لعدل ظهر منه هو في علم اللَّه من أهل النار آجره اللَّه على حبه إياه كما لو أحب رجلا من أهل الجنة ومن أبغض رجلا في اللَّه لجور ظهر منه وهو في علم اللَّه من أهل الجنة آجره اللَّه على بغضه إياه كما لو كان يبغض رجلا من أهل النار" وروى في الخبر أن اللَّه تعالى قال لموسى عليه الصلاة والسلام: يا موسى هل عملت لي عملا قط؟ قال : إلهي صليت لك وصمت وتصدقت لك وذكرتك قال اللَّه تبارك وتعالى: أما الصلاة فلك برهان يعني حجة لك والصوم جنة والصدقة ظلّ والذكر نور فأي عمل عملت لي؟ قال موسى عليه الصلاة والسلام: إلهي دلني على العمل الذي هو لك؟ قال يا موسى : هل واليت لي ولياً أو عاديت لي عدواً، فعلم موسى أن أفضل الأعمال الحب في اللَّه تعالى والبغض في اللَّه تعالى. وروى أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "إن اللَّه تعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولا إلى أحوالكم وإنما ينظر إلى أعمالكم وإلى قلوبكم". وروت عائشة رضي اللَّه تعالى عنها عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من التمس رضا اللَّه بسخط الناس رضي اللَّه عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط اللَّه سخط اللَّه عليه وأسخط عليه الناس" عن أبي مسعود الأنصاري رضي اللَّه تعالى عنهم أنه قال "جاء رجل إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم وأراد الجهاد فقال احملني يا رسول الله؟ فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم : ائت فلانا فإنه يحملك، فأتاه فأعطاه بعيرا فرجع إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فأخبره فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: من دلّ على خير فله مثل أجر فاعله" وفي خبر آخر "الدالّ على الخير كفاعله" وعن حذيفة ابن اليمان رضي اللَّه تعالى عنه قال "قدم سائل على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فسأل فسكت القوم ثم إن رجلا أعطاه فأعطاه القوم فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من استنّ خيرا واستن به فله أجره ومثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئا، ومن استن شرا واستنّ به فعليه وزره ووزر من تبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا" وروى تميم الداري عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "خمس من جاء بهن يوم القيامة لم يصدّ عن الجنة: النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين والعامة". وروى في خبر آخر أنه صلى اللَّه عليه وسلم قال "ألا إن الدين نصيحة، قيل لمن يا رسول الله؟ قال لله ولرسوله ولكتابه ولجميع المسلمين". أما النصيحة لله عز وجل : فأن تؤمن بالله وتدعو الناس إلى ذلك وتتمنى أن يكون جميع الناس مؤمنين وأما النصيحة لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم : فأن تصدقه بما جاء به من عند اللَّه وتعمل بسنته وتدل الناس على ذلك وأما النصيحة لكتابه : فهو أن تقرأه وتعمل بما فيه وتتمنى أن يقرأه جميع الناس ويعملوا بما فيه وأما النصيحة لأئمة المسلمين : فأن تطيعهم فيما أمروه وتنتهي عما نهوه وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر ولا تخرج عليهم بالسيف وأما النصيحة للمسلمين فهو أن تحب لهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك وتتمنى أن يكونوا فيما بينهم على الألفة والمودة. وكم من نائم يكتب له أجر المصلين وكم من مصلّ مستيقظ يكتب من النائمين وذلك أن الرجل إذا كان من عادته أن يقوم وقت السحر ويتوضأ ويصلي حتى يطلع الفجر فنام ليلة على تلك النية فغلبه النوم حتى أصبح فاستيقظ حزن لذلك واسترجع فإنه يكتب مصليا ويبلغ ثواب القائمين بنيته، وأما إذا كان الرجل لم يكن يقوم بالليل فظن أنه قد أصبح فقام فتوضأ ودخل المسجد فإذا هو لم يصبح فجعل ينتظر الصبح ويقول في نفسه لو علمت أنه لم يطلع الفجر لم أقم من فراشي فهذا الذي يكتب من النائمين وهو مستيقظ. |
قـيم إســلامية إصلاح ذات البين و النهى عن الخصام ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) عن أبي أيوب الأنصاري رضي اللَّه تعالى عنهم أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان، فيعرض هذا بوجهه وهذا بوجهه وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" عن الحسن البصري رحمه اللَّه أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال "لا تهاجروا، فإن كنتم متهاجرين لا محالة فلا تهاجروا فوق ثلاثة أيام، وأيما مسلمين ماتا وهما متهاجران لا يجتمعان في الجنة" عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنهم قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "إن لله عباد يوضع لهم يوم القيامة منابر من نور ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء، فقالوا من هم يا رسول الله؟ قال هم المتحابون في الله". وعن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر فيهما لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا فإذا رفع عمل المتصارمين فوق ثلاث ردّ" وعن أبي أمامة رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "إذا كانت ليلة النصف من شعبان يهبط اللَّه إلى سماء الدنيا فيطلع على أهل الأرض فيغفر لأهل الأرض جميعاً إلا الكافر والمشاحن. وروى عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "خمسة ليست لهم صلاة، المرأة الساخط عليها زوجها، والعبد الآبق من سيده، والمصارم الذي لم يكلم أخاه فوق ثلاثة أيام ومدمن خمر، وإمام قوم يصلي بهم وهم له كارهون". وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ألا أنبئكم بصدقة يسيرة يحبها اللَّه تعالى؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال إصلاح ذات البين إذا تقاطعوا". وعن أبي الدرداء رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى. قال إصلاح ذات البين إذا تقاطعوا". وعن علي بن الحسن رضي اللَّه تعالى عنهما قال: إذا جمع اللَّه الأولين والآخرين نادى مناد أين أهل الفضل، فيقوم عنق من الناس يريدون الجنة، فتتلقاهم الملائكة فيقولون من أنتم. فيقولون نريد الجنة، فتقول الملائكة أقبل الحساب؟ فيقولون نعم قبل الحساب، فيقولون من أنتم؟ فيقولون نحن أهل الفضل فيقولون ما كان فضلكم في الدنيا؟ قالوا إنا كنا إذا جهل علينا حلمنا وإذا أسيء إلينا عفونا، فتقول الملائكة ادخلوا الجنة {فَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ} ثم ينادي مناد أين أهل الصبر؟ فيقوم عنق من الناس يريدون الجنة، فتقول لهم الملائكة أين تريدون؟ قالوا نريد الجنة فتقول الملائكة أقبل الحساب؟ قالوا نعم فتقول الملائكة من أنتم؟ قالوا نحن أهل الصبر، فتقول وما كان صبركم؟ فيقولون صبر بأنفسنا على طاعة اللَّه وصبرناها عن معاصي الله، فتقول الملائكة ادخلوا الجنة؟ {فَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ} ثم ينادي مناد أين جيران اللَّه في داره؟ فيقوم عنق من الناس يريدون الجنة؟ فتقول الملائكة أين تريدون؟ فيقولون نريد الجنة، فتقول الملائكة أقبل الحساب؟ فيقولون نعم، فتقول الملائكة من أنتم؟ فيقولون نحن جيران اللَّه في أرضه، فيقولون وما كان جواركم؟ فيقولون كنا نتحابّ في اللَّه وكنا نتبادل في اللَّه وكنا نتزاور في الله، فتقول الملائكة ادخلوا الجنة {فَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ}). وعن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "إن اللَّه تعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون فيّ؟ فوعزتي وجلالي اليوم أظلهم بظلي يوم لا ظل إلا ظلي". وروى سهل بن أبي صالح عن عطاء بن يزيد عن تميم الداري رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ألا إنما الدين النصيحة. قالها ثلاثاً. قالوا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المؤمنين ولعامتهم". وقال عليّ بن أبي طالب كرم اللَّه وجهه: إن من موجبات المغفرة إدخال السرور على أخيك المسلم. وروى معمر عن الزهري عن حميد عن أمه أم كلثوم بنت عقبة عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ليس بالكاذب من أصلح بين الناس فقال خيراً أو نمى خيرا، وأما الإصلاح بين الناس فشعبة من شعب النبوة والصرم بين الناس شعبة من شعب السحر" وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "أفضل الناس عند اللَّه تعالى يوم القيامة ثوابا أنفعهم للناس في الدنيا، وأن المتقربين عند اللَّه يوم القيامة المصلحون بين الناس". |
قـيم إســلامية الاحتكار ( الجالب مرزوق .. و المحتكر ملعون ) عن معمر بن عبد اللَّه العدوي قال: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول "لا يحتكر إلاّ خاطئ" وعن ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من احتكر طعاما أربعين يوما فقد برئ من اللَّه تعالى وبرئ اللَّه منه". عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون" وإنما أراد بالجالبالذي يشتري الطعام للبيع فيجلبه إلى بلده فيبيعه فهو مرزوق، لأن الناس ينتفعون به فيناله بركة دعاء المسلمين، والمحتكرالذي يشتري الطعام للمنع ويضر بالناس. وروى الشعبي أن رجلا أراد أن يسلم ابنه إلى عمل فاستشار النبي صلى اللَّه عليه وسلم في ذلك: فقال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: لا تسلمه إلى حناط يبيع الحنطة، ولا إلى جزار، ولا إلى من يبيع الأكفان. أما الحناط فلأن يلقى اللَّه تعالى زانيا أو شارب خمر خير له من أن يلقى اللَّه تعالى وهو قد حبس الطعام أربعين ليلة، وأما الجزار فإنه يذبح حتى تذهب الرحمة من قلبه، وأما بائع الأكفان فإنه يتمنى لأمتي الموت، والمولود من أمتي أحب إليّ من الدنيا وما فيها". و معنى الاحتكار أن يشتري الطعام في بلده ويحبسه عن البيع وللناس حاجة إليه فهذا هو الاحتكار الذي نهى عنه، وأما إذا دخل له الطعام من ضيعة أو جلب من بلد آخر فإنه لا يكون احتكارا ولكن لو كان للناس إليه حاجة فالأفضل أن يبيعه وفي امتناعه عن ذلك يكون مسيئا لسوء نيته وقلة شفقته للمسلمين، فينبغي أن يجبر المحتكر على بيع الطعام فإن امتنع من ذلك فإنه يعزر ويؤدب ولا يسعر عليه ويقال له بعه كما يبيع الناس. وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "أنا لا أسعر، فإن اللَّه تعالى هو المسعر". وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "الغلاء والرخص جندان من جنود اللَّه تعالى اسم أحدهما الرغبة واسم الآخر الرهبة فإذا أراد اللَّه تعالى أن يرخصه قذف الرهبة في قلوب الرجال فأخرجه من أيديهم فرخص، وإذا أراد اللَّه تعالى أن يغليه قذف الرغبة في قلوب الرجال فحبسوه في أيديهم". وذكر في الخبر: أن عابدا من عباد بني إسرائيل مرّ على كثيب من الرمل فتمنى في نفسه لو كان دقيقا فأشبع بني إسرائيل في به مجاعة أصابتهم، فأوحى اللَّه تعالى إلى نبي فيهم أن قل لفلان أن اللَّه تعالى قد أوجب لك من الأجر ما لو كان دقيقا فتصدقت به " يعني أنه لما نوى نية حسنة أعطاه الأجر بحسن نية وشفقته على المسلمين ورحمة لهم، فينبغي للمسلم أن يكون مشفقاً رحيماً على المسلمين. و ينبغي للمسلم أن يكون ناصحا للمسلمين رحيما بهم فإن ذلك من علامات السعادة وذكر عن بعض الزهاد أنه كان في بيته وقر من الحنطة فقحط الناس فباع ما عنده من الحنطة، ثم جعل يشتري لحاجته، فقيل له لو أمسكت ما عندك؟ فقال:أردت أن أشارك الناس في غمهم. والله الموفق بمنه وكرمه. |
( إذا قلتم فاعدلوا ) ( استعينوا بالصبر والصلاة ) ( قولوا للناس حسنا ) ( أوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ) ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) ( لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط ) ( وكلوا واشربوا ولا تُسرفوا ) ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) ( من يتوكل على الله فهو حسبه ) ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) ( لن تنالوا البرّ حتى تُنفقوا مما تحبون ) ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) ( لا تمش في الأرض مرحا ) ( لا تصعّر خدّك للناس ) ( اقصد في مشيك واغضض من صوتك ) ( ولا تمنن تستكثر ) " احفظ الله يحفظك " " إذا لم تستح فاصنع ما شئت " " أطب مطعمك تكن مجابا الدعوة " " اتق الله حيثما كنت " " اتق المحارم تكن أعبد الناس " " اتق النار ولو بشقّ تمرة " " اتقوا دعوة المظلوم " " اتقوا الله واعدلوا في أولادكم " " اتْبع السيئة الحسنة تمحها " " خالقِ الناس بخلق حسن " " لا تغضب ولك الجنة " " ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس " " لا تُكثر الضّحك فإنّ كثرة الضحك تُميت القلب " " الظّلم ظلمات يوم القيامة " " أثقل شيء في الميزان الخلق الحسن " " التأني من الله والعجلة من الشيطان " " قلة المال أقلّ للحساب " " أحبّ للناس ما تحبّ لنفسك " " أحبّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ " " أحب البلاد إلى الله مساجدها " " أحبّ عباد الله إلى الله أحسنهم خلقا " " أحبّ الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي " " أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد سبحان الله وبحمده " " أحب الناس إلى الله أنفعهم " " أحبّ الأعمال إلى الله سرور تُدخله على مسلم " " من كفّ غضبه ستر الله عورته " " سوء الخلق يُفسد العمل كما يُفسد الخلّ العسل " " أبغض البلاد إلى الله أسواقها " " إحذروا الدنيا فإنها خضرة حلوة " " إحفظ لسانك " " أحفوا الشّوارب وأعفوا اللحى " " أدّ الأمانة إلى من ائتمنك " " لا تخن من خانك " " أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة " " بشروا ولا تنفروا " " يسّروا ولا تُعسّروا " " كل بيمينك وكل مما يليك " " إذا آتاك الله مالا فليُر أثر نعمة الله عليك " " إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه " " إذا أتاكم من ترضون دينه وخُلُقه فزوّجوه " " إذا أراد الله بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرّفق " " إذا أسأت فأحسن " " إذا حاك في نفسك شيء فدَعْه " " إذا حكمتم فاعدلوا " " إذا دخلت بيتا فسلّم على أهله " " إذا ذُكّرتم بالله فانتهوا " " إذا ساق الله إليك رزقا من غير إشراف نفس ولا مسألة فخذه " " إذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس " " إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن " " إذا سمعت النّداء فأجب داعي الله " " إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذّن " " إذا غضب أحدكم فليسكت " " إذا غضب الرجل فقال أعوذ بالله سكن غضبه " " إذا قال الرجل للمنافق يا سيدي فقد أغضب ربه " " إذا قمت في صلاتك فصلّ صلاة مودّع " " إذا لبستم وإذا توضأتم فابدأوا بميامنكم " " إذا لقي أحدكم أخاه فليسلّم عليه " " أذكر الموت في صلاتك " " إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " " إزهد في الدنيا يحبك الله " " إزهد فيما عند الناس يحبك الناس " " استحيوا من الله حق الحياء " " احفظ الرأس وما وعى " " احفظ البطن وما حوى " " استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان " " كل ذي نعمة محسود " " لن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن " " أبخل الناس من بخل بالسلام " " أسرق الناس الذي يسرق من صلاته لا يُتمّ ركوعها ولا سجودها " " اشفعوا تُؤجروا " " أشكر الناس لله أشكرهم للناس " " آفة الجَمال الخيلاء " " آفة الجود الإسراف " " آفة الحَسَب الفخر " " آفة العلم النسيان " " أعط من حرمك " " صِل من قطعك " |
قـيم إســلامية الكسب الحلال ( ما نبت من حرام .. فالنار أولى به ) قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعن عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ فيه ، وعن مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفيمَ أَنْفَقَهُ، وعن جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ". عن ابى عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : " ثلاثة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: التاجر الأمين، والإمام المقتصد، وراعي الشمس بالنهار " عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : " التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء " قال بعض الحكماء: إذا لم يكن في التاجر ثلاث خصال افتقر في الدارين جميعا: أولها لسان نقي من ثلاثة : من الكذب واللغو والحلف، والثاني قلب صاف من ثلاث : من الغش والخيانة والحسد، والثالث نفس محافظة لثلاث الجمعة والجماعات وطلب العلم في بعض الساعات وإيثار مرضاة اللَّه تعالى على غيره. و عن أبى هريرة رضالله عنه عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : " أربعة يبغضهم الله: البياع الحلاف، والفقير المختال، والشيخ الزاني، والإمام الجائر" عن أبي ذر رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه و سلم قال "ثلاثة يحبهم الله : رجل كان في فئة فنصب نحره حتى يقتل أو يفتح الله عليه وعلى أصحابه، ورجل كان له جار سوء يؤذيه فصبر على أذاه حتى يفرق بينهما موت أو ضغن، ورجل كان معه قوم في سفر أو سرية فأطالوا السري حتى أعجبهم أن يمسوا الأرض فنزلوا. فتنحى يصلي حتى يوقظ أصحابه للرحيل. وثلاثة يشنؤهم الله: التاجر أو البياع الحلاف، والفقير المختال والبخيل المنان" ومعنى يشنؤهم : اى يبغضهم وعن عليّ بن أبي طالب كرم اللَّه وجهه أنه قال: التاجر إذا لم يكن فقيها ارتطم في الربا: يعني غرق في الربا، ثم ارتطم ثم ارتطم. وعن عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: من لم يتفقه في الدين فلا يتجرنّ في أسواقنا. عن جابر رضي اللَّه تعالى عنهما عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال"يا أيها الناس إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه فلا تستبطئوا الرزق فاتقوا اللَّه وأجملوا في الطلب فخذوا ما حلّ لكم وذروا ما حرّم الله" كان لأبي بكر الصديق رضي اللَّه تعالى عنه غلام يأتيه كل ليلة بغلته طعاما يأكله، وكان أبو بكر رضي اللَّه تعالى عنه لا يأكله حتى يسأله من أين اكتسبه ومن أين أصابه. قال: جاء ذات ليلة بطعام فضرب يده إليه فأكل لقمة من غير أن يسأله فقال الغلام : قد كنت تسألني كل ليلة غير هذه الليلة فإنك لم تسألني؟ قال : ويحك الجوع حملني، ويحك أخبرني من أين جئت به؟ قال : كنت رقيت لأناس في الجاهلية فوعدوني عليه عدة فرأيت عندهم وليمة فذكرتهم وعدهم الذي وعدوني فأعطوني هذا الطعام، فاسترجع أبو بكر رضي اللَّه تعالى عنه عند ذلك ثم أخذ يتقيأ فكابد وجاهد نفسه أن ينزع اللقمة من بطنه فلم يقدر حتى اخضرّ واسودّ من الجهد فلم يقدر فلما رأوا ما يلقي من المعالجة، قالوا : لو شربت عليه قدحا من ماء فأتى بعس من ماء فشرب ثم تقيأ فما زال يعالج نفسه حتى نبذها، فقالوا : هذا من أجل هذه اللقمة. ؟؟ قال إني سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول "إن اللَّه تعالى حرّم الجنة على كل جسد تغذى أو غذي بحرام". و من أراد أن يكون كسبه طيبا فعليه أن يحفظ خمسة أشياء: أوّلها : أن لا يؤخر شيئا من فرائض اللَّه تعالى لأجل الكسب ولا يدخل النقص فيها. والثاني : لا يؤذي أحد من خلق اللَّه تعالى لأجل الكسب، والثالث أن يقصد بكسبه استعفافا لنفسه ولعياله ولا يقصد به الجمع والكثرة. والرابع أن لا يجهد نفسه في الكسب جدا. والخامس أن لا يرى رزقه من الكسب ويرى الرزق من اللَّه تعالى والكسب سببا. وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من اكتسب مالا من مأثم فتصدق به أو وصل به رحما أو أنفقه في سبيل اللَّه تعالى جمع ذلك كله وألقى في النار". وعن ابن مسعود قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم "لا يكسب عبد مالا حراما فيتصدق به فيؤجر عليه، ولا ينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، وإن اللَّه تعالى لا يمحو السيء بالسيء، ولكن يمحو السيء بالحسن" وعن الحسن البصري رحمه اللَّه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال"إنما المال مال جالب وشر تجاركم المقيمون بين أظهركم الذين يمارونكم وتمارونهم وتحالفونهم ويحالفونكم" وسئل النبي صلى اللَّه عليه وسلم عن أطيب الكسب قال "عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور الذي لا شبهة فيه ولا خيانة" وعن قتادة رضي اللَّه تعالى أنه قال: كان يقال التاجر الصدوق تحت ظلّ العرش يوم القيامة. |
الرضـــــا ( وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) قال الله تعالى : {وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} يعني أن الله تعالى يعلم ما فيه صلاحكم وصلاح دينكم ودنياكم وأنتم لا تعلمون ذلك فارضوا بما قضيت لكم فإنكم لا تعلمون ما فيه صلاحكم عَنْ اَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُول اللَّهِ ـصلى الله عليه وسلم ـاَنَّهُ قَالَ "عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ وَاِنَّا للَّهَ اِذَااَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ" عَنْ اَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ ـصلى الله عليه وسلم ـوَهُوَ يُوعَكُفَ وَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ فَوَجَدْتُ حَرَّهُ بَيْنَ يَدَىَّ فَوْقَ اللِّحَافِ فَقُلْتُ يَارَسُولَ اللَّهِ مَا اَشَدَّهَا عَلَيْكَ قَالَ"اِنَّاكَذَلِكَ يُضَعَّفُ لَنَاالْبَلاَءُ وَيُضَعَّفُ لَنَاالاَجْرُ". قُلْتُ يَارَسُولَ اللَّهِ اَىُّ النَّاسِ اَشَدُّ بَلاَءً ؟ قَالَ"الاَنْبِيَاءُ". قُلْتُ يَارَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ"ثُمَّ الصَّالِحُونَ اِنْ كَانَ اَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى مَايَجِدُ اَحَدُهُمْ اِلاَّ الْعَبَاءَةَ يُحَوِّيهَا وَاِنْ كَانَ اَحَدُهُمْ لَيَفْرَحُ بِالْبَلاَءِ كَمَايَفْرَحُ اَحَدُكُمْ بِالرَّخَاءِ" عن ميمون بن مهران قال: أمرني عمر بن عبد العزيز رضي اللَّه تعالى عنه أن آتيه في كل شهر مرتين، فجئته يوماً فنظر إليّ من فوق حصن له فأذن لي قبل أن أبلغ الباب، فدخلت كما أنا فإذا هو قاعد على بساط له وشاذكونة على قدر البساط وهو يرقع قميصاً له، فسلمت عليه فرّد عليّ السلام ولم يزل بي حتى أجلسني على شاذكونته ثم سألني عن أمرائنا وعن أمر شرطنا وعن جلاوذتنا وعن سجوننا وعن شعائرنا كلها، ثم سألني عن خاصة أمري، فلما نهضت لأخرج قلت يا أمير المؤمنين : ما في أهل بيتك من يكفيك ما أرى؟ قال يا ميمون يكفيك من دنياك ما بلغك المحل نحن اليوم هاهنا وغداً في مكان آخر، ثم خرجت وتركته عن قتادة رحمه اللَّه في قول اللَّه عز وجل {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ} قال قتادة: هذا صنيع مشركي العرب أخبرنا اللَّه تعالى بخبث صنيعهم، فأما المؤمن فهو حقيق أن يرضى بما قسم اللَّه له، وقضاء اللَّه عز وجل خير من قضاء المرء لنفسه، وما قضى اللَّه لك يا ابن آدم مما تكره خير من قضائك بما تحب، فاتق اللَّه وارض بقضائه. وقال بعض الحكماء: المنازل أربعة: عمرنا في الدنيا، ومكثنا في القبر، ومقامنا في الحشر، ومصيرنا إلى الأبد الذي خلقنا له: فمثل عمرنا في الدنيا كمثل المتعشي في الحاج لا يطمئنون ولا يحلون الدواب والأثقال لسرعة الارتحال ومثل مكثنا في القبر كمثل النزول في بعض المنازل يضعون الأثقال ويستريحون يوماً أوليلة ثم يرتحلون ومثل مقامنا في الحشر كنزولهم بمكة وهو غاية الاجتماع لكل فريق من كل فجّ عميق يقضون النسك ثم يتفرّقون يميناً وشمالاً، كذلك يوم القيامة إذا فرغوا من المحاسبة افترقوا فرقاً إلى الجنة وفرقاً إلى السعير. وقال شقيق بن إبراهيم رحمه اللَّه تعالى: سألت سبعمائة عالم عن خمسة أشياء فكلهم أجابوا بجواب واحد: قلت: من العاقل؟ قالوا العاقل من لم يحب الدنيا، قلت من الغني؟ قالوا الذي يرضى بما قسم اللَّه له. قلت من الكيس؟ قالوا من لم تغره الدنيا، قلت من الفقيه؟ قالوا الذي يمتنع من طلب الزيادة. قلت من البخيل؟ قالوا الذي يمنع حق اللَّه تعالى من ماله. ويقال: سخط اللَّه تعالى على العبد في ثلاثة أشياء أحدها أن يقصر فيما أمر اللَّه تعالى، والثاني أن لا يرضى بما قسم اللَّه تعالى له، والثالث أن يطلب شيئاً فلا يجده فيسخط على ربه. وينبغي للمؤمن أن يكون راضياً بما قسم اللَّه تعالى له فإن الرضا بما قسم اللَّه له من أخلاق الأنبياء والصالحين. وروى عن أبي الدرداء رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: اثنتا عشرة خصلة من أخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: أولها أنهم كانوا آمنين بوعد الله والثاني كانوا آيسين من الخلق والثالث كانت عدواتهم مع الشيطان والرابع كانوا مقبلين على أمر أنفسهم والخامس كانوا مشفقين على الخلق والسادس كانوا محتملين لأذى جميع الخلق والسابع كانوا موقنين بالجنة: يعني إذا عملوا عملاً أيقنوا أن اللَّه لا يضيع ثوابهم ولا ثواب عملهم والثامن كانوا متواضعين في مواضع الحق والتاسع كانوا لا يدعون النصيحة في موضع العداوة والعاشر كان رأس أموالهم الفقر: يعني كانوا لا يمسكون فضل المال وينفقون على الفقراء والحادي عشر كانوا يديمون على الوضوء والثاني عشر كانوا لا يفرحون بما وجدوا من الدنيا ولا يغتمون على ما فاتهم من الدنيا. لكذلك فإن المؤمن يكون حاله عند الشدة وعند الرخاء واحداً ويكون راضياً بما قسم اللَّه له، وأما المنافق فلا يكون راضياً بما قسم اللَّه له فيطغى عند النعمة ويجزع عند الشدة، فينبغي للمؤمن أن يقتدي بأفعال الأنبياء والزهاد ولا ينبغي أن يقتدي بأفعال الكفار والمنافقين، وبالله التوفيق. |
قـيم إســلامية الحـياء ( استحيوا من الله حق الحياء ) عن أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال"أربع من سنن المرسلين: التعطر، والنكاح، والسواك، والحياء" عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال"إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت" عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تعالى عنهم قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "استحيوا من اللَّه حق الحياء، فقالوا إنا نستحي من اللَّه والحمد لله، قال ليس ذلك ولكن من استحى من اللَّه حق الحياء فليحفظ الرأس وما حوى والبطن وما وعى وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من اللَّه حق الحياء" وعن الحسن عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار" وعن سلمان الفارسي رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: لأن أموت ثم أحيا ثم أموت ثم أحيا ثلاثا أحبّ إليّ من أن أنظر إلى عورة أحد أو ينظر أحد إلى عورتي. وعن عليّ كرم اللَّه وجهه أنه قال: لعن اللَّه الناظر والمنظور إليه. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "لا يحلّ لأحد أن يدخل الحمام إلا بمئزر" إياكم والنظرة فإنها تزرع الشهوة في القلب، وكفى بها فتنة لصاحبها وعن عطاء أنه قال "مرّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم برجل يغتسل فقال: يا أيها الناس إن اللَّه حيي حليم ستار ويحب الحياء والستر فإذا اغتسل أحدكم فليتوار عن أعين الناس" وعن أنس بن مالكأن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان إذا أراد قضاء الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض". الحياء على وجهين: حياء فيما بينك وبين الناس، وحياء فيما بينك وبين اللَّه تعالى أما الحياء الذي بينك وبين الناس : فأن تغض بصرك عما لا يحل لك وأما الحياء الذي بينك وبين اللَّه تعالى فأن تعرف نعمته فتستحي أن تعصيه. وروى عن عمر رضي اللَّه تعالى عنه "أنه دخل على النبي صلى اللَّه عليه وسلم فوجده يبكي، فقال ما يبكيك يا رسول الله؟ قال أخبرني جبريل عليه السلام أن اللَّه تعالى يستحي من عبد يشيب في الإسلام أن يعذبه، أفلا يستحي الشيخ من اللَّه أن يذنب بعدما شاب في الإسلام" وروى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال " قلت يا رسول اللَّه : عورتنا ما نأتي منها وما نذر، قال : احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قال: قلت يا رسول اللَّه : أرأيت إن كان أحدنا خالياً؟ قال فالله أحق أن يستحى منه" وقال بعض السلف لابنه: إذا دعتك نفسك إلى كبيرة فارم ببصرك إلى السماء واستح ممن فيها فإن لم تفعل فارم ببصرك إلى الأرض واستح ممن فيها فإن كنت لا ممن في السماء تخاف ولا ممن في الأرض تستحي فاعدد نفسك في عداد البهائم. قال الفضيل بن عياض، لا تغلق بابك وترخي سترك وتستحي من الناس، ولا تستحي من القرآن الذي في صدرك ولا تستحي من الجليل الذي لا يخفى عليه خافية. |
قـيم إســلامية الصبر على المصيبة ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) عن معاذ بن جبل رضي اللَّه تعالى عنه قال "مات ابن لي فكتب إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم " من محمد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى معاذ بن جبل السلام عليك فإني أحمد اللَّه الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فعظم اللَّه لك الأجر وألهمك الصبر ورزقنا وإياك الشكر، ثم إن نفوسنا وأموالنا وأهالينا وأولادنا وأموالهم من مواهب اللَّه الهنيئة وعواريه المستودعة نتمتع بها إلى أجل معدود ويقبضها لوقت معلوم، ثم افترض اللَّه علينا الشكر إذا أعطى والصبر إذا ابتلى وكان ابنك هذا من مواهب اللَّه الهنيئة وعواريه المستودعة متعك اللَّه به في غبطة وسرور وقبضه بأجر كبير إن صبرت واحتسبت، فلا تجمعنا عليك يا معاذ أن يحبط جزعك أجرك فتندم على ما فاتك، فلو قدمت على ثواب مصيبتك عرفت أن المصيبة قد قصرت عنه. واعلم أن الجزع لا يرد ميتاً ولا يدفع حزناً فليذهب عنك أسفك بما هو نازل بك فكأنك قد نزل بك والسلام". معنى قوله "فليذهب عنك أسفك بما هو نازل بك" يعني تفكر في الموت الذي هو نازل بك حتى يذهب حزنك فكأن قد يعني كأنه قد جاء الموت لأن الرجل إذا تفكر في موت نفسه وعلم أنه يموت عن قريب فلا يجزع له، لأن الجزع لا يردّ ميتا ًويبطل ثواب المصيبة، لأن الذي يجزع على المصيبة إنما يشكو ربه ويرد قضاءه. عن أنس بن مالك قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "من أصبح حزيناً على الدنيا أصبح ساخطاً على ربه، ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فإنما يشكو اللَّه تعالى، ومن تواضع لغنى لينال ما في يده أحبط اللَّه ثلثي عمله، ومن أعطى القرآن فدخل النار أبعده اللَّه من رحمته" يعني من أعطاه اللَّه القرآن ولم يعمل بما فيه وتهاون حتى دخل النار أبعده اللَّه من رحمته لأنه هو الذي فعل بنفسه حيث لم يعرف حرمة القرآن وروى أبو هريرة عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من مات له ثلاث أولاد لم يلج النار إلاّ تحلة القسم" يعني أن اللَّه تبارك وتعالى قال {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} الآية. وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "ما من مسلم يصاب بمصيبة وإن قدم عهدها فأحدث لها استرجاعها إلا أحدث اللَّه له مثله" يعني مثل أجره والله أعلم، وأعطاه مثل ذلك الأجر الذي أعطاه يوم أصيب به وروى عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه "أن رجلاً كان يجيء بصبي له معه إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ثم إن الغلام توفي فاحتبس والده، فلما فقده رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سأل عنه فقالوا يا رسول اللَّه مات صبيه الذي رأيته. قال: فهلا آذنتموني به: يعني أخبرتموني، قوموا إلى أخينا نعزيه، فلما دخل عليه النبي صلى اللَّه عليه وسلم إذا الرجل حزين وبه كآبة فقال: يا رسول اللَّه إني كنت أرجوه لكبر سني وضعفي، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أما يسرك أن تأتي يوم القيامة فيقال له ادخل الجنة فيقول يا رب أبواي، فيقال له ادخل الجنة ثلاث مرات. فلا يزال يشفع حتى يشفعه اللَّه تعالى ويدخلكم الجنة جميعاً" فذهب الحزن عن الرجل، ففي هذا الخبر دليل على أن التعزية سنة إذا أصاب الرجل مصيبة ينبغي لإخوانه أن يعزوه. عن الحسن البصري رحمه اللَّه تعالى قال: سأل موسى عليه السلام ربه عز وجل فقال أي رب ما لعائد المريض من الأجر؟ قال: أخرجه من ذنوبه كيوم ولدته أمه، قال أي رب فما لمشيع الموتى من الأجر؟ قال : أبعث عند موته ملائكة يشيعونه إلى قبره برايات ثم إلى المحشر، قال أي رب ما لمعزي المبتلي من الأجر؟ قال : أظله في ظلي يوم لا ظلّ إلا ظلي" يعني ظل العرش. عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ما تجرّع عبد قط جرعتين أحب إلى اللَّه من جرعة غضب ردّها بحلم وجرعة مصيبة يصبر الرجل عليها ولا قطرت قطرتان أحب إلى اللَّه من قطرة دم في سبيل اللَّه وقطرة في سواد الليل وهو ساجد لا يراه إلا اللَّه تعالى وما خطا عبد خطوتين أحب إلى اللَّه من خطوة إلى الصلاة المفروضة وخطوة إلى صلة الرحم". وعن أبي الدرداء رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: توفي ابن لسليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام فوجد عليه وجدا شديداً فأتاه ملكان فجلسا بين يديه بزي الخصوم، فقال أحدهما بذرت بذرا ولم أستحصده فمرّ به هذا فأفسده. فقال للآخر ما تقول؟ قال أخذت الجادة فأتيت على زرع فرميت يميناً وشمالاً فإذا الطريق عليه فقال سليمان ولم بذرت على الطريق؟ أما علمت أن لابدّ للناس من الطريق؟ فقال له الملك ولم تحزن على ولدك؟ أما علمت أن الموت سبيل الآخرة. وذكر في الخبر أن سليمان صلوات اللَّه وسلامه عليه تاب إلى ربه ولم يجزع على ولده بعد ذلك. وذكر عن عبد اللَّه ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما أنه نعى إليه ابنة له وهو في السفر فاسترجع ثم قال: عورة سترها اللَّه ومؤنة كفاها اللَّه وأجر قد ساقه اللَّه إليّ، ثم نزل فصلى ركعتين ثم قال: قد صنعنا ما أمرنا اللَّه تعالى به قال {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "ليسترجع أحدكم في شسع نعله إذا انقطع فإنها من المصائب" عن أم سلمة رضي اللَّه تعالى عنها أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: "من أصيب بمصيبة فقال كما أمر اللَّه تعالى.{إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} اللهم أؤجرني في مصيبتي واعقبني خيرا منها فعل اللَّه ذلك به" فقالت أم سلمة رضي اللَّه تعالى عنها لما توفي أبو سلمة قلته ثم قلت ومن لي مثل أبي سلمة فأعقبها اللَّه تعالى برسوله صلى اللَّه عليه وسلم فتزوّجها. عن أنس بن مالك عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "الضرب على الفخذ عند المصيبة يحبط الأجر، والصبر عند الصدمة الأولى يعظم الأجر وعظم الأجر على قدر عظم المصيبة، وعن استرجع بعد المصيبة جدد اللَّه له أجرها كيوم أصيب بها". و ينبغي للعاقل أن يتفكر في ثواب المصيبة إذا استقبله يوم القيامة يودّ أن يكون جميع أقاربه وجميع أولاده ماتوا قبله لينال الأجر وثواب المصيبة، وقد وعد اللَّه تعالى في المصيبة ثواباً عظيماً إذا صبر واحتسب قال تعالى : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ وروى "أنه لما مات إبراهيم بن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بكى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وذرفت عيناه فقال له عبد الرحمن يا رسول اللَّه تبكي أو لم تنه عن البكاء؟ قال لا، ولكن نهيت عن النوح والغناء وعن صوتين أحمقين فاجرين، وعن خمش الوجوه وشق الجيوب ورنة الشيطان، وعن صوت الغناء فإنه لعب ولهو ومزامير الشيطان، ولكن هذه رحمة جعلها اللَّه تعالى في قلوب الرحماء، ومن لا يرحم لا يرحم ثم قال: القلب يحزن والعين تدمع ولا نقول ما يسخط الرب تعالى وتقدّس". وروى أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "ما قدّم رجل شيئاً بين يديه أحب إليه ولا هو فيه أعظم أجراً من ولد قدمه بين يديه ابن اثنتي عشرة سنة" وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من عزّى مصاباً كان له مثل أجره". وروى عنه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "الصبر ثلاثة: صبر على الطاعة، وصبر على المصيبة، وصبر على المعصية فمن صبر على المصيبة حتى يردّها بحسن عزائها كتب اللَّه له ثلثمائة درجة. ومن صبر على الطاعة كتب اللَّه له ستمائة درجة ومن صبر عن المعصية كتب اللَّه له تسعمائة درجة". وروى عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما أنه قال: "أوّل شيء كتبه اللَّه تعالى في اللوح المحفوظ: إني أنا اللَّه لا إله إلا أنا ومحمد رسولي، من استسلم لقضائي وصبر على بلائي وشكر لي نعمائي كتبته صديقاً وبعثته يوم القيامة مع الصديقين، ومن لم يستسلم لقضائي ولم يصبر على بلائي ولم يشكر لنعمائي فليتخذ إلهاً سوائي" وروى في الخبر عن عليّ بن أبي طالب كرّم اللَّه وجهه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "من أصابته مصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها من أعظم المصائب" وروى عنه أيضاً كرم اللَّه وجهه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات، ومن أشفق من النار لها عن الشهوات، ومن راقب الموت ترك اللذات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصائب |
قـيم إســلامية كظم الغيظ عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه تعالى عنه قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "إن الغضب جمرة من النار فمن وجد ذلك منكم فإن كان قائما فليجلس، وإن كان جالسا فليضطجع" عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه تعالى عنه أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال "إياكم والغضب فإنه يوقد في فؤاد ابن آدم النار ألم ترَ إلى أحدكم إذا غضب كيف تحمرّ عيناه وتنتفخ أوداجه؟ فإذا أحس أحدكم بشيء من ذلك فليضطجع وليلصق بالأرض"، وقال: "إن منكم من يكون سريع الغضب سريع القيء فأحدهما بالآخر" يعني يكون أحدهما بالآخر قصاصاً " ومنكم من يكون بطيء القيء ويكون أحدهما بالآخر، وخيركم من كان بطيء الغضب سريع القيء وشركم من كان سريع الغضب بطيء القيء" عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من كظم غيظا وهو يقدر على أن يمضيه لم يمضه ملأ اللَّه قلبه يوم القيامة رضا" وذكر أنه رأى سكران فأراد أن يأخذه فيعزره فشتمه السكران فلما شتمه رجع عمر،فقيل له يا أمير المؤمنين لما شتمك تركته؟ قال لأنه أغضبني فلو عزرته لكان ذلك لغضب نفسي ولا أحب أن أضرب مسلماً لحمية نفسي. وروى عن ميمون بن مهران : أن جارية له جاءت بمرقة فعثرت فصبت المرقة عليه فأراد ميمون أن يضربها فقالت الجارية يا مولاي استعمل قول اللَّه تعالى {وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ} فقال : قد فعلت فقالت : اعمل بما بعده {وَالعَافِينَ عَنْ النَّاسِ} قال : قد عفوت، فقالت اعمل بما بعده {وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ} فقال ميمون أحسنت إليك فأنت حرة لوجه اللَّه تعالى. وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من لم يكن فيه ثلاث خصال لم يجد طعم الإيمان: حِلم يردّ به جهل الجاهل، وورع يحرُزه عن المحارم، وخُلُق يداري به الناس". وذكر عن بعض المتقدمين أنه كان له فرس وكان معجبا به، فجاء ذات يوم فوجده على ثلاث قوائم فقال : لغلامه من صنع هذا؟ فقال : أنا قال : لم؟ قال : أردت أن أغمك قال لا جرم لأغمنّ من أمرك به: يعني الشيطان: اذهب فأنت حرّ والفرس لك. و ينبغي للمسلم أن يكون حليما وصبورا فإن ذلك من خصال المتقين وقد مدح اللَّه تعالى الحليم في كتابه فقال تعالى {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ} يعني من صبر على الظلم وتجاوز عن ظالمه وعفا عنه {إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} وذكر أن إبليس جاء إلى موسى صلوات اللَّه وسلامه عليه فقال له : أنت الذي اصطفاك اللَّه تعالى برسالته وكلمك تكليما، وإنما أنا خلق من خلق اللَّه تعالى أردت أن أتوب إلى ربك فاسأله ليتوب عليّ، ففرح بذلك موسى عليه السلام فدعا بماء فتوضأ وصلى ما شاء اللَّه تعالى، ثم قال : يا رب إن إبليس خلق من خلقك يسألك التوبة فتب عليه، فقيل له: يا موسى إنه لا يتوب، فقال : يا رب إنه يسألك التوبة فأوحى اللَّه تعالى : إني استجبت لك يا موسى فمره أن يسجد لقبر آدم فأتوب عليه، فرجع موسى مسرورا فأخبره بذلك، فغضب من ذلك واستكبر ثم قال: أنا لم أسجد له حيا أأسجد له ميتا، ثم قال يا موسى إن لك حقا عليّ بما تشفعت لي إلى ربك فأوصيك بثلاثة أشياء: اذكرني عند ثلاث خصال: اذكرني حين تغضب فإني في قلبك أجري منك مجرى الدم، واذكرني حين تلقى العدو في الزحف، فإني آتي ابن آدم حين يلقى العدو فأذكره زوجته وأهله وماله وولده حتى يولي دبره، وإياك أن تجالس امرأة ليست بذات محرم منك فإني رسولها إليك ورسولك إليها. وقيل: ثلاثة من أخلاق أهل الجنة ولا توجد إلاّ في الكريم: العفو عمن ظلمك، والبذل لمن حرمك، والإحسان إلى من أساء إليك قال اللَّه تعالى {خُذْ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الجَاهِلِينَ}. وروى في الخبر أنه لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: "ما تفسير هذه الآية؟ فقال له جبريل عليه الصلاة والسلام : حتى أسأل العالم فذهب جبريل ثم أتاه فقال: يا محمد إن اللَّه تعالى يأمرك أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك". عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه قال "سبّ رجل أبا بكر الصديق رضي اللَّه تعالى عنه ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم جالس فسكت النبي صلى اللَّه عليه وسلم وسكت أبو بكر فلما سكت الرجل تكلم أبو بكر فقام النبي صلى اللَّه عليه وسلم وأدركه أبو بكر فقال يا رسول اللَّه سبني وسكت فلما تكلمت قمت؟ فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : إن الملك كان يرد عليه عنك حين سكت فلما تكلمت ذهب الملك وقعد الشيطان فكرهت أن أقعد في مقعد مع الشيطان ثم قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثلاث كلهن حق: ما من عبد يظلم بمظلمة فيعفو عنها ابتغاء مرضاة اللَّه تعالى إلاّ زاده اللَّه بها عزا وما من عبد فتح على نفسه باب مسألة يريد بها كثرة إلاّ زاده اللَّه تعالى بها قلة وما من عبد أعطى عطية يبتغي بها وجه اللَّه تعالى إلاّ زاده اللَّه تعالى بها كثرة". عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال " لكل شيء شرف وإن أشرف المجالس ما استقبل به القبلة" وإنما تجالسون بالأمانة، ولا تصلوا خلف النائم والمحدث، واقتلوا الحية والعقرب وإن كنتم في صلاتكم، ولا تستروا الجدران بالثياب، ومن نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فكأنما ينظر في النار، ومن أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على اللَّه تعالى، ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق اللَّه تعالى، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد اللَّه تعالى أوثق منه بما في يده ثم قال: ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا بلى يا رسول اللَّه قال: من أكل وحده، ومنع رفده، وجلد عبده، ثم قال: ألا أنبئكم بشر من هذا؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال: من يبغض الناس ويبغضونه، ثم قال: ألا أنبئكم بشر من هذا؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال: من لا يقبل عثرة ولا يقبل معذرة ولا يغفر ذنبا ثم قال: ألا أنبئكم بشر من هذا؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال: من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره، ثم قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: إن عيسى عليه السلام قام في بني إسرائيل فقال يا بني إسرائيل لا تتكلموا بالحكمة عند الجهال فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم، وقد قال مرة فتظلموها، ولا تكافئوا ظالما بظلم فيبطل فضلكم عند ربكم، يا بني إسرائيل الأمور ثلاثة: أمر تبين رشده فاتبعوه، وأمر ظهر غيه فاجتنبوه، وأمر اختلف فيه فردوه إلى اللَّه ورسوله. وروى عن أبي الدرداء رضي اللَّه تعالى عنه أن رجلا قال له علمني كلمات ينفعني اللَّه تعالى بهن؟ قال أبو الدرداء أوصيك بكلمات من عمل بهن كان ثوابه على اللَّه عز وجل والدرجات العلى: لا تأكل إلاّ طيبا، واسأل اللَّه تعالى رزق يوم بيوم، وعدّ نفسك من الموتى، وهب عرضك لله تعالى فمن شتمك أو أذاك فقل وهبت عرضي لله تعالى، وإذا أسأت فاستغفر اللَّه تعالى. وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال " لما كسرت رباعيته في يوم أحد فشق ذلك على أصحابه مشقة شديدة فقالوا يا رسول اللَّه : لو دعوت اللَّه تعالى على هؤلاء الذين صنعوا بك ما ترى فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم إني لم أبعث لعانا ولكني بعثت داعيا ورحمة اللهم أهد قومي فإنهم لا يعلمون" وقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "من كف لسانه عن أعراض المسلمين أقال اللَّه تعالى عثرته يوم القيامة، ومن كف غضبه أقال اللَّه تعالى غضبه عنه يوم القيامة" وروى عن مجاهد رضي اللَّه تعالى عنه "أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مرّ بقوم يربعون حجرا: يعني يرفعون حجرا وينظرون أيهم أقوى فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ما هذا؟ قالوا : حجر الأشداء فقال : ألا أخبركم بما هو أشد منه؟ قالوا : بلى يا رسول اللَّه قال: الذي يكون بينه وبين أخيه شحناء فيغلب شيطانه وشيطان صاحبه فيأتيه حتى يكلمه" وفي رواية أخرى "أنه مرّ بقوم يرفعون الحجر فقال أتعرفون الشدة برفع الحجارة ألا أنبئكم بأشد منكم؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال الذي يمتلئ غضبا ثم يصبر" وذكر عن يحيى بن معاذ أنه قال: من دعا على ظالمه فقد أحزن محمدا صلى اللَّه عليه وسلم في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وسرّ اللعين إبليس في الكفرة والشياطين ومن عفا عن ظالم فقد أحزن اللعين في الكفرة والشياطين وسرّ محمدا صلى اللَّه عليه وسلم في الأنبياء والصالحين صلوات اللَّه وسلامه عليهم أجمعين. وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ينادي مناد يوم القيامة أين الذين كانت أجورهم على اللَّه عز وجل؟ فيقوم العافون عن الناس فيدخلون إلى الجنة وروى عن عطية عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "المؤمنون هينون لينون كالجمل الأنف إن قيد انقاد وإن أنيخ على صخرة استناخ". فعليكم بالصبر عن الغضب، وإياكم والعجلة عند الغضب، فإن في العجلة ثلاثة أشياء وفي الصبر ثلاثة أشياء، فأما الثلاثة التي في العجلة فأحدها الندامة في نفسه، والثاني الملامة عند الناس، والثالث العقوبة عند اللَّه تعالى. وفي الصبر ثلاثة أشياء: السرور في نفسه، والمحمدة عند الناس، والثواب من اللَّه تعالى، فإن الحلم يكون مرّا في أوله وحلوا في آخره كما قال القائل: الحلم أوله مر مذاقته لكن آخره أحلى من العسل والله أعلم |
جزاك الله خير أخي الكريم وجعلة الله في ميزان حسناتك
|
اقتباس:
|
اعانكم الله وسدد خطاكم
وجعل كل ما تقدمونة فى ميزان حسناتكم |
اقتباس:
بارك الله فيك ورضى عنك |
العجب ( كفى بالمرء علما أن يخشى الله، وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بعمله ) قال عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه: النجاة في اثنتين التقوى والنية، والهلاك في اثنتين القنوط والإعجاب. وعن وهب بن منبه رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: كان فيمن كان قبلكم رجل عبد اللَّه سبعين سنة يفطر من سبت إلى سبت فطلب إلى اللَّه حاجة فلم يعطها فأقبل على نفسه وقال لو كان عندك خير قضيت حاجتك مما أتيت من قبلك، فنزل عليه ملك من ساعته فقال يا ابن آدم إن ساعتك التي ازدريت نفسك فيها خير من عبادتك التي قد مضت. وقال الشعبي رضي اللَّه تعالى عنه: كان رجل إذا مشى أظلته سحابة فقال رجل لأمشين في ظله، فأعجب الرجل بنفسه فقال مثل هذا يمشي في ظلي، فلما افترقا ذهب الظل مع ذلك الرجل الآخر. وعن عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه قال: إن من صلاح توبتك أن تعرف ذنبك، وإن من صلاح عملك أن ترفض عجبك، وإن من صلاح شكرك أن تعرف تقصيرك. وذكر عن عمر بن عبد العزيز رضي اللَّه تعالى عنه أنه كان إذا خطب فخاف العجب قطع، وإذا كتب فخاف العجب مزق وقال اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي. وعن مطرّف بن عبد اللَّه قال: لأن أبيت نائما وأصبح نادما أحب إليّ من أن أبيت قائما وأصبح معجبا. وذكر أن شابا من بني إسرائيل رفض دنياه واعتزل عن الناس وجعل يتعبد في بعض النواحي، فخرج إليه رجلان من مشايخ قومه ليردّاه إلى منزله فقالا له : يا فتى أخذت بأمر شديد لا تصبر عليه فقال الشاب : قيام الناس بين يدي اللَّه أشدّ من قيامي هذا فقالا له : إن لك أقرباء فعبادتك فيهم أفضل فقال الشاب : إن ربي إذا رضي عني أرضى عني كل قريب وصديق فقالا له : أنت شاب لا تعلم وإنا قد جرّبنا هذا الأمر ونخاف عليك العجب فقال الشاب : من عرف نفسه لم يضره للعجب فنظر أحدهما إلى صاحبه فقال: قم فإن الشاب قد وجد ريح الجنة فلا يقبل قولنا. وذكر في الخبر أن داود صلوات اللَّه عليه وسلامه خرج إلى ساحل فعبد ربه سنة، فلما تمت السنة قال يا رب : قد انحنى ظهري وكلت عيناي ونفدت الدموع فلا أدري إلى ماذا يصير أمري؟ فأوحى اللَّه تعالى إلى ضفدع أن أجب عبدي داود عليه السلام، فقالت الضفدع يا نبيّ اللَّه أتمنّ على ربك في عبادة سنة ؟! والذي بعثك بالحق نبيا إني على ظهر برية منذ ثلاثين سنة أو سنين أسبحه وأحمده وإن فرائصي ترعد من مخافة ربي، فبكى داود عليه الصلاة والسلام عند ذلك. وذكر أن هذه القصة كانت لموسى عليه السلام بعد ما قتل قتيلا. من أراد أن يكسر العجب فعليه بأربعة أشياء: أوّلها: أن يرى التوفيق من اللَّه تعالى فإذا رأى التوفيق من اللَّه تعالى فإنه يشتغل بالشكر ولا يعجب بنفسه، والثاني أن ينظر إلى النعماء التي أنعم اللَّه بها عليه فإذا نظر في نعمائه اشتغل بالشكر عليها واستقلّ عمله ولا يعجب به والثالث أن يخاف أن لا يتقبل منه فإذا اشتغل بخوف القبول لا يعجب بنفسه والرابع أن ينظر في ذنوبه التي أذنب قبل ذلك، فإذا خاف أن ترجح سيئاته على حسناته فقد قلّ عجبه، وكيف يعجب المرء بعمله ولا يدري ماذا يخرج من كتابه يوم القيامة وإنما يتبين عجبه وسروره بعد قراءة الكتاب. عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما أنه قال: كنت أسمع قول اللَّه تعالى {هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِي} ولم أدر لمن قالها، حتى دخل كعب رحمه اللَّه تعالى على عمر رضي اللَّه تعالى عنه ونحن عنده، فقال: يا كعب حدثنا ولا تحدثنا إلا بحديث يشبه كتاب اللَّه تعالى؟ فقال كعب رحمه اللَّه تعالى: إن اللَّه يبعث الخلائق يوم القيامة في قاع أفيح يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، ثم يدعى كل قوم بإمامهم: يعني بمعلمهم الذي يعلمهم الهدى أو الضلالة، فيدعى بإمام الهدى قبل أصحابه فيتقدم فيعطى كتابه بيمينه وقد أخفيت سيئاته فهو يقرؤه بينه وبين نفسه لكيلا يقول بعملي دخلت الجنة وقد بدت حسناته للناس فهم يقرءونها حتى إنهم يقولون طوبى لفلان ما ظهر له من الخير فيقرأ سيئاته في نفسه حتى يقول في نفسه قد هلكت فيجد في آخره إني قد غفرت لك، فيتوّج بتاج من نور يسطع ضوؤه، ثم يقال له اذهب إلى أصحابك فبشرهم بأن لكل منهم مثل مالك، فإذا أقبل نظر إليه أهل الوادي فليس واحد منهم إلا وهو يقول اللهم اجعله منا اللهم ائتنا به ثم يأتي أصحابه فيقول: هاؤم اقرؤا كتابيه_ فقد غفر لي، فأبشروا فإن لكل رجل منكم مالي وإذا كان إمام الضلالة دعى به فإذا قام أعطى كتابه فإذا تناوله بيمينه غلت يمينه إلى عنقه فيتناوله بشماله فيجعل شماله من وراء ظهره فيلوى عنقه ويقرأ حسناته بينه وبين نفسه لكيلا يقول حفظت سيئاتي ولم تحفظ حسناتي فيقول عملت كذا فجازيتك بما عملت، وهكذا حتى يستوفي حسناته وسيئاته ظاهرة للناس يقرؤنها حتى يقولوا ويل لفلان ما ظهر له من الشر” حتى إذا فرغ من صحيفته وجد في آخرها {وَإِنَّهُ حَقَّ عَليكَ كَلِمَة العذَاب} يعني وجب عليك العذاب فيسودّ وجهه كقطع الليل المظلم فيتوّج بتاج من النار يسطع دخانه ثم يقال له ائت أصحابك فبشرهم فإن لكل واحد منهم مثل هذا فإذا أقبل رآه أهل الوادي فقال كل واحد منهم اللهم لا تجعل هذا منا اللهم لا تأتنا به فلا يمرّ بقوم إلا لعنوه، ثم يأتي أصحابه فإذا رأوه لعنوه وتبرءوا منه فلعنهم هو كما قال اللَّه تعالى {ثُمَّ يَوْمَ القِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} فيقول لهم أبشروا فإن لكل واحد منكم مثل هذا. وعن مسروق رحمه اللَّه تعالى قال: كفى بالمرء علما أن يخشى الله، وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بعمله. وعن مجاهد رحمه اللَّه أنه قال: بعث سعيد بن العاص قوما يثنون عليه عند عثمان رضي اللَّه تعالى عنه فقام المقداد فحثا في وجوههم التراب وقال سمعت رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم يقول” احثوا التراب في وجوه المدّاحين”. |
الاحسان الى اليتيم ( أنا وكافل اليتيم المسلم في الجنة وجمع بين أصبعيه ) عن عبد اللَّه بن أبي أوفى يقول: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم “من مسح على رأس يتيم رحمة كتب له بكل شعرة مرت عليها يده حسنة ومحا عنه بكل شعرة سيئة ورفع له بكل شعرة درجة” عن عكرمة عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم “من ضم يتيماً من بين يتامى المسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يغنيه اللَّه تعالى أوجب اللَّه تعالى له الجنة البتة إلا أن يعمل عملا لا يغفر اللَّه له، ومن أذهب اللَّه كريمته فصبر واحتسب أوجب له اللَّه الجنة البتة إلا أن يعمل عملاً لا يغفر اللَّه له، قيل وما كريمته؟ قال عينه، ومن كان له ثلاث بنات فأدبهن وأنفق عليهن حتى يمتن أو يبني بهن أوجب اللَّه له الجنة البتة إلا أن يعمل عملا لا يغفر اللَّه تعالى له. قال: فناداه رجل من الأعراب فقال يا رسول اللَّه أو اثنتين؟ قال أو اثنتين” وعن أبي الدرداء رضي اللَّه تعالى عنه “أن رجلا جاء إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فشكا إليه قسوة القلب فقال له النبي صلى اللَّه عليه وسلم إن سرك أن يلين قلبك فامسح برأس اليتيم وأطعمه” قال حدثنا محمد بن الفضل بإسناده عن ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما أنه سئل عن الكبائر قال هي تسع: الشرك بالله، و قتل المؤمن متعمدا، والفرار من الزحف، وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، وعقوق الوالدين، والسحر، واستحلال الحرام. وروى عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما في قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} يعني سيدخلون في الآخرة النار. ويقال: طوبى للبيت الذي فيه اليتيم، وويل للبيت الذي فيه اليتيم: يعني ويل لأهل البيت الذين لم يعرفوا حق اليتيم وطوبى لهم إذا عرفوا حقه. وروى “أن رجلاً جاء إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال عندي يتيم فمم أضربه؟ قال مما تضرب به ولدك” يعني لا بأس أن تضربه للتأديب ضربا غير مبرح مثل ما يضرب الوالد ولده. وروى عن فضيل بن عياض رحمه اللَّه تعالى أنه قال: رب لطمة أنفع ليتيم من أكلة خبيص. إن كان يقدر أن يؤدبه بغير ضرب ينبغي له أن يفعل ذلك ولا يضربه. فإن ضرب اليتيم أمر شديد بدليل هذا الحديث عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم “إن اليتيم إذا ضرب اهتزّ عرش الرحمن لبكائه فيقول اللَّه تعالى يا ملائكتي من أبكى الذي غيبت أباه في التراب؟ وهو أعلم به. قال: تقول الملائكة ربنا لا علم لنا. قال: فإني أشهدكم أن من أرضاه فيّ فأرضيه من عندي يوم القيامة” وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يمسح رؤوسهم ويلطف بهم، وكان عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه يفعل ذلك. وعن زيد بن أسلم رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال “أنا وكافل اليتيم المسلم في الجنة وجمع بين أصبعيه” وعن عوف بن مالك الأشجعي أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال“ما من مسلم يكون له ثلاث بنات ينفق عليهنّ حتى يبنى بهنّ أو يمتن إلا كنّ له حجاباً من النار، فقالت امرأة يا رسول اللَّه أو ثنتان؟ قال أو ثنتان” قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم “أنا وامرأة سفعاء الخدين في الجنة كهاتين، وأشار بأصبعيه إلى امرأة مات زوجها فحبست نفسها على بناتها حتى يبنى بهن أو يمتن” وروى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال “من حمل من السوق طرفة إلى ولده كان كمن حمل صدقة حتى يضعها في فيهم، وليبدأ بالإناث فإن اللَّه تعالى يرق للإناث، ومن رق للأنثى كان كمن بكى من خشية الله، ومن بكى من خشية اللَّه غفر له، ومن فرّح أنثى فرّحه اللَّه يوم الحزن”. |
الرحمة و الشفقة مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَم عن الحسن أن رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم قال ” لا يدخل الجنة إلا رحيم قالوا : يا رسول اللَّه كلنا رحيم قال ليس رحمة أحدكم نفسه خاصة ولكن حتى يرحم الناس عامة ولا يرحمهم إلا اللَّه تعالى” عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : ” الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء “. وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال“من لا يرحم الناس لا يرحمه اللَّه تعالى” و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قَبَّلَ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم الحسنَ بن عليّ رضي اللّه عنهما وعنده الأقرعُ بن حابس التميمي. فقال الأقرعُ: إن لي عشرةً من الولد ما قبّلتُ منهم أحداً فنظرَ إليه رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم قال: “مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ”. عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال“بينما رجل يمشي في الطريق اشتدّ عليه العطش فوجد بئرا فنزل بها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث وهو يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب، فشكر اللَّه تعالى له فغفر له، قالوا يا رسول اللَّه :إن لنا في البهائم لأجراً؟ قال : في كل ذات كبد رطبة أجر” وعن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد: إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى عن أبي عبيدة عن عبد اللَّه قال: إذا رأيتم أخاكم قد أصابه جزاء فلا تلعنوه ولا تعينوا عليه الشيطان، ولكن قولوا اللهم ارحمه اللهم تب عليه. وعن أنس بن مالك قال: بينما عمر رضي اللَّه تعالى عنه يعس ذات ليلة إذ مرّ برفقة قد نزلت فخشى عليهم السرقة فأتى عبد الرحمن بن عوف رضي اللَّه تعالى عنه فقال:ما الذي جاء بك في هذه الساعة يا أمير المؤمنين؟ قال مررت برفقة قد نزلت فحدثتني نفسي أنهم إذا باتوا ناموا فخشيت عليهم السرقة فانطلق بنا نحرسهم. قال: فانطلقنا. فقعد قريبا من الرفقة يحرسان حتى إذا رأيا الصبح نادى عمر رضي اللَّه تعالى عنه يا أهل الرفقة الصلاة الصلاة مراراً حتى إذا رآهم تحركوا قاما فرجعا. فعليك أخى الكريم أن تقتدي بالذين قبلك فإن اللَّه قد مدح أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم بالتراحم فيما بينهم قال اللَّه تعالى {رحماء بينهم} وكانوا رحماء على المسلمين وعلى جميع الخلق وكانوا يرحمون أهل الذمة، فكيف بالمسلمين؟. وروى عن عمر رضي اللَّه تعالى عنه أنه رأى رجلاً من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس وهو شيخ كبير فقال له عمر رضي اللَّه تعالى عنه : ما أنصفناك أخذنا منك الجزية ما دمت شابا ثم ضيعناك اليوم وأمر بأن يجري عليه قوته من بيت مال المسلمين. وعن الحسن عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال “بدلاء أمتي لا يدخلون الجنة بكثرة صلاة ولا صيام ولكن يرحمهم اللَّه تعالى بسلامة الصدور وسخاوة النفس والرحمة لجميع المسلمين”. عن أنس بن مالك قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم “أربع من حق المسلمين عليك: أن تعين محسنهم، وأن تستغفر لمذنبهم، وأن تدعو لمدبرهم، وأنت تحب تائبهم”. عن أبي أيوب رضي اللَّه تعالى عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول “للمسلم على أخيه ست خصال واجبة إن ترك منها واحدة فقد ترك حقا واجبا: إذا دعاه أن يجيبه، وإذا مرض أن يعوده، وإذا مات أن يحضره، وإذا لقيه أن يسلم عليه، وإذا استنصحه أن ينصحه وإذا عطس أن يشمته” وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: “ما من نبيّ إلا وقد رعى، قالوا يا رسول الله: وأنت قد رعيت؟ قال: نعم، فأنا قد رعيت”. والحكمة في رعي الأنبياء صلوات اللَّه عليهم وسلامه أن اللَّه تعالى ابتلاهم على البهائم أولا حتى تظهر شفقتهم على خلقه وهو أعلم بهم، وإذا وجدهم مشفقين على البهائم جعلهم أنبياء وجعلهم مسلطين على بني آدم في أمر دينهم. وروى أبو هريرة عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: “من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره اللَّه في الدنيا والآخرة، ومن نفس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفس اللَّه عنه كربته يوم القيامة، والله تعالى في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه المسلم” وروى قتادة عن أنس رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال “والذي نفس محمد بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير” وعن أبي الدرداء رضي اللَّه تعالى عنه أنه كان يتتبع الصبيان فيشتري منهم العصافير فيرسلها ويقول اذهبي فعيشي. وروى عن عمر بن عبد العزيز رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال أحب الأمور إلى اللَّه تعالى ثلاثة: العفو عند المقدرة والقصد في الجدة والرفق بعباد اللَّه تعالى وما رفق أحد بعباد اللَّه إلا رفق اللَّه به وروى هشام عن الحسن قال: أوحى اللَّه إلى آدم: يا آدم أربع هن جماع لك ولولدك: يعني جماع الخير واحدة لي وواحدة لك وواحدة بيني وبينك وواحدة بينك وبين الناس : فأما التي لي فأن تعبدني ولا تشرك بي شيئا، وأما التي لك فعملك أجزيك به حين تكون أفقر ما تكون إليه وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء ومني الإجابة وأما التي بينك وبين الناس فاصحبهم بالذي تحب أن يصحبوك به، والله أعلم. |
حق المرأة على زوجها خيركم خيركم لأهله .. و أنا خيركم لأهلى قال أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه “سئل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أيّ المؤمنين أكمل إيمانه؟ قال أحسنهم خلقاً مع أهله” عن ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال ” كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته: فالإمام الذي يلي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والعبد راع في مال سيده وهو مسئول عنه، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعْيتها، ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته” عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال “من تزوج امرأة بصداق مثلها وهو ينوي أن لا يؤديه إليها فهو زان، ومن استدان ديناً وهو ينوي أن لا يقضه فهو سارق” عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال “استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عندكم لا يملكن لأنفسهن شيئاً، وإنما أخذتموهن بأمانة اللَّه واستحللتم فروجهن بكلمة اللَّه تعالى”. و حق المرأة على الزوج خمسة أشياء: أولها : أن يخدمها من وراء الستر ولا يدعها تخرج من وراء الستر فإنها عورة وخروجها إثم وترك للمروءة، والثاني : أن يعلمها ما تحتاج إليه من العلم مما لابد لها من أحكام الوضوء والصلوات والصوم، والثالث : أن يطعمها الحلال فإن اللحم إذا نبت من الحرام يذوب بالنار، والرابع : أن لا يظلمها فإنها أمانة عنده، والخامس : إن تطاولت عليه يحتمل ذلك منها نصيحة لها لكيلا تقع في أمر هو أضرّ بها مما وقعت فيه. وذكر أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب يشكو إليه زوجته، فلما بلغ بابه سمع امرأته أم كلثوم تطاولت عليه، فقال الرجل إني أردت أن أشكو إليه زوجتي وبه من البلوى ما بي فرجع، فدعاه عمر رضي اللَّه تعالى عنه فسأله فقال إني أردت أن أشكو إليك زوجتي فلما سمعت من زوجتك ما سمعت رجعت، فقال عمر رضي اللَّه تعالى عنه إني أتجاوز عنها لحقوق لها عليّ: أوّلها : ستر بيني وبين النار فيسكن بها قلبي عن الحرام والثاني : أنها لي خازنة إذا خرجت من منزلي وتكون حافظة لمالي والثالث : أنها قصارة لي تغسلي ثيابي والرابع : أنها ظئر لولدي والخامس : أنها خبازة وطباخة لي، فقال الرجل إن لي مثل مالك فما تجاوزت عنها فأتجاوز. وروى أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال “أربع نفقات لا يحاسب بها العبد يوم القيامة: نفقته على أبويه ونفقته على إفطاره، ونفقته عل سحوره، ونفقته على عياله” وعن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال “الدنانير أربعة، دينار تنفقه في سبيل اللَّه تعالى، ودينار تعطيه للمساكين، ودينار تعطيه في رقبة، ودينار تنفقه على أهلك، وأعظمها أجر الدينار الذي تنفقه على أهلك”. |
الحسد إن الغلّ والحسد يأكلان الحسنات كما تأكل النار الحطب عن الحسن أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال “إن الغلّ والحسد يأكلان الحسنات كما تأكل النار الحطب” عن عبد الرحمن بن معاوية أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال “ثلاثة لا ينجو منهن أحد: الظن والحسد والطيرة قيل يا رسول اللَّه وما ينجي منهن؟ قال إذا حسدت فلا تبغ وإذا ظننت فلا تحقق وإذا تطيرت فامض، أو قال لا ترجع” ومعنى قوله صلى اللَّه عليه وسلم: “إذا حسدت فلا تبغ” يعني إذا كان الحسد في قلبك فلا تظهره ولا تذكر عنه بسوء فإن اللَّه تعالى لا يؤاخذك بما في قلبك ما لم تقل باللسان أو تعمل عملا في ذلك، وقوله عليه الصلاة والسلام “إذا ظننت قلا تحقق” يعني إذا ظننت بالمسلم ظن السوء فلا تجعل ذلك حقيقة ما لم تر بالمعاينة. وقوله عليه الصلاة والسلام “إذا تطيرت فامض” يعني إذا أردت الخروج إلى موضع فسمعت صوت هامة أو صوت عقعق أو اختلج شيء من أعضائك فامض ولا ترجع. وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم : “أنه كان يحب الفأل الحسن ويكره الطيرة” وقال “الطيرة من أفعال الجاهلية” , وفي نسخة : “من أمور الجاهلية” كما قال اللَّه تعالى {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} وفي آية أخرى {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} وروى عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما أنه كان يقول: “إذا سمعت صوت طير فقل اللهم لا طير إلاّ طيرك ولا خير إلاّ خيرك ولا إله غيرك ولا حول ولا قوة إلاّ بالله ثم امض فإنه لا يضرك شيء بإذن اللَّه تعالى” عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال“لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تناجشوا وكونوا عباد اللَّه إخوانا”. وروي عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال : ألا إن لنعم اللَّه أعداء قيل من أعداء نعم اللَّه يا رسول الله؟ قال الذين يحسدون الناس على ما آتاهم اللَّه تعالى من فضله”. وروى أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال “ستة بستة يدخلون النار يوم القيامة قبل الحساب يعني ستة أصناف بسبب ستة أشياء يدخلون النار قبل الحساب ” قيل يا رسول اللَّه من هم؟ قال الأمراء من بعدي بالجور، والعرب بالعصبية، والدهاقين بالكبر، والتجار بالخيانة، وأهل الرستاق بالجهالة، وأهل العلم بالحسد” يعني العلماء الذين يطلبون الدنيا بحسد بعضهم بعضا فينبغي للعالم أن يتعلم العلم ليطلب به الآخرة فإذا كان العالم يطلب بعلمه الآخرة فإنه لا يحسد أحدا ولا يحسده أحد وإذا تعلم لطلب الدنيا فإنه يحسد كما قال اللَّه تعالى عن علماء اليهود {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْلِهِ} يعني أن اليهود كانوا يحسدون رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وأصحابه فكانوا يقولون لو كان هو رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لشغله ذلك عن كثرة النساء، قال اللَّه سبحانه وتعالى {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْلِهِ} يعني النبوة وكثرة النساء. إياكم والحسد فإن الحسد أوّل ذنب عصى اللَّه تعالى به السماء وأول ذنب عصى اللَّه تعالى به في الأرض، وإنما أراد بقوله أوّل ذنب عصى اللَّه تعالى به السماء يعني إبليس حين أبى أن يسجد لآدم وقال {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} فحسده فلعنه اللَّه تعالى بذلك، وأما الذي عصى اللَّه تعالى به في الأرض فهو قابيل بن آدم حين قتل أخاه هابيل حسدا. وهو قوله تعالى {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّه مِنْ المُتَّقِينَ} وقال محمد بن سيرين: ما حسدت أحدا على شيء من الدنيا فإن كان من أهل الجنة فكيف أحسده وهو صائر إلى الجنة وإن كان من أهل النار فكيف أحسده وهو صائر إلى النار. ثلاثة لا تستجاب دعوتهم: آكل الحرام ومكثار الغيبة ومن كان في قلبه غلّ أو حسد للمسلمين. وروى أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال “لا حسد إلاّ في اثنتين رجل آتاه اللَّه تعالى القرآن وهو يقوم به آناء الليل والنهار، ورجل أتاه اللَّه تعالى مالا وهو ينفق منه آناء الليل والنهار”. وهكذا ينبغي للمسلم أن لا يتمنى فضل غيره لنفسه وينبغي أن يسأل اللَّه تعالى أن يعطيه مثل ذلك، فالواجب على كل مسلم أن يمنع نفسه من الحسد لأن الحاسد يضاد حكم اللَّه تعالى والناصح هو راض بحكم اللَّه تعالى عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أنه سأل النبي صلى اللَّه عليه وسلم عن حق المسلم على المسلم فقال “حق المسلم على المسلم ستة أشياء قيل ما هي يا رسول اللَّه؟ قال إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فاجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد اللَّه فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه“. عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه قال “بينما نحن عند النبي صلى اللَّه عليه وسلم إذا قال: يطلع رجل من أهل الجنة معلق نعليه بشماله فطلع رجل بهذه الصفة فسلم وجلس مع القوم، فلما كان من الغد قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل على مثل هيئته، فلما كان اليوم الثالث قال مثل ذلك فلما قام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سار مع هذا الرجل عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي اللَّه تعالى عنه وقال: قد وقع بيني وبين أبي كلام وأقسمت أن لا أدخل عليه بثلاث ليال فإذا رأيت أن تؤويني إليك لأجل يميني فعلت قال : نعم، قال أنس فكان عبد اللَّه بن عمرو بن العاص يحدث أنه بات عنده ليلة فلم يقم منها ساعة إلاّ أنه إذا نام على فراشه ذكر اللَّه تعالى وكبره حتى يقوم مع الفجر فإذا توضأ أسبغ الوضوء وأتم الصلاة ثم أصبح وهو مفطر. قال: فرمقته ثلاث ليال لا يزيد على ذلك غير أني لا أسمعه يقول إلاّ خيرا فلما مضت الثلاث وكدت أن أحقر عمله قلت له إني لم يكن بيني وبين أبي غصب ولا هجرة ولكني سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول في ثلاث مجالس: يطلع عليكم رجل من أهل الجنة فطلعت أنت، فأردت أن آوي إليك حتى أنظر ما تعمله فأقتدي بك فلم أرك تعمل كثيراً فما الذي بلغ بك ما قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم؟ قال : ما هو إلاّ ما رأيت فانصرفت عنه فدعاني حين وليت فقال : ما هو إلاّ ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي شراً لأحد من المسلمين ولا أحسده على خير أعطاه اللَّه إياه. فقلت : هذا الذي بلغ بك ما قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو الذي لا أطيق عليه”. |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:43 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.